باب 32- درجات الإيمان و حقائقه

 الآيات آل عمران هُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ اللَّهِ وَ اللَّهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ الأنعام نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ و قال تعالى وَ لِكُلٍّ دَرَجاتٌ مِمَّا عَمِلُوا وَ ما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ يوسف نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ وَ فَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ إسراء انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ وَ لَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجاتٍ وَ أَكْبَرُ تَفْضِيلًا الأحقاف وَ لِكُلٍّ دَرَجاتٌ مِمَّا عَمِلُوا وَ لِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمالَهُمْ وَ هُمْ لا يُظْلَمُونَ الواقعة وَ كُنْتُمْ أَزْواجاً ثَلاثَةً فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ وَ أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ وَ السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَ قَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ إلى قوله لِأَصْحابِ الْيَمِينِ ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَ ثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ   و قال تعالى فَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ فَرَوْحٌ وَ رَيْحانٌ وَ جَنَّةُ نَعِيمٍ وَ أَمَّا إِنْ كانَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ وَ أَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ وَ تَصْلِيَةُ جَحِيمٍ الحديد لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَ قاتَلَ الآية المجادلة يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ الحشر لِلْفُقَراءِ الْمُهاجِرِينَ إلى قوله إِنَّكَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ. تفسير هُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ اللَّهِ شبهوا بالدرجات لما بينهم من التفاوت في الثواب و العقاب أو هم ذو درجات وَ اللَّهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ عالم بأعمالهم و درجاتها فيجازيهم على حسبها نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ أي في العلم و العمل وَ لِكُلٍّ أي من المكلفين دَرَجاتٌ أي مراتب مما عملوا وَ ما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ فيخفى عليه عمل أو قدر ما يستحق به من ثواب أو عقاب و قرئ بالخطاب. نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ بالعلم و الحكمة كما رفعنا درجة يوسف وَ فَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ أرفع درجة منه في علمه و استدل به على أنه علمه سبحانه عين ذاته كَيْفَ فَضَّلْنا أي في الدنيا وَ لَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجاتٍ أي التفاوت في الآخرة أكثر و في المجمع روي أن ما بين أعلى درجات الجنة و أسفلها مثل ما بين السماء و الأرض

 و روى العياشي عن الصادق ع لا تقولن الجنة واحدة إن الله يقول وَ مِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ و لا تقولن درجة واحدة إن الله يقول درجات بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ

إنما تفاضل القوم بالأعمال و عن النبي ص إنما يرتفع   العباد غدا في الدرجات و ينالون الزلفى من ربهم على قدر عقولهم و في الكافي عن الصادق ع أن الثواب على قدر العقل وَ لِكُلٍّ أي من الجن و الإنس دَرَجاتٌ مِمَّا عَمِلُوا أي مراتب مما عملوا من الخير و الشر أو من أجل ما عملوا قيل و الدرجات غالبة في المثوبة و هنا جاءت على التغليب وَ لِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمالَهُمْ أي جزاءها وَ هُمْ لا يُظْلَمُونَ بنقص ثواب و زيادة عقاب. وَ كُنْتُمْ أَزْواجاً أي أصنافا فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ قيل أي اليمين و هم الذين يعطون كتبهم بأيمانهم أو يؤخذ بهم ذات اليمين إلى الجنة أو أصحاب اليمن و البركة على أنفسهم ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ أي أي شي‏ء هم على التعجيب من حالهم وَ أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ و هم الذين يعطون كتبهم بشمالهم أو يؤخذ بهم ذات الشمال إلى النار أو المشائيم على أنفسهم بما عملوا من المعصية ثم عجب سبحانه من حالهم تفخيما لشأنهم في العذاب فقال ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ. ثم بين الصنف الثالث فقال وَ السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أي السابقون إلى اتباع الأنبياء الذين صاروا أئمة الهدى فهم السابقون إلى جزيل الثواب عند الله أو السابقون إلى طاعة الله هم السابقون إلى رحمته أو الثاني تأكيد للأول و الخبر أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ أي السابقون إلى الطاعات يقربون إلى رحمة الله في أعلى المراتب و قيل في السابقين إنهم السابقون إلى الإيمان و قيل إلى الهجرة و قيل إلى الصلوات الخمس و قيل إلى الجهاد و قيل إلى التوبة و أعمال البر و قيل إلى كل ما دعا الله إليه و هذا أولى.

 و عن أبي جعفر ع قال السابقون أربعة ابن آدم المقتول و السابق في أمة موسى و هو مؤمن آل فرعون و السابق في أمة عيسى و هو حبيب النجار و السابق في أمة محمد ص و هو علي بن أبي طالب ع

 ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ أي هم ثلة أي جماعة كثيرة العدد من الأمم الماضية وَ   قَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ من أمة محمد ص لأن من سبق إلى إجابة نبينا ص قليل بالإضافة إلى من سبق إلى إجابة النبيين قبله و قيل معناه جماعة من أوائل هذه الأمة و قليل من أواخرهم ممن قرب حالهم من حال أولئك و قيل على الوجه الأول لا يخالف ذلك قوله ع إن أمتي يكثرون سائر الأمم لجواز أن يكون سابقو سائر الأمم أكثر من سابقي هذه الأمة و تابعو هذه أكثر من تابعيهم و لا يرده قوله تعالى في أصحاب اليمين ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَ ثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ لأن كثرة الفريقين لا ينافي أكثرية أحدهما انتهى. لِأَصْحابِ الْيَمِينِ أي ما ذكر جزاء لأصحاب اليمين ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَ ثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ أي جماعة من الأمم الماضية و جماعة من مؤمني هذه الأمة و قيل هنا أيضا إن الثلتين من هذه الأمة. فَأَمَّا إِنْ كانَ أي المتوفى مِنَ الْمُقَرَّبِينَ أي السابقين فَرَوْحٌ أي فله استراحة و قيل هواء تستلذه النفس و يزيل عنها الهم وَ رَيْحانٌ قيل أي رزق طيب و قيل الريحان المشموم من ريحان الجنة يؤتى به عند الموت فيشمه و قيل الروح الرحمة و الريحان كل نباهة و شرف و قيل روح في القبر و ريحان في الجنة وَ جَنَّةُ نَعِيمٍ أي ذات تنعم فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ قيل أي فترى فيهم ما تحب لهم من السلامة من المكاره و الخوف و قيل أي فسلام لك أيها الإنسان الذي هو من أصحاب اليمين من عذاب الله و سلمت عليك ملائكة الله و قيل معناه فسلام لك منهم في الجنة لأنهم يكونون معك فقوله لَكَ بمعنى عليك. فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ أي نزلهم الذي أعد لهم من الطعام و الشراب حميم جهنم وَ تَصْلِيَةُ جَحِيمٍ أي إدخال نار عظيمة. لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَ قاتَلَ أُولئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَ قاتَلُوا بين سبحانه أن الإنفاق قبل فتح مكة إذا انضم إليه الجهاد   أكثر ثوابا عند الله من النفقة و الجهاد بعد ذلك و ذلك أن القتال قبل الفتح كان أشد و الحاجة إلى النفقة و إلى الجهاد كان أكثر و أمس و قسيم من أنفق محذوف لوضوحه و دلالة ما بعده عليه و الفتح فتح مكة إذ عز الإسلام به و كثر أهله و قلت الحاجة إلى المقاتلة و الإنفاق مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَ قاتَلُوا أي من بعد الفتح وَ كُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنى أي كلا من المنفقين وعد الله المثوبة الحسنى و هي الجنة وَ اللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ عالم بظاهره و باطنه فمجازيكم على حسبه. يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ قال ابن عباس يرفع الله الذين أوتوا العلم من المؤمنين درجات على الذين لم يؤتوا العلم درجات و قيل معناه لكي يرفع الله الذين آمنوا منكم بطاعتهم للرسول ص درجة و الذين أوتوا العلم بفضل علمهم و سابقتهم درجات في الجنة و قيل في مجلس الرسول ص. لِلْفُقَراءِ الْمُهاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَ أَمْوالِهِمْ فإن كفار مكة أخرجوهم و أخذوا أموالهم يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَ رِضْواناً حال مقيدة لإخراجهم بما يوجب تفخيم شأنهم وَ يَنْصُرُونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ بأنفسهم و أموالهم أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ الذين ظهر صدقهم في إيمانهم وَ الَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ وَ الْإِيمانَ عطف على المهاجرين و المراد بهم الأنصار فإنهم لزموا المدينة و تمكنوا فيهما و قيل المعنى تبوؤا دار الهجرة و دار الإيمان فحذف المضاف من الثاني و المضاف إليه من الأول و عوض عنه اللام أو تبوؤا الدار و أخلصوا الإيمان مِنْ قَبْلِهِمْ أي من قبل هجرة المهاجرين و قيل تقدير الكلام و الذين تبوؤا الدار من قبلهم و الإيمان يُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ إِلَيْهِمْ و لا يثقل عليهم وَ لا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ أي في أنفسهم حاجَةً أي ما يحمل عليه الحاجة كالطلب و الحزازة و الحسد و الغيظ مِمَّا أُوتُوا أي مما أعطي المهاجرون و غيرهم وَ يُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ أي

    يقدمون المهاجرين على أنفسهم وَ لَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ أي حاجة وَ مَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ حتى يخالفها فيما يغلب عليها من حب المال و بغض الإنفاق فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ الفائزون بالثناء العاجل و الثواب الآجل. وَ الَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ قيل هم الذين هاجروا من بعد حين قوي الإسلام أو التابعون بإحسان و هم المؤمنون بعد الفريقين إلى يوم القيامة و لذلك قيل إن الآية قد استوعبت جميع المؤمنين يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا وَ لِإِخْوانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونا بِالْإِيمانِ أي يدعون و يستغفرون لأنفسهم و لمن سبقهم بالإيمان وَ لا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا حقدا و غشا و عداوة رَبَّنا إِنَّكَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ أي متعطف على العباد منعم عليهم. و أقول إنما أوردناها لدلالتها من جهة الترتيب الذكرى على فضل المهاجرين من الصحابة على الأنصار و فضلهما على التابعين لهم بإحسان

1-  كا، ]الكافي[ عن العدة عن البرقي عن الحسن بن علي محبوب عن عمار بن أبي الأحوص عن أبي عبد الله ع قال إن الله عز و جل وضع الإيمان على سبعة أسهم على البر و الصدق و اليقين و الرضا و الوفاء و العلم و الحلم ثم قسم ذلك بين الناس فمن جعل فيه هذه السبعة الأسهم فهو كامل محتمل و قسم لبعض الناس السهم و لبعض السهمين و لبعض الثلاثة حتى انتهوا إلى السبعة ثم قال لا تحملوا على صاحب السهم سهمين و لا على صاحب السهمين ثلاثة فتبهظوهم ثم قال كذلك حتى انتهى إلى السبعة

