باب 57- فضل الفقر و الفقراء و حبهم و مجالستهم و الرضا بالفقر و ثواب إكرام الفقراء و عقاب من استهان بهم

الآيات الكهف وَ اصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَ الْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَ لا تَعْدُ عَيْناكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا وَ لا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنا وَ اتَّبَعَ هَواهُ وَ كانَ أَمْرُهُ فُرُطاً الفرقان تَبارَكَ الَّذِي إِنْ شاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْراً مِنْ ذلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَ يَجْعَلْ لَكَ قُصُوراً الزخرف وَ لَوْ لا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً لَجَعَلْنا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فِضَّةٍ وَ مَعارِجَ عَلَيْها يَظْهَرُونَ وَ لِبُيُوتِهِمْ أَبْواباً وَ سُرُراً عَلَيْها يَتَّكِؤُنَ وَ زُخْرُفاً وَ إِنْ كُلُّ ذلِكَ لَمَّا مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَ الْآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ الفجر فَأَمَّا الْإِنْسانُ إِذا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَ نَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ وَ أَمَّا إِذا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهانَنِ  

 تفسير وَ اصْبِرْ نَفْسَكَ أي احبسها و ثبتها قال الطبرسي رحمه الله في نزولها إنها نزلت في سلمان و أبي ذر و صهيب و عمار و خباب و غيرهم من فقراء أصحاب النبي ص و ذلك أن المؤلفة قلوبهم جاءوا إلى رسول الله ص عيينة بن حصن و الأقرع بن حابس و ذووهم فقالوا يا رسول الله إن جلست في صدر المجلس و نحيت عنا هؤلاء و روائح صنانهم و كانت عليهم جباب الصوف جلسنا نحن إليك و أخذنا عنك فما يمنعنا من الدخول عليك إلا هؤلاء فلما نزلت الآية قام النبي ص يلتمسهم فأصابهم في مؤخر المسجد يذكرون الله فقال الحمد لله الذي لم يمتني حتى أمرني أن أصبر نفسي مع رجال من أمتي معكم المحيا و معكم الممات

 مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ إلخ أي يداومون على الصلوات و الدعاء عند الصباح و المساء لا شغل لهم غيره فيستفتحون يومهم بالدعاء و يختمونه بالدعاء يُرِيدُونَ وَجْهَهُ أي رضوانه و قيل يريدون تعظيمه و القربة إليه دون الرئاء و السمعة وَ لا تَعْدُ عَيْناكَ عَنْهُمْ أي و لا تتجاوز عيناك عنهم بالنظر إلى غيرهم من أبناء الدنيا تُرِيدُ زِينَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا تريد في موضع الحال أي مريدا مجالسة أهل الشرف و الغناء و كان النبي ص حريصا على إيمان العظماء من المشركين طمعا في إيمان أتباعهم و لم يمل إلى الدنيا و زينتها قط و لا إلى أهلها و إنما كان يلين في بعض الأحايين للرؤساء طمعا في إيمانهم فعوتب بهذه الآية و أمر بالإقبال على فقراء المؤمنين   و أن لا يرفع بصره عنهم إلى مجالسة الأشراف. وَ لا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنا قيل فيه أقوال أحدها أن معناه و لا تطع من جعلنا قلبه غافلا عن ذكرنا بتعريضه للغفلة و لهذا قال وَ اتَّبَعَ هَواهُ و مثله فَلَمَّا زاغُوا أَزاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ و ثانيها نسبنا قلبه إلى الغفلة كما يقال أكفره إذا نسبه إلى الكفر و ثالثها صادفناه غافلا و رابعها جعلناه غفلا لم نسمه بسمة قلوب المؤمنين و لم نعلم فيه علامة لتعرفه الملائكة بتلك السمة و خامسها تركنا قلبه و خذلناه و خلينا بينه و بين الشيطان بتركه أمرنا وَ اتَّبَعَ هَواهُ أي في شهواته و أفعاله وَ كانَ أَمْرُهُ فُرُطاً أي سرفا و إفراطا و تجاوزا عن الحد أو ضياعا و هلاكا. و أقول فيها مدح عظيم للفقراء و حث على مصاحبتهم و مجالستهم إذا كانوا زاهدين في الدنيا مواظبين على ذكر الله و الصلوات و منع عن مجالسة الأغنياء المتكبرين اللاهين عن الله. قوله تعالى تَبارَكَ أي تقدس الَّذِي إِنْ شاءَ جَعَلَ لَكَ أي في الدنيا خَيْراً مِنْ ذلِكَ أي مما قالوا وَ يَجْعَلْ لَكَ قُصُوراً في الدنيا أو في الآخرة على القراءتين و معلوم من السياق أن الآخرة خير من الدنيا و اختارها الله لأحب خلقه. وَ لَوْ لا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ قد مر تفسيره مرارا. قوله سبحانه فَأَمَّا الْإِنْسانُ إِذا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ أي اختبره و امتحنه بالنعمة فَأَكْرَمَهُ بالمال وَ نَعَّمَهُ بما وسع عليه من أنواع الإفضال فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ أي فيفرح بذلك و يسر

1-  المؤمن، بإسناده عن الأصبغ قال كنت عند أمير المؤمنين ع قاعدا فجاء رجل فقال يا أمير المؤمنين و الله إني لأحبك في الله فقال صدقت إن   طينتنا مخزونة أخذ الله ميثاقها من صلب آدم ع فاتخذ للفقر جلبابا فإني سمعت رسول الله ص يقول و الله يا علي إن الفقر لأسرع إلى محبيك من السيل إلى بطن الوادي

2-  كا، ]الكافي[ عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن محمد بن سنان عن أبان بن عبد الملك قال حدثني بكر الأرقط عن أبي عبد الله ع أو عن شعيب عن أبي عبد الله ع أنه دخل عليه واحد فقال له أصلحك الله إني رجل منقطع إليكم بمودتي و قد أصابتني حاجة شديدة و قد تقربت بذلك إلى أهل بيتي و قومي فلم يزدني بذلك منهم إلا بعدا قال فما آتاك الله خير مما أخذ منك قال جعلت فداك ادع الله أن يغنيني عن خلقه قال إن الله قسم رزق من شاء على يدي من شاء و لكن اسأل الله أن يغنيك عن الحاجة التي تضطرك إلى لئام خلقه

 بيان أصلحك الله مشتمل على سوء أدب إلا أن يكون المراد إصلاح أحوالهم في الدنيا و تمكينهم في الأرض و دفع أعدائهم أو أنه جرى ذلك على لسانهم لإلفهم به فيما يجري بينهم من غير تحقيق لمعناه و مورده إني رجل منقطع إليكم كأنه ضمن الانقطاع معنى التوجه أي منقطع عن الخلق متوجها إليكم بسبب مودتي لكم أو مودتي مختصة بكم و قد تقربت بذلك الإشارة إما إلى مصدر أصابتني أو إلى الحاجة و المستتر في قوله فلم يزدني راجع إلى مصدر تقربت و مرجع الإشارة ما تقدم و قوله إلا بعدا استثناء مفرغ و هو مفعول لم يزدني أي لم يزدني التقرب منهم بسبب فقري شيئا إلا بعدا منهم.   فما آتاك الله قيل الفاء للتفريع على قوله إني رجل منقطع إليكم فقوله ما آتاك الله المودة و قيل هو الفقر و الأول أظهر مما أخذ منك أي المال إلى لئام خلقه اللئام جمع اللئيم و في المصباح لؤم بضم الهمزة لؤما فهو لئيم يقال ذلك للشحيح و الدني النفس و المهين و نحوهم لأن اللؤم ضد الكرم و يومي الحديث إلى أن الفقر المذموم ما يصير سببا لذلك و غيره ممدوح و ذمه لأن اللئيم لا يقضي حاجة أحد و ربما يلومه في رفع الحاجة إليه و إذا قضاها لا يخلو من منة و يمكن أن يشمل الظالم و الفاسق المعلن بفسقه و في كثير من الأدعية اللهم لا تجعل لظالم و لا فاسق علي يدا و لا منة و ذلك لأن القلب مجبول على حب من أحسن إليه و في حب الظالم معاصي كثيرة كما قال تعالى وَ لا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ

3-  كا، ]الكافي[ عن العدة عن سهل بن زياد عن علي بن أسباط عمن ذكره عن أبي عبد الله ع قال الفقر الموت الأحمر فقلت لأبي عبد الله ع الفقر من الدينار و الدرهم فقال لا و لكن من الدين

 بيان قال في النهاية و فيه تعلمون ما في هذه الأمة من الموت الأحمر يعني القتل لما فيه من حمرة الدم أو لشدته يقال موت أحمر أي شديد

 و منه حديث علي ع كنا إذا احمر البأس اتقينا برسول الله ص

أي إذا اشتدت الحرب استقبلنا العدو به و جعلناه لنا وقاية و قيل أراد إذا اضطرمت نار الحرب و تسعرت كما يقال في الشر بين القوم اضطرمت نارهم تشبيها بجمرة النار و كثيرا ما يطلقون الحمرة على الشدة. و لكن من الدين نظيره قول أمير المؤمنين ع الفقر و الغنى بعد العرض على الله و المعنى أنهما يظهران بعد الحساب و هو ما أشار إليه رسول الله ص   بقوله أ تدرون ما المفلس فقيل المفلس فينا من لا درهم له و لا متاع له فقال المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة و صيام و زكاة و يأتي قد شتم و قذف هذا و أكل مال هذا و سفك دم هذا و ضرب هذا فيعطى هذا من حسناته و هذا من حسناته فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار بل قد يقال إن المفلس حقيقة هو هذا. و يحتمل أن يراد بقوله ع و لكن من الدين الفقر القلبي و ضده الغنى القلبي فالفقير على هذا من ليس له في الدين معرفة و علم بأحكامه و لا تقوى و لا ورع و غيرها من الصفات الحسنة كذا قيل و أقول يحتمل أن يكون المعنى الذي يضر بالدين و لا يصبر عليه و يتوسل بالظالمين و الفاسقين كما مر

4-  كا، ]الكافي[ عن علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس عن ابن سنان عن العلا عن ابن أبي يعفور عن أبي عبد الله ع قال إن فقراء المؤمنين يتقلبون في رياض الجنة قبل أغنيائهم بأربعين خريفا ثم قال سأضرب لك مثل ذلك إنما مثل ذلك مثل سفينتين مر بهما على عاشر فنظر في إحداهما فلم ير فيها شيئا فقال أسربوها و نظر في الأخرى فإذا هي موقرة فقال احبسوها

 بيان في القاموس تقلب في الأمور تصرف كيف شاء و قال في النهاية فيه فقراء أمتي يدخلون الجنة قبل أغنيائهم بأربعين خريفا الخريف الزمان المعروف من فصول السنة ما بين الصيف و الشتاء و يريد به أربعين سنة لأن الخريف لا يكون في السنة إلا مرة واحدة فإذا انقضى أربعون خريفا فقد مضت أربعون سنة انتهى.

 و روي في معاني الأخبار بإسناده عن أبي جعفر ع قال إن عبدا مكث في النار سبعين خريفا و الخريف سبعون سنة إلى آخر الخبر

و فسره صاحب المعالم بأكثر من ذلك و في بعض الروايات أنه ألف عام و العام ألف سنة و قيل   إن التفاوت بهذه المدة إذا كان الأغنياء من أهل الصلاح و السداد و أدوا الحقوق الواجبة و لم يكتسبوا من وجه الحرام فيكون حبسهم بمجرد خروجهم عن عهدة الحساب و السؤال عن مكسب المال و مخرجه و إلا فهم على خطر عظيم. مر بهما على بناء المجهول و الباء للتعدية و الظرف نائب الفاعل و العاشر من يأخذ العشر على الطريق في المصباح عشرت المال عشرا من باب قتل و عشورا أخذت عشرة و اسم الفاعل عاشر و عشار فقال أسربوها على بناء الإفعال أي أرسلوها و خلوها تذهب و السارب الذاهب على وجهه في الأرض فإذا هي موقرة بفتح القاف أو كسرها في القاموس الوقر بالكسر الحمل الثقيل أو أعم و أوقر الدابة إيقارا و قرة و دابة وقرى موقرة و رجل موقر ذو وقر و نخلة موقرة و موقرة و موقر و موقرة. فقال احبسوها بالأمر من باب ضرب و التشبيه في غاية الحسن و الكمال و الحديث يدل على أن الفقر أفضل من الغنى و من الكفاف للصابر و ما وقع في بعض الروايات من استعاذتهم ع من الفقر يمكن حمله على الاستعاذة من الفقر الذي لا يكون معه صبر و لا ورع يحجزه عما لا يليق بأهل الدين أو على فقر القلب أو على فقر الآخرة و قد صرح به بعض العلماء و دل عليه بعض الروايات. و للعامة في تفضيل الفقر على الغنى و الكفاف أو العكس أربعة أقوال ثالثها الكفاف أفضل و رابعها الوقف و معنى الكفاف أن لا يحتاج و لا يفضل و لا ريب أن الفقر أسلم و أحسن بالنسبة إلى أكثر الناس و الغنى أحسن بالنسبة إلى بعضهم فينبغي أن يكون المؤمن راضيا بكل ما أعطاه الله و علم صلاحه فيه و سؤال الفقر لم يرد في الأدعية بل ورد في أكثرها الاستعاذة عن الفقر الذي يشقى به و عن الغنى الذي يصير سببا لطغيانه

5-  كا، ]الكافي[ عن العدة عن البرقي عن أبيه عن سعدان قال قال   أبو عبد الله ع المصائب منح من الله و الفقر مخزون عند الله

 بيان منح من الله المنح بكسر الميم و فتح النون جمع منحة بالكسر و هي العطية في القاموس منحه كمنعه و ضربه أعطاه و الاسم المنحة بالكسر و أقول الخبر يحتمل وجهين. أحدهما أن ثواب المصائب منح و عطايا يبذلها الله في الدنيا و ثواب الفقر مخزون عند الله لا يعطيه إلا في الآخرة لعظمه و شرافته و الدنيا لا يصلح أن يكون عوضا عنه. و ثانيهما أن المصائب عطايا من الله عز و جل يعطيها من يشاء من عباده و الفقر من جملتها مخزون عنده عزيز لا يعطيه إلا من خصه بمزيد العناية و لا يعترض أحد بكثرة الفقراء و ذلك لأن الفقير هنا من لا يجد إلا القوت من التعفف و لا يوجد من هذه صفته في ألف ألف واحد. أقول أو المراد به الفقر الذي يصير سببا لشدة الافتقار إلى الله و لا يتوسل معه إلى المخلوقين و يكون معه أعلى مراتب الرضا و فيه تنبيه على أنه ينبغي أن يفرح صاحب المصيبة بها كما يفرح صاحب العطية بها

6-  كا، ]الكافي[ عن العدة عن البرقي رفعه إلى أبي عبد الله ع قال قال رسول الله ص يا علي إن الله جعل الفقر أمانة عند خلقه فمن سره أعطاه الله مثل أجر الصائم القائم و من أفشاه إلى من يقدر على قضاء حاجته فلم يفعل فقد قتله أما إنه ما قتله بسيف و لا رمح و لكنه قتله بما نكى من قلبه

 بيان فقد قتله أي قتل المسئول السائل و العكس كما زعم بعيد جدا في المصباح نكأت القرحة أنكؤها مهموز بفتحتين قشرتها و نكيت في العدو نكأ من باب نفع أيضا لغة في نكيت فيه من أنكي من باب رمى و الاسم النكاية بالكسر إذا قتلت و أثخنت

7-  كا، ]الكافي[ عن العدة عن البرقي عن محمد بن علي عن داود الحذاء   عن محمد بن صغير عن جده شعيب عن مفضل قال قال أبو عبد الله ع كلما ازداد العبد إيمانا ازداد ضيقا في معيشته

 و بإسناده قال قال أبو عبد الله ع لو لا إلحاح المؤمنين على الله في طلب الرزق لنقلهم من الحال التي هم فيها إلى حال أضيق منها

 بيان الازدياد هنا لازم بمعنى الزيادة و إيمانا و ضيقا تميزان و في المصباح ازداد الشي‏ء زاد و ازددت مالا زدته لنفسي زيادة على ما كان و يؤيده ما نسب إلى أمير المؤمنين ع.

