فصل في الاستحاضة

[ (فصل في الاستحاضة) دم الاستحاضة من الاحداث الموجبة للوضوء والغسل (1) إذا خرج إلى خارج الفرج ولو بمقدار رأس إبرة، ويستمر حدثها ما دام في الباطن باقيا، بل الاحوط إجراء أحكامها إن خرج من العرق المسمى بالعاذل إلى فضاء الفرج (2) وإن لم يخرج إلى خارجه. وهو في الاغلب أصفر بارد (3) رقيق (4) ] (فصل في الاستحاضة) (1) على تفصيل يأتي. (2) تقدم في الحيض وجه الاشكال في إجراء أحكامه إذا خرج إلى فضاء الفرج، ولم يخرج إلى الخارج، والكلام فيه جار في المقام بعينه. (3) كما هو المشهور، لمصحح حفص: " دم الاستحاضة أصفر بارد " (* 1)، وقد وصف بالبرودة في صحيح معاوية (* 2)، وموثق اسحاق ابن جرير (* 3). وعن المقنعة (* 4) عدم التعرض للصفرة. (4) ذكره مع الاولين جماعة كثيرة، منهم: الفاضلان والشهيدان والمحقق الثاني فيما حكي عنهم. وقد يظهر من محكي المعتبر والذكرى: التردد فيه، بل ظاهر ما عن المبسوط وغيره من الاقتصار على الاولين عدمه، وكأنه لعدم ظهور دليل عليه غير ما عن دعائم الاسلام: " دم الاستحاضة

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 3 من أبواب الحيض حديث: 2 (* 2) الوسائل باب: 3 من أبواب الحيض حديث: 1 (* 3) الوسائل باب: 3 من أبواب الحيض حديث: 3 (* 4) صفحة: 7

 

===============

 

( 377 )

 

[ يخرج بغير قوة (1) ولذع وحرقة (2)، بعكس الحيض، وقد يكون بصفة الحيض (3). وليس لقليله ولا لكثيره حد (4) وكل دم ليس من القرح أو الجرح ولم يحكم بحيضيته فهو محكوم بالاستحاضة (5)، بل لو شك فيه ] دم رقيق " (* 1)، وعن الرضوي: " إن دمها يكون رقيقا ". (* 2) نعم في صحيح علي بن يقطين: " في النفساء تدع الصلاة ما دامت ترى الدم عبيطا إلى ثلاثين يوما، فإذا رق وكان صفرة اغتسلت وصلت " (* 3). لكن لم يظهر منه كون الدم حينئذ استحاضة. مع أن الصحيح مهجور. ولعل الوجه في ثبوته كونه الغالب، أو ملازمته للفساد المنصوص عليه في بعض النصوص. (1) يعني بفتور. وعن بعض: الظاهر نفي الخلاف فيه. ويدل عليه توصيف الحيض بالدفع في مقام التمييز بينه وبين الاستحاضة. (2) هذان راجعان إلى وصف البرودة. (3) إتفاقا، كما إذا كان فاقدا لحدود الحيض. (4) بلا خلاف، لاطلاق الادلة. (5) كما في الشرائع والقواعد، وعن جملة من كتب العلامة، والبيان وجامع المقاصد والمدارك والكفاية وكشف اللثام، بل عن شرح المفاتيح: نسبته إلى الفقهاء. نعم موضوع كلامهم ما ليس بحيض، لكنه راجع إلى ما في المتن. وكأن عدم التعرض لدم النفاس لكون مورد كلامهم غير النفساء، أو لاكتفائهم بذكر الحيض عن ذكره، كما في كشف اللثام.

 

 

____________

(* 1) مستدرك الوسائل باب: 3 من أبواب الحيض حديث: 2 (* 2) مستدرك الوسائل باب: 3 من أبواب الحيض حديث: 3 (* 4) الوسائل باب: 3 من أبواب النفاس حديث: 16

 

===============

 

( 378 )

 

وهذا الحكم واضح جدا بناء على انحصار دم المرأة في الدماء المذكورة لان انتفاء ما عدا الاستحاضة يلازم كونه استحاضة. وحينئذ تكون القاعدة المذكورة قاعدة واقعية، وقصد التنبيه فيها على انحصار الدم في الاقسام المذكورة. وحينئذ لا يحكم بكونه استحاضة حتي يعلم بانتفاء ما عداها ولو بقيام حجة على انتفائه، أما مع الشك فيه فلا مجال للحكم بها، لان أصالة عدمه لو تمت - بناء على حجية الاصل في العدم الازلي - لا تصلح لا ثبات كونه استحاضة إلا بناء على القول بالاصل المثبت. مع أنها معارضة بأصالة عدمها. أما بناء على عدم الانحصار في الاقسام المذكورة فيشكل الحكم بالاستحاضة بنحو القاعدة الكلية، وإن علم أنه ليس بحيض ولا من جرح أو قرح. وأغلبيته في النساء بعد الحيض لا دليل على اعتبارها في المقام. وأصالة عدم وجود سبب غيرها قد عرفت أنها - لو تمت - فهي من الاصل المثبت ومعارضة. وأخبار الاستظهار والمستمرة الدم - لو سلم إطلاق الحكم فيها بالاستحاضة بمجرد انتفاء الحيض، بنحو يشمل صورة احتمال وجود دم آخر غير ما ذكر - فلا عموم فيها يشمل جميع أقسام ذات الدم. وإلغاء خصوصية موردها غير ظاهر. ومنه يظهر الاشكال فيما قواه في الجواهر من الحكم بالاستحاضة عند انتفاء الحيض ما لم يعلم أنه من قرح أو جرح. وأضعف منه ما عن المدارك من الحكم بالاستحاضة للواجد لصفاتها لادلة الصفات، دون ما عداه لعدم الدليل عليه. ووجه الضعف: ما عرفت في مبحث الحيض من عدم صلاحية تلك الادلة لاثبات حجيتها مطلقا عند التردد بينها وبين الحيض، فضلا عن صورة التردد بينهما وبين غيرهما. ومثله ما عن بعض من التفصيل بين صورة العلم بوجود القرح أو الجرح فلا يحكم بالاستحاضة، وبين صورة

 

===============

 

( 379 )

 

الشك فيحكم بها، اعتمادا في الثاني على أصالة عدم غيرها، غير المعارضة بأصالة عدمها لمخالفتها للغلبة، وفي الاول على عدم جريان أصالة عدم غيرها للعلم بوجوده. إذ فيه: ما عرفت من أن أصالة عدم غيرها لا تصلح لاثباتها وأن الغلبة ليست بحجة. وأن العلم بوجود الجرح لا ينافي أصالة عدم كون الدم منه. ومثله أيضا التفصيل بين ما كان دون الثلاثة - فلا يحكم بها، لما في مرسل يونس -: فيمن رأت يوما أو يومين وانقطع - من قوله (ع) " ليس من الحيض، إنما كان من علة: إما قرحة في جوفها وإما من الجوف " (* 1)، حيث لم يحكم (ع) بأنه استحاضة - وبين غيره للغلبة. وفيه: ما عرفت من عدم حجية الغلبة. وعدم حجية المرسل. وعدم دلالته على نفي الاستحاضة لوروده في مقام نفي الحيض لا غير. هذا كله بناء على أن مراد الجماعة من القاعدة المذكورة بيان قاعدة خارجية، أما بناء على أن مرادهم قاعدة شرعية، فيكفي في ثبوت الاستحاضة جريان أصالة عدم كون الدم حيضا، أو من جرح أو من قرح، لان ذلك العدم بمنزلة الموضوع للاستحاضة، فالاصل الجاري فيه يكفي في ثبوت حكمه. ولا يعارضه أصالة عدم كونه استحاضة، لانه أصل مسببي لا يصلح لمعارضة الاصل السببي. وأما ما ذكره المصنف (ره) فهو في بدو النظر يخالف ما ذكره الجماعة فان ما لم يحكم بحيضيته أعم مما حكم بعدم حيضيته، لكن الظاهر رجوعه إليه، لانه بناء على قاعدة الامكان لا يوجد دم لم يحكم بحيضيته إلا لوجود مانع عن الحكم بحيضيته، فهذا المانع موجب للحكم بعدم حيضيته، فكل ما لم يحكم بحيضيته محكوم بعدم حيضيته، وفي المورد الذي تتعارض فيه قاعدة

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 12 من أبواب الحيض حديث: 2

 

===============

 

( 380 )

 

الامكان - كما تقدم في مبحث قاعدة الامكان - لما قام الاجماع على لزوم الاختيار فما تختاره يكون حيضا، وغيره يمتنع أن يكون حيضا، فيكون استحاضة. نعم الموارد التي لا يحرز فيها الامكان - بناء على أن المراد منه الامكان القياسي - لا يدخل الدم فيها في القاعدة، بناء على عبارة الاصحاب ويدخل فيها بناء على عبارة المصنف (ره)، ومقتضاه الحكم بالاستحاضة حينئذ ووجهه غير ظاهر. ثم إن حمل كلام الجماعة على كون مرادهم بيان انحصار الدم واقعا في الاقسام المذكورة غير بعيد، وحمله على إرادة بيان أن موضوع الاستحاضة هو الدم الذي ليس بحيض ولا من جرح ولا من قرح - على أن يكون العدم المذكور قيدا شرعيا في موضوع الاستحاضة - بعيد، إذ لم يتضمن ذلك دليل كى يبنى عليه. نعم إن مقتضى الاطلاقات المقامية لادلة أحكام الاستحاضة - كاخبار مستمرة الدم. وأخبار الاستظهار، وغيرها، وعدم التعرض فيها لتحديد الاستحاضة بالحدود الذاتية أو العرضية إلا في ظرف كون الدم غير دم الحيض المتكون في الرحم، جريا على مقتضى الخلقة الاصلية - هو أن دم الاستحاضة مطلق الدم الخارج من الرحم مقابل الحيض، ففي مصحح ابن مسلم عن أبي جعفر (ع): " إذا أرادت الحائض أن تغتسل فلتستدخل قطنة، فان خرج فيها شئ من الدم فلا تغتسل، وإن لم تر شيئأ فلتغتسل، وان رأت بعد ذلك صفرة فلتتوضأ ولتصل " (* 1)، وفي مرسل يونس عن أبي عبد الله (ع) في حديث -: "... فإذا رأت المرأة الدم في أيام حيضها تركت الصلاة، فان استمر بها الدم ثلاثة أيام فهي حائض، وإن

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 17 من أبواب الحيض حديث: 1

 

===============

 

( 381 )

 

انقطع الدم بعدما رأته يوما أو يومين اغتسلت وصلت. ثم قال: فعليها أن تعيد الصلاة تلك (كذا) اليومين التي تركتها، لانها لم تكن حائضا " (* 1) وفي مصحح الحسين بن نعيم الصحاف الوارد في الحامل: " إذا رأت الحامل الدم بعدما يمضي عشرون يوما من الوقت... إلى أن قال (ع): فإن ذلك ليس من الرحم ولا من الطمث، فلتتوضأ وتحتش بكرسف وتصل " (* 2) وفي رواية إسحاق بن عمار في الحبلى ترى الدم اليوم واليومين: " وإن كان صفرة فلتغتسل عند كل صلاتين " (* 3)، ونحوه مرسل ابراهيم عن محمد ابن مسلم الوارد في الحامل (* 4)، وصحيح صفوان عن أبي الحسن (ع): " فيمن رأت الدم عشرة أيام ثم رأت الطهر ثم رأت الدم بعد ذلك، أتمسك عن الصلاة؟ قال (ع): لا، هذه مستحاضة، تغتسل وتستدخل قطنة بعد قطنة وتجمع بين صلاتين بغسل " (* 5)، وفي خبر يونس عن أبي عبد الله (ع): " المرأة ترى الدم ثلاثة أيام أو أربعة أيام، قال (ع) تدع الصلاة تصنع ما بينها وبين شهر، فان انقطع عنها الدم وإلا فهي بمنزلة المستحاضة " (* 6)، ونحوه خبر أبي بصير عن أبي عبد الله (ع): " في المرأة ترى الدم خمسة أيام، والطهر خمسة أيام، وترى الدم أربعة أيام وترى الطهر ستة أيام، قال (ع): فإذا تمت ثلاثون يوما فرأت دما صبيبا اغتسلت واستثفرت واحتشت بالكرسف في وقت كل صلاة، فان رأت صفرة توضأت " (* 7)، ونحوها غيرها. والمستفاد منها هو الحكم بأن الدم

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 14 من أبواب الحيض حديث: 3 (* 2) الوسائل باب: 30 من أبواب الحيض حديث: 3 (* 3) الوسائل باب: 30 من أبواب الحيض حديث: 6 (* 4) الوسائل باب: 30 من أبواب الحيض حديث: 16 (* 5) الوسائل باب: 1 من أبواب الاستحاضة حديث: 3 (* 6) الوسائل باب: 6 من أبواب الحيض حديث: 2 (* 7) الوسائل باب: 6 من أبواب الحيض حديث 3

 

===============

 

( 382 )

 

الخارج من الرحم استحاضة بمجرد تعذر كونه دم حيض، من غير فرق بين كونه من جرح أو قرح داخل أو من غير ذلك. ويشير إليه ما في مرسلة يونس الطويلة من قول الصادق (ع): " وسئل عن المستحاضة فقال: إنما ذلك عرق عابر أو ركضة من الشيطان " (* 1)، وفي رواية زريق: " فانما ذلك من فتق في الرحم " (* 2). ولا يبعد أن يكون مراد الجماعة من قولهم: " وليس بجرح ولا قرح " أنه ليس بجرح ولا قرح كائنين في فضاء الفرج - كما تقدم فرضهما في أول الحيض - لا ما يشمل الجرح والقرح الكائنين في داخل الرحم، وإلا فهو شئ لا دليل عليه، وإطلاق النصوص ينفيه. وما عن الصحاح وفي القاموس - من أن دم الاستحاضة يخرج من عرق العاذل - غير ثابت. وحينئذ فإذا علم بكون الدم خارجا من الرحم ولم يكن حيضا لفقد بعض حدوده حكم بأنه استحاضة، وإن علم أنه من جرح فيه أو قرح فيه. وإن تردد الدم بين كونه خارجا من الرحم أو من الفرج لم يكن وجه للحكم بكونه استحاضة. وأخبار الاستظهار والمستمرة الدم وغيرها موردها خصوص الاول فلا تشمل الثاني. وقد عرفت حال الغلبة والاصول. نعم النصوص جميعها موردها البالغة غير اليائسة، فتعميم الحكم لدم غيرها غير ظاهر. هذا والظاهر أن الصفرة المذكورة في بعض النصوص ليست ملحوظة قيدا للموضوع وإنما لو حظت طريقا إليه والى نفي الحيض، فإذا علم بانتفاء الحيض اعتبار بها.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 5 من أبواب الحيض حديث: 1 (* 2) الوسائل باب: 30 من أبواب الحيض حديث: 17

