باب 5- الإصلاح بين الناس

الآيات النساء مَنْ يَشْفَعْ شَفاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْها وَ مَنْ يَشْفَعْ شَفاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْها وَ كانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْ‏ءٍ مُقِيتاً و قال تعالى لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَ مَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً الأنفال فَاتَّقُوا اللَّهَ وَ أَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ الحجرات إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَ اتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ

1-  ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ بإسناد المجاشعي عن الصادق عن آبائه ع قال قال رسول الله ص ما عمل امرؤ عملا بعد إقامة الفرائض خيرا من إصلاح بين الناس يقول خيرا و ينمي خيرا

2-  ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ بهذا الإسناد قال قال النبي ص إصلاح ذات البين أفضل من عامة الصلاة و الصوم

    قال الشيخ رحمه الله أقول إن المعنى في ذلك يكون المراد صلاة التطوع و الصوم

3-  ثو، ]ثواب الأعمال[ ابن المتوكل عن الحميري عن ابن أبي الخطاب عن ابن محبوب عن الثمالي عن أبي عبد الله ع قال كان أمير المؤمنين ع يقول لأن أصلح بين اثنين أحب إلي من أن أتصدق بدينارين

4-  جا، ]المجالس للمفيد[ الحسن بن حمزة عن ابن الوليد عن الصفار عن ابن عيسى عن محمد بن سنان عن عمر الأفرق و حذيفة بن منصور عن أبي عبد الله ع قال صدقة يحبها الله إصلاح بين الناس إذا تفاسدوا و تقريب بينهم إذا تباعدوا

5-  عدة الداعي، قال رسول الله ص أفضل الصدقة صدقة اللسان قيل يا رسول الله ص و ما صدقة اللسان قال الشفاعة تفك بها الأسير و تحقن بها الدم و تجر بها المعروف إلى أخيك و تدفع بها الكريهة

6-  كا، ]الكافي[ عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن محمد بن سنان عن حماد بن أبي طلحة عن حبيب الأحول قال سمعت أبا عبد الله ع يقول صدقة يحبها الله إصلاح بين الناس إذا تفاسدوا و تقارب بينهم إذا تباعدوا

 كا، ]الكافي[ بالإسناد المتقدم عن محمد بن سنان عن حذيفة بن منصور عن أبي عبد الله ع مثله بيان تقارب أي سعى في تقاربهم أو أصل تقاربهم

7-  كا، ]الكافي[ عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن ابن محبوب عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله ع قال لأن أصلح بين اثنين أحب إلي من أن أتصدق بدينارين

8-  كا، ]الكافي[ عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن ابن سنان عن المفضل قال قال أبو عبد الله ع إذا رأيت بين اثنين من شيعتنا منازعة فافتدها من   مالي

 بيان فافتدها كان الافتداء هنا مجاز فإن المال يدفع المنازعة كما أن الدية تدفع طلب الدم أو كما أن الأسير ينقذ بالفداء فكذلك كل منهما ينقذ من الآخر بالمال فالإسناد إلى المنازعة على المجاز في المصباح فدا من الأسير يفديه فدى مقصور و تفتح الفاء و تكسر إذا استنقذه بمال و اسم ذلك المال الفدية و هو عوض الأسير و فاديته مفاداة و فداء أطلقته و أخذت فديته و تفادى القوم اتقى بعضهم ببعض كان كل واحد يجعل صاحبه فداه و فدت المرأة نفسها من زوجها تفدي و أفدت أعطته مالا حتى تخلصت منه بالطلاق

9-  كا، ]الكافي[ بالإسناد عن ابن سنان عن أبي حنيفة سائق الحاج قال مر بنا المفضل و أنا و ختني نتشاجر في ميراث فوقف علينا ساعة ثم قال لنا تعالوا إلى المنزل فأتيناه فأصلح بيننا بأربع مائة درهم فدفعها إلينا من عنده حتى إذا استوثق كل واحد منا من صاحبه قال أما إنها ليست من مالي و لكن أبو عبد الله ع أمرني إذا تنازع رجلان من أصحابنا في شي‏ء أن أصلح بينهما و أفتديهما من ماله فهذا من مال أبي عبد الله ع

 تبيان أبو حنيفة اسمه سعيد بن بيان و سابق صححه في الإيضاح و غيره بالباء الموحدة و في أكثر النسخ بالياء من السوق و على التقديرين إنما لقب بذلك لأنه كان يتأخر عن الحاج ثم يعجل ببقية الحاج من الكوفة و يوصلهم إلى عرفة في تسعة أيام أو في أربعة عشر يوما و ورد لذلك ذمه في الأخبار لكن وثقه النجاشي

 و روى في الفقيه عن أيوب بن أعين قال سمعت الوليد بن صبيح يقول لأبي عبد الله ع إن أبا حنيفة رأى هلال ذي الحجة بالقادسية و شهد معنا عرفة فقال ما لهذا صلاة ما لهذا صلاة

و الختن بالتحريك زوج بنت الرجل و زوج أخته أو كل من كان من قبل المرأة و التشاجر التنازع فوقف علينا ساعة كأن وقوفه كان لاستعلام الأمر   المتنازع فيه و أنه يمكن إصلاحه بالمال أم لا حتى إذا استوثق أي أخذ من كل منا حجة لرفع الدعوى عن الآخر في القاموس استوثق أخذ منه الوثيقة. و أقول يدل كسابقه على مدح المفضل و أنه كان أمينه ع و استحباب بذل المال لرفع التنازع بين المؤمنين و أن أبا حنيفة كان من الشيعة

