باب 48- التهمة و البهتان و سوء الظن بالإخوان و ذم الاعتماد على ما يسمع من أفواه الرجال

الآيات النساء وَ مَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتاناً وَ إِثْماً مُبِيناً الإسراء وَ لا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَ الْبَصَرَ وَ الْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلًا النور لَوْ لا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَ الْمُؤْمِناتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْراً وَ قالُوا هذا إِفْكٌ مُبِينٌ إلى قوله تعالى إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَ تَقُولُونَ بِأَفْواهِكُمْ ما لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَ تَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَ هُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ وَ لَوْ لا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ ما يَكُونُ لَنا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهذا سُبْحانَكَ هذا بُهْتانٌ عَظِيمٌ الحجرات يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَ لا تَجَسَّسُوا  

1-  ب، ]قرب الإسناد[ هارون عن ابن صدقة قال قال أبو عبد الله ع ليس لك أن تأتمن من غشك و لا تتهم من ائتمنت

2-  ب، ]قرب الإسناد[ عنهما عن الصادق عن أبيه ع أن رسول الله ص قال ليس لك أن تتهم من قد ائتمنته و لا تأمن الخائن و قد جربته

3-  ل، ]الخصال[ عن الصادق ع ناقلا عن حكيم البهتان على البري أثقل من الجبال الراسيات

4-  ل، ]الخصال[ الأربعمائة قال أمير المؤمنين ع المؤمن لا يغش أخاه و لا يخونه و لا يخذله و لا يتهمه و لا يقول له أنا منك بري‏ء و قال ع اطلب لأخيك عذرا فإن لم تجد له عذرا فالتمس له عذرا و قال ع اطرحوا سوء الظن بينكم فإن الله عز و جل نهى عن ذلك

5-  ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ بالأسانيد الثلاثة عن الرضا عن آبائه ع قال قال رسول الله ص من بهت مؤمنا أو مؤمنة أو قال فيه ما ليس فيه أقامه الله تعالى يوم القيامة على تل من نار حتى يخرج مما قاله فيه

 صح، ]صحيفة الرضا عليه السلام[ عنه عليه السلام مثله

6-  مع، ]معاني الأخبار[ أبي عن الحميري عن أحمد بن محمد عن ابن محبوب عن ابن عطية عن بن أبي يعفور عن أبي عبد الله ع قال من باهت مؤمنا أو مؤمنة بما ليس فيهما حبسه الله عز و جل يوم القيامة في طينة خبال حتى يخرج مما قال قلت و ما طينة خبال قال صديد يخرج من فروج المؤمسات يعني الزواني

 ثو، ]ثواب الأعمال[ ابن المتوكل عن الحميري مثله    سن، ]المحاسن[ ابن محبوب مثله أقول قد مضى بعض الأخبار في باب الغيبة

7-  ج، ]الإحتجاج[ بالإسناد إلى أبي محمد العسكري ع قال قال رجل من خواص الشيعة لموسى بن جعفر ع و هو يرتعد بعد ما خلا به يا ابن رسول الله ص ما أخوفني أن يكون فلان بن فلان ينافقك في إظهاره و اعتقاد وصيتك و إمامتك فقال موسى ع و كيف ذاك قال لأني حضرت معه اليوم في مجلس فلان رجل من كبار أهل بغداد فقال له صاحب المجلس أنت تزعم أن موسى بن جعفر إمام دون هذا الخليفة القاعد على سريره قال له صاحبك هذا ما أقول هذا بل أزعم أن موسى بن جعفر غير إمام و إن لم أكن أعتقد أنه غير إمام فعلي و على من لم يعتقد ذلك لَعْنَةُ اللَّهِ وَ الْمَلائِكَةِ وَ النَّاسِ أَجْمَعِينَ قال له صاحب المجلس جزاك الله خيرا و ألعن من وشى بك فقال له موسى بن جعفر ع ليس كما ظننت و لكن صاحبك أفقه منك إنما قال موسى غير إمام أي إن الذي هو غير إمام فموسى غيره فهو إذا إمام فإنما أثبت بقوله هذا إمامتي و نفى إمامة غيري يا عبد الله متى يزول عنك هذا الذي ظننته بأخيك هذا من النفاق تب إلى الله ففهم الرجل ما قاله و اغتم قال يا ابن رسول الله ما لي مال فأرضيه به و لكن قد وهبت له شطر عملي كله من تعبدي و صلاتي عليكم أهل البيت و من لعنتي لأعدائكم قال موسى ع الآن خرجت من النار