و كم من أديب عالم فطن مستكمل العقل مقل عديم‏و كم من جهول يكثر ماله ذاك تقدير العزيز العليم.

 و السر ما مر من فوائد الابتلاء من المثوبات التي ليس لها انتهاء و أيضا الإكثار موجب للتكبر و الخيلاء و احتقار الفقراء و الخشونة و القسوة و الجفاء و الغفلة عن الله سبحانه بسبب اشتغالهم بحفظ أموالهم و تنميتها مع كثرة ما يجب عليهم من الحقوق التي قل من يؤديها و بذلك يتعرضون لسخط الله تعالى و الفقراء مبرءون من ذلك مع توسلهم بربهم و تضرعهم إليه و توكلهم عليه و قربهم عنده بذلك مع سائر الخلال الحميدة التي لا تنفك عن الفقر إذا صبر على الشدائد التي هي من قواصم الظهر

8-  كا، ]الكافي[ عن العدة عن البرقي عن بعض أصحابه رفعه قال قال أبو عبد الله ع ما أعطي عبد من الدنيا إلا اعتبارا و لا زوي عنه إلا اختبارا

 بيان إلا اعتبارا مفعول له و كذا اختبارا و كان المعنى لا يعطيه إلا ليعتبر به غيره فيعلم أنه لا خير فيه لما يظهر للناس من مفاسده الدنيوية و الأخروية أو ليعتبر بحال الفقراء فيشكر الله على الغنى و يعين الفقراء كما مر في حديث آدم ع حيث سأل عن سبب اختلاف ذريته فقال تعالى في سياق جوابه و ينظر الغني إلى الفقير فيحمدني و يشكرني و ينظر الفقير إلى الغني فيدعوني و يسألني   لكن الأول في هذا المقام أنسب. و قوله إلا اختبارا في بعض النسخ بالياء المثناة التحتانية أي لأنه اختاره و فضله و أكرمه بذلك و في بعضها بالموحدة أي امتحانا فإذا صبر كان خيرا له و الابتلاء و الاختبار في حقه تعالى مجاز باعتبار أن فعل ذلك مع عباده ليترتب عليه الجزاء شبيه بفعل المختبر منا مع صاحبه و إلا فهو سبحانه عالم بما يصدر عن العباد قبل صدوره عنهم و زوي على بناء المجهول في القاموس زواه زيا و زويا نحاه فانزوى و سره عنه طواه و الشي‏ء جمعه و قبضه و أقول نائب الفاعل ضمير الدنيا و قيل هذا مخصوص بزمان دولة الباطل لئلا ينافي ما سيأتي من الأخبار في كتاب المعيشة

9-  كا، ]الكافي[ عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن الأشعري عن بعض مشايخه عن إدريس بن عبد الله عن أبي عبد الله ع قال قال النبي ص يا علي الحاجة أمانة الله عند خلقه فمن كتمها على نفسه أعطاه الله ثواب من صلى و من كشفها إلى من يقدر أن يفرج عنه و لم يفعل فقد قتله أما إنه لم يقتله بسيف و لا سنان و لا سهم و لكن قتله بما نكا من قلبه

 بيان من صلى أي في الليل كله أو واظب عليها

10-  كا، ]الكافي[ عن العدة عن البرقي عن نوح بن شعيب و أبي إسحاق الخفاف عن رجل عن أبي عبد الله ع قال ليس لمصاص شيعتنا في دولة الباطل إلا القوت شرقوا إن شئتم أو غربوا لم ترزقوا إلا القوت

 بيان قال الجوهري المصاص خالص كل شي‏ء يقال فلان مصاص قومه إذا كان أخلصهم نسبا يستوي فيه الواحد و الاثنان و الجمع و المؤنث و في النهاية و منه الحديث اللهم اجعل رزق آل محمد قوتا أي بقدر ما يمسك الرمق من المطعم و في المصباح القوت ما يؤكل ليمسك الرمق قاله ابن فارس و الأزهري انتهى و قيل هو البلغة يعني قدر ما يتبلغ به من العيش و يسمى ذلك أيضا كفافا لأنه   قدر يكفه عن الناس و يغنيه عن سؤالهم ثم بالغ ع في أن نصيبهم القوت بقوله شرقوا إلخ و هو كناية عن الجد في الطلب و السير في أطراف الأرض

11-  كا، ]الكافي[ عن العدة عن البرقي عن أحمد عن علي بن الحكم عن سعدان قال قال أبو عبد الله ع إن الله عز و جل يلتفت يوم القيامة إلى فقراء المؤمنين شبيها بالمعتذر إليهم فيقول و عزتي و جلالي ما أفقرتكم في الدنيا من هوان بكم علي و لترون ما أصنع بكم اليوم فمن زود أحدا منكم في دار الدنيا معروفا فخذوا بيده فأدخلوه الجنة قال فيقول رجل منهم يا رب إن أهل الدنيا تنافسوا في دنياهم فنكحوا النساء و لبسوا الثياب اللينة و أكلوا الطعام و سكنوا الدور و ركبوا المشهور من الدواب فأعطني مثل ما أعطيتهم فيقول تبارك و تعالى لك و لكل عبد منكم مثل ما أعطيت أهل الدنيا منذ كانت الدنيا إلى أن انقضت الدنيا سبعون ضعفا

 بيان و لترون بسكون الواو و تخفيف النون أو بضم الواو و تشديد النون المؤكدة ما أصنع ما موصولة أو استفهامية فمن زود على بناء التفعيل أي أعطى الزاد للسفر كما ذكره الأكثر أو مطلقا فيشمل الحضر في المصباح زاد المسافر طعامه المتخذ لسفره و تزود لسفره و زودته أعطيته زادا و نحوه قال الجوهري و غيره لكن قال الراغب الزاد المدخر الزائد على ما يحتاج إليه في الوقت منكم أي أحدا منكم كما في بعض النسخ و قيل من هنا اسم بمعنى البعض و قيل معروفا صفة للمفعول المطلق المحذوف أي تزويدا معروفا و في النهاية التنافس من المنافسة و هي الرغبة في الشي‏ء و الانفراد به و هو من الشي‏ء النفيس الجيد في نوعه و نافست في الشي‏ء منافسة و نفاسا إذا رغبت فيه و نفس بالضم نفاسة أي صار مرغوبا فيه و نفست به بالكسر أي بخلت و نفست عليه الشي‏ء نفاسة إذا لم تره له أهلا. و المشهور من الدواب التي اشتهرت بالنفاسة و الحسن في القاموس المشهور   المعروف المكان المذكور و النبيه و في النهاية فيه الضعف في المعاد أي مثلي الأجر يقال إن أعطيتني درهما فلك ضعفه أي درهمان و ربما قالوا تلك ضعفاه و قيل ضعف الشي‏ء مثله و ضعفاه مثلاه و قال الأزهري الضعف في كلام العرب المثل فما زاد و ليس بمقصور على مثلين فأقل الضعف محصور في الواحد و أكثره غير محصور

12-  كا، ]الكافي[ عن العدة عن سهل عن إبراهيم بن عقبة عن إسماعيل بن سهل و إسماعيل بن عباد جميعا يرفعانه إلى أبي عبد الله ع قال ما كان من ولد آدم مؤمن إلا فقيرا و لا كافر إلا غنيا حتى جاء إبراهيم ع فقال رَبَّنا لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا فصير الله في هؤلاء أموالا و حاجة و في هؤلاء أموالا و حاجة

 بيان رَبَّنا لا تَجْعَلْنا أقول هذا تتمة قول إبراهيم حيث قال في سورة الممتحنة قَدْ كانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْراهِيمَ وَ الَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآؤُا مِنْكُمْ وَ مِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنا بِكُمْ وَ بَدا بَيْنَنا وَ بَيْنَكُمُ الْعَداوَةُ وَ الْبَغْضاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَ ما أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْ‏ءٍ رَبَّنا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنا وَ إِلَيْكَ أَنَبْنا وَ إِلَيْكَ الْمَصِيرُ رَبَّنا لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَ اغْفِرْ لَنا رَبَّنا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ. قال في مجمع البيان معناه لا تعذبنا بأيديهم و لا ببلاء من عندك فيقولوا لو كان هؤلاء على حق لما أصابهم هذا البلاء و قيل معناه لا تسلطهم علينا فيفتنونا عن دينك و قيل معناه ألطف لنا حتى نصبر على أذاهم و لا نتبعهم فنصير فتنة لهم و قيل معناه اعصمنا من موالاة الكفار فإنا إذا واليناهم ظنوا أنا صوبناهم و قيل معناه لا تخذلنا إذا حاربناهم فلو خذلتنا لقالوا لو كان هؤلاء على الحق لما خذلوا انتهى.   و أقول المعنى المستفاد من الخبر قريب من المعنى الأول لأن الفقر أيضا بلاء يصير سببا لافتتان الكفار إما بأن يقولوا لو كان هؤلاء على الحق لما ابتلوا بعموم الفقر فيهم أو بأن يفروا من الإسلام خوفا من الفقر في هؤلاء. أموالا و حاجة أي صار بعضهم ذوي مال و بعضهم محتاجين مفتاقين و لا ينافي هذا كون الأموال في الكفار أو غير الخلص من المؤمنين أكثر و الفاقة في خلص المؤمنين أو كلهم أكثر و أشد

13-  كا، ]الكافي[ عن العدة عن البرقي عن عثمان بن عيسى عمن ذكره عن أبي عبد الله ع قال جاء رجل موسر إلى رسول الله ص نقي الثوب فجلس إلى رسول الله ص فجاء رجل معسر درن الثوب فجلس إلى جنب الموسر فقبض الموسر ثيابه من تحت فخذيه فقال له رسول الله ص أ خفت أن يمسك من فقره شي‏ء قال لا قال فخفت أن يصيبه من غناك شي‏ء قال لا قال فخفت أن يوسخ ثيابك قال لا قال فما حملك على ما صنعت فقال يا رسول الله إن لي قرينا يزين لي كل قبيح و يقبح لي كل حسن و قد جعلت له نصف مالي فقال رسول الله ص للمعسر أ تقبل قال لا فقال له الرجل لم قال أخاف أن يدخلني ما دخلك

 بيان فجلس إلى رسول الله ص قال الشيخ البهائي قدس سره إلى إما بمعنى مع كما قال بعض المفسرين في قوله تعالى مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللَّهِ أو بمعنى عند كما في قول الشاعر

أشهى إلي من الرحيق السلسل

 و يجوز أن يضمن جلس معنى توجه أو نحوه درن الثوب بفتح الدال و كسر الراء صفة مشبهة من الدرن بفتحهما و هو الوسخ و أقول في المصباح درن الثوب درنا فهو درن مثل وسخ وسخا فهو وسخ وزنا و معنى. فقبض الموسر ثيابه قيل أي أطراف ثوبه من تحت فخذيه كان الظاهر   إرجاع ضمير فخذيه إلى المعسر و لو كان راجعا إلى الموسر لما كان لجمع الطرف الآخر وجه إلا أن يكون لموافقة الطرف الآخر و فيه تكلفات أخر. و قال الشيخ المتقدم رحمه الله ضمير فخذيه يعود إلى الموسر أي جمع الموسر ثيابه و ضمها تحت فخذي نفسه لئلا تلاصق ثياب المعسر و يحتمل عوده إلى المعسر و من على الأول إما بمعنى في أو زائدة على القول بجواز زيادتها في الإثبات و على الثاني لابتداء الغاية و العود إلى الموسر أولى كما يرشد إليه قوله ع فخفت أن يوسخ ثيابك لأن قوله ع فخفت أن يوسخ ثيابك الغرض منه مجرد التقريع للموسر كما هو الغرض من التقريعين السابقين أعني قوله خفت أن يمسك من فقره شي‏ء خفت أن يصيبه من غناك شي‏ء و هذه التقريعات الثلاث منخرطة في سلك واحد و لو كان ثياب الموسر تحت فخذي المعسر لا يمكن أن يكون قبضها من تحت فخذيه خوفا من أن يوسخها. أقول ما ذكره قدس سره و إن كان التقريع فيه أظهر و بالأولين أنسب لكن لا يصير هذا مجوزا لارتكاب بعض التكلفات إذ يمكن أن يكون التقريع لأن سراية الوسخ في الملاصقة في المدة القليلة نادرة أو لأن هذه مفسدة قليلة لا يحسن لأجلها ارتكاب إيذاء المؤمن. إن لي قرينا يزين لي كل قبيح قال رحمه الله أي إن لي شيطانا يغويني و يجعل القبيح حسنا و الحسن قبيحا و هذا الفعل الشنيع الذي صدر مني من جملة إغوائه لي. أقول و يمكن أيضا أن يراد بالقرين النفس الأمارة التي طغت و بغت بالمال أو المال أو الأعم كما قال تعالى إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى و قال في النهاية و منه الحديث ما من أحد إلا وكل به قرينه أي مصاحبه من الملائكة أو الشياطين و كل إنسان فإن معه قرينا منهما فقرينه من الملائكة يأمره بالخير و يحثه عليه و قرينه من الشياطين يأمره بالشر و يحثه عليه.   و جعلت له نصف مالي أي في مقابلة ما صدر مني إليه من كسر قلبه و زجرا للنفس عن العود إلى مثل هذه الزلة قال أخاف أن يدخلني ما دخلك أي مما ذكرت أو من الكبر و الغرور و الترفع على الناس و احتقارهم و سائر الأخلاق الذميمة التي هي من لوازم التمول و الغنى

