أبواب التوحيد

باب حدوث العالم و إثبات المحدث

1-  أخبرنا أبو جعفر محمد بن يعقوب قال حدثني علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن الحسن بن إبراهيم عن يونس بن عبد الرحمن عن علي بن منصور قال قال لي هشام بن الحكم كان بمصر زنديق تبلغه عن أبي عبد الله ع أشياء فخرج إلى المدينة ليناظره فلم يصادفه بها و قيل له إنه خارج بمكة فخرج إلى مكة و نحن مع أبي عبد الله فصادفنا و نحن مع أبي عبد الله ع في الطواف و كان اسمه عبد الملك و كنيته أبو عبد الله فضرب كتفه كتف أبي عبد الله ع فقال له أبو عبد الله ع ما اسمك فقال اسمي عبد الملك قال فما كنيتك قال كنيتي أبو عبد الله فقال له أبو عبد الله ع فمن هذا الملك الذي أنت عبده أ من ملوك الأرض أم من ملوك السماء و أخبرني عن ابنك عبد إله السماء أم عبد إله الأرض قل ما شئت تخصم قال هشام بن الحكم فقلت للزنديق أ ما ترد عليه قال فقبح قولي فقال أبو عبد الله إذا فرغت من الطواف فأتنا فلما فرغ أبو عبد الله أتاه الزنديق فقعد بين يدي أبي عبد الله و نحن مجتمعون عنده فقال أبو عبد الله ع للزنديق أ تعلم أن للأرض تحتا و فوقا قال نعم قال فدخلت تحتها قال لا قال فما يدريك ما تحتها قال لا أدري إلا أني أظن أن ليس تحتها شي‏ء فقال أبو عبد الله ع فالظن عجز لما لا تستيقن ثم قال أبو عبد الله أ فصعدت السماء قال لا قال أ فتدري ما فيها قال لا قال عجبا لك لم تبلغ المشرق و لم تبلغ المغرب و لم تنزل الأرض و لم تصعد السماء و لم تجز هناك فتعرف ما خلفهن و أنت جاحد بما فيهن و هل يجحد العاقل ما لا يعرف قال الزنديق ما كلمني بهذا أحد غيرك فقال أبو عبد الله ع فأنت من ذلك في شك فلعله هو و لعله ليس هو فقال الزنديق و لعل ذلك فقال أبو عبد الله ع أيها الرجل ليس لمن لا يعلم حجة على من يعلم و لا حجة للجاهل يا أخا أهل مصر تفهم عني فإنا لا نشك في الله أبدا أ ما ترى الشمس و القمر و الليل و النهار يلجان فلا يشتبهان و يرجعان قد اضطرا ليس لهما مكان إلا مكانهما فإن كانا يقدران على أن يذهبا فلم يرجعان و إن كانا غير مضطرين فلم لا يصير الليل نهارا و النهار ليلا اضطرا و الله يا أخا أهل مصر إلى دوامهما و الذي اضطرهما أحكم منهما و أكبر فقال الزنديق صدقت ثم قال أبو عبد الله ع يا أخا أهل مصر إن الذي تذهبون إليه و تظنون أنه الدهر إن كان الدهر يذهب بهم لم لا يردهم و إن كان يردهم لم لا يذهب بهم القوم مضطرون يا أخا أهل مصر لم السماء مرفوعة و الأرض موضوعة لم لا يسقط السماء على الأرض لم لا تنحدر الأرض فوق طباقها و لا يتماسكان و لا يتماسك من عليها قال الزنديق أمسكهما الله ربهما و سيدهما قال فآمن الزنديق على يدي أبي عبد الله ع فقال له حمران جعلت فداك إن آمنت الزنادقة على يدك فقد آمن الكفار على يدي أبيك فقال المؤمن الذي آمن على يدي أبي عبد الله ع اجعلني من تلامذتك فقال أبو عبد الله يا هشام بن الحكم خذه إليك و علمه فعلمه هشام فكان معلم أهل الشام و أهل مصر الإيمان و حسنت طهارته حتى رضي بها أبو عبد الله

2-  عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن محمد بن علي عن عبد الرحمن بن محمد بن أبي هاشم عن أحمد بن محسن الميثمي قال كنت عند أبي منصور المتطبب فقال أخبرني رجل من أصحابي قال كنت أنا و ابن أبي العوجاء و عبد الله بن المقفع في المسجد الحرام فقال ابن المقفع ترون هذا الخلق و أومأ بيده إلى موضع الطواف ما منهم أحد أوجب له اسم الإنسانية إلا ذلك الشيخ الجالس يعني أبا عبد الله جعفر بن محمد ع فأما الباقون فرعاع و بهائم فقال له ابن أبي العوجاء و كيف أوجبت هذا الاسم لهذا الشيخ دون هؤلاء قال لأني رأيت عنده ما لم أره عندهم فقال له ابن أبي العوجاء لا بد من اختبار ما قلت فيه منه قال فقال له ابن المقفع لا تفعل فإني أخاف أن يفسد عليك ما في يدك فقال ليس ذا رأيك و لكن تخاف أن يضعف رأيك عندي في إحلالك إياه المحل الذي وصفت فقال ابن المقفع أما إذا توهمت علي هذا فقم إليه و تحفظ ما استطعت من الزلل و لا تثني عنانك إلى استرسال فيسلمك إلى عقال و سمه ما لك أو عليك قال فقام ابن أبي العوجاء و بقيت أنا و ابن المقفع جالسين فلمارجع إلينا ابن أبي العوجاء قال ويلك يا ابن المقفع ما هذا ببشر و إن كان في الدنيا روحاني يتجسد إذا شاء ظاهرا و يتروح إذا شاء باطنا فهو هذا فقال له و كيف ذلك قال جلست إليه فلما لم يبق عنده غيري ابتدأني فقال إن يكن الأمر على ما يقول هؤلاء و هو على ما يقولون يعني أهل الطواف فقد سلموا و عطبتم و إن يكن الأمر على ما تقولون و ليس كما تقولون فقد استويتم و هم فقلت له يرحمك الله و أي شي‏ء نقول و أي شي‏ء يقولون ما قولي و قولهم إلا واحد فقال و كيف يكون قولك و قولهم واحدا و هم يقولون إن لهم معادا و ثوابا و عقابا و يدينون بأن في السماء إلها و أنها عمران و أنتم تزعمون أن السماء خراب ليس فيها أحد قال فاغتنمتها منه فقلت له ما منعه إن كان الأمر كما يقولون أن يظهر لخلقه و يدعوهم إلى عبادته حتى لا يختلف منهم اثنان و لم احتجب عنهم و أرسل إليهم الرسل و لو باشرهم بنفسه كان أقرب إلى الإيمان به فقال لي ويلك و كيف احتجب عنك من أراك قدرته في نفسك نشوءك و لم تكن و كبرك بعد صغرك و قوتك بعد ضعفك و ضعفك بعد قوتك و سقمك بعد صحتك و صحتك بعد سقمك و رضاك بعد غضبك و غضبك بعد رضاك و حزنك

 بعد فرحك و فرحك بعد حزنك و حبك بعد بغضك و بغضك بعد حبك و عزمك بعد أناتك و أناتك بعد عزمك و شهوتك بعد كراهتك و كراهتك بعد شهوتك و رغبتك بعد رهبتك و رهبتك بعد رغبتك و رجاءك بعد يأسك و يأسك بعد رجائك و خاطرك بما لم يكن في وهمك و عزوب ما أنت معتقده عن ذهنك و ما زال يعدد علي قدرته التي هي في نفسي التي لا أدفعها حتى ظننت أنه سيظهر فيما بيني و بينه عنه عن بعض أصحابنا رفعه و زاد في حديث ابن أبي العوجاء حين سأله أبو عبد الله ع قال عاد ابن أبي العوجاء في اليوم الثاني إلى مجلس أبي عبد الله ع فجلس و هو ساكت لا ينطق فقال أبو عبد الله ع كأنك جئت تعيد بعض ما كنا فيه فقال أردت ذلك يا ابن رسول الله فقال له أبو عبد الله ع ما أعجب هذا تنكر الله و تشهد أني ابن رسول الله فقال العادة تحملني على ذلك فقال له العالم ع فما يمنعك من الكلام قال إجلالا لك و مهابة ما ينطلق لساني بين يديك فإني شاهدت العلماء و ناظرت المتكلمين فما تداخلني هيبة قط مثل ما تداخلني من هيبتك قال يكون ذلك و لكن أفتح عليك بسؤال و أقبل عليه فقال له أ مصنوعأنت أو غير مصنوع فقال عبد الكريم بن أبي العوجاء بل أنا غير مصنوع فقال له العالم ع فصف لي لو كنت مصنوعا كيف كنت تكون فبقي عبد الكريم مليا لا يحير جوابا و ولع بخشبة كانت بين يديه و هو يقول طويل عريض عميق قصير متحرك ساكن كل ذلك صفة خلقه فقال له العالم فإن كنت لم تعلم صفة الصنعة غيرها فاجعل نفسك مصنوعا لما تجد في نفسك مما يحدث من هذه الأمور فقال له عبد الكريم سألتني عن مسألة لم يسألني عنها أحد قبلك و لا يسألني أحد بعدك عن مثلها فقال أبو عبد الله ع هبك علمت أنك لم تسأل فيما مضى فما علمك أنك لا تسأل فيما بعد على أنك يا عبد الكريم نقضت قولك لأنك تزعم أن الأشياء من الأول سواء فكيف قدمت و أخرت ثم قال يا عبد الكريم أزيدك وضوحا أ رأيت لو كان معك كيس فيه جواهر فقال لك قائل هل في الكيس دينار فنفيت كون الدينار في الكيس فقال لك صف لي الدينار و كنت غير عالم بصفته هل كان لك أن تنفي كون الدينار عن الكيس و أنت لا تعلم قال لا فقال أبو عبد الله ع فالعالم أكبر و أطول و أعرض من الكيس فلعل في العالم صنعة من حيث لا تعلم صفة الصنعة من غير الصنعة فانقطع عبد الكريم و أجاب إلى الإسلام بعض أصحابه و بقي معه بعض فعاد في اليوم الثالث فقال أقلب السؤال فقال له أبو عبد الله ع سل عما شئت فقال ما الدليل على حدث الأجسام فقال إني ما وجدت شيئا صغيرا و لا كبيرا إلا و إذا ضم إليه مثله صار أكبر و في ذلك زوال و انتقال عن الحالة الأولى و لو كان قديما ما زال و لا حال لأن الذي يزول و يحول يجوز أن يوجد و يبطل فيكون بوجوده بعد عدمه دخول في الحدث و في كونه في الأزل دخوله في العدم و لن تجتمع صفة الأزل و العدم و الحدوث و القدم في شي‏ء واحد فقال عبد الكريم هبك علمت في جري الحالتين و الزمانين على ما ذكرت و استدللت بذلك على حدوثها فلو بقيت الأشياء على صغرها من أين كان لك أن تستدل على حدوثهن فقال العالم ع إنما نتكلم على هذا العالم الموضوع فلو رفعناه و وضعنا عالما آخر كان لا شي‏ء أدل على الحدث من رفعنا إياه و وضعنا غيره و لكن أجيبك من حيث قدرت أن تلزمنا فنقول إن الأشياء لو دامت على صغرها لكان في الوهم أنه متى ضم شي‏ء إلى مثله كان أكبر و في جواز التغيير عليه خروجه من القدم كما أن في تغييره دخوله في الحدث ليس لك وراءه شي‏ء يا عبد الكريم فانقطع و خزي فلما كان من العام القابل التقى معه في الحرم فقال له بعض شيعته إن ابن أبي العوجاء قد أسلم فقال العالم ع هو أعمى من ذلك لا يسلم فلما بصر بالعالم

 قال سيدي و مولاي فقال له العالم ع ما جاء بك إلى هذا الموضع فقال عادة الجسد و سنة البلد و لننظر ما الناس فيه من الجنون و الحلق و رمي الحجارة فقال له العالم ع أنت بعد على عتوك و ضلالك يا عبد الكريم فذهب يتكلم فقال له ع لا جدال في الحج و نفض رداءه من يده و قال إن يكن الأمر كما تقول و ليس كما تقول نجونا و نجوت و إن يكن الأمر كما نقول و هو كما نقول نجونا و هلكت فأقبل عبد الكريم على من معه فقال وجدت في قلبي حزازة فردوني فردوه فمات لا رحمه الله

3-  حدثني محمد بن جعفر الأسدي عن محمد بن إسماعيل البرمكي الرازي عن الحسين بن الحسن بن برد الدينوري عن محمد بن علي عن محمد بن عبد الله الخراساني خادم الرضا ع قال دخل رجل من الزنادقة على أبي الحسن ع و عنده جماعة فقال أبو الحسن ع أيها الرجل أ رأيت إن كان القول قولكم و ليس هو كما تقولون أ لسنا و إياكم شرعا سواء لا يضرنا ما صلينا و صمنا و زكينا و أقررنا فسكت الرجل ثم قال أبو الحسن ع و إن كان القول قولنا و هو قولنا أ لستم قد هلكتم و نجونا فقال رحمك الله أوجدني كيف هو و أين هو فقال ويلك إن الذي ذهبت إليه غلط هو أين الأين بلا أين و كيف الكيف بلا كيف فلا يعرف بالكيفوفية و لا بأينونية و لا يدرك بحاسة و لا يقاس بشي‏ء فقال الرجل فإذا إنه لا شي‏ء إذا لم يدرك بحاسة من الحواس فقال أبو الحسن ع ويلك لما عجزت حواسك عن إدراكه أنكرت ربوبيته و نحن إذا عجزت حواسنا عن إدراكه أيقنا أنه ربنا بخلاف شي‏ء من الأشياء قال الرجل فأخبرني متى كان قال أبو الحسن ع أخبرني متى لم يكن فأخبرك متى كان قال الرجل فما الدليل عليه فقال أبو الحسن ع إني لما نظرت إلى جسدي و لم يمكني فيه زيادة و لا نقصان في العرض و الطول و دفع المكاره عنه و جر المنفعة إليه علمت أن لهذا البنيان بانيا فأقررت به مع ما أرى من دوران الفلك بقدرته و إنشاء السحاب و تصريف الرياح و مجرى الشمس و القمر و النجوم و غير ذلك من الآيات العجيبات المبينات علمت أن لهذا مقدرا و منشئا

4-  علي بن إبراهيم عن محمد بن إسحاق الخفاف أو عن أبيه عن محمد بن إسحاق قال إن عبد الله الديصاني سأل هشام بن الحكم فقال له أ لك رب فقال بلى قال أ قادر هو قال نعم قادر قاهر قال يقدر أن يدخل الدنيا كلها البيضة لا تكبر البيضة و لا تصغر الدنيا قال هشام النظرة فقال له قد أنظرتك حولا ثم خرج عنه فركب هشام إلى أبي عبد الله ع فاستأذن عليه فأذن له فقال له يا ابن رسول الله أتاني عبد الله الديصاني بمسألة ليس المعول فيها إلا على الله و عليك فقال له أبو عبد الله ع عما ذا سألك فقال قال لي كيت و كيت فقال أبو عبد الله ع يا هشام كم حواسك قال خمس قال أيها أصغر قال الناظر قال و كم قدر الناظر قال مثل العدسة أو أقل منها فقال له يا هشام فانظر أمامك و فوقك و أخبرني بما ترى فقال أرى سماء و أرضا و دورا و قصورا و براري و جبالا و أنهارا فقال له أبو عبد الله ع إن الذي قدر أن يدخل الذي تراه العدسة أو أقل منها قادر أن يدخل الدنيا كلها البيضة لا تصغر الدنيا و لا تكبر البيضة فأكب هشام عليه و قبل يديه و رأسه و رجليه و قال حسبي يا ابن رسول الله و انصرف إلى منزله و غدا عليه الديصاني فقال له يا هشام إني جئتك مسلما و لم أجئك متقاضيا للجواب فقال له هشام إن كنت جئت متقاضيا فهاك الجواب فخرج الديصاني عنه حتى أتى باب أبي عبد الله ع فاستأذن عليه فأذن له فلما قعد قال له يا جعفر بن محمد دلني على معبودي فقال له أبو عبد الله ع ما اسمك فخرج عنه و لم يخبره باسمه فقال له أصحابه كيف لم تخبره باسمك قال لو كنت قلت له عبد الله كان يقول من هذا الذي أنت له عبد فقالوا له عد إليه و قل له يدلك على معبودك و لا يسألك عن اسمك فرجع إليه فقال له يا جعفر بن محمد دلني على معبودي و لا تسألني عن اسمي فقال له أبو عبد الله ع اجلس و إذا غلام له صغير في كفه بيضة يلعب بها فقال له أبو عبد الله ع ناولني يا غلام البيضة فناوله إياها فقال له أبو عبد الله ع يا ديصاني هذا حصن مكنون له جلد غليظ و تحت الجلد الغليظ جلد رقيق و تحت الجلد الرقيق ذهبة مائعة و فضة ذائبة فلا الذهبة المائعة تختلط بالفضة الذائبة و لا الفضة الذائبة تختلط بالذهبة المائعة فهي على حالها لم يخرج منها خارج مصلح فيخبر عن صلاحها و لا دخل فيها مفسد فيخبر عن فسادها لا يدرى للذكر خلقت أم للأنثى تنفلق عن مثل ألوان الطواويس أ ترى لها مدبرا قال فأطرق مليا ثم قال أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و أن محمدا عبده و رسوله و أنك إمام و حجة من الله على خلقه و أنا تائب مما كنت فيه

5-  علي بن إبراهيم عن أبيه عن عباس بن عمرو الفقيمي عن هشام بن الحكم في حديث الزنديق الذي أتى أبا عبد الله ع و كان من قول أبي عبد الله ع لا يخلو قولك إنهما اثنان من أن يكونا قديمين قويين أو يكونا ضعيفين أو يكون أحدهما قويا و الآخر ضعيفا فإن كانا قويين فلم لا يدفع كل واحد منهما صاحبه و يتفرد بالتدبير و إن زعمت أن أحدهما قوي و الآخر ضعيف ثبت أنه واحد كما نقول للعجز الظاهر في الثاني فإن قلت إنهما اثنان لم يخل من أن يكونا متفقين من كل جهة أو مفترقين من كل جهة فلما رأينا الخلق منتظما و الفلك جاريا و التدبير واحدا و الليل و النهار و الشمس و القمر دل صحة الأمر و التدبير و ائتلاف الأمر على أن المدبر واحد ثم يلزمك إن ادعيت اثنين فرجة ما بينهما حتى يكونا اثنين فصارت الفرجة ثالثا بينهما قديما معهما فيلزمك ثلاثة فإن ادعيت ثلاثة لزمك ما قلت في الاثنين حتى تكون بينهم فرجة فيكونوا خمسة ثم يتناهى في العدد إلى ما لا نهاية له في الكثرة قال هشام فكان من سؤال الزنديق أن قال فما الدليل عليه فقال أبو عبد الله ع وجود الأفاعيل دلت على أن صانعا صنعها أ لا ترى أنك إذا نظرت إلى بناء مشيد مبني علمت أن له بانيا و إن كنت لم تر الباني و لم تشاهده قال فما هو قال شي‏ء بخلاف الأشياء ارجع بقولي إلى إثبات معنى و أنه شي‏ء بحقيقة الشيئية غير أنه لا جسم و لا صورة و لا يحس و لا يجس و لا يدرك بالحواس الخمس لا تدركه الأوهام و لا تنقصه الدهور و لا تغيره الأزمان

6-  محمد بن يعقوب قال حدثني عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد البرقي عن أبيه عن علي بن النعمان عن ابن مسكان عن داود بن فرقد عن أبي سعيد الزهري عن أبي جعفر ع قال كفى لأولي الألباب بخلق الرب المسخر و ملك الرب القاهر و جلال الرب الظاهر و نور الرب الباهر و برهان الرب الصادق و ما أنطق به ألسن العباد و ما أرسل به الرسل و ما أنزل على العباد دليلا على الرب

باب إطلاق القول بأنه شي‏ء

1-  محمد بن يعقوب عن علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن عبد الرحمن بن أبي نجران قال سألت أبا جعفر ع عن التوحيد فقلت أتوهم شيئا فقال نعم غير معقول و لا محدود فما وقع وهمك عليه من شي‏ء فهو خلافه لا يشبهه شي‏ء و لا تدركه الأوهام كيف تدركه الأوهام و هو خلاف ما يعقل و خلاف ما يتصور في الأوهام إنما يتوهم شي‏ء غير معقول و لا محدود

2-  محمد بن أبي عبد الله عن محمد بن إسماعيل عن الحسين بن الحسن عن بكر بن صالح عن الحسين بن سعيد قال سئل أبو جعفر الثاني ع يجوز أن يقال لله إنه شي‏ء قال نعم يخرجه من الحدين حد التعطيل و حد التشبيه

3-  علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس عن أبي المغراء رفعه عن أبي جعفر ع قال قال إن الله خلو من خلقه و خلقه خلو منه و كل ما وقع عليه اسم شي‏ء فهو مخلوق ما خلا الله

4-  عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد البرقي عن أبيه عن النضر بن سويد عن يحيى الحلبي عن ابن مسكان عن زرارة بن أعين قال سمعت أبا عبد الله ع يقول إن الله خلو من خلقه و خلقه خلو منه و كل ما وقع عليه اسم شي‏ء ما خلا الله فهو مخلوق و الله خالق كل شي‏ء تبارك الذي ليس كمثله شي‏ء و هو السميع البصير

5-  علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن علي بن عطية عن خيثمة عن أبي جعفر ع قال إن الله خلو من خلقه و خلقه خلو منه و كل ما وقع عليه اسم شي‏ء ما خلا الله تعالى فهو مخلوق و الله خالق كل شي‏ء

