الحياء من الله

هناك رواية يستفاد منها انه كان في قصر امرأة العزيز صنم تعبده ، وفجاة وقعت عيناها عليه ، عندما ارادت ان تراود يوسف ، فانها احست بالصنم ينظر اليها والى حركاتها الخيانية ، فنهضت في غضب والقت عليه سترا ، فاهتز يوسف لهذا المنظر. وقال : انت ايها الصنم الذي لا تملك عقلا ولا شعورا ولا احساسا تستحي منك العزيزة ! ، فكيف لا استحي من ربي الخبير بكل شيء ، والذي لا تخفى عليه خافية. فهذا الاحساس منح يوسف قوة جديدة ، واعانه على الصراع الشديد في اعماق نفسه بين الغريزة والعقل ، ليتمكن من التغلب على امواج الغريزة النفسية.
نحن نعرف ان اعظم الجهاد في الاسلام هو جهاد النفس ، الذي عبر عنه في حديث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بـ « الجهاد الاكبر » وجهاد العدو الذي عبر عنه ـ بالجهاد الاصغر ـ ، وقصة يوسف ، وما كان من عشق امرأة العزيز الملتهب ، واحد من هذه الصور الجهادية بالنسبة الى يوسف عليه السلام. لقد انتصر يوسف عليه السلام في هذا الصراع بوجه مشرق ابيض لثلاثة اسباب : الاول : انه التجأ الى الله واستعاذ به ، وقال : « معاذ الله ». الثاني : لاحظ نعم الله التي لا تحصى والتي انقذته من غيابة الجب الموحشة ، واوصلته الى محيط الامان والهدوء ، وجعلته يفكر في ماضيه ومستقبله ، ولا يستسلم للتيارات العابرة. الثالث : بناء شخصيته وعبوديته المقرونة بالاخلاص التي عبر عنها القرآن الكريم « انه من عبادنا المخلصين ». وهذا درس كبير لجميع الناس الاحرار الذين يريدون ان ينتصرون على عدوهم الخطير في ميادين جهاد النفس.