14-  كا، ]الكافي[ عن علي بن إبراهيم عن علي بن محمد القاساني عن القاسم بن محمد عن سليمان بن داود المنقري عن حفص بن غياث عن أبي عبد الله ع قال في مناجاة موسى ع يا موسى إذا رأيت الفقر مقبلا فقل مرحبا بشعار الصالحين و إذا رأيت الغنى مقبلا فقل ذنب عجلت عقوبته

 بيان الشعار بالكسر ما ولي الجسد من الثياب لأنه يلي شعره و يستعار للصفات المختصة و في حديث الأنصار أنتم الشعار دون الدثار و الشعار أيضا علامة يتعارفون بها في الحرب و الفقر من خصائص الصالحين و مرحبا أي لقيت رحبا و سعة و قيل معناه رحب الله بك مرحبا و القول كناية عن غاية الرضا و التسليم. ذنب عجلت عقوبته أي أذنبت ذنبا صار سببا لأن أخرجني الله من أوليائه و اتصفت بصفات أعدائه أو ابتلاني بالمشقة التي ابتلى بها أصحاب الأموال كما قال تعالى إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِها فِي الْحَياةِ الدُّنْيا و ما قيل من أن الذنب من الغنى فهو بعيد جدا

15-  كا، ]الكافي[ عن علي عن أبيه عن النوفلي عن السكوني عن أبي عبد الله ع قال قال النبي ص طوبى للمساكين بالصبر و هم الذين يرون ملكوت السماوات و الأرض

    بيان قد مر تفسير طوبى و قوله بالصبر إما للسببية أي طوبى لهم بسبب الصبر أو للملابسة فيكون حالا عن المساكين و لا يبعد أن يقرأ المساكين بالتشديد للمبالغة أي المتمسكين كثيرا بالصبر. و رؤية ملكوت السماوات و الأرض للكمل منهم و هم الأنبياء و الأوصياء و من يقرب منهم من الأولياء و يمكن أن يكون لرؤية ملكوت السماوات و الأرض مراتب يحصل لكل منهم مرتبة يليق بهم فمنهم من يتفكر في خلق السماوات و الأرض و نظام العالم فيعلم بذلك قدرته تعالى و حكمته و أنه لم يخلقها عبثا بل خلقها لأمر عظيم و هو عبادة الله سبحانه و معرفته كما قال تعالى يَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ رَبَّنا ما خَلَقْتَ هذا باطِلًا و منهم من يتفكر في أن خالق السماوات و الأرض لا يكون عاجزا و لا بخيلا فلم يفقرهم و يحوجهم إلا لمصلحة عظيمة فيصبر على بلاء الله و يرضى بقضائه   و كان تفسير المساكين هنا بالأنبياء و الأوصياء ع أظهر و قد ورد في بعض الأخبار تفسيره بهم ع فإن المسكنة الخضوع و الخشوع و التوسل بجناب الحق سبحانه و الإعراض عن غيره قال في النهاية قد تكرر في الحديث ذكر المسكين و المساكين و المسكنة و التمسكن و كلها يدور معناها على الخضوع و الذلة و قلة المال و الحال السيئة و استكان إذا خضع و المسكنة فقر النفس و تمسكن إذا تشبه بالمساكين و هو جمع المسكين و هو الذي لا شي‏ء له و قيل هو الذي له بعض الشي‏ء و قد تقع المسكنة على الضعف و منه حديث قيلة صدقت المسكنة أراد الضعف و لم يرد الفقر و فيه اللهم أحيني مسكينا و أمتني مسكينا و احشرني في زمرة المساكين أراد به التواضع و الإخبات و أن لا يكون من الجبارين المتكبرين و فيه أنه قال للمصلي تبأس و تمسكن أي تذلل و تخضع و هو تمفعل من السكون

16-  كا، ]الكافي[ عن علي عن أبيه عن النوفلي عن السكوني عن أبي عبد الله ع قال قال رسول الله ص يا معشر المساكين طيبوا نفسا و أعطوا الله الرضا من قلوبكم يثبكم الله عز و جل على فقركم فإن لم تفعلوا فلا ثواب لكم

 بيان نفسا تمييز و يدل على أن الثواب إنما هو على الرضا بالفقر لا على أصل الفقر و حمل على أصول المتكلمين و هي أن الثواب هو الجزاء الدائم في الآخرة و هو لا يكون إلا على الفعل الاختياري و أما ما يعطيه الله على الآلام التي يوردها على العبد في الدنيا بغير اختياره فإنما هو الجزاء المنقطع في الدنيا أو في الآخرة أيضا على قول بعضهم حيث جوزوا أن يكون انقطاعها على وجه لا يشعر به فلا يصير سببا لألمه و منهم من جوز كون العوض دائما في الآخرة. قال العلامة قدس الله روحه في الباب الحادي عشر السادسة في أنه تعالى يجب عليه فعل عوض الآلام الصادرة عنه و معنى العوض هو النفع المستحق الخالي   عن التعظيم و الإجلال و إلا لكان ظالما تعالى الله عن ذلك و يجب زيادته على الآلام و إلا لكان عبثا. و قال بعض الأفاضل في شرحه الألم الحاصل للحيوان إما أن يعلم فيه وجه من وجوه القبح فذلك يصدر عنا خاصة أو لا يعلم فيه ذلك فيكون حسنا و قد ذكر لحسن الألم وجوه الأول كونه مستحقا الثاني كونه مشتملا على النفع الزائد الثالث كونه مشتملا على دفع الضرر الزائد عنه الرابع كونه بمجرى العادة الخامس كونه متصلا على وجه الدفع و ذلك الحسن قد يكون صادرا عنه تعالى و قد يكون صادرا عنا. فأما ما كان صادرا عنه تعالى على وجه النفع فيجب فيه أمران أحدهما العوض و إلا لكان ظالما تعالى الله عنه و يجب أن يكون زائدا على الألم إلى حد يرضى عنه كل عاقل لأنه يقبح في الشاهد إيلام شخص لتعويضه ألمه من غير زيادة لاشتماله على العبث و ثانيهما اشتماله على اللطف إما للمتألم أو لغيره ليخرج عن العبث فأما ما كان صادرا عنا مما فيه وجه من وجوه القبح فيجب عليه تعالى الانتصاف للمتألم من المؤلم لعدله و لدلالة الأدلة السمعية عليه و يكون العوض هنا مساويا للألم و إلا لكان ظلما. و هنا فوائد الأولى العوض هو النفع المستحق الخالي عن تعظيم و إجلال فبقيد المستحق خرج التفضل و بقيد الخلو عن تعظيم خرج الثواب. الثانية لا يجب دوام العوض لأنه يحسن في الشاهد ركوب الأهوال العظيمة لنفع منقطع قليل. الثالثة العوض لا يجب حصوله في الدنيا لجواز أن يعلم الله تعالى المصلحة في تأخره بل قد يكون حاصلا في الدنيا و قد لا يكون. الرابعة الذي يصل إليه عوض ألمه في الآخرة إما أن يكون من أهل الثواب أو من أهل العقاب فإن كان من أهل الثواب فيكفيه إيصال أعواضه إليه بأن

    يفرقها الله على الأوقات أو يتفضل الله عليه بمثلها و إن كان من أهل العقاب أسقط بها جزءا من عقابه بحيث لا يظهر له التخفيف بأن يفرق القدر على الأوقات. الخامسة الألم الصادر عنا بأمره أو إباحته و الصادر عن غير العاقل كالعجماوات و كذا ما يصدر عنه تعالى من تفويت المنفعة لمصلحة الغير و إنزال الغموم الحاصلة من غير فعل العبد عوض ذلك كله على الله تعالى لعدله و كرمه. و أقول كون أعواض الآلام الغير الاختيارية منقطعة مما لم يدل عليه برهان قاطع و بعض الروايات تدل على خلافه كالروايات الدالة على أن حمى ليلة تعدل عبادة سنة و أن من مات له ولد يدخله الله الجنة صبر أم لم يصبر جزع أم لم يجزع و أن من سلب الله كريمتيه وجبت له الجنة و أمثال ذلك كثيرة و إن أمكن تأويل بعضها مع الحاجة إليه. و قيل للفقير ثلاثة أحوال أحدها الرضا بالفقر و الفرح به و هو شأن الأصفياء و ثانيها الرضا به دون الفرح و له أيضا ثواب دون الأول و ثالثها عدم الرضا به و الكراهة في القسمة و هذا مما لا ثواب له أصلا. و هو كلام على التشهي لكن روى السيد الرضي رضي الله عنه في نهج البلاغة أنه قال أمير المؤمنين ع لبعض أصحابه في علة اعتلها جعل الله ما كان من شكواك حطا لسيئاتك فإن المرض لا أجر فيه و لكنه يحط السيئات و يحتها حت الأوراق و إنما الأجر في القول باللسان و العمل بالأيدي و الأقدام و إن الله سبحانه يدخل بصدق النية و السريرة الصالحة من يشاء من عباده الجنة. ثم قال السيد رحمه الله و أقول صدق ع أن المرض لا أجر فيه لأنه من قبيل ما يستحق عليه العوض لأن العوض يستحق على ما كان في مقابلة فعل الله تعالى بالعبد من الآلام و الأمراض و ما يجري مجرى ذلك و الأجر و الثواب يستحقان على ما كان في مقابلة فعل العبد فبينهما فرق قد بينه ع كما   يقضيه علمه الثاقب و رأيه الصائب انتهى. و قوله ع اعتلها أي اعتل بها و الشكوى المرض و الحط الوضع و الحدر من علو إلى سفل و حت الورق كمد سقطت فانحتت و تحاتت و حت فلان الشي‏ء أي حطة يتعدى و لا يتعدى و السريرة ما يكتم كالسر و لو كانت الرواية صحيحة يؤيد مذهب القوم في الجملة. و قال قطب الدين الراوندي في شرحه على النهج قول السيد إن المرض لا أجر له ليس ذلك على الإطلاق و ذلك لأن المريض إذا احتمل المشقة التي حملها الله عليه احتسابا كان له أجر الثواب على ذلك و العوض على المرض فعلى فعل العبد إذا كان مشروعا الثواب و على فعل الله إذا كان ألما على سبيل الاختيار العوض. و قال ابن أبي الحديد ينبغي أن يحمل كلام أمير المؤمنين ع في هذا الفصل على تأويل يطابق ما يدل عليه العقول و أن لا يحمل على ظاهره و ذلك لأن المرض إذا استحق عليه الإنسان العوض لم يجز أن يقال العوض يحط السيئات بنفسه لا على قول أصحابنا و لا على قول الإمامية. أما الإمامية فإنهم مرجئة لا يذهبون إلى التحابط و أما أصحابنا فإنهم لا تحابط عندهم إلا في الثواب و العقاب فأما العقاب و العوض فلا تحابط بينهما لأن التحابط بين الثواب و العقاب إنما كان باعتبار التنافي بينهما من حيث كان أحدهما يتضمن الإجلال و الإعظام و الآخر يتضمن الاستخفاف و الإهانة و محال أن يكون الإنسان الواحد مهانا معظما في حال واحد و لما كان العوض لا يتضمن إجلالا و إعظاما و إنما هو نفع خالص فقط لم يكن منافيا للعقاب و جاز أن يجتمع للإنسان الواحد في الوقت الواحد كونه مستحقا للعقاب و العوض إما بأن يوفر العوض عليه في الدار الدنيا و إما بأن يخفف عنه بعض عقابه و يجعل ذلك بدلا من العوض الذي كان سبيله أن يوصل إليه.