6-  علي بن إبراهيم عن أبيه عن العباس بن عمرو الفقيمي عن هشام بن الحكم عن أبي عبد الله ع أنه قال للزنديق حين سأله ما هو قال هو شي‏ء بخلاف الأشياء ارجع بقولي إلى إثبات معنى و أنه شي‏ء بحقيقة الشيئية غير أنه لا جسم و لا صورة و لا يحس و لا يجس و لا يدرك بالحواس الخمس لا تدركه الأوهام و لا تنقصه الدهور و لا تغيره الأزمان فقال له السائل فتقول إنه سميع بصير قال هو سميع بصير سميع بغير جارحة و بصير بغير آلة بل يسمع بنفسه و يبصر بنفسه ليس قولي إنه سميع يسمع بنفسه و بصير يبصر بنفسه أنه شي‏ء و النفس شي‏ء آخر و لكن أردت عبارة عن نفسي إذ كنت مسئولا و إفهاما لك إذ كنت سائلا فأقول إنه سميع بكله لا أن الكل منه له بعض و لكني أردت إفهامك و التعبير عن نفسي و ليس مرجعي في ذلك إلا إلى أنه السميع البصير العالم الخبير بلا اختلاف الذات و لا اختلاف المعنى قال له السائل فما هو قال أبو عبد الله ع هو الرب و هو المعبود و هو الله و ليس قولي الله إثبات هذه الحروف ألف و لام و هاء و لا راء و لا باء و لكن ارجع إلى معنى و شي‏ء خالق الأشياء و صانعها و نعت هذه الحروف و هو المعنى سمي به الله و الرحمن و الرحيم و العزيز و أشباه ذلك من أسمائه و هو المعبود جل و عز قال له السائل فإنا لم نجد موهوما إلا مخلوقا قال أبو عبد الله ع لو كان ذلك كما تقول لكان التوحيد عنا مرتفعا لأنا لم نكلف غير موهوم و لكنا نقول كل موهوم بالحواس مدرك به تحده الحواس و تمثله فهو مخلوق إذ كان النفي هو الإبطال و العدم و الجهة الثانية التشبيه إذ كان التشبيه هو صفة المخلوق الظاهر التركيب و التأليف فلم يكن بد من إثبات الصانع لوجود المصنوعين و الاضطرار إليهم أنهم مصنوعون و أن صانعهم غيرهم و ليس مثلهم إذ كان مثلهم شبيها بهم في ظاهر التركيب و التأليف و فيما يجري عليهم من حدوثهم بعد إذ لم يكونوا و تنقلهم من صغر إلى كبر و سواد إلى بياض و قوة إلى ضعف و أحوال موجودة لا حاجة بنا إلى تفسيرها لبيانها و وجودها قال له السائل فقد حددته إذ أثبت وجوده قال أبو عبد الله ع لم أحده و لكني أثبته إذ لم يكن بين النفي و الإثبات منزلة قال له السائل فله إنية و مائية قال نعم لا يثبت الشي‏ء إلا بإنية و مائية قالله السائل فله كيفية قال لا لأن الكيفية جهة الصفة و الإحاطة و لكن لا بد من الخروج من جهة التعطيل و التشبيه لأن من نفاه فقد أنكره و دفع ربوبيته و أبطله و من شبهه بغيره فقد أثبته بصفة المخلوقين المصنوعين الذين لا يستحقون الربوبية و لكن لا بد من إثبات أن له كيفية لا يستحقها غيره و لا يشارك فيها و لا يحاط بها و لا يعلمها غيره قال السائل فيعاني الأشياء بنفسه قال أبو عبد الله ع هو أجل من أن يعاني الأشياء بمباشرة و معالجة لأن ذلك صفة المخلوق الذي لا تجي‏ء الأشياء له إلا بالمباشرة و المعالجة و هو متعال نافذ الإرادة و المشيئة فعال لما يشاء

7-  عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن محمد بن عيسى عمن ذكره قال سئل أبو جعفر ع أ يجوز أن يقال إن الله شي‏ء قال نعم يخرجه من الحدين حد التعطيل و حد التشبيه

باب أنه لا يعرف إلا به

1-  علي بن محمد عمن ذكره عن أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن حمران عن الفضل بن السكن عن أبي عبد الله ع قال قال أمير المؤمنين ع اعرفوا الله بالله و الرسول بالرسالة و أولي الأمر بالأمر بالمعروف و العدل و الإحسان

 و معنى قوله ع اعرفوا الله بالله يعني أن الله خلق الأشخاص و الأنوار و الجواهر و الأعيان فالأعيان الأبدان و الجواهر الأرواح و هو جل و عز لا يشبه جسما و لا روحا و ليس لأحد في خلق الروح الحساس الدراك أمر و لا سبب هو المتفرد بخلق الأرواح و الأجسام فإذا نفى عنه الشبهين شبه الأبدان و شبه الأرواح فقد عرف الله بالله و إذا شبهه بالروح أو البدن أو النور فلم يعرف الله بالله

2-  عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن بعض أصحابنا عن علي بن عقبة بن قيس بن سمعان بن أبي ربيحة مولى رسول الله ص قال سئل أمير المؤمنين ع بم عرفت ربك قال بما عرفني نفسه قيل و كيف عرفك نفسه قال لا يشبهه صورة و لا يحس بالحواس و لا يقاس بالناس قريب في بعده بعيد في قربه فوق كل شي‏ء و لا يقال شي‏ء فوقه أمام كل شي‏ء و لا يقال له أمام داخل في الأشياء لا كشي‏ء داخل في شي‏ء و خارج من الأشياء لا كشي‏ء خارج من شي‏ء سبحان من هو هكذا و لا هكذا غيره و لكل شي‏ء مبتدأ

3-  محمد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان عن صفوان بن يحيى عن منصور بن حازم قال قلت لأبي عبد الله ع إني ناظرت قوما فقلت لهم إن الله جل جلاله أجل و أعز و أكرم من أن يعرف بخلقه بل العباد يعرفون بالله فقال رحمك الله

باب أدنى المعرفة

1-  محمد بن الحسن عن عبد الله بن الحسن العلوي و علي بن إبراهيم عن المختار بن محمد بن المختار الهمداني جميعا عن الفتح بن يزيد عن أبي الحسن ع قال سألته عن أدنى المعرفة فقال الإقرار بأنه لا إله غيره و لا شبه له و لا نظير و أنه قديم مثبت موجود غير فقيد و أنه ليس كمثله شي‏ء

2-  علي بن محمد عن سهل بن زياد عن طاهر بن حاتم في حال استقامته أنه كتب إلى الرجل ما الذي لا يجتزأ في معرفة الخالق بدونه فكتب إليه لم يزل عالما و سامعا و بصيرا و هو الفعال لما يريد و سئل أبو جعفر ع عن الذي لا يجتزأ بدون ذلك من معرفة الخالق فقال ليس كمثله شي‏ء و لا يشبهه شي‏ء لم يزل عالما سميعا بصيرا

3-  محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن الحسن بن علي بن يوسف بن بقاح عن سيف بن عميرة عن إبراهيم بن عمر قال سمعت أبا عبد الله ع يقول إن أمر الله كله عجيب إلا أنه قد احتج عليكم بما قد عرفكم من نفسه

 باب المعبود

1-  علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى بن عبيد عن الحسن بن محبوب عن ابن رئاب و عن غير واحد عن أبي عبد الله ع قال من عبد الله بالتوهم فقد كفر و من عبد الاسم دون المعنى فقد كفر و من عبد الاسم و المعنى فقد أشرك و من عبد المعنى بإيقاع الأسماء عليه بصفاته التي وصف بها نفسه فعقد عليه قلبه و نطق به لسانه في سرائره و علانيته فأولئك أصحاب أمير المؤمنين ع حقا و في حديث آخر أولئك هم المؤمنون حقا

2-  علي بن إبراهيم عن أبيه عن النضر بن سويد عن هشام بن الحكم أنه سأل أبا عبد الله ع عن أسماء الله و اشتقاقها الله مما هو مشتق قال فقال لي يا هشام الله مشتق من إله و الإله يقتضي مألوها و الاسم غير المسمى فمن عبد الاسم دون المعنى فقد كفر و لم يعبد شيئا و من عبد الاسم و المعنى فقد كفر و عبد اثنين و من عبد المعنى دون الاسم فذاك التوحيد أ فهمت يا هشام قال فقلت زدني قال إن لله تسعة و تسعين اسما فلو كان الاسم هو المسمى لكان كل اسم منها إلها و لكن الله معنى يدل عليه بهذه الأسماء و كلها غيره يا هشام الخبز اسم للمأكول و الماء اسم للمشروب و الثوب اسم للملبوس و النار اسم للمحرق أ فهمت يا هشام فهما تدفع به و تناضل به أعداءنا و المتخذين مع الله جل و عز غيره قلت نعم قال فقال نفعك الله به و ثبتك يا هشام قال هشام فو الله ما قهرني أحد في التوحيد حتى قمت مقامي هذا

3-  علي بن إبراهيم عن العباس بن معروف عن عبد الرحمن بن أبي نجران قال كتبت إلى أبي جعفر ع أو قلت له جعلني الله فداك نعبد الرحمن الرحيم الواحد الأحد الصمد قال فقال إن من عبد الاسم دون المسمى بالأسماء أشرك و كفر و جحد و لم يعبد شيئا بل اعبد الله الواحد الأحد الصمد المسمى بهذه الأسماء دون الأسماء إن الأسماء صفات وصف بها نفسه

باب الكون و المكان

1-  محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن الحسن بن محبوب عن أبي حمزة قال سأل نافع بن الأزرق أبا جعفر ع فقال أخبرني عن الله متى كان فقال متى لم يكن حتى أخبرك متى كان سبحان من لم يزل و لا يزال فردا صمدا لم يتخذ صاحبة و لا ولدا

2-  عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال جاء رجل إلى أبي الحسن الرضا ع من وراء نهر بلخ فقال إني أسألك عن مسألة فإن أجبتني فيها بما عندي قلت بإمامتك فقال أبو الحسن ع سل عما شئت فقال أخبرني عن ربك متى كان و كيف كان و على أي شي‏ء كان اعتماده فقال أبو الحسن ع إن الله تبارك و تعالى أين الأين بلا أين و كيف الكيف بلا كيف و كان اعتماده على قدرته فقام إليه الرجل فقبل رأسه و قال أشهد أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله و أن عليا وصي رسول الله ص و القيم بعده بما قام به رسول الله ص و أنكم الأئمة الصادقون و أنك الخلف من بعدهم

3-  محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسين بن سعيد عن القاسم بن محمد عن علي بن أبي حمزة عن أبي بصير قال جاء رجل إلى أبي جعفر ع فقال له أخبرني عن ربك متى كان فقال ويلك إنما يقال لشي‏ء لم يكن متى كان إن ربي تبارك و تعالى كان و لم يزل حيا بلا كيف و لم يكن له كان و لا كان لكونه كون كيف و لا كان له أين و لا كان في شي‏ء و لا كان على شي‏ء و لا ابتدع لمكانه مكانا و لا قوي بعد ما كون الأشياء و لا كان ضعيفا قبل أن يكون شيئا و لا كان مستوحشا قبل أن يبتدع شيئا و لا يشبه شيئا مذكورا و لا كان خلوا من الملك قبل إنشائه و لا يكون منه خلوا بعد ذهابه لم يزل حيا بلا حياة و ملكا قادرا قبل أن ينشئ شيئا و ملكا جبارا بعد إنشائه للكون فليس لكونه كيف و لا له أين و لا له حد و لا يعرف بشي‏ء يشبهه و لا يهرم لطول البقاء و لا يصعق لشي‏ء بل لخوفه تصعق الأشياء كلها كان حيا بلا حياة حادثة و لا كون موصوف و لا كيف محدود و لا أين موقوف عليه و لا مكان جاور شيئا بل حي يعرف و ملك لم يزل له القدرة و الملك أنشأ ما شاء حين شاء بمشيئته لا يحد و لا يبعض و لا يفنى كان أولا بلا كيف و يكون آخرا بلا أين و كل شي‏ء هالك إلا وجهه له الخلق و الأمر تبارك الله رب العالمين ويلك أيها السائل إن ربي لا تغشاه الأوهام و لا تنزل به الشبهات و لا يحار و لا يجاوزه شي‏ء و لا تنزل به الأحداث و لا يسأل عن شي‏ء و لا يندم على شي‏ء و لا تأخذه سنة و لا نوم له ما في السماوات و ما في الأرض و ما بينهما و ما تحت الثرى

4-  عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن أبيه رفعه قال اجتمعت اليهود إلى رأس الجالوت فقالوا له إن هذا الرجل عالم يعنون أمير المؤمنين ع فانطلق بنا إليه نسأله فأتوه فقيل لهم هو في القصر فانتظروه حتى خرج فقال له رأس الجالوت جئناك نسألك فقال سل يا يهودي عما بدا لك فقال أسألك عن ربك متى كان فقال كان بلا كينونية كان بلا كيف كان لم يزل بلا كم و بلا كيف كان ليس له قبل هو قبل القبل بلا قبل و لا غاية و لا منتهى انقطعت عنه الغاية و هو غاية كل غاية فقال رأس الجالوت امضوا بنا فهو أعلم مما يقال فيه

 و بهذا الإسناد عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن أبي الحسن الموصلي عن أبي عبد الله ع قال جاء حبر من الأحبار إلى أمير المؤمنين ع فقال يا أمير المؤمنين متى كان ربك فقال له ثكلتك أمك و متى لم يكن حتى يقال متى كان كان ربي قبل القبل بلا قبل و بعد البعد بلا بعد و لا غاية و لا منتهى لغايته انقطعت الغايات عنده فهو منتهى كل غاية فقال يا أمير المؤمنين أ فنبي أنت فقال ويلك إنما أنا عبد من عبيد محمد ص و روي أنه سئل ع أين كان ربنا قبل أن يخلق سماء و أرضا فقال ع أين سؤال عن مكان و كان الله و لا مكان

6-  علي بن محمد عن سهل بن زياد عن عمرو بن عثمان عن محمد بن يحيى عن محمد بن سماعة عن أبي عبد الله ع قال قال رأس الجالوت لليهود إن المسلمين يزعمون أن عليا ع من أجدل الناس و أعلمهم اذهبوا بنا إليه لعلي أسأله عن مسألة و أخطئه فيها فأتاه فقال يا أمير المؤمنين إني أريد أن أسألك عن مسألة قال سل عما شئت قال يا أمير المؤمنين متى كان ربنا قال له يا يهودي إنما يقال متى كان لمن لم يكن فكان متى كان هو كائن بلا كينونية كائن كان بلا كيف يكون بلى يا يهودي ثم بلى يا يهودي كيف يكون له قبل هو قبل القبل بلا غاية و لا منتهى غاية و لا غاية إليها انقطعت الغايات عنده هو غاية كل غاية فقال أشهد أن دينك الحق و أن ما خالفه باطل

7-  علي بن محمد رفعه عن زرارة قال قلت لأبي جعفر ع أ كان الله و لا شي‏ء قال نعم كان و لا شي‏ء قلت فأين كان يكون قال و كان متكئا فاستوى جالسا و قال أحلت يا زرارة و سألت عن المكان إذ لا مكان

8-  علي بن محمد عن سهل بن زياد عن محمد بن الوليد عن ابن أبي نصر عن أبي الحسن الموصلي عن أبي عبد الله ع قال أتى حبر من الأحبار أمير المؤمنين ع فقال يا أمير المؤمنين متى كان ربك قال ويلك إنما يقال متى كان لما لم يكن فأما ما كان فلا يقال متى كان كان قبل القبل بلا قبل و بعد البعد بلا بعد و لا منتهى غاية لتنتهي غايته فقال له أ نبي أنت فقال لأمك الهبل إنما أنا عبد من عبيد رسول الله ص

 باب النسبة

1-  أحمد بن إدريس عن محمد بن عبد الجبار عن صفوان بن يحيى عن أبي أيوب عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله ع قال إن اليهود سألوا رسول الله ص فقالوا انسب لنا ربك فلبث ثلاثا لا يجيبهم ثم نزلت قل هو الله أحد إلى آخرها

 و رواه محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن أبي أيوب

2-  محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى و محمد بن الحسين عن ابن محبوب عن حماد بن عمرو النصيبي عن أبي عبد الله ع قال سألت أبا عبد الله عن قل هو الله أحد فقال نسبة الله إلى خلقه أحدا صمدا أزليا صمديا لا ظل له يمسكه و هو يمسك الأشياء بأظلتها عارف بالمجهول معروف عند كل جاهل فردانيا لا خلقه فيه و لا هو في خلقه غير محسوس و لا مجسوس لا تدركه الأبصار علا فقرب و دنا فبعد و عصي فغفر و أطيع فشكر لا تحويه أرضه و لا تقله سماواته حامل الأشياء بقدرته ديمومي أزلي لا ينسى و لا يلهو و لا يغلط و لا يلعب و لا لإرادته فصل و فصله جزاء و أمره واقع لم يلد فيورث و لم يولد فيشارك و لم يكن له كفوا أحد

3-  محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن عاصم بن حميد قال قال سئل علي بن الحسين ع عن التوحيد فقال إن الله عز و جل علم أنه يكون في آخر الزمان أقوام متعمقون فأنزل الله تعالى قل هو الله أحد و الآيات من سورة الحديد إلى قوله و هو عليم بذات الصدور فمن رام وراء ذلك فقد هلك

4-  محمد بن أبي عبد الله رفعه عن عبد العزيز بن المهتدي قال سألت الرضا ع عن التوحيد فقال كل من قرأ قل هو الله أحد و آمن بها فقد عرف التوحيد قلت كيف يقرأها قال كما يقرأها الناس و زاد فيه كذلك الله ربي كذلك الله ربي

 باب النهي عن الكلام في الكيفية

1-  محمد بن الحسن عن سهل بن زياد عن الحسن بن محبوب عن علي بن رئاب عن أبي بصير قال قال أبو جعفر ع تكلموا في خلق الله و لا تتكلموا في الله فإن الكلام في الله لا يزداد صاحبه إلا تحيرا

 و في رواية أخرى عن حريز تكلموا في كل شي‏ء و لا تتكلموا في ذات الله

2-  محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن ابن أبي عمير عن عبد الرحمن بن الحجاج عن سليمان بن خالد قال قال أبو عبد الله ع إن الله عز و جل يقول و أن إلى ربك المنتهى فإذا انتهى الكلام إلى الله فأمسكوا

3-  علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن أبي أيوب عن محمد بن مسلم قال قال أبو عبد الله ع يا محمد إن الناس لا يزال بهم المنطق حتى يتكلموا في الله فإذا سمعتم ذلك فقولوا لا إله إلا الله الواحد الذي ليس كمثله شي‏ء

4-  عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن أبيه عن ابن أبي عمير عن محمد بن حمران عن أبي عبيدة الحذاء قال قال أبو جعفر ع يا زياد إياك و الخصومات فإنها تورث الشك و تهبط العمل و تردي صاحبها و عسى أن يتكلم بالشي‏ء فلا يغفر له إنه كان فيما مضى قوم تركوا علم ما وكلوا به و طلبوا علم ما كفوه حتى انتهى كلامهم إلى الله فتحيروا حتى إن كان الرجل ليدعى من بين يديه فيجيب من خلفه و يدعى من خلفه فيجيب من بين يديه و في رواية أخرى حتى تاهوا في الأرض

 -  عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن بعض أصحابه عن الحسين بن المياح عن أبيه قال سمعت أبا عبد الله ع يقول من نظر في الله كيف هو هلك

6-  محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن ابن فضال عن ابن بكير عن زرارة بن أعين عن أبي عبد الله ع قال إن ملكا عظيم الشأن كان في مجلس له فتناول الرب تبارك و تعالى ففقد فما يدرى أين هو

7-  عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن محمد بن عبد الحميد عن العلاء بن رزين عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر ع قال إياكم و التفكر في الله و لكن إذا أردتم أن تنظروا إلى عظمته فانظروا إلى عظيم خلقه

8-  محمد بن أبي عبد الله رفعه قال قال أبو عبد الله ع يا ابن آدم لو أكل قلبك طائر لم يشبعه و بصرك لو وضع عليه خرق إبرة لغطاه تريد أن تعرف بهما ملكوت السماوات و الأرض إن كنت صادقا فهذه الشمس خلق من خلق الله فإن قدرت أن تملأ عينيك منها فهو كما تقول

 -  علي بن إبراهيم عن أبيه عن الحسن بن علي عن اليعقوبي عن بعض أصحابنا عن عبد الأعلى مولى آل سام عن أبي عبد الله ع قال إن يهوديا يقال له سبخت جاء إلى رسول الله ص فقال يا رسول الله جئت أسألك عن ربك فإن أنت أجبتني عما أسألك عنه و إلا رجعت قال سل عما شئت قال أين ربك قال هو في كل مكان و ليس في شي‏ء من المكان المحدود قال و كيف هو قال و كيف أصف ربي بالكيف و الكيف مخلوق و الله لا يوصف بخلقه قال فمن أين يعلم أنك نبي الله قال فما بقي حوله حجر و لا غير ذلك إلا تكلم بلسان عربي مبين يا سبخت إنه رسول الله ص فقال سبخت ما رأيت كاليوم أمرا أبين من هذا ثم قال أشهد أن لا إله إلا الله و أنك رسول الله

10-  علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن محمد بن يحيى الخثعمي عن عبد الرحمن بن عتيك القصير قال سألت أبا جعفر ع عن شي‏ء من الصفة فرفع يده إلى السماء ثم قال تعالى الجبار تعالى الجبار من تعاطى ما ثم هلك

 باب في إبطال الرؤية

1-  محمد بن أبي عبد الله عن علي بن أبي القاسم عن يعقوب بن إسحاق قال كتبت إلى أبي محمد ع أسأله كيف يعبد العبد ربه و هو لا يراه فوقع ع يا أبا يوسف جل سيدي و مولاي و المنعم علي و على آبائي أن يرى قال و سألته هل رأى رسول الله ص ربه فوقع ع إن الله تبارك و تعالى أرى رسوله بقلبه من نور عظمته ما أحب

