فصل في الاغسال المندوبة

[ فصل في الاغسال المندوبة وهي كثيرة وعد بعضهم سبعا وأربعين، وبعضهم أنهاها إلى خمسين، وبعضهم إلى أزيد من ستين، وبعضهم إلى سبع وثمانين وبعضهم إلى مائة. وهي أقسام زمانية ومكانية وفعلية. اما للفعل الذي يريد أن يفعل، أو للفعل الذي فعله. والمكانية أيضا في الحقيقة فعلية، لانها إما للدخول في المكان أو للكون فيه. أما الزمانية فأغسال: (أحدها): غسل الجمعة، ورجحانه من الضروريات، وكذا تأكد استحبابه معلوم من الشرع. والاخبار في الحث عليه كثيرة، وفي بعضها أنه يكون طهارة له من الجمعة إلى الجمعة (* 1)، وفي آخر غسل يوم الجمعة طهور وكفارة لما بينهما من الذنوب من الجمعة إلى الجمعة (* 2). وفي جملة منها التعبير بالوجوب، ففي الخبر: انه واجب على كل ذكر أو أنثى من حر أو عبد (* 3)، وفي آخر عن غسل يوم الجمعة فقال (ع): " واجب على كل ذكر وأنثى من حر أو عبد (* 4) " وفي ثالث: " الغسل واجب يوم الجمعة (* 5) "، وفي رابع قال الراوي: كيف صار غسل الجمعة واجبا، فقال (ع): ]

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 6 من أبواب الاغسال المسنونة حديث: 18. (* 2) الوسائل باب: 6 من أبواب الاغسال المسنونة حديث: 14. (* 3) الوسائل باب: 6 من أبواب الاغسال المسنونة حديث: 20. (* 4) الوسائل باب: 6 من أبواب الاغسال المسنونة حديث: 6. (* 5) الوسائل باب: 6 من أبواب الاغسال المسنونة حديث: 5.

 

===============

 

( 274 )

 

[ " إن الله أتم صلاة الفريضة بصلاة النافلة..... (إلى أن قال): وأتم وضوء النافلة بغسل يوم الجمعة " (* 1)، وفي خامس: " لا يتركه إلا فاسق " (* 2)، وفي سادس عمن نسيه حتى صلى قال (ع): " إن كان في وقت فعليه أن يغتسل ويعيد الصلاة وإن مضى الوقت فقد جازت صلاته " (* 3).. إلى غير ذلك ولذا ذهب جماعة إلى وجوه، منهم الكليني والصدوق وشيخنا البهائي، على ما نقل عنهم. لكن الاقوى استحبابه، والوجوب في الاخبار منزل على تأكد الاستحباب، وفيها قرائن كثيرة على إرادة هذا المعنى، فلا ينبغي الاشكال في عدم وجوبه، وإن كان الاحوط عدم تركه. (مسألة 1): وقت غسل الجمعة من طلوع الفجر الثاني إلى الزوال، وبعده إلى آخر يوم السبت قضاء. لكن الاولى والاحوط فيما بعد الزوال إلى الغروب من يوم الجمعة أن ينوي القربة من غير تعرض للاداء والقضاء كما أن الاولى مع تركه إلى الغروب أن يأتي به بعنوان القضاء في نهار السبت لا في ليله. وآخر وقت قضاءه غروب يوم السبت. واحتمل بعضهم جواز قضاءه إلى آخر الاسبوع، لكنه مشكل، نعم لا بأس به لا بقصد الورود، بل برجاء المطلوبية، لعدم الدليل عليه إلا الرضوي (* 4)، الغير المعلوم كونه منه عليه السلام. ]

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 6 من أبواب الاغسال المسنونة حديث: 7. (* 2) مستدرك الوسائل باب: 4 من أبواب الاغسال المسنونة حديث: 2. (* 3) الوسائل باب: 8 من أبواب الاغسال المسنونة حديث: 1. (* 4) مستدرك الوسائل باب: 6 من ابواب الاغسال المسنونة حديث: 1.

