الانتصار على النفس

وهنا يبلغ امر يوسف وامرأة العزيز الى ادق مرحلة واخطرها ، وتحول الى مرحلة صعبة ، وعذاب مستمر يحتاج الى صبر وتحمل وتوكل على الله. بعدما تمكن يوسف ان ينجو من هذه المرحلة الصعبة جدا والتي ساعده الله وانجاه منها بما انقدح في ذهنه ورأى ببصره وبصيرته برهان ربه ، وانتصر على نفسه الامارة بوجه مشرق. قال يعطي المفسرين ان سبب انتصاره يقود الى اسباب ثلاث : الاول : انه التجأ الى ربه واستعاذ به ، وقال : « معاذ الله ». الثاني : التفاته الى ـ الزاد والملح ـ الذي اكله عند عزيز مصر ، وما تناوله في بيته فاثر فيه فلم ينس فضله طيلة حياته ، هذا مع ما حصل عليه من نعم الله التي لا تحصى والتي انقذته من غيابة الجب الموحشة واوصلته الى محيط الامان والهدوء ، كل هذه جعلته يفكر بها ، ولا يستسلم للتيارات العابرة. واللذةالزائلة. الثالث : بناء شخصيته وعبوديته المقرونة بالاخلاص لله تعالى ، والتي عبر عنها القرآن : « انه من عبادنا المخلصين ». وهذا الدرس كبير ومهم لجميع الناس الاحرار الذين يريدون ان ينتصروا على عدوهم الخطير في ميادين الجهاد ، جهاد النفس. نرى امرأة العزيز تتوسل بيوسف بعدة اسباب وتغلق الابواب دونه وتراوده بقولها : هيت لك ـ ، واما هو ، فقد قابلها بقوله : « معاذ الله » فلم يجبها بتهديد ولم يقل : باني اخاف العزيز ، او لا اخونه ، الى غير ذلك من الاعتذارات ، بل استمسك بعروة التوحيد ، ولم يكن في قلبه احد سوى ربه ، ولم يقل سوى معاذ الله ....