2-  أحمد بن إدريس عن محمد بن عبد الجبار عن صفوان بن يحيى قال سألني أبو قرة المحدث أن أدخله على أبي الحسن الرضا ع فاستأذنته في ذلك فأذن لي فدخل عليه فسأله عن الحلال و الحرام و الأحكام حتى بلغ سؤاله إلى التوحيد فقال أبو قرة إنا روينا أن الله قسم الرؤية و الكلام بين نبيين فقسم الكلام لموسى و لمحمد الرؤية فقال أبو الحسن ع فمن المبلغ عن الله إلى الثقلين من الجن و الإنس لا تدركه الأبصار و لا يحيطون به علما و ليس كمثله شي‏ء أ ليس محمد قال بلى قال كيف يجي‏ء رجل إلى الخلق جميعا فيخبرهم أنه جاء من عند الله و أنه يدعوهم إلى الله بأمر الله فيقول لا تدركه الأبصار و لا يحيطون به علما و ليس كمثله شي‏ء ثم يقول أنا رأيته بعيني و أحطت به علما و هو على صورة البشر أ ما تستحون ما قدرت الزنادقة أن ترميه بهذا أن يكون يأتي من عند الله بشي‏ء ثم يأتي بخلافه من وجه آخر قال أبو قرة فإنه يقول و لقد رآه نزلة أخرى فقال أبو الحسن ع إن بعد هذه الآية ما يدل على ما رأى حيث قال ما كذب الفؤاد ما رأى يقول ما كذب فؤاد محمد ما رأت عيناه ثم أخبر بما رأى فقال لقد رأى من آيات ربه الكبرى فآيات الله غير الله و قد قال الله و لا يحيطون به علما فإذا رأته الأبصار فقد أحاطت به العلم و وقعت المعرفة فقال أبو قرة فتكذب بالروايات فقال أبو الحسن ع إذا كانت الروايات مخالفة للقرآن كذبتها و ما أجمع المسلمون عليه أنه لا يحاط به علما و لا تدركه الأبصار و ليس كمثله شي‏ء

3-  أحمد بن إدريس عن أحمد بن محمد بن عيسى عن علي بن سيف عن محمد بن عبيد قال كتبت إلى أبي الحسن الرضا ع أسأله عن الرؤية و ما ترويه العامة و الخاصة و سألته أن يشرح لي ذلك فكتب بخطه اتفق الجميع لا تمانع بينهم أن المعرفة من جهة الرؤية ضرورة فإذا جاز أن يرى الله بالعين وقعت المعرفة ضرورة ثم لم تخل تلك المعرفة من أن تكون إيمانا أو ليست بإيمان فإن كانت تلك المعرفة من جهة الرؤية إيمانا فالمعرفة التي في دار الدنيا من جهة الاكتساب ليست بإيمان لأنها ضدهفلا يكون في الدنيا مؤمن لأنهم لم يروا الله عز ذكره و إن لم تكن تلك المعرفة التي من جهة الرؤية إيمانا لم تخل هذه المعرفة التي من جهة الاكتساب أن تزول و لا تزول في المعاد فهذا دليل على أن الله عز و جل لا يرى بالعين إذ العين تؤدي إلى ما وصفناه

4-  و عنه عن أحمد بن إسحاق قال كتبت إلى أبي الحسن الثالث ع أسأله عن الرؤية و ما اختلف فيه الناس فكتب لا تجوز الرؤية ما لم يكن بين الرائي و المرئي هواء لم ينفذه البصر فإذا انقطع الهواء عن الرائي و المرئي لم تصح الرؤية و كان في ذلك الاشتباه لأن الرائي متى ساوى المرئي في السبب الموجب بينهما في الرؤية وجب الاشتباه و كان ذلك التشبيه لأن الأسباب لا بد من اتصالها بالمسببات

5-  علي بن إبراهيم عن أبيه عن علي بن معبد عن عبد الله بن سنان عن أبيه قال حضرت أبا جعفر ع فدخل عليه رجل من الخوارج فقال له يا أبا جعفر أي شي‏ء تعبد قال الله تعالى قال رأيته قال بل لم تره العيون بمشاهدة الأبصار و لكن رأته القلوب بحقائق الإيمان لا يعرف بالقياس و لا يدرك بالحواس و لا يشبه بالناس موصوف بالآيات معروف بالعلامات لا يجور في حكمه ذلك الله لا إله إلا هو قال فخرج الرجل و هو يقول الله أعلم حيث يجعل رسالته

6-  عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن أبي الحسن الموصلي عن أبي عبد الله ع قال جاء حبر إلى أمير المؤمنين صلوات الله عليه فقال يا أمير المؤمنين هل رأيت ربك حين عبدته قال فقال ويلك ما كنت أعبد ربا لم أره قال و كيف رأيته قال ويلك لا تدركه العيون في مشاهدة الأبصار و لكن رأته القلوب بحقائق الإيمان

7-  أحمد بن إدريس عن محمد بن عبد الجبار عن صفوان بن يحيى عن عاصم بن حميد عن أبي عبد الله ع قال ذاكرت أبا عبد الله ع فيما يروون من الرؤية فقال الشمس جزء من سبعين جزءا من نور الكرسي و الكرسي جزء من سبعين جزءا من نور العرش و العرش جزء من سبعين جزءا من نور الحجاب و الحجاب جزء من سبعين جزءا من نور الستر فإن كانوا صادقين فليملئوا أعينهم من الشمس ليس دونها سحاب

8-  محمد بن يحيى و غيره عن أحمد بن محمد بن عيسى عن ابن أبي نصر عن أبي الحسن الرضا ع قال قال رسول الله ص لما أسري بي إلى السماء بلغ بي جبرئيل مكانا لم يطأه قط جبرئيل فكشف له فأراه الله من نور عظمته ما أحب

في قوله تعالى لا تدركه الأبصار و هو يدرك الأبصار

9-  محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن ابن أبي نجران عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله ع في قوله لا تدركه الأبصار قال إحاطة الوهم أ لا ترى إلى قوله قد جاءكم بصائر من ربكم ليس يعني بصر العيون فمن أبصر فلنفسه ليس يعني من البصر بعينه و من عمي فعليها ليس يعني عمى العيون إنما عنى إحاطة الوهم كما يقال فلان بصير بالشعر و فلان بصير بالفقه و فلان بصير بالدراهم و فلان بصير بالثياب الله أعظم من أن يرى بالعين

10-  محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن أبي هاشم الجعفري عن أبي الحسن الرضا ع قال سألته عن الله هل يوصف فقال أ ما تقرأ القرآن قلت بلى قال أ ما تقرأ قوله تعالى لا تدركه الأبصار و هو يدرك الأبصار قلت بلى قال فتعرفون الأبصار قلت بلى قال ما هي قلت أبصار العيون فقال إن أوهام القلوب أكبر من أبصار العيون فهو لا تدركه الأوهام و هو يدرك الأوهام

11-  محمد بن أبي عبد الله عمن ذكره عن محمد بن عيسى عن داود بن القاسم أبي هاشم الجعفري قال قلت لأبي جعفر ع لا تدركه الأبصار و هو يدرك الأبصار فقال يا أبا هاشم أوهام القلوب أدق من أبصار العيون أنت قد تدرك بوهمك السند و الهند و البلدان التي لم تدخلها و لا تدركها ببصرك و أوهام القلوب لا تدركه فكيف أبصار العيون

12-  علي بن إبراهيم عن أبيه عن بعض أصحابه عن هشام بن الحكم قال الأشياء كلها لا تدرك إلا بأمرين بالحواس و القلب و الحواس إدراكها على ثلاثة معان إدراكا بالمداخلة و إدراكا بالمماسة و إدراكا بلا مداخلة و لا مماسة فأما الإدراك الذي بالمداخلة فالأصوات و المشام و الطعوم و أما الإدراك بالمماسة فمعرفة الأشكال من التربيع و التثليث و معرفة اللين و الخشن و الحر و البرد و أما الإدراك بلا مماسة و لا مداخلة فالبصر فإنه يدرك الأشياء بلا مماسة و لا مداخلة في حيز غيره و لا في حيزه و إدراك البصر له سبيل و سبب فسبيله الهواء و سببه الضياء فإذا كان السبيل متصلا بينه و بين المرئي و السبب قائم أدرك ما يلاقي من الألوان و الأشخاص فإذا حمل البصر على ما لا سبيل له فيه رجع راجعا فحكى ما وراءه كالناظر في المرآة لا ينفذ بصره في المرآة فإذا لم يكن له سبيل رجع راجعا يحكي ما وراءه و كذلك الناظر في الماء الصافي يرجع راجعا فيحكي ما وراءه إذ لا سبيل له في إنفاذ بصره فأما القلب فإنما سلطانه على الهواء فهو يدرك جميع ما في الهواء و يتوهمه فإذا حمل القلب على ما ليس في الهواء موجودا رجع راجعا فحكى ما في الهواء فلا ينبغي للعاقل أن يحمل قلبه على ما ليس موجودا في الهواء من أمر التوحيد جل الله و عز فإنه إن فعل ذلك لم يتوهم إلا ما في الهواء موجود كما قلنا في أمر البصر تعالى الله أن يشبهه خلقه

باب النهي عن الصفة بغير ما وصف به نفسه تعالى

1-  علي بن إبراهيم عن العباس بن معروف عن ابن أبي نجران عن حماد بن عثمان عن عبد الرحيم بن عتيك القصير قال كتبت على يدي عبد الملك بن أعين إلى أبي عبد الله ع أن قوما بالعراق يصفون الله بالصورة و بالتخطيط فإن رأيت جعلني الله فداك أن تكتب إلي بالمذهب الصحيح من التوحيد فكتب إلي سألت رحمك الله عن التوحيد و ما ذهب إليه من قبلك فتعالى الله الذي ليس كمثله شي‏ء و هو السميع البصير تعالى عما يصفه الواصفون المشبهون الله بخلقه المفترون على الله فاعلم رحمك الله أن المذهب الصحيح في التوحيد ما نزل به القرآن من صفات الله جل و عز فانف عن الله تعالى البطلان و التشبيه فلا نفي و لا تشبيه هو الله الثابت الموجود تعالى الله عما يصفه الواصفون و لا تعدوا القرآن فتضلوا بعد البيان

2-  محمد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان عن ابن أبي عمير عن إبراهيم بن عبد الحميد عن أبي حمزة قال قال لي علي بن الحسين ع يا أبا حمزة إن الله لا يوصف بمحدودية عظم ربنا عن الصفة فكيف يوصف بمحدودية من لا يحد و لا تدركه الأبصار و هو يدرك الأبصار و هو اللطيف الخبير

3-  محمد بن أبي عبد الله عن محمد بن إسماعيل عن الحسين بن الحسن عن بكر بن صالح عن الحسن بن سعيد عن إبراهيم بن محمد الخزاز و محمد بن الحسين قالا دخلنا على أبي الحسن الرضا ع فحكينا له أن محمدا ص رأى ربه في صورة الشاب الموفق في سن أبناء ثلاثين سنة و قلنا إن هشام بن سالم و صاحب الطاق و الميثمي يقولون إنه أجوف إلى السرة و البقية صمد فخر ساجدا لله ثم قال سبحانك ما عرفوك و لا وحدوك فمن أجل ذلك وصفوك سبحانك لو عرفوك لوصفوك بما وصفت به نفسك سبحانك كيف طاوعتهم أنفسهم أن يشبهوك بغيرك اللهم لا أصفك إلا بما وصفت به نفسك و لا أشبهك بخلقك أنت أهل لكل خير فلا تجعلني من القوم الظالمين ثم التفت إلينا فقال ما توهمتم من شي‏ء فتوهموا الله غيره ثم قال نحن آل محمد النمط الأوسط الذي لا يدركنا الغالي و لا يسبقنا التالي يا محمد إن رسول الله ص حين نظر إلى عظمة ربه كان في هيئة الشاب الموفق و سن أبناء ثلاثين سنة يا محمد عظم ربي عز و جل أن يكون في صفة المخلوقين قال قلت جعلت فداك من كانت رجلاه في خضرة قال ذاك محمد كان إذا نظر إلى ربه بقلبه جعله في نور مثل نور الحجب حتى يستبين له ما في الحجب إن نور الله منه أخضر و منه أحمر و منه أبيض و منه غير ذلك يا محمد ما شهد له الكتاب و السنة فنحن القائلون به

4-  علي بن محمد و محمد بن الحسن عن سهل بن زياد عن أحمد بن بشير البرقي قال حدثني عباس بن عامر القصباني قال أخبرني هارون بن الجهم عن أبي حمزة عن علي بن الحسين ع قال قال لو اجتمع أهل السماء و الأرض أن يصفوا الله بعظمته لم يقدروا

5-  سهل عن إبراهيم بن محمد الهمذاني قال كتبت إلى الرجل ع أن من قبلنا من مواليك قد اختلفوا في التوحيد فمنهم من يقول جسم و منهم من يقول صورة فكتب ع بخطه سبحان من لا يحد و لا يوصف ليس كمثله شي‏ء و هو السميع العليم أو قال البصير

6-  سهل عن محمد بن عيسى عن إبراهيم عن محمد بن حكيم قال كتب أبو الحسن موسى بن جعفر ع إلى أبي أن الله أعلى و أجل و أعظم من أن يبلغ كنه صفته فصفوه بما وصف به نفسه و كفوا عما سوى ذلك

7-  سهل عن السندي بن الربيع عن ابن أبي عمير عن حفص أخي مرازم عن المفضل قال سألت أبا الحسن ع عن شي‏ء من الصفة فقال لا تجاوز ما في القرآن

8-  سهل عن محمد بن علي القاساني قال كتبت إليه ع أن من قبلنا قد اختلفوا في التوحيد قال فكتب ع سبحان من لا يحد و لا يوصف ليس كمثله شي‏ء و هو السميع البصير

9-  سهل عن بشر بن بشار النيسابوري قال كتبت إلى الرجل ع أن من قبلنا قد اختلفوا في التوحيد فمنهم من يقول هو جسم و منهم من يقول هو صورة فكتب إلي سبحان من لا يحد و لا يوصف و لا يشبهه شي‏ء و ليس كمثله شي‏ء و هو السميع البصير

10-  سهل قال كتبت إلى أبي محمد ع سنة خمس و خمسين و مائتين قد اختلف يا سيدي أصحابنا في التوحيد منهم من يقول هو جسم و منهم من يقول هو صورة فإن رأيت يا سيدي أن تعلمني من ذلك ما أقف عليه و لا أجوزه فعلت متطولا على عبدك فوقع بخطه ع سألت عن التوحيد و هذا عنكم معزول الله واحد أحد لم يلد و لم يولد و لم يكن له كفوا أحد خالق و ليس بمخلوق يخلق تبارك و تعالى ما يشاء من الأجسام و غير ذلك و ليس بجسم و يصور ما يشاء و ليس بصورة جل ثناؤه و تقدست أسماؤه أن يكون له شبه هو لا غيره ليس كمثله شي‏ء و هو السميع البصير

11-  محمد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان عن حماد بن عيسى عن ربعي بن عبد الله عن الفضيل بن يسار قال سمعت أبا عبد الله ع يقول إن الله لا يوصف و كيف يوصف و قد قال في كتابه و ما قدروا الله حق قدره فلا يوصف بقدر إلا كان أعظم من ذلك

12-  علي بن محمد عن سهل بن زياد و عن غيره عن محمد بن سليمان عن علي بن إبراهيم عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله ع قال قال إن الله عظيم رفيع لا يقدر العباد على صفته و لا يبلغون كنه عظمته لا تدركه الأبصار و هو يدرك الأبصار و هو اللطيف الخبير و لا يوصف بكيف و لا أين و حيث و كيف أصفه بالكيف و هو الذي كيف الكيف حتى صار كيفا فعرفت الكيف بما كيف لنا من الكيف أم كيف أصفه بأين و هو الذي أين الأين حتى صار أينا فعرفت الأين بما أين لنا من الأين أم كيف أصفه بحيث و هو الذي حيث الحيث حتى صار حيثا فعرفت الحيث بما حيث لنا من الحيث فالله تبارك و تعالى داخل في كل مكان و خارج من كل شي‏ء لا تدركه الأبصار و هو يدرك الأبصار لا إله إلا هو العلي العظيم و هو اللطيف الخبير

باب النهي عن الجسم و الصورة

1-  أحمد بن إدريس عن محمد بن عبد الجبار عن صفوان بن يحيى عن علي بن أبي حمزة قال قلت لأبي عبد الله ع سمعت هشام بن الحكم يروي عنكم أن الله جسم صمدي نوري معرفته ضرورة يمن بها على من يشاء من خلقه فقال ع سبحان من لا يعلم أحد كيف هو إلا هو ليس كمثله شي‏ء و هو السميع البصير لا يحد و لا يحس و لا يجس و لا تدركه الأبصار و لا الحواس و لا يحيط به شي‏ء و لا جسم و لا صورة و لا تخطيط و لا تحديد

2-  محمد بن الحسن عن سهل بن زياد عن حمزة بن محمد قال كتبت إلى أبي الحسن ع أسأله عن الجسم و الصورة فكتب سبحان من ليس كمثله شي‏ء لا جسم و لا صورة

 و رواه محمد بن أبي عبد الله إلا أنه لم يسم الرجل

 -  محمد بن الحسن عن سهل بن زياد عن محمد بن إسماعيل بن بزيع عن محمد بن زيد قال جئت إلى الرضا ع أسأله عن التوحيد فأملى علي الحمد لله فاطر الأشياء إنشاء و مبتدعها ابتداعا بقدرته و حكمته لا من شي‏ء فيبطل الاختراع و لا لعلة فلا يصح الابتداع خلق ما شاء كيف شاء متوحدا بذلك لإظهار حكمته و حقيقة ربوبيته لا تضبطه العقول و لا تبلغه الأوهام و لا تدركه الأبصار و لا يحيط به مقدار عجزت دونه العبارة و كلت دونه الأبصار و ضل فيه تصاريف الصفات احتجب بغير حجاب محجوب و استتر بغير ستر مستور عرف بغير رؤية و وصف بغير صورة و نعت بغير جسم لا إله إلا الله الكبير المتعال

4-  محمد بن أبي عبد الله عمن ذكره عن علي بن العباس عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن محمد بن حكيم قال وصفت لأبي إبراهيم ع قول هشام بن سالم الجواليقي و حكيت له قول هشام بن الحكم أنه جسم فقال إن الله تعالى لا يشبهه شي‏ء أي فحش أو خنا أعظم من قول من يصف خالق الأشياء بجسم أو صورة أو بخلقة أو بتحديد و أعضاء تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا

5-  علي بن محمد رفعه عن محمد بن الفرج الرخجي قال كتبت إلى أبي الحسن ع أسأله عما قال هشام بن الحكم في الجسم و هشام بن سالم في الصورة فكتب دع عنك حيرة الحيران و استعذ بالله من الشيطان ليس القول ما قال الهشامان

 -  محمد بن أبي عبد الله عن محمد بن إسماعيل عن الحسين بن الحسن عن بكر بن صالح عن الحسن بن سعيد عن عبد الله بن المغيرة عن محمد بن زياد قال سمعت يونس بن ظبيان يقول دخلت على أبي عبد الله ع فقلت له إن هشام بن الحكم يقول قولا عظيما إلا أني أختصر لك منه أحرفا فزعم أن الله جسم لأن الأشياء شيئان جسم و فعل الجسم فلا يجوز أن يكون الصانع بمعنى الفعل و يجوز أن يكون بمعنى الفاعل فقال أبو عبد الله ع ويحه أ ما علم أن الجسم محدود متناه و الصورة محدودة متناهية فإذا احتمل الحد احتمل الزيادة و النقصان و إذا احتمل الزيادة و النقصان كان مخلوقا قال قلت فما أقول قال لا جسم و لا صورة و هو مجسم الأجسام و مصور الصور لم يتجزأ و لم يتناه و لم يتزايد و لم يتناقص لو كان كما يقولون لم يكن بين الخالق و المخلوق فرق و لا بين المنشئ و المنشإ لكن هو المنشئ فرق بين من جسمه و صوره و أنشأه إذ كان لا يشبهه شي‏ء و لا يشبه هو شيئا

7-  محمد بن أبي عبد الله عن محمد بن إسماعيل عن علي بن العباس عن الحسن بن عبد الرحمن الحماني قال قلت لأبي الحسن موسى بن جعفر ع إن هشام بن الحكم زعم أن الله جسم ليس كمثله شي‏ء عالم سميع بصير قادر متكلم ناطق و الكلام و القدرة و العلم يجري مجرى واحد ليس شي‏ء منها مخلوقا فقال قاتله الله أ ما علم أن الجسم محدود و الكلام غير المتكلم معاذ الله و أبرأ إلى الله من هذا القول لا جسم و لا صورة و لا تحديد و كل شي‏ء سواه مخلوق إنما تكون الأشياء بإرادته و مشيئته من غير كلام و لا تردد في نفس و لا نطق بلسان

8-  علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس عن محمد بن حكيم قال وصفت لأبي الحسن ع قول هشام الجواليقي و ما يقول في الشاب الموفق و وصفت له قول هشام بن الحكم فقال إن الله لا يشبهه شي‏ء

 باب صفات الذات

1-  علي بن إبراهيم عن محمد بن خالد الطيالسي عن صفوان بن يحيى عن ابن مسكان عن أبي بصير قال سمعت أبا عبد الله ع يقول لم يزل الله عز و جل ربنا و العلم ذاته و لا معلوم و السمع ذاته و لا مسموع و البصر ذاته و لا مبصر و القدرة ذاته و لا مقدور فلما أحدث الأشياء و كان المعلوم وقع العلم منه على المعلوم و السمع على المسموع و البصر على المبصر و القدرة على المقدور قال قلت فلم يزل الله متحركا قال فقال تعالى الله عن ذلك إن الحركة صفة محدثة بالفعل قال قلت فلم يزل الله متكلما قال فقال إن الكلام صفة محدثة ليست بأزلية كان الله عز و جل و لا متكلم

