فصل في المطهرات

فصل في المطهرات وهي أمور: (أحدها): الماء (1). وهو عمدتها، لان سائر المطهرات مخصوصة بأشياء خاصة، بخلافه، فانه مطهر لكل متنجس (2)، بسم الله الرحمن الرحيم وله الحمد والمجد فصل في المطهرات (1) كما تقدم في أول مباحث المياه. (2) بلا اشكال ولا خلاف ظاهر، نعم قد تقدم في أول مباحث المياه الاشكال في ثبوت التعميم المذكور من الادلة اللفظية، وأن حذف المتعلق في رواية السكوني عن النبي صلى الله عليه وآله " الماء يطهر ولا يطهر " (* 1) لا يقتضيه، لقرب احتمال وروده مورد الايجاب الجزئي، في قبال السلب الكلي المستفاد من قوله (ع) " لا يطهر "، نعم قد يقتضيه النبوي المشهور: " خلق الله الماء طهورا " (* 2) ونحوه، بناء على كون الظاهر من الطهور

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 1 من ابواب الماء المطلق حديث: 6. (* 2) الوسائل باب: 1 من أبواب الماء المطلق حديث: 9  .

 

===============

 

( 4 )

 

[ حتى الماء المضاف بالاستهلاك (1)، بل يطهر بعض الاعيان النجسة، ] الطاهر المطهر، أو ما يتطهر به - كما هو الظاهر - فان إطلاقه يقتضي العموم كما يقتضي أيضا الاتكال في معرفة كيفية التطهير الى العرف. وهذا نظير ما لو ورد أن الشئ الفلاني منجس، فان إطلاقه يقتضي العموم وأن المرجع في كيفية التنجيس العرف. نعم لو شك في اعتبار شئ في كيفية التطهير عند العرف كان المرجع استصحاب النجاسة. وكذا لو شك في قابلية المحل للتطهير، لعدم صلاحية الكلام المذكور لاثبات القابلية، بل المرجع استصحاب النجاسة. ومن ذلك يظهر عدم تطهير الماء للمايعات، لعدم وضوح كيفية تطهيرها عرفا وعدم ثبوت قابليتها لذلك. نعم ثبت ذلك في الماء على تفصيل تقدم في مباحث المياه. هذا وقد ورد في موثق عمار في رجل يجد في إنائه فأرة، وقد توضأ من ذلك الماء مرارا أو اغتسل منه أو غسل ثيابه، وقد كانت الفأرة متسلخة: " إن كان رآها في الاناء قبل أن يغتسل أو يتوضأ أو يغسل ثيابه، ثم يفعل ذلك بعد ما رآها في الاناء فعلية أن يغسل ثيابه ويغسل كل ما أصابه ذلك الماء " (* 1)، ونحوه غيره، ودلالتها على العموم ظاهرة. لكنها واردة في موارد خاصة من النجاسات، فيمكن التعدي منها إلى غيرها بالاجماع. (1) لا تخلو العبارة من حزازة، إذ الطهارة بالاستهلاك لا وجه لنسبتها إلى الماء. وأيضا مرجع الاستهلاك إلى انعدام الموضوع، ومعه لا يتصف بالطهارة، كما لا يتصف بالنجاسة " لان ثبوت شئ لشئ فرع ثبوت المثبت له، فنسبة التطهير إلى الاستهلاك مبنية على المسامحة. نعم حكي عن العلامة (ره) أنه حكم بطهارة المضاف باتصاله بالكثير المطلق، وحينئذ تكون

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 4 من أبواب الماء المطلق حديث: 1.

 

===============

 

( 5 )

 

[ كميت الانسان، فانه يطهر بتمام غسله (1). ويشترط في التطهير به أمور، بعضها شرط في كل من القليل والكثير، وبعضها مختص بالتطهير بالقليل. أما الاول " فمنها ": زوال العين والاثر (2)، بمعنى الاجزاء الصغار منها (3)، بمعنى اللون والطعم (4) ونحوهما. ] نسبة المطهرية في محلها بلا مساهلة، إلا أن ثبوت الحكم المذكور غير ظاهر لقصور الادلة اللفظية عن إثباته، كما تقدم في محله. (1) كما سيأتي إن شاء الله تعالى. (2) هذا من القطعيات، لدخول ذلك في مفهوم الغسل المعتبر في التطهير. ولاعتباره في كيفية التطهير عرفا المنزل عليها إطلاق مطهرية الماء. ولان ملاقاة العين والاثر كما تقتضي التنجيس حدوثا تقتضيه بقاء " فلا يمكن زوال النجاسة مع وجودها. (3) يعني التي هي مصداق عرفي للنجاسة. (4) فلا يعتبر في التطهير زوالها اجماعا، كما عن المعتبر، وفي الجواهر: " يشهد له التتبع ". ويقتضيه إطلاق أدلة التطهير. والسيرة المستمرة، ولاسيما في مثل الاصباغ المتنجسة، كما ادعاها في الجواهر. وما ورد في الاستنجاء من أن الريح لا ينظر إليها (* 1). وما ورد في تطهير الثوب من دم الحيض من الامر بصبغه بمشق حتى يختلط (* 2)، وغير ذلك. (وما يقال): من أن بقاء الوصف - من اللون أو الطعم أو الريح - يدل على بقاء العين " لاستحالة انتقال العرض، للا يتحقق زوال العين إلا بزواله (مندفع) بأن

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 25 من أبواب النجاسات حديث: 2 (* 2) الوسائل باب: 25 من أبواب النجاسات حديث: 1، 3.

 

===============

 

( 6 )

 

[ " ومنها ": عدم تغير الماء في أثناء الاستعمال (1)، ] ذلك لو سلم عقلا فممنوع عرفا، والمدار عليه في حصول التطهير، كما عرفت. ومن ذلك يظهر ضعف ما عن المنتهى من وجوب إزالة اللون دون الرائحة، وما قد يظهر من القواعد من وجوب إزالتهما مع عدم العسر فيها، وما عن نهاية الاحكام من وجوب إزالة الرائحة وعدم وجوب إزالة اللون إذا كان عسر الزوال، بل ما حكي أيضا عنها من قوله: " ولو بقي اللون أو الرائحة وعسر إزالتهما ففي الطهارة إشكال ". ولو لا ما ذكره أخيرا لامكن حمل كلامه على صورة ما إذا كان بقاء الريح أو اللون ملازما لوجود عين النجاسة عرفا. وكيف كان فالعمل على ما في المتن متعين، لما عرفت. (1) كما نص عليه في نجاة العباد في المقام وفي مبحث الماء المستعمل. وظاهر بعض كونه من المسلمات، فان تم إجماعا كان هو الحجة، وإلا فمقتضى إطلاق مطهرية الغسل عدم اعتباره. والاجماع على نجاسة - وإن حكي عن جماعة - لا يقتضي ذلك، إذ القادح النجاسة قبل الاستعمال، لا ما كانت به، ولذا نقول بالطهارة حتى بناء على نجاسة ماء الغسالة. نعم مقتضى الاجماع على نجاسة المتخلف منه الحكم بنجاسة المحل به، وحينئذ يمتنع شمول أدلة التطهير له. (لا يقال): لامانع من شمول أدلة التطهير بالاضافة إلى النجاسة الاصلية، وإن تنجس بالماء المستعمل المتغير بها. (لانا نقول): ظاهر أدلة التطهير بالغسل الطهارة الفعلية، ولذا دلت على طهارة المتخلف، فإذا امتنع ثبوت الطهارة الفعلية للمحل من جهة الاجماع على نجاسة المتغير في المقام، لم يبق دليل على الطهارة وتعين الرجوع إلى استصحاب النجاسة. نعم هذا التقريب يختص بالغسلة المطهرة، ولا يجري فيها قبلها. فالعمدة في عموم الشرطية لجميع الغسلات الاجماع إن تم

 

===============

 

( 7 )

 

[ " ومنها ": طهارة الماء (1)، ولو في ظاهر الشرع (2). " ومنها ": إطلاقه (3)، بمعنى: عدم خروجه عن الاطلاق ] وإن كان قد يشعر ما في الجواهر في مبحث ماء الغسالة من قوله (ره): " نمنع حصول طهارة المحل بذلك " بعدم ثبوته. فراجع. هذا ويمكن أن يقال: إن إطلاقات مطهرية الغسل منصرفة عن الماء المتغير، بملاحظة أن المرتكز العرفي أن المتغير بنفسه قذارة، فلا يقوى على حمل القذارة من المحل، كما أن هذا الارتكاز مانع عن الرجوع إلى إطلاقات مطهرية الماء، لما عرفت من وجوب حمله على الكيفية العرفية. هذا كله بالنسبة إلى المتغير بعين النجاسة - كما هو ظاهر المتن، بقرينة قوله (ره) فيها يأتي في المسألة الثانية: " إلا إذا كان اللون... " - أما التغير بالمتنجس فلا يقدح في حصول التطهير، لعدم مجئ ما ذكر فيه. (1) بلا خلاف ولا إشكال. لانصراف نصوص التطهير بالماء عن الماء النجس، بملاحظة الارتكاز العرفي على أن الفاقد لا يعطي. بل لو فرض إطلاقها عارضه إطلاق قاعدة تنجس ملاقي النجس - بناء على تنجيس المتنجس - وبعد التعارض يرجع الى استصحاب النجاسة. مضافا إلى ما عرفت آنفا من ظهور أدلة التطهير بالغسل في ثبوت الطهارة الفعلية، وهو خلاف الاجماع على عدم طهارة الماء المتنجس بالغسل به، فإذا لم يمكن الاخذ بظاهرها امتنع الاخذ بغير الظاهر، لعدم القرينة. (2) لاجل استصحاب الطهارة، أو قاعدتها. لكن حينئذ تثبت طهارة المحل ظاهرا لا واقعا، لان طهارته واقعا من أحكام طهارة الماء واقعا، فإذا لم تثبت لم تثبت. (3) لما تقدم من عدم مطهرية المضاف.

 

===============

 

( 8 )

 

[ في أثناء الاستعمال. " وأما الثاني " فالتعدد في بعض المتنجسات كالمتنجس بالبول، وكالظروف - والتعفير - كما في المتنجس بولوغ الكلب - والعصر في مثل الثياب والفرش ونحوها مما يقبله. والورود (1)، أي: ورود الماء على المتنجس، دون العكس، على الاحوط. ] (1) لا ريب أنه المشهور، ولم أجد من جزم بخلافه مطلقا. كذا في الجواهر. والوجه فيه الاصل، بعد انصراف أدلة التطهير الى المتداول المتعارف عند الناس، من الغسل بنحو الورود. ولو سلم منعه فالاطلاقات مقيدة بما تضمن الامر بالصب (* 1) الظاهر في الورود (ويشكل) ذلك كله بمنع الانصراف. ولاسيما بملاحظة الارتكاز العرفي في كيفية إزالة القذارة حيث لا فرق عندهم فيها بين الورود وغيره، وتداول ذلك لا يجدي في تحقق الانصراف، لما عرفت مرارا من أن الغلبة لا يقيد بها المطلق، ولا سيما مع عدم ثبوت المتعارف في زمان الصدور. (وأما) الامر بالصب فهو وإن كان مقتضى الجمود عليه ظهوره في الورود، لكن الارتكاز العرفي مانع عنه، ولذا لم يفهم منه في غير المقام مما ورد في الوضوء والغسل وغيرهما، بل ظاهر أكثر الاصحاب (رض) كونه في المقام أعم من الامر بالغسل، كما يأتي في مبحث اعتبار العصر. فتأمل. مضافا إلى صحيح ابن مسلم: " سألت أبا عبد الله (ع) عن الثوب يصيبه البول: قال (ع): اغسله في المركن مرتين، فان غسلته في ماء جار فمرة

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 1 من ابواب النجاسات حديث: 4، 7، وباب: 3 من ابواب النجاسات حديث: 1، 2.

