أبواب أفعال الصّلاة

 باب 1 -كيفيّتها و جملة من أحكامها و آدابها

1    البحار، عن العلل لمحمّد بن عليّ بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن جدّه عن حمّاد بن عيسى قال قال لي أبو عبد اللّه ع يوما تحسن أن تصلّي يا حمّاد قال فقلت يا سيّدي أنا أحفظ كتاب حريز في الصّلاة قال فقال لا عليك قم صلّ قال فقمت بين يديه متوجّها إلى القبلة فاستفتحت الصّلاة و ركعت و سجدت فقال يا حمّاد لا تحسن أن تصلّي ما أقبح بالرّجل أن يأتي عليه ستّون سنة أو سبعون سنة فما يقيم صلاة واحدة بحدودها تامّة قال حمّاد فأصابني في نفسي الذّلّ فقلت جعلت فداك فعلّمني الصّلاة فقام أبو عبد اللّه ع مستقبل القبلة منتصبا فأرسل يديه جميعا على فخذيه قد ضمّ أصابعه و قرّب بين قدميه حتّى كان بينهما قدر ثلاثة أصابع مفرّجات و استقبل بأصابع رجليه جميعا لم يحرّفهما عن القبلة بخشوع و استكانة و قال اللّه أكبر ثمّ قرأ الحمد بترتيل و قل هو اللّه أحد ثمّ صبر هنيئة بقدر ما يتنفّس و هو قائم ثمّ قال اللّه أكبر و هو قائم ثمّ ركع و ملأ كفّيه من ركبتيه منفرجات و ردّ ركبتيه إلى خلف حتّى استوى ظهره حتّى لو صبّ عليه قطرة من ماء أو دهن لم تزل لاستواء ظهره و مدّ عنقه و غمّض عينيه ثمّ سبّح ثلاثا بترتيل فقال سبحان ربّي العظيم و بحمده ثمّ استوى قائما فلمّا استمكن من القيام قال سمع اللّه لمن حمده ثمّ كبّر و هو قائم و رفع يديه حيال وجهه ثمّ سجد و وضع كفّيه مضمومتي الأصابع بين ركبتيه حيال وجهه فقال سبحان ربّي الأعلى و بحمده ثلاث مرّات و لم يضع شيئا من بدنه على شي‏ء و سجد على ثمانية أعظم الجبهة و الكفّين و عيني الرّكبتين و أنامل إبهامي الرّجلين فهذه السّبعة فرض و وضع الأنف على الأرض سنّة و هو الإرغام ثمّ رفع رأسه من السّجود فلمّا استوى جالسا قال اللّه أكبر ثمّ قعد على جانبه الأيسر قد وضع ظاهر اليمنى على باطن قدمه الأيسر و قال أستغفر اللّه ربّي و أتوب إليه ثمّ كبّر و هو جالس و سجد السّجدة الثّانية و قال كما قال في الأولى و لم يستعن بشي‏ء من جسده على شي‏ء في ركوع و لا سجود مجّنّحا و لم يضع ذراعيه على الأرض فصلّى ركعتين على هذا و يداه مضمومتا الأصابع و هو جالس في التّشهّد فلمّا فرغ من التّشهّد سلّم فقال يا حمّاد هكذا صلّ و لا تلتفت و لا تعبث بيديك و أصابعك و لا تبزق عن يمينك و لا عن يسارك و لا بين يديك

، و بالإسناد عن حمّاد عن حريز عن زرارة قال سألت أبا جعفر ع عن كبار حدود الصّلاة فقال سبعة الوضوء و الوقت و القبلة و تكبيرة الافتتاح و الرّكوع و السّجود و الدّعاء فهذه فروض على كلّ مخلوق و فرض على الأقوياء و العلماء الأذان و الإقامة و القراءة و التّسبيح و التّشهّد و ليست فرضا في نفسها و لكنّها سنّة و إقامتها فرض على العلماء و الأقوياء و وضع عن النّساء و المستضعفين و البله الأذان و الإقامة و لا بدّ من الرّكوع و السّجود و ما أحسنوا من القراءة و التّسبيح و الدّعاء و فيالصّلاة فرض و تطوّع فأمّا الفرض فمنه الرّكوع و أمّا التّطوّع فما زاد في التّسبيح و القراءة و القنوت واجب و الإجهار بالقراءة واجب في صلاة المغرب و العشاء و الفجر و العلّة في ذلك من أجل القنوت حتّى إذا قطع الإمام القراءة علم من خلفه أنّه قنت فيقنتون و قد قال العالم ع إنّ للصّلاة أربعة آلاف حدّ

 قلت الظّاهر أنّ من قوله و في الصّلاة أو من قوله و العلّة في ذلك من كلام المؤلّف كما لا يخفى على المتأمّل

3    زيد النّرسيّ في أصله، عن أبي الحسن الأوّل ع أنّه رآه يصلّي فكان إذا كبّر في الصّلاة ألزق أصابع يديه الإبهام و السّبّابة و الوسطى و الّتي تليها و فرّج بينها و بين الخنصر ثمّ رفع يديه بالتّكبير قبالة وجهه )ثمّ يرسل يديه و يلزق بين الفخذين و لا يفرّج بين أصابع يديه فإذا ركع كبّر و رفع يديه بالتّكبير قبالة وجهه( ثمّ يلقم ركبتيه كفّيه و يفرّج بين الأصابع فإذا اعتدل لم يرفع يديه و ضمّ الأصابع بعضها إلى بعض كما كانت و يلزق يديه مع الفخذين ثمّ يكبّر و يرفعهما قبالة وجهه كما هي ملتزق الأصابع فيسجد و يبادر بهما الأرض من قبل ركبتيه و يضعهما مع الوجه بحذائه فيبسطهما على الأرض بسطا و يفرّج بين الأصابع كلّها و يجنّح بيديه و لا يجنّح في الرّكوع فرأيته كذلك يفعل و يرفع يديه عند كلّ تكبيرة فيلزق الأصابع و لا يفرّج بين الأصابع إلّا في الرّكوع و السّجود و إذا بسطهما على الأرض