2-  محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر ع قال سمعته يقول كان الله عز و جل و لا شي‏ء غيره و لم يزل عالما بما يكون فعلمه به قبل كونه كعلمه به بعد كونه

3-  محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن صفوان بن يحيى عن الكاهلي قال كتبت إلى أبي الحسن ع في دعاء الحمد لله منتهى علمه فكتب إلي لا تقولن منتهى علمه فليس لعلمه منتهى و لكن قل منتهى رضاه

4-  محمد بن يحيى عن سعد بن عبد الله عن محمد بن عيسى عن أيوب بن نوح أنه كتب إلى أبي الحسن ع يسأله عن الله عز و جل أ كان يعلم الأشياء قبل أن خلق الأشياء و كونها أو لم يعلم ذلك حتى خلقها و أراد خلقها و تكوينها فعلم ما خلق عند ما خلق و ما كون عند ما كون فوقع بخطه لم يزل الله عالما بالأشياء قبل أن يخلق الأشياء كعلمه بالأشياء بعد ما خلق الأشياء

5-  علي بن محمد عن سهل بن زياد عن جعفر بن محمد بن حمزة قال كتبت إلى الرجل ع أسأله أن مواليك اختلفوا في العلم فقال بعضهم لم يزل الله عالما قبل فعل الأشياء و قال بعضهم لا نقول لم يزل الله عالما لأن معنى يعلم يفعل فإن أثبتنا العلم فقد أثبتنا في الأزل معه شيئا فإن رأيت جعلني الله فداك أن تعلمني من ذلك ما أقف عليه و لا أجوزه فكتب ع بخطه لم يزل الله عالما تبارك و تعالى ذكره

6-  محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن القاسم بن محمد عن عبد الصمد بن بشير عن فضيل بن سكرة قال قلت لأبي جعفر ع جعلت فداك إن رأيت أن تعلمني هل كان الله جل وجهه يعلم قبل أن يخلق الخلق أنه وحده فقد اختلف مواليك فقال بعضهم قد كان يعلم قبل أن يخلق شيئا من خلقه و قال بعضهم إنما معنى يعلم يفعل فهو اليوم يعلم أنه لا غيره قبل فعل الأشياء فقالوا إن أثبتنا أنه لم يزل عالما بأنه لا غيره فقد أثبتنا معه غيره في أزليته فإن رأيت يا سيدي أن تعلمني ما لا أعدوه إلى غيره فكتب ع ما زال الله عالما تبارك و تعالى ذكره

باب آخر و هو من الباب الأول

1-  علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى بن عبيد عن حماد عن حريز عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر ع أنه قال في صفة القديم إنه واحد صمد أحدي المعنى ليس بمعاني كثيرة مختلفة قال قلت جعلت فداك يزعم قوم من أهل العراق أنه يسمع بغير الذي يبصر و يبصر بغير الذي يسمع قال فقال كذبوا و ألحدوا و شبهوا تعالى الله عن ذلك إنه سميع بصير يسمع بما يبصر و يبصر بما يسمع قال قلت يزعمون أنه بصير على ما يعقلونه قال فقال تعالى الله إنما يعقل ما كان بصفة المخلوق و ليس الله كذلك

2-  علي بن إبراهيم عن أبيه عن العباس بن عمرو عن هشام بن الحكم قال في حديث الزنديق الذي سأل أبا عبد الله ع أنه قال له أ تقول إنه سميع بصير فقال أبو عبد الله هو سميع بصير سميع بغير جارحة و بصير بغير آلة بل يسمع بنفسه و يبصر بنفسه و ليس قولي إنه سميع بنفسه أنه شي‏ء و النفس شي‏ء آخر و لكني أردت عبارة عن نفسي إذ كنت مسئولا و إفهاما لك إذ كنت سائلا فأقول يسمع بكله لا أن كله له بعض لأن الكل لنا له بعض و لكن أردت إفهامك و التعبير عن نفسي و ليس مرجعي في ذلك كله إلا أنه السميع البصير العالم الخبير بلا اختلاف الذات و لا اختلاف معنى

باب الإرادة أنها من صفات الفعل و سائر صفات الفعل

1-  محمد بن يحيى العطار عن أحمد بن محمد بن عيسى الأشعري عن الحسين بن سعيد الأهوازي عن النضر بن سويد عن عاصم بن حميد عن أبي عبد الله ع قال قلت لم يزل الله مريدا قال إن المريد لا يكون إلا لمراد معه لم يزل الله عالما قادرا ثم أراد

2-  محمد بن أبي عبد الله عن محمد بن إسماعيل عن الحسين بن الحسن عن بكر بن صالح عن علي بن أسباط عن الحسن بن الجهم عن بكير بن أعين قال قلت لأبي عبد الله ع علم الله و مشيئته هما مختلفان أو متفقان فقال العلم ليس هو المشيئة أ لا ترى أنك تقول سأفعل كذا إن شاء الله و لا تقول سأفعل كذا إن علم الله فقولك إن شاء الله دليل على أنه لم يشأ فإذا شاء كان الذي شاء كما شاء و علم الله السابق للمشيئة

3-  أحمد بن إدريس عن محمد بن عبد الجبار عن صفوان بن يحيى قال قلت لأبي الحسن ع أخبرني عن الإرادة من الله و من الخلق قال فقال الإرادة من الخلق الضمير و ما يبدو لهم بعد ذلك من الفعل و أما من الله تعالى فإرادته إحداثه لا غير ذلك لأنه لا يروي و لا يهم و لا يتفكر و هذه الصفات منفية عنه و هي صفات الخلق فإرادة الله الفعل لا غير ذلك يقول له كن فيكون بلا لفظ و لا نطق بلسان و لا همة و لا تفكر و لا كيف لذلك كما أنه لا كيف له

4-  علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن عمر بن أذينة عن أبي عبد الله ع قال خلق الله المشيئة بنفسها ثم خلق الأشياء بالمشيئة

5-  عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد البرقي عن محمد بن عيسى عن المشرقي حمزة بن المرتفع عن بعض أصحابنا قال كنت في مجلس أبي جعفر ع إذ دخل عليه عمرو بن عبيد فقال له جعلت فداك قول الله تبارك و تعالى و من يحلل عليه غضبي فقد هوى ما ذلك الغضب فقال أبو جعفر ع هو العقاب يا عمرو إنه من زعم أن الله قد زال من شي‏ء إلى شي‏ء فقد وصفه صفة مخلوق و إن الله تعالى لا يستفزه شي‏ء فيغيره

6-  علي بن إبراهيم عن أبيه عن العباس بن عمرو عن هشام بن الحكم في حديث الزنديق الذي سأل أبا عبد الله ع فكان من سؤاله أن قال له فله رضا و سخط فقال أبو عبد الله ع نعم و لكن ليس ذلك على ما يوجد من المخلوقين و ذلك أن الرضا حال تدخل عليه فتنقله من حال إلى حال لأن المخلوق أجوف معتمل مركب للأشياء فيه مدخل و خالقنا لا مدخل للأشياء فيه لأنه واحد واحدي الذات واحدي المعنى فرضاه ثوابه و سخطه عقابه من غير شي‏ء يتداخله فيهيجه و ينقله من حال إلى حال لأن ذلك من صفة المخلوقين العاجزين المحتاجين

7-  عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن أبيه عن ابن أبي عمير عن ابن أذينة عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله ع قال المشيئة محدثة

 جملة القول في صفات الذات و صفات الفعل

 إن كل شيئين وصفت الله بهما و كانا جميعا في الوجود فذلك صفة فعل و تفسير هذه الجملة أنك تثبت في الوجود ما يريد و ما لا يريد و ما يرضاه و ما يسخطه و ما يحب و ما يبغض فلو كانت الإرادة من صفات الذات مثل العلم و القدرة كان ما لا يريد ناقضا لتلك الصفة و لو كان ما يحب من صفات الذات كان ما يبغض ناقضا لتلك الصفة أ لا ترى أنا لا نجد في الوجود ما لا يعلم و ما لا يقدر عليه و كذلك صفات ذاته الأزلي لسنا نصفه بقدرة و عجز و علم و جهل و سفه و حكمة و خطإ و عز و ذلة و يجوز أن يقال يحب من أطاعه و يبغض من عصاه و يوالي من أطاعه و يعادي من عصاه و إنه يرضى و يسخط و يقال في الدعاء اللهم ارض عني و لا تسخط علي و تولني و لا تعادني و لا يجوز أن يقال يقدر أن يعلم و لا يقدر أن لا يعلم و يقدر أن يملك و لا يقدر أن لا يملك و يقدر أن يكون عزيزا حكيما و لا يقدر أن لا يكون عزيزا حكيما و يقدر أن يكون جوادا و لا يقدر أن لا يكون جوادا و يقدر أن يكون غفورا و لا يقدر أن لا يكون غفورا و لا يجوز أيضا أن يقال أراد أن يكون ربا و قديما و عزيزا و حكيما و مالكا و عالما و قادرا لأن هذه من صفات الذات و الإرادة من صفات الفعل أ لا ترى أنه يقال أراد هذا و لم يرد هذا و صفات الذات تنفي عنه بكل صفة منها ضدها يقال حي و عالم و سميع و بصير و عزيز و حكيم غني ملك حليم عدل كريم فالعلم ضده الجهل و القدرة ضدها العجز و الحياة ضدها الموت و العزة ضدها الذلة و الحكمة ضدها الخطأ و ضد الحلم العجلة و الجهل و ضد العدل الجور و الظلم

باب حدوث الأسماء

1-  علي بن محمد عن صالح بن أبي حماد عن الحسين بن يزيد عن الحسن بن علي بن أبي حمزة عن إبراهيم بن عمر عن أبي عبد الله ع قال إن الله تبارك و تعالى خلق اسما بالحروف غير متصوت و باللفظ غير منطق و بالشخص غير مجسد و بالتشبيه غير موصوف و باللون غير مصبوغ منفي عنه الأقطار مبعد عنه الحدود محجوب عنه حس كل متوهم مستتر غير مستور فجعله كلمة تامة على أربعة أجزاء معا ليس منها واحد قبل الآخر فأظهر منها ثلاثة أسماء لفاقة الخلق إليها و حجب منها واحدا و هو الاسم المكنون المخزون فهذه الأسماء التي ظهرت فالظاهر هو الله تبارك و تعالى و سخر سبحانه لكل اسم من هذه الأسماء أربعة أركان فذلك اثنا عشر ركنا ثم خلق لكل ركن منها ثلاثين اسما فعلا منسوبا إليها فهو الرحمن الرحيم الملك القدوس الخالق البارئ المصور الحي القيوم لا تأخذه سنة و لا نوم العليم الخبير السميع البصير الحكيم العزيز الجبار المتكبر العلي العظيم المقتدر القادر السلام المؤمن المهيمن البارئ المنشئ البديع الرفيع الجليل الكريم الرازق المحيي المميت الباعث الوارث فهذه الأسماء و ما كان من الأسماء الحسنى حتى تتم ثلاث مائة و ستين اسما فهي نسبة لهذه الأسماء الثلاثة و هذه الأسماء الثلاثة أركان و حجب الاسم الواحد المكنون المخزون بهذه الأسماء الثلاثة و ذلك قوله تعالى قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى

 -  أحمد بن إدريس عن الحسين بن عبد الله عن محمد بن عبد الله و موسى بن عمر و الحسن بن علي بن عثمان عن ابن سنان قال سألت أبا الحسن الرضا ع هل كان الله عز و جل عارفا بنفسه قبل أن يخلق الخلق قال نعم قلت يراها و يسمعها قال ما كان محتاجا إلى ذلك لأنه لم يكن يسألها و لا يطلب منها هو نفسه و نفسه هو قدرته نافذة فليس يحتاج أن يسمي نفسه و لكنه اختار لنفسه أسماء لغيره يدعوه بها لأنه إذا لم يدع باسمه لم يعرف فأول ما اختار لنفسه العلي العظيم لأنه أعلى الأشياء كلها فمعناه الله و اسمه العلي العظيم هو أول أسمائه علا على كل شي‏ء

3-  و بهذا الإسناد عن محمد بن سنان قال سألته عن الاسم ما هو قال صفة لموصوف

4-  محمد بن أبي عبد الله عن محمد بن إسماعيل عن بعض أصحابه عن بكر بن صالح عن علي بن صالح عن الحسن بن محمد بن خالد بن يزيد عن عبد الأعلى عن أبي عبد الله ع قال اسم الله غيره و كل شي‏ء وقع عليه اسم شي‏ء فهو مخلوق ما خلا الله فأما ما عبرته الألسن أو عملت الأيدي فهو مخلوق و الله غاية من غاياته و المغيا غير الغاية و الغاية موصوفة و كل موصوف مصنوع و صانع الأشياء غير موصوف بحد مسمى لم يتكون فيعرف كينونيته بصنع غيره و لم يتناه إلى غاية إلا كانت غيره لا يزل من فهم هذا الحكم أبدا و هو التوحيد الخالص فارعوه و صدقوه و تفهموه بإذن الله من زعم أنه يعرف الله بحجاب أو بصورة أو بمثال فهو مشرك لأن حجابه و مثاله و صورته غيره و إنما هو واحد متوحد فكيف يوحده من زعم أنه عرفه بغيره و إنما عرف الله من عرفه بالله فمن لم يعرفه به فليس يعرفه إنما يعرف غيره ليس بين الخالق و المخلوق شي‏ء و الله خالق الأشياء لا من شي‏ء كان و الله يسمى بأسمائه و هو غير أسمائه و الأسماء غيره

باب معاني الأسماء و اشتقاقها

1-  عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن القاسم بن يحيى عن جده الحسن بن راشد عن عبد الله بن سنان قال سألت أبا عبد الله ع عن تفسير بسم الله الرحمن الرحيم قال الباء بهاء الله و السين سناء الله و الميم مجد الله و روى بعضهم الميم ملك الله و الله إله كل شي‏ء الرحمن بجميع خلقه و الرحيم بالمؤمنين خاصة

2-  علي بن إبراهيم عن أبيه عن النضر بن سويد عن هشام بن الحكم أنه سأل أبا عبد الله ع عن أسماء الله و اشتقاقها الله مما هو مشتق فقال يا هشام الله مشتق من إله و إله يقتضي مألوها و الاسم غير المسمى فمن عبد الاسم دون المعنى فقد كفر و لم يعبد شيئا و من عبد الاسم و المعنى فقد أشرك و عبد اثنين و من عبد المعنى دون الاسم فذاك التوحيد أ فهمت يا هشام قال قلت زدني قال لله تسعة و تسعون اسما فلو كان الاسم هو المسمى لكان كل اسم منها إلها و لكن الله معنى يدل عليه بهذه الأسماء و كلها غيره يا هشام الخبز اسم للمأكول و الماء اسم للمشروب و الثوب اسم للملبوس و النار اسم للمحرق أ فهمت يا هشام فهما تدفع به و تناضل به أعداءنا المتخذين مع الله عز و جل غيره قلت نعم فقال نفعك الله به و ثبتك يا هشام قال فو الله ما قهرني أحد في التوحيد حتى قمت مقامي هذا

3-  عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد البرقي عن القاسم بن يحيى عن جده الحسن بن راشد عن أبي الحسن موسى بن جعفر ع قال سئل عن معنى الله فقال استولى على ما دق و جل

4-  علي بن محمد عن سهل بن زياد عن يعقوب بن يزيد عن العباس بن هلال قال سألت الرضا ع عن قول الله الله نور السماوات و الأرض فقال هاد لأهل السماء و هاد لأهل الأرض و في رواية البرقي هدى من في السماء و هدى من في الأرض

5-  أحمد بن إدريس عن محمد بن عبد الجبار عن صفوان بن يحيى عن فضيل بن عثمان عن ابن أبي يعفور قال سألت أبا عبد الله ع عن قول الله عز و جل هو الأول و الآخر و قلت أما الأول فقد عرفناه و أما الآخر فبين لنا تفسيره فقال إنه ليس شي‏ء إلا يبيد أو يتغير أو يدخله التغير و الزوال أو ينتقل من لون إلى لون و من هيئة إلى هيئة و من صفة إلى صفة و من زيادة إلى نقصان و من نقصان إلى زيادة إلا رب العالمين فإنه لم يزل و لا يزال بحالة واحدة هو الأول قبل كل شي‏ء و هو الآخر على ما لم يزل و لا تختلف عليه الصفات و الأسماء كما تختلف على غيره مثل الإنسان الذي يكون ترابا مرة و مرة لحما و دما و مرة رفاتا و رميما و كالبسر الذي يكون مرة بلحا و مرة بسرا و مرة رطبا و مرة تمرا فتتبدل عليه الأسماء و الصفات و الله جل و عز بخلاف ذلك

 -  علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن ابن أذينة عن محمد بن حكيم عن ميمون البان قال سمعت أبا عبد الله ع و قد سئل عن الأول و الآخر فقال الأول لا عن أول قبله و لا عن بدء سبقه و الآخر لا عن نهاية كما يعقل من صفة المخلوقين و لكن قديم أول آخر لم يزل و لا يزول بلا بدء و لا نهاية لا يقع عليه الحدوث و لا يحول من حال إلى حال خالق كل شي‏ء

7-  محمد بن أبي عبد الله رفعه إلى أبي هاشم الجعفري قال كنت عند أبي جعفر الثاني ع فسأله رجل فقال أخبرني عن الرب تبارك و تعالى له أسماء و صفات في كتابه و أسماؤه و صفاته هي هو فقال أبو جعفر ع إن لهذا الكلام وجهين إن كنت تقول هي هو أي إنه ذو عدد و كثرة فتعالى الله عن ذلك و إن كنت تقول هذه الصفات و الأسماء لم تزل فإن لم تزل محتمل معنيين فإن قلت لم تزل عنده في علمه و هو مستحقها فنعم و إن كنت تقول لم يزل تصويرها و هجاؤها و تقطيع حروفها فمعاذ الله أن يكون معه شي‏ء غيره بل كان الله و لا خلق ثم خلقها وسيلة بينه و بين خلقه يتضرعون بها إليه و يعبدونه و هي ذكره و كان الله و لا ذكر و المذكور بالذكر هو الله القديم الذي لم يزل و الأسماء و الصفات مخلوقات و المعاني و المعني بها هو الله الذي لا يليق به الاختلاف و لا الائتلاف و إنما يختلف و يأتلف المتجزئ فلا يقال الله مؤتلف و لا الله قليل و لا كثير و لكنه القديم في ذاته لأن ما سوى الواحد متجزئ و الله واحد لا متجزئ و لا متوهم بالقلة و الكثرة و كل متجزئ أو متوهم بالقلة و الكثرة فهو مخلوق دال على خالق له فقولك إن الله قدير خبرت أنه لا يعجزه شي‏ء فنفيت بالكلمة العجز و جعلت العجز سواه و كذلك قولك عالم إنما نفيت بالكلمة الجهل و جعلت الجهل سواه و إذا أفنى الله الأشياء أفنى الصورة و الهجاء و التقطيع و لا يزال من لم يزل عالما فقال الرجل فكيف سمينا ربنا سميعا فقال لأنه لا يخفى عليه ما يدرك بالأسماع و لم نصفه بالسمع المعقول في الرأس و كذلك سميناه بصيرا لأنه لا يخفى عليه ما يدرك بالأبصار من لون أو شخص أو غير ذلك و لم نصفه ببصر لحظة العين و كذلك سميناه لطيفا لعلمه بالشي‏ء اللطيف مثل البعوضة و أخفى من ذلك و موضع النشوء منها و العقل و الشهوة للسفاد و الحدب على نسلها و إقام بعضها على بعض و نقلها الطعام و الشراب إلى أولادها في الجبال و المفاوز و الأودية و القفار فعلمنا أن خالقها لطيف بلا كيف و إنما الكيفية للمخلوق المكيف و كذلك سمينا ربنا قويا لا بقوة البطش المعروف من المخلوق و لو كانت قوته قوة البطش المعروف من المخلوق لوقع التشبيه و لاحتمل الزيادة و ما احتمل الزيادة احتمل النقصان و ما كان ناقصا كان غير قديم و ما كان غير قديم كان عاجزا فربنا تبارك و تعالى لا شبه له و لا ضد و لا ند و لا كيف و لا نهاية و لا تبصار بصر و محرم على القلوب أن تمثله و على الأوهام أن تحده و على الضمائر أن تكونه جل و عز عن أداة خلقه و سمات بريته و تعالى عن ذلك علوا كبيرا

8-  علي بن محمد عن سهل بن زياد عن ابن محبوب عمن ذكره عن أبي عبد الله ع قال قال رجل عنده الله أكبر فقال الله أكبر من أي شي‏ء فقال من كل شي‏ء فقال أبو عبد الله ع حددته فقال الرجل كيف أقول قال قل الله أكبر من أن يوصف

 -  و رواه محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن مروك بن عبيد عن جميع بن عمير قال قال أبو عبد الله ع أي شي‏ء الله أكبر فقلت الله أكبر من كل شي‏ء فقال و كان ثم شي‏ء فيكون أكبر منه فقلت و ما هو قال الله أكبر من أن يوصف

10-  علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى بن عبيد عن يونس عن هشام بن الحكم قال سألت أبا عبد الله ع عن سبحان الله فقال أنفة لله

11-  أحمد بن مهران عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني عن علي بن أسباط عن سليمان مولى طربال عن هشام الجواليقي قال سألت أبا عبد الله ع عن قول الله عز و جل سبحان الله ما يعنى به قال تنزيهه

12-  علي بن محمد و محمد بن الحسن عن سهل بن زياد و محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى جميعا عن أبي هاشم الجعفري قال سألت أبا جعفر الثاني ع ما معنى الواحد فقال إجماع الألسن عليه بالوحدانية كقوله تعالى و لئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله

باب آخر و هو من الباب الأول إلا أن فيه زيادة و هو الفرق ما بين المعاني التي تحت أسماء الله و أسماء المخلوقين

1-  علي بن إبراهيم عن المختار بن محمد بن المختار الهمداني و محمد بن الحسن عن عبد الله بن الحسن العلوي جميعا عن الفتح بن يزيد الجرجاني عن أبي الحسن ع قال سمعته يقول و هو اللطيف الخبير السميع البصير الواحد الأحد الصمد لم يلد و لم يولد و لم يكن له كفوا أحد لو كان كما يقول المشبهة لم يعرف الخالق من المخلوق و لا المنشئ من المنشإ لكنه المنشئ فرق بين من جسمه و صوره و أنشأه إذ كان لا يشبهه شي‏ء و لا يشبه هو شيئا قلت أجل جعلني الله فداك لكنك قلت الأحدالصمد و قلت لا يشبهه شي‏ء و الله واحد و الإنسان واحد أ ليس قد تشابهت الوحدانية قال يا فتح أحلت ثبتك الله إنما التشبيه في المعاني فأما في الأسماء فهي واحدة و هي دالة على المسمى و ذلك أن الإنسان و إن قيل واحد فإنه يخبر أنه جثة واحدة و ليس باثنين و الإنسان نفسه ليس بواحد لأن أعضاءه مختلفة و ألوانه مختلفة و من ألوانه مختلفة غير واحد و هو أجزاء مجزاة ليست بسواء دمه غير لحمه و لحمه غير دمه و عصبه غير عروقه و شعره غير بشره و سواده غير بياضه و كذلك سائر جميع الخلق فالإنسان واحد في الاسم و لا واحد في المعنى و الله جل جلاله هو واحد لا واحد غيره لا اختلاف فيه و لا تفاوت و لا زيادة و لا نقصان فأما الإنسان المخلوق المصنوع المؤلف من أجزاء مختلفة و جواهر شتى غير أنه بالاجتماع شي‏ء واحد قلت جعلت فداك فرجت عني فرج الله عنك فقولك اللطيف الخبير فسره لي كما فسرت الواحد فإني أعلم أن لطفه على خلاف لطف خلقه للفصل غير أني أحب أن تشرح ذلك لي فقال يا فتح إنما قلنا اللطيف للخلق اللطيف و لعلمه بالشي‏ء اللطيف أ و لا ترى وفقك الله و ثبتك إلى أثر صنعه في النبات اللطيف و غير اللطيف و من الخلق اللطيف و من الحيوان الصغار و من البعوض و الجرجس و ما هو أصغر منها ما لا يكاد تستبينه العيون بل لا يكاد يستبان لصغره الذكر من الأنثى و الحدث المولود من القديم فلما رأينا صغر ذلك في لطفه و اهتداءه للسفاد و الهرب من الموت و الجمع لما يصلحه و ما في لجج البحار و ما في لحاء الأشجار و المفاوز و القفار و إفهام بعضها عن بعض منطقها و ما يفهم به أولادها عنها و نقلها الغذاء إليها ثم تأليف ألوانها حمرة مع صفرة و بياض مع حمرة و أنه ما لا تكاد عيوننا تستبينه لدمامة خلقها لا تراه عيوننا و لا تلمسه أيدينا علمنا أن خالق هذا الخلق لطيف لطف بخلق ما سميناه بلا علاج و لا أداة و لا آلة و أن كل صانع شي‏ء فمن شي‏ء صنع و الله الخالق اللطيف الجليل خلق و صنع لا من شي‏ء

2-  علي بن محمد مرسلا عن أبي الحسن الرضا ع قال قال اعلم علمك الله الخير أن الله تبارك و تعالى قديم و القدم صفته التي دلت العاقل على أنه لا شي‏ء قبله و لا شي‏ء معه في ديموميته فقد بان لنا بإقرار العامة معجزة الصفة أنه لا شي‏ء قبل الله و لا شي‏ء مع الله في بقائه و بطل قول من زعم أنه كان قبله أو كان معه شي‏ء و ذلك أنه لو كان معه شي‏ء في بقائه لم يجز أن يكون خالقا له لأنه لم يزل معه فكيف يكون خالقا لمن لم يزل معه و لو كان قبله شي‏ء كان الأول ذلك الشي‏ء لا هذا و كان الأول أولى بأن يكون خالقا للأول ثم وصف نفسه تبارك و تعالى بأسماء دعا الخلق إذ خلقهم و تعبدهم و ابتلاهم إلى أن يدعوه بها فسمى نفسه سميعا بصيرا قادرا قائما ناطقا ظاهرا باطنا لطيفا خبيرا قويا عزيزا حكيما عليما و ما أشبه هذه الأسماء فلما رأى ذلك من أسمائه القالون المكذبون و قد سمعونا نحدث عن الله أنه لا شي‏ء مثله و لا شي‏ء من الخلق في حاله قالوا أخبرونا إذا زعمتم أنه لا مثل لله و لا شبه له كيف شاركتموه في أسمائه الحسنى فتسميتم بجميعها فإن في ذلك دليلا على أنكم مثله في حالاته كلها أو في بعضها دون بعض إذ جمعتم الأسماء الطيبة قيل لهم إن الله تبارك و تعالى ألزم العباد أسماء من أسمائه على اختلاف المعاني و ذلك كما يجمع الاسم الواحد معنيين مختلفين و الدليل على ذلك قول الناس الجائز عندهم الشائع و هو الذي خاطب الله به الخلق فكلمهم بما يعقلون ليكون عليهم حجة في تضييع ما ضيعوا فقد يقال للرجل كلب و حمار و ثور و سكرة و علقمة و أسد كل ذلك على خلافه و حالاته لم تقع الأسامي على معانيها التي كانت بنيت عليه لأن الإنسان ليسبأسد و لا كلب فافهم ذلك رحمك الله و إنما سمي الله تعالى بالعلم بغير علم حادث علم به الأشياء استعان به على حفظ ما يستقبل من أمره و الروية فيما يخلق من خلقه و يفسد ما مضى مما أفنى من خلقه مما لو لم يحضره ذلك العلم و يغيبه كان جاهلا ضعيفا كما أنا لو رأينا علماء الخلق إنما سموا بالعلم لعلم حادث إذ كانوا فيه جهلة و ربما فارقهم العلم بالأشياء فعادوا إلى الجهل و إنما سمي الله عالما لأنه لا يجهل شيئا فقد جمع الخالق و المخلوق اسم العالم و اختلف المعنى على ما رأيت و سمي ربنا سميعا لا بخرت فيه يسمع به الصوت و لا يبصر به كما أن خرتنا الذي به نسمع لا نقوى به على البصر و لكنه أخبر أنه لا يخفى عليه شي‏ء من الأصوات ليس على حد ما سمينا نحن فقد جمعنا الاسم بالسمع و اختلف المعنى و هكذا البصر لا بخرت منه أبصر كما أنا نبصر بخرت منا لا ننتفع به في غيره و لكن الله بصير لا يحتمل شخصا منظورا إليه فقد جمعنا الاسم و اختلف المعنى و هو قائم ليس على معنى انتصاب و قيام على ساق في كبد كما قامت الأشياء و لكن قائم يخبر أنه حافظ كقول الرجل القائم بأمرنا فلان و الله هو القائم على كل نفس بما كسبت و القائم أيضا في كلام الناس الباقي و القائم أيضا يخبر عن

 الكفاية كقولك للرجل قم بأمر بني فلان أي اكفهم و القائم منا قائم على ساق فقد جمعنا الاسم و لم نجمع المعنى و أما اللطيف فليس على قلة و قضافة و صغر و لكن ذلك على النفاذ في الأشياء و الامتناع من أن يدرك كقولك للرجل لطف عني هذا الأمر و لطف فلان في مذهبه و قوله يخبرك أنه غمض فيه العقل و فات الطلب و عاد متعمقا متلطفا لا يدركه الوهم فكذلك لطف الله تبارك و تعالى عن أن يدرك بحد أو يحد بوصف و اللطافة منا الصغر و القلة فقد جمعنا الاسم و اختلف المعنى و أما الخبير فالذي لا يعزب عنه شي‏ء و لا يفوته ليس للتجربة و لا للاعتبار بالأشياء فعند التجربة و الاعتبار علمان و لو لا هما ما علم لأن من كان كذلك كان جاهلا و الله لم يزل خبيرا بما يخلق و الخبير من الناس المستخبر عن جهل المتعلم فقد جمعنا الاسم و اختلف المعنى و أما الظاهر فليس من أجل أنه علا الأشياء بركوب فوقها و قعود عليها و تسنم لذراها و لكن ذلك لقهره و لغلبته الأشياء و قدرته عليها كقول الرجل ظهرت على أعدائي و أظهرني الله على خصمي يخبر عن الفلج و الغلبة فهكذا ظهور الله على الأشياء و وجه آخر أنه الظاهر لمن أراده و لا يخفى عليه شي‏ء و أنه مدبر لكل ما برأ فأي ظاهر أظهر و أوضح من الله تبارك و تعالى لأنك لا تعدم صنعته حيثما توجهت و فيك من آثاره ما يغنيك و الظاهر منا البارز بنفسه و المعلوم بحده فقد جمعنا الاسم و لم يجمعنا المعنى و أما الباطن فليس على معنى الاستبطان للأشياء بأن يغور فيها و لكن ذلك منه على استبطانه للأشياء علما و حفظا و تدبيرا كقول القائل أبطنته يعني خبرته و علمت مكتوم سره و الباطن منا الغائب في الشي‏ء المستتر و قد جمعنا الاسم و اختلف المعنى و أما القاهر فليس على معنى علاج و نصب و احتيال و مداراة و مكر كما يقهر العباد بعضهم بعضا و المقهور منهم يعود قاهرا و القاهر يعود مقهورا و لكن ذلك من الله تبارك و تعالى على أن جميع ما خلق ملبس به الذل لفاعله و قلة الامتناع لما أراد به لم يخرج منه طرفة عين أن يقول له كن فيكون و القاهر منا على ما ذكرت و وصفت فقد جمعنا الاسم و اختلف المعنى و هكذا جميع الأسماء و إن كنا لم نستجمعها كلها فقد يكتفي الاعتبار بما ألقينا إليك و الله عونك و عوننا في إرشادنا و توفيقنا

باب تأويل الصمد

1-  علي بن محمد و محمد بن الحسن عن سهل بن زياد عن محمد بن الوليد و لقبه شباب الصيرفي عن داود بن القاسم الجعفري قال قلت لأبي جعفر الثاني ع جعلت فداك ما الصمد قال السيد المصمود إليه في القليل و الكثير

2-  عدة من أصحابنا عن أحمد بن أبي عبد الله عن محمد بن عيسى عن يونس بن عبد الرحمن عن الحسن بن السري عن جابر بن يزيد الجعفي قال سألت أبا جعفر ع عن شي‏ء من التوحيد فقال إن الله تباركت أسماؤه التي يدعا بها و تعالى في علو كنهه واحد توحد بالتوحيد في توحده ثم أجراه على خلقه فهو واحد صمد قدوس يعبده كل شي‏ء و يصمد إليه كل شي‏ء و وسع كل شي‏ء علما

 فهذا هو المعنى الصحيح في تأويل الصمد لا ما ذهب إليه المشبهة أن تأويل الصمد المصمت الذي لا جوف له لأن ذلك لا يكون إلا من صفة الجسم و الله جل ذكره متعال عن ذلك هو أعظم و أجل من أن تقع الأوهام على صفته أو تدرك كنه عظمته و لو كان تأويل الصمد في صفة الله عز و جل المصمت لكان مخالفا لقوله عز و جل ليس كمثله شي‏ء لأن ذلك من صفة الأجسام المصمتة التي لا أجواف لها مثل الحجر و الحديد و سائر الأشياء المصمتة التي لا أجواف لها تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا فأما ما جاء في الأخبار من ذلك فالعالم ع أعلم بما قال و هذا الذي

 قال ع إن الصمد هو السيد المصمود إليه

هو معنى صحيح موافق لقول الله عز و جل ليس كمثله شي‏ء و المصمود إليه المقصود في اللغة قال أبو طالب في بعض ما كان يمدح به النبي ص من شعره

و بالجمرة القصوى إذا صمدوا لها يؤمون قذفا رأسها بالجنادل

 يعني قصدوا نحوها يرمونها بالجنادل يعني الحصى الصغار التي تسمى بالجمار و قال بعض شعراء الجاهلية شعرا

ما كنت أحسب أن بيتا ظاهرا لله في أكناف مكة يصمد

 يعني يقصد و قال ابن الزبرقان

و لا رهيبة إلا سيد صمد

 و قال شداد بن معاوية في حذيفة بن بدر

علوته بحسام ثم قلت له خذها حذيف فأنت السيد الصمد

 و مثل هذا كثير و الله عز و جل هو السيد الصمد الذي جميع الخلق من الجن و الإنس إليه يصمدون في الحوائج و إليه يلجئون عند الشدائد و منه يرجون الرخاء و دوام النعماء ليدفع عنهم الشدائد

 باب الحركة و الانتقال

1-  محمد بن أبي عبد الله عن محمد بن إسماعيل البرمكي عن علي بن عباس الخراذيني عن الحسن بن راشد عن يعقوب بن جعفر الجعفري عن أبي إبراهيم ع قال ذكر عنده قوم يزعمون أن الله تبارك و تعالى ينزل إلى السماء الدنيا فقال إن الله لا ينزل و لا يحتاج إلى أن ينزل إنما منظره في القرب و البعد سواء لم يبعد منه قريب و لم يقرب منه بعيد و لم يحتج إلى شي‏ء بل يحتاج إليه و هو ذو الطول لا إله إلا هو العزيز الحكيم أما قول الواصفين إنه ينزل تبارك و تعالى فإنما يقول ذلك من ينسبه إلى نقص أو زيادة و كل متحرك محتاج إلى من يحركه أو يتحرك به فمن ظن بالله الظنون هلك فاحذروا في صفاته من أن تقفوا له على حد تحدونه بنقص أو زيادة أو تحريك أو تحرك أو زوال أو استنزال أو نهوض أو قعود فإن الله جل و عز عن صفة الواصفين و نعت الناعتين و توهم المتوهمين و توكل على العزيز الرحيم الذي يراك حين تقوم و تقلبك في الساجدين

2-  و عنه رفعه عن الحسن بن راشد عن يعقوب بن جعفر عن أبي إبراهيم ع أنه قال لا أقول إنه قائم فأزيله عن مكانه و لا أحده بمكان يكون فيه و لا أحده أن يتحرك في شي‏ء من الأركان و الجوارح و لا أحده بلفظ شق فم و لكن كما قال الله تبارك و تعالى كن فيكون بمشيئته من غير تردد في نفس صمدا فردا لم يحتج إلى شريك يذكر له ملكه و لا يفتح له أبواب علمه

3-  و عنه عن محمد بن أبي عبد الله عن محمد بن إسماعيل عن داود بن عبد الله عن عمرو بن محمد عن عيسى بن يونس قال قال ابن أبي العوجاء لأبي عبد الله ع في بعض ما كان يحاوره ذكرت الله فأحلت على غائب فقال أبو عبد الله ويلك كيف يكون غائبا من هو مع خلقه شاهد و إليهم أقرب من حبل الوريد يسمع كلامهم و يرى أشخاصهم و يعلم أسرارهم فقال ابن أبي العوجاء أ هو في كل مكان أ ليس إذا كان في السماء كيف يكون في الأرض و إذا كان في الأرض كيف يكون في السماء فقال أبو عبد الله ع إنما وصفت المخلوق الذي إذا انتقل عن مكان اشتغل به مكان و خلا منه مكان فلا يدري في المكان الذي صار إليه ما يحدث في المكان الذي كان فيه فأما الله العظيم الشأن الملك الديان فلا يخلو منه مكان و لا يشتغل به مكان و لا يكون إلى مكان أقرب منه إلى مكان

4-  علي بن محمد عن سهل بن زياد عن محمد بن عيسى قال كتبت إلى أبي الحسن علي بن محمد ع جعلني الله فداك يا سيدي قد روي لنا أن الله في موضع دون موضع على العرش استوى و أنه ينزل كل ليلة في النصف الأخير من الليل إلى السماء الدنيا و روي أنه ينزل عشية عرفة ثم يرجع إلى موضعه فقال بعض مواليك في ذلك إذا كان في موضع دون موضع فقد يلاقيه الهواء و يتكنف عليه و الهواء جسم رقيق يتكنف على كل شي‏ء بقدره فكيف يتكنف عليه جل ثناؤه على هذا المثال فوقع ع علم ذلك عنده و هو المقدر له بما هو أحسن تقديرا و اعلم أنه إذا كان في السماء الدنيا فهو كما هو على العرش و الأشياء كلها له سواء علما و قدرة و ملكا و إحاطة

 و عنه عن محمد بن جعفر الكوفي عن محمد بن عيسى مثله

في قوله تعالى ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم

5-  عنه عن عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن يعقوب بن يزيد عن ابن أبي عمير عن ابن أذينة عن أبي عبد الله ع في قوله تعالى ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم و لا خمسة إلا هو سادسهم فقال هو واحد واحدي الذات بائن من خلقه و بذاك وصف نفسه و هو بكل شي‏ء محيط بالإشراف و الإحاطة و القدرة لا يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات و لا في الأرض و لا أصغر من ذلك و لا أكبر بالإحاطة و العلم لا بالذات لأن الأماكن محدودة تحويها حدود أربعة فإذا كان بالذات لزمها الحواية

في قوله الرحمن على العرش استوى

6-  علي بن محمد و محمد بن الحسن عن سهل بن زياد عن الحسن بن موسى الخشاب عن بعض رجاله عن أبي عبد الله ع أنه سئل عن قول الله عز و جل الرحمن على العرش استوى فقال استوى على كل شي‏ء فليس شي‏ء أقرب إليه من شي‏ء

 -  و بهذا الإسناد عن سهل عن الحسن بن محبوب عن محمد بن مارد أن أبا عبد الله ع سئل عن قول الله عز و جل الرحمن على العرش استوى فقال استوى من كل شي‏ء فليس شي‏ء أقرب إليه من شي‏ء

8-  و عنه عن محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن صفوان بن يحيى عن عبد الرحمن بن الحجاج قال سألت أبا عبد الله ع عن قول الله تعالى الرحمن على العرش استوى فقال استوى في كل شي‏ء فليس شي‏ء أقرب إليه من شي‏ء لم يبعد منه بعيد و لم يقرب منه قريب استوى في كل شي‏ء

9-  و عنه عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن عاصم بن حميد عن أبي بصير عن أبي عبد الله ع قال من زعم أن الله من شي‏ء أو في شي‏ء أو على شي‏ء فقد كفر قلت فسر لي قال أعني بالحواية من الشي‏ء له أو بإمساك له أو من شي‏ء سبقه و في رواية أخرى من زعم أن الله من شي‏ء فقد جعله محدثا و من زعم أنه في شي‏ء فقد جعله محصورا و من زعم أنه على شي‏ء فقد جعله محمولا

في قوله تعالى و هو الذي في السماء إله و في الأرض إله

10-  علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن هشام بن الحكم قال قال أبو شاكر الديصاني إن في القرآن آية هي قولنا قلت ما هي فقال و هو الذي في السماء إله و في الأرض إله فلم أدر بما أجيبه فحججت فخبرت أبا عبد الله ع فقال هذا كلام زنديق خبيث إذا رجعت إليه فقل له ما اسمك بالكوفة فإنه يقول فلان فقل له ما اسمك بالبصرة فإنه يقول فلان فقل كذلك الله ربنا في السماء إله و في الأرض إله و في البحار إله و في القفار إله و في كل مكان إله قال فقدمت فأتيت أبا شاكر فأخبرته فقال هذه نقلت من الحجاز

باب العرش و الكرسي

1-  عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد البرقي رفعه قال سأل الجاثليق أمير المؤمنين ع فقال أخبرني عن الله عز و جل يحمل العرش أم العرش يحمله فقال أمير المؤمنين ع الله عز و جل حامل العرش و السماوات و الأرض و ما فيهما و ما بينهما و ذلك قول الله عز و جل إن الله يمسك السماوات و الأرض أن تزولا و لئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده إنه كان حليما غفورا قال فأخبرني عن قوله و يحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية فكيف قال ذلك و قلت إنه يحمل العرش و السماوات و الأرض فقال أمير المؤمنين ع إن العرش خلقه الله تعالى من أنوار أربعة نور أحمر منه احمرت الحمرة و نور أخضر منه اخضرت الخضرة و نور أصفر منه اصفرت الصفرة و نور أبيض منه ابيض البياض و هو العلم الذي حمله الله الحملة و ذلك نور من عظمته فبعظمته و نوره أبصر قلوب المؤمنين و بعظمته و نوره عاداه الجاهلون و بعظمته و نوره ابتغى من في السماوات و الأرض من جميع خلائقه إليه الوسيلة بالأعمال المختلفة و الأديان المشتبهة فكل محمول يحمله الله بنوره و عظمته و قدرته لا يستطيع لنفسه ضرا و لا نفعا و لا موتا و لا حياة و لا نشورا فكل شي‏ء محمول و الله تبارك و تعالى الممسك لهما أن تزولا و المحيط بهما من شي‏ء و هو حياة كل شي‏ء و نور كل شي‏ء سبحانه و تعالى عما يقولون علوا كبيرا قال له فأخبرني عن الله عز و جل أين هو فقال أمير المؤمنين ع هو هاهنا و هاهنا و فوق و تحت و محيط بنا و معنا و هو قوله ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم و لا خمسة إلا هو سادسهم و لا أدنى من ذلك و لا أكثر إلا هو معهم أين ما كانوا فالكرسي محيط بالسماوات و الأرض و ما بينهما و ما تحت الثرى و إن تجهر بالقول فإنه يعلم السر و أخفى و ذلك قوله تعالى وسع كرسيه السماوات و الأرض و لا يؤده حفظهما و هو العلي العظيم فالذين يحملون العرش هم العلماء الذين حملهم الله علمه و ليس يخرج عن هذه الأربعة شي‏ء خلق الله في ملكوته الذي أراه الله أصفياءه و أراه خليله ع فقال و كذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات و الأرض و ليكون من الموقنين و كيف يحمل حملة العرش الله و بحياته حييت قلوبهم و بنوره اهتدوا إلى معرفته

