مواعظ وحكم من اخبار بني اسرائيلخمسة من المنجيات :
... عن الهروي قال : سمعت علي بن موسى الرضا عليه السلام يقول : اوحى الله عزوجل الى نبي من انبياء : اذا اصبحت فأول شيء يستقبلك فكله ، والثاني فاكتمه ، والثالث فاقبله ، والرابع فلا تؤيسه
، والخامس فاهرب منه ، قال : فلما اصبح مضى.فاستقبله جبل اسود عظيم فوقف وقال : امرني ربي ان آكل هذا ، وبقي متحيرا ، ثم رجع الى نفسه فقال : ان ربي جل جلاله لا يامرني الا بما اطيق ، فمشى اليه لياكله
، فكلما دنا منه صغر حتى انتهى اليه فوجده لقمة ، فأكلها فوجدها اطيب شيء اكله. ثم مضى فوجد طستا من ذهب فقال : امرني ربي ان اكتم هذا ، فحفر له وجعله فيه ، والقى عليه التراب ، ثم مضى فالتفت فاذا
الطست قد ظهر ، فقال : قد فعلت ما امرني ربي عزوجل فمضى. فاذا هو بطير وخلفه بازي فطاف الطير حوله فقال : امرني ربي ان اقبل هذا ، ففتح كمه فدخل الطير فيه. فقال له البازي : اخذت صيدي وانا
خلفه منذ ايام ، فقال : ان الله امرني ان لا اؤيس هذا ، فقطع من فخذه قطعة فالقاها اليه ثم مضى. فلما مضى اذا هو بلحم ميتة منتن مدوّد فقال : امرني ربي عزوجل ان اهرب من هذا ، فهرب منه
ورجع. وراى في المنام كانه قد قيل له : انك قد فعلت ما امرت به ، فهل تدري ماذا كان ؟ قال : لا ، قال له اما الجبل : فهو الغضب ان العبد اذا غضب لم ير نفسه وجهل قدره من عظم الغضب ، فاذا حفظ نفسه
وعرف قدره وسكّن غضبه ، كانت عاقبته كاللقمة الطيبة التي اكلتها. واما الطست : فهو العمل الصالح ، اذا كتمه العبد واخفاه ، ابى الله عزوجل الا ان يظهره ليزينه به مع ما يدخر له من ثواب
الآخرة. واما الطير : فهو الرجل الذي ياتيك بنصيحة فاقبله واقبل نصيحته. واما البازي : فهو الرجل الذي ياتيك في حاجة فلا تؤيسه. واما اللحم المنتن : فهي الغيبة فاهرب منها (1).
________________________________________
1 ـ عيون الاخبار : ص 152 ، عنه البحار : ج 14 ص 457.