باب 11- وصيته ع لكميل بن زياد النخعي

1-  بشا، ]بشارة المصطفى[ أخبرنا الشيخ أبو البقاء إبراهيم بن الحسين بن إبراهيم البصري بقراءتي عليه في المحرم سنة ست عشرة و خمسمائة بمشهد مولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ع عن أبي طالب محمد بن الحسن بن عتبة عن أبي الحسن محمد بن الحسين بن أحمد عن محمد بن وهبان الدبيلي عن علي بن أحمد بن كثير العسكري عن أحمد بن أبي سلمة محمد بن كثير عن أحمد بن أحمد بن الفضل الأصفهاني عن أبي راشد بن علي بن وائل القرشي عن عبد الله بن حفص المدني عن أبي محمد بن إسحاق عن سعيد بن زيد بن أرطاة قال لقيت كميل بن زياد و سألته عن فضل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ع فقال أ لا أخبرك بوصية أوصاني بها يوما هي خير لك من الدنيا بما فيها فقلت بلى فقال أوصاني يوما فقال لي يا كميل بن زياد سم كل يوم باسم الله و لا حول و لا قوة إلا بالله و توكل على الله و اذكرنا   و سم بأسمائنا و صل علينا و استعذ بالله بنا و ادرأ بذلك عن نفسك و ما تحوطه عنايتك تكف شر ذلك اليوم إن شاء الله يا كميل إن رسول الله ص أدبه الله عز و جل و هو أدبني و أنا أؤدب المؤمنين و أورث الأدب المكرمين يا كميل ما من علم إلا و أنا أفتحه و ما من سر إلا و القائم ع يختمه يا كميل ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَ اللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ يا كميل لا تأخذ إلا عنا تكن منا يا كميل ما من حركة إلا و أنت محتاج فيها إلى معرفة يا كميل إذا أكلت الطعام فسم باسم الله الذي لا يضر مع اسمه داء و هو الشفاء من جميع الأدواء يا كميل إذا أكلت الطعام فواكل به و لا تبخل به فإنك لم ترزق الناس شيئا و الله يجزل لك الثواب بذلك يا كميل أحسن خلقك و ابسط جليسك و لا تنهرن خادمك يا كميل إذا أنت أكلت فطول أكلك ليستوفي من معك و يرزق منه غيرك يا كميل إذا استوفيت طعامك فاحمد الله على ما رزقك و ارفع بذلك صوتك ليحمده سواك فيعظم بذلك أجرك يا كميل لا توقرن معدتك طعاما و دع فيها للماء موضعا و للريح مجالا   يا كميل لا تنقد طعامك فإن رسول الله ص لا ينقده يا كميل لا ترفعن يدك من الطعام إلا و أنت تشتهيه فإذا فعلت ذلك فأنت تستمرئه يا كميل صحة الجسم من قلة الطعام و قلة الماء يا كميل البركة في المال من إيتاء الزكاة و مواساة المؤمنين و صلة الأقربين و هم الأقربون لنا يا كميل زد قرابتك المؤمن على ما تعطي سواه من المؤمنين و كن بهم أرأف و عليهم أعطف و تصدق على المساكين يا كميل لا تردن سائلا و لو بشق تمرة أو من شطر عنب يا كميل الصدقة تنمى عند الله يا كميل حسن خلق المؤمن من التواضع و جماله التعفف و شرفه الشفقة و عزه ترك القال و القيل يا كميل إياك و المراء فإنك تغري بنفسك السفهاء إذا فعلت و تفسد الإخاء يا كميل إذا جادلت في الله تعالى فلا تخاطب إلا من يشبه العقلاء و هذا قول ضرورة يا كميل هم على كل حال سفهاء كما قال الله تعالى أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهاءُ وَ لكِنْ لا يَعْلَمُونَ يا كميل في كل صنف قوم أرفع من قوم و إياك و مناظرة الخسيس منهم و إن أسمعوك فاحتمل و كن من الذين وصفهم الله تعالى بقوله وَ إِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً

   يا كميل قل الحق على كل حال و وازر المتقين و اهجر الفاسقين يا كميل جانب المنافقين و لا تصاحب الخائنين يا كميل إياك إياك و التطرق إلى أبواب الظالمين و الاختلاط بهم و الاكتساب منهم و إياك أن تطيعهم و أن تشهد في مجالسهم بما يسخط الله عليك يا كميل إذا اضطررت إلى حضورهم فداوم ذكر الله تعالى و التوكل عليه و استعذ بالله من شرهم و أطرق عنهم و أنكر بقلبك فعلهم و اجهر بتعظيم الله تعالى لتسمعهم فإنهم يهابوك و تكفى شرهم يا كميل إن أحب ما امتثله العباد إلى الله بعد الإقرار به و بأوليائه ع التجمل و التعفف و الاصطبار يا كميل لا بأس بأن لا يعلم سرك يا كميل لا ترين الناس افتقارك و اضطرارك و اصطبر عليه احتسابا بعز و تستر يا كميل لا بأس بأن تعلم أخاك سرك يا كميل و من أخوك أخوك الذي لا يخذلك عند الشدة و لا يغفل عنك عند الجريرة و لا يخدعك حين تسأله و لا يتركك و أمرك حتى تعلمه فإن كان مميلا أصلحه يا كميل المؤمن مرآة المؤمن لأنه يتأمله و يسد فاقته و يجمل حالته يا كميل المؤمنون إخوة و لا شي‏ء آثر عند كل أخ من أخيه يا كميل إذا لم تحب أخاك فلست أخاه يا كميل إنما المؤمن من قال بقولنا فمن تخلف عنا قصر عنا و من قصر عنا   لم يلحق بنا و من لم يكن معنا ف فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ يا كميل كل مصدور ينفث فمن نفث إليك منا بأمر أمرك بستره فإياك أن تبديه فليس لك من إبدائه توبة فإذا لم تكن توبة فالمصير إلى لظى يا كميل إذاعة سر آل محمد ص لا يقبل الله تعالى منها و لا يحتمل أحدا عليها يا كميل و ما قالوه لك مطلقا فلا تعلمه إلا مؤمنا موفقا يا كميل لا تعلموا الكافرين من أخبارنا فيزيدوا عليها فيبدوكم بها إلى يوم يعاقبون عليها يا كميل لا بد لماضيكم من أوبة و لا بد لنا فيكم من غلبة يا كميل سيجمع الله تعالى لكم خير البدء و العاقبة يا كميل أنتم ممتعون بأعدائكم تطربون بطربهم و تشربون بشربهم و تأكلون بأكلهم و تدخلون مداخلهم و ربما غلبتم على نعمتهم إي و الله على إكراه منهم لذلك و لكن الله عز و جل ناصركم و خاذلهم فإذا كان و الله يومكم و ظهر صاحبكم لم يأكلوا و الله معكم و لم يردوا مواردكم و لم يقرعوا أبوابكم و لم ينالوا نعمتك أذلة خاسئين أَيْنَما ثُقِفُوا أُخِذُوا وَ قُتِّلُوا تَقْتِيلًا يا كميل احمد الله تعالى و المؤمنون على ذلك و على كل نعمة يا كميل قل عند كل شدة لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم تكفها و قل عند كل نعمة الحمد لله تزد منها و إذا أبطأت الأرزاق عليك فاستغفر الله يوسع عليك فيها   يا كميل إذا وسوس الشيطان في صدرك فقل أعوذ بالله القوي من الشيطان الغوي و أعوذ بمحمد الرضي من شر ما قدر و قضي و أعوذ بإله الناس من شر الجنة و الناس أجمعين و سلم تكفي مئونة إبليس و الشياطين معه و لو أنهم كلهم أبالسة مثله يا كميل إن لهم خدعا و شقاشق و زخارف و وساوس و خيلاء على كل أحد قدر منزلته في الطاعة و المعصية فبحسب ذلك يستولون عليه بالغلبة يا كميل لا عدو أعدى منهم و لا ضار أضر بك منهم أمنيتهم أن تكون معهم