 

===============

 

( 9 )

 

[ (مسألة 1): المدار في التطهير زوال عين النجاسة دون أوصافها، فلو بقيت الريح أو اللون مع العلم بزوال العين كفى إلا أن يستكشف من بقائها بقاء الاجزاء الصغار (1)، أو يشك في بقائها، فلا يحكم حينئذ بالطهارة. (مسألة 2): إنما يشترط في التطهير طهارة الماء قبل الاستعمال، فلا يضر تنجسه بالوصول (2) إلى المحل النجس. وأما الاطلاق فاعتباره إنما هو قبل الاستعمال وحينه، فلو صار بعد الوصول إلى المحل مضافا لم يكف، كما في الثوب المصبوغ فانه يشترط في طهارته بالماء القليل بقاؤه على الاطلاق حتى حال العصر (3)، ] واحدة " (* 1). وحمل المركن على الكر غريب، ولا سيما وأن الفرق بين الكر والجاري لم يقل به أحد، وحمل الغسل فيه على إرادة وضع الثوب فيه وإيراد الماء عليه بعيد، لمخالفته لسياق ذيله، وكذا حمله على إرادة التنظيف قبل الغسل. ولما ذكرنا ناقش في الذكرى في اعتبار الورود، وتردد فيه غيره، بل عن شرح الارشاد والمفاتيح حكاية الشهرة على عدمه. (1) كما عرفت. (2) الباء للسببية، لا للظرفية، فلو تنجس بنجاسة خارجية لم يطهر المحل. ويعرف وجهه مما تقدم في اعتبار طهارة الماء. (3) أما اعتبار بقائه على الاطلاق إلى تمام نفوذه في أجزاء المتنجس فلانه لو صار مضافا بأول الملاقاة يخرج عن المطهرية، فيبقى ما نفذ إليه بعد الاضافة على نجاسة. وأما اعتبار بقائه على الاطلاق حتى العصر

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 2 من أبواب النجاسات حديث: 1.

 

===============

 

( 10 )

 

[ فما دام يخرج منه الماء الملون لا يطهر، إلا إذا كان الملون قليلا لم يصر إلى حد الاضافة. وأما إذا غسل في الكثير، فيكفي فيه نفوذ الماء في جميع أجزائه بوصف الاطلاق وإن صار بالعصر مضافا (1)، بل الماء المعصور المضاف أيضا محكوم بالطهارة. وأما إذا كان بحيث يوجب إضافة الماء بمجرد وصوله إليه، ولا ينفذ فيه إلا مضافا، فلا يطهر مادام كذلك (2). والظاهر أن اشتراط عدم التغير أيضا كذلك، فلو تغير بالاستعمال لم يكف (3) ما دام كذلك (4) ولا يحسب غسلة (5) من الغسلات ] فظاهر بناء على اعتبار العصر في مفهوم الغسل، إذ اعتبار الغسل بالماء حينئذ مساوق لاعتبار العصر حال كونه ماء، أما بناء على خروجه عنه فاعتباره مخالف لاطلاق ما دل على كفاية الغسل بالماء مطلقا. إلا أن يكون الوجه فيه هو أن قاعدة الانفعال تقتضي نجاسته، وبقاء نجاسة المحل ولو بعد انفصاله والاجماع أو الضرورة على طهارة المحل بالانفصال غير حاصلين في فرض الانقلاب الى الاضافة. إلا أن يقال: أدلة التطهير تدل بالدلالة الالتزامية على طهارة المتخلف، فاطلاقها محكم. (1) لعدم اعتبار العصر فيه، ولا مجال لاحتمال نجاسته، لاعتصامه قبل الاضافة. (2) لعدم تحقق الغسل بالماء. (3) تقدم الكلام فيه. (4) يعني متغيرا، فلو ذهب تغيره كان مطهرا، لعدم تمامية ما وجه به المنع عنه من الاجماع أو الانصراف، بل إطلاق المطهرية له محكم. (5) هذا يتم بناء على بعض وجوه المنع، كما أشرنا إليه آنفا.

 

===============

 

( 11 )

 

[ فيما يعتبر فيه التعدد. (مسألة 3): يجوز استعمال غسالة الاستنجاء في التطهير على الاقوى (1). وكذا غسالة ساير النجاسات على القول بطهارتها (2)، وأما على المختار من وجوب الاجتناب عنها احتياطا فلا. (مسألة 4): يجب في تطهير الثوب أو البدن بالماء القليل من بول غير الرضيع الغسل مرتين (3)، وأما من بول الرضيع ] (1) تقدم الكلام فيه في مبحث الماء المستعمل. (2) لاطلاق أدلة التطهير. ودعوى: الانصراف عنه، ممنوعة. وعن المبسوط والوسيلة المنع. وكأنه للشك الموجب للرجوع الى استصحاب نجاسة المغسول به. ولموثق عمار (* 1) الآمر بافراغ الماء بعد تحريكه. لكن الاطلاق مقدم على الاستصحاب. والامر بالافراغ لعله لاعتبار تعدد الماء المغسول به، ولا يكفي مجرد تعدد الغسل. مع أن التعدي عن مورده غير ظاهر. (3) على المشهور بين المتأخرين - كما في الجواهر - وفي المعتبر نسبته إلى علمائنا. لصحيح محمد المتقدم في مبحث اعتبار الورود. وصحيحه الآخر عن أحدهما (ع): " سألته عن البول يصيب الثوب. قال (ع): إغسله مرتين " (* 2)، ونحوهما صحيح ابن أبي يعفور (* 3). وحسن الحسين بن أبى العلاء: " سألت أبا عبد الله (ع) عن البول يصيب الجسد. قال (ع) صب عليه الماء مرتين فانما هو ماء. وسألته عن الثوب يصيبه البول. قال (ع):

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 53 من أبواب النجاسات حديث: 1 (* 2) الوسائل باب: 1 من أبواب النجاسات حديث: 1 (* 3) الوسائل باب: 1 من أبواب النجاسات حديث: 2.

 

===============

 

( 12 )

 

إغسله مرتين " (* 1). وصحيح أبى إسحاق النحوي عن أبي عبد الله (ع): " سألته عن البول يصيب الجسد. قال (ع): صب عليه الماء مرتين " (* 2) وعن السرائر عن جامع البزنطي: " سألته عن البول يصيب الجسد قال (ع): صب عليه الماء مرتين، فانما هو ماء. وسألته عن الثوب يصيبه البول قال (ع): إغسله مرتين " (* 3). هذا وعن ظاهر المبسوط والمنتهى وغيرهما الاكتفاء بالمرة، وعن البيان الجزم به. لاطلاق طهورية الماء. ولاطلاق بعض النصوص الآمر بالغسل. وفيه: أن الاطلاق مقيد بالنصوص المذكورة. وأضعف من ذلك الاستدلال بأصل البراءة. وأما مرسلة الكافي: " روي أنه يجزئ أن يغسل بمثله من الماء إذا كان على رأس الحشفة وغيره " (* 4) فضعيفة. واستظهر في الجواهر أنها إحدى روايتي نشيط (* 5) المذكورتين في مبحث الاستنجاء، يعني بهما: المرسلة والمسندة، المعارضة للمرسلة المذكورة، لدلالتها على اعتبار المثلين، أو المضطربة إن كانتا رواية واحدة. ولا يخلو من وجه وإن كان يبعده اختلاف المتن. هذا وفي القواعد: " أما الحكمية كالبول اليابس في الثوب فيكفى غسله مرة ". وقد يستدل له بما في رواية الحسين المتقدمة، على ما راها في المعتبر (* 6) والذكرى (* 7) بزيادة قوله: " الاول للازالة والثاني للانقاء "،

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 1 من ابواب النجاسات حديث: 4. (* 2) الوسائل باب: 1 من ابواب النجاسات حديث: 3. (* 3) الوسائل باب: 1 من أبواب النجاسات حديث: 7. (* 4) الوسائل باب: 1 من أبواب الماء المطلق حديث: 5. (* 5) الوسائل باب: 26 من احكام الخلوة حديث: 5، 7 ويشتمل الباب المذكور على اكثر ما نحن فيه. (* 6) المعتبر في مسائل أحكام النجاسات ص: 121. (* 7) الذكرى في أحكام النجاسات ص: 15 رواها خالية من السند والصدر.

 

===============

 

( 13 )

 

فانه مع اليبس لا حاجة إلى غسلة الازالة. ولكنه في غير محله، لعدم ثبوت الزيادة المذكورة، وعن المعالم: " لم أر لهذه الزيادة أثرا في كتب الحديث الموجودة الآن بعد التصفح بقدر الوسع، ولكنها موجودة في المعتبر، وأحسبها من كلامه "، ونحوه ما عن الذخيرة، والحدائق. ولو سلم ثبوتها فلا تصلح للتصرف في النصوص المذكورة، لانه يؤدي الى حمل النصوص على صورة وجود العين، وهو خلاف الغالب، وإلى حمل الامر بالغسلة الاولى على الحكم العرفي لا الشرعي، وعلى التخييري لا التعييني، لان الازالة كما تكون بالغسل تكون بالشمس، وبالهواء، وبالمسح بشئ، وبغيرها، وكل ذلك خلاف الظاهر، بل خلاف السياق مع الامر بالغسلة الثانية، كما لا يخفى، ولا يمكن ارتكاب جميع ذلك بمجرد هذه الزيادة، بل حمل الازالة على إزالة المرتبة الشديدة وحمل الانقاء على إزالة المرتبة الضعيفة التي لا يعتد بها أولى. وكأنه لذلك جزم في الذكرى بوجوب التعدد، واستدل له بالرواية المذكورة مع الزيادة. وفي المدارك وعن المعالم الاكتفاء بالمرة في البدن، استضعافا لنصوص التعدد، وعملا بغيرها من المطلقات. ويشكل بأن الروايات الواردة في البدن هي الروايات المذكورة أخيرا. وليس في الاولى من يتوقف في روايته إلا الحسين، لعدم توثيق الشيخ والنجاشي صريحا إياه. ولكن حكى ابن داود عن شيخه ابن طاووس في البشرى تزكيته، وهو ظاهر عبارة النجاشي حيث قال في ترجمته: " وأخواه علي و عبد الحميد، روى الجميع عن أبى عبد الله (ع)، وكان الحسين أو جههم... " وقد نصوا على توثيق عبد الحميد أخيه، فيدل الكلام المذكور على أنه أوثق منه. وحمل " الاوجه " على غير هذا المعنى خلاف الظاهر. وليس في الرواية الثانية من يتوقف

 

===============

 

( 14 )

 

في روايته إلا أبو إسحاق النحوي، وهو ثعلبة بن ميمون، الذي قال النجاشي في ترجمته: " إنه كان وجها من أصحابنا قارئا فقيها نحويا لغويا رواية، وكان حسن العمل كثير العبادة والزهد "، ونحوه كلام غيره. وقال الكشي: " ذكر حمدويه عن محمد بن عيسى أن ثعلبة بن ميمون مولى محمد بن قيس الانصاري، هو ثقة خير فاضل مقدم معلوم في العلماء والفقهاء الاجلة من هذه العصابة ". وقال الوحيد (ره): " هو من أعاظم الثقاة والزهاد والعباد والفقهاء والعلماء الامجاد... ". وأما الثالثة ففيها ابن إدريس، وحاله في الجلالة والوثاقة مما لا مجال للريب فيه، كما لا مجال للريب في صحة روايته عن الاصول المذكورة في مستطرفاته. فإذا: التفصيل المذكور ضعيف. هذا ومقتضى إطلاق النصوص عدم الفرق بين بول الآدمي وغيره، ونجس العين وغيره. ودعوى الانصراف إلى الآدمي، أو خصوص المسلم، ممنوعة. نعم تمكن دعوى كون نظر النصوص الى النجاسة البولية، أما من حيث إضافته إلى نجس العين - كالكلب، والكافر - فيرجع في تطهيرها إلى ما يرجع إليه في نجاسة سائر النجاسات، وسيأتى الكلام فيها، وفي موثق سماعة (* 1): " أن بول الكلب كبول الانسان ". فتأمل. ثم إنه قد اقتصر في النصوص، وكثير من فتاوى الاصحاب، على الثوب والبدن، فالتعدي إلى غيرهما محتاج إلى دعوى إلغاء خصوصيتهما عرفا، كما هو الظاهر، وقد قيل أن التوقف فيه من الخرافات. وهذا كله في التطهير بالقليل، أما الكثير فيكفي فيه المرة. لصحيح محمد بن مسلم (* 2) المتضمن للاكتفاء بها في الجاري. ولما ورد في ماء المطر من

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 8 من أبواب النجاسات حديث: 7. (* 2) الوسائل باب: 2 من أبواب النجاسات حديث: 1.