4    الصّدوق في الخصال، عن أحمد بن الحسن القطّان عن الحسن بن عليّ السّكّريّ عن محمّد بن زكريّا الجوهريّ عن جعفر بن محمّد بن عمارة عن أبيه عن جابر الجعفيّ قال سمعت أبا جعفر محمّد بن عليّ الباقر ع يقول ليس على النّساء أذان إلى أن قال فإذا قامت في صلاتها ضمّت رجليها و وضعت يديها على صدرها و تضع يديها في ركوعها على فخذيها و تجلس إذا أرادت السّجود سجدت لاطئة بالأرض و إذا رفعت رأسها من السّجود جلست ثمّ نهضت إلى القيام و إذا قعدت للتّشهّد رفعت رجليها و ضمّت فخذيها و إذا سبّحت عقدت الأنامل لأنّهنّ مسئولات

5    البحار، وجدت بخطّ الشّيخ محمّد بن عليّ الجبعيّ نقلا من جامع البزنطيّ بإسناده عن أبي عبد اللّه ع قال إذا قمت في صلاتك فاخشع فيها و لا تحدّث نفسك إن قدرت على ذلك و اخضع برقبتك و لا تلتفت فيها و لا يجز طرفك موضع سجودك و صفّ قدميك و أثبتهما و أرخ يديك و لا تكفّر و لا تورّك

 قال البزنطيّ رحمه اللّه فإنّه بلغني عن أبي عبد اللّه ع أنّ قوما عذّبوا لأنّهم كانوا يتورّكون تضجّرا بالصّلاة

6    و فيه، وجدت بخطّ بعض الأفاضل نقلا عن جامع البزنطيّ عن الحلبيّ قال قال الصّادق ع إنّ قوما عذّبوا بأنّهم كانوا يتورّكون في الصّلاة يضع أحدهم كفّيه على وركيه من ملالة الصّلاة فقلنا الرّجل يعيي في المشي فيضع يديه على وركه قال لا بأس

 مجموعة الشّهيد، نقلا عن جامع البزنطيّ مثل الخبرين

7    فقه الرّضا، ع فإذا أردت أن تقوم إلى الصّلاة فلا تقم إليها متكاسلا و لا متناعسا و لا مستعجلا و لا متلاهيا و لكن تأتيها على السّكون و الوقار و التّؤدة و عليك الخشوع و الخضوع متواضعا للّه جلّ و عزّ متخاشعا عليك الخشية و سيماء الخوف راجيا خائفا بالطّمأنينة على الوجل و الحذر فقف بين يديه كالعبد الآبق المذنب بين يدي مولاه فصفّ قدميك و انصب نفسك و لا تلتفت يمينا و شمالا و تحسب كأنّك تراه فإن لم تكن تراه فإنّه يراك و لا تعبث بلحيتك و لا بشي‏ء من جوارحك و لا تفرقع أصابعك و لا تحكّ بدنك و لا تولع بأنفك و لا بثوبك و لا تصلّ و أنت متلثّم و لا يجوز للنّساء الصّلاة و هنّ متنقّبات و يكون بصرك في موضع سجودك ما دمت قائما و أظهر عليك الجزع و الهلع و الخوف و ارغب مع ذلك إلى اللّه عزّ و جلّ و لا تتّك مرّة على رجلك و مرّة على الأخرى و تصلّي صلاة مودّع ترى أنّك لا تصلّي أبدا و اعلم أنّك بين يدي الجبّار و لا تعبث بشي‏ء من الأشياء و لا تحدّث لنفسك و أفرغ قلبك و ليكن شغلك في صلاتك و أرسل يديك ألصقهما بفخذيك فإذا افتتحت الصّلاة فكبّر و ارفع يديك بحذاء أذنيك و لا تجاوز بإبهاميك حذاء أذنيك و لا ترفع يديك بالدّعاء في المكتوبة حتّى تجاوز بهما رأسك و لا بأس بذلك في النّافلة و الوتر فإذا ركعت فألقم ركبتيك راحتيك و تفرّج بين أصابعك و اقبض عليهما و إذا رفعت رأسك من الرّكوع فانصب قائما حتّى ترجع مفاصلك كلّها إلى المكان ثمّ اسجد و ضع جبينك على الأرض و ارغم على راحتيك و اضمم أصابعك و ضعهما مستقبل القبلة و إذا جلست فلا تجلس على يمينك و لكن انصب يمينك و اقعد على أليتيك و لا تضع يديك بعضها على بعض لكن أرسلهما إرسالا فإنّ ذلك تكفير أهل الكتاب و لا تتمطّى في صلاتك و لا تتجشّأ و امنعهما بجهدك و طاقتك فإذا عطست فقل الحمد للّه و لا تطأ موضع سجودك و لا تتقدّم مرّة و لا تتأخّر أخرى و لا تصلّ و بك شي‏ء من الأخبثين فإن كنت في الصّلاة فوجدت غمزا فانصرف إلّا أن يكون شيئا تصبر عليه من غير إضرار بالصّلاة و قال ع في موضع آخر و تضمّ أصابع يديك في جميع الصّلاة تجاه القبلة عند السّجود و تفرّقها عند الرّكوع و ألقم راحتيك بركبتيك و لا تلصق إحدى القدمين بالأخرى و أنت قائم و لا في وقت الرّكوع و ليكن بينهما أربع أصابع أو شبر و أدنى ما يجزئ في الصّلاة فيما يكمل به الفرائض تكبير الافتتاح و تمام الرّكوع و السّجود و أدنى ما يجزئ من التّشهّد الشّهادتان فإذا كبّرت فاشخص ببصرك نحو سجودك و أرسل منكبيك و ضع يديك على فخذيك قبالة ركبتيك فإنّه أحرى أن تقيم بصلاتك و لا تقدّم رجلا على رجل و لا تنفخ في موضع سجودك و لا تعبث بالحصى فإن أردت ذلك فليكن ذلك قبل دخولك في الصّلاة إلى أن قال ع و المرأة إذا قامت إلى صلاتها ضمّت رجليها و وضعت يديها على صدرها من مكان ثدييها فإذا ركعت وضعت يديها على فخذيها و لا تتطأطأ كثيرا لئلّا ترفع عجيزتها فإذا سجدت جلست ثمّ سجدت لاطئة بالأرض فإذا أرادت النّهوض تقوم من غير أن ترفع عجيزتها فإذا قعدت للتّشهّد رفعت رجليها و ضمّت فخذيها و قال ع اعلم أنّ الصّلاة ثلثها وضوء و ثلثها ركوع و ثلثها سجود و أنّ لها أربعة آلاف حدّ و أنّ فروضها عشرة ثلاث منها كبار و هي تكبيرة الافتتاح و الرّكوع و السّجود و سبعة صغار و هي القراءة و تكبير الرّكوع و تكبير السّجود و تسبيح الرّكوع و تسبيح السّجود و القنوت و التّشهّد و بعض هذه أفضل من بعض

