باب 13- أن المؤمن مكفر

 أقول سنورد إن شاء الله تعالى عدة أخبار في هذا المعنى في طي بابين من أبواب كتاب العشرة كما ستعرف و لنذكر هنا أيضا شطرا منها

1-  ع، ]علل الشرائع[ عن ابن المتوكل عن السعدآبادي عن البرقي بإسناده يرفعه إلى أبي عبد الله ع أنه قال المؤمن مكفر و ذلك أن معروفه يصعد إلى الله عز و جل فلا ينتشر في الناس و الكافر مشهور و ذلك أن معروفه للناس ينتشر في الناس و لا يصعد إلى السماء

2-  ع، ]علل الشرائع[ عن علي بن حاتم عن أحمد بن محمد عن محمد بن إسماعيل عن الحسين بن موسى عن أبيه عن موسى بن جعفر عن أبيه عن جده عن علي بن الحسين عن أبيه عن علي بن أبي طالب ع قال كان رسول الله ص مكفرا لا يشكر معروفه و لقد كان معروفه على القرشي و العربي و العجمي و من كان أعظم معروفا من رسول الله ص على هذا الخلق و كذلك نحن أهل البيت مكفرون لا يشكر معروفنا و خيار المؤمنين مكفرون لا يشكر معروفهم

3-  كا، ]الكافي[ عن محمد بن يحيى عن ابن عيسى عن الحجال عن داود بن أبي يزيد عن أبي عبد الله ع قال المؤمن مكفر و في رواية أخرى و ذلك أن معروفه يصعد إلى الله فلا ينشر في الناس و الكافر مشكور

 بيان المؤمن مكفر على بناء المفعول من التفعيل أي لا يشكر الناس معروفه بقرينة تتمة الخبر و قد قال الفيروزآبادي المكفر كمعظم المجحود النعمة مع إحسانه و الموثق في الحديد و قال الجزري في النهاية فيه المؤمن مكفر أي مرزأ في نفسه و ماله لتكفر خطاياه انتهى و هذا الوجه لا يحتمل في هذه الأخبار. و كأن المراد بالتعليل أن معروفه لما كان خالصا لله مقبولا عنده لا يرضى له بأن يثيبه في الدنيا فتكفر نعمته ليكمل ثوابه في الآخرة و الكافر لما لم يكن مستحقا لثواب الآخرة يثاب في الدنيا كعمل الشيطان. و قيل هو مبني على أن المؤمن يخفي معروفه من الناس و لا يفعله رئاء و لا سمعة فيصعد إلى الله و لا ينتشر في الناس و الكافر يفعله علانية رياء و سمعة فينتشر في الناس و لا يقبله الله و لا يصعد إليه. و قيل المعنى أن معروفه الكثير الذي يدل عليه صيغة التفعيل لا يعلمه إلا الله و من علمه بالوحي من قبله تعالى لأن معروفه ليس من قبيل الدراهم و الدنانير بل من جملة معروفه حياة سائر الخلق و بقائهم بسببه و أمثال ذلك من النعم العظيمة المخفية. و ربما يقال في وجه التعليل إن المؤمن يجعل معروفه في الضعفاء و الفقراء الذين ليس لهم وجه عند الناس و لا ذكر فلا يذكر ذلك في الخلق و الكافر يجعل معروفه في المشاهير و الشعراء و الذين يذكرونه في الناس فينتشر فيهم. فإن قيل بعض تلك الوجوه ينافي ما سيأتي في باب الرئاء أن الله تعالى يظهر العمل الخالص و يكثره في أعين الناس و من أراد بعمله الناس يقلله الله في أعينهم قلنا يمكن حمل هذا على الغالب و ذاك على النادر أو هذا على المؤمن الخالص و ذاك على غيرهم أو هذا على العبادات المالية و ذاك على العبادات البدنية