 

===============

 

( 383 )

 

[ ولم يعلم بالامارات كونه من غيرها (1) يحكم عليه بها على الاحوط. ] (1) صورة ما إذا لم يعلم كونه من الحيض داخلة فيما سبق، الذي جزم بالاستحاضة فيه. وأما صورة ما إذا لم يعلم أنه من جرح أو قرح، فان كان الجرح والقرح داخلين فقد عرفت الحكم بالاستحاضة، وإن علم أن الدم منهما، وإن كان في فضاء الفرج فلا دليل على الحكم بالاستحاضة مع الاحتمال. لقصور النصوص عن شمول ذلك كما عرفت، وإن كان الاحوط إجراء حكم الاستحاضة عليه كما نبه عليه المصنف (ره). والذي يتحصل مما ذكرنا أمور: (الاول): أن عبارة المصنف لا توافق عبارة الاصحاب. (الثاني): أن الجرح والقرح المذكورين في موضوع القاعدة لابد أن يكون المراد منهما الخارجين الواقعين في فضاء الفرج، لا ما يعم الواقعين في داخل الرحم، فان ذلك خلاف إطلاق النصوص. (الثالث): أن هذه القاعدة ليست شرعية مستفادة من الدليل كى يمكن إثبات الاستحاضة بأصالة عدم الحيض أو الجرح أو القرح - بناء على صحة جريان الاصل المذكور - بل هي واقعية لازمة للمستفاد من الادلة من انحصار الدم الداخل في الحيض والاستحاضة فلا يصلح الاصل لاثبات موضوعها. (الرابع): أنه مع الشك في كون الدم خارجا من الداخل أو من الخارج جرحا أو قرحا لا يرجع إلى قاعدة الامكان، ولا إلى هذه القاعدة، للشك في موضوعهما وهو الدم الداخل، بل يرجع إلى قواعد أخر مثل: استصحاب الطهارة، أو قاعدة الاشتغال، أو نحوهما من الاصول الموضوعية أو الحكمية كما تقدمت الاشارة إليه في مسألة اشتباه الحيض بدم القرحة أو العذرة.

 

===============

 

( 384 )

 

[ (مسألة 1): الاستحاضة ثلاثة أقسام: قليلة، ومتوسطة وكثيرة، فالاولى: أن تتلوث القطنة بالدم من غير غمس فيها (1)، وحكمها وجوب الوضوء لكل صلاة (2) ] (1) كما عن جملة من كتب العلامة والشهيد وغيرهما، وعن الخلاف والشرائع والدروس والذكرى وغيرها: التعبير بعدم الثقب، وعن المصباح ومختصره: التعبير بعدم الظهور على القطنة، وعن المقنعة والمبسوط والمراسم وغيرها: التعبير بعدم الرشح، والظاهر أن مراد الجميع واحد، كما يشهد به عدم تحريرهم الخلاف المذكور. وفي جامع المقاصد وعن تلميذه شارح الجعفرية: الغمس والثقب والظهور واحد قطعا. (2) في المعتبر: نسبته إلى الخمسة، ولم ينقل الخلاف فيه إلا عن بعض المخالفين، وعن جماعة: نسبته إلى المشهور، وعن الناصريات والخلاف وظاهر الغنية والتذكرة: الاجماع عليه، وفي جامع المقاصد: نسبة الخلاف في وجوب الوضوء إلى ابن أبي عقيل وفي نفي الغسل إلى ابن الجنيد، وادعى اجماع الاصحاب بعدهما على خلافهما. ويشهد له ما في مصحح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع): " وان كان الدم لا يثقب الكرسف توضأت ودخلت المسجد وصلت كل صلاة بوضوء " (* 1)، وموثق زرارة عن أبي جعفر (ع): " عن الطامث تقعد بعدد أيامها كيف تصنع؟ قال (ع): تستظهر بيوم أو يومين ثم هي مستحاضة، فلتغتسل وتستوثق من نفسها وتصلي كل صلاة بوضوء ما لم ينفذ الدم، فإذا نفذ اغتسلت وصلت " (* 2)، وبهما يقيد ما دل على وجوب

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 1 من أبواب الاستحاضة حديث: 1 (* 2) الوسائل باب: 1 من أبواب الاستحاضة حديث: 9

 

===============

 

( 385 )

 

الاغتسال مرة كصحيح زرارة عن أبي جعفر (ع): " وان لم يجز الدم الكرسف صلت بغسل واحد " (* 1)، أو ثلاث مرات، كمصحح ابن سنان: " المستحاضة التي لا تطهر تغتسل عند صلاة الظهر وتصلي الظهر والعصر، ثم تغتسل عند المغرب فتصلي المغرب والعشاء، ثم تغتسل عند الصبح فتصلي الفجر " (* 2)، وعليهما يحمل ما في مصحح الصحاف عن أبي عبد الله (ع): " قان كان الدم فيما بينها وبين المغرب لا يسيل من خلف الكرسف فلتوضأ ولتصل في وقت كل صلاة " (* 3)، وما في رواية ابن أبي يعفور عن أبي عبد الله (ع): " فان ظهر على الكرسف زادت كرسفها وتوضأت وصلت "، (* 4) فيحملان على ما إذا لم يثقب الدم الكرسف نعم قد يعارضها موثق سماعة: " المستحاضة إذا ثقب الدم الكرسف اغتسلت لكل صلاتين وللفجر غسلا، وإن لم يجز الدم الدم الكرسف فعليها الغسل لكل يوم مرة والوضوء لكل صلاة، وإن أراد زوجها أن يأتيها فحين تغتسل، هذا إن كان الدم عبيطا وان كان صفرة فعليها الوضوء " (* 5)، ومقتضى ذيله وجوب الوضوء فقط للصفرة مطلقا، وإن كان مع الانغماس أو السيلان. ومثله في ذلك صحيح محمد بن مسلم عن أبي عبد الله (ع): " وإن رأت الصفرة في غير أيامها توضأت وصلت " (* 6)، وخبر ابن جعفر (ع) عن أخيه (ع): " ما دامت ترى الصفرة فلتتوضأ من الصفرة وتصل، ولا غسل عليها من صفرة تراها إلا في أيام طمثها " (* 7)، وخبره

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 1 من أبواب الاستحاضة حديث: 5 (* 2) الوسائل باب: 1 من أبواب الاستحاضة حديث: 4 (* 3) الوسائل باب: 1 من أبواب الاستحاضة حديث: 7 (* 4) الوسائل باب: 1 من أبواب الاستحاضة حديث: 13 (* 5) الوسائل باب: 1 من أبواب الاستحاضة حديث: 6 (* 6) الوسائل باب: 4 من أبواب الحيض حديث: 1 (* 7) الوسائل باب: 8 من أبواب الحيض حديث: 8

 

===============

 

( 386 )

 

الآخر: فان رأت صفرة بعد غسلها فلا غسل عليها يجزئها الوضوء عند كل صلاة " (* 1). نعم يعارضها في ذلك خبر اسحاق بن عمار عن أبي عبد الله (ع) المتقدم في الحبلى: " وإن كان صفرة فلتغتسل عند كل صلاتين " (* 2)، ونحوه صحيح ابن الحجاج في النفساء (* 3). لكن يتعين الجمع بينها بحمل الاخيرة على الصفرة الكثيرة، والاولى على القليلة بشهادة خبر محمد بن مسلم عن أحدهما (ع) في الحبلي: " وإن كان قليلا أصفر فليس عليها الا الوضوء " (* 4). وعليه فيكون مقتضى الجمع العرفي بين جميع النصوص: أن الدم إن كان حمرة ثاقبة فعليها أغسال ثلاثة وان لم يجز الدم الكرسف، وإن كانت غير ثاقبة فعليها غسل واحد، والصفرة إن كانت قليلة عرفا فعليها الوضوء لكل صلاة وإن كانت كثيرة عرفا فعليها الاغسال الثلاثة، كما ذكره الاستاذ (ره) في رسالة الدماء معترضا به على المشهور. ويمكن الخدش فيه (أولا): بأن مقتضى التقابل بين الشرطيتين في موثق سماعة كون إحداهما مفهوما للاخرى، وحينئذ كما يمكن حمل الشرط في الثانية على معنى عدم ثقب الدم للكرسف يمكن حمل الشرط في الاولى على معنى الدم من الكرسف أيضا، بل الثاني أظهر، وحينئذ يكون إطلاق الشرطية الثانية مقيدا بما سبق حملا للمطلق على المقيد. (وثانيا): بأن ظاهر التعبير بالصفرة في ذيل الموثق إرادة القليلة بالمعنى المشهور، لظهوره في كون الدم لقلته لا يرى إلا لونا محضا بلا جوهرية له، فلا إطلاق له

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 4 من أبواب الحيض حديث: 7 (* 2) الوسائل باب: 30 من أبواب الحيض حديث: 6 (* 3) الوسائل باب: 5 من أبواب النفاس حديث: 2 (* 4) الوسائل باب: 30 من أبواب الحيض حديث: 16

 

===============

 

( 387 )

 

[ فريضة كانت أو نافلة (1) ] يشمل النافذ فضلا عن السائل حتى يتكلف للجمع بينه وبين غيره بالحمل على القليل العرفي. مضافا إلى أن خبر ابن مسلم لضعفه لا يصلح للشهادة على الجمع المذكور. (وثالثا): بأن النصوص المتقدمة الدالة على وجوب الوضوء فقط كالصريحة في أن موضوعها هو موضوع وجوب الغسل، وأن الاختلاف في الحكم إنما جاء من جهة النفوذ وعدمه، فيمتنع حملها على خصوص الصفرة فلاحظ. نعم يبقى الاشكال فيما دل على وجوب الغسل للصفرة فان حمله على المتوسطة والكثيرة خلاف الظاهر كما عرفت، لكن لا مجال للاخذ به بعد مخالفته المشهور، ولا سيما بعد دعوى الاجماع عليه ممن تقدم فان ذلك موجب لوهن ما دل من النصوص على خلافه لو كان. ومما ذكرنا يظهر ضعف ما عن العماني من نفي حدثية هذا القسم أصلا استصحابا للطهارة. وتمسكا باطلاق حصر نواقض الوضوء بغيرها. ومثله ما عن الاسكافي من وجوب الغسل مرة اعتمادا على إطلاق مثل صحيح زرارة السابق، إذ قد عرفت أنه يجب حمله على ما سبق حملا للمطلق على المقيد. (1) كما صرح به غير واحد، في كشف اللثام: " ولا فرق بين الفرائض والنوافل، فلا تجمع بين فريضة ونافلة بوضوء، وفاقا للتذكرة والمنتهى ونهاية الاحكام والمعتبر ". وفي المنتهى: نسبته إلى الاشهر عندنا. ويدل عليه العموم في صحيح معاوية وموثق زرارة. نعم قد يظهر من مصحح الصحاف الاكتفاء بالوضوء في كل وقت صلاة، وقد يشير إلى ذلك غيره أيضا، وعليه عول في المبسوط، قال: وإذا توضأت لفريضة صلت معها من النوافل ما شاءت "، وتبعه في المهذب. لكنه لا يصلح لمعارضة ما سبق، لامكان حمله على ما سبق جمعا بينهما، ولا سيما وكون التجديد لكل صلاة

 

===============

 

( 388 )

 

[ وتبديل القطنة (1) أو تطهيرها. والثانية: أن يغمس الدم في القطنة ولا يسيل إلى خارجها من الخرقة، ويكفي الغمس في بعض أطرافها (2)، وحكمها - مضافا إلى ما ذكر (3) ] مقتضى الاصل للشك في حصول الطهارة الحكمية بدونه، فان الظاهر من النص والفتوى كون دم الاستحاضة حدثا مطلقا. (1) كما هو المشهور، بل عن ظاهر الناصريات والغنية والتذكرة وجامع المقاصد: أنه إجماع، وفي المنتهى: " لا خلاف عندنا في وجوب الابدال "، وليس عليه دليل ظاهر كما اعترف به غير واحد، قال في كشف اللثام: " لم يذكره الصدوقان والقاضي ولا ظفرت بخبر يدل عليه ". نعم قد يستفاء مما ورد في المتوسطة (* 1) - لكنه موقوف على عدم الفصل - أو مما دل على المنع من حمل النجاسة في الصلاة وقد عرفت أنه محل تأمل، ولا سيما في مثل المقام مما لا تتم به الصلاة ويكون من الباطن فالعمدة الاجماع لو تم. (2) يعني: ينفذ إلى بعض الاطراف من الجانب الآخر. ودليل الاكتفاء إطلاق النفوذ والثقب المذكورين في النصوص (3) يعني: الوضوء لكل صلاة وتبديل القطنة. أما الاول فلا إشكال ولا خلاف في وجوبه لما عدا صلاة الغداة، وأما لها فعن المبسوط والخلاف وغيرهما عدم وجوبه. وصريح جماعة وجوبه. ويقتضيه ما في موثق سماعة من قوله (ع): " وإن لم يجز الدم الكرسف فعليها الغسل لكل يوم مرة والوضوء لكل صلاة " (* 2). وأما الثاني ففي مفتاح الكرامة: " كأنه

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 1 من أبواب الاستحاضة حديث: 8 (* 2) تقدم في أحكام الاستحاضة القليلة

 

===============

 

( 389 )

 

[ غسل قبل صلاة الغداة (1). والثالثة: أن يسيل الدم من القطنة ] مما لا خلاف فيه عندهم، وعن شرح الدروس لفخر الاسلام: إجماع المسلمين عليه ". ويشهد له ما في رواية عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال: " سألت أبا عبد الله (ع) عن المستحاضة... إلى أن قال (ع): فان ظهر عن الكرسف فلتغتسل، ثم تضع كرسفا آخر، ثم تصلي، فان كان دما سائلا فلتؤخر الصلاة إلى الصلاة، ثم تصلي صلاتين بغسل واحد " (* 1) بناء على ظهور الفقرة الاولى فيما نحن فيه، بقرينة المقابلة بينها وبين الفقرة الثانية الصحريحة في الكثيرة، وهي وإن لم تكن ظاهرة في التغيير لكل صلاة لكن يمكن استفادة ذلك منها لظهورها في مانعية مثل هذا الدم عن الصلاة مطلقا بلا خصوصية لصلاة دون أخرى. فلاحظ. (1) بلا خلاف، وعن جماعة الاجماع عليه. إنما الخلاف في الاكتفاء به والاحتياج إلى غسلين آخرين فتكون المتوسطة كالكثيرة. المشهور الاول وعن العماني والاسكافي، وفي المعتبر والمنتهى: الثاني. قال في المعتبر: " والذي ظهر لي أنه إن ظهر الدم على الكرسف وجب ثلاثة أغسال، وإن لم يظهر لم يكن عليها غسل، وكان عليها الوضوء لكل صلاة "، وفي المنتهى - بعد ما روى صحيحة معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) في المستحاضة: " فإذا جازت أيامها ورأت الدم يثقب الكرسف اغتسلت للظهر والعصر، تؤخر هذه وتعجل هذه، وللمغرب والعشاء غسلا تؤخر هذه وتعجل هذه، وتغتسل للصبح... " (* 2) - قال: " وهذه رواية صحيحة وعليها أعمل "، وتبعهم جماعة من متأخري المتأخرين كالاردبيلي