 توضيح البر الإحسان إلى نفسه و إلى غيره و يطلق غالبا على الإحسان بالوالدين و الأقربين و الإخوان من المؤمنين كما ورد من خالص الإيمان البر بالإخوان و الصدق هو القول المطابق للواقع و يطلق أيضا على مطابقة العمل للقول و الاعتقاد و على فعل القلب و الجوارح المطابقين للقوانين الشرعية و الموازين العقلية و منه الصديق و هو من حصل له ملكة الصدق في جميع هذه الأمور و لا   يصدر منه خلاف المطلوب عقلا و نقلا كما صرح به المحقق الطوسي ره في أوصاف الأشراف. و اليقين الاعتقاد الجازم المطابق للواقع و في عرف الأخبار هو مرتبة من اليقين يصير سببا لظهور آثاره على الجوارح و يطلق غالبا على ما يتعلق بأمور الآخرة و بالقضاء و القدر كما ستعرف و له مراتب أشير إليها في القرآن العزيز و هي علم اليقين و عين اليقين و حق اليقين كما قال تعالى لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ ثُمَّ لَتَرَوُنَّها عَيْنَ الْيَقِينِ و قال سبحانه وَ تَصْلِيَةُ جَحِيمٍ إِنَّ هذا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ. و قالوا الأول مرتبة أرباب الاستدلال كمن لم ير النار و استدل بالدخان عليه و الثاني مرتبة أصحاب المشاهدة و العيان كمن رأى النار بعينها بعينه و الثالث مرتبة أرباب اليقين كمن كان في وسط النار و اتصف بصفاتها و إن لم يصر عينها كالحديدة المحماة في النار فإنك تظنها نارا و ليست بنار و هذا هي التي زلت فيها الأقدام و ضلت العقول و الأحلام و ليس محل تحقيقها هذا المقام. و الرضا هو اطمئنان النفس بقضاء الله تعالى عند البلاء و الرخاء و عدم الاعتراض عليه سبحانه قولا و فعلا في شي‏ء من الأشياء و الوفاء هو العمل بعهود الله تعالى من التكاليف الشرعية و ما عاهد الله تعالى عليه و ألزم على نفسه من الطاعات و الوفاء ببيعة النبي و الأئمة صلوات الله عليهم و الوفاء بعهود الخلق ما لم تكن في معصية و العلم هو معرفة الله و رسوله و حججه و ما أمر به و نهى عنه و علم الشرائع و الأحكام و الحلال و الحرام و الأخلاق و مقدماتها و الحلم هو ملكة حاصلة للنفس مانعة لها عن المبادرة إلى الانتقام و طلب التسلط و الترفع و الغلبة. فهو كامل أي في الإيمان محتمل لشرائطه و أركانه قابل لها كما ينبغي لا تحملوا على صاحب السهم سهمين أي لما كانت القابليات و الاستعدادات متفاوتة   و لم يكلف الله كل امرئ إلا على قدر قابليته فلا تحملوا في العلوم و الأعمال و الأخلاق على كل امرئ إلا بحسب طاقته و وسعه كما مر إنما يداق الله العباد في الحساب على قدر ما آتاهم من العقول في الدنيا نعم للأعلى أن ينقل الأدنى إلى درجته بالتعليم و التدريج و الرفق حتى يصل إلى درجته إن كان قابلا لذلك كما سيأتي إن شاء الله و على الأدنى أن يسعى و يتضرع إلى الله تعالى لأن يوفقه للصعود إلى الدرجة العليا فتبهضوهم في بعض النسخ بالضاد و في بعضها بالظاء و هما معجمتان متقاربان معنى قال في القاموس بهضني الأمر كمنع و أبهضني أي فدحني و بالظاء أكثر و قال بهضه الأمر كمنع غلبه و ثقل عليه و بلغ به مشقة و الراحلة أوقرها فأتعبها

2-  كا، ]الكافي[ عن أبي علي الأشعري عن محمد بن عبد الجبار و محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى جميعا عن ابن فضال عن الحسن بن الجهم عن أبي اليقظان عن يعقوب بن الضحاك عن رجل من أصحابنا سراج و كان خادما لأبي عبد الله ع قال بعثني أبو عبد الله ع في حاجة و هو بالحيرة أنا و جماعة من مواليه قال فانطلقنا فيها ثم رجعنا مغتمين قال و كان فراشي في الحائر الذي كنا فيه نزولا فجئت و أنا بحال فرميت بنفسي فبينا أنا كذلك إذا أنا بأبي عبد الله قد أقبل قال فقال قد أتيناك أو قال جئناك فاستويت جالسا و جلس على صدر فراشي فسألني عما بعثني له فأخبرته فحمد الله ثم جرى ذكر قوم فقلت جعلت فداك إنا نبرأ منهم أنهم لا يقولون ما نقول فقال يتولونا و لا يقولون ما تقولون تبرءون منهم   قال قلت نعم قال فهو ذا عندنا ما ليس عندكم فينبغي لنا أن نبرأ منكم قال قلت لا جعلت فداك قال و هو ذا عند الله ما ليس عندنا أ فتراه اطرحنا قال قلت لا و الله جعلت فداك ما نفعل قال فتولوهم و لا تبرءوا منهم إن من المسلمين من له سهم و منهم من له سهمان و منهم من له ثلاثة أسهم و منهم من له أربعة أسهم و منهم من له خمسة أسهم و منهم من له ستة أسهم و منهم من له سبعة أسهم فلا ينبغي أن يحمل صاحب السهم على ما عليه صاحب السهمين و لا صاحب السهمين على ما عليه صاحب الثلاثة و لا صاحب الثلاثة على ما عليه صاحب الأربعة و لا صاحب الأربعة على ما عليه صاحب الخمسة و لا صاحب الخمسة على ما عليه صاحب الستة و لا صاحب الستة على ما عليه صاحب السبعة و سأضرب لك مثلا إن رجلا كان له جار و كان نصرانيا فدعاه إلى الإسلام و زينه له فأجابه فأتاه سحيرا فقرع عليه الباب فقال له من هذا قال أنا فلان قال و ما حاجتك قال توضأ و البس ثوبيك و مر بنا إلى الصلاة قال فتوضأ و لبس ثوبيه و خرج معه قال فصليا ما شاء الله ثم صليا الفجر ثم مكثا حتى أصبحا فقام الذي كان نصرانيا يريد منزله قال فقال له الرجل أين تذهب النهار قصير و الذي بينك و بين الظهر قليل قال فجلس معه إلى صلاة الظهر ثم قال و ما بين الظهر و العصر قليل فاحتبسه حتى صلى العصر قال ثم قام و أراد أن ينصرف إلى منزله فقال له إن هذا آخر النهار و أقل من أوله فاحتبسه حتى صلى المغرب ثم أراد أن ينصرف إلى منزله فقال له إنما بقيت صلاة واحدة قال فمكث حتى صلى العشاء الآخرة ثم تفرقا فلما كان سحيرا غدا عليه فضرب عليه الباب فقال من هذا فقال أنا فلان قال و ما حاجتك قال توضأ و البس ثوبيك و اخرج بنا فصل قال اطلب لهذا الدين من هو أفرغ مني و أنا إنسان مسكين و علي عيال فقال   أبو عبد الله ع أدخله في شي‏ء أخرجه منه أو قال أدخله في مثل ذه و أخرجه من مثل هذا

