لما توفي ادم عليه السلام ودفنه ابنه « هبة الله » اتاه قابيل فقال له : يا هبة الله اني قد رأيت ادم ابي قد خصك من العلم بما لم اخص به ، وهو العلم الذي دعا به اخوك هابيل فتقبل قربانه ، وانما قتلته
لكيلا يكون له عقب فيفتخرون على عقبي فيقولون : نحن ابناء الذي تقبل قربانه ، وانتم ابناء الذي لم يتقبل قربانه ، وانك ان اظهرت من العلم الذي اختصك به ابوك شيئا قتلتك كما قتلت اخاك هابيل. فلبث
هبة الله والعقب منه مستخفين بما عندهم من العلم والايمان والاسم الاكبر وميراث العلم ، واثار علم النبوة حتى بعث الله نوح عليه السلام وظهرت وصية هبة الله ، وحين نظروا في وصية ادم فوجدوا نوحا قد بشر
به ابوهم ادم عليه السلام ، فامنوا به واتبعوه وصدقوه. وقد كان ادم عليه السلام قد اوصى ابنه هبة الله ان يتعاهد هذه الوصية عند راس كل سنة فيكون يوم عيد لهم ، فيتعاهدون بعث نوح في زمانه الذي بعث
فيه ، وكذلك جرى في وصية كل نبي حتى بعث الله تبارك وتعالى محمدا صلى الله عليه واله وسلم. كان نوح عليه السلام اول انبياء اولو العزم ، واول نبي بعثه الله لجميع المخلوقات من الانس والجن ، وكان
ما بين ادم ونوح عليه السلام من الانبياء قِسم منهم مستخفين لم يذكرهم القران ، وقسم منهم مستعلنين اعلن عنهم القران الكريم وذكرهم ، وذلك في قوله تعالى : « ورسلا قد قصصناهم عليك من قبل ورسلا لم
نقصصهم عليك » (1). وروي لما جاء به جبرائيل عليه السلام بالرسالة الى نوح عليه السلام كان عمره الشريف قد بلغ اربعمائة وستين سنة. وكان نوح عليه السلام قد اعتزل قومه وسكن بعيدا عنهم فجائه جبرئيل
عليه السلام فقال له : ما بالك معتزلا عن الناس ، قال له نوح عليه السلام : لان قومي لا يعرفون الله فاعتزلت عنهم ، ولا طاقة لي بهم ولو عرفوني اعبد الله لقتلوني. فقال له جبرئيل : فان اعطيت القوة
كنت تجاهدهم ؟ قال : واشوقاه الى ذلك ، فصاح جبرئيل صيحة واحدة تداعت له الملائكة بالتلبية ورجت الارض ، وقالت لبيك لبيك يا رسول رب العالمين ، فبقي نوح مرعوبا فقال له من انت ؟ قال جبرئيل : انا
صاحب ابويك ادم وادريس ، والرحمن يقرؤك السلام ، وقد اتيتك بالبشارة ، وهذا ثوب الصبر ، وثوب اليقين ، وثوب النصرة ، وثوب الرسالة والنبوة .... فمضى نوح عليه السلام يوم عاشوراء الى قومه وفي
يده عصا بيضاء ، وكان قومه عند اصنامهم في يوم عيدهم ، فنادى : « لا اله الا الله ، ادم المصطفى ، وادريس الرفيع ، وابراهيم الخليل ، وموسى الكليم ، وعيسى المسيح خلق من روح القدس ، ومحمد المصطفى اخر
الانبياء وهو شهيدي عليكم ، اني قد بلغت الرسالة ... الخ (2).
__________________________________________________
1 ـ النساء : 164.
2 ـ راجع زواج نوح : من نفس الكتاب.