غدا إذا اجتثوا في العذاب الأليم لا يفتر عنهم بشرره و لا يقصر عنهم خالِدِينَ فِيها أَبَداً يا كميل سخط الله تعالى محيط بمن لم يحترز منهم باسمه و نبيه و جميع عزائمه و عوذه جل و عز و صلى الله على نبيه و آله و سلم يا كميل إنهم يخدعونك بأنفسهم فإذا لم تجبهم مكروا بك و بنفسك بتحسينهم إليك شهواتك و إعطائك أمانيك و إرادتك و يسولون لك و ينسونك و ينهونك و يأمرونك و يحسنون ظنك بالله عز و جل حتى ترجوه فتغتر بذلك فتعصيه و جزاء العاصي لظى يا كميل احفظ قول الله عز و جل الشَّيْطانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَ أَمْلى لَهُمْ و المسول الشيطان و المملي الله تعالى يا كميل اذكر قول الله تعالى لإبليس لعنه الله وَ أَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَ رَجِلِكَ وَ شارِكْهُمْ فِي الْأَمْوالِ وَ الْأَوْلادِ وَ عِدْهُمْ وَ ما يَعِدُهُمُ الشَّيْطانُ إِلَّا غُرُوراً يا كميل إن إبليس لا يعد عن نفسه و إنما يعد عن ربه ليحملهم على معصيته فيورطهم

   يا كميل إنه يأتي لك بلطف كيده فيأمرك بما يعلم أنك قد ألفته من طاعة لا تدعها فتحسب أن ذلك ملك كريم و إنما هو شيطان رجيم فإذا سكنت إليه و اطمأننت حملك على العظائم المهلكة التي لا نجاة معها يا كميل إن له فخاخا ينصبها فاحذر أن يوقعك فيها يا كميل إن الأرض مملوة من فخاخهم فلن ينجو منها إلا من تشبث بنا و قد أعلمك الله أنه لن ينجو منها إلا عباده و عباده أولياؤنا يا كميل و هو قول الله عز و جل إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ و قوله عز و جل إِنَّما سُلْطانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَ الَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ يا كميل انج بولايتنا من أن يشركك في مالك و ولدك كما أمر يا كميل لا تغتر بأقوام يصلون فيطيلون و يصومون فيداومون و يتصدقون فيحسبون أنهم موقوفون يا كميل أقسم بالله لسمعت رسول الله ص يقول إن الشيطان إذا حمل قوما على الفواحش مثل الزنى و شرب الخمر و الربا و ما أشبه ذلك من الخنى و المأثم حبب إليهم العبادة الشديدة و الخشوع و الركوع و الخضوع و السجود ثم حملهم على ولاية الأئمة الذين يدعون إلى النار و يوم القيامة لا ينصرون يا كميل إنه مستقر و مستودع و احذر أن تكون من المستودعين يا كميل إنما تستحق أن تكون مستقرا إذا لزمت الجادة الواضحة التي لا تخرجك إلى عوج و لا تزيلك عن منهج ما حملناك عليه و ما هديناك إليه   يا كميل لا رخصة في فرض و لا شدة في نافلة يا كميل إن الله عز و جل لا يسألك إلا عما فرض و إنما قدمنا عمل النوافل بين أيدينا للأهوال العظام و الطامة يوم القيامة يا كميل إن الواجب لله أعظم من أن تزيله الفرائض و النوافل و جميع الأعمال و صالح الأموال و لكن من تطوع خيرا فهو خير له يا كميل إن ذنوبك أكثر من حسناتك و غفلتك أكثر من ذكرك و نعم الله عليك أكثر من كل عملك يا كميل إنه لا تخلو من نعمة الله عز و جل عندك و عافيته فلا تخل من تحميده و تمجيده و تسبيحه و تقديسه و شكره و ذكره على كل حال يا كميل لا تكونن من الذين قال الله عز و جل نَسُوا اللَّهَ فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ و نسبهم إلى الفسق أُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ يا كميل ليس الشأن أن تصلي و تصوم و تتصدق إنما الشأن أن تكون الصلاة فعلت بقلب نقي و عمل عند الله مرضي و خشوع سوي و إبقاء للجد فيها يا كميل عند الركوع و السجود و ما بينهما تبتلت العروق و المفاصل حتى تستوفي ولاء إلى ما تأتي به من جميع صلواتك يا كميل انظر فيم تصلي و على ما تصلي إن لم تكن من وجهه و حله فلا قبول يا كميل إن اللسان يبوح من القلب و القلب يقوم بالغذاء فانظر فيما تغذي قلبك و جسمك فإن لم يكن ذلك حلالا لم يقبل الله تعالى تسبيحك و لا شكرك يا كميل افهم و اعلم أنا لا نرخص في ترك أداء الأمانات لأحد من الخلق فمن روى عني في ذلك رخصة فقد أبطل و أثم و جزاؤه النار بما كذب أقسم لسمعت رسول الله ص يقول لي قبل وفاته بساعة مرارا ثلاثا يا أبا الحسن أد الأمانة إلى البر و الفاجر فيما قل و جل حتى في الخيط و المخيط

   يا كميل لا غزو إلا مع إمام عادل و لا نفل إلا مع إمام فاضل يا كميل أ رأيت لو لم يظهر نبي و كان في الأرض مؤمن تقي أ كان في دعائه إلى الله مخطئا أو مصيبا بلى و الله مخطئا حتى ينصبه الله عز و جل لذلك و يؤهله له يا كميل الدين لله فلا تغترن بأقوال الأمة المخدوعة التي قد ضلت بعد ما اهتدت و أنكرت و جحدت بعد ما قبلت يا كميل الدين لله تعالى فلا يقبل الله تعالى من أحد القيام به إلا رسولا أو نبيا أو وصيا يا كميل هي نبوة و رسالة و إمامة و لا بعد ذلك إلا متولين و متغلبين و ضالين و معتدين يا كميل إن النصارى لم تعطل الله تعالى و لا اليهود و لا جحدت موسى و لا عيسى و لكنهم زادوا و نقصوا و حرفوا و ألحدوا فلعنوا و مقتوا و لم يتوبوا و لم يقبلوا يا كميل إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ يا كميل إن أبانا آدم لم يلد يهوديا و لا نصرانيا و لا كان ابنه إلا حنيفا مسلما فلم يقم بالواجب عليه فأداه ذلك إلى أن لم يقبل الله قربانه بل قبل من أخيه فحسده و قتله و هو من المسجونين في الفلق الذين عدتهم اثنا عشر ستة من الأولين و ستة من الآخرين و الفلق الأسفل من النار و من بخاره حر جهنم و حسبك فيما حر جهنم من بخاره يا كميل نحن و الله الَّذِينَ اتَّقَوْا وَ الَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ يا كميل إن الله عز و جل كريم حليم عظيم رحيم دلنا على أخلاقه   و أمرنا بالأخذ بها و حمل الناس عليها فقد أديناها غير مختلفين و أرسلناها غير منافقين و صدقناها غير مكذبين و قبلناها غير مرتابين لم يكن لنا و الله شياطين نوحي إليها و توحي إلينا كما وصف الله تعالى قودا ذكرهم الله عز و جل بأسمائهم في كتابه لو قرئ كما أنزل شَياطِينَ الْإِنْسِ وَ الْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً يا كميل الويل لهم فسوف يلقون غيا يا كميل لست و الله متملقا حتى أطاع و لا ممنا حتى أعصى و لا مهانا لطعام الأعراب حتى أنتحل إمرة المؤمنين أو أدعي بها يا كميل نحن الثقل الأصغر و القرآن الثقل الأكبر و قد أسمعهم رسول الله ص و قد جمعهم فنادى الصلاة جامعة يوم كذا و كذا و أيام سبعة وقت كذا و كذا فلم يتخلف أحد فصعد المنبر