لقاء يوسف باخوته

لما اشتد القحط والجفاف على مصر والبلدان المحيطة بها واشتد الضيق والجوع بالشعوب ، اخذوا يرسلون تجارهم واولادهم لشراء الحبوب والطعام من خزائن الملك ، ومن جملة الذين دخلوا مصر اخوة يوسف ، وذلك بعدما اضطر يعقوب ان يرسل جميع اولاده ـ ما عدا بنيامين ـ الذي ابقاه عنده بعد غياب يوسف لشراء الطعام. فلما وصلت القافلة ودخلوا على يوسف ، فعرفهم ولم يعرفوه ، « وجاء اخوة يوسف فدخلوا عليه فعرفهم وهم له منكرون ». رحب بهم يوسف وطلبوا منه المساعدة بعدما شرحوا له قصة ابيهم والالم الذي يحيط به على فقد ابنه الذي اكله الذئب. كان اخوة يوسف عشرة فاعطاهم عشرة احمال من الحنطة والحبوب ، فزاد عليهم حملان آخران ، وقال لهم : اني ارى في وجوهكم النبل والرفعة ، فاطلب منكم ان تأتوني باخيكم الذي بقي عند ابيه في سفرتكم القادمة الى مصر ، وختم كلامه بتهديد مبطن لهم ، وهو انني سوف امنع عنكم الحبوب اذا لم تأتوني باخيكم ، وكان يوسف يحاول بشتى الطرق ان يلتقي باخيه بنيامين ويبقيه عنده. رجع اخوة يوسف الى كنعان فرحين حاملين معهم المتاع الثمين ، ولكنهم كانوا يفكرون كيف يوافق ابوهم على ارسال اخيهم معهم. فلما رجعوا الى ابيهم اخبروه وقالوا له : يا ابانا منع منا الكيل ، ولا سبيل لنا للحصول عليه الا ان ترسل معنا اخانا حتى نحصل على حبوب كثيرة ، وكن على يقين من اننا سوف نحافظ عليه ونمنعه من الاذى. فلما استمع الاب الشيخ كلامهم استولى عليه الخوف ، وتذكر يوسف حيث لم تنمحي ذاكرته عن مخيلته وقال لهم : كيف اطمئن ان ابعث معكم ولدي وفلذة كبدي العزيز الى بلاد بعيدة ، واخاف عليه ان يضيع كما ضاع اخيه يوسف. ولكن بعد الاصرار من الاولاد اضطر الى قبول مطاليبهم بشرط ان يعطوه مواثيق قوية على ارجاعها اليه ، فوافقوا على الشرط واليمين ، وارسل معهم ابنه « بنيامين » ، وخاصة بعدما فتحوا متاعهم شاهدوا بضاعتهم ردت اليهم وقالوا لابيهم انظر هذه نقودنا ردت الينا ، هل هناك كرم وفضل مثل هذا ؟ ان يقوم حاكم اجنبي وفي ظروف القحط والجفاف ، بمساعدتنا ويبيع لنا الحبوب والمؤن ثم يرد الينا ما دفعناه ثمنا له. فيا ابانا ليس هناك مجال للتفكير والتاخير ، ابعث معنا اخانا لكي نسافر ونشتري الطعام ، وسوف نكون جادين في حفظ اخينا .. فوافق بعد هذا الاصرار واليمين والعهد.