خروج يوسف من السجن

بقي يوسف سنين في السجن المظلم كأي انسان منسي ، ولم يكن لديه من عمل سوى بناء شخصيته ، وارشاد السجناء وعيادة المرضى وتسلية الموجعين منهم الى ان حان الفرج. لقد رأى ملك مصر رؤيا مهولة ، فاحضر عند الصباح المعبرين للرؤيا ، فقص عليهم رؤياه ثم التفت اليهم وطلب منهم تعبير رؤياه ، ولكن الجميع دهشوا لهذه الرؤيا ولم يتمكنوا من تعبيرها ، وقالوا له : « اضغاث احلام وما نحن بتأويل الاحلام بعالمين ». والرؤيا التي رآها الملك وكما يصفها القرآن لنا هي : « وقال الملك اني ارى سبع بقرات سمان ياكلهن سبع عجاف وسبع سنبلات خضر واخر يابسات ... ». ولما اظهروا عجزهم عن تأويل هذه الرؤيا ، هنا تذكر ساقي الملك الذي خرج من السجن ما حدث له ولصاحبه في السجن مع يوسف ، ونجا من السجن كما بشره يوسف. قال الساقي للملك : يوجد في زاوية السجن رجل حي الضمير طاهر القلب ومؤمن بالله مفسرا للارحام ، يستطيع ان يكشف الحجاب عن هذه الرؤيا ، هنا طلب الملك الاسراع بالذهاب الى السجن واخبار السجين بالرؤيا والاتيان بالخبر. مضى الساقي الى السجن مسرعا ليرى صديقه القديم ، الذي لم يف له بوعده. عندما وصل اليه قال له : يوسف ايها الصديق افتنا في سبع بقرات سمان ... ونقل له رؤيا الملك ، وطلب منه تفسير الرؤيا. بدون اي تردد واي شرطا او اجرا لتعبيره ، عبر الرؤيا فورا وقال له : تزرعون سبع سنين دأبا فما حصدتم منه فذروه في سنبله ولا تستعملون منه الا القليل مما تاكلون ، ويجب عليكم ان تقتصدون في مصرفه ، ثم يأتي بعد ذلك سبع سنين شداد تموت مزارعكم وتنقطع الامطار وتحصل المجاعة والقحط عند ذلك تأكلون مما ادخرتم وتنجون من الموت جوعا ، ثم يأتي بعد ذلك عام فيه يُغاث الناس وتنزل البركة وتمطر السماء فترتفع المجاعة وتكثر الخيرات ... لقد كان تعبير يوسف لرؤيا الملك دقيقا ومدروسا ومنطقيا الى درجة انه جذب الملك وحاشيته اليه. لقد فهم الملك اجمالا ان يوسف لم يكن رجلا يستحق السجن ، بل هو شخص اسمى مقاما من الانسان العادي ، فعند ذلك امر الملك باحضاره واطلاق صراحه فبعث من يأتي به.