8-  ب، ]قرب الإسناد[ هارون عن ابن زياد عن جعفر عن أبيه ع قال النبي ص إياكم و الظن فإن الظن أكذب الكذب الخبر

9-  ل، ]الخصال[ ابن الوليد عن العطار عن الأشعري عن علي بن السندي عن محمد بن عمرو بن سعيد عن كرام عن ميسر بن عبد العزيز قال قال أبو جعفر   عليه السلام سئل أمير المؤمنين ع كم بين الحق و الباطل فقال أربع أصابع و وضع أمير المؤمنين يده على أذنه و عينيه فقال ما رأته عيناك فهو الحق و ما سمعته أذناك فأكثره باطل

10-  ل، ]الخصال[ أبي عن علي عن أبيه عن ابن أبي نجران عن ابن حميد عن ابن قيس عن أبي جعفر ع قال سأل الشامي الذي بعثه معاوية ليسأل أمير المؤمنين ع عما سأل عنه ملك الروم الحسن بن علي كم بين الحق و الباطل فقال ع أربع أصابع فما رأيته بعينك فهو الحق و قد تسمع بأذنيك باطلا كثيرا

11-  لي، ]الأمالي للصدوق[ العطار عن أبيه عن ابن أبي الخطاب عن محمد بن سنان عن أبي الجارود عن أبي جعفر عن أبيه عن جده ع قال قال أمير المؤمنين عليه السلام ضع أمر أخيك على أحسنه حتى يأتيك منه ما يغلبك و لا تظنن بكلمة خرجت من أخيك سوءا و أنت تجد لها في الخير محملا الخبر

12-  مص، ]مصباح الشريعة[ قال الصادق ع حسن الظن أصله من حسن إيمان المرء و سلامة صدره و علامته أن يرى كل ما نظر إليه بعين الطهارة و الفضل من حيث ما ركب فيه و قذف من الحياء و الأمانة و الصيانة و الصدق

 قال النبي ص أحسنوا ظنونكم بإخوانكم تغتنموا بها صفاء القلب و نقاء الطبع

 و قال أبي بن كعب إذا رأيتم أحد إخوانكم في خصلة تستنكرونها منه فتأولوا لها سبعين تأويلا فإن اطمأنت قلوبكم على أحدها و إلا فلوموا أنفسكم حيث لم تعذروه في خصلة سترها عليه سبعون تأويلا و أنتم أولى بالإنكار على أنفسكم منه

13-  شي، ]تفسير العياشي[ عن حماد بن عثمان عن أبي عبد الله قال إني أردت أن أستبضع بضاعة إلى اليمن فأتيت إلى أبي جعفر ع فقلت إني أريد أن أستبضع فلانا   فقال لي أ ما علمت أنه يشرب الخمر فقلت قد بلغني من المؤمنين أنهم يقولون ذلك فقال صدقهم فإن الله يقول يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَ يُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ فقال يعني يصدق الله و يصدق المؤمنين لأنه كان رءوفا رحيما بالمؤمنين

14-  غو، ]غوالي اللئالي[ حدثني المولى العالم الواعظ عبد الله بن علاء الدين بن فتح الله بن عبد الملك القمي عن جده عبد الملك عن أحمد بن فهد عن جلال الدين بن عبد الله بن شرف‏شاه عن علي بن محمد القاشي عن جلال الدين بن دار الصخر عن نجم الدين أبي القاسم بن سعيد عن محمد بن الجهم عن المعمر السنبسي قال سمعت مولاي أبا محمد الحسن العسكري ع يقول أحسن ظنك و لو بحجر يطرح الله فيه سره فتتناول نصيبك منه فقلت يا ابن رسول الله و لو بحجر فقال أ لا تنظر إلى الحجر الأسود

15-  من كتاب قضاء الحقوق، قال النبي ص اطلب لأخيك عذرا فإن لم تجد له عذرا فالتمس له عذرا