 بيان الحيرة بالكسر بلد كان قرب الكوفة و أنا تأكيد للضمير المنصوب في بعثني و تأكيد المنصوب و المجرور بالمرفوع جائز و جماعة عطف على الضمير أو الواو بمعنى مع معتمين الظاهر أنه بالعين المهملة على بناء الإفعال و التفعيل في القاموس العتمة محركة ثلث الليل الأول بعد غيبوبة الشفق أو وقت صلاة العشاء الآخرة و أعتم و عتم سار فيها أو أورد و أصدر فيها و ظلمة الليل و رجوع الإبل من المرعى بعد ما تمسي انتهى أي رجعنا داخلين في وقت العتمة و في أكثر النسخ بالغين المعجمة من الغم و كأنه تصحيف و ربما يقرأ مغتنمين من الغنيمة و هو تحريف. و الحائر المكان المطمئن و البستان و أنا بحال أي بحال سوء من الضعف و الكلال إنهم لا يقولون ما نقول أي من مراتب فضائل الأئمة ع و كمالاتهم و مراتب معرفة الله تعالى و دقائق مسائل القضاء و القدر و أمثال ذلك مما يختلف تكاليف العباد فيها بحسب أفهامهم و استعداداتهم لا في أصل المسائل الأصولية أو المراد اختلافهم في المسائل الفروعية و الأول أظهر و أما حمله على أدعية الصلاة و غيرها من المستحبات كما قيل فهو في غاية البعد و إن كان يوافقه التمثيل المذكور في آخر الخبر. يتولونا و لا يقولون إلى آخره استفهام على الإنكار فهو ذا عندنا أي من المعارف و العلوم و الأخلاق و الأعمال ما ليس عندكم فينبغي لنا على الاستفهام اطرحنا أي عن الإيمان و الثواب أو عن درجة الاعتبار. قوله ما نفعل لما فهم من كلامه ع نفي التبري تردد في أنه هل   يلزمه التولي أو عدم ارتكاب شي‏ء من الأمرين فإن نفي أحدهما لا يستلزم ثبوت الآخر. أن يحمل صاحب السهم على ما عليه صاحب السهمين أي يقاس حاله بحاله و يتوقع منه ما يتوقع من الثاني من الفهم و المعرفة و العمل و زينه له أي حسن الإسلام في نظره فأتاه سحيرا و هو تصغير و هو سدس آخر الليل أو ساعة آخر الليل و قيل قبيل الصبح و التصغير لبيان أنه كان قريبا من الصبح أو بعيدا منه و مر بنا أي معنا و خرج معه أي إلى المسجد ما شاء الله أي كثيرا حتى أصبحا أي دخلا في الصباح و المراد الإسفار و انتشار ضوء النهار و ظهور الحمرة في الأفق قال في المفردات الصبح و الصباح أول النهار و هو وقت ما أحمر الأفق بحاجب الشمس قوله و أقل من أوله أي مما انتظرت بعد الفجر لصلاة الظهر أدخله في شي‏ء أي من الإسلام صار سببا لخروجه من الإسلام رأسا أو المراد بالشي‏ء الكفر أي أدخله بجهله في الكفر الذي أخرجه منه أو قال أدخله في مثل هذا أي العمل الشديد و أخرجه من مثل هذا أي هذا الدين القويم

3-  كا، ]الكافي[ عن أحمد بن محمد عن الحسن بن موسى عن أحمد بن عمر عن يحيى بن أبان عن شهاب قال سمعت أبا عبد الله ع يقول لو علم الناس كيف خلق الله تبارك و تعالى هذا الخلق لم يلم أحد أحدا فقلت أصلحك الله و كيف ذلك قال إن الله تبارك و تعالى خلق أجزاء بلغ بها تسعة و أربعين جزءا ثم جعل الأجزاء أعشارا فجعل الجزء عشرة أعشار ثم قسمه بين الخلق فجعل في رجل عشر جزء و في آخر عشري جزء حتى بلغ به جزءا تاما و في آخر جزءا و عشر جزء و في آخر جزءا و عشري جزء و في آخر جزءا و ثلاثة أعشار جزء حتى بلغ به جزءين تامين ثم بحساب ذلك حتى بلغ بأرفعهم تسعة و أربعين جزءا فمن لم يجعل فيه إلا عشر جزء لم يقدر على أن يكون مثل صاحب العشرين و كذلك صاحب العشرين لا يكون مثل صاحب الثلاثة الأعشار و كذلك من تم له جزء لا يقدر على أن يكون مثل صاحب الجزءين و لو علم الناس أن الله عز و جل خلق هذا الخلق على هذا   لم يلم أحد أحدا