 

===============

 

( 15 )

 

[ غير المتغذي بالطعام (1) فيكفي صب الماء مرة (2)، وإن كان المرتان أحوط (3). وأما المتنجس بساير النجاسات - عدا الولوغ - ] الطهارة به بمجرد الرؤية (* 1)، بناء على إمكان التعدي من مورد هما إلى مطلق المعتصم، كما هو الظاهر. وسيأتى في المسألة الثالثة عشرة ما له نفع في المقام. فراجع. (1) كما سيأتي. (2) أما الاكتفاء بالصب، فهو المعروف الذي حكى عليه الاجماع صريحا وظاهرا... جماعة، والنصوص به وافية. وأما الاكتفاء بالمرة فعن المحقق في المعتبر وجماعة من المتأخرين التصريح به، بل لعله ظاهر كل من أفرده بالذكر مع عدم تنصيصه على التعدد. والعمدة فيه ما في ذيل حسن الحسين المتقدم من قوله: " وعن الصبي يبول على الثوب. قال (ع): تصب عليه الماء قليلا ثم تعصره " (* 2)، لظهور عدم ذكر العدد فيه مع ذكره فيما قبله في عدم اعتباره. وأما مصحح الحلبي: " سألت أبا عبد الله (ع) عن بول الصبي. قال (ع): تصب عليه الماء، فان كان قد أكل فاغسله بالماء غسلا " (* 3) فلا إطلاق له، لقرب احتمال كونه في مقام الاكتفاء بالصب في مقابل الغسل. وأما إطلاق موثق سماعة: " عن بول الصبي يصيب الثوب. فقال: اغسله... " (* 4) فمحمول على من أكل، بقرينة الامر بالغسل، وتقييده بالمرتين أولى من التصرف في الغسل. (3) وعن كشف الغطاء تعينهما، وفي الجواهر: " لم أعثر على موافق

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 6 من أبواب الماء المطلق حديث: 5. (* 2) الوسائل باب: 3 من أبواب النجاسات حديث: 1. (* 3) الوسائل باب: 3 من أبواب النجاسات حديث: 2. (* 4) الوسائل باب: 3 من أبواب النجاسات حديث: 3.

 

===============

 

( 16 )

 

[ فالاقوى كفاية الغسل مرة (1) بعد زوال العين، ] له صريحا ". وكأن الوجه فيه اشتمال رواية الحسين على الامر بالعصر، الذي لا يجب في غير المتغذي إجماعا، فان حمل الصبي فيه على المتغذي، تعين الاخذ بظاهر الامر بالعصر، وباطلاق ما دل على لزوم التعدد في للبول وإن حمل الصبي على غير المتغذي لزم التصرف بظاهر الامر بالعصر بحمله على الاستحباب، وباطلاق لزوم التعدد في البول بحمله على المتغذي، والاول أولى. نعم يعارض ذلك أيضا لزوم التصرف في ظهور ترك ذكر التعدد في الصبى في عدم لزومه إذا حمل على المتغذي، لكن لو سلم عدم رجحان الاول تكون الرواية مجملة، وتسقط عن صلاحية الاستدلال بها على المقام، ويتعين الرجوع إلى غيرها من المطلقات. (1) كما هو المنسوب إلى الاكثر. لا طلاق الامر بالغسل فيها، مثل ما ورد في الكلب: " إذا مسسته فاغسل يدك " (* 1)، وفي الخنزير: " قلت: وما على من قلب لحم الخنزير؟ قال (ع): يغسل يده " (* 2)، وفي الكافر: " فان صافحك بيده فاغسل يدك " (* 3) وفي أوانيه: " إذا اضطررتم إليها فاغسلوها بالماء " (* 4)، وفي عرق الجلال: " وإن أصابك من عرقها شئ فاغسله " (* 5)، وفي المني: " إن عرفت مكانه فاغسله " (* 6)، وفي الميتة: " وإن أخذت منه بعد أن يموت فاغسله " (* 7)،

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 12 من أبواب النجاسات حديث: 9. (* 2) الوسائل باب: 13 من أبواب النجاسات حديث: 4. (* 3) الوسائل باب: 14 من أبواب النجاسات حديث: 5. (* 4) الوسائل باب: 14 من أبواب النجاسات حديث: 12. (* 5) الوسائل باب: 15 من أبواب النجاسات حديث: 1. (* 6) الوسائل باب: 16 من أبواب النجاسات حديث: 1. (* 7) الوسائل باب: 23 من أبواب الاطعمة المحرمة: 32.

 

===============

 

( 17 )

 

وفى الميت: " في الرجل يصيب ثوبه جسد الميت. فقال عليه السلام: يغسل ما أصاب الثوب " (* 1)، وفي المسكر: " إذا أصاب ثوبك خمر أو نبيذ مسكر فاغسله إن عرفت موضعه " (* 2)، وفي القدر التي وقع فيها المسكر: " واللحم اغسله " (* 3)... إلى غير ذلك، مما ورد في المذكورات وغيرها. والمناقشة في ثبوت الاطلاق لهذه النصوص لو تمت في بعضها فلا تتم في الجميع. نعم يشكل الحكم في نجاسة لا يكون لدليل التطهير منها إطلاق، أو ليس في الادلة تعرض للتطهير منها، وإنما تعرضت لنجاستها، أو كان دليل نجاستها منحصرا في الاجماع. إلا أن يتمم الحكم في الجميع بعدم القول بالفصل، أو يكون دليل مطلق في التطهير عن مطلق النجاسات. لكن الاول محل تأمل وإن ادعاه في الذخيرة، ويساعده التتبع كما في الجواهر وغيرها. والثاني لم أقف عليه وإن ادعاه غير واحد. نعم يمكن أن يستفاد من إطلاق ما دل على مطهرية الماء، والعمدة فيه النبوي الذي رواه المؤالف والمخالف - كما عن السرائر - " خلق الله الماء طهورا لا ينجسه شئ إلا ما... " (* 4)، بناء على إطلاقه بلحاظ المطهر - بالفتح - كما هو الظاهر، وكما أشرنا إليه في صدر الفصل. واحتمال عدم وروده في مقام البيان مندفع بالاصل. (ودعوى): كونه مسوقا لمجرد الايجاب الجزئي، توطئة لقوله صلى الله عليه وآله: " لا ينجسه شئ "، وكأنه قيل: لما كان مطهرا كان لا ينجسه شئ، ولاجل اختصاص الثاني بالكثير

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 34 من أبواب النجاسات حديث: 2. (* 2) الوسائل باب: 38 من أبواب النجاسات حديث: 3. (* 3) الوسائل باب: 38 من أبواب النجاسات حديث: 8. (* 4) الوسائل باب: 1 من أبواب الماء المطلق ملحق حديث: 9.

 

===============

 

( 18 )

 

يختص الاول به، فلا يجدي في إثبات حكم التطهير بالقليل (غير ظاهرة) لعدم المناسبة بين الكلامين، لان المطهرات العرفية من شأنها الانفعال بالقذارة التي تطهر فيها، فلو كان المقصود من الجملة الاولى التوطئة، فهي توطئة تعبدية لاعرفية، والتوطئة التعبدية لا تنافي الاختلاف بينهما بالاطلاق والتقييد. وأضعف منها دعوى كون وحدة السياق تقتضي اختصاص الاول بالكثير، إذ من المعلوم أن وحدة السياق إنما تقتضي المساواة في الخصوص إذا استند إلى قرينة في نفس الكلام، لا ما إذا استند إلى قرينة خارجية - كما في المقام - فالعمومات الواقعة في سياق واحد ما إذا خصص بعضها بمخصص منفصل، لا يسري التخصيص منه إلى غيره بقرينة وحدة السياق ثم إنه حيث يثبت إطلاقه من حيث المطهر - بالفتح - فمقتضى الاطلاق المقامي الرجوع الى العرف في كيفية التطهير - كما اعترف به شيخنا الاعظم (ره) - وإن استشكل فيه في الجواهر، ولا ريب في كفاية المرة في التطهير عند العرف. والرجوع إليهم في كيفية إزالة القذارات التي عندهم شاهد بذلك (ودعوى): أن بناء العرف على الاكتفاء بالمرة إذا علم بزوال القذارة لا إذا شك فيه، والمقام من الثاني (مندفعة) بأن الشك في المقام في زوال النجاسة للشك في الكيفية المعتبرة عند الشارع، فإذا علم بأن الكيفية المعتبرة عنده هي الكيفية العرفية فلاشك في زوال النجاسة. هذا ولو لم يتم الاطلاق المذكور كان المرجع استصحاب النجاسة (ودعوى): أن النجاسة اعتبار منتزع من الحكم التكليفي بالغسل مرة أو مرتين، فالشك فيها راجع إلى الشك في وجوب الغسل مرة أو أكثر، واللازم في مثله الرجوع في الزائد إلى أصالة البراءة، (مندفعة) بأن

 

===============

 

( 19 )

 

الحكم بوجوب الغسل قد أخذ في موضوعه النجاسة، فيمتنع أن تكون النجاسة منتزعة منه. مضافا إلى أن النصوص الواردة في أحكام النجاسة ظاهرة في كون النجاسة أثرا عينيا حقيقيا يحصل من ملاقاة النجس أو المتنجس، لا مجرد الحكم بوجوب الغسل، كما لا يخفى. ومثلها في الاشكال دعوى: أن استصحاب النجاسة من قبيل استصحاب الفرد المردد بين طويل العمر وقصيره، والتحقيق أنه ليس بحجة إذ فيها: أن ذلك إنما يقدح في حجية الاستصحاب إذا كان الاثر الشرعي للنجاسة متعلقا بالفرد، ولكنه خلاف ظاهر الادلة في المقام، فان المستفاد من النصوص الواردة في الموارد المتفرقة - المتضمنة لعدم صحة الصلاة، أو لحرمة الشرب، أو نحو ذلك - أن الاثر للجهة المشتركة بين الافراد - أعني، طبيعة النجاسة - لا لنفس الافراد، بل قوله (ع) في رواية خيران الخادم الواردة في الثوب يصيبه الخمر، ولحم الخنزير: " لا تصل فيه فانه رجس " (* 1) كالصريح في كون ذلك حكما لكلي الرجس. فلاحظ، ولو سلم فكون المقام من قبيل الفرد المردد لا يخلو من خفاء، بل الظاهر كونه من قبيل الفرد المعين، وكون التردد في رافعه. وأضعف من ذلك دعوى أن الغسلة الاولى مزيلة لبعض مراتب النجاسة فيرجع الشك في الطهارة الى الشك في وجود مرتبة اخرى زائدة على تلك المرتبة، والاصل عدمها. إذ فيها: أن المرتبة المشكوكة معدودة عرفا من وجود المرتبة المعلومة الزوال بالغسلة الاولى، نظير السواد الضعيف المعدود من مراتب وجود القوي، فالشك يكون في البقاء لا في الحدوث على أن كون الغسلة الاولى مزيلة لبعض المراتب غير ظاهر، لجواز كونها

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 38 من أبواب النجاسات حديث: 4.