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 1 من أبواب الاستحاضة حديث: 8 (* 2) الوسائل باب: 1 من أبواب الاستحاضة حديث: 1

 

===============

 

( 390 )

 

وتلميذيه والبهائي في الحبل المتين وغيرهم. ويدل على الاول - مضافا إلى ما تقدم من رواية عبد الرحمن المتقدمة - ما في صحيح زرارة عن أبي جعفر (ع) من قوله (ع): " فان جاز الدم الكرسف تعصبت واغتسلت، ثم صلت الغداة بغسل، والظهر والعصر بغسل والمغرب والعشاء بغسل، وان لم يجز الدم الكرسف صلت بغسل واحد. قلت: والحائض؟ قال (ع): مثل ذلك سواء " (* 1)، فان إطلاق الفقرة الثانية وإن كان يشمل القليلة لكن عرفت أنه يجب تقييده بما دل على وجوب الوضوء فقط إذا لم يثقب الكرسف، فتبقى صورة الثقب محكومة بوجوب الغسل الواحد. ومثله الشرطية الثانية في موثق سماعة (* 2)، بناء على ما عرفت من أن المراد عدم تعدي الدم من الكرسف إلى ما وراءه لا عدم الثقب. وبها يقيد إطلاق ما دل على أن المستحاضة تغتسل ثلاث مرات، كمصحح ابن سنان المتقدم (* 3) وغيره، وكذا مثل صحيح معاوية المتقدم الموجب للاغسال الثلاثة عند ثقب الكرسف، فلا وجه لاعتماد الجماعة عليه في دعوى عدم الفرق بين المتوسطة والكثيرة في تثليث الاغسال. وأما ما في المنتهى - من الطعن في نصوص المشهور بالضعف، لان في طريق بعضها واقفي وفي بعضها فطحي، وفي طريق بعضها مما لم يحضره حاله عدالة وجرحا وبعضها مجهول المروي عنه، ومن الممكن أن لا يكون هو الامام - فضعيف كما يظهر بالتأمل، وإن سبقه في بعضه في المعتبر. ثم إن النصوص المتقدمة وإن لم يصرح فيها بكون الغسل لصلاة الصبح إلا أنها ظاهرة في ذلك، لظهورها في كون وجوب الغسل غيريا للصلاة

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 1 من أبواب الاستحاضة حديث: 5 (* 2) تقدم ذيله في حكم الاستحاضة القليلة، وتقدم بيان مصدره هناك. (* 3) تقدم في حكم الاستحاضة القليلة

 

===============

 

( 391 )

 

[ إلى الخرقة ويجب فيها - مضافا إلى ما ذكر (1) ] لا نفسيا، وفي كونه شرطا في جميع صلوات اليوم لا في واحدة من صلواته وفي كونه ملحوظا بنحو الشرط المتقدم، فإذا كانت دالة على وجوب فعله قبل صلوات اليوم بأجمعها تعين فعله قبل الصبح، لانها أول صلوات اليوم بمقتضى الاطلاق، إذ لو أتى به بعد الصبح قبل الظهر أو بعدها كان مأتيا به قبل صلوات خمس من يومين لا من يوم واحد. مضافا إلى أن وجوب فعله للغداة بخصوصها مما انعقد عليه الاجماع، بل الضرورة، كما في طهارة شيخنا الاعظم (ره). والله سبحانه أعلم. (1) يعني: من الوضوء لكل صلاة وتبديل القطنة، والغسل لصلاة الغداة. أما الاول فنسب إلى المشهور وأكثر المتأخرين وعامتهم وجمهورهم، وعن الخلاف: الاجماع عليه، واستدل له بعموم قوله تعالى: (إذا قتم إلى الصلاة...) (* 1)، وبأولوية وجوبه هنا من وجوبه في السابقتين. وبأن الاصل عدم إغناء الغسل عنه. والجميع لا يخلو من خدش، إذ العموم - لو سلم - يمكن الخروج عنه بالنصوص الدالة على الاكتفاء بالغسل هنا كما في آية الجنابة (* 2)، والاولوية بعدم قيام الادلة على الغسل ممنوعة. والاصل لا مجال له مع الدليل. وعن المفيد والسيد في الجمل والمحقق في المعتبر وأحمد بن طاووس: وجوب الوضوء مع كل غسل، واختاره جماعة من متأخري المتأخرين، وجعله شيخنا الاعظم خير الاقوال. اعتمادا على ما دل على وجوب الوضوء مع كل غسل. وقد تقدم الاشكال فيه فراجع. مضافا إلى خلو نصوص

 

 

____________

(* 1) المائدة: 6 (* 2) النساء: 43

 

===============

 

( 392 )

 

الباب عن التعرض له مع تعرضها له في المتوسطة والقليلة، بنحو تكون كالصريحة في نفيه، وتخصيص ما دل على وجوب الوضوء مع كل غسل لو تم. وكأنه لذلك كان ما حكي عن ظاهر الصدوقين والشيخ والسيد في الناصرية والحلبي وبني زهرة وحمزة والبراج من عدم وجوبه أصلا، واختاره جماعة من أعاظم المتأخرين. اللهم إلا أن يستفاد من مرسلة يونس الطويلة، لقوله (ع) في سنة التي تعرف أيامها: " فلتدع الصلاة أيام أقرائها، ثم تغتسل وتتوضأ لكل صلاة. قيل: وإن سال؟ قال (ع): وإن سال مثل المثقب " (* 1)، فان إطلاقها وإن اقتضى عدم الاحتياج إلى الغسل في جميع أفراد المستحاضة الا أنه مقيد بغيره مما دل عليه. ودعوى: أن الظاهر من الاغتسال غسل الاستحاضة لا الحيض، والا لزم إهماله، مع أن بيانه أهم من بيان الوضوء، وحينئذ فمقتضى ظهوره في تعلق الظرف بالفعلين وجوب الغسل والوضوء معا لكل صلاة، فلا بد أن يحمل على الاستحباب لعدم القول بوجوبه. مندفعة: بأن الظاهر من الغسل غسل الحيض، كما يظهر من ملاحظة نظائره من النصوص. لو سلم فالاجماع على عدم وجوب الغسل لكل صلاة لا يصلح قرينة على صرف ظهوره في وجوب الوضوء لكل صلاة، كما تكرر بيانه في نظائره. مضافا إلى إمكان كون الاجماع قرينة على حمله على غسل الحيض، أو تعلق الظرف بالفعل الثاني لا غير. فتأمل جيدا. وأما الثاني: فالظاهر أنه لا خلاف فيه، بل الظاهر دخوله في معقد الاجماع في السابقتين، ويدل عليه ما سبق في المتوسطة بضميمة الاولوية.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 5 من أبواب الحيض حديث: 1

 

===============

 

( 393 )

 

[ وإلى تبديل الخرقة (1) أو تطهيرها - غسل آخر للظهرين (2) تجمع بينهما (3)، وغسل للعشائين تجمع بينهما. والاولى كونه في آخر وقت (4) فضيلة الاولى حتى يكون كل من الصلاتين ] ويمكن أن يستفاد من مصحح صفوان: " هذه مستحاضة، تغتسل وتستدخل قطنة بعد قطنة، وتجمع بين صلاتين بغسل " (* 1). وأما الثالث: فيدل عليه ما يأتي مما دل على وجوب الاغسال الثلاثة. (1) من غير خلاف ظاهر، بل عن بعض دخوله في معقد إجماع الفخر. ويدل عليه ما دل على وجوب تبديل القطنة، فانه أولى منه. (2) إجماعا كما عن الخلاف والمعتبر والمنتهى والتذكرة والمدارك، وعن جامع المقاصد وشرح المفاتيح: نفي الخلاف فيه، قال في المعتبر: " وإن سال لزمها ثلاثة أغسال. هذا متفق عليه عند علمائنا " وتدل عليه النصوص المستفيضة التي تقدم بعضها. (3) كما صرح به جماعة، بل يظهر من غير واحد أنه مما لا كلام فيه. ويدل عليه الامر به في صحيح ابن مسلم: " فلتجمع بين كل صلاتين بغسل " (* 2)، ونحوه موثق زرارة وصحيح صفوان (* 3). نعم بناء على عدم وجوب معاقبة الصلاة للغسل يشكل وجوب الجمع، بل لا بد من جواز التفريق، لصعوبة التفكيك بين الصلاة الاولى والثانية. ولذا كان صريح بعض كون المسألتين من باب واحد، لكن ظاهر غيره خلافه كما عرفت. (4) بل هو الافضل، لما فيه من إدراك وقت فضيلتهما كما ذكر. مضافا إلى الامر به في صحيح معاوية، حيث قال (ع): " تؤخر هذه وتعجل

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 1 من أبواب الاستحاضة حديث: 3 (* 2) الوسائل باب: 1 من أبواب الاستحاضة حديث: 14 (* 3) الوسائل باب: 1 من أبواب الاستحاضة حديث: 5

 

===============

 

( 394 )

 

[ في وقت الفضيلة. ويجوز تفريق الصلوات والاتيان بخمسة أغسال (1). ولا يجوز الجمع بين أزيد من صلاتين بغسل واحد (2). نعم يكفي للنوافل أغسال الفرائض (3). ] هذه " (* 1)، وفي صحيح البصري: " فلتؤخر الصلاة إلى الصلاة، ثم تصلي صلاتين بغسل واحد " (* 2)، وفي خبر إسماعيل بن عبد الخالق: " فلتؤخر الظهر إلى آخر وقتها، ثم تغتسل ثم تصلي الظهر والعصر، فان كان المغرب فلتؤخرها إلى آخر وقتها، ثم تغتسل ثم تصلي المغرب والعشاء " (* 3) فان الظاهر من آخر وقتها آخر وقت فضيلتها المحمول على غير الوجوب إجماعا. (1) كما عن المنتهى والشهيد والمحقق الثانيين، وعن المدارك: القطع بالجواز، وعن جماعة من متأخري المتأخرين متابعتهم في ذلك. لان المنساق من الامر بالجمع كونه للرخصة في الاكتفاء بالغسل الواحد للصلاتين لا وجوبه تعبدا. ويشير إليه ما في رواية يونس: " فان رأت دما صبيبا فلتغتسل في وقت كل صلاة " (* 4)، ونحوها غيرها. خلافا لظاهر كثير من العبارات وصريح بعضها من وجوب الجمع جمودا على ظاهر الامر نفسه. ثم إنه بناء على جواز التفريق يكون الغسل الثاني كالاول مبيحا، لعدم جواز إيقاع الصلاة الثانية إلا به، حيث أن الاكتفاء بالاول إنما هو مع الجمع لا مع التفريق، فيكون الغسل الثاني شرطا في صحتها. (2) لان فيه مخالفة لمقتضى النصوص. (3) للاجماع المدعى - في محكي الغنية والمعتبر والمنتهى والتذكرة وشرح

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 1 من أبواب الاستحاضة حديث: 1 (* 2) الوسائل باب: 1 من أبواب الاستحاضة حديث: 8 (* 3) الوسائل باب: 1 من أبواب الاستحاضة حديث: 15 (* 4) الوسائل باب: 1 من أبواب الاستحاضة حديث: 11

 

===============

 

( 395 )

 

[ لكن يجب لكل ركعتين منها وضوء (1). (مسألة 2): إذا حدثت المتوسطة بعد صلاة الفجر ] الجعفرية وكشف الالتباس - على أنه إذا فعلت المستحاضة ما يلزمها من الوضوء والغسل وغيرهما كانت بحكم الطاهرة، وعن المدارك وغيرها: نفي الخلاف فيه. والمصرح به في كلامهم أنها تستبيح كل غاية تتوقف على الطهارة من صلاة وطواف وغيرهما. وهذه الاجماعات هي العمدة، والا فالنصوص قاصرة عن إثبات ذلك. نعم قد يشير إليه بعضها، ففي رواية إسماعيل ابن عبد الخالق عن أبي عبد الله (ع) - في حديث -: "... فإذا كان صلاة الفجر فلتغتسل بعد طلوع الفجر، ثم تصلي ركعتين قبل الغداة، ثم تصلي الغداة "، فانها ظاهرة في الاكتفاء بغسل واحد للنافلة والفريضة. (1) بناء على ما عرفت من وجوب الوضوء لكل صلاة. ولا ينافيه وقولهم: انها إذا فعلت وظيفتها كانت بحكم الطاهر، عن أي معنى حمل، لان من جملة الوظيفة الوضوء لكل صلاة، وهي أعم ملى الفريضة والنافلة كما عرفت، ولذا حكي عن الموجز وشرحه: الجزم بلزوم تعدد الوضوء للطواف وصلاته. وعن الروض: " ليس للمستحاضة أن تجمع بين صلاتين بوضوء واحد، سواء في ذلك الفرض والنفل، بل لا بد لكل صلاة من وضوء، أما غسلها فللوقت تصلي به ما شاءت من الفرض والنفل أداء وقضاء مع الوضوء لكل صلاة... " ونحوه كلام غيره. لكن في الجواهر - في حكم المستحاضة بالنسبة إلى صلاة النوافل والقضاء والتحمل ونحو ذلك - قال: " ولعل قضية قولهم -: انها مع الافعال تكون بحكم الطاهرة - جواز ذلك كله من دون تجديد لغسل أو وضوء

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 1 من أبواب الاستحاضة حديث: 15

 

===============

 

( 396 )

 

