قصة النبي يوسف عليه السلام
قال الله عزوجل في كتابه الكريم : « اذ قال يوسف لابيه يا ابت اني رأيت احد عشر كوكبا والشمس والقمر رايتهم لي ساجدين * قال يا بني لا تقصص رؤياك على اخوتك فيكيدوا لك كيدا ان الشيطان للانسان عدو مبين
... » الخ (1).
احسن القصص
عزيزي القارئ بين يديك قصة النبي يوسف عليه السلام والتي تعتبر هي من احسن القصص المذكورة في القرآن الكريم وفي كتب القصص المختلفة ، هذه القصة تحتوي على حكم ومواعظ كثيرة ، ولها تأثير فاعل في حياة
الانسان ، وفيها دروس تربوية ودينية واخلاقية واجتماعية وعبر لمن يعتبر. قصة يوسف عليه السلام ليست قصة عشق وغرام كما يتصور البعض ، بل قصة صراع مرير بين الحق والباطل ، بين جنود الشيطان وجنود
الرحمان ، بين العشق المعنوي الالهي والعشق المادي الشيطاني. ظاهر القصة عذب وجميل ومن حيث الباطن فمحتواه عظيم ومليء بالموعظة والعفة والكرامة. يعتقد بعض المفسرون ان قوله تعالى : « نحن نقص
عليك احسن القصص ... » (2) اشارة الى مجموع القرآن ، اي ان القرآن الكريم كله قصص وحكايات ، والحال ليس كذلك ، صحيح يوجد في القرآن قصص كثيرة وحكايات بنّاءه ومربية كما ذكر في الاحاديث عن رسول الله صلى
الله عليه وآله وسلم قال : « ان احسن القصص هذا القرآن » (3). وكما نقرأ في خطبة الامام امير المؤمنين عليه السلام قوله : « ان احسن القصص وابلغ الموعظة وانفع الذكر كتاب الله » (4). ولكن هذا
ليس معناه ان القرآن كتاب قصصي فقط ويقرا للتسلية وسد الفراغ ، بل القرآن الكريم دستور الهي وكتاب سماوي انزله الله تعالى على نبيه المرسل وخاتم الانبياء والرسل محمد صلى الله عليه وآله وسلم وهو خاتم
الرسالات السماوية ، ليهتدي به الناس ويسيرون على نهجه ومنهاجه وحُكمه والعمل به بما فيه خير الدنيا والآخرة ، حيث قال تعالى : « ان هذا القرآن يهدي للتي هي اقوم ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات
ان لهم اجرا كبيرا » (5). والقصة التي في القرآن الكريم ليست بمعنى سرد الحكايات وسد الفراغ كما ذكرنا ، بل المراد معناها ـ الجذري ـ في اللغة وهو البحث عن آثار الشيء ، وترسم لنا في فصولها
المثيرة اسمى دروس الحياة وحاكمية الله على كل شيء ، وتُظهر لنا ما ينتهي اليه الحاسدون والحاقدون والمنافقون والمنحرفون عن الحق المتمسكون بالشيطان. ولا مانع من ان يكون القرآن هو احسن القصص
بصورة عامة ، وقصة يوسف هي احسن القصص بصورة خاصة.
________________________________________
1 ـ يوسف : 4 ـ 5 ... الخ.
2 ـ يوسف : 3.
3 ـ نور الثقلين : ج 2 ص 49.
4 ـ نفس المصدر.
5 ـ الاسراء : 9.