 

===============

 

( 20 )

 

[ فلا تكفي الغسلة المزيلة لها (1)، إلا أن يصب الماء مستمرا بعد زوالها، ] من قبيالشرط لتأثير الغسلة الثانية في رفع النجاسة. ثم إنه قد يستدل على وجوب التعدد بما في صحيح ابن مسلم عن أبي عبد الله (ع): " قال ذكر المني فشدده وجعله أشد من البول " (* 1) وما في روايتي الحسين والبزنطي من قوله (ع): " صب عليه الماء مرتين فانما هو ماء " (* 2) فان ذلك إذا اقتضى التعدد فالثخانة والقوام أولى بالاقتضاء. وفيه: أنه لا يظهر من الاول الجهة الملحوظ فيها الاشدية فمن الجائز أن يكون ذلك من جهة المانعية للصلاة، كما يناسبه قوله (ع) " إن رأيت المني قبل أو بعد ما تدخل في الصلاة... " لا زيادة العدد في مقام التطهير. وأما الثاني فالظاهر كونه تعليلا للاكتفاء بالصب. ثم إن الظاهر الاتفاق على كفاية المرتين، وبه ترفع اليد عن استصحاب النجاسة لو كان هو المرجع. وإن كان ظاهر الاستدلال على إلحاق سائر النجاسات بالبول، اعتمادا على ما في صحيح ابن مسلم، من أشدية المني، وما في روايتي البزنطي والحسين، من التعليل بأنه ماء، عدم الاكتفاء بالمرتين. (1) كما عن جماعة ممن اكتفى بالمرة، منهم المحقق في المعتبر، قال فيه: " وهل يراعى العدد في غير البول؟ فيه تردد، وأشبهه يكفي المرة بعد إزالة العين، لقوله (ع) في دم الحيض: حتيه ثم اغسليه " (* 3) لكن فيه: أنه يمتنع حمل الامر على الوجوب، للقطع، بعدم وجوب

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 16 من أبواب النجاسات حديث: 2. (* 2) الوسائل باب: 1 من أبواب النجاسات حديث: 4، 7. (* 3) المعتبر المسألة السادسة من أحكام النجاسات ص 121

 

===============

 

( 21 )

 

[ والاحوط التعدد (1) في ساير النجاسات أيضا، بل كونها غير الغسلة المزيلة (2). (مسألة 5): يجب في الاواني إذا تنجست بغير الولوغ الغسل ثلاث مرات (3) في الماء القليل، وإذا تنجست بالولوغ ] الحت، فالامر به لابد أن يكون محمولا على الاستحباب - كما عن جماعة - بل في المنتهى نسبته إلى علمائنا وأكثر أهل العلم، أو على الارشاد الى أمر عرفي، لان الحت قبل صب الماء أرفق في التطهير، وحينئذ فاطلاق الامر بالغسل وغيره الصادق على الغسلة المزيلة - كما اعترف به جماعة، منهم السيد في المدارك - محكم (ودعوى): الانصراف إلى غيرها ولو ببقاء الصب مستمرا بعد زوالها، غير ظاهرة. والظاهر عدم الفرق فيما ذكرنا بين المتنجس بالنجاسة، والمتنجس بغسالتها، والمتنجس بالمتنجس والنصوص في الجميع - في الجملة - وافية. فلاحظ رواية غسل اللحم (* 1) ورواية العيص (* 2) المتقدمة في نجاسة الغسالة. (1) بل هو الذي قواه جماعة إما مطلقا، كالشهيد في الذكرى، واللمعة والالفية، والمحقق في جامع المقاصد وحاشية الشرائع، وإما في خصوص ماله قوام وثخن، كالعلامة في التحرير والمنتهى، على ما حكي عنهم. (2) فان المشهور - كما في شرح النجاة - أن الاجتزاء بالمرة وعدمه إنما هو بعد غسلة الازالة، فلا يحصل الطهر بحصول الازالة بهما أو باحداهما. (3) كما عن ابن الجنيد، والشيخ في كتبه غير المبسوط، وعن

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 5 من أبواب الماء المضاف حديث: 3، وباب: 38 من أبواب النجاسات حديث: 8. (* 2) الوسائل باب: 9 من أبواب الماء المضاف حديث: 14.

 

===============

 

( 22 )

 

[ التعفير بالتراب مرة. وبالماء بعده مرتين (1). ] الذكرى، والدروس، وجامع المقاصد، وكثير من متأخري المتأخرين. لموثق عمار عن أبي عبد الله (ع): " سئل عن الكوز والاناء يكون قذرا كيف يغسل؟ وكم مرة يغسل؟ قال (ع): يغسل ثلاث مرات، يصب فيه الماء فيحرك فيه ثم يفرغ منه... " (* 1). وفي الشرائع وعن النافع، وأكثر كتب العلامة، والبيان، وروض الجنان، والمدارك وغيرها: الاكتفاء بالمرة. إما لاستضعاف الموثق والرجوع إلى أصل البراءة، أو الاطلاق. وإما لحمله على الاستحباب، بقرينة المرسل المروي في المبسوط: " وقد روى غسلة واحدة " (* 2). وفيه: أن المحقق في محله حجية الموثق، فيمتنع الرجوع إلى الاصل، أو الاطلاق لو سلم بنحو يشمل الآناء. مع أن الاصل محكوم بالاستصحاب والمرسل غير ثابت الحجية، ومجرد موافقته للشهرة - كما قيل - غير جابر له ما لم يتحقق الاعتماد عليه. وعن اللمعة، والالفية: اعتبار المرتين. وكأنه لاستضعاف الموثق، وإلحاق الاواني بالثوب والبدن في البول، كما تقدم في غير الاواني بناء على التعدد (وفيه): أن القطع بالالحاق غير حاصل، وفهم عدم الخصوصية من نصوص التعدد في البول في الثوب والبدن لو سلم لا يصلح لمعارضة الموثق، إذ هو يكون كالخاص، فيجب الاخذ به، واستضعافه ضعيف، كما عرفت. (1) أما التثليث فهو إجماع محكي عن الانتصار والخلاف وغيرهما.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 53 من أبواب النجاسات حديث: 1. (* 2) المبسوط باب حكم الاواني ص: 6، س: 8 الطبعة القديمة.

 

===============

 

( 23 )

 

وعن المنتهى: " قال علماؤنا أجمع إلا ابن الجنيد: إنه يجب غسله ثلاث مرات إحداهن بالتراب ". وأما كون غسلة التراب أولاهن فهو المشهور وعن المفيد في المقنعة أنها وسطاهن، وعن الانتصار والخلاف إطلاق القول بأنه يغسل ثلاث مرات إحداهن بالتراب، وكذا حكي عن الصدوق في الفقيه. والعمدة في لزوم التثليث - مضافا إلى الاجماع المتقدم - صحيحة البقباق، قال فيها: " حتى انتهيت إلى الكلب، فقال (ع): رجس نجس لا تتوضأ بفضله، واصبب ذلك الماء، واغسله بالتراب أول مرة، ثم بالماء مرتين ". كذا رواها في المعتبر (* 1)، وحكي ذلك عن موضع من الخلاف، وعن المنتهى، والتذكرة، والنهاية، والذكرى وجامع المقاصد وشرح الارشاد للفخر، والروض، وغوالي اللئالي. لكن قال في المدارك بعدما رواها خالية عن لفظ المرتين (* 2): " كذا وجدته فيما وقفت عليه من كتب الاحاديث، ونقله كذلك الشيخ في مواضع من الخلاف والعلامة في المختلف، إلا أن المصنف (ره) نقله في المعتبر بزيادة لفظ " المرتين " بعد قوله: " ثم بالماء "، وقلده في ذلك من تأخر عنه. ولا يبعد أن يكون ذلك من قلم الناسخ. ومقتضى إطلاق الامر بالغسل الاكتفاء بالمرة الواحدة بعد التعفير، إلا أن ظاهر المنتهى وصريح التذكرة انعقاد الاجماع على تعدد الغسل بالماء، فان تم فهو الحجة، وإلا أمكن الاجتزاء بالمرة لحصول الامتثال بها ". ولكن لا يخفى أن استدلال المحقق وغيره بها مما

 

 

____________

(* 1) المعتبر في المسألة الثانية من أحكام الاواني ص: 127. وكذا رواها في مستدرك الوسائل في باب: 44 من أبواب النجاسات ملحق حديث: 4. وله بيان في تأييد صحة الزيادة. فليراجع. (* 2) وهي كذلك في الوسائل في أبواب متعددة منها باب: 1 من أبواب الاسئار.

 

===============

 

( 24 )

 

يمنع من احتمال سهو القلم، بل لعل عدم تعرض المحقق لاختلاف الاصل الذي روى عنه مع أصل الشيخ (ره) يشهد بكونها في التهذيبين كذلك واحتمال كون رواية المحقق لها بالزيادة المذكورة من جهة الاتفاق على التثليث بعيد، بل كالمناسب تعرضهم لذلك. مع أنه لو بني على ترجيح روايتها خالية عن ذلك، أمكن أن يكون مقتضى الجمع العرفي بينها وبين الموثق المتقدم في لزوم التثليث في تطهير مطلق الاناء لزوم التثليث هنا بعد التراب، إذ الموثق المتقدم يكون مقيدا لاطلاق الصحيحة، فلا وجه للعمل بالاطلاق. اللهم إلا أن يبنى على عدم حجية الموثق لكنه خلاف ظاهر أدلة الحجية، كما هو محرر في محله. بل يمكن التشكيك في إطلاق الصحيح، بأنه وارد في مقام شرطية التراب قبل الماء، لا في مقام بيان لزوم التطهير بالماء، كي يؤخذ باطلاقه، وحينئذ يرجع في بيان التعدد في الماء الى الموثق المتقدم فتأمل. بل يمكن الاستدلال بالصحيح على مذهب المشهور " وإن بني على ترجيح روايتها خالية عن لفظ المرتين، بأن يحمل قوله (ع): " أول مرة " على أول المرات الثلاث اللازمة في تطهير الاناء - كما تضمنه الموثق - وتبقى المرتان الاخريان بالماء وحده. فتأمل. هذا وعن ابن الجنيد (ره) وجوب الغسل سبعا أولاهن بالتراب. وكأنه لموثق عمار عن الصادق (ع): " في الاناء يشرب فيه النبيذ، فقال (ع): تغسله سبع مرات، وكذلك الكلب " (* 1) وفيه - مع أن الغسل سبعا في النبيذ للاستحباب، كما سيأتي، فيجب كونه كذلك في الكلب، لا لوحدة السياق، بل لان الحكم المجعول للكلب هو الحكم المجعول للنبيد. ومع أن الموثق خال عن ذكر الغسل بالتراب، كما هو

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 30 من أبواب الاطعمة المحرمة حديث: 2.

 

===============

 

( 25 )

 

[ والاولى أن يطرح (1) فيها التراب من غير ماء ويمسح به، ثم يجعل فيه شئ من الماء ويمسح به. وإن كان الاقوى كفاية الاول فقط (2)، بل الثاني أيضا. ولابد من التراب، فلا يكفي عنه ] مدعاه -: أن صحيحة البقباق أخص منه مطلقا، لاختصاصها بصورة التنجس بالولوغ، والموثق أعم من ذلك، فيجب تقييد الموثق بها، ولا مجال للاخذ باطلاقه. هذا وأما وجوب كون الاولى بالتراب، فيدل عليه الصحيح المذكور بلا معارض. ومن ذلك يظهر ضعف ما عن المقنعة، لعدم العثور على مستنده - كما عن غير واحد - ومثله ما عن الانتصار وغيره، وإن كان يوافقه الرضوي (* 1)، إذ لو تمت حجيته فهو مقيد بالصحيح، ولعل مرادهم ما هو المشهور. (1) لان فيه جمعا بين المحتملين. (2) فيه إشكال، بل عن الحلي والمنتهى وغيرهما تعين الثاني، وهو في محله، فان التراب وإن كان حقيقة في غير الممزوج، إلا أن تسليط الغسل عليه، يقتضي ظهوره في الممزوج بالماء، على نحو يكون مائعا، فيكون قوله (ع): " إغسله بالتراب " نظير قولك: " غسلت يدي بالسدر والصابون ". وبه يظهر ضعف ما عن جامع المقاصد وغيره، ونسب إلى المشهور، من وجوب خلوصه عن الماء، حملا للغسل على خلاف ظاهره، فان ما ذكرناه أقرب. ومثله ما قواه في الجواهر - تبعا للشهيد الثاني (ره) - من جواز مزجه بالماء على نحو لا يخرج به التراب عن اسمه وجواز عدمه، لحصول الغرض، وهو إزالة ما حصل بالاناء من

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 44 من أبواب النجاسات حديث: 1.