 بيان لم يلم أحد أحدا أي في عدم فهم الدقائق و القصور عن بعض المعارف أو في عدم اكتساب الفضائل و الأخلاق الحسنة و ترك الإتيان بالنوافل و المستحبات و إلا فكيف يستقيم عدم الملامة على ترك الفرائض و الواجبات و فعل الكبائر و المحرمات و قد مر أن الله تعالى لا يكلف الناس إلا بقدر وسعهم و ليسوا بمجبورين في فعل المعاصي و لا في ترك الواجبات لكن يمكن أن لا يكون في وسع بعضهم معرفة دقائق الأمور و غوامض الأسرار فلم يكلفوا بها و كذا عن تحصيل بعض مراتب الإخلاص و اليقين و غيرها من المكارم فليسوا بملومين بتركها فالتكاليف بالنسبة إلى العباد مختلفة بحسب اختلاف قابلياتهم و استعداداتهم و لا يستحق من لم يكن قابلا لمرتبة من المراتب المذكورة أن يلام لم لا تفهم هذا المعنى و لم لا تفعل الصلاة كما كان أمير المؤمنين ع يفعله مثلا و هكذا. قوله ع بلغ بها كأنه جعل كل جزء من السهام السبعة المتقدمة سبعة قوله ع فجعل الجزء عشرة أعشار كأن هذا للتأكيد و التوضيح و دفع توهم أن المراد جعل كل جزء عشرا من مرتبة فوقه فيصير المجموع أربعمائة و تسعين عشرا حتى بلغ به الباء للتعدية و الضمير راجع إلى الإيمان أو إلى الرجل المطلق المفهوم من رجل لا إلى الرجل المذكور و لا إلى آخر لاختلال المعنى و هذا أظهر لقوله حتى بلغ بأرفعهم إلا عشر جزء أي من القابلية أو قابلية عشر جزء من الإيمان و هكذا في البواقي

4-  كا، ]الكافي[ عن محمد بن يحيى عن محمد بن أحمد عن بعض أصحابه عن الحسن بن علي بن أبي عثمان عن محمد بن حماد الخزاز عن عبد العزيز القراطيسي قال قال لي أبو عبد الله ع يا عبد العزيز إن الإيمان عشر درجات بمنزلة السلم يصعد منه مرقاة بعد مرقاة فلا يقولن صاحب الاثنين لصاحب الواحد لست على شي‏ء حتى ينتهي إلى العاشرة فلا تسقط من هو دونك فيسقطك من هو فوقك   و إذا رأيت من هو أسفل منك بدرجة فارفعه إليك برفق و لا تحملن عليه ما لا يطيق فتكسره فإن من كسر مؤمنا فعليه جبره

5-  ل، ]الخصال[ عن ابن الوليد عن أحمد بن إدريس عن الأشعري عن أبي عبد الله الرازي عن أبي عثمان مثله إلا أن فيه فلا يقولن صاحب الواحد لصاحب الاثنين و زاد في آخره و كان المقداد في الثامنة و أبو ذر في التاسعة و سلمان في العاشرة

 بيان القراطيسي بائع القراطيس عشر درجات كأنه ع عد كل تسعة و أربعين جزءا من السابق درجة أو هذه الدرجات لبعض مراتب الإيمان لا لكلها و قيل يجوز أن يراد بالإيمان هنا التصديق أو الكامل المركب منه و من العمل يصعد على بناء المجهول و منه نائب مناب الفاعل و قيل من بمعنى في و الضمير راجع إلى السلم و المرقاة بالفتح و الكسر اسم مكان أو آلة و هي الدرجة و في المصباح المرقى و المرتقى موضع الرقي و المرقاة مثله و يجوز فيها فتح الميم على أنه موضع الارتقاء و يجوز الكسر تشبيها باسم الآلة كالمطهرة و أنكر أبو عبيد الكسر انتهى و هي منصوبة على الظرفية للمكان. لست على شي‏ء أي من الإيمان أو الكمال و الظاهر ما في الكافي و على ما في الخصال المعنى أنه إذا سمع ممن هو فوقه في المعرفة شيئا لا يصل إليه عقله لا يقدح فيه و لا يكفره فلا تسقط أي من الإيمان أو من درجة الاعتبار من هو دونك أي أسفل منك بدرجة أو أكثر. فارفعه إليك فإن قلت كيف يرفعه إليه مع أنه لا يطيقه كما مر في الخبر السابق قلت يمكن أن تكون الدرجات المذكورة في الخبر السابق درجات القابليات و الاستعدادات و لذا نسبها إلى أصل الخلق   و الدرجات المذكورة في هذا الخبر درجات الفعلية و التحقق فيمكن أن يكون رجلان في درجة واحدة من القابلية فسعى أحدهما و حصل ما كان قابلا له و الآخر لم يسع و بقي في درجة أسفل منه فلو كلفه أن يفهم دفعة ما فهمه في أزمنة متطاولة يعسر الأمر عليه بل يصير سببا لضلالته و حيرته فينبغي أن يرفق به و يكمله تدريجا حتى يبلغ إلى تلك الدرجة كما أن الكاتب الجيد الخط إذا كلف أميا لم يكتب قط أن يكتب مثله في يوم أو شهر أو سنة لكان تكليفا لما لا يطاق بل يجب أن يرقيه تدريجا حتى يصل إلى مرتبته و كذا في المراتب العقلية من لم يحصل شيئا منها لا يمكن إفهامه دفعة جميع المسائل الغامضة و لو ألقيت إليه لتحير بل لم يطق فهمها و ضل عن السبيل و المعلم الأديب الكامل يرقيه أولا من البديهيات إلى أوائل النظريات و منها إلى أوساطها و منها إلى غوامضها فلا ينكسر و لا يتحير. و يمكن أن تحمل القدرة المذكورة في الخبر السابق على الوسع أي الإمكان بسهولة فلا ينافي المذكور في هذا الخبر و لكن الأول أظهر و ربما يجاب بأنه لما لم يكن معلوما لصاحب الدرجة العليا عدم قابلية صاحب الدرجة السفلى بل ربما يظن أنه قابل للترقي فهو مأمور بهذا رجاء لتحقق مظنونه و لا يخفى ما فيه. فتكسره أي تكسر إيمانه و تضله لأنه يرفع يده عما هو فيه و لا يصل إلى الدرجة الأخرى فيتحير في دينه أو يكلفه من الطاعات ما لا يطيقها فيسوء ظنه بما كان يعمله فيتركهما جميعا كما مر في الباب السابق فعليه جبره أي يجب عليه جبره و ربما لا ينجبر و يلزمه إصلاح ما أفسد من إيمانه و ربما لم يصلح