    و إذا ثبت ذلك وجب أن يحمل كلام أمير المؤمنين ع على تأويل صحيح و هو الذي أراده ع لأنه كان أعرف الناس بهذه المعاني و منه تعلم المتكلمون علم الكلام و هو أن المرض و الألم يحط الله تعالى عن الإنسان المبتلى به ما يستحقه من العقاب على معاصيه السالفة تفضلا منه سبحانه فلما كان إسقاطه للعقاب متعقبا للمرض و واقعا بعده بلا فصل جاز أن يطلق اللفظ بأن المرض يحط السيئات و يحتها حت الورق كما جاز أن يطلق اللفظ بأن الجماع يحبل المرأة و بأن سقي البذر الماء ينبته و إن كان الولد و الزرع عند المتكلمين واقعا من الله تعالى على سبيل الاختيار لا على سبيل الإيجاب و لكنه أجرى العادة بأن يفعل ذلك عقيب الجماع و عقيب سقي البذر الماء. فإن قلت يجوز أن يقال إن الله تعالى يمرض الإنسان المستحق للعقاب و يكون إنما أمرضه ليسقط عنه العقاب لا غير. قلت لا لأنه قادر على أن يسقط عنه العقاب ابتداء و لا يجوز إنزال الألم إلا حيث لا يمكن اقتناص العوض المجزي به إليه إلا بطريق الألم و إلا كان فعل الألم عبثا أ لا ترى أنه لا يجوز أن يستحق زيد على عمرو ألف درهم فيضربه و يقول إنما أضربه لأجعل ما يناله من ألم الضرب مسقطا لما أستحقه من الدراهم عليه و يذمه العقلاء و يسفهونه و يقولون له فهلا وهبتها له و أسقطتها عنه من غير حاجة إلى أن تضربه و أيضا فإن الآلام قد تنزل بالأنبياء و ليسوا ذوي ذنوب و معاص ليقال إنه يحطها عنهم. فأما قوله ع و إنما الأجر في القول إلى آخر الفصل فإنه ع قسم أسباب الثواب أقساما فقال لما كان المرض لا يقتضي الثواب لأنه ليس من فعل المكلف إنما يستحق المكلف الثواب على ما كان من فعله وجب أن نبين ما الذي يستحق به المكلف الثواب. الذي يستحق المكلف به ذلك أن يفعل فعلا إما من أفعال الجوارح و إما من أفعال القلوب فأفعال الجوارح إما قول باللسان أو عمل ببعض الجوارح و عبر   عن سائر الجوارح عدا اللسان بالأيدي و الأقدام لأن أكثر ما يفعل بها و إن كان قد يفعل بغيرها نحو مجامعة الرجل زوجته إذا قصد به تحصينها و تحصينه عن الزنا و نحو أن ينحي حجرا ثقيلا برأسه عن صدر إنسان قد كاد يقتله و غير ذلك. و أما أفعال القلوب فهي العزوم و الإرادات و النظر و العلوم و الظنون و الندم فعبر ع عن جميع ذلك بصدق النية و السريرة الصالحة و اكتفى بذلك عن تعديد هذه الأجناس. فإن قلت فإن الإنسان قد يستحق الثواب على أن لا يفعل القبيح و هذا يخرم الحصر الذي حصره أمير المؤمنين ع. قلت يجوز أن يكون يذهب مذهب أبي علي في أن القادر بقدرة لا يخلو عن الفعل و الترك انتهى. قال ابن ميثم قدس سره دعا ع لصاحبه بما هو ممكن و هو حط السيئات بسبب المرض و لم يدع له بالأجر عليه معللا ذلك بقوله فإن المرض لا أجر فيه و السر فيه أن الأجر و الثواب إنما يستحق بالأفعال المعدة له كما أشار إليه بقوله و إنما الأجر في القول إلى قوله بالأقدام و كنى بالأقدام عن القيام بالعبادة و كذلك ما يكون كالفعل من عدمات الملكات كالصوم و نحوه فأما المرض فليس هو بفعل العبد و لا عدم فعل من شأنه أن يفعله. فأما حطه للسيئات فباعتبار أمرين أحدهما أن المريض تنكسر شهوته و غضبه اللذين هما مبدءا الذنوب و المعاصي و مادتهما الثاني أن من شأن المرض أن يرجع الإنسان فيه إلى ربه بالتوبة و الندم على المعصية و العزم على ترك مثلها كما قال تعالى وَ إِذا مَسَّ الْإِنْسانَ الضُّرُّ دَعانا لِجَنْبِهِ أَوْ قاعِداً أَوْ قائِماً الآية. فما كان من السيئات حالات غير متمكنة من جوهر النفس فإنه يسرع زوالها منها و ما صار ملكة فربما يزول على طول المرض و دوام الإنابة إلى الله تعالى

    و استعار لزوالها لفظ الحت و شبهه في قوة الزوال و المفارقة بحت الأوراق. ثم نبه ع بقوله و إن الله إلى آخره على أن العبد إذا احتسب المشقة في مرضه لله بصدق نيته مع صلاح سريرته فقد يكون ذلك معدا لإفاضة الأجر و الثواب عليه و دخوله الجنة و يدخل ذلك في أعدام الملكات المقرونة بنية القربة إلى الله و كلام السيد رحمه الله مقتضى مذهب المعتزلة انتهى. و قال الكيدري نور الله ضريحه المرض لا أجر فيه للمريض بمجرد الألم بل فيه العوض و إذا احتمل المريض ما حمل احتسابا أثيب على ذلك انتهى و أقول إذا اطلعت على ما ذكره المخالف و المؤالف في هذا الباب فاعلم أنهم جروا في ذلك على ما نسجوه من قواعدهم الكلامية نسج العنكبوت و لا طائل في الخوض فيها لكن لا بد من الخوض في الآيات و الأخبار الواردة في ذلك و الجمع بينهما. و الذي يظهر منها أن الله تعالى بلطفه و رحمته يبتلي المؤمنين في الدنيا بأنواع البلايا على قدر إيمانهم و سبب ذلك إما إصلاح نفوسهم و ردعها عن الشهوات أو تعريضهم بالصبر عليها لأجزل المثوبات أو لحط ما صدر عنهم من السيئات إذا علم أن صلاحهم في العفو بعد الابتلاء ليكون رادعا لهم عن ارتكاب مثلها و مع ذلك يعوضهم أو يثيبهم بأنواع الأعواض و المثوبات. و لو صح قولهم إن العوض لا يكون دائما يمكن أن يقال دخولهم الجنة و تنعمهم بنعيمه الدائم إنما هو بالإيمان و الأعمال الصالحة لكن لما كانت معاصيهم حائلة بينهم و بين دخولهم الجنة ابتداء قد يبتليهم في الدنيا ليطهرهم من لوثها و قد يؤخرهم إلى سكرات الموت أو عذاب البرزخ أو في القيامة ليدخلوا الجنة مطهرين من لوث المعاصي و كل ذلك بحسب ما علم من صلاحهم في ذلك. ثم إن جميع ذلك في غير الأنبياء و الأوصياء و الأولياء ع و أما فيهم ع فليس إلا لرفع الدرجات و تكثير المثوبات كما عرفت مما سبق من الروايات   فخذ ما آتيتك و كن من الشاكرين و لا تصغ إلى شبهات المضلين و قد سبق منا بعض القول فيه

17-  كا، ]الكافي[ عن العدة عن أحمد بن محمد عن ابن أبي نصر عن عيسى الفراء عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر ع قال إذا كان يوم القيامة أمر الله تبارك و تعالى مناديا ينادي بين يديه أين الفقراء فيقوم عنق من الناس كثير فيقول عبادي فيقولون لبيك ربنا فيقول إني لم أفقركم لهوان بكم علي و لكن إنما اخترتكم لمثل هذا اليوم تصفحوا وجوه الناس فمن صنع إليكم معروفا لم يصنعه إلا في فكافوه عني بالجنة

 بيان كان تحتمل التامة و الناقصة كما مر بين يديه أي قدام عرشه و قيل أي يصل نداؤه إلى كل أحد كما أنه حاضر عند كل أحد و في النهاية فيه يخرج عنق من النار أي طائفة و قال عنق من الناس أي جماعة لهوان بكم علي أي لمذلة و هوان علي كان بكم و لكن إنما اخترتكم أي اصطفيتكم لمثل هذا اليوم أي لهذا اليوم فكلمة مثل زائدة نحو قولهم مثلك لا يبخل أو لهذا اليوم و مثله لأثيبكم قال في المصباح المثل يستعمل على ثلاثة أوجه بمعنى التشبيه و بمعنى نفس الشي‏ء و زائدة و قال صفحت الكتاب قلبت صفحاته و هي وجوه الأوراق و تصفحته كذلك و صفحت القوم صفحا رأيت صفحات وجوههم لم يصنعه إلا في الجملة جزاء الشرط أو صفة لقوله معروفا أي معروفا يكون خالصا و الأول أظهر و يومئ إليه قوله فكافوه عني

18-  كا، ]الكافي[ عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن إبراهيم الحذاء عن محمد بن صغير عن جده شعيب عن المفضل قال قال أبو عبد الله ع لو لا إلحاح هذه الشيعة على الله في طلب الرزق لنقلهم من الحال التي هم فيها إلى ما هو أضيق

 بيان هذه الشيعة أي الإمامية فإن الشيعة أعم منهم أو إشارة   إلى غير الخلص منهم فإنهم لا يلحون و كأن الإشارة على الأول لبيان الاختصاص و على الثاني للتحقير

19-  كا، ]الكافي[ عن أبي علي الأشعري عن محمد بن عبد الجبار عن ابن فضال عن محمد بن الحسين بن كثير الخزاز عن أبي عبد الله ع قال قال لي أ ما تدخل السوق أ ما ترى الفاكهة تباع و الشي‏ء مما تشتهيه فقلت بلى فقال أما إن لك بكل ما تراه فلا تقدر على شراه حسنة

 بيان و الشي‏ء مما تشتهيه أي من غير الفاكهة أعم من المأكول و الملبوس و غيرهما و الظاهر من الحسنة المثوبة الأخروية و حمل على العوض أو على أن الحسنة للصبر و الرضا بالقضاء على الأصل المتقدم

20-  كا، ]الكافي[ عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن سنان عن علي بن عثمان عن مفضل بن عمر عن أبي عبد الله ع قال إن الله جل ثناؤه ليعتذر إلى عبده المؤمن المحوج في الدنيا كما يعتذر الأخ إلى أخيه فيقول و عزتي و جلالي ما أحوجتك في الدنيا من هوان كان بك علي فارفع هذا السجف فانظر إلى ما عوضتك من الدنيا قال فيرفع فيقول ما ضرني ما منعتني مع ما عوضتني

 بيان ليعتذر كأنه مجاز كما يومئ إليه ما مر في التاسع شبيها بالمعتذر و المحوج يحتمل كسر الواو و فتحها في المصباح أحوج وزان أكرم من الحاجة و يستعمل أيضا متعديا يقال أحوجه الله إلى كذا و في القاموس السجف و يكسر و ككتاب الستر ما ضرني ما نافية ما منعتني ما مصدرية مع ما عوضتني ما موصولة و تحتمل المصدرية أيضا

21-  كا، ]الكافي[ عن علي عن أبيه عن ابن أبي عمير عن هشام بن الحكم عن أبي عبد الله ع قال إذا كان يوم القيامة قام عنق من الناس حتى يأتوا باب الجنة   فيضربوا باب الجنة فيقال لهم من أنتم فيقولون نحن الفقراء فيقال لهم أ قبل الحساب فيقولون ما أعطيتمونا شيئا تحاسبونا عليه فيقول الله عز و جل صدقوا ادخلوا الجنة

 بيان أ قبل الحساب أي أ تدخلون الجنة قبل الحساب على التعجب أو الإنكار ما أعطيتمونا أي ما أعطانا الله شيئا و إضافته إلى الملائكة لأنهم مقربوا جنابه بمنزلة وكلائه تحاسبونا قيل يجوز فيه تشديد النون كما قرئ في سورة الزمر تَأْمُرُونِّي بالتخفيف و بالتشديد و بالنونين و المخاطب في صدقوا الملائكة و في ادخلوا الفقراء إذا قرئ على بناء المجرد كما هو الظاهر و أمرهم بالدخول يستلزم أمر الملائكة بفتح الباب و يمكن أن يقرأ على بناء الإفعال فالمخاطب الملائكة أيضا و قيل هو من قبيل ذكر اللازم و إرادة الملزوم أي افتحوا الباب و لذا حذف المفعول بناء على أن فتح الباب سبب لدخول كل من يستحقه و إن كان الباعث الفقراء و كان هذا مبني على ما سيأتي من أن الله تعالى لا يحاسب المؤمنين على ما أكلوا و لبسوا و نكحوا و أمثال ذلك إذا كان من حلال

22-  كا، ]الكافي[ عن العدة عن البرقي عن عثمان بن عيسى عن مبارك غلام شعيب قال سمعت أبا الحسن موسى ع يقول إن الله عز و جل يقول إني لم أغن الغني لكرامة به علي و لم أفقر الفقير لهوان به علي و هو مما ابتليت به الأغنياء بالفقراء و لو لا الفقراء لم يستوجب الأغنياء الجنة

 بيان و هو مما ابتليت به الأغنياء كان ضمير هو راجع إلى التفاوت المفهوم من الكلام السابق أقول إذا كان من للتبعيض يدل على أن ابتلاء الناس بعضهم ببعض يكون على وجوه شتى منها ابتلاؤهم بالفقر و الغنى و يحتمل أن يكون من للتعليل و لو لا الفقراء كان المعنى أن عمدة عبادة الأغنياء إعانة الفقراء أو أنه يلزم الغنى أحوال لا يمكن تداركها إلا برعاية الفقراء فتأمل

    -23  كا، ]الكافي[ عن علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس عن إسحاق بن عيسى عن إسحاق بن عمار و المفضل بن عمر قالا قال أبو عبد الله ع مياسير شيعتنا أمناؤنا على محاويجهم فاحفظونا فيهم يحفظكم الله

 بيان المياسير و المحاويج جمعا الموسر و المحوج لكن على غير القياس لأن القياس جمع مفعال على مفاعيل قال الفيروزآبادي أيسر إيسارا و يسرا صار ذا غنى فهو موسر و الجمع مياسير و قال صاحب مصباح اللغة أحوج وزان أكرم من الحاجة فهو محوج و قياس جمعه بالواو و النون لأنه صفة عاقل و الناس يقولون محاويج مثل مفاطير و مفاليس و بعضهم ينكره و يقول غير مسموع انتهى. و أقول وروده في الحديث يدل على مجيئه لكن قال بعضهم إنهما جمعا ميسار و محواج اسمي آلة استعملا في الموسر و المحوج للمبالغة. أمناؤنا على محاويجهم كونهم أمناءهم ع إما مبني على ما ذكره الكليني رحمه الله في آخر كتاب الحجة أن الأموال كلها للإمام و إنما رخص لشيعتهم التصرف فيها فتصرفهم مشروط برعاية فقراء الشيعة و ضعفائهم أو على أنهم خلفاء الله و يلزمهم أخذ حقوق الله من الأغنياء و صرفها في مصارفها و لما لم يمكنهم في أزمنة التقية و الغيبة أخذها منهم و صرفها في مصارفها و أمروا الأغنياء بذلك فهم أمناؤهم على ذلك أو على أنه لما كان الخمس و سائر أموالهم من الفي‏ء و الأنفال بأيديهم و لم يمكنهم إيصالها إليهم ع فهم أمناؤهم في إيصال ذلك إلى فقراء الشيعة فيدل على وجوب صرف حصة الإمام من الخمس و ميراث من لا وارث له و غير ذلك من أموال الإمام إلى فقراء الشيعة و لا يخلو من قوة و الأحوط صرفها إلى الفقيه المحدث العادل ليصرفها في مصارفها نيابة عنهم ع و الله يعلم. فاحفظونا فيهم أي ارعوا حقنا فيهم لكونهم شيعتنا و بمنزلة عيالنا يحفظكم الله أي يحفظكم الله في أنفسكم و أموالكم في الدنيا و من عذابه في الآخرة و يحتمل   أن تكون جملة دعائية و قيل يدل على أن الأغنياء إذا لم يراعوا الفقراء سلبت عنهم النعمة لأنه إذا ظهرت الخيانة من الأمين يؤخذ ما في يده