 

===============

 

( 275 )

 

[ (مسألة 2): يجوز تقديم غسل الجمعة يوم الخميس، بل وليلة الجمعة إذا خاف إعواز الماء يومها أما تقديمه ليلة الخميس فمشكل. نعم لا بأس به مع عدم قصد الورود. واحتمل بعضهم جواز تقديمه حتى من أول الاسبوع أيضا. ولا دليل عليه. وإذا قدمه يوم الخميس ثم تمكن منه يوما الجمعة يستحب إعادته، وإن تركه يستحب قضاؤه يوم السبت، وأما إذا لم يتمكن من أدائه يوم الجمعة فلا يستحب قضاؤه، وإذا دار الامر بين التقديم والقضاء فالاولى اختيار الاول. (مسألة 3): يستحب أن يقول حين الاغتسال: " أشهد أن لا إله الا الله، وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، اللهم صل على محمد وآل محمد، واجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين ". (مسألة 4): لا فرق في استحباب غسل الجمعة بين الرجل والمرأة، والحاضر والمسافر، والحر والعبد، ومن يصلي الجمعة ومن يصلي الظهر، بل الاقوى استحبابه للصبي المميز. نعم يشترط في العبد إذن المولى إذا كان منافيا لحقه، بل الاحوط مطلقا. وبالنسبة إلى الرجال آكد، بل في بعض الاخبار (* 1) رخصة تركه للنساء. (مسألة 5): يستفاد من بعض الاخبار كراهة تركه (* 2) بل في بعضها الامر باستغفار التارك (* 3)، وعن أمير المؤمنين ]

 

 

____________

(* 1) مستدرك الوسائل باب: 3 من ابواب الاغسال المسنونة حديث: 3. (* 2) الوسائل باب: 7 من ابواب الاغسال المسنونة حديث: 1. (* 3) الوسائل باب: 7 من ابواب الاغسال المسنونة حديث: 3.

 

===============

 

( 276 )

 

[ عليه السلام أنه قال في مقام التوبيخ لشخص: " والله لانت أعجز من تارك الغسل يوم الجمعة، فانه لا يزال في طهر إلى الجمعة الاخرى " (* 1) (مسألة 6): إذا كان خوف فوت الغسل يوم الجمعة لا لاعواز الماء، بل لامر آخر - كعدم التمكن من استعماله، أو لفقد عوض الماء مع وجوده - فلا يبعد جواز تقديمه أيضا يوم الخميس، وإن كان الاولى عدم قضية الخصوصية والورود بل الاتيان به برجاء المطلوبية. (مسألة 7): إذا شرع في الغسل يوم الخميس من جهة خوف إعواز الماء يوم الجمعة فتبين في الاثناء وجوده وتمكنه منه يومها بطل غسله، ولا يجوز إتمامه بهذا العنوان والعدول منه إلى غسل آخر مستحب، إلا إذا كان من الاول قاصدا للامرين. (مسألة 8): الاولى إتيانه قريبا من الزوال، وإن كان يجزي من طلوع الفجر إليه، كما مر. (مسألة 9) ذكر بعض العلماء أن في القضاء كلما كان أقرب إلى وقت الاداء كان أفضل، فاتيانه في صبيحة السبت أولى من إتيانه عند الزوال منه أو بعده، وكذا في التقديم، فعصر يوم الخميس أولى من صبحه، وهكذا. ولا يخلو عن وجه، وإن لم يكن واضحا. وأما أفضلية ما بعد الزوال من يوم الجمعة من يوم السبت فلا إشكال فيه وإن قلنا بكونه قضاء كما هو الاقوى. ]

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 7 من أبواب الاغسال المسنونة حديث: 2.