8    محمّد بن مسعود العيّاشيّ في تفسيره، عن زرارة عن أبي جعفر ع قال لا تقم إلى الصّلاة متكاسلا و لا متناعسا و لا متثاقلا فإنّها من خلل النّفاق فإنّ اللّه نهى المؤمنين أن يقوموا إلى الصّلاة و هم سكارى يعني من النّوم

9    عوالي اللآّلي، حدّث ابن عجلان عن عليّ بن يحيى الزّرقيّ عن أبيه عن عمّه و كان بدريّا قال كنّا مع رسول اللّه ص إذ دخل المسجد رجل فقام )فصلّى( ناحية و رسول اللّه ص يرمقه و لا يشعر ثمّ انصرف فأتى رسول اللّه ص فسلّم عليه فردّ عليه السّلام و قال له ارجع و صلّ فإنّك لم تصلّ حتّى فعل ثلاثا فقال الرّجل و الّذي أنزل عليك الكتاب لقد جهدت و حرصت فعلّمني و آذنّي فقال إذا أردت الصّلاة فأحسن الوضوء ثمّ قم فاستقبل القبلة ثمّ كبّر ثمّ اقرأ ثمّ اركع حتّى تطمئنّ راكعا ثمّ ارفع حتّى تعدل قائما ثمّ اسجد حتّى تطمئنّ ساجدا ثمّ ارفع حتّى تطمئنّ قاعدا ثمّ اسجد حتّى تطمئنّ ساجدا فإذا صنعت ذلك فقد قضيت صلاتك و ما نقصت من ذلك فإنّما تنقصه من صلاتك و عنه ص أنّه قال إنّما صلاتنا هذه تكبير و قراءة و ركوع و سجود

 باب 2 -تأكّد استحباب الخشوع في الصّلاة و استحضار عظمة اللّه و استشعار هيبته و أن يصلّي صلاة مودّع

1    السّيّد عليّ بن طاوس في فلاح السّائل، ذكر الكراجكيّ في كنز الفوائد قال جاء في الحديث أنّ أبا جعفر المنصور خرج في يوم الجمعة متوكّئا على يدي الصّادق جعفر بن محمّد ع فقال رجل يقال له رزام مولى خالد بن عبد اللّه من هذا الّذي بلغ من خطره ما يعتمد أمير المؤمنين على يده فقيل له هذا أبو عبد اللّه جعفر بن محمّد الصّادق ع فقال إنّي و اللّه ما علمت لوددت أنّ خدّ أبي جعفر نعل لجعفر ع ثمّ قام فوقف بين يدي المنصور فقال له أسأل يا أمير المؤمنين فقال له المنصور سل هذا فقال إنّي أريدك بالسّؤال فقال له المنصور سل هذا فالتفت رزام إلى الإمام جعفر بن محمّد ع فقال له أخبرني عن الصّلاة و حدودها فقال له الصّادق ص للصّلاة أربعة آلاف حدّ لست تؤاخذ بها فقال أخبرني بما لا يحلّ تركه و لا تتمّ الصّلاة إلّا به فقال أبو عبد اللّه ع لا تتمّ الصّلاة إلّا لذي طهر سابغ و تمام بالغ غير نازع و لا زائغ عرف فوقف و أخبث فثبت فهو واقف بين اليأس و الطّمع و الصّبر و الجزع كأنّ الوعد له صنع و الوعيد به وقع بذل عرضه و يمثّل غرضه و بذل في اللّه المهجة و تنكّب إليه المحجّة غير مرتغم بارتغام يقطع علائق الاهتمام بعين من له قصد و إليه وفد و منه استرفد فإذا أتى بذلك كانت هي الصّلاة الّتي بها أمر و عنها أخبر و أنّها هي الصّلاة الّتي تنهى عن الفحشاء و المنكر فالتفت المنصور إلى أبي عبد اللّه ع فقال له يا أبا عبد اللّه لا نزال من بحرك نغترف و إليك نزدلف تبصّر من العمى و تجلو بنورك الطّخياء فنحن نعوم في سبحات قدسك و طامي بحرك

2    و فيه، روى صاحب كتاب زهرة المهج و تواريخ الحجج بإسناده عن الحسن بن محبوب عن عبد العزيز العبديّ عن ابن أبي يعفور قال قال مولانا الصّادق ع كان عليّ بن الحسين ع إذا حضرت الصّلاة اقشعرّ جلده و اصفرّ لونه و ارتعد كالسّعفة

3    و روّينا بإسنادنا في كتاب الرّسائل، عن محمّد بن يعقوب الكلينيّ بإسناده إلى مولانا زين العابدين ع أنّه قال فأمّا حقوق الصّلاة فأن تعلم أنّها وفادة إلى اللّه و أنّك فيها قائم بين يدي اللّه فإذا علمت ذلك كنت خليقا أن تقوم فيها مقام العبد الذّليل الرّاغب الرّاهب الخائف الرّاجي المسكين المتضرّع المعظّم مقام من يقوم بين يديه بالسّكون و الوقار و خشوع الأطراف و لين الجناح و حسن المناجاة له في نفسه و الطّلب إليه في فكاك رقبته الّتي أحاطت بها خطيئته و استهلكتها ذنوبه و لا قوّة إلّا باللّه

4    و روى جعفر بن أحمد القمّيّ في كتاب زهد النّبيّ ص، قال كان النّبيّ ص إذا قام إلى الصّلاة تربّد وجهه خوفا من اللّه تعالى و كان لصدره )أو لجوفه( أزيز كأزيز المرجل