 كما قال أمير المؤمنين ع إن لله تعالى عبادا يخصهم بالنعم لمنافع العباد فيقرها في أيديهم ما بذلوها فإذا منعوها نزعها منهم ثم حولها إلى غيرهم

24-  كا، ]الكافي[ عن علي عن أبيه عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله ع قال قال أمير المؤمنين ع الفقر أزين للمؤمنين من العذار على خد الفرس

 بيان أزين للمؤمنين اللام للتعدية و في النهاية فيه الفقر أزين للمؤمن من عذار حسن على خد فرس العذاران من الفرس كالعارضين من وجه الإنسان ثم سمي به السير الذي يكون عليه من اللجام عذارا باسم موضعه انتهى. و أقول يمكن أن يقال لتكميل التشبيه إن الفقر يمنع الإنسان من الطغيان كما يمنع اللجام الفرس عن العصيان. و قال بعض شراح العامة لأن صاحب الدنيا كلما اطمأن منها إلى سرور أشخصته إلى مكروه فطلبها شين و القلة زين

25-  كا، ]الكافي[ عن العدة عن سهل بن زياد عن ابن محبوب عن عبد الله بن غالب عن أبيه عن سعيد بن المسيب قال سألت علي بن الحسين ع عن قول الله عز و جل وَ لَوْ لا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً قال عنى بذلك أمة محمد ص أن يكونوا على دين واحد كفارا كلهم لَجَعَلْنا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فِضَّةٍ و لو فعل الله ذلك بأمة محمد لحزن المؤمنون و غمهم ذلك و لم يناكحوهم و لم يوارثوهم

 بيان قد مر تفسير الآية و أما تأويله ع فلعل المعنى أن المراد بالناس   أمة محمد ص بعد وفاته بقرينة المضارع في يكون و يكفر و المراد بمن يكفر بالرحمن المخالفون المنكرون للإمامة و النص على الإمام و لذا عبر بالرحمن إشعارا بأن رحمانية الله تقتضي عدم إهمالهم في أمور دينهم أو المراد أن المنكر للإمام كافر برحمانية الملك العلام. و الحاصل أنه لو لا أنه كان يصير سببا لكفر المؤمنين لحزنهم و غمهم و انكسار قلبهم فيستولي عليهم الشيطان فيكفرون و يلحقون بالمخالفين إلا شاذ منهم لا يكفي وجودهم لنصرة الإمام أو يهلكون غما و حزنا و أيضا لو كان جميع المخالفين بهذه الدرجة من الغناء و الثروة و جميع المؤمنين في غاية الفقر و المهانة و المذلة لم يناكحوهم أي المخالفون المؤمنين بأن يعطوهم بناتهم أو يأخذوا منهم بناتهم فلم يكن يحصل فيهم نسب يصير سببا للتوارث فبذلك ينقطع نسل المؤمنين و يصير سببا لانقراضهم أو لمزيد غمهم الموجب لارتدادهم و بتلك الأسباب يصير أمة محمد ص كلهم كفرة و مخالفين فيكونوا أمة واحدة كفرة إما مطلقا أو إلا من شذ منهم ممن محض الإيمان محضا فعبر بالناس عن الأكثرين لقلة المؤمنين فكأنهم ليسوا منهم. فالمراد بالأمة في قوله عنى بذلك أمة محمد ص أعم من أمة الدعوة و الإجابة قاطبة أو الأعم من المؤمنين و المنافقين و المخالفين و ذلك إشارة إلى الناس و المراد بالأمة في قوله و لو فعل ذلك بأمة محمد المنافقون و المخالفون أو الأعم منهم و من سائر الكفار و الأول أظهر بقرينة و لم يناكحوهم فإن غيرهم من الكفار لا يناكحون الآن أيضا و الضمير المرفوع راجع إلى المخالفين و المنصوب إلى المؤمنين و كذا و لم يوارثوهم

26-  لي، ]الأمالي للصدوق[ عن الفامي عن محمد الحميري عن أبيه عن محمد بن عبد الجبار عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم عن الصادق ع قال كاد الفقر أن يكون كفرا و كاد الحسد أن يغلب القدر

    ل، ]الخصال[ عن حمزة العلوي عن علي عن أبيه عن ابن المغيرة عن السكوني عن الصادق عن آبائه ع عن النبي ص مثله

 كتاب الإمامة و التبصرة عن سهل بن أحمد عن محمد بن محمد بن الأشعث عن موسى بن إسماعيل بن موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه ع عن النبي ص مثله

 توضيح هذه الرواية من المشهورات بين الخاصة و العامة و فيها ذم عظيم للفقر و يعارضها الأخبار السابقة و ما

 روي عن النبي ص الفقر فخري و به أفتخر

 و قوله ص اللهم أحيني مسكينا و أمتني مسكينا و احشرني في زمرة المساكين

 و يؤيد هذه الرواية ما رواه العامة عنه ص الفقر سواد الوجه في الدارين

و قد قيل في الجمع بينها وجوه. قال الراغب في المفردات الفقر يستعمل على أربعة أوجه الأول وجود الحاجة الضرورية و ذلك عام للإنسان ما دام في دار الدنيا بل عام للموجودات كلها و على هذا قوله عز و جل يا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَراءُ إِلَى اللَّهِ وَ اللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ و إلى هذا الفقر أشار بقوله في وصف الإنسان ما جَعَلْناهُمْ جَسَداً لا يَأْكُلُونَ الطَّعامَ. و الثاني عدم المقتنيات و هو المذكور في قوله لِلْفُقَراءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ إلى قوله يَحْسَبُهُمُ الْجاهِلُ أَغْنِياءَ مِنَ التَّعَفُّفِ إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَ الْمَساكِينِ. الثالث فقر النفس و هو الشره المعني بقوله ص كاد الفقر أن يكون كفرا   و هو المقابل بقوله الغنى غنى النفس و المعنى بقولهم من عدم القناعة لم يفده المال غنى. الرابع الفقر إلى الله المشار إليه بقوله اللهم أغنني بالافتقار إليك و لا تفقرني بالاستغناء عنك و إياه عنى تعالى بقوله رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ و بهذا ألم الشاعر فقال.

و يعجبني فقري إليك و لم يكن ليعجبني لو لا محبتك الفقر

. و يقال افتقر فهو مفتقر و فقير و لا يكاد يقال فقر و إن كان القياس يقتضيه و أصل الفقير هو المكسور الفقار انتهى. و هذا أحسن ما قيل في هذا المقام و منهم من حمل سواد الوجه على المدح أي أنه كالخال الذي على وجه المحبوب فإنه يزينه و لا يشينه و قيل المراد بالوجه ذات الممكن و من الفقر احتياجه في وجوده و سائر كمالاته إلى الغير و كون ذلك الاحتياج سواد وجهه عبارة عن لزومه لذاته بحيث لا ينفك كما لا ينفك السواد عن محله و لا يخفى بعدهما و الأظهر حمله مع صحته على الفقر المذموم كما مر. و قال الغزالي في شرح هذا الخبر إذ الفقر مع الاضطرار إلى ما لا بد منه قارب أن يوقع في الكفر لأنه يحمل على حسد الأغنياء و الحسد يأكل الحسنات و على التذلل لهم بما يدنس به عرضه و ينثلم به دينه و على عدم الرضا بالقضاء و تسخط الرزق و ذلك إن لم يكن كفرا فهو جار إليه و لذلك استعاذ المصطفى من الفقر. و قال بعضهم لأن أجمع عندي أربعين ألف دينار حتى أموت عنها أحب إلي من فقر يوم و ذل في سؤال الناس و و الله ما أدري ما ذا يقع مني لو ابتليت ببلية من فقر أو مرض فلعلي أكفر و لا أشعر فلذلك قال كاد الفقر أن يكون كفرا   لأنه يحمل المرء على كل صعب و ذلول و ربما يؤديه إلى الاعتراض على الله و التصرف في ملكه و الفقر نعمة من الله داع إلى الإنابة و الالتجاء إليه و الطلب منه و هو حلية الأنبياء و زينة الأولياء و زي الصلحاء و من ثم ورد خبر إذا رأيت الفقر مقبلا فقل مرحبا بشعار الصالحين فهو نعمة جليلة بيد أنه مولم شديد التحمل. قال الغزالي هذا الحديث ثناء على المال و لا تقف على وجه الجمع بين المدح و الذم إلا بأن تعرف حكمة المال و مقصوده و فوائده و غوائله حتى ينكشف لك أنه خير من وجه شر من وجه و ليس بخير محض و لا بشر محض بل هو سبب للأمرين معا يمدح مرة و يذم مرة و البصير المميز يدرك أن الممدوح منه غير المذموم. و قال بعض أصحابنا في الدعاء نعوذ بك من الفقر و القلة قيل الفقر المستعاذ منه إنما هو فقر النفس الذي يفضي بصاحبه إلى كفران نعم الله و نسيان ذكره و يدعوه إلى سد الخلة بما يتدنس به عرضه و يثلم به دينه و القلة تحمل على قلة الصبر أو قلة العدد. و في الخبر أنه ص تعوذ من الفقر

 و قال الفقر فخري و به أفتخر على سائر الأنبياء

و قد جمع بين القولين بأن الفقر الذي تعوذ منه ص الفقر إلى الناس و الذي دون الكفاف و الذي افتخر به الفقر إلى الله تعالى و إنما كان هذا فخرا له على سائر الأنبياء مع مشاركتهم له فيه لأن توحيده و اتصاله بالحضرة الإلهية و انقطاعه إليه كان في الدرجة التي لم يكن لأحد مثلها في العلو ففقره إليه كان أتم و أكمل من فقر سائر الأنبياء و قال الكرماني في شرح البخاري في

 قوله ص أعوذ بك من الفقر

استدل به على تفضيل الغنى و بقوله تعالى إِنْ تَرَكَ خَيْراً أي مالا و بأنه ص توفي على أكمل حالاته و هو موسر بما أفاء الله عليه و بأن الغنى وصف للحق و حديث أكثر أهل الجنة الفقراء إخبار عن الواقع كما يقال أكثر أهل الدنيا الفقراء و أما تركه الطيبات فلأنه لم يرض أن يستعجل من الطيبات.   و أجاب الآخرون بأنه إيماء إلى أن علة الدخول الفقر و تركه الطيبات يدل على فضل الفقر و استعاذته من الفقر معارض باستعاذته من الغنى و لا نزاع في كون المال خيرا بل في الأفضل و كان عند وفاته ص درعه مرهونا و غنى الله تعالى بمعنى آخر انتهى. و ذهب أكثرهم إلى أن الكفاف أفضل من الغنى و الفقر فإنه سالم من آفاتهما و ليس ببعيد و قال بعضهم هذا كله صحيح لكن لا يدفع أصل السؤال في أيهما أفضل الغنى أو الفقر لأن النزاع إنما ورد في حق من اتصف بأحد الوصفين أيهما في حقه أفضل و قيل إن السؤال أيهما أفضل لا يستقيم لاحتمال أن يكون لأحدهما من العمل الصالح ما ليس للآخر فيكون أفضل و إنما يقع السؤال عنهما إذا استويا بحيث يكون لكل منهما من العمل ما يقاوم به عمل الآخر فتعلم أيهما أفضل عند الله و لذا قيل صورة الاختلاف في فقير ليس بحريص و غني ليس بممسك إذ لا يخفى أن الفقير القانع أفضل من الغني البخيل و أن الغني المنفق أفضل من الفقير الحريص قال و كل ما يراد لغيره و لا يراد لعينه ينبغي أن يضاف إلى مقصوده فيه ليظهر فضله فالمال ليس محذورا لعينه بل لكونه قد يعوق عن الله و كذا العكس فكم من غني لم يشغله غناه عن الله و كم من فقير شغله فقره عن الله. إلى أن قال و إن أخذت بالأكثر فالفقير عن الخطر أبعد لأن فتنة الغنى أشد من فتنة الفقر و قال بعضهم كلام الناس في أصل المسألة يختلف فمنهم من فضل الفقر و منهم من فضل الغنى و منهم من فضل الكفاف و كل ذلك خارج عن محل الخلاف أي الحالين أفضل عند الله للعبد حتى يتكسب ذلك و يتخلق به هل التقلل من المال أفضل ليتفرغ قلبه عن الشواغل و ينال لذة المناجاة و لا ينهمك في الاكتساب ليستريح من طول الحساب أو التشاغل باكتساب المال أفضل ليستكثر من القرب من البر و الصلة لما في ذلك من النفع المتعدي. قال و إذا كان الأمر كذلك فالأفضل ما اختاره النبي ص و جمهور أصحابه من التقلل في الدنيا و البعد عن زهرتها و يبقى النظر فيمن حصل له شي‏ء من الدنيا

    بغير تكسب منه كالميراث و سهم الغنيمة هل الأفضل أن يبادر إلى إخراجه في وجوه البر حتى لا يبقى منه شي‏ء أو يتشاغل بتثميره ليستكثر من نفعه المتعدي. قال و هو على القسمين الأولين و قال ابن حجر مقتضى ذلك أن يبذل إلى أن يبقى في حالة الكفاف و لا يضر ما يتجدد من ذلك إذا سلك هذه الطريقة. و دعوى أن جمهور الصحابة كانوا على التقلل و الزهد ممنوعة فإن المشهور من أحوالهم أنهم كانوا على قسمين بعد أن فتحت عليهم الفتوح فمنهم من أبقى ما بيده مع التقرب إلى ربه بالبر و الصلة و المواساة مع الاتصاف بغنى النفس و منهم من استمر على ما كان عليه قبل ذلك و كان لا يبقي شيئا مما فتح عليه و هم قليل و الأخبار في ذلك متعارضة و من المواضع التي وقع فيها التردد من لا شي‏ء له فالأولى في حقه أن يستكسب للصون عن ذل السؤال أو يترك و ينتظر ما يفتح عليه بغير مسألة انتهى. و أقول مقتضى الجمع بين أخبارنا أن الفقر و الغنى كل منهما نعمة من نعم الله تعالى يعطي كلا منهما من شاء من عباده بحسب ما يعلم من مصالحه الكاملة و على العبد أن يصبر على الفقر بل يشكره و يشكر الغنى إن أعطاه و يعمل بمقتضاه فمع عمل كل منهما بما تقتضيه حاله فالغالب أن الفقير الصابر أكثر ثوابا من الغني الشاكر لكن مراتب أحوالهما مختلفة غاية الاختلاف و لا يمكن الحكم الكلي من أحد الطرفين و الظاهر أن الكفاف أسلم و أقل خطرا من الجانبين و لذا ورد في أكثر الأدعية طلبه و سأله النبي ص لآله و عترته و سيأتي تمام القول في ذلك في كتاب المكاسب إن شاء الله. و أما قوله ص كاد الحسد أن يغلب القدر فقد شرحناه في كتاب السماء و العالم و حمله أكثر المحققين على تأثير العين فإنه ينشأ غالبا من حسد العائن و هذا هو الظاهر و هو مبالغة في تأثير العين بأنه يقرب أن يغلب قضاء الله و قدره. و هذا الحديث مروي في شهاب الأخبار عن أنس بن مالك عنه ص و قال   الراوندي في الضوء المعنى أن للحسد تأثيرا قويا في النظر في إزالة النعمة من المحسود أو التمني لذلك فإنه ربما يحمله حسده على قتل المحسود و إهلاك ماله و إبطال معاشه فكأنه سعى في غلبة المقدور لأن الله تعالى قد قدر للمحسود الخير و النعمة و هو يسعى في إزالة ذلك عنه و قيل الحسد يأكل الجسد انتهى. و قال بعض المخالفين أي كاد الحسد في قلب الحاسد أن يغلب على العلم بالقدر فلا يرى أن النعمة التي حسد عليها إنما صارت إليه بقدر الله و قضائه فلا تزول إلا بقضائه و قدره و غرض الحاسد زوال نعمة المحسود و لو تحقق القدر لم يحسده و استسلم و علم أن الكل مقدر