[ لا يجب الغسل لها (1)، وهل يجب الغسل للظهرين أم لا؟ (2) الاقوى وجوبه (3). وإذا حدثت بعدهما فللعشائين، فالمتوسطة توجب غسلا واحدا، فان كانت قبل صلاة الفجر وجب لها وإن حدثت بعدها فللظهرين، وإن حدثت بعدهما فللعشائين ] اللهم إلا أن يفرق بين الصلاة وغيرها من الغايات، لما تقدم من الاخبار الآمرة بالوضوء - مثلا - عند كل صلاة. وفي شمولها لمثل المقام نظر ". ووجه النظر: أن الاخبار المذكورة إنما وردت في غير الكثيرة. لكن الدليل الذي استند إليه هو فيها في إيجاب الوضوء لكل صلاة يقتضي عدم الفرق بين النفل والفرض، ولا سيما مع تصريح غير واحد، ودعوى الاجماع على وجوب تجديد الوضوء للفرض والنفل كما نقله هو (ره). فراجع. هذا مضافا إلى ما أشرنا إليه سابقا من قاعدة إلحاق النافلة بالفريضة. فتأمل. (1) قطعا كما في الجواهر، ووجهه ظاهر. (2) قال في الجواهر: " ظاهر كلام الاصحاب العدم، كما صرح به في جامع المقاصد في مبحث الغايات، والشهيد في الروضة، بل لعل المتأمل يمكنه تحصيل الاجماع على ذلك، لتخصيصهم الغسل بكونه للغداة "، وقريب منه ما عن مصابيح الطباطبائي. (3) كما جزم به في الرياض، لما عرفت من ظهور الادلة في كون الغسل الواحد شرطا لجميع الصلوات، وأن وجوبه لصلاة الغداة ليس لخصوصية فيها. بل لظهور الادلة في كونه ملحوظا بنحو الشرط المتقدم، ولازمه وجوبه لو حدثت المتوسطة بعد الغداة. ومنه يظهر أن تعجب الجواهر من المولى في الرياض - حتى أنه لم يستبعد كونه لبعض تلامذته، واشتبه النساخ فيها لخلو بعض نسخ الرياض عنه - ليس كما ينبغي، ودعوى:

 

===============

 

( 397 )

 

[ كما أنه لو حدثت قبل صلاة الفجر ولم تغتسل لها عصيانا أو نسيانا وجب للظهرين (1) وإن انقطعت قبل وقتهما بل قبل الفجر (2) ] اختصاص النصوص بصورة الرؤية قبل الغداة، فلا تشمل ما نحن فيه، لا يساعدها المذاق الفقهي. وكذا الحال فيما لو حدثت بعد الظهرين. (1) كما اعترف به في الجواهر على إشكال فيه، لعدم ثبوت مشروعيته بعد فوات المحل الموظف شرعا. وفيه: ما عرفت. مضافا إلى إمكان مشروعيته بالاستصحاب. (2) لان الظاهر من النصوص كون وجود الدم وقتا ما حدثا موجبا للوظيفة المقررة له في وقت الصلاة، ولا يعتبر وجوده في الوقت، وإن حكي عن جماعة منهم: الشهيد في الدروس والذكرى: أن العبرة بالكثرة والقله أوقات الصلاة، لكنه خلاف ظاهر النصوص. وأما ما في مصحح الحسين بن نعيم الصحاف من قوله (ع): " فلتغتسل ولتصل الظهرين، ثم لتنظر، فان كان الدم فيما بينها وبين المغرب لا يسيل من خلف الكرسف فلتتوضأ ولتصل ولا غسل عليها " (* 1)، فلا يظهر منه ذلك، وإن قال في الذكرى: " هذا مشعر بأن الاعتبار بوقت الصلاة فلا أثر لما قبله ". ولم يتضح وجه الاشعار به، بل هو ظاهر في خلاف ذلك، لان المفروض فيها أنها صلت الظهرين فيكون المراد نفي الغسل لصلاة المغرب إذا لم يسل الدم قبل الغروب، ومفهومه أنه إذا سال قبل الغروب وجب الغسل للمغرب. ولذا كان المشهور - المنسوب إلى العلامة والشهيدين في البيان والروضة والمحقق الثاني وجماعة من متأخري المتأخرين - ما ذكرنا، بل عن شرح الروضة: نسبته إلى ظاهر النصوص والفتاوى.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 1 من أبواب الاستحاضة حديث: 7

 

===============

 

( 398 )

 

[ أيضا، وإذا حدثت الكثيرة بعد صلاة الفجر يجب في ذلك اليوم غسلان (1)، وإن حدثت بعد الظهرين يجب غسل واحد للعشائين. (مسألة 3): إذا حدثت الكثيرة أو المتوسطة قبل الفجر يجب أن يكون غسلهما لصلاة الفجر بعده (2)، ] (1) بلا خلاف ظاهر، لما عرفت من ظهور الادلة في شرطية الغسل لها حينئذ كما لو حدث قبل الفجر. ثم إنه لا إشكال في عدم وجوب الغسل للصبح، في الفرض، وفي الجواهر: القطع به. (2) لعدم الدليل على مشروعيته قبله، إذ ليس هو طهارة في نفسه ليستحب. ولعدم الامر به غيريا للموقت قبل وقته، لعدم الامر بالموقت حينئذ لكون الوقت شرطا لوجوبه. نعم لو فرض الانقطاع أيضا قبل الوقت أمكن الاتيان به بقصد الاستحباب لكونه طهارة حينئذ. كما أنه لو قيل بجواز التعبد بمقدمات الموقت قبل وقته، إما للالتزام بكون الواجبات المشروطة راجعة إلى الوجوبات المعلقة، أو لملازمتها لها عقلا، أو لامكان داعوية الوجوب المشروط بشئ إلى فعل ما يتوقف عليه الواجب قبل وجود الشرط فان الترجح النفسي التقديري الذي هو المصحح لعبادية العبادات - كما أشرنا إلى ذلك في ذيل البحث عن الترتب المتقدم في مباحث النجاسات - لا فرق في اقتضائه الداعوية بين الحالي والاستقبالي، فيصح التعبد بالفعل بلحاظه ولو كان استقباليا. والرجوع إلى طريقة العقلاء أقوى شاهد على ذلك، فان العبد يتقرب إلى مولاه بفعل المقدمات قبل وقت الفعل وقبل حدوث الملاك بملاحظة حدوثه في الاستقبال. وكيف يصح التفكيك بين البناء على حرمة تفويت المقدمات قبل الوقت عقلا، والبناء على عدم جواز التعبد بها بلحاظ الامر

 

===============

 

( 399 )

 

[ فلا يجوز قبله إلا إذا أرادت صلاة الليل فيجوز لها أن تغتسل قبلها (1). (مسألة 4): يجب على المستحاضة اختبار حالها (2) ] الاستقبالي؟! وهل كان حكم العقل بحرمة التفويت إلا من جهة الامر الاستقبالي، فلم لا يكون الامر الاستقبالي مصححا للتعبد كما صح أن يكون منشأ لحكم العقل؟!! وهذا مما لا ينبغي أن يكون محلا للاشكال. ولا حاجة حينئذ إلى الالتزام بكون التعبد بالمقدمات العبادية - مثل غسل الجنابة قبل الفجر للصائم - بلحاظ الامر النفسي الاستحبابي، كما ذكرنا ذلك في كتاب الصوم وإن كان هذا لا يتأتى في المقام، لعدم مشروعية غسل الاستحاضة في نفسه. فتأمل. وربما ذكرنا في كتاب الصوم بعض وجوه أخرى في التخلص عن الاشكال فراجع. وعلى هذا لا بأس بالاتيان بالغسل قبل الوقت متصلا به، بناء على وجوب معاقبة الصلاة له أو ولو منفصلا عنه، بناء على عدم وجوبه. نعم قد يستفاد من مثل رواية إسماعيل بن عبد الخالق المتقدمة (* 1)، ومرسلة يونس وجوب فعله في الوقت ويمكن حملهما بشهادة إطلاق غيرهما على ما يحصل به المعاقبة. وكأنه لاجل ذلك ذهب جماعة - على ما حكي - إلى جواز فعله قبل الوقت. فتأمل. (1) كما عن الصدوقين والسيد والشيخين وجماعة من المتأخرين، بل عن الذخيرة: " لا أعلم فيه خلافا "، وفي محكي الخلاف: الاجماع عليه وهو العمدة فيه، ولولاه لاشكل جوازه، لعدم الدليل على جواز الاكتفاء به بناء على وجوب معاقبة الصلاة له، نعم لا بأس به بناء على عدمه. (2) كما في المنتهى والذكرى، وعن جامع المقاصد. للزوم المخالفة

 

 

____________

(* 1) تقدمت في بيان وظيفة الاستحاضة الكثيرة

 

===============

 

( 400 )

 

القطعية الكثيرة لولاه. وللاشارة إليه في بعض النصوص، ففي صحيح ابن مسلم المروي في المعتبر عن مشيخة ابن محبوب عن أبي جعفر (ع): " في الحائض إذا رأت دما بعد أيامها التي كانت ترى الدم فيها. فلتقعد عن الصلاة يوما أو يومين، ثم تمسك قطنة، فان صبغ القطنة دم لا ينقطع فلتجمع... " (* 1)، وفي رواية عبد الرحمن عن أبي عبد الله (ع) في المستحاضة: " ولتستدخل كرسفا، فان ظهر عن الكرسف فلتغتسل ثم تضع كرسفا آخر ثم تصلي، فإذا كان دما... " (* 2)، ونحوهما غيرهما. والمحتمل بدوا في النصوص المذكورة، إما الوجوب النفسي، فلو تركته أثمت لا غير، أو الوجوب الغيري على معنى كونه شرطا في صحة العبادة فلو تركته بطلت، أو الارشادي إلى طريق معرفة حال الدم بلا زيادة على ذلك، أو بزيادة المنع من الرجوع إلى أصل البراءة، ونحوه من الاصول المفرغة، بناء على أن المرجع عند الشك في المقام أصل البراءة من الغسل المحتمل، أو بزيادة المنع من الرجوع إلى استصحاب الحكم أو الموضوع، أو ذلك مع المنع من العمل بالاحتياط. وظاهر الجواهر: الميل إلى الرابع قال (ره): " لكن ينبغي القطع بعدم إرادتهم أنها إن لم تعتبر حالها بطلت صلاتها، ولو كان ما فعلته موافقا للواقع مشتملا على نية التقرب، لعدم وضوح دليل عليه. كما أنه تشكل دعوى وجوب التعرف عليها حتى لو أرادت العمل بأسوأ الاحتمالات. ويشكل أيضا دعوى الوجوب عليها لو كان معها استصحاب يشخص حالها ". واختار شيخنا الاعظم (ره) عدم جواز العمل بالاحتياط ولا بالاستصحاب، وجواز العمل المطابق لهما معا. وكأنه

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 1 من أبواب الاستحاضة حديث: 14 (* 2) الوسائل باب: 1 من أبواب الاستحاضة حديث: 8

 

===============

 

( 401 )

 

[ وأنها من أي قسم من الاقسام الثلاثة بادخال قطنة والصبر قليلا ثم إخراجها وملاحظتها لتعمل بمقتضي وظيفتها، وإذا صلت من غير اختبار بطلت إلا مع مطابقة الواقع (1) وحصول قصد القربة كما في حال الغفلة. وإذا لم تتمكن من الاختبار يجب عليها الاخذ (2) بالقدر المتيقن (3). ] مبني على عدم جواز الامتثال الاجمالي مع إمكان الامتثال التفصيلي، لا لاستظهار الاحتمال الثاني من النصوص، قال (ره): " فلو لم تعتبره مع الامكان فسدت عبادتها لعدم علمها بما يجب عليها من الطهارة ". لكن المبنى ضعيف. نعم مقتضى إطلاق النصوص المنع من جريان الاستصحاب. وأما المنع عنه من جهة الوجه الاول فضعيف، فان مجرد لزوم المخالفة القطعية الكثيرة لا يقتضي وجوب الفحص ما لم يكن بنحو يعلم بايجاب الاحتياط، وهو غير حاصل. وأما الاحتياط فالنصوص لا تقتضي المنع عنه، لعدم تعرضها للواقع على نحو تكون مقيدة له. وقد عرفت أن المنع عنه من جهة العبادية ضعيف. (1) الوجه في المستثنى والمستثنى منه ظاهر. واحتمال البطلان مطلقا - لكون الاختبار شرطا في الصحة - في غاية السقوط، لظهور ما دل على وجوبه في كونه من قبيل وجوب الفحص في الشبهات الحكمية إرشاديا إلى تنجز الواقع، وعدم عذرية الجهل، فإذا فرض الاتيان بالواقع كان موجبا لسقوط الامر به عقلا. (2) لا إشكال في سقوط وجوب الاختبار حينئذ للتعذر، كما لا إشكال في وجوب الصلاة، لانها لا تسقط بحال. (3) لحصول الموافقة للواقع.

 

===============

 

( 402 )

 

[ إلا أن يكون لها حالة سابقة من القلة أو التوسط فتأخذ بها (1). ولا يكفي الاختبار قبل الوقت (2) إلا إذا علمت بعدم تغير حالها إلى ما بعد الوقت. (مسألة 5): يجب على المستحاضة تجديد الوضوء لكل صلاة (3) ولو نافلة وكذا تبديل القطنة (4) أو تطهيرها، وكذا الخرقة إذا تلوثت، وغسل ظاهر الفرج إذا أصابه الدم، لكن لا يجب تجديد هذه الاعمال للاجزاء المنسية (5) ] (1) عملا بدليل الاستصحاب. اللهم إلا أن يقال: إطلاق دليل وجوب الاختبار موجب لسقوط الاستصحاب عن الحجية. وانصرافه إلى صورة القدرة عليه ممنوع، كما هو الحال في نظائره. (2) لانصراف دليل وجوبه إلى ما بعد الوقت. نعم مقتضى الانصراف يكون الاختبار حال العمل، فلا مانع من أن يكون قبل الوقت إذا كان أداء الوظيفة في الوقت مقارنا له، كما لا يكفي أن يكون في الوقت مع كون أدائها في آخر الوقت. فكان المناسب التعبير بأنه لا يكفي الاختبار منفصلا عن أداء الوظيفة. فلاحظ. (3) تقدم الوجه فيه. (4) أما تبديل القطنة لكل صلاة ولو نافلة فغير ظاهر في القليلة، لما عرفت من قصور الدليل عليه في الفريضة فضلا عن النافلة. وأما في المتوسطة فيمكن دعوى إطلاق النص المتقدم بنحو يشمل النافلة أو يستفاد حكم النافلة من الفريضة. فتأمل. ومنه يظهر الكلام في الخرقة. (5) إذ لا تخرج عن كونها أجزاء صلاتية لا يجب التجديد لها.