، و قال في رواية أخرى أنّ النّبيّ ص كان إذا قام إلى الصّلاة كأنّه ثوب ملقى

 و ذكر مصنّف كتاب اللّؤلؤيّات، في باب الخشوع قال كان عليّ بن أبي طالب ع إذا حضر وقت الصّلاة يتزلزل و يتلوّن فيقال له ما لك يا أمير المؤمنين فيقول جاء وقت أمانة اللّه الّتي عرضها على السّموات و الأرض فأبين أن يحملنها و أشفقن منها و حملها الإنسان فلا أدري أحسن أداء ما حمّلت أم لا

6    و رويت بأسانيدي من كتاب أصل جامع ما يحتاج إليه المؤمن في دينه في اليوم و اللّيلة، عن أبي أيّوب قال كان أبو جعفر و أبو عبد اللّه ع إذا قاما إلى الصّلاة تغيّرت ألوانهما حمرة و مرّة صفرة و كأنّما يناجيان شيئا يريانه

7    و عن الحسن بن محبوب في كتاب المشيخة، عن العبد الصّالح عبد اللّه بن أبي يعفور رضوان اللّه عليه قال قال أبو عبد اللّه ع يا عبد اللّه إذا صلّيت صلاة فريضة فصلّها لوقتها صلاة مودّع يخاف أن لا يعود إليها أبدا ثمّ اضرب ببصرك إلى موضع سجودك فلو تعلم من عن يمينك و شمالك لأحسنت صلاتك و اعلم أنّك قدّام من يراك و لا تراه

8    عماد الدّين الطّبريّ في بشارة المصطفى، عن أبي البقاء إبراهيم بن الحسين البصريّ عن محمّد بن الحسن بن عتبة عن محمّد بن الحسين بن أحمد عن محمّد بن وهبان الدّبيليّ عن عليّ بن أحمد بن كثير العسكريّ عن أبي سلمة أحمد بن المفضّل الأصبهانيّ عن أبي عليّ راشد بن عليّ بن وابل القرشيّ عن عبد اللّه بن حفص المدنيّ عن محمّد بن إسحاق عن سعيد بن زيد بن أرطأة عن كميل بن زياد عن أمير المؤمنين ع أنّه قال يا كميل لا تغترّ بأقوام يصلّون فيطيلون و يصومون فيداومون و يتصدّقون فيحسبون أنّهم موفّقون يا كميل أقسم باللّه لسمعت رسول اللّه ص يقول إنّ الشّيطان إذا حمل قوما على الفواحش مثل الزّنا و شرب الخمر و الرّبا و ما أشبه ذلك من الخنا و المآثم حبّب إليهم العبادة الشّديدة و الخشوع و الرّكوع و الخضوع و السّجود ثمّ حملهم على ولاية الأئمّة الّذين يدعون إلى النّار و يوم القيامة لا ينصرون يا كميل ليس الشّأن أن تصلّي و تصوم و تتصدّق ]إنّما[ الشّأن أن تكون الصّلاة فعلت بقلب تقيّ و عمل عند اللّه مرضيّ و خشوع سويّ و إبقاء للجدّ فيها الوصيّة

 و رواها الحسن بن عليّ بن شعبة في تحف العقول، و توجد في بعض نسخ نهج البلاغة،

9    مصباح الشّريعة، قال الصّادق ع إذا استقبلت القبلة فانس الدّنيا و ما فيها و الخلق و ما هم فيه )و استفرغ قلبك من كلّ شاغل يشغلك عن اللّه( و عاين بسرّك عظمة اللّه و اذكر وقوفك بين يديه يوم تبلو كلّ نفس ما أسلفت و ردّوا إلى اللّه مولاهم الحقّ و قف على قدم الخوف و الرّجاء فإذا كبّرت فاستصغر ما بين السّموات العلى و الثّرى دون كبريائه فإنّ اللّه تعالى إذا اطّلع على قلب العبد و هو يكبّر و في قلبه عارض عن حقيقة تكبيره قال يا كاذب أ تخدعني و عزّتي و جلالي لأحرمنّك حلاوة ذكري و لأحجبنّك عن قربي و المسارّة بمناجاتي و اعلم أنّه غير محتاج إلى خدمتك و هو غنيّ عن عبادتك و دعائك و إنّما دعاك بفضله ليرحمك و يبعدك من عقوبته و ينشر عليك من بركات حنانيّته و يهديك إلى سبيل رضاه و يفتح عليك باب مغفرته فلو خلق اللّه عزّ و جلّ على ضعف ما خلق من العوالم أضعافا مضاعفة على سرمد الأبد لكان عنده سواء كفروا بأجمعهم به أو وحّدوه فليس له من عبادة الخلق إلّا إظهار الكرم و القدرة فاجعل الحياء رداء و العجز إزارا و ادخل تحت ستر سلطان اللّه تغنم فوائد ربوبيّته مستعينا به و مستغيثا إليه

10    ابن الشّيخ الطّوسيّ في مجالسه، عن أبيه عن جماعة عن أبي المفضّل عن الحسن بن عليّ العاقوليّ عن موسى بن عمر بن يزيد عن معمّر بن خلّاد عن الرّضا عن آبائه ع قال جاء خالد بن زيد إلى رسول اللّه ص فقال يا رسول اللّه أوصني و أقلل لعلّي أن أحفظ قال أوصيك بخمس إلى أن قال و صلّ صلاة مودّع الخبر