27-  لي، ]الأمالي للصدوق[ عن أبيه عن أحمد بن إدريس عن ابن هاشم عن ابن محبوب عن ابن رئاب عن موسى بن بكر عن أبي الحسن الأول عن آبائه ع قال قال رسول الله ص لا تستخفوا بفقراء شيعة علي و عترته من بعده فإن الرجل منهم ليشفع في مثل ربيعة و مضر

 بيان ربيعة و مضر قبيلتان عظيمتان يضرب المثل بهما في الكثرة

28-  لي، ]الأمالي للصدوق[ عن أبيه عن سعد عن ابن عيسى عن الحسين بن سعيد عن علي بن الحكم عن داود بن النعمان عن إسحاق بن عمار عن الصادق جعفر بن محمد ع قال إذا كان يوم القيامة وقف عبدان مؤمنان للحساب كلاهما من أهل الجنة فقير في الدنيا و غني في الدنيا فيقول الفقير يا رب على ما أوقف فو عزتك إنك لتعلم أنك لم تولني ولاية فأعدل فيها أو أجور و لم   ترزقني مالا فأؤدي منه حقا أو أمنع و لا كان رزقي يأتيني منها إلا كفافا على ما علمت و قدرت لي فيقول الله جل جلاله صدق عبدي خلوا عنه يدخل الجنة و يبقى الآخر حتى يسيل منه من العرق ما لو شربه أربعون بعيرا لكفاها ثم يدخل الجنة فيقول له الفقير ما حبسك فيقول طول الحساب ما زال الشي‏ء يجيئني بعد الشي‏ء يغفر لي ثم أسأل عن شي‏ء آخر حتى تغمدني الله عز و جل منه برحمة و ألحقني بالتائبين فمن أنت فيقول أنا الفقير الذي كنت معك آنفا فيقول لقد غيرك النعيم بعدي

 بيان وقف على بناء المعلوم أو المجهول فإنه جاء لازما و متعديا و الثاني أظهر لما سيأتي و لعل تصديق الله تعالى العبد لسعة لطفه و كرمه و إلا فنعمة الله على كل عبد أكثر من أن تحصى بل نعمة الفقر أيضا من أعظم النعم عليه أو التصديق معناه أنه صدق أني لا أحاسب العبد على تلك النعم لسعة رحمتي و في القاموس قال آنفا كصاحب و كتف و قرئ بهما أي مذ ساعة أي في أول وقت يقرب منا انتهى و لعل هذا نظرا إلى أيام الآخرة و ساعاتها

29-  لي، ]الأمالي للصدوق[ عن الحسن بن عبد الله بن سعيد عن عبد الله بن محمد بن عبد الكريم عن محمد بن عبد الرحمن عن عمرو بن أبي سلمة عن أبي عمر الصنعاني عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله ص قال رب أشعث أغبر ذي طمرين مدقع بالأبواب لو أقسم على الله لأبره

 توضيح قال في النهاية الشعث أي بالتحريك انتشار الأمر و منه قولهم   لم الله شعثه و منه حديث الدعاء أسألك رحمة تلم بها شعثي أي تجمع بها ما تفرق من أمري و منه حديث رب أشعث أغبر ذي طمرين لا يؤبه له لو أقسم على الله لأبره و قال الطمر أي بالكسر الثوب الخلق و قال فيه قال للنساء إنكن إذا جعتن دقعتن الدقع الخضوع في طلب الحاجة مأخوذ من الدقعاء و هو التراب أي لصقتن به و منه الحديث لا تحل المسألة إلا لذي فقر مدقع أي شديد يفضين بصاحبه إلى الدقعاء و قيل هو سوء احتمال الفقر و في القاموس أبر اليمين أمضاها على الصدق. و أقول يدل على جواز السؤال عند شدة الحاجة و كأن المراد بالشعث تفرق الشعر و تداخله و عدم تسريحه و إصلاحه و كذا المراد بالغبرة عدم تنظيف الجسد و ظهور آثار الفقر و ذلك إما لشدة الفقر أو كثرة الأشغال بالعبادة و قد مر الكلام فيه. و أقول

 روي هذا الحديث في المشكاة عن أبي هريرة عنه ص رب أشعث مدفوع بالأبواب لو أقسم على الله لأبره

و قال الطيبي في شرحه قال البيضاوي الأشعث هو المغبر الرأس المتفرق الشعور و الصواب مدفوع بالدال أي يدفع عند الدخول على الأعيان و الحضور في المحافل و لا يترك أن يلج الباب فضلا عن أن يحضر معهم و يجلس فيما بينهم لو أقسم على الله لأبره أي لو سأل الله شيئا و أقسم عليه أن يفعله لفعله فشبه إجابة المبر المقسم على غيره بوفاء الحالف يمينه و بره فيها و قيل معناه لو حلف أن الله يفعله أو لا يفعله صدقه في يمينه و أبره فيها بما يوافقها. ثم قال الطيبي و مما يؤيد الأول لفظة على الله لأنه أراد به المسمى و لو أريد به اللفظ لقيل بالله و أما معنى الإبرار فعلى ما ذهب إليه القاضي من باب الاستعارة و يجوز أن يكون من باب المشاكلة المعنوية

30-  لي، ]الأمالي للصدوق[ في مناهي النبي ص قال ص ألا و من استخف   بفقير مسلم فقد استخف بحق الله و الله يستخف به يوم القيامة إلا أن يتوب

 و قال ص من أكرم فقيرا مسلما لقي الله يوم القيامة و هو عنه راض

31-  لي، ]الأمالي للصدوق[ عن ابن إدريس عن أبيه عن جعفر بن محمد بن مالك عن محمد بن أحمد المدائني عن فضل بن كثير عن الرضا ع قال من لقي فقيرا مسلما فسلم عليه خلاف سلامه على الغني لقي الله عز و جل يوم القيامة و هو عليه غضبان

32-  فس، ]تفسير القمي[ وَ لا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَ الْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ما عَلَيْكَ مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَيْ‏ءٍ وَ ما مِنْ حِسابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْ‏ءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ فإنه كان سبب نزولها أنه كان بالمدينة قوم فقراء مؤمنون يسمون أصحاب الصفة و كان رسول الله ص أمرهم أن يكونوا في صفة يأوون إليها كان رسول الله ص يتعاهدهم بنفسه و ربما حمل إليهم ما يأكلون و كانوا يختلفون إلى رسول الله فيقربهم و يقعد معهم و يؤنسهم و كان إذا جاء الأغنياء و المترفون من أصحابه ينكروا عليه ذلك و يقولوا له اطردهم عنك فجاء يوما رجل من الأنصار إلى رسول الله ص و عنده رجل من أصحاب رسول الله من أصحاب الصفة قد لزق برسول الله ص و رسول الله يحدثه فقعد الأنصاري بالبعد منهما فقال له رسول الله ص تقدم فلم يفعل فقال له رسول الله لعلك خفت أن يلزق فقره بك فقال الأنصاري اطرد هؤلاء عنك فأنزل الله وَ لا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَ الْعَشِيِّ الآية ثم قال وَ كَذلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ أي اختبرنا الأغنياء بالغنى لننظر كيف مواساتهم للفقراء و كيف يخرجون ما فرض الله عليهم في أموالهم لهم و اختبرنا الفقراء   لننظر كيف صبرهم على الفقر و عما في أيدي الأغنياء لِيَقُولُوا أي الفقراء أَ هؤُلاءِ الأغنياء مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنا أَ لَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ

33-  ل، ]الخصال[ الخليل بن أحمد عن أبي العباس السراج عن قتيبة عن عبد العزيز عن عمرو بن أبي عمرو عن عاصم بن عمرو بن قتادة عن محمود بن لبيد أن رسول الله ص قال شيئان يكرههما ابن آدم يكره الموت و الموت راحة للمؤمن من الفتنة و يكره قلة المال و قلة المال أقل للحساب

34-  ل، ]الخصال[ محمد بن أحمد القضاعي عن إسحاق بن العباس بن إسحاق بن موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه عن الحسين بن علي ع قال قال أمير المؤمنين ع أهلك الناس اثنان خوف الفقر و طلب الفخر

35-  ل، ]الخصال[ فيما أوصى به رسول الله ص إلى علي ع يا علي أربعة من قواصم الظهر إمام يعصي الله و يطاع أمره و زوجة يحفظها زوجها و هي تخونه و فقر لا يجد صاحبه له مداويا و جار سوء في دار مقام

36-  مع، ]معاني الأخبار[ أبي عن سعد عن البرقي عن ابن فضال عن يونس بن يعقوب عن العقرقوفي قال قلت لأبي عبد الله ع شي‏ء يروى عن أبي ذر رحمه الله أنه كان يقول ثلاثة يبغضها الناس و أنا أحبها أحب الموت و أحب الفقر و أحب البلاء فقال إن هذا ليس على ما تروون إنما عنى الموت في طاعة الله أحب إلي من الحياة في معصية الله و الفقر في طاعة الله أحب إلي من الغنى في معصية الله و البلاء في طاعة الله أحب إلي من الصحة في معصية الله

 جا، ]المجالس للمفيد[ أحمد بن الوليد عن أبيه عن الصفار عن ابن معروف عن ابن   مهزيار عن ابن فضال مثله

37-  مع، ]معاني الأخبار[ أبي عن أحمد بن إدريس و محمد العطار عن الأشعري عن محمد بن الحسين عن منصور عن أحمد بن خالد عن أحمد بن المبارك قال قال رجل لأبي عبد الله ع حديث يروى أن رجلا قال لأمير المؤمنين ع إني أحبك فقال له أعد للفقر جلبابا فقال ليس هكذا قال إنما قال له أعددت لفاقتك جلبابا يعني يوم القيامة

38-  مع، ]معاني الأخبار[ أبي عن سعد عن البرقي عن محمد بن علي عن حارث بن الحسن الطحان عن إبراهيم بن عبد الله عن فضيل بن يسار عن أبي جعفر ع قال لا يبلغ أحدكم حقيقة الإيمان حتى يكون فيه ثلاث خصال يكون الموت أحب إليه من الحياة و الفقر أحب إليه من الغنى و المرض أحب إليه من الصحة قلنا و من يكون كذلك قال كلكم ثم قال أيما أحب إلى أحدكم يموت في حبنا أو يعيش في بغضنا فقلت نموت و الله في حبكم أحب إلينا قال و كذلك الفقر و الغنى و المرض و الصحة قلت إي و الله

39-  مع، ]معاني الأخبار[ ابن الوليد عن الصفار عن اليقطيني عن صفوان بن يحيى عن ذريح المحاربي عن أبي عبد الله ع قال الفقر الموت الأحمر فقيل الفقر من الدنانير و الدراهم قال لا و لكن من الدين

40-  مع، ]معاني الأخبار[ أبي عن أحمد بن إدريس عن الأشعري عن محمد بن عبد الحميد عمن حدثه قال مات رجل من آل أبي طالب لم يكن حضره أبو الحسن ع فجاءه قوم فلما جلس أمسك القوم كأن على رءوسهم الطير فكانوا في ذكر الفقراء و الموت فلما جلس ع قال ابتداء منه قال رسول الله ص ما بين   الستين إلى السبعين معترك المنايا ثم قال الفقراء محسن الإسلام

41-  ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ المفيد عن ابن قولويه عن محمد الحميري عن أبيه عن البرقي عن التفليسي عن البقباق عن أبي عبد الله ع قال يا فضيل لا تزهدوا في فقراء شيعتنا فإن الفقير منهم ليشفع يوم القيامة في مثل ربيعة و مضر

 أقول سيأتي في وصايا رسول الله ص لأبي ذر أنه قال أوصاني رسول الله أن أنظر إلى من هو دوني و لا أنظر إلى من هو فوقي و أوصاني بحب المساكين و الدنو منهم

 و في خبر آخر عنه قال قال لي رسول الله ص أحبب المساكين و مجالستهم

 و في خبر آخر عنه قال قال لي رسول الله ص عليك بحب المساكين و مجالستهم

42-  فس، ]تفسير القمي[ وَ لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَ رِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَ أَبْقى قال أبو عبد الله صلوات الله عليه لما نزلت هذه الآية استوى رسول الله ص جالسا ثم قال من لم يعز بعزاء الله تقطعت نفسه حسرات و من أتبع بصره ما في أيدي الناس طال همه و لم يشف غيظه و من لم يعرف لله عليه نعمة إلا في مطعم و مشرب قصر أجله و دنا عذابه

43-  ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ فيما أوصى به أمير المؤمنين ع عند وفاته أوصيك بحب المساكين و مجالستهم

    -44  ع، ]علل الشرائع[ ابن المتوكل عن الحميري عن محمد بن عيسى عن ابن محبوب عن هشام بن سالم قال قال أبو عبد الله ع لحمران يا حمران انظر إلى من هو دونك و لا تنظر إلى من هو فوقك في المقدرة فإن ذلك أقنع لك بما قسم لك و أحرى أن تستوجب الزيادة من ربك الخبر

