انتهاء حزن يعقوب

وبعد ان علم يوسف بحال ابيه وفقد بصره تألم كثيرا وقال لاخوته « اذهبوا بقميصي هذا فالقوه على وجه ابي يأت بصيرا واتوني باهلكم اجمعين ». رجعوا اولاد يعقوب الى كنعان يحملون قميص اخيهم يوسف معهم فرحين ومستبشرين ، وعندما تحركت القافلة وخرجت من مصر هب نسيم عليل وحمل ريح يوسف الى يعقوب. وبينما يعقوب جالس في زاوية البيت يفكر بمصير اولادهم ومصير يوسف وبنيامين واذا بالنسيم يمر على بيته ويشم منه رائحة يوسف ، ينهض من مكانه فجأة نشطا متحركا بكل صراحة وجرأة واطمئنان وقال : لو لم تتحدثوا عني بسوء ولم تنسبوا كلامي للسفاهة والجهل لقلت لكم : اني لأشم ريح يوسف ، فاني احس بان ايام المحنة والالام سوف تنصرم في القريب العاجل ، وانه قد حان وقت اللقاء مع الحبيب ، وارى ان آل يعقوب قد نزعوا ثوب العزاء والمصيبة ولبسوا لباس الفرح والسرور. تعجب الذين كانوا يحيطونه من اهله واحفاده والنساء من كلامه ، وقالوا له : يا ابانا لقد مضت سنين طويلة على موت يوسف ، لكنك تزعم انه حي ، وتقول : انك تشم رائحته من مصر ؟ اين مصر واين الشام وكنعان ؟ ، فقال لهم : اني اعلم من الله ما لا تعلمون ». تمضي الليالي والايام ويعقوب في حالة الانتظار ، الانتظار الذي يصحبه القلق والسرور والفرح. وبعد ايام عديدة من الانتظار ، والتي لا يعلم الا الله كيف قضاها يعقوب ، ارتفع صوت المنادي معلنا وصول القافلة التي تحمل البشائر ليعقوب ، والطعام لقومه. دخل اولاد يعقوب الى المدينة فرحين مستبشرين ، وتوجهوا مسرعين الى بيت ابيهم ، وسبقه البشير الذي كان يحمل قميص يوسف وبشره بحياة يوسف والقى قميصه على وجهه ، فارتد بصيرا ، وشع النور في جميع ذرات وجوده ، ورأى السماء والارض والجدران وكل شيء حوله كأنه يضحك معه ، وفتح عينيه ورأى جمال العالم مرة اخرى .... القرآن الكريم يصف لنا هذه الحالة ويقول عز من قائل : « فلما ان جاء البشير القاه على وجهه فارتد بصيرا قال الم اقل لكم اني اعلم من الله ما لا تعلمون * قالوا يا ابانا استغفر لنا ذنوبنا انا كنا خاطئين * قال سوف استغفر لكم ربي انه هو الغفور الرحيم ».