  محمّد بن عليّ بن شهرآشوب في المناقب، من كتاب الأنوار في سياق أحوال السّجّاد ع أنّه كان قائما يصلّي حتّى وقف ابنه محمّد ع و هو طفل إلى بئر في داره بالمدينة بعيدة القعر فسقط فيها فنظرت إليه أمّه فصرخت و أقبلت نحو البئر تضرب بنفسها حذاء البئر و تستغيث و تقول يا ابن رسول اللّه غرق ولدك محمّد و هو لا ينثني عن صلاته و هو يسمع اضطراب ابنه في قعر البئر فلمّا طال عليها ذلك قالت حزنا على ولدها ما أقسى قلوبكم يا أهل بيت رسول اللّه فأقبل على صلاته و لم يخرج عنها إلّا عن كمالها و إتمامها ثمّ أقبل عليها و جلس على أرجاء البئر و مدّ يده إلى قعرها و كانت لا تنال إلّا برشاء طويل فأخرج ابنه محمّدا على يديه يناغي و يضحك لم يبتلّ له ثوب و لا جسد بالماء فقال هاك يا ضعيفة اليقين باللّه فضحكت لسلامة ولدها و بكت لقوله يا ضعيفة اليقين باللّه فقال لا تثريب عليك اليوم لو علمت أنّي كنت بين يدي جبّار لو ملت بوجهي عنه لمال بوجهه عنّي أ فمن يرى راحما بعده

 و رواه الحضينيّ في الهداية، مرفوعا عن الصّادق ع مثله باختلاف يسير و فيه أ ما علمت أنّي كنت

 و رواه في البحار، عن كتاب العدد القويّة لأخ العلّامة مثله و فيه أ فمن ترى أرحم لعبده منه

12    فقه الرّضا، ع سئل بعض العلماء من آل محمّد ع فقيل له جعلت فداك ما معنى الصّلاة في الحقيقة قال صلة اللّه للعبد بالرّحمة و طلب الوصال إلى اللّه من العبد إذا كان يدخل بالنّيّة و يكبّر بالتّعظيم و الإجلال و يقرأ بالتّرتيل و يركع بالخشوع و يرفع بالتّواضع و يسجد بالذّلّ و الخضوع و يتشهّد بالإخلاص مع الأمل و يسلّم بالرّحمة و الرّغبة و ينصرف بالخوف و الرّجاء فإذا فعل ذلك أدّاها بالحقيقة ثمّ قيل ما آداب الصّلاة قال حضور القلب و إفراغ الجوارح و ذلّ المقام بين يدي اللّه تبارك و تعالى و يجعل الجنّة عن يمينه و النّار يراها عن يساره و الصّراط بين يديه و اللّه أمامه و قيل إنّ النّاس متفاوتون في أمر الصّلاة فعبد يرى قرب اللّه منه في الصّلاة و عبد يرى قيام اللّه عليه في الصّلاة و عبد يرى شهادة اللّه في الصّلاة و هذا كلّه على مقدار مراتب إيمانهم و قيل إنّ الصّلاة أفضل العبادة للّه و هي أحسن صورة خلقها اللّه فمن أدّاها بكمالها و تمامها فقد أدّى واجب حقّها و من تهاون بها ضرب بها وجهه

13    عوالي اللآّلي، قال النّبيّ ص إنّ الرّجلين من أمّتي يقومان في الصّلاة و ركوعهما و سجودهما واحد و إنّ ما بين صلاتيهما مثل ما بين السّماء و الأرض و قال ص من صلّى ركعتين و لم يحدّث نفسه فيهما بشي‏ء من أمور الدّنيا غفر اللّه له ذنوبه

 و روى معاذ بن جبل عنه ص أنّه قال من عرف من على يمينه و شماله متعمّدا في الصّلاة فلا صلاة له و قال إنّ العبد ليصلّي الصّلاة لا يكتب له سدسها و لا عشرها و إنّما يكتب للعبد من صلاته ما عقل منها

14    البحار، عن بيان التّنزيل لابن شهرآشوب عن تفسير القشيريّ أنّ أمير المؤمنين ع ]كان[ إذا حضر وقت الصّلاة تلوّن و تزلزل فقيل له ما لك فقال جاء وقت أمانة عرضها اللّه على السّموات و الأرض و الجبال فأبين أن يحملنها و أشفقن منها و حملها الإنسان و أنا في ضعفي فلا أدري أحسن أداء ما حمّلت أم لا

 و عن ربيعة عن النّبيّ ص قال إذا صلّيت فصلّ صلاة مودّع

  أحمد بن محمّد بن فهد في عدّة الدّاعي، روي أنّ إبراهيم ع كان يسمع تأوّهه على حدّ ميل حتّى مدحه اللّه بقوله إنّ إبراهيم لحليم أوّاه منيب و كان في صلاته يسمع له أزيز كأزيز المرجل و كذلك كان يسمع من صدر سيّدنا رسول اللّه ص مثل ذلك و كانت فاطمة ع تنهج في الصّلاة من خيفة اللّه

16  ، و روى المفضّل بن عمر عن الصّادق عن أبيه عن جدّه أنّ الحسن بن عليّ ع كان إذا قام في صلاته ترتعد فرائصه بين يدي ربّه عزّ و جلّ إذا ذكر الجنّة و النّار اضطرب اضطراب السّليم و سأل اللّه الجنّة و تعوّذ باللّه من النّار

17  ، و قالت عائشة كان رسول اللّه ص يحدّثنا و نحدّثه فإذا حضرت الصّلاة فكأنّه لم يعرفنا و لم نعرفه

18      و من سنن إدريس، ع إذا دخلتم في الصّلاة فاصرفوا إليها خواطركم و أفكاركم و ادعوا اللّه دعاء ظاهرا منفرجا و اسألوه مصالحكم و منافعكم بخضوع و خشوع و طاعة و استكانة

  الشّهيد الثّاني رحمه اللّه في أسرار الصّلاة، روي عن النّبيّ ص أنّ العبد إذا اشتغل بالصّلاة جاءه الشّيطان و قال له اذكر كذا اذكر كذا حتّى يضلّ الرّجل أن يدري كم صلّى

20  ، و قال ص أ ما يخاف الّذي يحوّل وجهه في الصّلاة أن يحوّل اللّه وجهه حمارا

21  ، و عنه ص من حبس نفسه في صلاة فريضة فأتمّ ركوعها و سجودها و خشوعها ثمّ مجّد اللّه عزّ و جلّ و عظّمه و حمّده حتّى يدخل وقت صلاة أخرى لم يلغ بينهما كتب اللّه له كأجر الحاجّ المعتمر و كان من أهل علّيّين