 

===============

 

( 26 )

 

[ الرماد (1) والاشنان والنورة ونحوها. نعم يكفي الرمل (2). ولا فرق بين أقسام التراب (3). والمراد من الولوغ (4) شربه ] اللعاب بكل منهما. فان حصول الغرض بكل منهما أول الكلام. (ومثلهما) دعوى وجوب الجمع بينهما احتياطا للاجمال، كما عن الوحيد (ره) والرياض إذ قد عرفت ظهوره في المزج على نحو يكون التراب مائعا بالعرض. وعليه فلابد من خروج الماء عن الاطلاق وزيادة، بل من المحتمل جواز المزج بغير الماء من المائعات، لصدق الغسل بالتراب. فتأمل. (1) لا اختيارا، وإن حكي عن ابن الجنيد وأبي العباس كفايته حينئذ، للاولوية الظنية، التي هي على تقدير تسليم ثبوتها ليست بحجة. ولا اضطرارا، لانه خلاف الاطلاق، وإن حكي عن المختلف والقواعد والذكرى والبيان الاكتفاء به حينئذ، لحصول الغرض، وهو قلع النجاسة ولكنه كما ترى. مع أن مقتضاه الاكتفاء ولو اختيارا ولا يقول به المدعي. (2) بناء على أنه من التراب عرفا، كما سيأتي إن شاء الله في التيمم فتأمل. ولا ينافيه قوله: " عدد الرمل والحصى والتراب "، فانه من عطف العام على الخاص. وعن كشف الغطاء المنع، لمنع كونه ترابا. (3) للاطلاق. (4) لا يهم الخلاف في معنى الولوغ، وأنه الشرب - كما عن المصباح - أو بزيادة طرف لسانه - كما عن الصحاح - أو هو ذلك أو إدخال لسانه في الاناء وتحريكه - كما في القاموس - فانه لم يذكر في النص وإنما ذكر في كلام الاصحاب، والمذكور في النص الفضل، وظاهره الباقي من الطعام والشراب. نعم قوله (ع): " لا تتوضأ بفضله... " ظاهر في خصوص الماء الباقي من الشراب. لكن في الجواهر: " ينبغي

 

===============

 

( 27 )

 

[ الماء، أو مايعا آخر، بطرف لسانه. ويقوى إلحاق لطعه الاناء بشربه (1). وأما وقوع لعاب فمه فالاقوى فيه عدم اللحوق (2) وإن كان أحوط (3)، بل الاحوط إجراء الحكم المذكور في مطلق مباشرته (4) ولو كان بغير اللسان من سائر الاعضاء، حتى وقوع شعره أو عرقه في الاناء. ] القطع بعدم الفرق بين الماء وغيره من المايعات ". ولعل الارتكاز العرفي يساعده، ويمنع من تقييد إطلاق الصدر به، فتأمل. (1) فان النجاسة حينئذ سارية من الفم إلى الاناء بلا واسطة، إذ احتمال اختصاص الحكم بالنجاسة السارية إلى الاناء بتوسط المائع مما لا ينبغي دعواه. ولذا حكي عن جامع المقاصد، الروض، وشرح المفاتيح: الجزم بالاولوية. (2) كما هو المشهور، إذ هو ليس مورد النص، ولا مما يقطع باولويته منه. لكن الانصاف أن اللعاب لا يقصر عن ساير المائعات في سراية الاثر بواسطته من الفم أو اللسان إلى الاناء، فالحاق المائعات بالماء دون اللعاب غير ظاهر. (3) بل عن العلامة (ره) في النهاية لزومه. (4) كما عن الصدوق، والمفيد، وفي المدارك: " لا نعلم مأخذه ". ولعله أخذه من قوله (ع) في الصحيح (* 1): " رجس نجس " فانه ظاهر في عدم الخصوصية للولوغ. لكن الاخذ بهذا الظاهر يستوجب التعدي إلى عامة النجاسات، ولما لم يمكن ذلك، يتعين التصرف فيه بارجاعه الى قوله (ع): " لا يتوضأ بفضله "، لا غير. لكن عن العلامة في النهاية

 

 

____________

(* 1) وهو صحيح البقباق المتقدم.

 

===============

 

( 28 )

 

[ (مسألة 6): يجب في ولوغ الخنزير غسل الاناء سبع مرات (1)، وكذا في موت الجرذ (2)، وهو الكبير من الفأرة البرية (3). ] أنه الاقرب، واستدل عليه بأن فمه أنظف من غيره، ولهذا كانت نكهته أطيب من غيره من الحيوانات، لكئرة لهثته. وهو كما ترى. (1) كما في المختلف، وقال فيه إنه اختاره في أكثر كتبه، وحكي عن الموجز، والروضة، والمدارك. لصحيح ابن جعفر (ع): " سألته عن خنزير يشرب من اناء، كيف يصنع به؟ (ع): يغسل سبع مرات " (* 1). وعن المبسوط، والخلاف، وغيرهما: الحاقه بالكلب، وعن الثاني الاستدلال له بأنه يسمى كلبا. وفيه: أنه مجاز لا يحمل عليه اللفظ بدون قرينة. (2) كما عن المشهور. لموثق عمار: " إغسل الاناء الذي تصيب فيه الجرذ ميتا سبع مرات " (* 2). وفي الشرائع، والقواعد، وعن غيرهما: كفاية الثلاث. لموثقة المتقدم في مطلق النجاسة. وفيه: أنه مطلق يجب حمله على هذا المقيد. (3) لا البحرية. وحكي عن العين والمحيط: أنه ذكر الفأر، وعن النهاية: أنه الذكر الكبير منه، عن الصحاح، والمغرب: أنه ضرب منه، وعن ابن سيده: أنه ضرب منها أعظم من اليربوع أكدر في ذنبه سواد، وعن الجاحظ: الفرق بينه وبين الفأر كالفرق بين الجواميس والبقر والبخاتي والعراب، وعن بعض: أنه الضخم من الفئران، ويكون في الفلوات وهو في عرفنا اليوم معروف يسكن البيوت والفلوات.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 1 من أبواب الاسئار حديث: 2. (* 2) الوسائل باب: 53 من أبواب النجاسات حديث: 1.

 

===============

 

( 29 )

 

[ والاحوط في الخنزير التعفير (1) قبل السبع ايضا. لكن الاقوى عدم وجوبه. (مسألة 7): يستحب في ظروف الخمر الغسل سبعا (2) والاقوى كونها كساير الظروف في كفاية الثلاث (3). ] (1) قد عرفت وجهه. (2) وأوجبه جمع، منهم المفيد، والشيخ في الجمل، والشهيد في أكثر كتبه، والمحقق، على ما حكي عنهم. لموثق عمار المتقدم في الولوغ دليلا لابن الجنيد. لكن يجب حمله على الاستحباب لموثقه الآخر: " في قدح أو إناء يشرب فيه الخمر. قال (ع): تغسله ثلاث مرات. وسئل: أيجزؤه أن يصب فيه الماء؟ قال (ع): لا يجزؤه حتى يدلكه بيده " ويغسله ثلاث مرات " (* 1) (ودعوى): كون ظهوره مستندا الى مفهوم العدد، الممكن تقييده بموثق السبع (مندفعة) بكونه مستندا الى منطوق التحديد، كما ذكره شيخنا الاعظم (ره). ولذا اختار في الشرائع، والقواعد: الاكتفاء بالثلاث، وحكي عن الخلاف، وغيره. (3) وعن جماعة كفاية المرة، منهم اصحاب المعتبر والمختلف وروض الجنان والمعالم، ونسب الى جملة من كتب العلامة. إما لموثق عمار الآخر (* 2) " عن الدن يكون فيه الخمر، أيصلح أن يكون فيه خل أو ماء أو كامخ أو زيتون؟ قال (ع): إذا غسل فلا بأس. وعن الابريق وغيره يكون فيه خمر أيصلح أن يكون فيه ماء؟ قال (ع): إذا غسل فلا بأس ". وفيه: أنه على تقدير تسليم الاطلاق فهو مقيد بما عرفت. أو لعدم حجية

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 51 من أبواب النجاسات حديث: 1. (* 2) وهو صدر الموثق المتقدم في الحاشية السابقة.

 

===============

 

( 30 )

 

[ (مسألة 8): التراب الذي يعفر به يجب أن يكون طاهرا قبل الاستعمال (1). (مسألة 9): إذا كان الاناء ضيقا لا يمكن مسحه بالتراب فالظاهر كفاية جعل التراب فيه وتحريكه إلى أن يصل إلى جميع أطرافه (2). وأما إذا كان مما لا يمكن فيه ذلك فالظاهر بقاؤه ] موثقات العدد، فيرجع إلى الاطلاق، أو أصل البراءة. وفيه أيضا ما عرفت (1) كما هو المشهور، بل لم يحك الخلاف فيه إلا عن الاردبيلي وبعض ممن تبعه. العمدة فيه: دعوى انصراف النص إليه بنحو يوجب تعينه، لا بنحو يوجب رفع الاطلاق، ليكون المرجع استصحاب مطهرية التراب قبل طروء النجاسة عليه، الحاكم على استصحاب نجاسة الاناء. اللهم إلا أن يقال: استصحاب المطهرية من قبيل الاستصحاب التعليقي وجريانه محل اشكال. إلا أن يقال: العمدة في الاشكال عليه معارضته بالاستصحاب التنجيزي وهو في المقام استصحاب نجاسة الاناء، وبعد التساقط يكون المرجع قاعدة الطهارة. مع أن في كون الاستصحاب المذكور من التعليقي إشكالا، وقد تقدم بعض الكلام فيه في نجاسة عصير الزبيب فراجع. ثم إن هذا كله مبني على اعتبار عدم المزج بالماء، أما بناء على اعتبار المزج به، فلا بد من طهارة التراب، إذ مع نجاسته ينجس الماء مع أنه لا ريب في اعتبار طهارة الماء. (2) هذا يتم لو كان المراد من الغسل بالتراب ما يعم وصول التراب إليه، أما إذا كان المراد خصوص المسح به - كما تقدم في المتن - فكفايته غير ظاهرة. وأما بناء على ما استظهرناه من إرادة مزجه بالماء بنحو يصير مائعا بالعرض فكفايته حينئذ ظاهرة جدا.

 

===============

 

( 31 )

 

[ على النجاسة أبدا (1)، إلا عند من يقول بسقوط التعفير في الغسل بالماء الكثير. (مسألة 10): لا يجري حكم التعفير في غير الظروف مما تنجس بالكلب (2) ولو بماء ولوغه أو بلطعه. نعم لا فرق بين أقسام الظروف في وجوب التعفير حتى مثل الدلو لو شرب الكلب منه (3)، بل والقربة والمطهرة وما أشبه ذلك. (مسألة 11): لا يتكرر التعفير بتكرر الولوغ (4) من كلب واحد أو ازيد بل يكفي التعفير مرة واحدة. ] (1) لتعذر المشروط بتعذر شرطه. وبدلية الماء عنه حينئذ غير ظاهرة ولزوم تعطيل الاناء لا يثبتها. وانصراف النصوص عنه ممنوع، لورودها مورد الارشاد إلى طريق التطهير، لا مورد الالزام والتكليف، ليمتنع شمولها لصورة العجز. ولو سلم فاطلاق المادة كاف في بقاء الشرطية، كما حرر في محله. فما عن الشيخ وجماعة من سقوط التعفير، وحصول الطهارة بالغسل مرتين، ضعيف. ومثله القول بالغسل ثلاثا، كما يقتضيه الوجوه المتقدمة لو تمت. (2) قد عرفت أن موضوع الحكم في النص فضل الكلب الصادق ولو في غير الظروف كالحوض الصغير. نعم التعبير فيه بالصب قد يقتضي اختصاصه بها. إلا أن يكون المراد مجرد إخلاء الاناء. فتأمل. (3) وإن كان ظاهر كلماتهم الاختصاص بالاناء. (4) ففي محكي الخلاف: " جميع الفقهاء لم يفرقوا بين الواحد والمتعدد إلا من شذ من العامة، فاوجب لكل واحد العدد بكماله "، ومثله كلام غيره. فإذا الوجه فيه هو الاجماع. وإلا فأصالة عدم التداخل تقتضي

 

===============

 

( 32 )

 

[ (مسألة 12): يجب تقديم التعفير على الغسلتين (1)، فلو عكس لم يطهر. (مسألة 13): إذا غسل الاناء بالماء الكثير لا يعتبر فيه التثليث (2)، ] التكرار وما في المدارك من الاستدلال عليه بصدق الامتثال كما ترى، وقد تقدم بعض الكلام في ذلك في المسألة التاسعة من فصل كيفية التنجس فراجع. (1) قد عرفت وجهه. (2) وفي الذكرى: " لاريب في عدم اعتبار العدد في الجاري والكثير في غير الولوغ. وقال قبل ذلك في الولوغ: " ولا يشترط فيها العدد ". وكأنه لانصراف أدلته إلى القليل، لانه المتعارف في عصر الصدور. ولاطلاق مطهرية الكثير مثل ما في المختلف: " ذكر بعض علماء الشيعة أنه كان بالمدينة رجل يدخل على أبى جعفر محمد بن علي (ع) وكان في طريقه ماء فيه العذرة والجيف وكان يأمر الغلام يحمل كوزا من ماء يغسل به رجله إذا اصابه فابصره يوما أبو جعفر (ع) فقال: إن هذا لا يصيب شيئا إلا طهره فلا تعد لله منه غسلا " (* 1). ولا طلاق بعض أدلة التطهير. وكأنه لذا ونحوه اكتفى العلامة (ره) في القواعد وغيرها والشهيدان والمحقق الثاني بالمرة. وفيه: منع الانصراف المدعى في أدلة العدد. نعم تمكن دعوى نفي الاطلاق في موثقة عمار (* 2) الواردة في مطلق الاناء القذر من جهة اشتمالها

 

 

____________

(* 1) المختلف الصفحة الثالثة المسألة الاولى. (* 2) المتقدمة في اول المسألة الخامسة.