45-  ل، ]الخصال[ الأربعمائة، قال أمير المؤمنين الفقر هو الموت الأكبر و قال ع لا تحقروا ضعفاء إخوانكم فإنه من احتقر مؤمنا لم يجمع الله عز و جل بينهما في الجنة إلا أن يتوب

46-  ثو، ]ثواب الأعمال[ ابن المتوكل عن محمد بن يحيى عن الأشعري رفعه إلى أبي عبد الله ع أنه قال لبعض أصحابه أ ما تدخل السوق أ ما ترى الفاكهة تباع و الشي‏ء مما تشتهيه فقلت بلى و الله فقال أما إن لك بكل ما تراه و لا تقدر على شرائه و تصبر عليه حسنة

47-  ثو، ]ثواب الأعمال[ ابن الوليد عن الصفار عن ابن يزيد عمن ذكره عن أبي عبد الله ع قال إذا كان يوم القيامة أمر الله عز و جل مناديا فينادي أين الفقراء فيقوم عنق من الناس فيؤمر بهم إلى الجنة فيأتون باب الجنة فيقول لهم خزنة الجنة قبل الحساب فيقولون أعطيتمونا شيئا فتحاسبونا عليه فيقول الله عز و جل صدقوا عبادي ما أفقرتكم هوانا بكم و لكن ادخرت هذا لكم لهذا اليوم ثم يقول لهم انظروا و تصفحوا وجوه الناس فمن آتى إليكم معروفا فخذوا بيده و أدخلوه الجنة

    جع، ]جامع الأخبار[ مثله

48-  ثو، ]ثواب الأعمال[ حمزة العلوي عن علي عن أبيه عن النوفلي عن السكوني عن الصادق عن آبائه ع قال قال رسول الله ص يا معشر المساكين طيبوا نفسا و أعطوا الرضا من قلوبكم يثبكم الله على فقركم فإن لم تفعلوا فلا ثواب لكم

 أقول قد أوردنا بعض الأخبار في باب من أذل مؤمنا في كتاب العشرة

49-  ص، ]قصص الأنبياء عليهم السلام[ عن أبي جعفر ع قال قال الله تعالى لموسى يا موسى لا تستذل الفقير و لا تغبط الغني بالشي‏ء اليسير

50-  ير، ]بصائر الدرجات[ إبراهيم بن هاشم عن أبي عبد الله البرقي عن خلف بن حماد عن ابن طريف عن ابن نباتة قال جاء رجل إلى أمير المؤمنين ع فقال إني لأدين الله بولايتك و إني لأحبك في السر كما أحبك في العلانية فقال له صدقت طينتك من تلك الطينة و على ولايتنا أخذ ميثاقك و إن روحك من أرواح المؤمنين فاتخذ للفقر جلبابا فو الذي نفسي بيده لقد سمعت رسول الله ص يقول إن الفقر إلى محبينا أسرع من السيل من أعلى الوادي إلى أسفله

 ير، ]بصائر الدرجات[ أحمد بن محمد عن الأهوازي عن الحسين بن علوان عن سعد بن طريف عن الأصبغ بن نباتة قال كنت مع أمير المؤمنين ع و ذكر مثله

51-  ير، ]بصائر الدرجات[ عباد بن سليمان عن محمد بن سليمان عن أبيه سليمان الديلمي عن هارون بن الجهم عن سعد الخفاف عن أبي جعفر ع قال بينا أمير المؤمنين   ع يوما جالس في المسجد و أصحابه حوله فأتاه رجل من شيعته فقال يا أمير المؤمنين إن الله يعلم أني أدينه بحبك في السر كما أدينه بحبك في العلانية و أتولاك في السر كما أتولاك في العلانية فقال أمير المؤمنين صدقت أما فاتخذ للفقر جلبابا فإن الفقر أسرع إلى شيعتنا من السيل إلى قرار الوادي

52-  صح، ]صحيفة الرضا عليه السلام[ عن الرضا عن آبائه ع قال قال رسول الله ص من استذل مؤمنا أو مؤمنة أو حقره لفقره أو قلة ذات يده شهره الله تعالى يوم القيامة ثم يفضحه

 و بإسناده قال قال رسول الله ص ما كان و لا يكون إلى يوم القيامة مؤمن إلا و له جار يؤذيه

53-  يج، ]الخرائج و الجرائح[ روى سعيد بن عبد الله عن محمد بن الحسن بن شمون قال كتبت إليه ع أشكو الفقر ثم قلت في نفسي أ ليس قال أبو عبد الله ع الفقر معنا خير من الغنى مع غيرنا و القتل معنا خير من الحياة مع غيرنا فرجع الجواب إن الله محص أولياءه إذا تكاثفت ذنوبهم بالفقر و قد يعفو عن كثير و هو كما حدثت نفسك الفقر معنا خير من الغنى مع غيرنا و نحن كهف لمن التجأ و نور لمن استضاء بنا و عصمة لمن اعتصم من أحبنا كان معنا في السنام الأعلى و من انحرف عنا فإلى النار قال أبو عبد الله ع تشهدون على عدوكم بالنار و لا تشهدون لوليكم بالجنة ما يمنعكم من ذلك إلا   الضعف

 كشف، ]كشف الغمة[ من دلائل الحميري عن محمد بن الحسن بن شمون مثله

 كش، ]رجال الكشي[ أحمد بن علي بن كلثوم عن إسحاق بن محمد عن محمد بن الحسن بن شمون مثله

54-  شي، ]تفسير العياشي[ عن عمرو بن جميع رفعه إلى أمير المؤمنين ع قال الفقر الموت الأكبر

55-  جا، ]المجالس للمفيد[ أحمد بن الوليد عن أبيه عن سعد عن ابن عيسى عن ابن محبوب عن العلاء عن ابن أبي يعفور عن أبي جعفر ع قال إن فقراء المؤمنين ينقلبون في رياض الجنة قبل أغنيائهم بأربعين خريفا ثم قال سأضرب لك مثال ذلك إنما مثل ذلك مثل سفينتين مر بهما على عاشر فنظر في إحداهما فلم يجد فيها شيئا فقال أسربوها و نظر في الأخرى فإذا هي موقرة فقال احبسوها

56-  كش، ]رجال الكشي[ خلف بن حماد عن سهل عن أحمد بن عمر الحلبي قال دخلت على الرضا ع بمنى فقلت له جعلت فداك كنا أهل بيت عطية و سرور و نعمة و إن الله تعالى قد أذهب بذلك كله حتى احتجت إلى من كان يحتاج إلينا فقال لي يا أحمد ما أحسن حالك يا أحمد بن عمر فقلت له جعلت فداك حالي ما أخبرتك فقال لي يا أحمد أ يسرك أنك على بعض ما عليه هؤلاء الجبارون و لك الدنيا مملوة ذهبا فقلت لا و الله يا ابن رسول الله فضحك ثم قال ترجع من هاهنا إلى خلف فمن أحسن حالا منك و بيدك صناعة لا تبيعها بمل‏ء الأرض ذهبا   أ لا أبشرك قلت نعم فقد سرني الله بك و بآبائك فقال لي أبو جعفر ع في قول الله عز و جل وَ كانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُما لوح من ذهب فيه مكتوب بسم الله الرحمن الرحيم لا إله إلا الله محمد رسول الله عجبت لمن أيقن بالموت كيف يفرح و من يرى الدنيا و تغيرها بأهلها كيف يركن إليها و ينبغي لمن عقل عن الله أن لا يستبطئ الله في رزقه و لا يتهمه في قضائه ثم قال رضيت يا أحمد قال قلت عن الله تعالى و عنكم أهل البيت

57-  ضه، ]روضة الواعظين[ قال أبو الحسن موسى ع إن الأنبياء و أولاد الأنبياء و أتباع الأنبياء خصوا بثلاث خصال السقم في الأبدان و خوف السلطان و الفقر

 و قال أمير المؤمنين ع الفقر يخرس الفطن عن حجته و المقل غريب في بلده طوبى لمن ذكر المعاد و عمل للحساب و قنع بالكفاف الغنى في الغربة وطن و الفقر في الوطن غربة القناعة مال لا ينفد الفقر الموت الأكبر ما أحسن تواضع الأغنياء للفقراء طلبا لما عند الله و أحسن منه تيه الفقراء على الأغنياء اتكالا على الله

 و قال رسول الله ص من استذل مؤمنا أو مؤمنة أو حقره لفقره و قلة ذات يده شهره الله يوم القيامة ثم يفضحه

 و قال ص اللهم أحيني مسكينا و أمتني مسكينا و احشرني في زمرة المساكين

 و قال ص إذا أحب الله عبدا في دار الدنيا يرجعه قالوا يا رسول الله و كيف يرجعه قال في موضع الطعام الرخيص و الخير الكثير ولي الله لا يجد الطعام ما يملأ به بطنه

 و قال ص أبواب الجنة مفتحة على الفقراء و الرحمة نازلة على الرحماء و الله راض عن الأسخياء

    و قال ص الفقر فقران فقر الدنيا و فقر الآخرة ففقر الدنيا غنى الآخرة و غنى الدنيا فقر الآخرة و ذلك الهلاك

 و قال ص ما أوحي إلي أن اجمع المال و كن من التاجرين و لكن أوحي إلي أن فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَ كُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ وَ اعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ

 و قال لقمان لابنه يا بني لا تحقرن أحدا بخلقان ثيابه فإن ربك و ربه واحد

58-  جع، ]جامع الأخبار[ سئل عن النبي ص ما الفقر فقال خزانة من خزائن الله قيل ثانيا يا رسول الله ما الفقر فقال كرامة من الله قيل ثالثا ما الفقر فقال ص شي‏ء لا يعطيه الله إلا نبيا مرسلا أو مؤمنا كريما على الله تعالى

 و قال النبي ص الفقر أشد من القتل

 قال النبي ص أوحى الله تعالى إلى إبراهيم ع فقال يا إبراهيم خلقتك و ابتليتك بنار نمرود فلو ابتليتك بالفقر و رفعت عنك الصبر فما تصنع قال إبراهيم يا رب الفقر أشد إلي من نار نمرود قال الله فبعزتي و جلالي ما خلقت في السماء و الأرض أشد من الفقر قال يا رب من أطعم جائعا فما جزاؤه قال جزاؤه الغفران و إن كان ذنوبه يملأ ما بين السماء و الأرض

 و قال ص لو لا رحمة ربي على فقراء أمتي كاد الفقر يكون كفرا فقام رجل من الصاحبة فقال يا رسول الله فما جزاء مؤمن فقير يصبر على فقره قال إن في الجنة غرفة من ياقوتة حمراء ينظر أهل الجنة إليها كما ينظر أهل الأرض إلى نجوم السماء لا يدخل فيها إلا نبي فقير أو شهيد فقير أو مؤمن فقير

 قال أمير المؤمنين ع للحسن ع لا تلم إنسانا يطلب قوته فمن عدم قوته كثر خطاياه يا بني الفقير حقير لا يسمع كلامه و لا يعرف مقامه لو كان الفقير صادقا يسمونه كاذبا و لو كان زاهدا يسمونه جاهلا يا بني من ابتلي بالفقر   ابتلي بأربع خصال بالضعف في يقينه و النقصان في عقله و الرقة في دينه و قلة الحياء في وجهه فنعوذ بالله من الفقر

 و قال ع الفقر مخزون عند الله بمنزلة الشهادة يؤتيه الله من يشاء

 عن النبي ص من توفر حظه في الدنيا انتقص حظه في الآخرة و إن كان كريما

 و قال الفقراء لرسول الله إن الأغنياء ذهبوا بالجنة يحجون و يعتمرون و يتصدقون و لا نقدر عليه فقال ع إن من صبر و احتسب منكم تكن له ثلاث خصال ليس للأغنياء أحدها أن في الجنة غرفا ينظر إليها أهل الجنة كما ينظر أهل الأرض إلى نجوم السماء لا يدخلها إلا نبي فقير أو شهيد فقير أو مؤمن فقير و ثانيها يدخل الفقراء الجنة قبل الأغنياء بخمسمائة عام و ثالثها إذا قال الغني سبحان الله و الحمد لله و لا إله إلا الله و الله أكبر و قال الفقير مثل ذلك لم يلحق الغني الفقير و إن أنفق فيها عشرة آلاف درهم و كذلك أعمال البر كلها فقالوا رضينا

 عن أنس بن مالك عن النبي ص يقوم فقراء أمتي يوم القيامة و ثيابهم خضر و شعورهم منسوجة بالدر و الياقوت و بأيديهم قضبان من نور يخطبون على المنابر فيمر عليهم الأنبياء فيقولون هؤلاء من الملائكة و تقول الملائكة هؤلاء من الأنبياء فيقولون نحن لا ملائكة و لا أنبياء بل نفر من فقراء أمة محمد ص فيقولون بما نلتم هذه الكرامة فيقولون لم يكن أعمالنا شديدا و لم نصم الدهر و لم نقم الليل و لكن أقمنا على الصلوات الخمس و إذا سمعنا ذكر محمد ص فاضت دموعنا على خدودنا

 عن أبي هريرة قال رسول الله ص كلمني ربي فقال يا محمد إذا أحببت عبدا أجعل معه ثلاثة أشياء قلبه حزينا و بدنه سقيما و يده خالية عن حطام الدنيا و إذا أبغضت عبدا أجعل معه ثلاثة أشياء قلبه مسرورا و بدنه صحيحا و يده مملوة من حطام الدنيا

    قال النبي ص من جاع أو احتاج فكتمه الناس و أفشاه إلى الله كان حقا على الله أن يرزقه رزق سنة من الحلال

 و قال ص اللهم أحيني مسكينا و أمتني مسكينا و احشرني في زمرة المساكين

 و قال ع الفقراء ملوك أهل الجنة و الناس كلهم مشتاقون إلى الجنة و الجنة مشتاقة إلى الفقراء

 و قال ص الفقر فخري

 قال النبي ص من استذل مؤمنا أو مؤمنة أو حقره لفقره و قلة ذات يده شهره الله يوم القيامة ثم يفضحه

 قال أبو الحسن موسى ع إن الأنبياء و أولاد الأنبياء و أتباع الأنبياء خصوا بثلاث خصال السقم في الأبدان و خوف السلطان و الفقر