22  ، و عن أبي جعفر ع قال قال رسول اللّه ص إذا قام العبد المؤمن في صلاته نظر اللّه إليه أو قال أقبل اللّه عليه حتّى ينصرف و أظلّته الرّحمة من فوق رأسه إلى أفق السّماء و الملائكة تحفّه من حوله إلى أفق السّماء و وكّل اللّه به ملكا قائما على رأسه يقول أيّها المصلّي لو تعلم من ينظر إليك و من تناجي ما التفتّ و لا زلت من موضعك أبدا

   ، و عن النّبيّ ص إذا قام العبد إلى الصّلاة فكان هواه و قلبه إلى اللّه تعالى انصرف كيوم ولدته أمّه

24  ، و قال ص يمضي على الرّجل ستّون سنة أو سبعون ما قبل اللّه منه صلاة واحدة

25    سبط الشّيخ الطّبرسيّ في مشكاة الأنوار، عن عليّ بن يقطين قال قال أبو الحسن موسى ع مر أصحابك أن يكفّوا من ألسنتهم و يدعوا الخصومة في الدّين و يجتهدوا في عبادة اللّه و إذا قام أحدهم في صلاة فريضة فليحسن صلاته و ليتمّ ركوعه و سجوده و لا يشغل قلبه بشي‏ء من أمور الدّنيا فإنّي سمعت أبي يقول إنّ ملك الموت يتصفّح وجوه المؤمنين من عند حضور الصّلوات المفروضات

26    دعائم الإسلام، و عن رسول اللّه ص أنّه دخل المسجد فنظر إلى أنس بن مالك يصلّي و ينظر حوله فقال له يا أنس صلّ صلاة مودّع ترى أنّك لا تصلّي بعدها صلاة أبدا اضرب ببصرك موضع سجودك لا تعرف من عن يمينك و لا عن شمالك و اعلم أنّك بين يدي من يراك و لا تراه

   ، و عن جعفر بن محمّد ع أنّه قال في قول اللّه عزّ و جلّ الّذين هم في صلاتهم خاشعون قال الخشوع غضّ البصر في الصّلاة و قال من التفت بالكلّيّة في صلاته قطعها

28  ، و عن رسول اللّه ص قال بنيت الصّلاة على أربعة أسهم سهم منها إسباغ الوضوء و سهم منها الرّكوع و سهم منها السّجود و سهم منها الخشوع فقيل يا رسول اللّه و ما الخشوع فقال التّواضع في الصّلاة وأن يقبل العبد بقلبه كلّه على ربّه فإذا هو أتمّ ركوعها و سجودها و أتمّ سهامها صعدت إلى السّماء لها نور يتلألأ و فتحت أبواب السّماء لها و تقول حافظت عليّ حفظك اللّه فتقول الملائكة صلّى اللّه على صاحب هذه الصّلاة الخبر

29  ، و روّينا عن عليّ بن الحسين ع أنّه صلّى فسقط الرّداء عن منكبيه فتركه حتّى فرغ من صلاته فقال له بعض أصحابه يا ابن رسول اللّه سقط رداؤك عن منكبيك فتركته و مضيت في صلاتك فقال ويحك أ تدري بين يدي من كنت شغلني و اللّه ذلك عن هذا أ تعلم أنّه لا يقبل من صلاة العبد إلّا ما أقبل عليه فقال له يا ابن رسول اللّه هلكنا إذا قال كلّا إنّ اللّه يتمّ ذلك بالنّوافل

30  ، و عنه ص أنّه كان إذا توضّأ للصّلاة و أخذ في الدّخول فيها اصفرّ وجهه و تغيّر فقيل له مرّة في ذلك فقال إنّي أريد الوقوف بين يدي ملك عظيم

31      ، و عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه ص أنّهما كانا إذا قاما في الصّلاة تغيّرت ألوانهما مرّة حمرة و مرّة صفرة كأنّهما يناجيان شيئا يريانه

32  ، و عن عليّ ص أنّه كان إذا دخل الصّلاة كان كأنّه بناء ثابت أو عمود قائم لا يتحرّك و كان ربّما ركع أو سجد فيقع الطّير عليه و لم يطق أحد أن يحكي صلاة رسول اللّه ص إلّا عليّ بن أبي طالب و عليّ بن الحسين ع

33    القطب الرّاونديّ في لبّ اللّباب، عن النّبيّ ص أنّه قال صلّ صلاة مودّع فإذا دخلت في الصّلاة فقل هذا آخر صلاتي من الدّنيا و كن كأنّ الجنّة بين يديك و النّار تحتك و ملك الموت وراءك و الأنبياء عن يمينك و الملائكة عن يسارك و الرّبّ مطّلع عليك من فوقك فانظر بين يدي من تقف و مع من تناجي و من ينظر إليك

34  ، و عنه ص قال للمصلّي ثلاثة أشياء يتناثر البرّ على رأسه من عنان السّماء إلى مفرق رأسه و الملائكة محفوفة من لدن قدميه إلى عنان السّماء و ملك ينادي لو يعلم هذا القائم من يناجي ما انفتل العبد من صلاته

35  ، و عنه ص قال من صلّى صلاة لا يذكر فيها شيئا من أمر الدّنيا لا يسأل اللّه شيئا إلّا أعطاه

36  ، و عنه ص قال الخشوع في القلب و أن تلين جانبك للمسلم و لا تلتفت يمينا و لا شمالا في الصّلاة

 و كان نبيّنا ص يصلّي و لجوفه أزيز كأزيز المرجل

 باب 3 -تأكّد استحباب الإقبال بالقلب على الصّلاة و تدبّر معاني القراءة و الأذكار

1    الشّيخ المفيد ره في مجالسه، عن أحمد بن محمّد بن الحسن بن الوليد عن أبيه عن )محمّد بن الحسن الصّفّار( عن أحمد بن محمّد عن الحسن بن محبوب عن إبراهيم الكرخيّ عن أبي عبد اللّه ع قال سمعته يقول لا يجمع اللّه عزّ و جلّ لمؤمن الورع و الزّهد في الدّنيا إلّا رجوت له الجنّة قال ثمّ قال و إنّي لأحبّ للرّجل منكم المؤمن إذا قام في صلاة فريضة أن يقبل بقلبه إلى اللّه و لا )يشغل قلبه( بأمر الدّنيا فليس من مؤمن يقبل بقلبه في صلاته إلى اللّه إلّا أقبل اللّه إليه بوجهه و أقبل بقلوب المؤمنين إليه بالمحبّة له بعد حبّ اللّه عزّ و جلّ إيّاه