 

===============

 

( 403 )

 

[ ولا لسجود السهود إذا أتي به متصلا بالصلاة (1)، بل ولا لركعات الاحتياط (2) للشكوك، بل يكفيها اعمالها لاصل الصلاة. نعم لو أرادت إعادتها احتياطا أو جماعة وجب تجديدها (3) (مسألة 6): إنما يجب تجديد الوضوء والاعمال المذكورة إذا استمر الدم، فلو فرض انقطاع الدم قبل صلاة الظهر يجب الاعمال المذكورة لها فقط، ولا تجب للعصر ولا للمغرب والعشاء (4)، وإن انقطع بعد الظهر وجبت للعصر فقط وهكذا. بل إذا بقي وضوؤها للظهر إلى المغرب لا يجب تجديده أيضا مع فرض انقطاع الدم قبل الوضوء للظهر. ] (1) لانه من توابع الصلاة، وكذا لو جئ به منفصلا عن الصلاه للاصل. نعم لو أمكن تحصيل الطهارة أو تخفيفها وجب التجديد حينئذ بناء على وجوب ذلك فيه. (2) هذا غير ظاهر، سواء كانت مرددة بين الجزئية والنافلة أم كانت صلاة مستقلة مجزئة على تقدير النقص، أما على الثاني فلان اللازم إجراء أحكام الصلاة المستقلة عليها، وأما على الاول فلانها على تقدير الجزئية وإن كان لا يلزم فيها التجديد لكن على تقدير النافلة يلزم ذلك لها. اللهم الا أن يدعى ظهور النص في غير مثل صلاة الاحتياط مما هو من توابع الصلاة، نظير الاجزاء المنسية. (3) يمكن منع التجديد بناء على عدم لزوم معاقبة الصلاة لاعمالها. (4) لان الظاهر من النصوص كون دم الاستحاضة كسائر الاحداث يرفعه ما يتعاقبه من الوظيفة الخاصة، فإذا وجد بعد الوظيفة أو بعد الشروع

 

===============

 

( 404 )

 

[ (مسألة 7): في كل مورد يجب عليها الغسل والوضوء يجوز لها تقديم كل منهما (1)، لكن الاولى تقديم الوضوء. ] فيها احتاج في رفعه إلى تجديد الوظيفة، ولا يكفي وجوده آناما في وجوب وظائف اليوم جميعها، وإن قال في الجواهر: " لو لا مخافة خرق ما عساه يظهر من الاجماع، وتشعر به بعض الاخبار، لامكن القول بايجابه الاغسال الثلاثة وان لم يستمر لحظة بعد الغسل، للاطلاق، فيكون حينئذ هذا الدم حدثا يوجب الاغسال الثلاثة وان لم يستمر "، إذا الاطلاق الذي ادعاه ممنوع، لظهور النصوص فيما ذكرنا. كما أنه قد عرفت انه لا يعتبر وجوده في أوقات الصلاة بحيث لا يحتاج في وجوب الوظيفة لرفعه إذا وجد قبل الوقت، فلو رأته قبل الصبح فاغتسلت وتوضأت للصلاة ثم استمر وانقطع قبل الزوال لم يحتج إلى تجديد الغسل والوضوء للظهرين، وان كان ظاهر المحكي عن جماعة - منهم: الشهيد - ذلك، كما عرفت، إذ لا شاهد له من النصوص، لما عرفت من ظهورها فيما ذكرنا، وأن استظهار الذكرى له من مصحح الصحاف - لقوله (ع) فيه: " فان كان الدم فيما بينها وبين المغرب لا يسيل من خلف الكرسف فلتتوضأ ولتصل عند وقت كل صلاة... " (* 1) - غير ظاهر، كما عن جماعة الاعتراف به، كيف والفقرة المذكورة مسبوقة بفرض صلاة الظهرين؟! فالمتعين جعله دليلا على الاعتبار بما قبل الوقت، كما أشرنا إليه آنفا. وكيف كان فلا ينبغي التأمل في كون ظاهر النصوص ما ذكرناه. (1) لاطلاق نصوص الباب. وقد تقدم في المسألة الخامسة والعشرين من فصل أحكام الحائض بعض الكلام فيه وفي أفضلية تقديم الوضوء.

 

 

____________

(* 1) تقدم في آخر المسألة الثانية من هذا الفصل

 

===============

 

( 405 )

 

[ مسألة 8): قد عرفت أنه يجب (1) بعد الوضوء والغسل المبادرة إلى الصلاة (2)، لكن لا ينافي ذلك إتيان الاذان ] (1) هذا مما لم يتقدم منه، وإنما تقدم منه وجوب الجمع بين الصلاتين. (2) على المشهور. والعمدة فيه ما في روايتي اسحاق وأبي المعزا من قوله (ع): " فلتغتسل عند كل صلاتين " (* 1)، وما في مصحح ابن سنان " المستحاضة التي لا تطهر تغتسل عند صلاة الظهر " (* 2)، لظهور " عند " في المقاربة، وبذلك ترفع اليد عن إطلاق غيرها. وحمل الكلام على إرادة " عند " وقت الصلاة، بتقدير مضاف - عملا باطلاق غيرهما - لا يساعده الجمع العرفي، وإن جعله شيخنا الاعظم (ره) هو الذي يقتضيه الانصاف ولا سيما بملاحظة ما عرفت مما دل على وجوب الجمع بين الصلاتين، إذ التفكيك بين المسألتين بعد كما أشرنا إليه آنفا. ومن ذلك يظهر ضعف ما في كشف اللثام وعن العلامة الطباطبائي من نفي الوجوب، قال في الاول: " وهل يجوز الفصل بين الغسل والصلاة؟ الاقرب الجواز، للاصل والعمومات وقول الصادق (ع) لاسماعيل بن عبد الخالق: " فإذا كان صلاة الفجر فلتغتسل بعد الفجر، ثم تصلي ركعتين قبل الغداة، ثم تصلي الغداة " (* 2) رواه الحميري في قرب الاسناد. نعم إطلاق القول بوجوب المبادرة لا يخلو من إشكال، لانها أخص من المقاربة المدلول عليها ب‍ " عند "، ولاجل ذلك لم يكن بأس بالفصل بمثل الاذان والاقامة ولبس الساتر الموجود والاجتهاد في القبلة ونحو ذلك مما لا ينافي المقاربة، ومنه انتظار الجماعة - كما عن الدروس - والذهاب إلى مكان الصلاة إذا كانا غير منافيين للمقاربة. فلاحظ.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 30 من أبواب الحيض حديث: 5 و 6 (* 2) الوسائل باب: 1 من أبواب الاستحاضة حديث: 4 (* 3) الوسائل باب: 1 من أبواب الاستحاضة حديث: 15

 

===============

 

( 406 )

 

[ والاقامة والادعية المأثورة، وكذا يجوز لها إتيان المستحبات في الصلاة (1)، ولا يجب الاقتصار على الواجبات، فإذا توضأت واغتسلت أول الوقت وأخرت الصلاة لا تصح صلاتها (2) إلا إذا علمت بعدم خروج الدم وعدم كونه في فضاء الفرج أيضا من حين الوضوء إلى ذلك الوقت بمعني انقطاعه (3) ولو كان انقطاع فترة (4). (مسألة 9): يجب عليها بعد الوضوء والغسل التحفظ من خروج الدم (5) بحشو الفرج بقطنة أو غيرها وشدها بخرقة، فان احتبس الدم، وإلا فبالاستثفار - أي شد وسطها (6) بتكة (مثلا) وتأخذ خرقة أخرى مشقوقة الرأسين تجعل ] بل لا يبعد أن يكون فعل النافلة من ذلك أيضا، كما تقدم في رواية إسماعيل ابن عبد الخالق. (1) للاطلاق. (2) لعدم فعل الطهارة عندها. (3) هذا مما لا ينبغي الاشكال فيه لحصول الطهارة. (4) هذا لدفع احتمال كون الانقطاع لفترة بمنزلة رؤية الدم، كما يظهر من الذكرى، قال: " فان كان انقطاع فترة فلا أثر له، لانه بعوده كالموجود دائما ". (5) نسبه إلى ظاهر الاصحاب جماعة، بل قيل: إن الاجماع عليه ما بين ظاهر وصريح مستفيض. ويكفي فيه الاخبار الآمرة بالاحتشاء والاستثفار وتبديل الكرسف. (6) هذا التفسير ذكره في الذكرى بتفاوت يسير، وكأنه من قبيل

 

===============

 

( 407 )

 

[ إحداهما قدامها والاخرى خلفها وتشدهما بالتكة - أو غير ذلك مما يحبس الدم، فلو قصرت وخرج الدم أعادت الصلاة (1) بل الاحوط إعادة الغسل (2) أيضا، والاحوط كون ذلك بعد الغسل والمحافظة عليه بقدر الامكان تمام النهار إذا كانت صائمة (3). ] ذكر المعنى ولازمه، إذ الاستثفار إما مأخوذ من: " استثفر الكلب بذنبه " أي جعله بين فخذيه، أو من ثفر الدابة الذي يجعل تحت ذنبها. (1) لظهور النصوص في شرطيته لها. (2) بل هو الذي جزم به في الذكرى، قال: " ولو خرج دم المستحاضة بعد الطهارة أعيدت بعد الغسل والاستظهار إن كان لتقصير فيه وإن كان لغلبة الدم فلا، للحرج "، وعن نهاية الاحكام موافقته. وكأنه لحدثية الدم المذكور ولا دليل على العفو عنه حينئذ. لكن قال في الجواهر " وفي استفادة ذلك من الادلة نظر، بل مقتضاها العفو عن حدثيته بعد الطهارة. نعم يستفاد منها شرطيته بالنسبة للصلاة خاصة، فلعل الاقوى حينئد عدمها " وهو في محله، لان سوق الامر به مساق الامر بالوضوء والغسل يقتضي كونه شرطا للصلاة لا غير. مع أن إجمال النصوص في ذلك موجب للرجوع إلى استصحاب عدم الانتقاض. (3) وعن نهاية العلامة والذكرى والروض: وجوب ذلك على الصائمة لبنائهم على قدحه في الغسل المعتبر في صحة صومها. قال في الذكرى: " وهذا الاستظهار يمتد إلى فراغ الصلاة، ولو كانت صائمة فالظاهر وجوبه جميع النهار، لان توقف الصوم على الغسل يشعر بتأثره بالدم، وبه قطع الفاضل (ره) ". لكن إذا منع قدحه في الغسل - لعدم الدليل على حدثية الخارج مع عدم الاستظهار - لم يكن وجه لوجوب التحفظ عليها كذلك.

 

===============

 

( 408 )

 

[ (مسألة 10): إذا قدمت غسل الفجر عليه لصلاة الليل فالاحوط تأخيرها إلى قريب الفجر (1) فتصلي بلا فاصلة. (مسألة 11): إذا اغتسلت قبل الفجر (2) لغاية أخرى ثم دخل الوقت من غير فصل يجوز لها الاكتفاء به للصلاة. ] مع أنه لو سلم قدحه في الغسل فلا دليل على اعتبار الطهارة تمام النهار في صومها، وإنما الذي يمكن الالتزام به هو اعتبار الغسل للصلاة لا غير فيه، بحيث لو صحت صلاتها صح صومها، وذلك لا يقتضي الاستظهار تمام النهار. (1) احتياطا في حصول المعاقبة، لعدم الدليل على سقوطها مطلقا، ولا إطلاق في معقد الاجماع على جواز تقديم غسل الفجر للصلاة الليل، بل المصرح به في محكي الخلاف انها تؤخر صلاة الليل إلى قرب الفجر، بل هو الاقرب، لانه المتيقن في جواز الخروج عما دل على وجوب المعاقبة. (2) أما جواز الاغتسال قبل وقت الفريضة لغاية مشروطة بالطهارة فهو المصرح به في كلام جماعة، منهم الشهيد في الروض، قال: " لو أرادت الصلاة في غير الوقت اغتسلت لاول الورد، وعملت باقي الافعال لكل صلاة "، وفي كشف الغطاء قال: " وفي غير الرواتب تجمع بين كل نافلتين بغسل، ولا يبعد الاكتفاء في الورد بالغسل الواحد، ولكل واحدة وضوء " وقال شيخنا الاعظم (ره): " الاقوى مشروعية العبادة لها قبل دخول الوقت، فتغتسل ويرتفع به حكم حدثها "، وذلك لان نصوص الباب كما تتكفل لحدثية الدم المذكور تتكفل ببيان رافعه وهو الغسل والوضوء. واحتمال الاقتصار على خصوص مواردها من الفريضة والرجوع في غيرها إلى أصالة عدم المشروعية مما لا مجال له، لانه خلاف المتفاهم العرفي منها، إذ المفهوم منها عرفا أن حدثية الدم ترتفع بالغسل والوضوء من دون خصوصية للفريضة اليومية.