16-  نهج، ]نهج البلاغة[ و من كلام له عليه السلام أيها الناس من عرف من أخيه وثيقة دين و سداد طريق فلا يسمعن فيه أقاويل الناس أما إنه قد يرمي الرامي و يخطئ السهام و يحيل الكلام و باطل ذلك يبور و الله سميع و شهيد أما إنه ليس بين الحق و الباطل إلا أربع أصابع فسئل عن معنى قوله هذا فجمع أصابه و وضعها بين أذنه و عينه ثم قال الباطل أن تقول سمعت و الحق أن تقول رأيت

17-  الدرة الباهرة، قال أبو الحسن الثالث ع إذا كان زمان العدل فيه أغلب من الجور فحرام أن تظن بأحد سوءا حتى يعلم ذلك منه و إذا كان زمان الجور فيه أغلب من العدل فليس لأحد أن يظن بأحد خيرا حتى يبدو ذلك منه

18-  نهج، ]نهج البلاغة[ قال أمير المؤمنين ع إذا استولى الصلاح على الزمان و أهله ثم أساء رجل الظن برجل لم تظهر منه خزية فقد ظلم إذا استولى الفساد   على الزمان و أهله فأحسن رجل الظن برجل فقد غرر

 و قال عليه السلام اتقوا ظنون المؤمنين فإن الله تعالى جعل الحق على ألسنتهم

 و قال ع لا تظنن بكلمة خرجت من أحد سوءا و أنت تجد لها في الخير محتملا

19-  كا، ]الكافي[ عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن حماد بن عيسى عن إبراهيم بن عمر اليماني عن أبي عبد الله ع قال إذا اتهم المؤمن أخاه انماث الإيمان في قلبه كما ينماث الملح في الماء

 بيان في القاموس الوهم من خطرات القلب أو هو مرجوح طرفي المتردد فيه و وهم في الشي‏ء كوعد ذهب وهمه إليه و توهم ظن و اتهمه بكذا اتهاما و اتهمه كافتعله و أوهمه أدخل عليه التهمة كهمزة أي ما يتهم عليه فاتهم هو فهو متهم و تهيم و في المصباح اتهمته بكذا ظننته به فهو تهيم و اتهمته في قوله شككت في صدقه و الاسم التهمة وزان رطبة و السكون لغة حكاها الفارابي و أصل التاء واو و قال ماث الشي‏ء موثا من باب قال و يميث ميثا من باب باع لغة ذاب في الماء و ماثه غيره من باب قال يتعدى و لا يتعدى و ماثت الأرض لانت و سهلت و في القاموس ماث موثا و موثانا محركة خلطه و دافه فانماث انمياثا انتهى. و كأن المراد هنا بالتهمة أن يقول فيه ما ليس فيه مما يوجب شينه و يحتمل أن يشمل سوء الظن أيضا و من في قوله من قلبه إما بمعنى في كما في قوله تعالى إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ أو ضمن فيه معنى الذهاب أو الزوال و نحوه و يحتمل التعليل لأن ذلك بسبب فساد قلبه و قيل إنما قال كذلك للتنبيه على فساد قلبه حتى أنه ينافي الإيمان و يوجب فساده

20-  كا، ]الكافي[ عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن بعض أصحابه عن الحسين بن حازم عن حسين بن عمر بن يزيد عن أبيه قال سمعت أبا عبد الله   ع يقول من اتهم أخاه في دينه فلا حرمة بينهما و من عامل أخاه بمثل ما يعامل به الناس فهو بري‏ء ممن ينتحل