2    البرقيّ في المحاسن، عن أبيه عن النّضر عن هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه ع قال من صلّى و أقبل على صلاته لم يحدّث نفسه و لم يسه فيها أقبل اللّه عليه ما أقبل عليها و ربّما رفع نصفها و ثلثها و ربعها و خمسها و إنّما أمر بالسّنّة ليكمل ما ذهب من المكتوبة

3    فقه الرّضا، ع لا صلاة إلّا بإسباغ الوضوء و إحضار النّيّة و خلوص اليقين و إفراغ القلب و ترك الأشغال و هو قوله فإذا فرغت فانصب و إلى ربّك فارغب

4    السّيّد عليّ بن طاوس في فلاح السّائل، روي أنّ مولانا جعفر بن محمّد الصّادق ع كان يتلو القرآن في صلاته فغشي عليه فلمّا أفاق سئل ما الّذي أوجب ما انتهت حالك إليه فقال ما معناه ما زلت أكرّر آيات القرآن حتّى بلغت إلى حال كأنّني سمعتها مشافهة ممّن أنزلها و لقد صلّى أبو جعفر ع ذات يوم فوقع على رأسه شي‏ء فلم ينزعه من رأسه حتّى قام إليه جعفر ع فنزعه من رأسه تعظيما للّه و إقبالا على صلاته و هو قول اللّه فأقم وجهك للدّين حنيفا و هي أيضا في الولاية

5    البحار، وجدت بخطّ الشّيخ محمّد بن عليّ الجبعيّ نقلا من خطّ الشّهيد قدّس اللّه روحهما قال روى جابر بن عبد اللّه الأنصاريّ قال كنت مع مولانا أمير المؤمنين ع فرأى رجلا قائما يصلّي فقال له يا هذا أ تعرف تأويل الصّلاة فقال يا مولاي و هل للصّلاة تأويل غير العبادة فقال إي و الّذي بعث محمّدا ص بالنّبوّة ما بعث اللّه نبيّه بأمر من الأمور إلّا و له تشابه و تأويل و تنزيل و كلّ ذلك يدلّ على التّعبّد فقال له علّمني ما هو يا مولاي فقال تأويل تكبيرتك الأولى إلى إحرامك أن تخطر في نفسك إذا قلت اللّه أكبر من أن يوصف بقيام أو قعود و في الثّانية أن يوصف بحركة أو جمود و في الثّالثة أن يوصف بجسم أو يشبّه بشبه أو يقاس بقياس و تخطر في الرّابعة أن تحلّه الأعراض أو تؤلمه الأمراض و تخطر في الخامسة أن يوصف بجوهر أو عرض أو يحلّ شيئا أو يحلّ فيه شي‏ء و تخطر في السّادسة أن يجوز عليه ما يجوز على المحدثين من الزّوال و الانتقال و التّغيّر من حال إلى حال و تخطر في السّابعة أن تحلّه الحواسّ الخمس ثمّ تأويل مدّ عنقك في الرّكوع تخطر في نفسك آمنت بك و لو ضربت عنقي ثمّ تأويل رفع رأسك من الرّكوع إذا قلت سمع اللّه لمن حمده الحمد للّه ربّ العالمين تأويله الّذي أخرجني من العدم إلى الوجود و تأويل السّجدة الأولى أن تخطر في نفسك و أنت ساجد منها خلقتني و رفع رأسك تأويله و منها أخرجتني و السّجدة الثّانية و فيها تعيدني و رفع رأسك تخطر بقلبك و منها تخرجني تارة أخرى و تأويل قعودك على جانبك الأيسر و رفع رجلك اليمنى و طرحك على اليسرى تخطر بقلبك اللّهمّ إنّي أقمت الحقّ و أمتّ الباطل و تأويل تشهّدك تجديد الإيمان و معاودة الإسلام و الإقرار بالبعث بعد الموت و تأويل قراءة التّحيّات تمجيد الرّبّ سبحانه و تعظيمه عمّا قال الظّالمون و نعته الملحدون و تأويل قولك السّلام عليكم و رحمة اللّه و بركاته ترحّم عن اللّه سبحانه فمعناها هذه أمان لكم من عذاب يوم القيامة ثمّ قال أمير المؤمنين ع من لم يعلم تأويل صلاته هكذا فهي خداج أي ناقصة

  دعائم الإسلام، عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه ع قالا إنّما للعبد من صلاته ما أقبل عليه منها فإذا أوهمها كلّها لفّت فضرب بها وجهه

، و عن جعفر بن محمّد ع أنّه قال إذا أحرمت في الصّلاة فأقبل عليها فإنّك إذا أقبلت أقبل اللّه عليك و إذا أعرضت أعرض اللّه عنك فربّما لم يرفع من الصّلاة إلّا ]النّصف أو[ الثّلث أو الرّبع أو السّدس على قدر إقبال المصلّي على صلاته و لا يعطي اللّه ]القلب[ الغافل شيئا

8    القطب الرّاونديّ في لبّ اللّباب، عن رسول اللّه ص قال لا يقبل اللّه صلاة امرئ لا يحضر فيها قلبه مع بدنه

 باب 4 -كراهة تخفيف الصّلاة و استحباب الإطالة لمن حدّثت نفسه أنّه مراء

1    البحار، عن أصل من أصول أصحابنا عن أحمد بن إسماعيل عن أحمد بن إدريس عن الحسن بن عليّ بن عبد اللّه بن المغيرة عن جعفر بن محمّد بن عبيد اللّه عن عبد اللّه بن المغيرة عن طلحة بن زيد عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن آبائه ع قال قال رسول اللّه ص ليس السّارق من يسرق النّاس و لكنّه الّذي يسرق بالصّلاة

2    دعائم الإسلام، عن عليّ ع قال قال رسول اللّه ص أسرق السّرّاق من سرق من صلاته يعني لا يتمّها

