رد الشمس

نقرأ في حياة النبي سليمان ايضا كثير من القصص الخيالية والمختلقة من قبل المنافقين ووعاظ السلاطين ، والجهلة والمخالفين ، وذلك من اجل المصالح المادية والشخصية ـ كما ذكرنا ـ ، لم نشغل فيها وقت وذهن القارئ العزيز في سردها ، وخاصة ونحن اليوم ومع تطور العلم وانفتاح الذهن ، اصبحت مثل تلك القصص الخيالية واضحة البطلان ولا يقبلها كل ذوعقل سليم. نذكر هنا نموذج واحد من تلك الاقاويل والتفسيرات الباطلة ، والجواب عليها ، من قبل مولى الموحدين امير المؤمنين عليه السلام وذلك في تفسير قوله تعالى : « ... حتى توارت بالحجاب * ردوها علي فطفق مسحا بالسوق والاعناق ... الخ » (1). فسرت هذه الآيات باشكال مختلفة ، حيث ان بعضها فسر بصورة سيئة معارضة لموازين العقل وصدورها من انسان عادي ، فكيف تَرد بحق نبي عظيم كسليمان عليه السلام !! روى الطبرسي رحمه الله عن ابن عباس انه قال : سألت عليا عليه السلام عن هذه الآية ، فقال : ما بلغك فيها يا ابن عباس ؟ فقلت : سمعت كعبا يقول : اشتغل سليمان بعرض الافراس حتى فاتته الصلاة ، فقال : ردوها علي يعني الافراس ، وكانت اربعة عشر ، فأمر بضرب سوقها واعناقها بالسيف فقتلها ، فسلبه الله ملكه اربعة عشر يوما لانه ظلم الخيل بقتلها. فقال علي عليه السلام : كذب كعب ، لكن اشتغل سليمان بعرض الافراس ذات يوم لانه اراد جهاد العدو حتى توارت الشمس بالحجاب ، فقال بأمر من الله تعالى للملائكة الموكلين بالشمس : ردوها علي ، فردت فصلى العصر في وقتها ، وان انبياء الله لا يظلمون ولا يأمرون بالظلم لانهم معصومون مطهرون. (2) فتأمل ... روي عن جابر عن ابي جعفر عليه السلام قال : ان اسم الله الاعظم على ثلاث وسبعين حرفا ، وانما كان عند آصف منها حرف واحد فتكلم به فخسف بالارض ما بينه وبين سرير بلقيس ثم تناول السرير بيده ثم عادت الارض كما كانت اسرع من طرفة عين. وعندنا نحن من الاسم اثنان وسبعون حرفا ، وحرف عند الله استأثر به في علم الغيب عنده ، ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم. (3) 

________________________________________

1 ـ ص : 30 ـ 33. 

2 ـ مجمع البيان : 8 ـ 475 ، البحار : ج 14 ص 103. 

3 ـ تفسير الميزان : ج 15 ص 370.