 

===============

 

( 277 )

 

[ (مسألة 10): إذا نذر غسل الجمعة وجب عليه، ومع تركه عمدا تجب الكفارة، والاحوط قضاؤه يوم السبت، وكذا إذا تركه سهوا، أو لعدم التمكن منه، فان الاحوط قضاؤه، وأما الكفارة فلا تجب الا مع التعمد. (مسألة 11): إذا اغتسل بتخيل يوم الخميس بعنوان التقديم، أو بتخيل يوم السبت بعنوان القضاء، فتبين كونه يوم الجمعة، فلا يبعد الصحة، خصوصا إذا قصد الامر الواقعي وكان الاشتباه في التطبيق. وكذا إذا اغتسل بقصد يوم الجمعة فتبين كونه يوم الخميس مع خوف الاعواز أو يوم السبت. وأما لو قصد غسلا آخرا غير غسل الجمعة أو قصد الجمعة فتبين كونه مأمورا بغسل آخر ففي الصحة إشكال، إلا إذا قصد الامر الفعلي الواقعي وكان الاشتباه في التطبيق. (مسألة 12): غسل الجمعة لا ينقض بشئ من الحدث الاصغر والاكبر، إذ المقصود إيجاده يوم الجمعة وقد حصل. (مسألة 13): الاقوى صحة غسل الجمعة من الجنب والحائض، بل لا يبعد إجزاؤه عن غسل الجنابة، بل عن غسل الحيض إذا كان بعد انقطاع الدم. (مسألة 14): إذا لم يقدر على الغسل لفقد الماء أو غيره يصح التيمم ويجزي. نعم لو تمكن من الغسل قبل خروج الوقت فالاحوط الاغتسال لادراك المستحب. (الثاني): من الاغسال الزمانية أغسال ليالي شهر رمضان يستحب الغسل في ليالي الافراد من شهر رمضان، وتمام ليالي ]

 

===============

 

( 278 )

 

[ العشر الاخيرة. ويستحب في ليلة الثالث والعشرين غسل آخر في آخر الليل. وأيضا يستحب الغسل في اليوم الاول منه، فعلى هذا الاغسال المستحبة فيه اثنان وعشرون. وقيل باستحباب الغسل في جميع لياليه حتى ليالي الازواج، وعليه يصير اثنان وثلاثون. ولكن لا دليل عليه. لكن الاتيان لاحتمال المطلوبية في ليالي الازواج من العشرين الاوليين لا بأس به. والآكد منها ليالي القدر، وليلة النصف، وليلة سبعة عشر، والخمس والعشرين، والسبع والعشرين، والتسع والعشرين منه. (مسألة 15): يستحب أن يكون الغسل في الليلة الاولى واليوم الاول من شهر رمضان في الماء الجاري. كما أنه يستحب أن يصب على رأسه قبل الغسل أو بعده ثلاثين كفا من الماء ليأمن من حكة البدن. ولكن لا دخل لهذا العمل بالغسل، بل هو مستحب مستقل. (مسألة 16): وقت غسل الليالي تمام الليل، وإن كان الاولى إتيانها أول الليل، بل الاولى إتيانها قبل الغروب أو مقارنا له ليكون على غسل من أول الليل إلى آخره. نعم لا يبعد في ليالي العشر الاخير رجحان إتيانها بين المغرب والعشاء لما نقل من فعل النبي صلى الله عليه وآله (* 1) وقد مر أن الغسل الثاني في ليلة الثالثة والعشرين في آخره. (مسألة 17): إذا ترك الغسل الاول في الليلة الثالثة والعشرين في أول الليل لا يبعد كفاية الغسل الثاني عنه، والاولى ]

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 14 من أبواب الاغسال المسنونة حديث: 6.

 

===============

 

( 279 )

 