 بيان في دينه يحتمل تعلقه بالأخوة أو بالتهمة و الأول أظهر و على الثاني التهمة تشمل تهمته بترك شي‏ء من الفرائض أو ارتكاب شي‏ء من المحارم لأن الإتيان بالفرائض و الاجتناب عن المحارم من الدين كما أن القول الحق و التصديق به من الدين فلا حرمة بينهما أي حرمة الإيمان كناية عن سلبه و الحاصل أنه انقطعت علاقة الأخوة و زالت الرابطة الدينية بينهما في القاموس الحرمة بالضم و بضمتين و كهمزة ما لا يحل انتهاكه و الذمة و المهابة و النصيب و من يعظم حرمات الله أي ما وجب القيام به و حرم التفريط فيه بمثل ما عامل به الناس أي المخالفين أو الأعم منهم و من فساق الشيعة و ممن لا صداقة و أخوة بينهما و التسوية في المعاملة بأن يربح عليهما على حد سواء و لا يخص أخاه بالرعاية و المسامحة و ترك الربح أو تقليله و شدة النصيحة و حفظ حرمته في الحضور و الغيبة و المواساة معه و أمثال ذلك مما هو مقتضى الأخوة كما فصل في الأخبار الكثيرة. فهو بري‏ء ممن ينتحل أي من يجعل هو أو أخوه ولايتهم نحلة و مذهبا و هم الرب سبحانه و رسوله و الأئمة و الظاهر أن المستتر في ينتحل راجع إلى المعامل لا إلى الأخ تعريضا بأنه خارج من الدين فإن الانتحال ادعاء ما ليس له و لم يتصف به في القاموس انتحله و تنحله ادعاه لنفسه و هو لغيره و في أكثر النسخ مما ينتحل و هو أظهر فالمراد بما ينتحل التشيع أو الأخوة

21-  كا، ]الكافي[ عنه عن أبيه عمن حدثه عن الحسين بن المختار عن أبي عبد الله ع قال قال أمير المؤمنين ع في كلام له ضع أمر أخيك على أحسنه حتى يأتيك ما يغلبك منه و لا تظنن بكلمة خرجت من أخيك سوءا و أنت تجد لها في الخير محملا

    بيان ضع أمر أخيك أي احمل ما صدر عن أخيك من قول أو فعل على أحسن محتملاته و إن كان مرجوحا من غير تجسس حتى يأتيك منه أمر لا يمكنك تأويله فإن الظن قد يخطئ و التجسس منهي عنه كما قال تعالى إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ و قال وَ لا تَجَسَّسُوا و قوله ما يغلبك في بعض النسخ بالغين فقوله منه متعلق بيأتيك أي حتى يأتيك من قبله ما يعجزك و لم يمكنك التأويل و في بعض النسخ بالقاف من باب ضرب كالسابق أو من باب الإفعال فالظرف متعلق بيقلبك و الضمير للأحسن و قوله ع و لا تظنن تأكيد لبعض أفراد الكلام السابق أو السابق محمول على الفعل و هذه الجملة مروية في نهج البلاغة و فيه من أحد و محتملا و الحاصل أنه إذا صدرت منه كلمة ذات وجهين وجب عليك أن تحملها على الوجه الخير و إن كان معنى مجازيا بدون قرينة أو كناية أو تورية أو نحوهما لا سيما إذا ادعاه القائل. و من هذا القبيل ما سماه علماء العربية أسلوب الحكيم كما قال الحجاج للقبعثري متوعدا له بالقيد لأحملنك على الأدهم فقال القبعثري مثل الأمير يحمل على الأدهم و الأشهب فأبرز وعيده في معرض الوعد ثم قال الحجاج للتصريح بمقصوده إنه حديد فقال القبعثري لأن يكون حديدا خير من أن يكون بليدا. و قال الشهيد الثاني روح الله روحه و غيره ممن سبقه اعلم أنه كما يحرم على الإنسان سوء القول في المؤمن و أن يحدث غيره بلسانه بمساوي الغير كذلك يحرم عليه سوء الظن و أن يحدث نفسه بذلك و المراد بسوء الظن المحرم عقد القلب و حكمه عليه بالسوء من غير يقين فأما الخواطر و حديث النفس فهو معفو عنه كما أن الشك أيضا معفو عنه قال الله تعالى اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ فليس لك أن تعتقد في غيرك سوءا إلا إذا انكشف لك بعيان لا يحتمل التأويل و ما لم تعلمه ثم وقع في قلبك فالشيطان يلقيه فينبغي أن تكذبه فإنه أفسق الفساق و قد قال الله تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا   قَوْماً بِجَهالَةٍ فلا يجوز تصديق إبليس و من هنا جاء في الشرع أن من علمت في فيه رائحة الخمر لا يجوز أن تحكم عليه بشربها و لا يحده عليه لإمكان أن يكون تمضمض به و مجه أو حمل عليه قهرا و ذلك أمر ممكن فلا يجوز إساءة الظن بالمسلم