 

===============

 

( 409 )

 

[ (مسألة 12): يشترط في صحة صوم المستحاضة (1) ] نعم يمكن الاشكال في الغايات الموسعة، لان ظاهر أدلة الرافعية أنها رافعية اضطرارية، ولذا لو انقطع الدم بعد فعل الوظائف وجب تجديد الطهارة، والرافعية الاضطرارية تختص بحال الاضطرار، وهو منتف في الغايات الموسعة، بناء على التحقيق من عدم جواز البدار لذوي الاعذار. اللهم إلا أن يستفاد عموم الحكم للغايات الموسعة من بنائهم على مشروعية الغايات المشروطة بالطهارة بمجرد فعل الوظائف المذكورة للصلاة وإن كانت تلك الغايات موسعة. واحتمال اختصاص الرافعية بصورة الاتيان بها بقصد الفرائض اليومية لا مجال له في كلامهم. لكن في عموم كلامهم للغايات الموسعة إشكال، وإن كان ظاهر كلامهم هو العموم كما سيأتي. ومن ذلك يظهر ضعف التأمل فيه كما في الجواهر، قال (ره): " قد يشعر تصفح عباراتهم في المقام وفي توقف الصوم على ذلك بأن طهارتها واستباحتها لتلك الغايات تابع للافعال الصلاتية... (إلى أن قال): فلو استحاضت المرأة في غير وقت الصلاة لم يكن لها استباحة شئ من الغايات التي تتوقف على رفعه قبل أن يدخل وقت الصلاة، فتعمل ما عليها من الاعمال، ثم تستبيح بذلك غيرها، ولا يجزئها الاغتسال والوضوء قبل ذلك لتلك الغاية مثلا... ". وأما الاكتفاء به للصلاة مع عدم منافاته لوجوب معاقبتها له فكذلك أيضا على تقدير صحته، للاطلاق. نعم لو فرض عدم صحته لعدم فعل الغاية بعده الموجب لبطلانه - بناء على وجوب خصوص المقدمة الموصلة - لم يكن وجه للاكتفاء به، وجب تجديده للصلاة. (1) بلا خلاف كما استظهره في الحدائق، وعن المدارك والذخيرة

 

===============

 

( 410 )

 

وشرح المفاتيح: انه مذهب الاصحاب، وعن جامع المقاصد والروض وحواشي التحرير ومنهج السداد والطالبية: الاجماع عليه. وعن المبسوط، إسناده إلى رواية أصحابنا، ولعلها صحيح ابن مهزيار: " كتبت إليه: امرأة طهرت من حيضها أو دم نفاسها في أول يوم من شهر رمضان، ثم استحاضت فصلت وصامت شهر رمضان من غير أن تعمل ما تعمله المستحاضة من الغسل لكل صلاتين، فهل يجوز صومها وصلاتها أم لا؟ فكتب (ع): تقضي صومها ولا تقضي صلاتها، لان رسول الله صلى الله عليه وآله كان يأمر فاطمة والمؤمنات من نسائه بذلك " (* 1). ولا يقدح فيه الاضمار كما تكرر غير مرة. ولا ظهوره في أن فاطمة (ع) كانت تستحاض مع تكاثر الاخبار بانها (ع) لم تر حمرة أصلا لا حيضا ولا استحاضة. لا مكان حمله على فاطمة بنت أبي حبيش، أو كون الامر لها (ع) بذلك لتعلم المؤمنات. ولا باشتماله على مالا يقول به الاصحاب من عدم قضاء الصلاة، لامكان التفكيك في الحجية بين فقرات الحديث الواحد. ومن ذلك يظهر أن توقف المصنف (ره) في الحكم غير ظاهر الوجه. ثم الظاهر أنه لا خلاف في توقف الصوم على الاغسال النهارية. نعم عن النهاية وفي كشف اللثام: احتمال اختصاص التوقف بغسل الفجر، قال فيه: " فهل يتوقف صوم كل يوم على أفعال نهاره خاصة أو فجره خاصة أو الليلة اللاحقة خاصة أو السابقة خاصة أو الليلتين؟؟ أوجه، أجودها الاول ". وكأن وجه الاحتمال المذكور أنه يكفي في صحة الصوم الدخول فيه مع الطهارة، ولا يعتبر بقاؤها إلى آخر النهار. لكن مقتضاه وجوب تقديم الغسل على الفجر، وهو اجتهاد غير ظاهر. مع أنه لم يوجد قائل به. كما

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 41 من أبواب الحيض ملحق حديث: 7

 

===============

 

( 411 )

 

قيل. وهل يتوقف مع ذلك على أغسال الليلة اللاحقة - كما هو ظاهر من أطلق القول بتوقفه على الاغسال - أو على أغسال الليلة الماضية مطلقا، أو بشرط عدم تقدم غسل الفجر قبله - كما عن الذكرى وفي الروض - أو غسل الليلتين معا؟؟ وجوه. هذا ومقتضى الجمود على عبارة النص من البطلان عند ترك الغسل للصلاتين عدم استفادة التوقف على غسل الفجر، لعدم التعرض له. لكن الظاهر بل المعلوم إرادة تركها للغسل أصلا حتى غسل الفجر، وحينئذ فالبطلان عند ترك الاغسال كلية أعم من توقفه على فعل جميعها وبعضها، فالرواية الشريفة لا تدل على شئ من ذلك بعينه. نعم يعلم إجمالا بالتوقف إما على جميعها أو على بعضها المردد بين اثنين منها وواحد مردد بين الثلاثة، وحيث أنه لا مجال لاحتمال التوقف على غسل العشاءين فقط يكون التوقف عليه مشكوكا بدوا، فينحل العلم الاجمالي الشامل له بالعلم الاجمالي بالتوقف على ما عداه، فالمرجع فيه الاصل. أما التوقف على غسلي النهار معا فيقتضيه العلم الاجمالي أيضا، لانه يعلم بتوقفه إما على غسل الظهر أو على غسل الفجر أو عليهما، ومقتضاه الاحتياط بفعلهما معا. نعم بالنظر إلى الفتاوى يكون التوقف على غسل الفجر متيقنا، إذ لم يقل أحد بعدم توقفه عليه، بخلاف التوقف على غسل الظهرين، فقد تقدم عن نهاية الاحكام وكشف اللثام احتمال عدم اعتباره فيكون المرجع في غسل الظهرين أصل البراءة. لانحلال العلم الاجمالي الشامل له بالعلم التفصيلي بالتوقف على غسل الفجر. لكن هذا المقدار من الاتفاق لا يوجوب العلم التفصيلي بملاحظة كثرة الوجوه والاقوال المستندة إليها، فلا ينحل العلم الاجمالي المذكور. وإن شئت قلت: لا يمكن الرجوع إلى الاصل في غسل الفجر للاتفاق عليه، ولا إلى الاصل في غسل الظهرين

 

===============

 

( 412 )

 

[ على الاحوط إتيانها للاغسال النهارية، فلو تركتها فكما تبطل صلاتها يبطل صومها أيضا على الاحوط. وأما غسل العشائين فلا يكون شرطا في الصوم وإن كان الاحوط مراعاته أيضا وأما الوضوءات فلا دخل لها بالصوم (1). (مسألة 13): إذا علمت المستحاضة انقطاع دمها بعد ذلك إلى آخر الوقت انقطاع برء أو انقطاع فترة تسع الصلاة وجب عليها تأخيرها إلى ذلك الوقت (2) فلو بادرت إلى الصلاة ] لانه المتيقن من الرواية. فتأمل جيدا. ثم إنه لا فرق فيما ذكرنا بين كون المنع للحدث وللتعبد. ودعوى: أنه على الاول لا بد من اعتبار غسل الليلة السابقة أو من تقديم غسل الفجر عليه. غير ظاهرة، وإن صدرت من شيخنا الاعظم (ره) إذ لم يعلم كيفية منع حدث الاستحاضة عن الصوم كي يعتبر أحد الامرين المذكورين كيف لا؟! وهي لا ريب في كونها محدثة عند الفجر، ولو كانت قد اغتسلت لعشائي الليلة السابقة، فإذا أمكن القول بصحة صومها على تقدير غسلها لعشائي الليلة السابقة مع كونها محدثة عند الفجر قطعا - ولذا احتاجت إلى تجديد الغسل لصلاته - أمكن القول بصحته ولو مع عدم الغسل في الليلة السابقة، وعدم تقديم غسل الفجر. (1) لعدم الدليل عليه، والرواية قاصرة عنه. فما عن بعض العبارات الموهمة لذلك ضعيف. وكأن وجهه دعوى ظهور ما دل على أن كل غسل معه وضوء في دخل الوضوء في أثر الغسل رفعا وإباحة. لكن عرفت ضعفه مع أنه لا يقتضي إلا الوضوء مع كل غسل لا لكل صلاة. فتأمل جيدا. (2) كما عن العلامة في النهاية والشهيد والمحقق الثاني، وقال في المنتهى:

 

===============

 

( 413 )

 

" إن اتسع وقت الانقطاع للطهارة والصلاة انتظرته ". وذلك لانه لا إشكال نصا وفتوى في حدثية دم الاستحاضة، ولا إطلاق في نصوص الاكتفاء بالغسل والوضوء يشمل صورة وجود الفترة كسائر أدلة الابدال الاضطرارية فيكون مقتضى قوله (ع): " لا صلاة إلا بطهور " (* 1) وجوب انتظار تلك الفترة، كما ذكرنا ذلك في سائر موارد الاعذار. نعم قد يشكل ذلك (أولا): لعدم العموم الدال على حدثية الدم المذكور - حتى ما يخرج بعد الغسل قبل انتهاء الصلاة - غير نصوص الباب وهي لا تدل على عموم حدثيته. ولذا قال في محكي المعتبر: " إن خروج دمها بعد الطهارة معفو عنه، فلم يكن مؤثرا في نقض الطهارة ". لكن الانصاف ظهورها عرفا في كون وجوده مطلقا حدثا كسائر الاحداث. مع أنه لو سلم قصورها عن الدلالة على ذلك، فالمرجع في صورة وجود الفترة إلى استصحاب حكم الحدث وعدم ارتفاعه بالغسل والوضوء، بعد فرض عدم الاطلاق الدال على الاباحة في صورة الفترة (وثانيا): بأن وجود الفترة غالبي، فعدم تعرض النصوص لوجوب انتظارها وإطلاق الحكم فيها بالصلاة مع الوظائف المخصوصة يدل على عدمه. وفيه: أن الغلبة ممنوعة ولو سلم ثبوتها فثبوت الاطلاق المقامي بنحو يعتمد عليه في رفع اليد عن القواعد ممنوع، لان مصب النصوص بيان حكم الاستمرار، ولذا عبر بالوضوء لكل صلاة، وبالاغسال الثلاثة، ولذا لا نقول بجواز البدار في المقام وإن قلنا به في غيره من موارد الاعذار. (وثالثا): بأن وجود الفترة بمنزلة العدم، لان حدثية الدم المذكور قائمة بوجوده بالقوة كما قد يظهر من بعض، فعن الشهيدين: الانقطاع للفترة لا يؤثر في الطهارة، لانه بعوده

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 14 من أبواب الجنابة حديث: 2

 

===============

 

( 414 )

 

[ بطلت، إلا إذا حصل منها قصد القربة، وانكشف عدم الانقطاع، بل يجب التأخير مع رجاء الانقطاع بأحد الوجهين (1) حتى لو كان حصول الرجاء في أثناء الصلاة، لكن الاحوط إتمامها ثم الصبر إلى الانقطاع. (مسألة 14): إذا انقطع دمها فاما أن يكون انقطاع برء أو فترة تعلم عوده أو تشك في كونه لبرء أو فترة، وعلى التقادير إما أن يكون قبل الشروع في الاعمال أو بعده أو بعد الصلاة، فان كان انقطاع برء وقبل الاعمال يجب عليها الوضوء فقط أو مع الغسل (2) والاتيان بالصلاة، وإن كان بعد الشروع ] بعد ذلك كالموجود دائما. انتهى. وفيه: أنه خلاف ظاهر الادلة. وهذان الاشكالان على تقدير تماميتهما يختصان بالفترة ولا يعمان الانقطاع للبرء. هذا ولو كانت الفترة لا تسع الطهارة والصلاة فلا إشكال في عدم اعتبارها، كما في طهارة شيخنا الا عظم (ره) وفي الجواهر: " إنه لا يلتفت إليها قطعا ". فكأنه إجماع، وإلا لامكن القول بالانتظار كما في المسلوس لما ذكر فيه. اللهم إلا أن يقال: إن غلبة وجود الفترات اليسيرة تقتضي ذلك، لئلا يلزم حمل الكلام على النادر. هذا ولكن الغلبة غير ظاهرة. (1) حيث عرفت أنه لا دليل على صحة الفعل في حال وجود الدم مع وجود الفترة - لعدم الاطلاق في النصوص - كان الحكم بالصحة منوطا في الواقع بعدم وجود الفترة واقعا، فمعها يبطل، وبدونها يصح، ولا فرق بين صورتي الرجاء واليأس، والعلم بعدمها والعلم بها، فان فعلت في حال الدم وانكشف وجودها بطل الفعل مطلقا، وإلاصح بلا فرق بين الصور. (2) كما عن الشهيدين والمحقق الثاني وجماعة، لان وجوده إذا كان

 

===============

 

( 415 )

 

يقتضي الوضوء فقط أو مع الغسل لا يكون انقطاعه موجبا لتبدل مقتضاه، لانه يكفي في لزوم مقتضاه وجوده قبل الانقطاع. نعم بناء على التفصيل بين وجوده في الوقت وعدمه يختلف وجوب مقتضاه باختلاف كون الانقطاع في الوقت أو قبله، فان انقطع في الوقت ترتب مقتضاه، وإن انقطع قبله لم يترتب عليه شئ. لكن عرفت ضعف التفصيل المذكور، وأن ظاهر الادلة كون وجوده مطلقا حدثا بلا خصوصية لوجوده في الوقت. ومن ذلك تعرف ضعف ما عن الشيخ والعلامة في جملة من كتبه وغيرهما من إطلاق القول بأن الانقطاع للبرء موجب للوضوء فقط، قال في القواعد: " وانقطاع دمها للبرء يوجب الوضوء ". وعن نهاية الاحكام النص على عدم لزوم الغسل. كيف؟! ولا يظهر أيضا وجه للفرق بين الوضوء والغسل فما يوجب الاول يوجب الثاني. وتوجيهه بحمله على الانقطاع قبل الوقت - بناء على ان العبرة بوجوده في الوقت لا في خارجه - فيه - مع أنه خلاف ظاهر عباراتهم أو صريحها -: أنه لا وجه لا يجاب الوضوء على هذا المبنى. ومثله توجيهه بما في كشف اللثام من منع وجوب الغسل للدم مطلقا بل مع الاستمرار. انتهى. فان هذا المنع لو تم في الغسل تم في الوضوء أيضا. ومما ذكرناه أولا تعرف الوجه في وجوب الاستئناف إذا كان الانقطاع بعد الشروع في الاعمال، حيث لا دليل على صحة الاعمال على تقدير الانقطاع. وكذا الوجه في وجوب الاعادة إذا كان الانقطاع بعد الصلاة، حيث لا دليل على صحة الصلاة حينئذ. لكن قوى في الجواهر وشيخنا الاعظم (ره) في طهارة عدم وجوب الاعادة إذا كان الانقطاع بعد الصلاة. وعلله في الاول بحصول الامتثال، واقتضاء الامر الاجزاء. وإطلاق الادلة. كما أنه حكي عن المعتبر والجامع عدم الاستئناف لو كان بعد الطهارة قبل الصلاة،

 

===============

 

( 416 )

 

[ استأنفت، وإن كان بعد الصلاة أعادت إلا إذا تبين كون الانقطاع قبل الشروع في الوضوء والغسل (1)، وإن كان انقطاع فترة واسعة فكذلك (2) على الاحوط، وإن كانت شاكة في سعتها أو في كون الانقطاع لبرء أو فترة لا يجب ] خلافا لما نسب إلى المشهور. وعن الخلاف والمبسوط والمنتهى والبيان: الصحة لو كان الانقطاع في أثناء الصلاة. إلا أن الجميع مبني على إطلاق دليل العفو، والاجزاء الشامل لصورة وجود الفترة، وقد عرفت أنه محل منع، ولذا قال في كشف اللثام: " أبطل في نهاية الاحكام صلاتها بالانقطاع في الاثناء، وهو ظاهر إطلاق الكتاب والتحرير ومقرب الدروس، لان الوضوء السابق طهارة اضطرارية وقد زالت الضرورة ". وأما ما تقدم من الجواهر من حصول الامتثال، واقتضاء الامر الاجزاء، فمنعه ظاهر، إذ بعد انتفاء الاطلاق لا امتثال ولا مجال للاجزاء. (1) هذا الاستثناء منقطع، مع أنه تقدم مضمونه. (2) يعني: فيجب الوضوء أو الغسل مع الانقطاع قبل الاعمال، والاستئناف إذا كان بعد الشروع، والاعادة إذا كان بعد الصلاة. ووجه ذلك كله ما عرفت في الانقطاع للبرء من عدم الاطلاق المقتضي للصحة حتى مع الفترة، وكونها للبرء أو لغيره لا يوجب اختلاف الحكم. وكأن الوجه في توقف المصنف (ره) عن الجزم ما تقدم من كون وجود الفترة غالبيا مع عدم التعرض في النصوص لوجوب انتظارها فيكون مقتضى ذلك الصحة ولو مع وجودها. أو أن وجود الفترة بمنزلة العدم، لان حدثية الدم المذكور تابعة لوجوده قوة، كما عرفت القول بذلك من جماعة. لكن عرفت ضعف ذلك.