2-  أحمد بن إدريس عن محمد بن عبد الجبار عن صفوان بن يحيى قال سألني أبو قرة المحدث أن أدخله على أبي الحسن الرضا ع فاستأذنته فأذن لي فدخل فسأله عن الحلال و الحرام ثم قال له أ فتقر أن الله محمول فقال أبو الحسن ع كل محمول مفعول به مضاف إلى غيره محتاج و المحمول اسم نقص في اللفظ و الحامل فاعل و هو في اللفظ مدحة و كذلك قول القائل فوق و تحت و أعلى و أسفل و قد قال الله و لله الأسماء الحسنى فادعوه بها و لم يقل في كتبه إنه المحمول بل قال إنه الحامل في البر و البحر و الممسك السماوات و الأرض أن تزولا و المحمول ما سوى الله و لم يسمع أحد آمن بالله و عظمته قط قال في دعائه يا محمول قال أبو قرة فإنه قال و يحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية و قال الذين يحملون العرش فقال أبو الحسن ع العرش ليس هو الله و العرش اسم علم و قدرة و عرش فيه كل شي‏ء ثم أضاف الحمل إلى غيره خلق من خلقه لأنه استعبد خلقه بحمل عرشه و هم حملة علمه و خلقا يسبحون حول عرشه و هم يعملون بعلمه و ملائكة يكتبون أعمال عباده و استعبد أهل الأرض بالطواف حول بيته و الله على العرش استوى كما قال و العرش و من يحمله و من حول العرش و الله الحامل لهم الحافظ لهم الممسك القائم على كل نفس و فوق كل شي‏ء و على كل شي‏ء و لا يقال محمول و لا أسفل قولا مفردا لا يوصل بشي‏ء فيفسد اللفظ و المعنى قال أبو قرة فتكذب بالرواية التي جاءت أن الله إذا غضب إنما يعرف غضبه أن الملائكة الذين يحملون العرش يجدون ثقله على كواهلهم فيخرون سجدا فإذا ذهب الغضب خف و رجعوا إلى مواقفهم فقال أبو الحسن ع أخبرني عن الله تبارك و تعالى منذ لعن إبليس إلى يومك هذا هو غضبان عليه فمتى رضي و هو في صفتك لم يزل غضبان عليه و على أوليائه و على أتباعه كيف تجترئ أن تصف ربك بالتغيير من حال إلى حال و أنه يجري عليه ما يجري على المخلوقين سبحانه و تعالى لم يزل مع الزائلين و لم يتغير مع المتغيرين و لم يتبدل مع المتبدلين و من دونه في يده و تدبيره و كلهم إليه محتاج و هو غني عمن سواه

3-  محمد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان عن حماد بن عيسى عن ربعي بن عبد الله عن الفضيل بن يسار قال سألت أبا عبد الله ع عن قول الله جل و عز وسع كرسيه السماوات و الأرض فقال يا فضيل كل شي‏ء في الكرسي السماوات و الأرض و كل شي‏ء في الكرسي

4-  محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحجال عن ثعلبة بن ميمون عن زرارة بن أعين قال سألت أبا عبد الله ع عن قول الله جل و عز وسع كرسيه السماوات و الأرض السماوات و الأرض وسعن الكرسي أم الكرسي وسع السماوات و الأرض فقال بل الكرسي وسع السماوات و الأرض و العرش و كل شي‏ء وسع الكرسي

5-  محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن فضالة بن أيوب عن عبد الله بن بكير عن زرارة بن أعين قال سألت أبا عبد الله ع عن قول الله عز و جل وسع كرسيه السماوات و الأرض السماوات و الأرض وسعن الكرسي أو الكرسي وسع السماوات و الأرض فقال إن كل شي‏ء في الكرسي

6-  محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن محمد بن الفضيل عن أبي حمزة عن أبي عبد الله ع قال حملة العرش و العرش العلم ثمانية أربعة منا و أربعة ممن شاء الله

7-  محمد بن الحسن عن سهل بن زياد عن ابن محبوب عن عبد الرحمن بن كثير عن داود الرقي قال سألت أبا عبد الله ع عن قول الله عز و جل و كان عرشه على الماء فقال ما يقولون قلت يقولون إن العرش كان على الماء و الرب فوقه فقال كذبوا من زعم هذا فقد صير الله محمولا و وصفه بصفة المخلوق و لزمه أن الشي‏ء الذي يحمله أقوى منه قلت بين لي جعلت فداك فقال إن الله حمل دينه و علمه الماء قبل أن يكون أرض أو سماء أو جن أو إنس أو شمس أو قمر فلما أراد الله أن يخلق الخلق نثرهم بين يديه فقال لهم من ربكم فأول من نطق رسول الله ص و أمير المؤمنين ع و الأئمة صلوات الله عليهم فقالوا أنت ربنا فحملهم العلم و الدين ثم قال للملائكة هؤلاء حملة ديني و علمي و أمنائي في خلقي و هم المسئولون ثم قال لبني آدم أقروا لله بالربوبية و لهؤلاء النفر بالولاية و الطاعة فقالوا نعم ربنا أقررنا فقال الله للملائكة اشهدوا فقالت الملائكة شهدنا على أن لا يقولوا غدا إنا كنا عن هذا غافلين. أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل و كنا ذرية من بعدهم أ فتهلكنا بما فعل المبطلون يا داود ولايتنا مؤكدة عليهم في الميثاق

باب الروح

1-  عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن عيسى عن ابن أبي عمير عن ابن أذينة عن الأحول قال سألت أبا عبد الله ع عن الروح التي في آدم ع قوله فإذا سويته و نفخت فيه من روحي قال هذه روح مخلوقة و الروح التي في عيسى مخلوقة

2-  عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحجال عن ثعلبة عن حمران قال سألت أبا عبد الله ع عن قول الله عز و جل و روح منه قال هي روح الله مخلوقة خلقها الله في آدم و عيسى

3-  محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن محمد بن خالد عن القاسم بن عروة عن عبد الحميد الطائي عن محمد بن مسلم قال سألت أبا عبد الله ع عن قول الله عز و جل و نفخت فيه من روحي كيف هذا النفخ فقال إن الروح متحرك كالريح و إنما سمي روحا لأنه اشتق اسمه من الريح و إنما أخرجه عن لفظة الريح لأن الأرواح مجانسة للريح و إنما أضافه إلى نفسه لأنه اصطفاه على سائر الأرواح كما قال لبيت من البيوت بيتي و لرسول من الرسل خليلي و أشباه ذلك و كل ذلك مخلوق مصنوع محدث مربوبمدبر

4-  عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن أبيه عن عبد الله بن بحر عن أبي أيوب الخزاز عن محمد بن مسلم قال سألت أبا جعفر ع عما يروون أن الله خلق آدم على صورته فقال هي صورة محدثة مخلوقة و اصطفاها الله و اختارها على سائر الصور المختلفة فأضافها إلى نفسه كما أضاف الكعبة إلى نفسه و الروح إلى نفسه فقال بيتي و نفخت فيه من روحي

باب جوامع التوحيد

1-  محمد بن أبي عبد الله و محمد بن يحيى جميعا رفعاه إلى أبي عبد الله ع أن أمير المؤمنين ع استنهض الناس في حرب معاوية في المرة الثانية فلما حشد الناس قام خطيبا فقال الحمد لله الواحد الأحد الصمد المتفرد الذي لا من شي‏ء كان و لا من شي‏ء خلق ما كان قدرة بان بها من الأشياء و بانت الأشياء منه فليست له صفة تنال و لا حد تضرب له فيه الأمثال كل دون صفاته تحبير اللغات و ضل هناك تصاريف الصفات و حار في ملكوته عميقات مذاهب التفكير و انقطع دون الرسوخ في علمه جوامع التفسير و حال دون غيبه المكنون حجب من الغيوب تاهت في أدنى أدانيها طامحات العقول في لطيفات الأمور فتبارك الله الذي لا يبلغه بعد الهمم و لا يناله غوص الفطن و تعالى الذي ليس له وقت معدود و لا أجل ممدود و لا نعت محدود سبحان الذي ليس له أول مبتدأ و لا غاية منتهى و لا آخر يفنى سبحانه هو كما وصف نفسه و الواصفون لا يبلغون نعته و حد الأشياء كلها عند خلقه إبانة لها من شبهه و إبانة له من شبهها لم يحلل فيها فيقال هو فيها كائن و لم ينأ عنها فيقال هو منها بائن و لم يخل منها فيقال له أين لكنه سبحانه أحاط بها علمه و أتقنها صنعه و أحصاها حفظه لم يعزب عنه خفيات غيوب الهواء و لا غوامض مكنون ظلم الدجى و لا ما في السماوات العلى إلى الأرضين السفلى لكل شي‏ء منها حافظ و رقيب و كل شي‏ء منها بشي‏ء محيط و المحيط بما أحاط منها الواحد الأحد الصمد الذي لا يغيره صروف الأزمان و لا يتكأده صنع شي‏ء كان إنما قال لما شاء كن فكان ابتدع ما خلق بلا مثال سبق و لا تعب و لا نصب و كل صانع شي‏ء فمن شي‏ء صنع و الله لا من شي‏ء صنع ما خلق و كل عالم فمن بعد جهل تعلم و الله لم يجهل و لم يتعلم أحاط بالأشياء علما قبل كونها فلم يزدد بكونها علما علمه بها قبل أن يكونها كعلمه بعد تكوينها لم يكونها لتشديد سلطان و لا خوف من زوال و لا نقصان و لا استعانة على ضد مناو و لا ند مكاثر و لا شريك مكابر لكن خلائق مربوبون و عباد داخرون فسبحان الذي لا يئوده خلق ما ابتدأ و لا تدبير ما برأ و لا من عجز و لا من فترة بما خلق اكتفى علم ما خلق و خلق ما علم لا بالتفكير في علم حادث أصاب ما خلق و لا شبهة دخلت عليه فيما لم يخلق لكن قضاء مبرم و علم محكم و أمر متقن توحد بالربوبية و خص نفسه بالوحدانية و استخلص بالمجد و الثناء و تفرد بالتوحيد و المجد و السناء و توحد بالتحميد و تمجد بالتمجيد و علا عن اتخاذ الأبناء و تطهر و تقدس عن ملامسة النساء و عز و جل عن مجاورة الشركاء فليس له فيما خلق ضد و لا له فيما ملك ند و لم يشركه في ملكه أحد الواحد الأحد الصمد المبيد للأبد و الوارث للأمد الذي لم يزل و لا يزال وحدانيا أزليا قبل بدء الدهور و بعد صروف الأمور الذي لا يبيد و لا ينفد بذلك أصف ربي فلا إله إلا الله من عظيم ما أعظمه و من جليل ما أجله و من عزيز ما أعزه و تعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا

 و هذه الخطبة من مشهورات خطبه ع حتى لقد ابتذلها العامة و هي كافية لمن طلب علم التوحيد إذا تدبرها و فهم ما فيها فلو اجتمع ألسنة الجن و الإنس ليس فيها لسان نبي على أن يبينوا التوحيد بمثل ما أتى به بأبي و أمي ما قدروا عليه و لو لا إبانته ع ما علم الناس كيف يسلكون سبيل التوحيد أ لا ترون إلى قوله لا من شي‏ء كان و لا من شي‏ء خلق ما كان فنفى بقوله لا من شي‏ء كان معنى الحدوث و كيف أوقع على ما أحدثه صفة الخلق و الاختراع بلا أصل و لا مثال نفيا لقول من قال إن الأشياء كلها محدثة بعضها من بعض و إبطالا لقول الثنوية الذين زعموا أنه لا يحدث شيئا إلا من أصل و لا يدبر إلا باحتذاء مثال فدفع ع بقوله لا من شي‏ء خلق ما كان جميع حجج الثنوية و شبههم لأن أكثر ما يعتمد الثنوية في حدوث العالم أن يقولوا لا يخلو من أن يكون الخالق خلق الأشياء من شي‏ء أو من لا شي‏ء فقولهم من شي‏ء خطأ و قولهم من لا شي‏ء مناقضة و إحالة لأن من توجب شيئا و لا شي‏ء تنفيه فأخرج أمير المؤمنين ع هذه اللفظة على أبلغ الألفاظ و أصحها فقال لا من شي‏ء خلق ما كان فنفى من إذ كانت توجب شيئا و نفى الشي‏ء إذ كان كل شي‏ء مخلوقا محدثا لا من أصل أحدثه الخالق كما قالت الثنوية إنه خلق من أصل قديم فلا يكون تدبير إلا باحتذاء مثال ثم قوله ع ليست له صفة تنال و لا حد تضرب له فيه الأمثال كل دون صفاته تحبير اللغات فنفى ع أقاويل المشبهة حين شبهوه بالسبيكة و البلورة و غير ذلك من أقاويلهم من الطول و الاستواء و قولهم متى ما لم تعقد القلوب منه على كيفية و لم ترجع إلى إثبات هيئة لم تعقل شيئا فلم تثبت صانعا ففسر أمير المؤمنين ع أنه واحد بلا كيفية و أن القلوب تعرفه بلا تصوير و لا إحاطة ثم قوله ع الذي لا يبلغه بعد الهمم و لا يناله غوص الفطن و تعالى الذي ليس له وقت معدود و لا أجل ممدود و لا نعت محدود ثم قوله ع لم يحلل في الأشياء فيقال هو فيها كائن و لم ينأ عنها فيقال هو منها بائن فنفى ع بهاتين الكلمتين صفة الأعراض و الأجسام لأن من صفة الأجسام التباعد و المباينة و من صفة الأعراض الكون في الأجسام بالحلول على غير مماسة و مباينة الأجسام على تراخي المسافة ثم قال ع لكن أحاط بها علمه و أتقنها صنعه أي هو في الأشياءبالإحاطة و التدبير و على غير ملامسة

2-  علي بن محمد عن صالح بن أبي حماد عن الحسين بن يزيد عن الحسن بن علي بن أبي حمزة عن إبراهيم عن أبي عبد الله ع قال إن الله تبارك اسمه و تعالى ذكره و جل ثناؤه سبحانه و تقدس و تفرد و توحد و لم يزل و لا يزال و هو الأول و الآخر و الظاهر و الباطن فلا أول لأوليته رفيعا في أعلى علوه شامخ الأركان رفيع البنيان عظيم السلطان منيف الآلاء سني العلياء الذي عجز الواصفون عن كنه صفته و لا يطيقون حمل معرفة إلهيته و لا يحدون حدوده لأنه بالكيفية لا يتناهى إليه

3-  علي بن إبراهيم عن المختار بن محمد بن المختار و محمد بن الحسن عن عبد الله بن الحسن العلوي جميعا عن الفتح بن يزيد الجرجاني قال ضمني و أبا الحسن ع الطريق في منصرفي من مكة إلى خراسان و هو سائر إلى العراق فسمعته يقول من اتقى الله يتقى و من أطاع الله يطاع فتلطفت في الوصول إليه فوصلت فسلمت عليه فرد علي السلام ثم قال يا فتح من أرضى الخالق لم يبال بسخط المخلوق و من أسخط الخالق فقمن أن يسلط الله عليه سخط المخلوق و إن الخالق لا يوصف إلا بما وصف به نفسه و أنى يوصف الذي تعجز الحواس أن تدركه و الأوهام أن تناله و الخطرات أن تحده و الأبصار عن الإحاطة به جل عما وصفه الواصفون و تعالى عما ينعته الناعتون نأى في قربه و قرب في نأيه فهو في نأيه قريب و في قربه بعيد كيف الكيف فلا يقال كيف و أين الأين فلا يقال أين إذ هو منقطع الكيفوفية و الأينونية

4-  محمد بن أبي عبد الله رفعه عن أبي عبد الله ع قال بينا أمير المؤمنين ع يخطب على منبر الكوفة إذ قام إليه رجل يقال له ذعلب ذو لسان بليغ في الخطب شجاع القلب فقال يا أمير المؤمنين هل رأيت ربك قال ويلك يا ذعلب ما كنت أعبد ربا لم أره فقال يا أمير المؤمنين كيف رأيته قال ويلك يا ذعلب لم تره العيون بمشاهدة الأبصار و لكن رأته القلوب بحقائق الإيمان ويلك يا ذعلب إن ربي لطيف اللطافة لا يوصف باللطف عظيم العظمة لا يوصف بالعظم كبير الكبرياء لا يوصف بالكبر جليل الجلالة لا يوصف بالغلظ قبل كل شي‏ء لا يقال شي‏ء قبله و بعد كل شي‏ء لا يقال له بعد شاء الأشياء لا بهمة دراك لا بخديعة في الأشياء كلها غير متمازج بها و لا بائن منها ظاهر لا بتأويل المباشرة متجل لا باستهلال رؤية ناء لا بمسافة قريب لا بمداناة لطيف لا بتجسم موجود لا بعد عدم فاعل لا باضطرار مقدر لا بحركة مريد لا بهمامة سميع لا بآلة بصير لا بأداة لا تحويه الأماكن و لا تضمنه الأوقات و لا تحده الصفات و لا تأخذه السنات سبق الأوقات كونه و العدم وجوده و الابتداء أزله بتشعيره المشاعر عرف أن لا مشعر له و بتجهيره الجواهر عرف أن لا جوهر له و بمضادته بين الأشياء عرف أن لا ضد له و بمقارنته بين الأشياء عرف أن لا قرين له ضاد النور بالظلمة و اليبس بالبلل و الخشن باللين و الصرد بالحرور مؤلف بين متعادياتها و مفرق بين متدانياتها دالة بتفريقها على مفرقها و بتأليفها على مؤلفها و ذلك قوله تعالى و من كل شي‏ء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون ففرق بين قبل و بعد ليعلم أن لا قبل له و لا بعد له شاهدة بغرائزها أن لا غريزة لمغرزها مخبرة بتوقيتها أن لا وقت لموقتها حجب بعضها عن بعض ليعلم أن لا حجاب بينه و بين خلقه كان ربا إذ لا مربوب و إلها إذ لا مألوه و عالما إذ لا معلوم و سميعا إذ لا مسموع

5-  علي بن محمد عن سهل بن زياد عن شباب الصيرفي و اسمه محمد بن الوليد عن علي بن سيف بن عميرة قال حدثني إسماعيل بن قتيبة قال دخلت أنا و عيسى شلقان على أبي عبد الله ع فابتدأنا فقال عجبا لأقوام يدعون على أمير المؤمنين ع ما لم يتكلم به قط خطب أمير المؤمنين ع الناس بالكوفة فقال الحمد لله الملهم عباده حمده و فاطرهم على معرفة ربوبيته الدال على وجوده بخلقه و بحدوث خلقه على أزله و باشتباههم على أن لا شبه له المستشهد بآياته على قدرته الممتنعة من الصفات ذاته و من الأبصار رؤيته و من الأوهام الإحاطة به لا أمد لكونه و لا غاية لبقائه لا تشمله المشاعر و لا تحجبه الحجب و الحجاب بينه و بين خلقه خلقه إياهم لامتناعه مما يمكن في ذواتهم و لإمكان مما يمتنع منه و لافتراق الصانع من المصنوع و الحاد من المحدود و الرب من المربوب الواحد بلا تأويل عدد و الخالق لا بمعنى حركة و البصير لا بأداة و السميع لا بتفريق آلة و الشاهد لا بمماسة و الباطن لا باجتنان و الظاهر البائن لا بتراخي مسافة أزله نهية لمجاول الأفكار و دوامه ردع لطامحات العقول قد حسر كنهه نوافذ الأبصار و قمع وجوده جوائل الأوهام فمن وصف الله فقد حده و من حده فقد عده و من عده فقد أبطل أزله و من قال أين فقد غياه و من قال علام فقد أخلى منه و من قال فيم فقد ضمنه

6-  و رواه محمد بن الحسين عن صالح بن حمزة عن فتح بن عبد الله مولى بني هاشم قال كتبت إلى أبي إبراهيم ع أسأله عن شي‏ء من التوحيد فكتب إلي بخطه الحمد لله الملهم عباده حمده

 و ذكر مثل ما رواه سهل بن زياد إلى قوله و قمع وجوده جوائل الأوهام ثم زاد فيه أول الديانة به معرفته و كمال معرفته توحيده و كمال توحيده نفي الصفات عنه بشهادة كل صفة أنها غير الموصوف و شهادة الموصوف أنه غير الصفة و شهادتهما جميعا بالتثنية الممتنع منه الأزل فمن وصف الله فقد حده و من حده فقد عده و من عده فقد أبطل أزله و من قال كيف فقد استوصفه و من قال فيم فقد ضمنه و من قال علام فقد جهله و من قال أين فقد أخلى منه و من قال ما هو فقد نعته و من قال إلام فقد غاياه عالم إذ لا معلوم و خالق إذ لا مخلوق و رب إذ لا مربوب و كذلك يوصف ربنا و فوق ما يصفه الواصفون