 و قد قال ص إن الله تعالى حرم من المسلم دمه و ماله و أن يظن به ظن السوء

فينبغي أن تدفعه عن نفسك و تقرر عليها أن حاله عندك مستور كما كان فإن ما رأيته فيه يحتمل الخير و الشر. فإن قلت فبما ذا يعرف عقد سوء الظن و الشكوك تختلج و النفس تحدث فأقول أمارة عقد سوء الظن أن يتغير القلب معه عما كان فينفر عنه نفورا لم يعهده و يستثقله و يفتر عن مراعاته و تفقده و إكرامه و الاهتمام بسببه فهذه أمارات عقد الظن و تحقيقه

 و قد قال ص ثلاث في المؤمن لا يستحسن و له منهن مخرج فمخرجه من سوء الظن أن لا يحققه

أي لا يحقق في نفسه بعقد و لا فعل لا في القلب و لا في الجوارح أما في القلب إلى النفرة و الكراهة و في الجوارح بالعمل بموجبه و الشيطان قد يقرر على القلب بأدنى مخيلة مساءة الناس و يلقي إليه أن هذا من فطنتك و سرعة تنبهك و ذكائك و أن المؤمن ينظر بنور الله و هو على التحقيق ناظر بغرور الشيطان و ظلمته. فأما إذا أخبرك به عدل فآل ظنك إلى تصديقه كنت معذورا لأنك لو كذبته لكنت جانيا على هذا العدل إذا ظننت به الكذب و ذلك أيضا من سوء الظن فلا ينبغي أن تحسن الظن بالواحد و تسي‏ء بالآخر نعم ينبغي أن تبحث هل بينهما عداوة و محاسدة و مقت فيتطرق التهمة بسببه و قد رد الشرع شهادة العدو على عدوه للتهمة فلك عند ذلك أن تتوقف في إخباره و إن كان عدلا و لا تصدقه و لا تكذبه و لكن تقول المستور حاله كان في ستر الله عني و كان أمره محجوبا و قد بقي كما كان لم ينكشف لي شي‏ء من أمره. و قد يكون الرجل ظاهر العدالة و لا محاسدة بينه و بين المذكور و لكن   يكون من عادته التعرض للناس و ذكر مساويهم فهذا قد يظن أنه عدل و ليس بعدل فإن المغتاب فاسق و إذا كان ذلك من عادته ردت شهادته إلا أن الناس لكثرة الاعتياد تساهلوا في أمر الغيبة و لم يكترثوا بتناول أعراض الخلق و مهما خطر لك خاطر سوء على مسلم فينبغي أن تزيد في مراعاته و تدعو له بالخير فإن ذلك يغيظ الشيطان و يدفعه عنك فلا يلقي إليك الخاطر السوء خيفة من اشتغالك بالدعاء و المراعاة و مهما عرفت هفوة مسلم بحجة فانصحه في السر و لا يخدعنك الشيطان فيدعوك إلى اغتيابه و إذا وعظته فلا تعظه و أنت مسرور باطلاعك على نقصه لينظر إليك بعين التعظيم و تنظر إليه بعين الاستصغار و ترتفع عليه بدلالة الوعظ و ليكن قصدك تخليصه من الإثم و أنت حزين كما تحزن على نفسك إذا دخل عليك نقصان و ينبغي أن يكون تركه ذلك من غير نصيحتك أحب إليك من تركه بالنصيحة و إذا أنت فعلت ذلك كنت جمعت بين أجر الوعظ و أجر الغم بمصيبته و أجر الإعانة له على دينه. و من ثمرات سوء الظن التجسس فإن القلب لا يقنع بالظن و يطلب التحقيق فيشتغل بالتجسس و هو أيضا منهي عنه قال الله وَ لا تَجَسَّسُوا فالغيبة و سوء الظن و التجسس منهي عنها في آية واحدة و معنى التجسس أنه لا تترك عباد الله تحت ستر الله فتتوصل إلى الاطلاع و هتك الستر حتى ينكشف لك ما لو كان مستورا عنك لكان أسلم لقلبك و دينك انتهى