10-  كا، ]الكافي[ عن علي عن أبيه عن عبد الله بن المغيرة عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله ع قال المصلح ليس بكاذب

 بيان المصلح ليس بكاذب أي إذا نقل المصلح كلاما من أحد الجانبين إلى الآخر لم يقله و علم رضاه به أو ذكر فعلا لم يفعله للإصلاح ليس من الكذب المحرم بل هو حسن و قيل إنه لا يسمى كذبا اصطلاحا و إن كان كذبا لغة لأن الكذب في الشرع ما لا يطابق الواقع و يذم قائله و هذا لا يذم قائله شرعا

11-  كا، ]الكافي[ عن علي عن أبيه عن ابن أبي عمير عن علي بن إسماعيل عن إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله ع في قول الله عز و جل وَ لا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَ تَتَّقُوا وَ تُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ قال إذا دعيت لصلح بين اثنين فلا تقل علي يمين ألا أفعل

 تبيين وَ لا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً قال البيضاوي العرضة فعلة بمعنى المفعول كالقبضة يطلق لما يعرض دون الشي‏ء و للمعرض للأمر و معنى الآية على الأول و لا تجعلوا الله حاجزا لما حلفتم عليه من أنواع الخير

 فيكون المراد بالإيمان الأمور المحلوف عليها كقوله ع لابن سمرة إذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيرا منها فأت الذي هو خير و كفر عن يمينك

و أن مع صلتها عطف بيان لها و اللام صلة عرضة لما فيها من معنى الإعراض و يجوز أن يكون للتعليل و يتعلق أن بالفعل أو بعرضة أي و لا تجعلوا الله عرضة لأن تبروا لأجل أيمانكم   به و على الثاني و لا تجعلوه معرضا لأيمانكم فتبتذلوه بكثرة الحلف به و أَنْ تَبَرُّوا علة النهي أي أنهاكم عنه إرادة بركم و تقواكم و إصلاحكم بين الناس فإن الحلاف مجترئ على الله و المجترئ على الله لا يكون برا متقيا و لا موثوقا به في إصلاح ذات البين. و قال الطبرسي رحمه الله في معناه ثلاثة أقوال أحدها أن معناه و لا تجعلوا اليمين بالله علة مانعة لكم من البر و التقوى من حيث تعتمدونها لتعتلوا بها و تقولوا حلفنا بالله و لم تحلفوا به و الثاني أن عرضة معناه حجة فكأنه قال لا تجعلوا اليمين بالله حجة في المنع من البر و التقوى فإن كان قد سلف منكم يمين ثم ظهر أن غيرها خير منها فافعلوا الذي هو خير و لا تحتجوا بما قد سلف من اليمين و الثالث أن معناه لا تجعلوا اليمين بالله عدة مبتذلة في كل حق و باطل لأن تبروا في الحلف بها و تتقوا المأثم فيها

 و هو المروي عن أئمتنا ع نحو ما روي عن أبي عبد الله ع أنه قال لا تحلفوا بالله صادقين و لا كاذبين فإنه يقول سبحانه وَ لا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ

و تقديره على الوجه الأول و الثاني لا تجعلوا الله مانعا عن البر و التقوى باعتراضك به حالفا و على الثالث لا تجعلوا الله مما تحلف به دائما باعتراضك بالحلف به في كل حق و باطل. و قوله أَنْ تَبَرُّوا قيل في معناه أقوال الأول لأن تبروا على معنى الإثبات أي لأن تكونوا بررة أتقياء فإن من قلت يمينه كان أقرب إلى البر ممن كثرت يمينه و قيل لأن تبروا في اليمين و الثاني أن المعنى لدفع أن تبروا أو لترك أن تبروا فحذف المضاف و الثالث أن معناه أن لا تبروا فحذف لا و تتقوا أي تتقوا الإثم و المعاصي في الأيمان وَ تُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ أي لا تجعلوا الحلف بالله علة أو حجة في أن لا تبروا و لا تتقوا و لا تصلحوا بين الناس أو لدفع أن تبروا و تتقوا و تصلحوا و على الوجه الثالث لا تجعلوا اليمين بالله مبتذلة لأن تبروا و تتقوا و تصلحوا أي لكي تكونوا من البررة و الأتقياء و المصلحين   بين الناس فإن من كثرت يمينه لا يوثق بحلفه و من قلت يمينه فهو أقرب إلى التقوى و الإصلاح بين الناس

12-  كا، ]الكافي[ عن العدة عن البرقي عن ابن محبوب عن معاوية بن وهب أو معاوية بن عمار عن أبي عبد الله ع قال قال أبلغ عني كذا و كذا في أشياء أمر بها قلت فأبلغهم عنك و أقول عني ما قلت لي و غير الذي قلت قال نعم أن المصلح ليس بكذاب إنما هو الصلح ليس بكذب

 بيان ذهب بعض الأصحاب إلى وجوب التورية في هذه المقامات ليخرج عن الكذب كأن ينوي بقوله قال كذا رضي بهذا القول و مثل ذلك و هو أحوط