[ أن يأتي بهما آخر الليل برجاء المطلوبية، خصوصا مع الفصل بينهما. ويجوز إتيان غسل واحد بعنوان التداخل وقصد الامرين. (مسألة 18): لا تنقض هذه الاغسال أيضا بالحدث الاكبر والاصغر، كما في غسل الجمعة. (الثالث) غسل يومي العيدين الفطر والاضحى، وهو من السنن المؤكدة، حتى أنه ورد في بعض الاخبار أنه لو نسى غسل يوم العيد حتى صلى إن كان في وقت فعليه أن يغتسل ويعيد الصلاة، وإن مضى الوقت فقد جازت صلاته (* 1) وفي خبر آخر عن غسل الاضحى فقال (ع): " واجب إلا بمنى " (* 2)، وهو منزل على تأكيد الاستحباب لصراحة جملة من الاخبار (* 3) في عدم وجوبه. ووقته بعد الفجر إلى الزوال، ويحتمل إلى الغروب، والاولى عدم نية الورود إذا أتى به بعد الزوال، كما أن الاولى إتيانه قبل صلاة العيد لتكون مع الغسل ويستحب في غسل عيد الفطر أن يكون في نهر، ومع عدمه أن يباشر بنفسه الاستقاء بتخشع، وأن يغتسل تحت الظلال أو تحت حائط، ويبالغ في التستر، وأن يقول عند إرادته: " اللهم إيمانا بك وتصديقا بكتابك واتباع سنة نبيك "، ثم يقول: " بسم الله " ويغتسل، ويقول بعد الغسل: " اللهم اجعله كفارة لذنوبي وطهورا لديني، اللهم اذهب عني الدنس ". والاولى إعمال هذه الآداب في غسل يوم الاضحى أيضا، لكن لا بقصد ]

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 16 من أبواب الاغسال المسنونة حديث: 3. (* 2) الوسائل باب: 16 من أبواب الاغسال المسنونة حديث: 4. (* 3) الوسائل باب: 16 من أبواب الاغسال المسنونة حديث: 1. ()

 

===============

 

( 280 )

 

[ الورود لاختصاص النص بالفطر. وكذا يستحب الغسل في ليلة الفطر. ووقته من أولها إلى الفجر، والاولى إتيانه أول الليل، وفي بعض الاخبار: " إذا غربت الشمس فاغتسل (* 1). والاولى إتيانه ليلة الاضحى أيضا لا بقصد الورود، لاختصاص النص بليلة الفطر. (الرابع): غسل يوم التروية، وهو الثامن من ذي الحجة ووقته تمام اليوم. (الخامس): غسل يوم عرفة، وهو أيضا ممتد إلى الغروب والاولى عند الزوال منه ولا فرق فيه بين من كان بعرفات أو سائر البلدان. (السادس): غسل أيام من رجب، وهي أوله ووسطه وآخره، ويوم السابع والعشرين منه، وهو يوم المبعث. ووقتها من الفجر إلى الغروب، وعن الكفعمي والمجلسي استحبابه في ليلة المبعث أيضا، ولا بأس به لا بقصد الورود. (السابع): غسل يوم الغدير، والاولى إتيانه قبل الزوال منه. (الثامن): يوم المباهلة، وهو الرابع والعشرون من ذي الحجة على الاقوى، وإن قيل انه يوم الحادي والعشرون، وقيل يوم الخامس والعشرين، وقيل انه السابع والعشرين منه ولا بأس بالغسل في هذه الايام لا بقصد الورود. (التاسع): يوم النصف من شعبان. (العاشر): يوم المولود، وهو السابع عشر من ربيع الاول. ]

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 15 من أبواب الاغسال المسنونة حديث: 1.

 

===============

 

( 281 )

 

[ (الحادي عشر): يوم النيروز. (الثاني عشر): يوم التاسع من ربيع الاول. (الثالث عشر): يوم دحو الارض، وهو الخامس والعشرين من ذي القعدة. (الرابع عشر): كل ليلة من ليالي الجمعة على ما قيل، بل في كل زمان شريف على ما قاله بعضهم، ولا بأس بهما لا بقصد الورود. (مسألة 19): لاقضاء للاغسال الزمانية إذا جاز وقتها كما لا تتقدم على زمانها مع خوف عدم التمكن منها في وقتها إلا غسل الجمعة كما مر. لكن عن المفيد إستحباب قضاء غسل يوم عرفة في الاضحى، وعن الشهيد استحباب قضائها أجمع وكذا تقديمها مع خوف عدم التمكن منها في وقتها. ووجه الامرين غير واضح. لكن لا بأس بهما لا بقصد الورود. (مسألة 20): ربما قيل بكون الغسل مستحبا نفسيا، فيشرع الاتيان به في كل زمان من غير نظر إلى سبب أو غاية ووجهه غير واضح، ولا بأس به لا بقصد الورود.