 

===============

 

( 33 )

 

[ بل يكفي مرة واحدة حتى في إناء الولوغ (1). ] على الصب الغالب في القليل، كما ذكره في المختلف وغيره. لكن - مع أنه لا مجال لها في رواية التثليث في الخمر (* 1)، ولا في بعض روايات التثنية في البول (* 2)، ولا في روايتي السبع في الخنزير والجرذ (* 3) ولا في صحيح التثنية في الكلب (* 4). ومع إمكان دفعها بارادة مجرد مماسة الماء للاناء من الصب -: أن الاجمال فيها يوجب الرجوع إلى استصحاب النجاسة بدون التثليث. ومرسلة المختلف ليست بحجة. وأما إطلاق بعض أدلة التطهير في غير الاواني فلا يصلح للمرجعية فيها، لاختصاصه بمورده وعدم ثبوت الاجماع على عدم الفصل بين الاواني وغيرها. نعم لا يبعد الرجوع إلى إطلاق مطهرية الماء الذي قد عرفته سابقا. لكنه فيما لم يكن لدليل العدد إطلاق يشمل المقام، وإلا كان هو المرجع. وكأنه لذلك اعتبر العدد في المختلف، والمبسوط، والمعتبر، وغيرها، على ما حكي. نعم يمكن أن يستفاد عدم اعتبار التعدد مما ورد في ماء المطر من قوله (ع) " كل شئ يراه ماء المطر فقد طهر " (* 5)، بناء على عدم القول بالفصل بينه وبين الكثير والجاري، للاولوية، كما أشرنا إلى ذلك في المسألة الاخيرة من فصل ماء المطر. فراجع. (1) مما سبق تعرف الاشكال هنا،

 

 

____________

(* 1) وهو موثق عمار الاخر المتقدم في المسألة السابعة. (* 2) تقدمت في المسألة الرابعة. (* 3) تقدمت في المسألة السادسة. (* 4) وهو صحيح البقباق المتقدم في المسألة الخامسة. (* 5) الوسائل باب: 6 من أبواب الماء المطلق حديث: 5

 

===============

 

( 34 )

 

[ نعم الاحوط عدم سقوط التعفير فيه، بل لا يخلو عن قوة (1) والاحوط التثليث حتى في الكثير. (مسألة 14): في غسل الاناء بالماء القليل يكفي صب الماء فيه وإدارته الى أطرافه ثم صبه على الارض ثلاث مرات (2) كما يكفي أن يملاه ماء ثم يفرغه ثلاث مرات (3). (مسألة 15): إذا شك في متنجس أنه من الظروف حتى يعتبر غسله ثلاث مرات، أو غيره حتى يكفي فيه المرة، فالظاهر كفاية المرة (4). (مسألة 16): يشترط في الغسل بالماء القليل انفصال ] (1) لاطلاق صحيح البقباق (* 1) (لا يقال): لا وجه للتفكيك بين العدد والتعفير، فان لازم سقوط الاول لما ذكر سقوط الثاني أيضا (لانا نقول): إن ظاهر ما تقدم جعل المطهرية للمعتصم بمجرد الاصابة في قبال الاحتياج إلى العدد أو الورود أو نحوهما، مما يرجع الى الشرط في مطهرية الماء، لا بلحاظ مطهرية غيره كالتراب، لا أقل من احتمال ذلك على وجه يوجب إجماله، فيرجع في وجوب التعفير إلى إطلاق دليله. (2) كما تضمنه موثق عمار (* 2). (3) ذكره جماعة من الاصحاب - كما عن الحدائق والذخيرة - إذ المفهوم عرفا من التحريك في الموثق وصول الماء إلى الجزء المتنجس، وهو حاصل في الفرض. فاستشكال الجواهر فيه غير ظاهر. (4) أما في الشبهة المفهومية فلوجوب الاقتصار على المتيقن عند إجمال

 

 

____________

(* 1) تقدم في المسألة الخامسة.، (* 2) تقدم في المسألة الخامسة.

 

===============

 

( 35 )

 

[ الغسالة على المتعارف (1)، ففي مثل البدن ونحوه مما لا ينفذ فيه الماء يكفي صب الماء عليه، وانفصال معظم الماء، وفي مثل الثياب والفرش مما ينفذ فيه الماء لابد من عصره، ] المقيد وتردده بين الاقل والاكثر، ويكون المرجع في الفرد المشكوك هو المطلق، وهو ما دل على كفاية المرة مطلقا، الذي تقدمت الاشارة إليه. وأما في الشبهة المصداقية فلاصالة عدم كونه من الظروف، المنقح لموضوع العام، بناء على أن موضوعه بعد الجمع بينه وبين الخاص كل فرد لا ينطبق عليه عنوان الخاص. أما بناء على عدم اقتضائه ذلك، بل مجرد ثبوت حكم الخاص لافراده الواقعية، وبقاء ما عداه تحت حكم العام، أو امتنع جريان الاصل المذكور، لعدم الحالة السابقة، وقلنا بعدم جريان الاصل في العدم الازلي، فحينئذ يدور الامر في حكم الفرد بين حكم العام وحكم الخاص، فالمرجع استصحاب النجاسة لا غير. نعم بناء على عدم العموم اللفظي، واستفادة الحكم العام إنما كانت من جهة عدم القول بالفصل، يشكل الحكم، ولو بناء على الرجوع إلى العام في الشبهة المصداقية. (1) لانه منصرف أدلة التطهير، ولو بواسطة ورودها مورد التطهير وإزالة النفرة والقذارة، فان ذلك لا يحصل عرفا إلا بانفصال ماء الغسالة فانه ما دام موجودا لا ترتفع النفرة والقذارة. ولاجل ذلك لا مجال للاخذ باطلاق ما اشتمل منها على الصب الصادق - قطعا - على مجرد ملاقاة المحل، فان قرينة ورودها مورد التطهير، المنزل على المرتكز العرفي، مانعة عن الاخذ بالاطلاق المذكور. ويشير إلى ذلك مقابلة الصب بالغسل في بعض النصوص (* 1)، فان الظاهر منه أن التعبير بالصب للتنبيه على تحقق الانفصال

 

 

____________

(* 1) مثل حسن الحسين بن أبي العلاء وما عن السرائر وقد تقدما في المسألة الرابعة.

 

===============

 

( 36 )

 

في مورده - كالجسد - بمجرد الصب، لترتبه عليه غالبا بلا حاجة فيه إلى عناية أخرى. ويشهد بذلك الامر بالغسل في كثير من الموارد التى لا يمكن فيها العصر، إذ احتمال الفرق بين الموارد بأن يكتفى بالصب في بعض الموارد، ولا يكتفى به في المورد الآخر، بل لابد من الغسل، مما لا مجال له قطعا، فلابد من حمل الامر بالصب على الامر بالغسل - جمعا - فيكون المراد من الصب الصب على نحو الغسل والتطهير المعتبر فيه الانفصال. ومنه يظهر أنه لا يهم في إثبات اعتبار الانفصال إثبات أخذ العصر في مفهوم الغسل - كما حكي عن الاكثر - أو مجرد حركة الماء - كما في الخلاف وغيره - إذ لو فرض صدقه على مجرد غلبة الماء على المحل جرى فيه ما ذكرنا في الصب، من انصرافه إلى صورة ارتفاع النفرة والقذارة الموجب لاعتبار الانفصال. نعم لا يتم ما ذكرنا - بناء على طهارة ماء الغسالة - لان الوجه في اعتبار الانفصال عرفا بناؤهم على سراية القذارة من المحل الى الماء المغسول به، فمع عدم انفصاله عنه يكون المحل عندهم كأن لم يغسل، فإذا حكم الشارع باعتصام الماء كان ذلك ردعا لهم، فلا مانع من الاخذ بالاطلاق ولذا لا نعتبر الانفصال في التطهير بالكثير، كما هو المشهور. كما أنه لو لم يتم ما ذكرنا من أصله لعدم ثبوت الارتكاز الموجب للانصراف كان إطلاق الادلة محكما، ولا ينافيه البناء على نجاسة الغسالة، إذ أدلة انفعاله إنما تجزي في المنفصل، لا فيما كان على المحل، لوجوب الخروج عنها باطلاق أدلة التطهير التي قد عرفت دلالتها بالالتزام على طهارة البلل الكائن على المحل، سواء أكان متخلفا بعد انفصال مقدار من ماء التطهير، أم كان تمام المقدار المطهر به باقيا في المحل غير منفصل عنه.

 

===============

 

( 37 )

 

[ أو ما يقوم مقامه (1)، كما إذا داسه برجله، أو غمزه بكفه، ] (1) يعني: في حصول المقصود، وهو الانفصال المعتبر، لان الوجه المقتضي لاعتبار العصر شامل لمثل ذلك. هذا ولكن ظاهر المشهور - كما قيل - وجوب العصر تعبدا، بل عن الحدائق: نفي خلاف يعرف، وفي وسائل البغدادي: " لا يكاد يعرف في ذلك خلاف ". وعن المعتبر نسبته الى علمائنا. وربما يستدل له - كما في المعتبر والمنتهى وغيرهما - بالاصل، أو الاجماع، أو لدخوله في مفهوم الغسل، أو لان النجاسة لا تزول إلا به، أو لان الغسالة نجسة فيجب إخراجها، أو لظهور المقابلة بين الغسل والصب في بعض النصوص (* 1) في إرادة الامر به من الامر بالغسل، أو للامر به في الرضوي (* 2)، وفي المروي عن دعائم الاسلام عن علي (ع) (* 3)، وفي ذيل رواية الحسين بن أبى العلاء المتقدمه في بول الرضيع. وفيه: أنه لا مجال للاصل مع الدليل. والاجماع ممنوع، لتحقق الخلاف، ونسبة دعوى ظهور الاجماع إلى المعتبر غير ظاهرة، بل ظاهر عبارته كون المنسوب الى العلماء هو التعدد. ودخوله في مفهوم الغسل بنحو لا يرجع إلى ما ذكرنا ممنوع جدا، لصدق الغسل فيما لا يمكن فيه العصر. وكون النجاسة لا تزال إلا به مصادرة، إلا أن يرجع إلى ما ذكرنا ومقتضاه الاكتفاء عن العصر بتوالي الصب على الثوب مثلا - إلى أن ينفصل الماء الاول، وحينئذ لا حاجة إلى العصر لفصل الماء الاخير. ووجوب إخراج

 

 

____________

(* 1) تقدم في المسألة الرابعة. (* 2) مستدرك الوسائل باب: 1 من أبواب النجاسات حديث: 1. (* 3) مستدرك الوسائل باب: 3 من أبواب النجاسات حديث: 2.

 

===============

 

( 38 )

 

[ أو نحو ذلك. ولا يلزم انفصال تمام الماء (1). ولا يلزم الفرك والدلك (2)، إلا إذا كان فيه عين النجس أو المتنجس، وفي مثل الصابون والطين ونحوهما مما ينفذ فيه الماء ولا يمكن عصره ] الغسالة لنجاستها قد عرفت ما فيه من قيام الدليل على طهارة المتخلف. مع أنه مبني على نجاستها، ولا يتم على القول بالطهارة، والمقابلة بين الغسل والصب قد عرفت وجهها في صدر المسألة. والرضوي لم تثبت حجيته، وشهرة القول بمضمونه من دون اعتماد عليه غير جابرة، ومثله مرسل الدعائم، ورواية الحسين قد عرفت إجمالها. هذا والتأمل في جملة من أدلة لزوم العصر يقتضي الحكم بكون مراد المستدل منه مجرد الانفصال، وقد عرفت أنه لا يتم تقريبه على القول بطهارة الغسالة، كما لعله المشهور. (1) فانه المطابق للارتكاز العرفي. (2) وأوجبه العلامة (ره) في التحرير، وعن النهاية. واستدل عليه في المنتهى بالاستظهار. وبالامر به في تطهير الاناء الذي شرب فيه الخمر (* 4)، إذ ليس ذلك إلا للنجاسة المطردة في غير الاناء. مع أن إطلاق الامر بغسله أولا ثم الامر بالدلك ثانيا يقتضي دخوله في مفهوم الغسل، وإلا لزم تأخير البيان عن وقت الحاجة " وفيه ": أن الاستظهار إنما يمكن فرضه في ظرف الشك في زوال النجاسة، وليس هو محلا للكلام. ولو أريد ما يجامع اليقين بذلك فلا دليل على وجوبه. ولاحتمال خصوصية لمورد النص مجال واسع. وتأخير الامر بالدلك عن الآمر بالغسل مطلقا ليس من تأخير البيان عن وقت الحاجة، كسائر المقيدات والمخصصات

 

 

____________

(* 1) تقدم في المسألة السابعة.