3    الجعفريّات، أخبرنا محمّد حدّثني موسى قال حدّثنا أبي عن أبيه عن جدّه جعفر بن محمّد عن أبيه عن جدّه عليّ بن الحسين عن أبيه عن عليّ ع قال قال رسول اللّه ص إذا أتى أحدكم الشّيطان في صلاته فقال إنّك مراء فليطل أحدكم و إذا كان أحدكم على شي‏ء من أمر آخرته فليمكث و إذا كان على شي‏ء من أمر الدّنيا فليرجع

 باب 5 -نوادر ما يتعلّق بأبواب أفعال الصّلاة

1    الجعفريّات، أخبرنا محمّد حدّثني موسى قال حدّثنا أبي عن أبيه عن جدّه جعفر بن محمّد عن أبيه عن جدّه عليّ بن الحسين عن أبيه عن عليّ ع قال قال رسول اللّه ص صلاة ركعتين خفيفتين في يقين خير من قيام ليلة

2    عليّ بن إبراهيم في تفسيره، عن أبيه عن ابن أبي عمير عن جميل عن زرارة عن أبي عبد اللّه ع في حديث قال قلت له بما استوجب إبليس من اللّه أن أعطاه ما أعطاه فقال بشي‏ء كان منه شكره اللّه عليه قلت و ما كان منه جعلت فداك قال ركعتان ركعهما في السّماء أربعة آلاف سنة

3    أحمد بن محمّد البرقيّ في المحاسن، عن جعفر بن محمّد بن الأشعث عن عبد اللّه بن ميمون القدّاح عن أبي عبد اللّه عن أبيه ع قال صلّى النّبيّ ص صلاة و جهر فيها بالقراءة فلمّا انصرف قال لأصحابه هل أسقطت شيئا من القرآن قال فسكت القوم فقال النّبيّ ص أ فيكم أبيّ بن كعب فقالوا نعم فقال هل أسقطت فيها بشي‏ء قال نعم يا رسول اللّه إنّه كان كذا و كذا فغضب ص ثمّ قال ما بال أقوام يتلى عليهم كتاب اللّه فلا يدرون ما يتلى عليهم منه و لا ما يترك هكذا هلكت بنو إسرائيل حضرت أبدانهم و غابت قلوبهم و لا يقبل اللّه صلاة عبد لا يحضر قلبه مع بدنه

 قال في البحار هذه الرّواية مخالفة للمشهور بين الإماميّة من عدم جواز السّهو على النّبيّ ص و موافق لمذهب الصّدوق و شيخه و يمكن حمله على التّقيّة بقرينة كون الرّاوي زيديّا و أكثر أخباره موافقة لرواية المخالفين كما لا يخفى على المتتبّع انتهى. و يحتمل أن يكون ص اكتفى في الآية و الآيات المذكورة بأدنى الجهر و أخفى عليهم امتحانا و اختبارا لحالهم

4    و فيه، بالإسناد المتقدّم عن أبي عبد اللّه ع قال قال اللّه تبارك و تعالى إنّما أقبل الصّلاة لمن تواضع لعظمتي و يكفّ نفسه عن الشّهوات من أجلي و يقطع نهاره بذكري و لا يتعاظم على خلقي و يطعم الجائع و يكسو العاري و يرحم المصاب و يؤوي الغريب فذلك يشرق نوره مثل الشّمس أجعل له في الظّلمات نورا و في الجهالة علما أكلؤه بعزّتي و أستحفظه بملائكتي يدعوني فألبّيه و يسألني فأعطيه فمثل ذلك عندي كمثل جنّات الفردوس لا تيبس ثمارها و لا تتغيّر حالها

5    محمّد بن عليّ بن شهرآشوب في المناقب، عن أبي حازم قال قال رجل لزين العابدين ع تعرف الصّلاة فحملت عليه فقال ع مهلا يا أبا حازم فإنّ العلماء هم الحلماء الرّحماء ثمّ واجه السّائل فقال نعم أعرفها فسأله عن أفعالها و تروكها و فرائضها و نوافلها حتّى بلغ قوله ما افتتاحها قال التّكبير قال ما برهانها قال القراءة قال ما خشوعها قال النّظر إلى موضع السّجود قال ما تحريمها قال التّكبير قال ما تحليلها قال التّسليم قال ما جوهرها قال التّسبيح قال ما شعارها قال التّعقيب قال ما تمامها قال الصّلاة على محمّد و آل محمّد قال ما سبب قبولها قال ولايتنا و البراءة من أعدائنا فقال ما تركت لأحد حجّة ثمّ نهض يقول اللّه أعلم حيث يجعل رسالته و توارى

6    جامع الأخبار، قال أمير المؤمنين ع لا يجوز صلاة امرئ حتّى يطهّر خمس جوارح الوجه و اليدين و الرّأس و الرّجلين بالماء و القلب بالتّوبة

7    الشّيخ الطّوسيّ في مجالسه، بإسناده عن هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه ع قال إنّ العبد إذا عجّل فقام لحاجة يقول اللّه تبارك و تعالى أ ما يعلم عبدي أنّي أنا أقضي الحوائج

8    السّيّد عليّ بن طاوس في سعد السّعود، وجدت في صحف إدريس ع إذا دخلتم في الصّلاة فاصرفوا لها خواطركم و أفكاركم و ادعوا اللّه دعاء ظاهرا متفرّغا و سلوه مصالحكم و منافعكم بخضوع و خشوع و طاعة و استكانة و إذا ركعتم و سجدتم فأبعدوا عن نفوسكم أفكار الدّنيا و هواجس السّوء و أفعال الشّرّ و اعتقاد المكر و مأكل السّحت و العدوان و الأحقاد و اطرحوا بينكم ذلك كلّه

9    عليّ بن إبراهيم في تفسير قوله تعالى اتل ما أوحي إليك من الكتاب و أقم الصّلاة إنّ الصّلاة تنهى عن الفحشاء و المنكر قال من لم تنهه الصّلاة عن الفحشاء و المنكر لم يزدد من اللّه إلّا بعدا

10    عوالي اللآّلي، عن النّبيّ ص أنّه كان يلحظ في الصّلاة يمينا و شمالا و لا يلوي عنقه خلف ظهره