حكم و مواعظ من حياة النبي داوود عليه السلام

قصة النبي داود عليه السلام
قال الله تعالى في كتابه الكريم : « يا داوود انا جعلناك خليفة في الارض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله ان الذين يضلون عن سبيل الله ... » (1).
من هو داود ؟
نبي الله داود عليه السلام احد كبار انبياء بني اسرائيل ، وقد كان حاكما لدولة كبيرة ، وقد ورد ذكر مقامه العالي في عدة آيات من القرآن الكريم. داود عليه السلام الذي منحه الله قدرة واسعة ، حتى ان الجبال والطيور كانت مسخرة له ، ويسبحن معه حيث يقول تعالى : « انا سخرنا الجبال معه يسبحن بالعشي والاشراق * والطير محشورة كل له اواب » (2). من نعم الله عزوجل على داود ان سخر له بكل مجاميع الطيور كي تسبح الله معه ، وكذلك الجبال مسخرة لداود ومطيعة لاوامره وتسبح معه البارئ عزوجل ، وتعود اليه « كل له اواب » اي كلها تعود الى داود بعدما ترتحل من اماكنها. اراد الله عزوجل ان يواسي النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم عندما آذاه المشركون وعبدة الاصنام في مكة والمدينة ، فضرب له الامثال وقال عزوجل : « اصبر على ما يقولون واذكر عبدنا داوود ذا الايد انه اواب » (3). فداود مع هذه القدرة العظيمة التي منحها اياه رب العالمين ، لم يسلم من تجريح الآخرين ، وفي هذا الكلام مواساة لخواطر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، ان هذه المسالة لم تنحصر بك يا رسول الله فقط ، وانما شاركك فيها كبار الانبياء عليهم السلام ايضا. وروي انه لما مات النبي طالوت ، وكان اسمه « شاول » ايضا ، ملك داود على بني يهوذا ، وكان لداود نسوة قد ولدن منه اولادا. واجتمعت بنو اسرائيل من الاسباط على تمليك داود فملكوه بعد سبع سنين ملكها على بني يهوذا خاصة ، وهي بيت المقدس ، وبنى بها منزلا ، وتزوج النساء ، فولد له بعد ان ملك اولاد كثيرين ، وعز ملكه ، واعظمته بنو اسرائيل ، وكان سليمان افضل ولده ، واصبح نبيا بعد ابيه. وكان داود عليه السلام شجاعا وقاتل في معارك كثيرة وحروب قوية منها : قتاله مع الحنفاء فهزمهم ، وقاتل اهل مؤاب وهزمهم ، وقاتل اد دازار ملك سوبا فهزمه ، واخذ له الف مركب وسبعة آلاف من الخيل. وعندما اجتمع اهل الشام ودمشق ليقتلوا داود ، فقتل منهم ـ اثنين وعشرين الفا ، واستحوذ على الارض ، فكان اهل الشام جميعا عبيدا له. (4) اما من حيث قدرته السياسية ، فقد كانت حكومته قوية ، ومستعدة دائما لمواجهة الاعداء بكل قوة واقتدار ، حتى قيل ان الآلاف من جنده كانت تقف على اهبة الاستعداد من المساء حتى الصباح في اطراف محراب عبادته. ومن حيث قدرته الاخلاقية والمعنوية والعبادية ، فانه كان يقوم معظم الليل في عبادة الله ، ويصوم نصف ايام السنة. واما من حيث النعم الالهية ، فقد انعم الله عليه بالكثير من النعم الظاهرية والباطنية. وخلاصة القول : ان داود عليه السلام كان رجلا ذا قوة وقدرة في الحروب والعبادات والعلم والمعرفة والسياسة ، وكان ايضا صاحب نعمة كبيرة.
________________________________________
1 ـ ص : 26. 
2 ـ ص : 18 ـ 19. 
3 ـ ص : 17. 
4 ـ تاريخ اليعقوبي : ج 1 ص 51.