 

===============

 

( 39 )

 

[ فيطهر ظاهره باجراء الماء عليه (1)، ولا يضره بقاء نجاسة الباطن على فرض نفوذها فيه. وأما في الغسل بالماء الكثير ] المنفصلة. وإمكان معارضة ذلك بأن عطف الغسل على الدلك مما يقتضى خروجه عن مفهوم الغسل، وجعله من عطف الكل على الجزء خلاف الظاهر، بل الظاهر أن خروجه عنه مما لا ينبغى الاشكال فيه. نعم يمكن دعوى أن الدلك المزيل للعين داخل في مفهوم الغسل من تلك العين، لكنه خارج عن محل الكلام. ولعل الوجه في تركه في صدر الموثق الاكتفاء بذكر الغسل عنه، والتنصيص عليه في ذيله لاجل عدم التفات السائل الى ذلك، حتى احتمل الاكتفاء بمجرد الصب ولو مع بقاء العين، كما هو الغالب في أواني الخمر. (1) أما طهره بالقليل ظاهرا وباطنا، فقد نسب منعه إلى شهرة المتأخرين - كما عن الذخيرة - أو المتعارف بينهم - كما عن المعالم - لعدم انفصال ماء الغسالة عنه المعتبر في التطهير. واستشكله في محكي المدارك بلزوم الحرج، والضرر. وبأن المتخلف فيه لا يزيد على المتخلف في الحشايا بعد الدق والتغميز. وبمخالفة لمطلقات الغسل. انتهى. ومرجع الدليلين الاخيرين الى أن الانفصال المعتبر في التطهير ليس انفصال تمام الماء ضرورة بل المقدار الذي يتوقف عليه زوال القذارة والنفرة وهو حاصل، لعدم المانع من جريان الماء إلى أطراف المحل المتنجس، ونفوذ المقدار غير المعتد به عرفا غير قادح، وملاحظة عمل العرف في تطهيرهم لما هو محل الكلام من الصابون والطين والخبز والفواكه والقرطاس واللبن والجبن ونحوها شاهد

 

===============

 

( 40 )

 

[ فلا يعتبر انفصال الغسالة (1)، ولا العصر (2)، ] بما ذكرنا. ويشير إليه المرسل (* 1) والمسند (* 2) في العيون في تطهير لقمة الخبز الواقعة في القذر. نعم لو كان محل الكلام ما يرسب فيه تمام ماء الغسالة أو أكثره تم ما ذكر. فتأمل جيدا. نعم لا مجال للدليل الاول في إثبات الطهارة، لان الحرج والضرر لو فرضا فانما ينفيان التكليف، ولا يصلحان لاثبات التطهير. ثم لو بني على عدم طهر الباطن لنفوذ ماء الغسالة فيه، فهل يطهر الظاهر لانفصاله عنه ولو بالنفوذ إلى الباطن، أو لا لعدم تحقق الانفصال المطلق؟ وجهان - كما في الجواهر وغيرها - أقواهما الاول، لعدم الدليل على اعتبار الانفصال المطلق، بل المعتبر هو الانفصال عن المحل المتنجس لا غير وهو حاصل. نعم لو امتلا العمق بماء الغسالة على نحو يطفح إلى الظاهر بقي الظاهر على نجاسته. لكنه ليس من محل الكلام. والله سبحانه أعلم. (1) لما عرفت من عدم تمامية وجه اعتبار الانفصال فيما لو كان الماء معتصما. نعم لو كان الوجه فيه دخوله في مفهوم الغسل أو انصراف الادلة إليه، كان اللازم عدم الفرق بين الكثير والقليل في اعتبار الانفصال، ومرسل المختلف غير حجة، وإن كان ظاهرا في نفي اعتباره. (2) إذ الوجه في اعتباره كونه أحد طرق الانفصال فإذا لم يعتبر لم يعتبر. نعم لو تم ما نسب إلى ظاهر المشهور من اعتباره تعبدا اختلف الحكم باعتباره باختلاف الدليل المعتمد عليه في إثباته - كما تقدم ذلك - فان كان الدليل هو الاول، أو الثالث، أو الرابع، أو السادس، أو

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 39 من أبواب أحكام الخلوة حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 39 من أبواب أحكام الخلوة حديث: 2. .

 

===============

 

( 41 )

 

[ ولا التعدد (1) وغيره، بل بمجرد غمسه في الماء بعد زوال العين يطهر، ] الامر به في الرضوي والعلوي، لزم اعتباره في الكثير أيضا، وإن كان هو الثاني أو الخامس لم يلزم اعتباره فيه، وإن كان هو الامر به في رواية الحسين فاعتباره في الكثير وعدمه تابعان لعدم ظهور الصب في القليل وظهوره، فعلى الاول يلزم اعتباره لاطلاق الدليل، وعلى الثاني يختص اعتباره بالقليل. فراجع ما أشرنا إليه من أدلة العصر. وتأمل. (1) أما سقوط التعدد في الاواني فقد تقدم أن العمدة فيه ما تقدم في المطر (* 1) من قوله (ع): " كل شئ يراه ماء المطر فقد طهر ". وأما سقوطه في غيرها فلذلك أيضا. مضافا إلى صحيح ابن مسلم الوارد في الثوب يصيبه البول من قوله (ع): " وإن غسلته في ماء جار فمرة واحدة " (* 2) وصحيح ابن سرحان: " ما تقول في ماء الحمام؟ فقال (ع): هو بمنزلة الجاري " (* 3). وإذا ثبت ذلك لماء الحمام الذي يكون في الحياض الصغار، يثبت لما في الخزانة بطريق أولى، وقد عرفت سابقا أنه لا خصوصية للحمام في ذلك. هذا في الثوب، أما الجسد فان أمكن إلحاقه عرفا بالثوب فهو، وإلا كان المرجع فيه - مضافا إلى الاطلاقات المشار إليها في المسألة الرابعة، بناء؟؟ قصور أدلة التعدد فيه عن شمول الكثير لاشتمالها على التعبير بالصب - ما؟؟ في ماء المطر، بضميمة عدم القول بالفصل، أو الاولوية، على ما تقدم في سقوط التعدد في الاواني.

 

 

____________

(* 1) تقدم في المسألة الثالثة عشرة. (* 2) الوسائل باب: 2 من أبواب النجاسات حديث: 1. (* 3) الوسائل باب: 7 من أبواب الماء المطلق حديث: 1.

 

===============

 

( 42 )

 

[ ويكفي في طهارته أعماقه إن وصلت النجاسة إليها نفوذ الماء الطاهر فيه في الكثير (1)، ولا يلزم تجفيفه أولا. ] (1) فان نفوذه فيه يحقق الغسل المعتبر في التطهير، إلا أن الاشكال في تحقق نفوذ الماء في أكثر الامثلة المذكورة في كلماتهم، بل الظاهر أن النافذ فيه رطوبة محضة، ليست ماء عرفا، فكيف تصلح للمطهرية؟! مع أن لازم ذلك طهارة السطح الذي هو الجانب الآخر بمجرد وضع الظاهر في الكثير، ولا يظن من أحد التزامه. وكأنه لذلك أطلق بعض المنع من قبولها للتطهير، وفصل آخر ونسب الى المشهور - فجوزه في الكثير دون القليل، لعدم الانفصال المعتبر في الثاني - بناء منه على أن النافذ ماء - أو للاكتفاء في التطهير في الكثير بمجرد ملاقاة الرطوبة - بناء على أن النافذ ليس ماء - ولا دليل على الاكتفاء بذلك في القليل. والاوفق بالقواعد المنع من تطهير باطنا إذا لم يكن النافذ فيه ماء عرفا، بل كان رطوبة محضة، وإن كان ماء - ولو كان أدنى مصاديقه - أمكن تطهيرها في الكثير. وكذا في القليل إن أمكن انفصال ماء الغسالة ولو لتوالي الصب على الظاهر، وان لم يمكن انفصاله إلا بتجفيفه ففيه تأمل، للتأمل في كفاية التجفيف في حصول الطهارة وارتفاع النفرة عرفا. نعم يمكن أن يستفاد إمكان تطهيرها مطلقا مما ورد في تطهير الاواني بالغسل (* 1) على اختلاف موضوعتها من قدح أو اناء أو دن أو كوز أو ظرف، وعلى اختلاف نجاستها من ولوغ، أو موت جرذ، أو خمر، أو شرب خنزير، أو مطلق القذارة، أو غير ذلك، فان اطلاق الاجتزاء في حصول الطهارة بمجرد الغسل للسطح الظاهر مع كثرة الموارد التي ترسب فيها

 

 

____________

(* 1) تقدم كثير من نصوص ذلك في المسألة الخامسة والسادسة والسابعة.

 

===============

 

( 43 )

 

النجاسة، لكون الظرف من الخزف ونحوه، دليل على طهارة الباطن بالتبعية. ومثله ما ورد في رواية السكوني: " أن أمير المؤمنين (ع) سئل عن قدر طبخت و إذا في القدر فأرة. فقال (ع): يهراق مرقها ويغسل اللحم ويؤكل " (* 1). فان ظاهرها كون الفأرة واقعة حال الطبخ أو قبله، الموجب لسراية الرطوبة النجسة الى أعماق اللحم وتوابعه من المخ والشحم وغيرهما، ضرورة كون المراد من اللحم ما يعم ذلك، والمراد من غسل اللحم غسل جميع ما يصل إليه الماء على النحو المتعارف في الغسل بالماء القليل، ولا يقدح في حصول الطهارة له رسوب الرطوبة النجسة في الخلل والمسام بواسطة الطبخ، لحصول الطهارة بالتبعية. وقريب منها رواية زكريا بن آدم المتقدمة في نجاسة الخمر (* 2)، ورواية ابن جعفر (ع): " عن أكسية المرعزى والخفاف تنقع في الهول أيصلى عليها؟ قال (ع): إذا غسلت بالماء فلا بأس " (* 3) والمناقشة في النصوص من جهة عدم ظهورها في كون موردها مما تنجس فيه الباطن، لعدم كون الرطوبة الداخلة في العمق من الرطوبة المسرية، بل من الجائز أن تكون سارية فلا تنجس. بعيد في بعض مواردها بل لعله خلاف إطلاقها. وكذا في عدم ظهورها في طهارة الباطن بالغسل بل من الممكن أن تدل على طهارة الظاهر، فان هذه المناقشة أيضا بعيدة والمناقشة في السند - مع أنها لا تطرد في الجميع - يمكن دفعها بجبرها بالعمل - كما حكي - والمقام بعد مجال للتأمل: والله تعالى هو الموفق.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 5 من أبواب الماء المضاف حديث: 3. (* 2) الوسائل باب: 38 من أبواب النجاسات حديث: 8. (* 3) الوسائل باب: 71 من أبواب النجاسات حديث: 2.

 

===============

 

( 44 )

 

[ نعم لو نفذ فيه عين البول - مثلا - مع بقائه فيه يعتبر تجفيفه (1) بمعنى: عدم بقاء مائيته فيه (2)، بخلاف الماء النجس الموجود فيه، فانه بالاتصال بالكثير يطهر (3) فلا حاجة فيه إلى التجفيف. (مسألة 17): لا يعتبر العصر ونحوه فيما تنجس ببول الرضيع (4) وإن كان مثل الثوب (5) والفرش ونحوهما، بل يكفي صب الماء عليه (6). ] (1) بل يكفى نفوذ الماء الطاهر المؤدي إلى استهلاكه. (2) يعنى: وإن بقيت رطوبته، فانها لا تمنع من وصول الماء إلى الاجزاء الباطنة، فتطهر به. (3) يعنى: بناء على كفاية مجرد الاتصال، كما تقدم. لكن هذا لو كان ما في الباطن ماء، أما لو كان رطوبة فاتصال الرطوبة بالمعتصم غير مطهر لها كما لا يخفى. (4) كما يأتي وجهه. (5) لاطلاق النص. بل لعله المتيقن منه. (6) إجماعا صريحا وظاهرا، محكيا عن جماعة، منهم السيد والشيخ في الناصريات والخلاف. ويشهد به حسن الحلبي المتقدم: " سألت أبا عبد الله (ع) عن بول الصبي. قال (ع): تصب عليه الماء فان كان قد أكل فاغسله بالماء غسلا. والغلام والجارية في ذلك شرع سواء " (* 1) ولا مجال لتقييده بالعصر أو الانفصال بقرينة مقابلته بالغسل مع اتحاد المورد. ومنه يظهر لزوم حمل الصبي في موثق سماعة: " سألته عن بول

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 3 من أبواب النجاسات حديث: 2.