 روي أن أحدا من الصحابة شكا إلى النبي ص عن الفقر و السقم قال النبي ص فإذا أصبحت و أمسيت فقل لا حول و لا قوة إلا بالله توكلت على الحي الذي لا يموت و الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ قال فو الله ما قلته إلا أياما حتى أذهب عني الفقر و السقم

 و قال ع الفقر شين عند الناس و زين عند الله يوم القيامة

 عن عبيد البصري يرفعه إلى أبي عبد الله ع أنه قال قال رسول الله ص يا علي إن الله جعل الفقر أمانة عند خلقه فمن ستره كان كالصائم القائم و من أفشاه إلى من يقدر على قضاء حاجته فلم يفعل فقد قتله أما إنه ما قتله بسيف و لا رمح و لكن بما أنكى من قلبه

59-  محص، ]التمحيص[ عن المفضل قال قال أبو عبد الله ع كلما ازداد العبد إيمانا ازداد ضيقا في معيشته

60-  محص، ]التمحيص[ عن عبد الله بن سنان قال قال أبو عبد الله أكرم ما يكون   العبد إلى الله أن يطلب درهما فلا يقدر عليه قال عبد الله بن سنان قال أبو عبد الله ع هذا الكلام و عندي مائة ألف و أنا اليوم ما أملك درهما

61-  محص، ]التمحيص[ عن عباد بن صهيب قال سمعت جعفر بن محمد ع يقول قال الله تعالى لو لا أنني أستحيي من عبدي المؤمن ما تركت له خرقة يتوارى بها إلا أن العبد إذا تكامل فيه الإيمان ابتليته في قوته فإن جزع رددت عليه قوته و إن صبر باهيت به ملائكتي فذاك الذي تشير إليه الملائكة بالأصابع

62-  محص، ]التمحيص[ عن أمير المؤمنين ع قال وكل الرزق بالحمق و وكل الحرمان بالعقل و وكل البلاء بالصبر

63-  محص، ]التمحيص[ عن محمد بن سليمان قال قال أبو عبد الله ع من استذل مؤمنا لقلة ذات يده شهره الله يوم القيامة على رءوس الخلائق لا محالة

64-  محص، ]التمحيص[ عن ابن مسلم عن أبي عبد الله ع قال المصائب منح من الله و الفقر عند الله مثل الشهادة و لا يعطيه من عباده إلا من أحب

65-  محص، ]التمحيص[ عن علي بن عفان عن أبي عبد الله ع قال إن الله ليتعذر إلى عبده المؤمن المحتاج كان في الدنيا كما يعتذر الأخ إلى أخيه فيقول لا و عزتي ما أفقرتك لهوان بك علي فارفع هذا الغطاء فانظر ما عوضتك من الدنيا فيكشف فينظر ما عوضه الله من الدنيا فيقول ما يضرني ما منعتني مع ما عوضتني

66-  محص، ]التمحيص[ عن محمد بن خالد البرقي عن أبي عبد الله ع قال و الله ما اعتذر إلى ملك مقرب و لا نبي مرسل إلا إلى فقراء شيعتنا قيل له و كيف يعتذر إليهم قال ينادي مناد أين فقراء المؤمنين فيقوم عنق من الناس فيتجلى لهم الرب فيقول و عزتي و جلالي و علوي و آلائي و ارتفاع مكاني ما حبست عنكم شهواتكم في دار الدنيا هوانا بكم علي و لكن ذخرته لكم لهذا اليوم أ ما ترى قوله ما حبست عنكم شهواتكم في دار الدنيا اعتذارا قوموا اليوم و تصفحوا وجوه خلائقي فمن وجدتم له عليكم منة بشربة من ماء فكافوه عني بالجنة

 و عن أبي عبد الله ع قال قل لمصاص شيعتنا غربوا أو شرقوا لن ترزقوا   إلا القوت

67-  محص، ]التمحيص[ عن مبارك عن أبي عبد الله ع قال قال الله إني لم أغن الغني لكرامة به علي و لم أفقر الفقير لهوان به علي و هو مما ابتليت به الأغنياء بالفقراء و لو لا الفقراء لم يستوجب الأغنياء الجنة

68-  محص، ]التمحيص[ عن أبي بصير عن أبي عبد الله ع قال إن العبد المؤمن الفقير ليقول يا رب ارزقني حتى أفعل كذا و كذا من البر و وجوه الخير فإذا علم الله ذلك منه كتب له من الأجر مثل ما يكتبه لو عمله إن الله واسع كريم

69-  محص، ]التمحيص[ عن أبي عبد الله ع قال قال رسول الله ص يقول الله عز و جل لو لا عبدي المؤمن لعصبت رأس الكافر بعصابة من جوهر

70-  محص، ]التمحيص[ عن أمير المؤمنين ع قال من ضيق عليه في ذات يده فلم يظن أن ذلك حسن نظر من الله له فقد ضيع مأمولا و من وسع عليه في ذات يده فلم يظن أن ذلك استدراج من الله فقد أمن مخوفا

71-  محص، ]التمحيص[ عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر ع قال إنا نحب المال و أن لا نؤتى منه خير لنا إن عليا أمير المؤمنين ع كان يقول أنا يعسوب المؤمنين و أمير المؤمنين و إن أكثر المال عدو للمؤمنين و يعسوب المنافقين

72-  محص، ]التمحيص[ عن ابن أبي يعفور عن أبي عبد الله ع قال إن رجلا من الأنصار أهدى إلى رسول الله ص صاعا من رطب فقال رسول الله ص للخادم التي جاءت به ادخلي فانظري هل تجدين في البيت قصعة أو طبقا فتأتيني به فدخلت ثم خرجت إليه فقالت ما أصبت قصعة و لا طبقا فكنس رسول الله ص بثوبه مكانا من الأرض ثم قال لها ضعيه هاهنا على الحضيض ثم قال و الذي نفسي بيده لو كانت الدنيا تعدل عند الله مثقال جناح بعوضة ما أعطى كافرا و لا منافقا منها شيئا

    -73  محص، ]التمحيص[ عن جابر عن أبي جعفر ع قال قال رسول الله ص يقول الله عز و جل يا دنيا تمرري على عبدي المؤمن بأنواع البلاء و ضيقي عليه في المعيشة و لا تحلولي فيركن إليك

74-  محص، ]التمحيص[ عن ابن أبي العلاء عن أبي عبد الله ع قال لو لا كثرة إلحاح المؤمن في الرزق لضيق عليه من الرزق أكثر مما هو فيه

75-  محص، ]التمحيص[ عن المفضل قال قال أبو عبد الله ع لو لا إلحاح هذه الشيعة على الله في طلب الرزق لنقلهم من الحال التي هم عليها إلى ما هو أضيق

76-  محص، ]التمحيص[ عن عبد الله بن سنان قال قال أبو عبد الله ع الفقر أزين على المؤمن من العذار على خد الفرس و إن آخر الأنبياء دخولا إلى الجنة سليمان و ذلك لما أعطي من الدنيا

77-  محص، ]التمحيص[ عن ابن دراج عن أبي عبد الله ع قال ما سد الله على مؤمن باب رزق إلا فتح الله له خيرا منه قال ابن أبي عمير ليس يعني بخير منه أكثر منه و لكن يعني إن كان أقل فهو خير له

78-  محص، ]التمحيص[ عن أبي عبد الله ع قال من حقر مؤمنا مسكينا لم يزل الله له حاقرا ماقتا حتى يرجع عن محقرته إياه

79-  محص، ]التمحيص[ عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر ع قال إن الله ليعطي الدنيا من يحب و يبغض و لا يعطي الآخرة إلا من يحب و إن المؤمن ليسأل ربه موضع سوط في الدنيا فلا يعطيه و يسأله الآخرة فيعطيه ما شاء و يعطي الكافر في الدنيا قبل أن يسأله ما شاء و يسأله موضع سوط في الآخرة فلا يعطيه شيئا

80-  محص، ]التمحيص[ عن حمران عن أبي جعفر ع قال إن هذه الدنيا يعطاها البر و الفاجر و إن هذا الدين دين لا يعطيه الله إلا خاصته

81-  محص، ]التمحيص[ عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله ع قال إن الفقر مخزون عند الله لا يبتلي به إلا من أحب من المؤمنين ثم قال إن الله يعطي   الدنيا من أحب و من أبغض و لا يعطي دينه إلا من أحب

82-  دعوات الراوندي، قال النبي ص لو لا ثلاثة في ابن آدم ما طأطأ رأسه شي‏ء المرض و الموت و الفقر و كلهن فيه و إنه لمعهن لوثاب

83-  نهج، ]نهج البلاغة[ قال ع الغنى في الغربة وطن و الفقر في الوطن غربة

 و قال ع الفقر يخرس الفطن عن حجته و المقل غريب في بلدته

 و قال ع الفقر الموت الأكبر

 و قال ع لابنه محمد يا بني إني أخاف عليك الفقر فاستعذ بالله منه فإن الفقر منقصة للدين و مدهشة للعقل داعية للمقت

 و قال ع العفاف زينة الفقر و الشكر زينة الغنى

 و قال ع ألا و إن من البلاء الفاقة و أشد من الفاقة مرض البدن و أشد من مرض البدن مرض القلب ألا و إن من النعم سعة المال و أفضل من سعة المال صحة البدن و أفضل من صحة البدن تقوى القلب

 و قال ع الغنى و الفقر بعد العرض على الله سبحانه

84-  كنز الكراجكي، قال لقمان لابنه اعلم أي بني إني قد ذقت الصبر و أنواع المر فلم أر أمر من الفقر فإن افتقرت يوما فاجعل فقرك بينك و بين الله   و لا تحدث الناس بفقرك فتهون عليهم ثم سل في الناس هل من أحد دعا الله فلم يجبه أو سأله فلم يعطه

85-  عدة الداعي قال أمير المؤمنين ع الفقر خير للمؤمن من حسد الجيران و جور السلطان و تملق الإخوان

 و روى حسان بن يحيى عن أبي عبد الله ع قال إن رجلا فقيرا أتى رسول الله ص و عنده رجل غني فكف ثيابه و تباعد عنه فقال له رسول الله ما حملك على ما صنعت أ خشيت أن يلصق فقره بك أو يلصق غناك به فقال يا رسول الله أما إذا قلت هذا فله نصف مالي قال النبي ص للفقير أ تقبل منه قال لا قال و لم قال أخاف أن يدخلني ما دخله

 و عنه ع قال في الإنجيل أن عيسى ع قال اللهم ارزقني غدوة رغيفا من شعير و عشية رغيفا من شعير و لا ترزقني فوق ذلك فأطغى

 و عن الصادقين ع من كثر اشتباكه بالدنيا كان أشد لحسرته عند فراقها

 و قال أمير المؤمنين ع تخففوا تلحقوا فإنما ينتظر بأولكم آخركم و تحسر سلمان الفارسي رضي الله عنه عند موته فقيل له علام تأسفك يا أبا عبد الله قال ليس تأسفي على الدنيا و لكن رسول الله ص عهد إلينا و قال ليكن بلغة أحدكم كزاد الراكب و أخاف أن نكون قد جاوزنا أمره و حولي هذه الأساود و أشار إلى ما في بيته و قال هو دست و سيف و جفنة

 و قال أبو ذر رحمة الله عليه يا رسول الله الخائفون الخاشعون المتواضعون الذاكرون الله كثيرا يسبقون الناس إلى الجنة قال لا و لكن فقراء المؤمنين يأتون فيتخطون رقاب الناس فيقول لهم خزنة الجنة كما أنتم حتى تحاسبوا فيقولون بم نحاسب فو الله ما ملكنا فنجور و نعدل و لا أفيض علينا فنقبض   و نبسط و لكن عبدنا ربنا حتى أتانا اليقين

 و فيما أوحى الله إلى موسى ع إذا رأيت الفقر مقبلا فقل مرحبا بشعار الصالحين و إذا رأيت الغنى مقبلا فقل ذنب عجلت عقوبته

 و قال عيسى ع خادمي يداي و دابتي رجلاي و فراشي الأرض و وسادي الحجر و دفئي في الشتاء مشارق الأرض و سراجي بالليل القمر و إدامي الجوع و شعاري الخوف و لباسي الصوف و فاكهتي و ريحانتي ما أنبتت الأرض للوحوش و الأنعام أبيت و ليس لي شي‏ء و أصبح و ليس لي شي‏ء و ليس على وجه الأرض أحد أغنى مني

 و قال الصادق ع إن الله عز و جل ليعتذر إلى عبده المحوج كان في الدنيا كما يعتذر الأخ إلى أخيه فيقول و عزتي ما أفقرتك لهوان كان بك علي فارفع هذا الغطاء فانظر ما عوضتك من الدنيا فيكشف فينظر ما عوضه الله عز و جل من الدنيا فيقول ما ضرني يا رب ما زويت عني مع ما عوضتني

 و قال الله عز و جل لعيسى ع إني وهبت لك المساكين و رحمتهم تحبهم و يحبونك يرضون بك إماما و قائدا و ترضى بهم صحابة و تبعا و هما خلقان من لقيني بهما لقيني بأزكى الأعمال و أحبها إلي

 و قال النبي ص الفقر فخري و به أفتخر

 و قال عيسى ع بحق أقول لكم إن أكناف السماء لخالية من الأغنياء و لدخول جمل في سم الخياط أيسر من دخول غني الجنة

 و عن النبي ص اطلعت على الجنة فوجدت أكثر أهلها الفقراء و المساكين   و إذا ليس فيها أحد أقل من الأغنياء و النساء

86-  كتاب الإمامة و التبصرة، عن أحمد بن علي عن محمد بن الحسن عن محمد بن الحسن الصفار عن إبراهيم بن هاشم عن النوفلي عن السكوني عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه ع قال قال رسول الله ص سائلوا العلماء و خاطبوا الحكماء و جالسوا الفقراء

 و منه عن القاسم بن علي العلوي عن محمد بن أبي عبد الله عن سهل بن زياد عن النوفلي عن السكوني عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه ع قال قال رسول الله ص طوبى للمساكين بالصبر هم الذين يرون ملكوت السماوات

 و منه عن محمد بن عبد الله عن محمد بن محمد عن موسى بن إسماعيل عن أبيه عن آبائه ع قال قال رسول الله ص الفقر خير من الغنى إلا من حمل في مغرم و أعطى في نائبة

 و قال ص الفقر فقر القلب

 و قال ص الفقر راحة