7-  عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن أبيه عن أحمد بن النضر و غيره عمن ذكره عن عمرو بن ثابت عن رجل سماه عن أبي إسحاق السبيعي عن الحارث الأعور قال خطب أمير المؤمنين ع خطبة بعد العصر فعجب الناس من حسن صفته و ما ذكره من تعظيم الله جل جلاله قال أبو إسحاق فقلت للحارث أ و ما حفظتها قال قد كتبتها فأملاها علينا من كتابه الحمد لله الذي لا يموت و لا تنقضي عجائبه لأنه كل يوم في شأن من إحداث بديع لم يكن الذي لم يلد فيكون في العز مشاركا و لم يولد فيكون موروثا هالكا و لم تقع عليه الأوهام فتقدره شبحا ماثلا و لم تدركه الأبصار فيكون بعد انتقالها حائلا الذي ليست في أوليته نهاية و لا لآخريته حد و لا غاية الذي لم يسبقه وقت و لم يتقدمه زمان و لا يتعاوره زيادة و لا نقصان و لا يوصف بأين و لا بم و لا مكان الذي بطن من خفيات الأمور و ظهر في العقول بما يرى في خلقه من علامات التدبير الذي سئلت الأنبياء عنه فلم تصفه بحد و لا ببعض بل وصفته بفعاله و دلت عليه بآياته لا تستطيع عقول المتفكرين جحده لأن من كانت السماوات و الأرض فطرته و ما فيهن و ما بينهن و هو الصانع لهن فلا مدفع لقدرته الذي نأى من الخلق فلا شي‏ء كمثله الذي خلق خلقه لعبادته و أقدرهم على طاعته بما جعل فيهم و قطع عذرهم بالحجج فعن بينة هلك من هلك و بمنه نجا من نجا و لله الفضل مبدئا و معيدا ثم إن الله و له الحمد افتتح الحمد لنفسه و ختم أمر الدنيا و محل الآخرة بالحمد لنفسه فقال و قضى بينهم بالحق و قيل الحمد لله رب العالمين الحمد لله اللابس الكبرياء بلا تجسيد و المرتدي بالجلال بلا تمثيل و المستوي على العرش بغير زوال و المتعالي على الخلق بلا تباعد منهم و لا ملامسة منه لهم ليس له حد ينتهى إلى حده و لا له مثل فيعرف بمثله ذل من تجبر غيره و صغر من تكبر دونه و تواضعت الأشياء لعظمته و انقادت لسلطانه و عزته و كلت عن إدراكه طروف العيون و قصرت دون بلوغ صفته أوهام الخلائق الأول قبل كل شي‏ء و لا قبل له و الآخر بعد كل شي‏ء و لا بعد له الظاهر على كل شي‏ء بالقهر له و المشاهد لجميع الأماكن بلا انتقال إليها لا تلمسه لامسة و لا تحسه حاسة هو الذي في السماء إله و في الأرض إله و هو الحكيم العليم أتقن ما أراد من خلقه من الأشباح كلها لا بمثال سبق إليه و لا لغوب دخل عليه في خلق ما خلق لديه ابتدأ ما أراد ابتداءه و أنشأ ما أراد إنشاءه على ما أراد من الثقلين الجن و الإنس ليعرفوا بذلك ربوبيته و تمكن فيهم طاعته نحمده بجميع محامده كلها على جميع نعمائه كلها و نستهديه لمراشد أمورنا و نعوذ به من سيئات أعمالنا و نستغفره للذنوب التي سبقت منا و نشهد أن لا إله إلا الله و أن محمدا عبده و رسوله بعثه بالحق نبيا دالا عليه و هاديا إليه فهدى به من الضلالة و استنقذنا به من الجهالة من يطع الله و رسوله فقد فاز فوزا عظيما و نال ثوابا جزيلا و من يعص الله و رسوله فقد خسر خسرانا مبينا و استحق عذابا أليما فأنجعوا بما يحق عليكم من السمع و الطاعة و إخلاص النصيحة و حسن المؤازرة و أعينوا على أنفسكم بلزوم الطريقة المستقيمة و هجر الأمور المكروهة و تعاطوا الحق بينكم و تعاونوا به دوني و خذوا على يد الظالم السفيه و مروا بالمعروف و انهوا عن المنكر و اعرفوا لذوي الفضل فضلهم عصمنا الله و إياكم بالهدى و ثبتنا و إياكم على التقوى و أستغفر الله لي و لكم

 باب النوادر

1-  محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن علي بن النعمان عن سيف بن عميرة عمن ذكره عن الحارث بن المغيرة النصري قال سئل أبو عبد الله ع عن قول الله تبارك و تعالى كل شي‏ء هالك إلا وجهه فقال ما يقولون فيه قلت يقولون يهلك كل شي‏ء إلا وجه الله فقال سبحان الله لقد قالوا قولا عظيما إنما عنى بذلك وجه الله الذي يؤتى منه

2-  عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن صفوان الجمال عن أبي عبد الله ع في قول الله عز و جل كل شي‏ء هالك إلا وجهه قال من أتى الله بما أمر به من طاعة محمد ص فهو الوجه الذي لا يهلك و كذلك قال من يطع الرسول فقد أطاع الله

3-  محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن سنان عن أبي سلام النخاس عن بعض أصحابنا عن أبي جعفر ع قال نحن المثاني الذي أعطاه الله نبينا محمدا ص و نحن وجه الله نتقلب في الأرض بين أظهركم و نحن عين الله في خلقه و يده المبسوطة بالرحمة على عباده عرفنا من عرفنا و جهلنا من جهلنا و إمامة المتقين

4-  الحسين بن محمد الأشعري و محمد بن يحيى جميعا عن أحمد بن إسحاق عن سعدان بن مسلم عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله ع في قول الله عز و جل و لله الأسماء الحسنى فادعوه بها قال نحن و الله الأسماء الحسنى التي لا يقبل الله من العباد عملا إلا بمعرفتنا

5-  محمد بن أبي عبد الله عن محمد بن إسماعيل عن الحسين بن الحسن عن بكر بن صالح عن الحسن بن سعيد عن الهيثم بن عبد الله عن مروان بن صباح قال قال أبو عبد الله ع إن الله خلقنا فأحسن خلقنا و صورنا فأحسن صورنا و جعلنا عينه في عباده و لسانه الناطق في خلقه و يده المبسوطة على عباده بالرأفة و الرحمة و وجهه الذي يؤتى منه و بابه الذي يدل عليه و خزانه في سمائه و أرضه بنا أثمرت الأشجار و أينعت الثمار و جرت الأنهار و بنا ينزل غيث السماء و ينبت عشب الأرض و بعبادتنا عبد الله و لو لا نحن ما عبد الله

6-  محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن محمد بن إسماعيل بن بزيع عن عمه حمزة بن بزيع عن أبي عبد الله ع في قول الله عز و جل فلما آسفونا انتقمنا منهم فقال إن الله عز و جل لا يأسف كأسفنا و لكنه خلق أولياء لنفسه يأسفون و يرضون و هم مخلوقون مربوبون فجعل رضاهم رضا نفسه و سخطهم سخط نفسه لأنه جعلهم الدعاة إليه و الأدلاء عليه فلذلك صاروا كذلك و ليس أن ذلك يصل إلى الله كما يصل إلى خلقه لكن هذا معنى ما قال من ذلك و قد قال من أهان لي وليا فقد بارزني بالمحاربة و دعاني إليها و قال من يطع الرسول فقد أطاع الله و قال إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم فكل هذا و شبهه على ما ذكرت لك و هكذا الرضا و الغضب و غيرهما من الأشياء مما يشاكل ذلك و لو كان يصل إلى الله الأسف و الضجر و هو الذي خلقهما و أنشأهما لجاز لقائل هذا أن يقول إن الخالق يبيد يوما ما لأنه إذا دخله الغضب و الضجر دخله التغيير و إذا دخله التغيير لم يؤمن عليه الإبادة ثم لم يعرف المكون من المكون و لا القادر من المقدور عليه و لا الخالق من المخلوق تعالى الله عن هذا القول علوا كبيرا بل هو الخالق للأشياء لا لحاجة فإذا كان لا لحاجة استحال الحد و الكيف فيه فافهم إن شاء الله تعالى

7-  عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن ابن أبي نصر عن محمد بن حمران عن أسود بن سعيد قال كنت عند أبي جعفر ع فأنشأ يقول ابتداء منه من غير أن أسأله نحن حجة الله و نحن باب الله و نحن لسان الله و نحن وجه الله و نحن عين الله في خلقه و نحن ولاة أمر الله في عباده

8-  محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن حسان الجمال قال حدثني هاشم بن أبي عمارة الجنبي قال سمعت أمير المؤمنين ع يقول أنا عين الله و أنا يد الله و أنا جنب الله و أنا باب الله

9-  محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن محمد بن إسماعيل بن بزيع عن عمه حمزة بن بزيع عن علي بن سويد عن أبي الحسن موسى بن جعفر ع في قول الله عز و جل يا حسرتى على ما فرطت في جنب الله قال جنب الله أمير المؤمنين ع و كذلك ما كان بعده من الأوصياء بالمكان الرفيع إلى أن ينتهي الأمر إلى آخرهم

10-  الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن محمد بن جمهور عن علي بن الصلت عن الحكم و إسماعيل ابني حبيب عن بريد العجلي قال سمعت أبا جعفر ع يقول بنا عبد الله و بنا عرف الله و بنا وحد الله تبارك و تعالى و محمد حجاب الله تبارك و تعالى

 -  بعض أصحابنا عن محمد بن عبد الله عن عبد الوهاب بن بشر عن موسى بن قادم عن سليمان عن زرارة عن أبي جعفر ع قال سألته عن قول الله عز و جل و ما ظلمونا و لكن كانوا أنفسهم يظلمون قال إن الله تعالى أعظم و أعز و أجل و أمنع من أن يظلم و لكنه خلطنا بنفسه فجعل ظلمنا ظلمه و ولايتنا ولايته حيث يقول إنما وليكم الله و رسوله و الذين آمنوا يعني الأئمة منا ثم قال في موضع آخر و ما ظلمونا و لكن كانوا أنفسهم يظلمون ثم ذكر مثله

باب البداء

1-  محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحجال عن أبي إسحاق ثعلبة عن زرارة بن أعين عن أحدهما ع قال ما عبد الله بشي‏ء مثل البداء

 و في رواية ابن أبي عمير عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله ع ما عظم الله بمثل البداء

2-  علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم و حفص بن البختري و غيرهما عن أبي عبد الله ع قال في هذه الآية يمحوا الله ما يشاء و يثبت قال فقال و هل يمحى إلا ما كان ثابتا و هل يثبت إلا ما لم يكن

3-  علي عن أبيه عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله ع قال ما بعث الله نبيا حتى يأخذ عليه ثلاث خصال الإقرار له بالعبودية و خلع الأنداد و أن الله يقدم ما يشاء و يؤخر ما يشاء

4-  محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن ابن فضال عن ابن بكير عن زرارة عن حمران عن أبي جعفر ع قال سألته عن قول الله عز و جل قضى أجلا و أجل مسمى عنده قال هما أجلان أجل محتوم و أجل موقوف

5-  أحمد بن مهران عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني عن علي بن أسباط عن خلف بن حماد عن ابن مسكان عن مالك الجهني قال سألت أبا عبد الله ع عن قول الله تعالى أ و لم ير الإنسان أنا خلقناه من قبل و لم يك شيئا قال فقال لا مقدرا و لا مكونا قال و سألته عن قوله هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا فقال كان مقدرا غير مذكور

6-  محمد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان عن حماد بن عيسى عن ربعي بن عبد الله عن الفضيل بن يسار قال سمعت أبا جعفر ع يقول العلم علمان فعلم عند الله مخزون لم يطلع عليه أحدا من خلقه و علم علمه ملائكته و رسله فما علمه ملائكته و رسله فإنه سيكون لا يكذب نفسه و لا ملائكته و لا رسله و علم عنده مخزون يقدم منه ما يشاء و يؤخر منه ما يشاء و يثبت ما يشاء

7-  و بهذا الإسناد عن حماد عن ربعي عن الفضيل قال سمعت أبا جعفر ع يقول من الأمور أمور موقوفة عند الله يقدم منها ما يشاء و يؤخر منها ما يشاء

8-  عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن عيسى عن ابن أبي عمير عن جعفر بن عثمان عن سماعة عن أبي بصير و وهيب بن حفص عن أبي بصير عن أبي عبد الله ع قال إن لله علمين علم مكنون مخزون لا يعلمه إلا هو من ذلك يكون البداء و علم علمه ملائكته و رسله و أنبياءه فنحن نعلمه

 -  محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن الحسن بن محبوب عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله ع قال ما بدا لله في شي‏ء إلا كان في علمه قبل أن يبدو له

10-  عنه عن أحمد عن الحسن بن علي بن فضال عن داود بن فرقد عن عمرو بن عثمان الجهني عن أبي عبد الله ع قال إن الله لم يبد له من جهل

11-  علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس عن منصور بن حازم قال سألت أبا عبد الله ع هل يكون اليوم شي‏ء لم يكن في علم الله بالأمس قال لا من قال هذا فأخزاه الله قلت أ رأيت ما كان و ما هو كائن إلى يوم القيامة أ ليس في علم الله قال بلى قبل أن يخلق الخلق

12-  علي عن محمد عن يونس عن مالك الجهني قال سمعت أبا عبد الله ع يقول لو علم الناس ما في القول بالبداء من الأجر ما فتروا عن الكلام فيه

13-  عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن بعض أصحابنا عن محمد بن عمرو الكوفي أخي يحيى عن مرازم بن حكيم قال سمعت أبا عبد الله ع يقول ما تنبأ نبي قط حتى يقر لله بخمس خصال بالبداء و المشيئة و السجود و العبودية و الطاعة

14-  و بهذا الإسناد عن أحمد بن محمد عن جعفر بن محمد عن يونس عن جهم بن أبي جهمة عمن حدثه عن أبي عبد الله ع قال إن الله عز و جل أخبر محمدا ص بما كان منذ كانت الدنيا و بما يكون إلى انقضاء الدنيا و أخبره بالمحتوم من ذلك و استثنى عليه فيما سواه

15-  علي بن إبراهيم عن أبيه عن الريان بن الصلت قال سمعت الرضا ع يقول ما بعث الله نبيا قط إلا بتحريم الخمر و أن يقر لله بالبداء

16-  الحسين بن محمد عن معلى بن محمد قال سئل العالم ع كيف علم الله قال علم و شاء و أراد و قدر و قضى و أمضى فأمضى ما قضى و قضى ما قدر و قدر ما أراد فبعلمه كانت المشيئة و بمشيئته كانت الإرادة و بإرادته كان التقدير و بتقديره كان القضاء و بقضائه كان الإمضاء و العلم متقدم على المشيئة و المشيئة ثانية و الإرادة ثالثة و التقدير واقع على القضاء بالإمضاء فلله تبارك و تعالى البداء فيما علم متى شاء و فيما أراد لتقدير الأشياء فإذا وقع القضاء بالإمضاء فلا بداء فالعلم في المعلوم قبل كونه و المشيئة في المنشإ قبل عينه و الإرادة في المراد قبل قيامه و التقدير لهذه المعلومات قبل تفصيلها و توصيلها عيانا و وقتا و القضاء بالإمضاء هو المبرم من المفعولات ذوات الأجسام المدركات بالحواس من ذوي لون و ريح و وزن و كيل و ما دب و درج من إنس و جن و طير و سباع و غير ذلك مما يدرك بالحواس فلله تبارك و تعالى فيه البداء مما لا عين له فإذا وقع العين المفهوم المدرك فلا بداء و الله يفعل ما يشاء فبالعلم علم الأشياء قبل كونها و بالمشيئة عرف صفاتها و حدودها و أنشأها قبل إظهارها و بالإرادة ميز أنفسها في ألوانها و صفاتها و بالتقدير قدر أقواتها و عرف أولها و آخرها و بالقضاء أبان للناس أماكنها و دلهم عليها و بالإمضاء شرح عللها و أبان أمرها و ذلك تقدير العزيز العليم

باب في أنه لا يكون شي‏ء في السماء و الأرض إلا بسبعة

1-  عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن أبيه و محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسين بن سعيد و محمد بن خالد جميعا عن فضالة بن أيوب عن محمد بن عمارة عن حريز بن عبد الله و عبد الله بن مسكان جميعا عن أبي عبد الله ع أنه قال لا يكون شي‏ء في الأرض و لا في السماء إلا بهذه الخصال السبع بمشيئة و إرادة و قدر و قضاء و إذن و كتاب و أجل فمن زعم أنه يقدر على نقض واحدة فقد كفر

 و رواه علي بن إبراهيم عن أبيه عن محمد بن حفص عن محمد بن عمارة عن حريز بن عبد الله و ابن مسكان مثله

2-  و رواه أيضا عن أبيه عن محمد بن خالد عن زكريا بن عمران عن أبي الحسن موسى بن جعفر ع قال لا يكون شي‏ء في السماوات و لا في الأرض إلا بسبع بقضاء و قدر و إرادة و مشيئة و كتاب و أجل و إذن فمن زعم غير هذا فقد كذب على الله أو رد على الله عز و جل

باب المشيئة و الإرادة

1-  علي بن محمد بن عبد الله عن أحمد بن أبي عبد الله عن أبيه عن محمد بن سليمان الديلمي عن علي بن إبراهيم الهاشمي قال سمعت أبا الحسن موسى بن جعفر ع يقول لا يكون شي‏ء إلا ما شاء الله و أراد و قدر و قضى قلت ما معنى شاء قال ابتداء الفعل قلت ما معنى قدر قال تقدير الشي‏ء من طوله و عرضه قلت ما معنى قضى قال إذا قضى أمضاه فذلك الذي لا مرد له

2-  علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس بن عبد الرحمن عن أبان عن أبي بصير قال قلت لأبي عبد الله ع شاء و أراد و قدر و قضى قال نعم قلت و أحب قال لا قلت و كيف شاء و أراد و قدر و قضى و لم يحب قال هكذا خرج إلينا

3-  علي بن إبراهيم عن أبيه عن علي بن معبد عن واصل بن سليمان عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله ع قال سمعته يقول أمر الله و لم يشأ و شاء و لم يأمر أمر إبليس أن يسجد لآدم و شاء أن لا يسجد و لو شاء لسجد و نهى آدم عن أكل الشجرة و شاء أن يأكل منها و لو لم يشأ لم يأكل

4-  علي بن إبراهيم عن المختار بن محمد الهمداني و محمد بن الحسن عن عبد الله بن الحسن العلوي جميعا عن الفتح بن يزيد الجرجاني عن أبي الحسن ع قال إن لله إرادتين و مشيئتين إرادة حتم و إرادة عزم ينهى و هو يشاء و يأمر و هو لا يشاء أ و ما رأيت أنه نهى آدم و زوجته أن يأكلا من الشجرة و شاء ذلك و لو لم يشأ أن يأكلا لما غلبت مشيئتهما مشيئة الله تعالى و أمر إبراهيم أن يذبح إسحاق و لم يشأ أن يذبحه و لو شاء لما غلبت مشيئة إبراهيم مشيئة الله تعالى

5-  علي بن إبراهيم عن أبيه عن علي بن معبد عن درست بن أبي منصور عن فضيل بن يسار قال سمعت أبا عبد الله ع يقول شاء و أراد و لم يحب و لم يرض شاء أن لا يكون شي‏ء إلا بعلمه و أراد مثل ذلك و لم يحب أن يقال ثالث ثلاثة و لم يرض لعباده الكفر

6-  محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال قال أبو الحسن الرضا ع قال الله يا ابن آدم بمشيئتي كنت أنت الذي تشاء لنفسك ما تشاء و بقوتي أديت فرائضي و بنعمتي قويت على معصيتي جعلتك سميعا بصيرا قويا ما أصابك من حسنة فمن الله و ما أصابك من سيئة فمن نفسك و ذاك أني أولى بحسناتك منك و أنت أولى بسيئاتك مني و ذاك أنني لا أسأل عما أفعل و هم يسألون

باب الابتلاء و الاختبار

1-  علي بن إبراهيم بن هاشم عن محمد بن عيسى عن يونس بن عبد الرحمن عن حمزة بن محمد الطيار عن أبي عبد الله ع قال ما من قبض و لا بسط إلا و لله فيه مشيئة و قضاء و ابتلاء

2-  عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن أبيه عن فضالة بن أيوب عن حمزة بن محمد الطيار عن أبي عبد الله ع قال إنه ليس شي‏ء فيه قبض أو بسط مما أمر الله به أو نهى عنه إلا و فيه لله عز و جل ابتلاء و قضاء

باب السعادة و الشقاء

1-  محمد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان عن صفوان بن يحيى عن منصور بن حازم عن أبي عبد الله ع قال إن الله خلق السعادة و الشقاء قبل أن يخلق خلقه فمن خلقه الله سعيدا لم يبغضه أبدا و إن عمل شرا أبغض عمله و لم يبغضه و إن كان شقيا لم يحبه أبدا و إن عمل صالحا أحب عمله و أبغضه لما يصير إليه فإذا أحب الله شيئا لم يبغضه أبدا و إذا أبغض شيئا لم يحبه أبدا

2-  علي بن محمد رفعه عن شعيب العقرقوفي عن أبي بصير قال كنت بين يدي أبي عبد الله ع جالسا و قد سأله سائل فقال جعلت فداك يا ابن رسول الله من أين لحق الشقاء أهل المعصية حتى حكم الله لهم في علمه بالعذاب على عملهم فقال أبو عبد الله ع أيها السائل حكم الله عز و جل لا يقوم له أحد من خلقه بحقه فلما حكم بذلك وهب لأهل محبته القوة على معرفته و وضع عنهم ثقل العمل بحقيقة ما هم أهله و وهب لأهل المعصية القوة على معصيتهم لسبق علمه فيهم و منعهم إطاقة القبول منه فوافقوا ما سبق لهم في علمه و لم يقدروا أن يأتوا حالا تنجيهم من عذابه لأن علمه أولى بحقيقة التصديق و هو معنى شاء ما شاء و هو سره

 -  عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن أبيه عن النضر بن سويد عن يحيى بن عمران الحلبي عن معلى بن عثمان عن علي بن حنظلة عن أبي عبد الله ع أنه قال يسلك بالسعيد في طريق الأشقياء حتى يقول الناس ما أشبهه بهم بل هو منهم ثم يتداركه السعادة و قد يسلك بالشقي في طريق السعداء حتى يقول الناس ما أشبهه بهم بل هو منهم ثم يتداركه الشقاء إن من كتبه الله سعيدا و إن لم يبق من الدنيا إلا فواق ناقة ختم له بالسعادة