فحمد الله و أثنى عليه ثم قال معاشر الناس إني مؤد عن ربي عز و جل و لا مخبر عن نفسي فمن صدقني فقد صدق الله و من صدق الله أثابه الجنان و من كذبني كذب الله عز و جل و كذب الله أعقبه النيران ثم ناداني فصعدت فأقامني دونه و رأسي إلى صدره و الحسن و الحسين عن يمينه و شماله ثم قال معاشر الناس أمرني جبرئيل عن الله عز و جل أنه ربي و ربكم أن أعلمكم أن القرآن هو الثقل الأكبر و أن وصيي هذا و ابناي من خلفهم من أصلابهم حاملا وصاياي هم الثقل الأصغر يشهد الثقل الأكبر للثقل الأصغر و يشهد الثقل الأصغر للثقل الأكبر كل واحد منهما ملازم لصاحبه غير مفارق له حتى يردا إلى الله فيحكم بينهما و بين العباد يا كميل فإذا كنا كذلك فعلام يتقدمنا من تقدم و تأخر عنا من تأخر يا كميل قد أبلغهم رسول الله ص رسالة ربه و نصح لهم و لكن لا يحبون الناصحين

   يا كميل قال رسول الله ص لي قولا و المهاجرين و الأنصار متوافرون يوما بعد العصر يوم النصف من شهر رمضان قائم على قدميه فوق منبره علي مني و ابناي منه و الطيبون مني و أنا منهم و هم الطيبون بعد أمهم و هم سفينة من ركبها نجا و من تخلف عنها هوى الناجي في الجنة و الهاوي في لظى يا كميل الفضل بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَ اللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ يا كميل علام يحسدوننا و الله أنشأنا قبل أن يعرفونا فتراهم بحسدهم إيانا عن ربنا يزيلونا يا كميل من لا يسكن الجنة فبشره بعذاب أليم و خزي مقيم و أكبال و مقامع و سلاسل طوال و مقطعات النيران و مقارنة كل شيطان الشراب صديد و اللباس حديد و الخزنة فظظة و النار ملتهبة و الأبواب موثقة مطبقة ينادون فلا يجابون و يستغيثون فلا يرحمون نداهم يا مالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ قالَ إِنَّكُمْ ماكِثُونَ لَقَدْ جِئْناكُمْ بِالْحَقِّ وَ لكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كارِهُونَ يا كميل نحن و الله الحق الذي قال الله عز و جل وَ لَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْواءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّماواتُ وَ الْأَرْضُ وَ مَنْ فِيهِنَّ يا كميل ثم ينادون الله تقدست أسماؤه بعد أن يمكثوا أحقابا اجعلنا على الرخاء فيجيبهم اخْسَؤُا فِيها وَ لا تُكَلِّمُونِ يا كميل فعندها ييأسون من الكرة و اشتدت الحسرة و أيقنوا بالهلكة و المكث جزاء بما كسبوا عذبوا يا كميل قل الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ يا كميل أنا أحمد الله على توفيقه إياي و المؤمنين على كل حال يا كميل إنما حظي من حظي بدنيا زائلة مدبرة فافهم و تحظى بآخرة باقية ثابتة   يا كميل كل يصير إلى الآخرة و الذي يرغب فيه منها ثواب الله عز و جل و الدرجات العلى من الجنة التي لا يورثها إلا مَنْ كانَ تَقِيًّا يا كميل إن شئت فقم

 أقول و سيجي‏ء في باب مواعظ أمير المؤمنين ع و خطبه و حكمه عين هذه الوصية منه ع لكميل بن زياد هذا من كتاب تحف العقول أيضا لكن أخصر من هذه الوصية و سيأتي في باب ما جمع من جوامع كلم أمير المؤمنين ع و في غيره أيضا ما يناسب هذا الباب إن شاء الله تعالى