6-  كا، ]الكافي[ عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن سنان عن ابن مسكان عن سدير قال قال لي أبو جعفر ع إن المؤمنين على منازل منهم على واحدة و منهم على اثنتين و منهم على ثلاث و منهم على أربع و منهم على خمس و منهم على ست و منهم على سبع فلو ذهبت تحمل على صاحب الواحدة ثنتين لم يقو و على صاحب الثنتين ثلاثا لم يقو و على صاحب الثلاث أربعا لم يقو   و على صاحب الأربع خمسا لم يقو و على صاحب الخمس ستا لم يقو و على صاحب الست سبعا لم يقو و على هذه الدرجات

 توضيح المراد بالمنازل الدرجات قوله ع على هذه الدرجات كأن المعنى و على هذا القياس الدرجات التي تنقسم هذه المنازل إليها فإن كلا منها ينقسم إلى سبعين درجة كما مر في الخبر الأول و قيل أي بقية الدرجات إلى العشر المذكور في الخبر الثاني أو المراد بالدرجات المنازل أي على هذا الوجه الذي ذكرنا تنقسم الدرجات فيكون تأكيدا و الأول أظهر

7-  كا، ]الكافي[ عن محمد عن أحمد عن علي بن الحكم عن محمد بن سنان عن الصباح بن سيابة عن أبي عبد الله ع قال ما أنتم و البراءة يبرأ بعضكم من بعض إن المؤمنين بعضهم أفضل من بعض و بعضهم أكثر صلاة من بعض و بعضهم أنفذ بصيرة من بعض و هي الدرجات

8-  لي، ]الأمالي للصدوق[ عن الهمداني عن علي عن أبيه عن نضر بن علي الجهضمي عن علي بن جعفر عن أخيه عن آبائه ع قال قال رسول الله ص من أسبغ وضوءه و أحسن صلاته و أدى زكاة ماله و خزن لسانه و كف غضبه و استغفر لذنبه و أدى النصيحة لأهل بيت رسوله فقد استكمل حقائق الإيمان و أبواب الجنة مفتحة له

9-  ل، ]الخصال[ ابن الوليد عن الصفار عن محمد بن حماد عن عبد العزيز قال دخلت على أبي عبد الله ع فذكرت له شيئا من أمر الشيعة و من أقاويلهم فقال يا عبد العزيز الإيمان عشر درجات بمنزلة السلم له عشر مراقي و ترتقي منه مرقاة بعد مرقاة فلا يقولن صاحب الواحدة لصاحب الثانية لست على شي‏ء و لا يقولن صاحب الثانية لصاحب الثالثة لست على شي‏ء حتى انتهى إلى العاشرة ثم قال   و كان سلمان في العاشرة و أبو ذر في التاسعة و المقداد في الثامنة يا عبد العزيز لا تسقط من هو دونك فيسقطك من هو فوقك و إذا رأيت الذي هو دونك فقدرت أن ترفعه إلى درجتك رفعا رفيقا فافعل و لا تحملن عليه ما لا يطيقه فتكسره فإنه من كسر مؤمنا فعليه جبره لأنك إذا ذهبت تحمل الفصيل حمل البازل فسخته

 بيان الفصيل ولد الناقة إذا فصل عن أمه و البازل اسم البعير إذا طلع نابه و ذلك في تاسع سنيه و الفسخ النقض

10-  ل، ]الخصال[ ابن إدريس عن أبيه عن الأشعري عن البرقي عن أبيه يرفعه إلى أبي عبد الله ع قال المؤمنون على سبع درجات صاحب درجة منهم في مزيد من الله عز و جل لا يخرجه ذلك المزيد من درجته إلى درجة غيره و منهم شهداء الله على خلقه و منهم النجباء و منهم الممتحنة و منهم النجداء و منهم أهل الصبر و منهم أهل التقوى و منهم أهل المغفرة