باب الخير و الشر

1-  عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن ابن محبوب و علي بن الحكم عن معاوية بن وهب قال سمعت أبا عبد الله ع يقول إن مما أوحى الله إلى موسى ع و أنزل عليه في التوراة أني أنا الله لا إله إلا أنا خلقت الخلق و خلقت الخير و أجريته على يدي من أحب فطوبى لمن أجريته على يديه و أنا الله لا إله إلا أنا خلقت الخلق و خلقت الشر و أجريته على يدي من أريده فويل لمن أجريته على يديه

2-  عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن أبيه عن ابن أبي عمير عن محمد بن حكيم عن محمد بن مسلم قال سمعت أبا جعفر ع يقول إن في بعض ما أنزل الله من كتبه أني أنا الله لا إله إلا أنا خلقت الخير و خلقت الشر فطوبى لمن أجريت على يديه الخير و ويل لمن أجريت على يديه الشر و ويل لمن يقول كيف ذا و كيف ذا

3-  علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس عن بكار بن كردم عن مفضل بن عمر و عبد المؤمن الأنصاري عن أبي عبد الله ع قال قال الله عز و جل أنا الله لا إله إلا أنا خالق الخير و الشر فطوبى لمن أجريت على يديه الخير و ويل لمن أجريت على يديه الشر و ويل لمن يقول كيف ذا و كيف هذا قال يونس يعني من ينكر هذا الأمر بتفقه فيه

 باب الجبر و القدر و الأمر بين الأمرين

1-  علي بن محمد عن سهل بن زياد و إسحاق بن محمد و غيرهما رفعوه قال كان أمير المؤمنين ع جالسا بالكوفة بعد منصرفه من صفين إذ أقبل شيخ فجثا بين يديه ثم قال له يا أمير المؤمنين أخبرنا عن مسيرنا إلى أهل الشام أ بقضاء من الله و قدر فقال أمير المؤمنين ع أجل يا شيخ ما علوتم تلعة و لا هبطتم بطن واد إلا بقضاء من الله و قدر فقال له الشيخ عند الله أحتسب عنائي يا أمير المؤمنين فقال له مه يا شيخ فو الله لقد عظم الله الأجر في مسيركم و أنتم سائرون و في مقامكم و أنتم مقيمون و في منصرفكم و أنتم منصرفون و لم تكونوا في شي‏ء من حالاتكم مكرهين و لا إليه مضطرين فقال له الشيخ و كيف لم نكن في شي‏ء من حالاتنا مكرهين و لا إليه مضطرين و كان بالقضاء و القدر مسيرنا و منقلبنا و منصرفنا فقال له و تظن أنه كان قضاء حتما و قدرا لازما إنه لو كان كذلك لبطل الثواب و العقاب و الأمر و النهي و الزجر من الله و سقط معنى الوعد و الوعيد فلم تكن لائمة للمذنب و لا محمدة للمحسن و لكان المذنب أولى بالإحسان من المحسن و لكان المحسن أولى بالعقوبة من المذنب تلك مقالة إخوان عبدة الأوثان و خصماء الرحمن و حزب الشيطان و قدرية هذه الأمة و مجوسها إن الله تبارك و تعالى كلف تخييرا و نهى تحذيرا و أعطى على القليل كثيرا و لم يعص مغلوبا و لم يطع مكرها و لم يملك مفوضا و لم يخلق السماوات و الأرض و ما بينهما باطلا و لم يبعث النبيين مبشرين و منذرين عبثا ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار فأنشأ الشيخ يقول

أنت الإمام الذي نرجو بطاعته يوم النجاة من الرحمن غفرانا

 أوضحت من أمرنا ما كان ملتبسا جزاك ربك بالإحسان إحسانا

2-  الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن الحسن بن علي الوشاء عن حماد بن عثمان عن أبي بصير عن أبي عبد الله قال من زعم أن الله يأمر بالفحشاء فقد كذب على الله و من زعم أن الخير و الشر إليه فقد كذب على الله

3-  الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن الحسن بن علي الوشاء عن أبي الحسن الرضا ع قال سألته فقلت الله فوض الأمر إلى العباد قال الله أعز من ذلك قلت فجبرهم على المعاصي قال الله أعدل و أحكم من ذلك قال ثم قال قال الله يا ابن آدم أنا أولى بحسناتك منك و أنت أولى بسيئاتك مني عملت المعاصي بقوتي التي جعلتها فيك

4-  علي بن إبراهيم عن أبيه عن إسماعيل بن مرار عن يونس بن عبد الرحمن قال قال لي أبو الحسن الرضا ع يا يونس لا تقل بقول القدرية فإن القدرية لم يقولوا بقول أهل الجنة و لا بقول أهل النار و لا بقول إبليس فإن أهل الجنة قالوا الحمد لله الذي هدانا لهذا و ما كنا لنهتدي لو لا أن هدانا الله و قال أهل النار ربنا غلبت علينا شقوتنا و كنا قوما ضالين و قال إبليس رب بما أغويتني فقلت و الله ما أقول بقولهم و لكني أقول لا يكون إلا بما شاء الله و أراد و قدر و قضى فقال يا يونس ليس هكذا لا يكون إلا ما شاء الله و أراد و قدر و قضى يا يونس تعلم ما المشيئة قلت لا قال هي الذكر الأول فتعلم ما الإرادة قلت لا قال هي العزيمة على ما يشاء فتعلم ما القدر قلت لا قال هي الهندسة و وضع الحدود من البقاء و الفناء قال ثم قال و القضاء هو الإبرام و إقامة العين قال فاستأذنته أن أقبل رأسه و قلت فتحت لي شيئا كنت عنه في غفلة

5-  محمد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان عن حماد بن عيسى عن إبراهيم بن عمر اليماني عن أبي عبد الله ع قال إن الله خلق الخلق فعلم ما هم صائرون إليه و أمرهم و نهاهم فما أمرهم به من شي‏ء فقد جعل لهم السبيل إلى تركه و لا يكونون آخذين و لا تاركين إلا بإذن الله

6-  علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس بن عبد الرحمن عن حفص بن قرط عن أبي عبد الله ع قال قال رسول الله ص من زعم أن الله يأمر بالسوء و الفحشاء فقد كذب على الله و من زعم أن الخير و الشر بغير مشيئة الله فقد أخرج الله من سلطانه و من زعم أن المعاصي بغير قوة الله فقد كذب على الله و من كذب على الله أدخله الله النار

7-  عدة من أصحابنا عن أحمد بن أبي عبد الله عن عثمان بن عيسى عن إسماعيل بن جابر قال كان في مسجد المدينة رجل يتكلم في القدر و الناس مجتمعون قال فقلت يا هذا أسألك قال سل قلت يكون في ملك الله تبارك و تعالى ما لا يريد قال فأطرق طويلا ثم رفع رأسه إلي فقال لي يا هذا لئن قلت إنه يكون في ملكه ما لا يريد إنه لمقهور و لئن قلت لا يكون في ملكه إلا ما يريد أقررت لك بالمعاصي قال فقلت لأبي عبد الله ع سألت هذا القدري فكان من جوابه كذا و كذا فقال لنفسه نظر أما لو قال غير ما قال لهلك

8-  محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن الحسن زعلان عن أبي طالب القمي عن رجل عن أبي عبد الله ع قال قلت أجبر الله العباد على المعاصي قال لا قلت ففوض إليهم الأمر قال قال لا قال قلت فما ذا قال لطف من ربك بين ذلك

9-  علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس بن عبد الرحمن عن غير واحد عن أبي جعفر و أبي عبد الله ع قالا إن الله أرحم بخلقه من أن يجبر خلقه على الذنوب ثم يعذبهم عليها و الله أعز من أن يريد أمرا فلا يكون قال فسئلا ع هل بين الجبر و القدر منزلة ثالثة قالا نعم أوسع مما بين السماء و الأرض

10-  علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس بن عبد الرحمن عن صالح بن سهل عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله ع قال سئل عن الجبر و القدر فقال لا جبر و لا قدر و لكن منزلة بينهما فيها الحق التي بينهما لا يعلمها إلا العالم أو من علمها إياه العالم

11-  علي بن إبراهيم عن محمد عن يونس عن عدة عن أبي عبد الله ع قال قال له رجل جعلت فداك أجبر الله العباد على المعاصي فقال الله أعدل من أن يجبرهم على المعاصي ثم يعذبهم عليها فقال له جعلت فداك ففوض الله إلى العباد قال فقال لو فوض إليهم لم يحصرهم بالأمر و النهي فقال له جعلت فداك فبينهما منزلة قال فقال نعم أوسع ما بين السماء و الأرض

12-  محمد بن أبي عبد الله و غيره عن سهل بن زياد عن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال قلت لأبي الحسن الرضا ع إن بعض أصحابنا يقول بالجبر و بعضهم يقول بالاستطاعة قال فقال لي اكتب بسم الله الرحمن الرحيم قال علي بن الحسين قال الله عز و جل يا ابن آدم بمشيئتي كنت أنت الذي تشاء و بقوتي أديت إلي فرائضي و بنعمتي قويت على معصيتي جعلتك سميعا بصيرا ما أصابك من حسنة فمن الله و ما أصابك من سيئة فمن نفسك و ذلك أني أولى بحسناتك منك و أنت أولى بسيئاتك مني و ذلك أني لا أسأل عما أفعل و هم يسألون قد نظمت لك كل شي‏ء تريد

13-  محمد بن أبي عبد الله عن حسين بن محمد عن محمد بن يحيى عمن حدثه عن أبي عبد الله ع قال لا جبر و لا تفويض و لكن أمر بين أمرين قال قلت و ما أمر بين أمرين قال مثل ذلك رجل رأيته على معصية فنهيته فلم ينته فتركته ففعل تلك المعصية فليس حيث لم يقبل منك فتركته كنت أنت الذي أمرته بالمعصية

14-  عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد البرقي عن علي بن الحكم عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله ع قال الله أكرم من أن يكلف الناس ما لا يطيقون و الله أعز من أن يكون في سلطانه ما لا يريد

باب الاستطاعة

1-  علي بن إبراهيم عن الحسن بن محمد عن علي بن محمد القاساني عن علي بن أسباط قال سألت أبا الحسن الرضا ع عن الاستطاعة فقال يستطيع العبد بعد أربع خصال أن يكون مخلى السرب صحيح الجسم سليم الجوارح له سبب وارد من الله قال قلت جعلت فداك فسر لي هذا قال أن يكون العبد مخلى السرب صحيح الجسم سليم الجوارح يريد أن يزني فلا يجد امرأة ثم يجدها فإما أن يعصم نفسه فيمتنع كما امتنع يوسف ع أو يخلي بينه و بين إرادته فيزني فيسمى زانيا و لم يطع الله بإكراه و لم يعصه بغلبة

2-  محمد بن يحيى و علي بن إبراهيم جميعا عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم و عبد الله بن يزيد جميعا عن رجل من أهل البصرة قال سألت أبا عبد الله ع عن الاستطاعة فقال أ تستطيع أن تعمل ما لم يكون قال لا قال فتستطيع أن تنتهي عما قد كون قال لا قال فقال له أبو عبد الله ع فمتى أنت مستطيع قال لا أدري قال فقال له أبو عبد الله ع إن الله خلق خلقا فجعل فيهم آلة الاستطاعة ثم لم يفوض إليهم فهم مستطيعون للفعل وقت الفعل مع الفعل إذا فعلوا ذلك الفعل فإذا لم يفعلوه في ملكه لم يكونوا مستطيعين أن يفعلوا فعلا لم يفعلوه لأن الله عز و جل أعز من أن يضاده في ملكه أحد قال البصري فالناس مجبورون قال لو كانوا مجبورين كانوا معذورين قال ففوض إليهم قال لا قال فما هم قال علم منهم فعلا فجعل فيهم آلة الفعل فإذا فعلوه كانوا مع الفعل مستطيعين قال البصري أشهد أنه الحق و أنكم أهل بيت النبوة و الرسالة

3-  محمد بن أبي عبد الله عن سهل بن زياد و علي بن إبراهيم عن أحمد بن محمد و محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد جميعا عن علي بن الحكم عن صالح النيلي قال سألت أبا عبد الله ع هل للعباد من الاستطاعة شي‏ء قال فقال لي إذا فعلوا الفعل كانوا مستطيعين بالاستطاعة التي جعلها الله فيهم قال قلت و ما هي قال الآلة مثل الزاني إذا زنى كان مستطيعا للزنا حين زنى و لو أنه ترك الزنا و لم يزن كان مستطيعا لتركه إذا ترك قال ثم قال ليس له من الاستطاعة قبل الفعل قليل و لا كثير و لكن مع الفعل و الترك كان مستطيعا قلت فعلى ما ذا يعذبه قال بالحجة البالغة و الآلة التي ركب فيهم إن الله لم يجبر أحدا على معصيته و لا أراد إرادة حتم الكفر من أحد و لكن حين كفر كان في إرادة الله أن يكفر و هم في إرادة الله و في علمه أن لا يصيروا إلى شي‏ء من الخير قلت أراد منهم أن يكفروا قال ليس هكذا أقول و لكني أقول علم أنهم سيكفرون فأراد الكفر لعلمه فيهم و ليست هي إرادة حتم إنما هي إرادة اختيار

4-  محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسين بن سعيد عن بعض أصحابنا عن عبيد بن زرارة قال حدثني حمزة بن حمران قال سألت أبا عبد الله ع عن الاستطاعة فلم يجبني فدخلت عليه دخلة أخرى فقلت أصلحك الله إنه قد وقع في قلبي منها شي‏ء لا يخرجه إلا شي‏ء أسمعه منك قال فإنه لا يضرك ما كان في قلبك قلت أصلحك الله إني أقول إن الله تبارك و تعالى لم يكلف العباد ما لا يستطيعون و لم يكلفهم إلا ما يطيقون و أنهم لا يصنعون شيئا من ذلك إلا بإرادة الله و مشيئته و قضائه و قدره قال فقال هذا دين الله الذي أنا عليه و آبائي أو كما قال

باب البيان و التعريف و لزوم الحجة

1-  محمد بن يحيى و غيره عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسين بن سعيد عن ابن أبي عمير عن جميل بن دراج عن ابن الطيار عن أبي عبد الله ع قال إن الله احتج على الناس بما آتاهم و عرفهم

 محمد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان عن ابن أبي عمير عن جميل بن دراج مثله

2-  محمد بن يحيى و غيره عن أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن أبي عمير عن محمد بن حكيم قال قلت لأبي عبد الله ع المعرفة من صنع من هي قال من صنع الله ليس للعباد فيها صنع

3-  عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن ابن فضال عن ثعلبة بن ميمون عن حمزة بن محمد الطيار عن أبي عبد الله ع في قول الله عز و جل و ما كان الله ليضل قوما بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون قال حتى يعرفهم ما يرضيه و ما يسخطه و قال فألهمها فجورها و تقواها قال بين لها ما تأتي و ما تترك و قال إنا هديناه السبيل إما شاكرا و إما كفورا قال عرفناه إما آخذ و إما تارك و عن قوله و أما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى قال عرفناهم فاستحبوا العمى على الهدى و هم يعرفون و في رواية بينا لهم

4-  علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس بن عبد الرحمن عن ابن بكير عن حمزة بن محمد عن أبي عبد الله ع قال سألته عن قول الله عز و جل و هديناه النجدين قال نجد الخير و الشر

5-  و بهذا الإسناد عن يونس عن حماد عن عبد الأعلى قال قلت لأبي عبد الله ع أصلحك الله هل جعل في الناس أداة ينالون بها المعرفة قال فقال لا قلت فهل كلفوا المعرفة قال لا على الله البيان لا يكلف الله نفسا إلا وسعها و لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها قال و سألته عن قوله و ما كان الله ليضل قوما بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون قال حتى يعرفهم ما يرضيه و ما يسخطه

6-  و بهذا الإسناد عن يونس عن سعدان رفعه عن أبي عبد الله ع قال إن الله لم ينعم على عبد نعمة إلا و قد ألزمه فيها الحجة من الله فمن من الله عليه فجعله قويا فحجته عليه القيام بما كلفه و احتمال من هو دونه ممن هو أضعف منه و من من الله عليه فجعله موسعا عليه فحجته عليه ماله ثم تعاهده الفقراء بعد بنوافله و من من الله عليه فجعله شريفا في بيته جميلا في صورته فحجته عليه أن يحمد الله تعالى على ذلك و أن لا يتطاول على غيره فيمنع حقوق الضعفاء لحال شرفهو جماله

باب اختلاف الحجة على عباده

1-  محمد بن أبي عبد الله عن سهل بن زياد عن علي بن أسباط عن الحسين بن زيد عن درست بن أبي منصور عمن حدثه عن أبي عبد الله ع قال ستة أشياء ليس للعباد فيها صنع المعرفة و الجهل و الرضا و الغضب و النوم و اليقظة

باب حجج الله على خلقه

1-  محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن أبي شعيب المحاملي عن درست بن أبي منصور عن بريد بن معاوية عن أبي عبد الله ع قال ليس لله على خلقه أن يعرفوا و للخلق على الله أن يعرفهم و لله على الخلق إذا عرفهم أن يقبلوا

2-  عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحجال عن ثعلبة بن ميمون عن عبد الأعلى بن أعين قال سألت أبا عبد الله ع من لم يعرف شيئا هل عليه شي‏ء قال لا

3-  محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن ابن فضال عن داود بن فرقد عن أبي الحسن زكريا بن يحيى عن أبي عبد الله ع قال ما حجب الله عن العباد فهو موضوع عنهم

4-  عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن علي بن الحكم عن أبان الأحمر عن حمزة بن الطيار عن أبي عبد الله ع قال قال لي اكتب فأملى علي إن من قولنا إن الله يحتج على العباد بما آتاهم و عرفهم ثم أرسل إليهم رسولا و أنزل عليهم الكتاب فأمر فيه و نهى أمر فيه بالصلاة و الصيام فنام رسول الله ص عن الصلاة فقال أنا أنيمك و أنا أوقظك فإذا قمت فصل ليعلموا إذا أصابهم ذلك كيف يصنعون ليس كما يقولون إذا نام عنها هلك و كذلك الصيام أنا أمرضك و أنا أصحك فإذا شفيتك فاقضه ثم قال أبو عبد الله ع و كذلك إذا نظرت في جميع الأشياء لم تجد أحدا في ضيق و لم تجد أحدا إلا و لله عليه الحجة و لله فيه المشيئة و لا أقول إنهم ما شاءوا صنعوا ثم قال إن الله يهدي و يضل و قال و ما أمروا إلا بدون سعتهم و كل شي‏ء أمر الناس به فهم يسعون له و كل شي‏ء لا يسعون له فهو موضوع عنهم و لكن الناس لا خير فيهم ثم تلا ع ليس على الضعفاء و لا على المرضى و لا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج فوضع عنهم ما على المحسنين من سبيل و الله غفور رحيم و لا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم قال فوضع عنهم لأنهم لا يجدون

باب الهداية أنها من الله عز و جل

1-  عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن إسماعيل عن إسماعيل السراج عن ابن مسكان عن ثابت بن سعيد قال قال أبو عبد الله ع يا ثابت ما لكم و للناس كفوا عن الناس و لا تدعوا أحدا إلى أمركم فو الله لو أن أهل السماوات و أهل الأرضين اجتمعوا على أن يهدوا عبدا يريد الله ضلالته ما استطاعوا على أن يهدوه و لو أن أهل السماوات و أهل الأرضين اجتمعوا على أن يضلوا عبدا يريد الله هدايته ما استطاعوا أن يضلوه كفوا عن الناس و لا يقول أحد عمي و أخي و ابن عمي و جاري فإن الله إذا أراد بعبد خيرا طيب روحه فلا يسمع معروفا إلا عرفه و لا منكرا إلا أنكره ثم يقذف الله في قلبه كلمة يجمع بها أمره

 -  علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن محمد بن حمران عن سليمان بن خالد عن أبي عبد الله ع قال قال إن الله عز و جل إذا أراد بعبد خيرا نكت في قلبه نكتة من نور و فتح مسامع قلبه و وكل به ملكا يسدده و إذا أراد بعبد سوءا نكت في قلبه نكتة سوداء و سد مسامع قلبه و وكل به شيطانا يضله ثم تلا هذه الآية فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام و من يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء

3-  عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن ابن فضال عن علي بن عقبة عن أبيه قال سمعت أبا عبد الله ع يقول اجعلوا أمركم لله و لا تجعلوه للناس فإنه ما كان لله فهو لله و ما كان للناس فلا يصعد إلى الله و لا تخاصموا الناس لدينكم فإن المخاصمة ممرضة للقلب إن الله تعالى قال لنبيه ص إنك لا تهدي من أحببت و لكن الله يهدي من يشاء و قال أ فأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين ذروا الناس فإن الناس أخذوا عن الناس و إنكم أخذتم عن رسول الله ص إني سمعت أبي ع يقول إن الله عز و جل إذا كتب على عبد أن يدخل في هذا الأمر كان أسرع إليه من الطير إلى وكره

 -  أبو علي الأشعري عن محمد بن عبد الجبار عن صفوان بن يحيى عن محمد بن مروان عن فضيل بن يسار قال قلت لأبي عبد الله ع ندعو الناس إلى هذا الأمر فقال لا يا فضيل إن الله إذا أراد بعبد خيرا أمر ملكا فأخذ بعنقه فأدخله في هذا الأمر طائعا أو كارها

 تم كتاب العقل و العلم و التوحيد من كتاب الكافي و يتلوه كتاب الحجة في الجزء الثاني من كتاب الكافي تأليف الشيخ أبي جعفر محمد بن يعقوب الكليني رحمة الله عليه