المواهب العظيمة

 

لقد من الله عزوجل ثلاث مواهب عظيمة خص بها نبيه سليمان عليه السلام ، وأحد هذه المواهب تسخير الرياح له ، حيث قال تعالى : « ولسليمان الريح غدوها شهر ورواحها شهر » (1). من الملفت هنا ، هو انه ، نرى الله عزوجل قد سخر لداود الاب جسما خشنا وصلبا جدا وهو الحديد ، بان الانه له ، ونرى انه تعالى فقد سخر لسليمان الابن موجودا لطيفا للغاية ، جسم صلب يلين لداود ، وامواج الهواء اللطيفة تُجعل محكمة وفعالة لسليمان ... فتامل !! اما كيفية تحرك الريح ، وما هي الوسيلة التي كان يتحرك عليها سليمان ، هل هي كرسيا ام بساطا ام غير ذلك ؟ فليس بواضح لنا ، وهذا لا يصعب على الله جل جلاله. قدرة. لقد استطاع الانسان بقدرته الحقيرة امام قدرة الله تعالى ان يحرك البالونات والطائرات التي تحمل آلاف المسافرين ، والاقمار الصناعية الثقيلة الى عنان السماء ، أفيمكن القول بان تحريك بساط سليمان او اي وسيلة اخرى ، بواسطة الريح ، تشكل مشكلة للباري جلت قدرته ؟! والموهبة الثانية التي خص الله بها سليمان عليه السلام كما تقول الآية المباركة : « واسلنا له عين القطر » (2). « اسلنا » بمعنى الاجراء من الجريان ، و « القطر » بمعنى النحاس ، والمقصود : اننا اذبنا له هذا الفلز وجعلناه كينبوع الماء. وقال البعض بان « القطر » يعني انواع الفلزات والرصاص ، اذيبت باجمعها لسليمان ، ليصنع منها ما يحتاجه لتطوير مملكته والدفاع عنها ... وايضا نقول : كيف يكون النحاس والفلزات الذائبة كينبوع الماء بين يدي سليمان ، هل كانت عيون من المعادن الفلزية الذائبة ، او عيون البراكين الفعالة ، او بشكل آخر ؟ كل هذا ليس واضح لدينا كيف كان ذلك ، والذي نعلمه هو ان ذلك كان من الالطاف الالهية والاعجاز لهذا النبي العظيم. والموهبة الثالثة لسليمان عليه السلام ، وكما ذكرنا ـ تسخير مجموعة كبيرة من الجن لخدمته كما تقول الآية : « ومن الجن من يعمل بين يديه باذن ربه ومن يزغ منهم عن امرنا نذقه من عذاب السعير » (3). الجن ـ كما هو معلوم من اسمه ، ذلك المخلوق المستور عن الحس البشري ، له عقل وقدرة ومكلف بتكاليف الهية ، كما يستفاد من آيات القرآن الكريم. لقد صيغت حول الجن اساطير وحكايات خرافية كثيرة ، لو حذفناها لكان اصل وجودهم والصفات الخاصة بهم التي وردت في القرآن موضوعا لا يخالف العلم والعقل مطلقا. وعلى كل حال ، يستفاد من الآية المباركة اعلاه ، ان تسخير هذه القوة العظيمة كان ايضا بأمر من الله ، وانهم كانوا يتعرضون للعقاب حين ظهور اي تقصير منهم في اداء مهامهم. والجدير بالملاحظة : هو انه لادارة حكومة كبيرة ، ودولة واسعة كدولة سليمان ، تحتاج الى عوامل عديدة وقوة عاملة كبيرة ، واهم هذه العوامل وكما ذكرناها ، وذكرتها الآيات اعلاه هي : 1 ـ توفر واسطة نقل سريعة مهيأة على الدوام ، لكي يستطيع رئيس الحكومة التنقل والتفقد في جميع اطراف دولته. 2 ـ مواد اولية يستفاد منها لصناعة المعدات اللازمة لحياة الناس والصناعات المختلفة. 3 ـ قوة عاملة فعالة ، تستطيع الاستفادة من تلك المواد بدرجة مناسبة ، لسد حاجات البلاد. وهذا الموضوع ، وهذه اللوازم ، لا تختص فقط بعصر سليمان عليه السلام وحكومته ، بل نحتاجها في كل عصر وزمان ، اليوم وغدا ، وفي كل مكان ولاجل ادارة دولة بطريقة صحيحة وفعالة ومتطورة ، يسعد فيها المجتمع البشري ككل ..
________________________________________
1 ـ سبأ : 12. 
2 ـ نفس المصدر. 
3 ـ نفس المصدر.