11-  ل، ]الخصال[ عن أبيه عن سعد عن ابن عيسى عن ابن محبوب عن عمار بن أبي الأحوص قال قلت لأبي عبد الله ع إن عندنا أقواما يقولون بأمير المؤمنين ع و يفضلونه على الناس كلهم و ليس يصفون ما نصف من فضلكم أ نتولاهم فقال لي نعم في الجملة أ ليس عند الله ما لم يكن عند رسول الله و لرسول الله ص من عند الله ما ليس لنا و عندنا ما ليس عندكم و عندكم ما ليس عند غيركم إن الله تبارك و تعالى وضع الإسلام على سبعة أسهم على الصبر و الصدق و اليقين و الرضا و الوفاء و العلم و الحلم ثم قسم ذلك بين الناس فمن جعل فيه هذه السبعة الأسهم فهو كامل الإيمان محتمل ثم قسم لبعض الناس السهم و لبعض السهمين و لبعض الثلاثة الأسهم و لبعض الأربعة الأسهم و لبعض الخمسة الأسهم و لبعض الستة الأسهم و لبعض السبعة الأسهم   فلا تحملوا على صاحب السهم سهمين و لا على صاحب السهمين ثلاثة أسهم و لا على صاحب الثلاثة أربعة أسهم و لا على صاحب الأربعة خمسة أسهم و لا على صاحب الخمسة ستة أسهم و لا على صاحب الستة سبعة أسهم فتثقلوهم و تنفروهم و لكن ترفقوا بهم و سهلوا لهم المدخل و سأضرب لك مثلا تعتبر به إنه كان رجل مسلم و كان له جار كافر و كان الكافر يرفق المؤمن فأحب المؤمن للكافر الإسلام و لم يزل يزين له الإسلام و يحببه إلى الكافر حتى أسلم فغدا عليه المؤمن فاستخرجه من منزله فذهب به إلى المسجد ليصلي معه الفجر في جماعة فلما صلى قال له لو قعدنا نذكر الله عز و جل حتى تطلع الشمس فقعد معه فقال لو تعلمت القرآن إلى أن تزول الشمس و صمت اليوم كان أفضل فقعد معه و صام حتى صلى الظهر و العصر فقال لو صبرت حتى تصلي المغرب و العشاء الآخرة كان أفضل فقعد معه حتى صلى المغرب و العشاء الآخرة ثم نهضا و قد بلغ مجهوده و حمل عليه ما لا يطيق فلما كان من الغد غدا عليه و هو يريد به مثل ما صنع بالأمس فدق عليه بابه ثم قال له اخرج حتى نذهب إلى المسجد فأجاب أن انصرف عني فإن هذا دين شديد لا أطيقه فلا تخرقوا بهم أ ما علمت أن إمارة بني أمية كانت بالسيف و العسف و الجور و أن إمامتنا بالرفق و التألف و الوقار و التقية و حسن الخلطة و الورع و الاجتهاد فرغبوا الناس في دينكم و فيما أنتم فيه

 بيان الخرق بالضم و بالتحريك ضد الرفق و أن لا يحسن الرجل العمل و التصرف في الأمور ذكره الفيروزآبادي

12-  ل، ]الخصال[ في وصية النبي ص لعلي ع يا علي سبعة من كن فيه فقد استكمل حقيقة الإيمان و أبواب الجنة مفتحة له من أسبغ وضوءه و أحسن صلاته و أدى زكاة ماله و كف غضبه و سجن لسانه و استغفر لذنبه و أدى النصيحة لأهل بيت نبيه

    -13  شي، ]تفسير العياشي[ عن عمار بن مروان قال سألت أبا عبد الله ع عن قول الله أَ فَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَ اللَّهِ كَمَنْ باءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ وَ مَأْواهُ جَهَنَّمُ وَ بِئْسَ الْمَصِيرُ فقال هُمْ الأئمة و الله يا عمار دَرَجاتٌ للمؤمنين عِنْدَ اللَّهِ و بموالاتهم و بمعرفتهم إيانا يضاعف الله للمؤمنين حسناتهم و يرفع لهم الدرجات العلى و أما قوله يا عمار كَمَنْ باءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ إلى قوله الْمَصِيرُ فهم و الله الذين جحدوا حق علي بن أبي طالب ع و حق الأئمة منا أهل البيت فباءوا لذلك بسخط من الله و عن أبي الحسن الرضا ع أنه ذكر قول الله هُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ اللَّهِ قال الدرجة ما بين السماء إلى الأرض

14-  شي، ]تفسير العياشي[ عن أبي عمرو الزبيري عن أبي عبد الله ع قال بالزيادة في الإيمان تفاضل المؤمنون بالدرجات عند الله قلت و إن للإيمان درجات و منازل يتفاضل بها المؤمنون عند الله فقال نعم قلت صف لي ذلك رحمك الله حتى أفهمه قال ما فضل الله به أولياءه بعضهم على بعض فقال تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَ رَفَعَ بَعْضَهُمْ فوق بعض دَرَجاتٍ الآية و قال وَ لَقَدْ فَضَّلْنا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلى بَعْضٍ و قال انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ وَ لَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجاتٍ و قال هُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ اللَّهِ فهذا ذكر درجات الإيمان و منازله عند الله

    -15  شي، ]تفسير العياشي[ عن أبي بصير عن أبي عبد الله ع قال لا نقول درجة واحدة إن الله يقول درجات بعضها فوق بعض إنما تفاضل القوم بالأعمال

16-  شي، ]تفسير العياشي[ عن عبد الرحمن بن كثير قال قال أبو عبد الله ع يا عبد الرحمن شيعتنا و الله لا يتيحهم الذنوب و الخطايا هم صفوة الله الذين اختارهم لدينه و هو قول الله ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ

17-  شي، ]تفسير العياشي[ عن داود بن الحصين عن أبي عبد الله ع قال سألته عن قول الله وَ مِنَ الْأَعْرابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ وَ يَتَّخِذُ ما يُنْفِقُ قُرُباتٍ عِنْدَ اللَّهِ أ يثيبهم عليه قال نعم و في رواية أخرى عنه يثابون عليه قال نعم

18-  شي، ]تفسير العياشي[ عن أبي عمرو الزبيري عن أبي عبد الله ع قال إن الله عز و جل سبق بين المؤمنين كما سبق بين الخيل يوم الرهان قلت أخبرني عما ندب الله المؤمن من الاستباق إلى الإيمان قال قول الله سابِقُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَ جَنَّةٍ عَرْضُها كَعَرْضِ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَ رُسُلِهِ و قال السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ و قال السَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَ الْأَنْصارِ وَ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَ رَضُوا عَنْهُ فبدأ بالمهاجرين على درجة سبقهم ثم ثنى بالأنصار ثم ثلث بالتابعين لهم بإحسان فوضع كل قوم على درجاتهم و منازلهم عنده