 

===============

 

( 417 )

 

[ عليها الاستئناف أو الاعادة (1) إلا إذا تبين بعد ذلك سعتها أو كونه لبرء. (مسألة 15): إذا انتقلت الاستحاضة من الادنى إلى الاعلى - كما إذا انقلبت القليلة متوسطة أو كثيرة، أو المتوسطة كثيرة - فان كان قبل الشروع في الاعمال فلا إشكال. فتعمل عمل الاعلى (2). وكذا إن كان بعد الصلاة فلا يجب. إعادتها (3)، وأما إن كان بعد الشروع قبل تمامها فعليها الاستئناف (4) والعمل على الاعلى، حتى إذا كان الانتقال ] (1) أما إذا لم تعلم سعة الفترة فقد قواه في الجواهر وشيخنا الاعظم (ره) لاطلاق الاخبار. ولزوم الحرج. لكن الاول لا مجال له، لانه في مقام الحكم الواقعي، والمقام مقام الحكمى الظاهري. والثاني لا يطرد في جميع الموارد فقاعدة وجوب الاحتياط عند الشك في القدرة الموجبة الاستئناف والاعادة محكمة. بل مقتضى الاستصحاب سعة الفترة، فيجب من أجله الاستئناف نعم إذا كان أمد الفترة معلوما وكان الشك في أمد الطهارة والصلاة لم يجر الاستصحاب. وأما إذا لم تعلم أنه لبرء أو فترة، فان كانت الفترة على تقديرها تسع الطهارة والصلاة فاللازم وجوب الاستئناف والاعادة، لما عرفت من عدم الفرق بينهما في ذلك، وإن كانت لا تسعهما - كما هو المراد ظاهرا - أو قلنا بأنه لا اعتبار بالفترة، لكفاية الاستمرار بالقوة، فالحكم كما إذا لم تعلم سعة الفترة من وجوب الاحتياط. (2) عملا بمقتضاه الذي يدخل فيه مقتضى الادنى. (3) لان الحدث الحادث شرط في الاعمال اللاحقة لا السابقة. (4) لقدح الحادث فيها بمقتضي إطلاق دليله، فلا بد من إعمال مقتضاه.

 

===============

 

( 418 )

 

[ من المتوسطة إلى الكثيرة فيما كانت المتوسطة محتاجة إلى الغسل وأتت به (1) أيضا، فيكون أعمالها حينئذ مثل أعمال الكثيرة. لكن مع ذلك يجب الاستئناف. وإن ضاق الوقت عن الغسل والوضوء أو أحدهما تتيمم بدله (2)، وإن ضاق عن التيمم أيضا استمرت على عملها (3). لكن عليها القضاء على الاحوط. وإن انتقلت من الاعلى إلى الادنى استمرت على عملها لصلاة واحدة (4)، ثم تعمل عمل الادنى (5)، فلو تبدلت الكثيرة متوسطة قبل الزوال أو بعده قبل صلاة الظهر تعمل للظهر عمل الكثيرة، فتتوضأ وتغتسل وتصلي، لكن للعصر والعشائين يكفي ] (1) لان إتيانها به قبل حدوث الكثيرة لا يجدى في رفع أثرها، فلابد من رفعه باعمال مقتضاها وهو الغسل ثانيا. (2) لعموم دليل بدليته الذي لا فرق بين ما يكون المبدل منه رافعا ومبيحا كوضوء المسلوس. (3) كذا في نجاة العباد أيضا. مع أن الظاهر إجراء حكم فاقد الطهورين عليها، ومختار المتن والنجاة سقوط الاداء عنه ووجوب القضاء عليه. (4) لان وجود الاعلى قبل الانقطاع يقتضي ذلك، والتبدل إلى الادنى لا يكون مطهرا عنه. ثم إن إطلاق كلام المصنف (ره) يقتضي أنه لو تبدل الاعلى إلى الادنى بعد عمل الاعلى قبل الصلاة وجب عليها الاستئناف كما يجب مع الانقطاع، للزوم تخفيف الحدث. وكذا لو تبدلت في أثناء الصلاة إلى الادنى وجب استئناف الاعمال والصلاة. (5) إعمالا لمقتضاه، ولا حاجة حينئذ إلى إعمال مقتضى الاعلى، لحصول الطهارة عنه بالعمل السابق.

 

===============

 

( 419 )

 

[ الوضوء. وإن أخرت العصر عن الظهر أو العشاء عن المغرب (1) نعم لو لم تغتسل للظهر عصيانا أو نسيانا يجب عليها للعصر (2) إذا لم يبق إلا وقتها، وإلا فيجب إعادة الظهر بعد الغسل (4) وإن لم تغتسل لها فللمغرب وإن لم تغتسل لها فللعشاء إذا ضاق الوقت وبقي مقدار العشاء. (مسألة 16): يجب على المستحاضة المتوسطة والكثيرة إذا انقطع عنها بالمرة الغسل للانقطاع (4)، إلا إذا فرض (5) عدم خروج الدم منها من حين الشروع في غسلها السابق للصلاة السابقة. ] (1) يعني: وإن فصلت بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء ولم تجمع بينهما، لان الجمع في الكبرى إنما كان لاجل الاجتزاء بالغسل الواحد. (2) لانه يعتبر فيها الطهارة عنه، المفروض عدم حصولها. (3) لبطلانها بترك الغسل. ومنه يظهر الوجه فيما بعده. (4) لما عرفت من إطلاق دليل حدثيته، فيجب إعمال مقتضاه. كما عرفت أنه حكي عن الشيخ والعلامة وغيرهما: الاكتفاء بالوضوء، وأنه غير ظاهر إلا بدعوى عدم الدليل على حدثية الدم مطلقا، ووجوب الوضوء من جهة الاجماع عليه، والاصل البراءة عن الغسل. وفيه: ان ظاهر الادلة حدثيته مطلقا. مع قيام الاجماع عليها حتى ممن اكتفى بالوضوء، فانه ادعي العفو عنه كما تقدم عن المحقق. ودعوى العفو مع الانقطاع محتاجة إلى دليل مفقود. (5) هذا الاستثناء غير متحصل، لان مرجعه إلى عدم الاحتياج إلى غسل ثان بعد الواقع بعد الانقطاع.

 

===============

 

( 420 )

 

[ (مسألة 17): المستحاضة القليلة كما يجب عليها تجديد الوضوء لكل صلاة ما دامت مستمرة كذلك يجب عليها تجديده لكل مشروط بالطهارة (1). كالطواف الواجب ومس كتابة القرآن إن وجب، وليس لها الاكتفاء بوضوء واحد للجميع على الاحوط، وإن كان ذلك الوضوء للصلاة فيجب عليها تكراره ] (1) كما عن التحرير والموجز وشرحه والروض وغيرها. لما عرفت من النص والاجماع على عموم حدثية دم الاستحاضة، فيجب تجديد الوضوء لرفعه، للاجماع على الاكتفاء به. ولاجل ذلك لا مجال للرجوع إلى استصحاب الطهارة الحكمية المتيقنة حال الفراغ من الوضوء أو الغسل، حيث يعلم حينئذ بجواز الدخول في كل غاية، إذ المقام مما يرجع فيه إلى عموم العام لا استصحاب حكم المخصص. وقولهم: إنها إذا فعلت ذلك كانت بحكم الطاهر، وإن كان بعد التأمل ظاهرا في عدم الحاجة إلى التجديد لان الظاهر من اسم الاشارة هو الوظائف المأتي بها للصلوات، يعني: إذا فعلت الوضوء لكل صلاة، والغسل الواحد لصلاة الغداة، أو الاغسال الثلاثة للصلوات اليومية كانت بحكم الطاهر بالنسبة إلى سائر الغايات. وحمله على أنها بحكم الطاهر بالنسبة إلى الصلاة خلاف الظاهر جدا، كيف؟! وهو على هذا المعنى يكون تأكيدا، لانه مفهوم من بيان الوظائف التي هي معتبرة في الصلاة. فهو نظير ما ذكروه في التيمم من أنه إذا تيمم لغاية استباح به كل غاية. ولذا قال في الجواهر: " لا ينبغي الاشكال في ظهور عبارات الاصحاب في عدم وجوب تجديد شئ من ذلك عليها بعد فرض محافظتها على ما وجب عليها من الافعال للصلاة، لانها تكون حينئذ بحكم الطاهر من هذا الدم،

 

===============

 

( 421 )

 

[ بتكرارها حتى في المس يجب عليها ذلك لكل مس (1) ] ولا يؤثر استمراره أثرا. نعم تحتاج إلى الوضوء والغسل مع عروض أسباب أخر موجبة لهما من الجنابة والبول ونحوهما "، ونحوه ما حكاه عن السيد الطباطبائي (قدس سره). ويؤيده عدم القول من أحد بوجوب تجديد الغسل للغايات الاخر، بل ادعي تحقق الاجماع على نفيه. ولم يعرف مأخذ لهذا الاجماع إلا كلامهم هذا - إلا أنه لا مجال للاعتماد على ظاهره بعد مخالفة من تقدم. اللهم إلا أن يكون خلافهم لشبهة عدم تحقق الاجماع، لكنه بعيد جدا. ولاجل ذلك توقف في المتن عن الحكم بالوجوب. بل قال شيخنا الاعظم (ره) في طهارته: " فالمتحصل من مجموع كلماتهم: أن الكافي من الافعال التي تفعل للصلاة اليومية للدخول في غيرها المشروط بالطهارة هو الغسل فقط ". واستشهد على ذلك بتصريحهم في القليلة بوجوب الوضوء بل جميع ما عدا الغسل لكل صلاة فرضا ونفلا. لكن هذا الاستشهاد ضعيف، لان الوضوء لكل صلاة على هذا يكون من جملة الوظائف التي تكون بفعلها بمنزلة الطاهرة بالنسبة إلى غير الصلاة، فلا يدل على وجوب الوضوء للطواف أو المس أو غيرهما مما يعتبر فيه الطهارة. فالعمدة ما ذكرنا من أن خلاف الجماعة المذكورين يمنع من الاعتماد على ظاهر الكلام المذكور في الخروج عن القواعد المقتضية لعدم مشروعيتها بدون الوضوء. بل تقتضي عدم مشروعيتها أصلا إذا لم تكن مضيقة. (1) كما صرح به في كشف الغطاء، وتردد في وجوب تكرار الوضوء مع استمرار المس. وهذا التردد منه غريب، لتعذر التفكيك بين الحدوث والبقاء، إلا أن يريد استمرارا خاصا. فتأمل. مع أن في جعل المس

 

===============

 

( 422 )

 

[ على الاحوط. نعم لا يجب عليها الوضوء لدخول المساجد والمكث فيها (1)، بل ولو تركت الوضوء للصلاة أيضا. (مسألة 18): المستحاضة الكثيرة والمتوسطة إذا عملت بما عليها جاز لها جميع ما يشترط (2) فيه الطهارة، حتى دخول المساجد والمكث فيها وقراءة العزائم ومس كتابة القرآن ويجوز وطؤها، وإذا أخلت بشئ من الاعمال حتى تغيير القطنة بطلت صلاتها (3). وأما المذكورات سوى المس فتتوقف على الغسل فقط، فلو أخلت بالاغسال الصلاتية لا يجوز لها الدخول والمكث (4) ] من غايات الوضوء إشكالا تقدم في مبحث الوضوء. (1) بلا خلاف يعرف، كما في الجواهر. لعدم منع الحدث الاصغر عنهما، والاصل البراءة. (2) لما عرفت من الاجماع المتكرر في كلامهم على أنها إذا عملت وظيفتها كانت بحكم الطاهر. وظاهر كلامهم هذا عدم الفرق بين الغايات الموسعة والمضيقة، ولاجله يخرج عن القواعد المقتضية للاقتصار على الغايات المضيقة - كما في سائر موارد الاضطرار - لان الضرورة تقدر بقدرها. وحينئذ كما تستباح الغايات المضيقة تستباح الغايات الموسعة. (3) كما سبق. (4) كما عن موضع من المصابيح نسبته إلى ظاهر الاصحاب، بل استظهر فيه من حواشي التحرير وشرح النجاة: الاجماع على ذلك، وأنه يستفاد ذلك من الغنية والمعتبر والتذكرة. وعن طهارة نهاية الشيخ وحج القواعد والمراسم والوسيلة والروض ومجمع البرهان والمدارك والذخيرة وشرح المفاتيح:

 

===============

 

( 423 )

 

الجواز. للاصل، مع عدم دليل ظاهر غير ما عرفت من ظهور الاجماع المدعى في محكي المصابيح. ولكنه ضعيف المأخذ، إذ الظاهر أن مأخذه دعواهم الاجماع على أنها إذا فعلت وظيفتها كانت بحكم الطاهر، وتذييله في كلام جماعة بقولهم: " فيجوز لها الدخول في المساجد وقراءة العزائم والوطئ "، وانها إن لم تفعلها لا يجوز لها شئ من ذلك. وينبغي القطع بأن مرادهم دعوى الاجماع على أنها بحكم الطاهر، لا دعواه على عدم جواز الامور المذكورة مع عدمه، كما يشهد به ذكر الوطئ في المعتبر والتذكرة مع بنائه على جوازه بدون الغسل، قال في المعتبر: " مسألة: وإذا فعلت ذلك كانت طاهرا، مذهب علمائنا أجمع أن الاستحاضة حدث تبطل الطهارة بوجوده، فمع الاتيان بما ذكر من الوضوء إن كان قليلا، والاغتسال إن كان كثيرا يخرج عن حكم الحدث لا محالة، ويجوز لها استباحة كل ما تستبيحه الطاهر من الصلاة والطواف ودخول المساجد وحل وطئها، ولو لم تفعل ذلك كان حدثها باقيا ولم يجز أن تستبيح شيئا مما يشترط فيه الطهارة "، بل قوله (ره) في ذيل الكلام: " ولو لم تفعل... " صريح في أن المراد عدم استباحة ما يشترط فيه الطهارة بتركها الوظائف، لا الاجماع على اعتبار الطهارة من الاستحاضة في جواز دخول المساجد. ونحوه في التذكرة. هذا مضافا إلى أنه لا يعتبر فعل الوضوء في القليلة في جواز الدخول في المساجد بلا خلاف كما سبق. ولو تم ظهور الاجماع فليس بنحو يصح أن يعتمد عليه في رفع اليد عن الاصل المقتضي للجواز، ولا سيما بعد مخالفة الجماعة صريحا. نعم قد يقال بأنها إذا كانت مسبوقة بالحيض يكون المنع مقتضى الاستصحاب وفيه: أنه على تقدير عدم الغسل للحيض يكون المنع معلوما، وعلى تقدير الغسل له لا إشكال في الجواز بعد الغسل - بناء على التداخل - للاكتفاء.

