النبي عيسى بن مريم عليه السلام

العقل والارادة هما جوهر الانسان وبهما يصنع وجوده على هذه الارض ، والانسان مسؤول ان يستعمل فكره وعقله وارادته الواعية بكل حرية ليكون قوة حرة منطلقة بنّاءة ، يبني بها حياته على اساس العقل والتفكير والارادة الحرة. لما خلق الله تعالى « العقل » استنطقه ، ثم قال له : اقبل فاقبل ، ثم قال له : ادبر فادبر ، فقال : وعزتي وجلالي ما خلقت خلقا احسن منك ، اياك آمر واياك انهى ، واياك اثيب واياك اعاقب. وقد جاء في الحديث : ان لله على الناس حجتين : حجة ظاهرة وحجة باطنة ، فاما الظاهرة فالرسل والانبياء والائمة عليهم السلام ، واما الباطنة فالعقول. وروي عن امامنا الرضا عليه السلام انه قال لابن السكيت : العقل ، يُعرف به الصادق على الله فيصدقه والكاذب على الله فيكذبه ، وقيل : الدين هو العقل ، ومن لا دين له لا عقل له (1). قال تعالى : « ان في خلق السماوات والارض واختلاف الليل والنهار لآيات لاولي الالباب » (2). بل العقل يسعد الانسان في الدارين : دار الدنيا ودار الآخرة ، وانما يدرك الخير كله بالعقل ، وبالعقل ينتخب الانسان الدين الصحيح والطريق السليم والصراط المستقيم. قيل : لكل شيء مطية ومطية المرء العقل ، ولكل قوم راع وراعي العابدين العقل ، ولكل تاجر بضاعة ، وبضاعة المجتهدين العقل ، ولكل خراب عمارة وعمارة الآخرة العقل ، والعاقل من وحد الله ... روي انه قدم المدينة رجل نصراني من اهل نجران وكان فيه بيان ، وله وقار وهيبة ، فقيل : يا رسول الله ما اعقل هذا النصراني ، فزجر القائل وقال له : مه ، ان العاقل من وحد الله وعمل بطاعته (1). وبعد ان عرفنا الله تبارك وتعالى بالعقل السليم ، وانه واحد احد لا شريك له ، لم يلد ولم يولد ، لا بد لنا ايضا ان نؤمن بالانبياء والرسل والاوصياء الذين بعثهم الله تعالى للناس وليقربونهم الى الله زلفى. وقد حمل الانبياء والرسل من قبل الله تعالى ، الرسالات والكتب السماوية ليبلغونها الى الناس وقد بلغوها بالشكل المطلوب والصحيح ولكن مع كل الاسف البعض من كبار الناس وعلمائهم ورهبانهم حرفوا هذه الكتب والديانات السماوية حسب ما تقتضيه مصالحهم الشخصية والمادية واختلفوا وتفرقوا مذاهب واديان ، ما انزل الله بها من سلطان. واهم هذه الديانات هي : الديانة اليهودية ، والديانة المسيحية ، والديانة الاسلامية. 
________________________________________
1 ـ ميزان الحكمة ج 6 ص 399. 
2 ـ آل عمران : 190.