19-  شي، ]تفسير العياشي[ عن محمد بن خالد بن الحجاج الكرخي عن بعض أصحابه رفعه   إلى خيثمة قال قال أبو جعفر ع في قول الله خَلَطُوا عَمَلًا صالِحاً وَ آخَرَ سَيِّئاً عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ و عسى من الله واجب و إنما نزلت في شيعتنا المؤمنين

20-  شي، ]تفسير العياشي[ عن أحمد بن محمد بن أبي نصر رفعه إلى الشيخ في قوله خَلَطُوا عَمَلًا صالِحاً وَ آخَرَ سَيِّئاً قال قوم اجترحوا ذنوبا مثل قتل حمزة و جعفر الطيار ثم تابوا ثم قال و من قتل مؤمنا لم يوفق للتوبة إلا أن الله لا يقطع طمع العباد فيه و رجاءهم منه و قال هو أو غيره إن عسى من الله واجب

21-  شي، ]تفسير العياشي[ عن الحلبي عن زرارة و حمران و محمد بن مسلم عن أحدهما قال المعترف بذنبه قوم اعترفوا بذنوبهم خَلَطُوا عَمَلًا صالِحاً وَ آخَرَ سَيِّئاً

22-  شي، ]تفسير العياشي[ عن أبي بكر الحضرمي قال قال محمد بن سعيد سل أبا عبد الله ع فأعرض عليه كلامي و قل له إني أتولاكم و أبرأ من عدوكم و أقول بالقدر أ قولي فيه قولك قال فعرضت كلامه على أبي عبد الله ع فحرك يده ثم قال خَلَطُوا عَمَلًا صالِحاً وَ آخَرَ سَيِّئاً عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ قال ثم قال ما أعرفه من موالي أمير المؤمنين قلت يزعم أن سلطان هشام ليس من الله فقال ويله ما له ويله أ ما علم أن الله جعل لآدم دولة و لإبليس دولة

    بيان كأن ابن سعيد كان يقول بالتفويض و كان لا يقول بمدخلية هداية الله تعالى و توفيقه و خذلانه في أعمال العباد و هذا هو مراده بالقول بالقدر فلذا عده ع من الذين خَلَطُوا عَمَلًا صالِحاً وَ آخَرَ سَيِّئاً و حرك يده مترددا في قبوله و رده و قال ما أعرفه من موالي أمير المؤمنين لهذا القول و يحتمل أن يكون من موالي أمير المؤمنين استفهاما من السائل فقال أبو بكر إنه يزعم أنه ليس لله مدخل أصلا في سلطنة هشام بن عبد الملك و كان من خلفاء بني أمية فأنكر ع هذا القول و قال إن الله جعل لإبليس دولة و لخذلانه تعالى و ترك ألطافه بالنسبة إلى العباد لعدم استحقاقهم بسوء أعمالهم مدخل في ذلك كذا خطر بالبال و الله أعلم بحقيقة المقال

23-  شي، ]تفسير العياشي[ عن زرارة عن أبي جعفر ع في قول الله وَ آخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صالِحاً وَ آخَرَ سَيِّئاً قال أولئك قوم مذنبون يحدثون في إيمانهم من الذنوب التي يعيبها المؤمنون و يكرهها فأولئك عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ

24-  شي، ]تفسير العياشي[ عن زرارة عن أبي جعفر ع قال قلنا له من وافقنا من علوي أو غيره توليناه و من خالفنا برئنا منه من علوي أو غيره قال يا زرارة قول الله أصدق من قولك أين الذين خَلَطُوا عَمَلًا صالِحاً وَ آخَرَ سَيِّئاً

25-  شي، ]تفسير العياشي[ عن جابر عن أبي جعفر ع وَ لَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَ لَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ قال هم المؤمنون من هذه الأمة

26-  كش، ]رجال الكشي[ عن محمد بن مسعود عن محمد بن نصير قال حدثني محمد بن عيسى و حمدويه عن محمد بن عيسى عن القاسم الصيقل رفع الحديث إلى أبي عبد الله ع قال كنا جلوسا عنده فتذاكرنا رجلا من أصحابنا فقال بعضنا ذلك ضعيف فقال أبو عبد الله ع إن كان لا يقبل ممن دونكم حتى يكون مثلكم لم يقبل منكم حتى تكونوا مثلنا

    -27  ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ عن الحسين بن عبيد الله عن التلعكبري عن ابن عقدة عن يعقوب بن يوسف عن الحصين بن مخارق عن جعفر بن محمد عن أبيه أن عليا ع وفد إليه رجل من أشراف العرب فقال له علي ع هل في بلادك قوم قد شهروا أنفسهم بالخير لا يعرفون إلا به قال نعم قال فهل في بلادك قوم قد شهروا أنفسهم بالشر لا يعرفون إلا به قال نعم قال فهل في بلادك قوم يجترحون السيئات و يكتسبون الحسنات قال نعم قال تلك خيار أمة محمد ص النمرقة الوسطى يرجع إليهم الغالي و ينتهي إليهم المقصر

 بيان لعل المراد بالفرقة الأولى قوم من أرباب البدع و المراءين شهروا أنفسهم بالخير فلذا فضل عليهم الفرقة الأخيرة أو المراد أن تلك أيضا من الخيار

28-  كنز الكراجكي، قال قال رسول الله ص الإيمان في عشرة المعرفة و الطاعة و العلم و العمل و الورع و الاجتهاد و الصبر و اليقين و الرضا و التسليم فأيها فقد صاحبه بطل نظامه