 

===============

 

( 424 )

 

[ والوطئ (1) ] بغسل الحيض حينئذ، فيكون الجواز مقتضى الاستصحاب لا المنع. (1) كما عن ظاهر الصدوقين في الرسالة والهداية، بل في الرياض: نسبة توقفه على سائر أفعال المستحاضة - قليلة أو كثيرة، أغسالا كانت أو غيرها - إلى الشهرة العظيمة. والعمدة فيه: ما في موثق سماعة: " وان أراد زوجها أن يأتيها فحين تغتسل " (* 1)، وما في خبر قرب الاسناد: " قلت: يواقعها زوجها: قال (ع): إذ طال بها ذلك فلتغتسل ولتتوضأ ثم يواقعها إن أراد " (* 2)، وما في خبر عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال: " سألت أبا عبد الله (ع) عن المستحاضة، أيطؤها زوجها؟ وهل تطوف بالبيت؟ قال (ع): تقعد قرأها... إلى أن قال (ع): وكل شئ استحلت به الصلاة فليأتها زوجها ولتطف بالبيت " (* 3)، وما في موثق الفضيل وزرارة عن أحدهما (ع): " فإذا حلت لها الصلاة حل لزوجها أن يغشاها " (* 4). لكن الظاهر من الحل في الاخير - بقرينة سوقه مساق حل الصلاة - الجواز مقابل الحرمة، لا الصحة مقابل الفساد، فتدل على جواز الوطئ متى جازت لها الصلاة. والظاهر أنه هو المراد مما في خبر البصري، بقرينة السؤال في صدره عن أصل جواز الوطئ والطواف لا عن شرطهما، فيكون إطلاقهما دالا على الجواز كمصحح ابن سنان الآتي. وأما ما في خبر قرب الاسناد فتعليق الجواز فيه على الطول يشهد بأن المراد تعليق جواز خاص

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 1 من أبواب الاستحاضة حديث: 6 (* 2) الوسائل باب: 1 من أبواب الاستحاضة حديث: 15 (* 3) الوسائل باب: 1 من أبواب الاستحاضة حديث: 8 (* 4) الوسائل باب: 1 من أبواب الاستحاضة حديث: 12

 

===============

 

( 425 )

 

[ وقراءة العزئم (1) على الاحوط. ولا يجب لها الغسل مستقلا بعد الاغسال الصلاتية (2) وإن كان أحوط. ] لا مطلق الجواز مقابل الحرمة، فلا يكون مما نحن فيه. ومن ذلك تسهل المناقشة في الموثق، فان حمل الامر فيه على الاستحباب والارشاد إلى رفع الكراهة لعله أولى من التصرف في إطلاق مثل مصحح ابن سنان: " ولا بأس أن يأتيها بعلها إذا شاء إلا أيام حيضها " (* 1) ونحوه غيره. وأما بقية النصوص المستدل بها على اعتبار الغسل أو مطلق الافعال فقاصرة الدلالة على ذلك جدا. فالقول بعدم الاعتبار مطلقا - كما في المعتبر والتذكرة والتحرير والبيان والدروس والمهذب وغيرها - لا يخلو من قوة. وإن كانت صناعة الاستدلال تقتضي الاول، لان تقييد المطلق أولى عندهم من حمل المقيد على الاستحباب. بل لا يبعد حمل مثل المصحح على إرادة الحل الذاتي، وإن كان مشروطا بالغسل فلا ينافي الموثق. نعم قد يخدش في الموثق بأنه ظاهر في اعتبار معاقبة الوطئ للغسل، لم يقل به أحد. والتصرف فيه بحمله على اعتبار الغسل للصلاة في جواز الوطئ ليس بأولى من حمله على الاستحباب، ولا سيما بملاحظة جواز وطئ الحائض قبل الغسل بعد انقطاع الدم، وليس حدث الاستحاضة بأعظم من حدث الحيض. لكن الانصاف أن الخدش المذكور ضعيف، لتعارف التعبير عن الشرطية المطلقة من دون معاقبة بمثل ذلك، فالمراد: " من حين تغتسل ". (1) الكلام فيها هو الكلام في المكث في المساجد من حيث الاصل وظهور الاجماع، لعدم تعرض النصوص لها. (2) لكفاية الاغسال الصلاتية في استباحتها إجماعا، استظهره شيخنا

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 1 من أبواب الاستحاضة حديث: 4

 

===============

 

( 426 )

 

[ نعم إذا أرادت شيئا من ذلك قبل الوقت وجب عليها الغسل مستقلا (1) على الاحوط. وأما المس فيتوقف على الوضوء ] الاعظم (ره) وغيره، وقد عرفت أنه المتيقن من معقد الاجماع، على أنها إذا فعلت وظيفتها فهي بحكم الطاهر. نعم المصرح به في كلام غير واحد الاختصاص بالوقت، فلا يجتزأ بغسل الصلاة بعد خروج وقتها في غاية أخرى. وعليه يكون المرجع في غير الوقت عموم اعتبار الطهارة في فعل تلك الغاية المقتضي لوجوب الغسل. اللهم إلا أن يقال: بعد أن لم يكن الغسل طهارة حقيقية بل تخفيف للحدث، فوجوبه لا بد أن يكون بدليل، إذ الاصل فيه البراءة. مع أن العدم مقتضى الاستصحاب. ثم إن الذي دعا إلى تقييد إطلاق كلامهم في الاجتزاء بالغسل بخصوص الوقت ما ذكروه من أنه إذا أرادت المستحاضة صلاة الليل قدمت غسل الفجر وصلت به صلاة الليل، ولو كان غسل العشائين يكفي للغايات ولو بعد الوقت لم تكن حاجة إلى التقديم. هذا والجمع بين الكلامين يقتضي حمل كلامهم الاخير على ما لو لم تغتسل للعشائين لحدوث الاستحاضة بعدهما أو لغير ذلك، وإلا فكلامهم آب عن هذا التقييد جدا. فلاحظ. (1) يعني: الغسل لاجلها، أما مشروعية الغسل فلما عرفت الاشارة إليه، من أن ظاهر نصوص الاستحاضة كونها حدثا، وأن رافعه الغسل والوضوء، فإذا بني على عدم جواز فعل الغايات المذكورة مع الحدث الاكبر لا بد من إيجاب الغسل عليها لاجلها، وحينئذ يجوز لها فعل الغاية. نعم قد يشكل التعبد بالغسل إذا لم يكن فعل الغاية راجحا، إذ لا أمر غيري به يصح لاجله التعبد، والامر به بما أنه طهارة مقطوع بعدمه. لكنه إشكال من جهة أخرى غير الاشكال فيه من جهة عدم مشروعية الغاية العبادية قبل

 

===============

 

( 427 )

 

[ والغسل، ويكفيه الغسل للصلاة. نعم إذا أرادت التكرار يجب تكرار الوضوء والغسل (1) على الاحوط، بل الاحوط ترك المس لها مطلقا (2). (مسألة 19): يجوز للمستحاضة قضاء الفوائت مع الوضوء والغسل وسائر الاعمال لكل صلاة. ويحتمل جواز اكتفائها بالغسل للصلوات الادائية. لكنه مشكل (3) ] الوقت، الذي مال إليه في الجواهر. كما أشرنا إليه آنفا. (1) أما تكرار الوضوء فلما عرفت من عدم ثبوت الاجماع على عدم تجديده، وأما تكرار الغسل فغير ظاهر لعدم وجوب تجديده إجماعا. اللهم إلا أن يختص ذلك بالغسل المأتي به لصلاة الفريضة لا مطلقا، لعدم ثبوت الاجماع على عدم وجوب التجديد في غيره. لكن الاصل يقتضي عدم لزوم التكرار، كما عرفت في مسألة الاجتزاء بغسل الصلاة لفعل الغايات الاخرى خارج الوقت، لكون الشك في المقام كالشك في تلك المسألة. (2) لما عرفت الاشارة إليه، من أن مقتضى كون الغسل على النحو المذكور طهارة اضطرارية عدم جواز فعل الغايات الوسعة معه. لكن الظاهر منهم التسالم على الجواز، والنصوص صريحة في جواز الطواف والوطئ، والتأمل في قولهم: " انها إذا فعلت ذلك كانت بحكم الطاهر " يقتضي أن يكون الجواز عندهم من الواضحات. ومن ذلك يظهر الوجه في قوله (ره): " يجوز للمستحاضة قضاء الفوائت "، كما أشار إلى ذلك في الجواهر. (3) لم يظهر الفرق بين القضاء وغيره، الذي قد تقدم احتياجه إلى تجديد الغسل للاجماع عليه، قال في الروض: " ليس للمستحاضة أن تجمع بين صلاتين بوضوء واحد، سواء في ذلك الفرض والنفل، أما غسلها فللوقت

 

===============

 

( 428 )

 

[ والاحوط ترك القضاء إلى النقاء (1). (مسألة 20): المستحاضة تجب عليها صلاة الآيات (2) وتفعل لها كما تفعل لليومية (3)، ولا تجمع بينهما بغسل وإن اتفقت في وقتها (4). (مسألة 21): إذا أحدثت بالاصغر في أثناء الغسل لا يضر بغسلها على الاقوى (5) لكن يجب عليها الوضوء بعده (6) وإن توضأت قبله. (مسألة 22): إذا أجنبت في أثناء الغسل أو مست ميتا استأنفت غسلا واحدا لهما (7) ويجوز لها إتمام غسلها واستئنافه ] تصلي به ما شاءت من النفل والفرض، أداء وقضاء ". (1) لما عرفت من الاشكال في عموم الحكم للغايات الموسعة. (2) لاطلاق أدلة وجوبها. (3) لان ذلك طهارتها من حدثها، التي لا يفرق في اعتبارها بين اليومية وغيرها كما عرفت. (4) هذا لا يخلو من إشكال، للاجماع على عدم الاحتياج إلى التجديد في الوقت، كما تقدمت الاشارة إليه في كلام شيخنا الاعظم (ره). وقال في البرهان القاطع: " لم أجد من أفتى بوجوب تجديده بعد وقوعه لفريضة الوقت لغاية أخرى في وقتها، وهو المتيقن من معقد الاجماع... ". نعم خارج الوقت محل الاشكال في عدم وجوب التجديد، كما تقدم في كلام الروض، ونحوه غيره، كما أشرنا إليه آنفا. (5) كما تقدم في غسل الجنابة. (6) لرفع أثر الحدث الاصغر. (7) تقدم الكلام في ذلك في مسألة تداخل الاغسال.

 

===============

 

( 429 )

 

[ لاحد الحدثين إذا لم يناف المبادرة إلى الصلاة بعد غسل الاستحاضة، وإذا حدثت الكبرى في اثناء غسل المتوسطة استأنفت للكبرى (1). (مسألة 23): قد يجب على صاحبة الكثيرة، بل المتوسطة أيضا خمسة أغسال، كما إذا رأت أحد الدمين قبل صلاة الفجر، ثم انقطع (2)، ثم رأته قبل صلاة الظهر ثم انقطع، ثم رأته عند العصر ثم انقطع. وهكذا بالنسبة إلى المغرب والعشاء. ] (1) بلا إشكال ظاهر. لاطلاق دليل اقتضاء الكبرى فيجب إعماله، ولا مجال لاتمام الغسل الاول ثم الاستئناف للكبرى، لان الكبرى تنقض رافع ما دونها، لكونها مع مما دونها من قبيل الاكثر والاقل، فيكون المقام من قبيل الجنابة في أثناء الغسل، والبول أثناء الوضوء، لا من قبيل الجنابة أو المس في أثناء غسل الاستحاضة. (2) يعني: انقطع قبل الغسل والصلاة. وهكذا في الباقي. ووجه وجوب الغسل: أن الدم في جميع الموارد المذكورة حدث يوجب الغسل، كما تقدم في المسألة الرابعة عشرة. ومثله ما لو كان الانقطاع بعد الغسل والصلاة، وكانت الفترة تسع الصلاة في الوقت، فانه يجب عليها تجديد الغسل واعادة الصلاة، لانكشاف فسادهما. لكن هذا الفرض خارج عن مورد الكلام، وإن كان الواجب فيه خمسة أغسال، والاغسال الخمسة المأتي بها باطلة، وإذا كانت الفترة في غير الوقت كما لو رأت الدم بعد الفجر فاغتسلت وصلت وبعد طلوع الشمس انقطع إلى الزوال، ثم رأته وكانت الاستحاضة متوسطة ففي وجوب الغسل للظهر إشكال، لان الفترة لا تزيد على الاستمرار، والاصل يقتضي البراءة، كما عرفت.

 

===============

 

( 430 )

 

[ ويقوم التيمم مقامه إذا لم تتمكن منه (1)، ففي الفرض المزبور عليها خمسة تيممات، وإن لم تتمكن من الوضوء أيضا فعشرة (2) كما أن في غير هذه إذا كانت وظيفتها التيمم ففي القليلة خمسة تيممات وفي المتوسطه ستة (3) وفي الكثيرة ثمانية (4) إذا جمعت بين الصلاتين، وإلا فعشرة (5).