 

===============

 

( 45 )

 

[ مرة على وجه يشمل جميع أجزائه (1) وإن كان الاحوط مرتين (2). لكن يشترط أن لا يكون متغذيا (3) معتادا بالغذاء ولا يضر تغذيته اتفاقا نادرا، وأن يكون ذكرا لا أنثى، على الاحوط (4). ولا يشترط فيه أن يكون في الحولين، ] الصبي يصيب الثوب، فقال: اغسله... " (* 1) على من أكل، حملا للمطلق على المقيد. وقد تقدم الكلام في رواية الحسين الآمرة بالعصر (* 2) فراجع. (1) على ما قطع به الاصحاب - كما عن المدارك - وإن كان مقتضى الاكتفاء بالرش المحكي عن بعض عدم اعتبار الاستيعاب، لكنه لا وجه له، لانه خلاف النص، والاجماع. (2) كما تقدم في المسألة الرابعة. (3) كما عن البيان. وعن المعتبر والمنتهى ونهاية الاحكام وغيرها التعبير به " من لم يأكل "، وعن العلامة (ره) نسبته الى المشهور. وفي الشرائع التعبير بالرضيع. ولعل المراد واحد. ومقتضى الجمود على عبارة النص الاكتفاء بمطلق الاكل في وجوب الغسل، وعدم الاكتفاء بالصب إلا أن الظاهر منه لما كان هو الاكل المتغذى به، الذي يتعارف للاطفال بعد شهور من ولادتهم، لانه المنصرف إليه، وإلا تعلق الحكم بأول الولادة، لاستحباب تحنيكه بالتمر، كما عن المنتهى (فتأمل) وجب تقييده به. (4) وعن المشهور الجزم به، بل عن المختلف الاجماع عليه، وفى الجواهر: " لعله لا خلاف فيه ". للامر بالغسل من بول الانثى

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 3 من أبواب النجاسات حديث: 3. (* 2) تقدم في المسألة تقدم في المسألة الرابعة.

 

===============

 

( 46 )

 

[ بل هو كذلك مادام بعد رضيعا غير متغذ وإن كان بعدهما (1). ] في رواية السكوني عن جعفر (ع) عن أبيه " ان عليا (ع) قال: لبن الجارية وبولها يغسل منه الثوب قبل أن تطعم، لان لبنها يخرج من مثانة أمها، ولبن الغلام لا يغسل منه الثوب ولا من بوله قبل ان يطعم لان لبن الغلام يخرج من العضدين والمنكبين " (* 1). وقصور ذيل حسن الحلبي عن إثبات مساواتهما في ذلك، لاختصاصه بالجارية التي لاتعم الرضيعة. وإرادة الاعم منها غير ظاهرة لعدم القرينة عليه، واستعمالها فيها في رواية السكوني مجاز، وكون الغلام أعم من الرضيع - لو سلم، كما عن الازهري، والثعالبي. ويشهد له الاستعمال في القرآن المجيد وغيره وتقدم في رواية السكوني - أو أنه محتمل لذلك - كما قد يظهر من القاموس - لا يصلح قرينة عليه. مع أن تقييد الغلام بغير الرضيع، على تقدير عمومه، أولى من التجوز في الجارية بحملها على ما يعم الرضيعة ولا سيما وأنه يساعده العدول عن التعبير بالصبي - كما في السؤال - الى التعبير بالغلام، فان العدول يناسب أن يكون المراد بالغلام غير المراد بالصبي. وعلى هذا فالمراد من إسم الاشارة في قوله (ع): " في ذلك " هو وجوب الغسل المجعول في الحديث لغير الرضيع. ومنه يظهر عدم ثبوت نسبة إلحاق الانثى بالذكر إلى الصدوقين، لاتحاد عبارتها مع عبارة النص، كما قيل. (1) أخذا باطلاق النص. خلافا للمحكي عن السرائر، وروض الجنان، بل جامع المقاصد، والمسالك، حيث قيدوه بما لم يتجاوز سن الرضاعة. وكأنه لدعوى الانصراف، ولكنها غير ظاهرة. أو لقوله (ع):

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 3 من أبواب النجاسات حديث: 4.

 

===============

 

( 47 )

 

[ كما أنه لو صار معتادا بالغذاء قبل الحولين لا يلحقه الحكم المذكور، بل هو كساير الابوال. وكذا يشترط في لحوق الحكم أن يكون اللبن من المسلمة، فلو كان من الكافرة لم يلحقه (1) به وكذا لو كان من الخنزيرة. (مسألة 18): إذا شك في نفوذ الماء النجس في الباطن في مثل الصابون ونحوه بني على عدمه (2)، كما أنه إذا شك ] " لا رضاع بعد فطام " (* 1)، بناء على أن يكون المراد منه سن الفطام - كما فهمه الاصحاب، ويستفاد من بعض النصوص (* 2) - وعموم النفي التنزيلي يقتضي شمول المقام " وفيه ": أنه يتم لو كان الاثر الشرعي للرضاع وعدمه، والمذكور في النص الاكل وعدمه، فالرضاع ليس موضوعا للاثر. (1) لما يستفاد من التعليل المذكور في رواية السكوني من وجوب الغسل لكل بول لذي لبن نجس. وعدم حجيته في نجاسة لبن الانثي، أو في كون خروجه من المثانة - لو سلم - لا يمنع من حجيته فيما ذكر، لا مكان التفكيك بين الدلالات في الحجية. ولازم ذلك الحكم بوجوب الغسل فيما لو رضع من لبن خنزيرة أو كلبة، بل لو ارتضعت الانثى من لبن الذكر وبالعكس انعكس الحكم. إلا أن يقال: بعد عدم إمكان العمل بالرواية في موردها، إما لقصور سندها، أو للعلم بارادة خلاف ظاهرها وردها إلى قائلها (ع)، لا مجال للعمل بظاهر التعليل، لعدم إمكان التفكيك عرفا بين مداليلها، وإن جاز في بعض الموارد التي ليس مثلها المقام. (2) للاصل فيه وفيما بعده.

 

 

____________

(* 1) راجع الوسائل باب: 5 من أبواب ما يحرم بالرضاع. (* 2) الوسائل باب 5: من أبواب ما يحرم بالرضاع حديث: 5، 9.

 

===============

 

( 48 )

 

[ بعد العلم بنفوذه في نفوذ الماء الطاهر فيه بني على عدمه، فيحكم ببقاء الطهارة في الاول، وبقاء النجاسة في الثاني. (مسألة 19): قد يقال بطهارة الدهن المتنجس إذا جعل في الكر الحار بحيث اختلط معه (1)، ثم أخذ من فوقه بعد برودته. لكنه مشكل، لعدم حصول العلم بوصول الماء إلى جميع أجزائه، وإن كان غير بعيد (2) إذا غلى الماء مقدارا من الزمان. ] (1) قال العلامة (ره) في محكي التذكرة: " لو طرح الدهن في ماء كثير، وحركه حتى تخلل الماء أجزاء الدهن بأسرها طهر.. وللشافعية قولان ". (2) وفي الجواهر: " أنه بعيد ممتنع " وفي المستند: " قيل باستحالة مداخلة الماء جميع أجزائه ". أقول: الوجه في استحالة ابتناؤه على القول بوجود الجزء الذي لا يتجزأ، وقد برهن على امتناعه في محله، ولو بنى على أمكانه فلا تبعد دعوى استحالته عادة، لاختلافه مع الماء ثقلا، المؤدى الى انفصال أحدهما عن الآخر طبعا، لا أقل من أن ذلك مانع عن حصول العلم بمداخلة الماء جميع أجزائه. مع أنه لو سلم حصول العلم بذلك، فلا دليل على حصول الطهارة به، وإطلاق مطهرية الماء إنما يصح التمسك به بعد إحراز قابلية المحل، وهو غير حاصل. ولذا كان بناء الاصحاب على عدم طهارة المائعات غير الماء إلا بالاستهلاك، كما سبق. وإلى ذلك تشير الاخبار الامرة بالقاء السمن والزيت الجامدين إذا ماتت فيها فأرة (* 1).

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 43 من أبواب الماء المضاف حديث: 1 وفي باب: 43 من؟؟ المحرمة أحاديث أخر دالة على المطلب.

 

===============

 

( 49 )

 

[ (مسألة 20): إذا تنجس الارز أو الماش أو نحوهما، يجعل في وصلة (خرقة) ويغمس في الكر، وإن نفذ فيه الماء النجس يصبر حتى يعلم نفوذ الماء الطاهر الى المقدار الذي نفذ فيه الماء النجس (1)، بل لا يبعد تطهيره بالقليل (2)، بأن يجعل في ظرف ويصب عليه، ثم يراق غسالته، ويطهر الظرف أيضا بالتبع (3)، فلا حاجة إلى التثليث فيه، وإن كان هو الاحوط. نعم لو كان الظرف أيضا نجسا فلا بد من الثلاث. (مسأله 21): الثوب النجس يمكن تطهيره بجعله في طشت وصب الماء عليه (4) ثم عصره، وإخراج غسالته وكذا اللحم النجس. ] (1) على ما سبق في المسألة السادسة عشرة. (2) هذا في صورة عدم نفوذ الماء النجس واضح، لوضوح إمكان استيلاء الماء القليل على السطح الظاهر، أما في صورة نفوذه فهو مبني على ما سبق. (3) لسكوت الصحيح (* 1) عن التعرض لوجوب تطهير المركن بعد الغسلة الاولى والثانية، فانه ظاهر في طهارته بالتبع، ويساعده الارتكاز العرفي. وكذا الحال في الطشت في المسألة الآتية. ويأتى إن شاء الله في التاسع من المطهرات. (4) كما هو محمل صحيح ابن مسلم (* 2) عند القائلين باعتبار الورود وأما بناء على عدم اعتباره فيجوز أيضا وضع الماء أولا، ثم وضع الثوب فيه. وكذا الحال في اللحم.

 

 

____________

(* 1) وهو صحيح محمد بن مسلم المتقدم في اشتراط الورود في التطهير بالماء. (* 2) تقدم في اشتراط الورود في التطهير بالماء.

 

===============

 

( 50 )

 

[ ويكفي المرة في غير البول، والمرتان فيه، إذا لم يكن الطشت نجسا قبل صب الماء، وإلا فلا بد من الثلاث (1) والاحوط التثليث مطلقا. (مسألة 22): اللحم المطبوخ بالماء النجس أو المتنجس بعد الطبخ يمكن تطهيره في الكثير، بل القليل إذا صب عليه الماء (2) ونفذ فيه الى المقدار الذي وصل إليه الماء النجس (3). (مسألة 23): الطين النجس اللاصق بالابريق يطهر بغمسه في الكر ونفوذ الماء الى أعماقه، ومع عدم النفوذ يطهر ظاهره، فالقطرات التي تقطر منه بعد الاخراج من الماء طاهرة وكذا الطين اللاصق بالنعل. بل يطهر ظاهره بالماء القليل أيضا، بل إذا وصل إلى باطنه - بان كان رخوا - طهر باطنه أيضا به (4)، (مسألة 24): الطحين والعجين النجس يمكن تطهيره بجعله خبزا، ثم وضعه في الكر حتى يصل الماء الى جميع أجزائه (5)، ] (1) لقصور النص عن إثبات الطهارة بالتبعية. (2) كما هو مقتضى إطلاق روايتي السكوني وزكريا المتقدمتين (* 1) وغيرهما. (3) لعله خلاف إطلاق الروايتين، كما عرفت في المسألة السادسة عشرة. (4) تقدم الكلام فيه. فراجع. (5) هذا واضح على تقدير نفوذ الماء في العمق، لعدم اعتبار الانفصال لكن عرفت الاشكال في النفوذ، والنصوص المتقدمة (* 2) لا تدل على

 

 

____________

(* 1) تقدم ذكرهما في ذيل المسألة السادسة عشرة. (* 2) تقدمت في المسألة السادسة عشرة.

 

===============

 

( 51 )

 

[ وكذا الحليب (1) النجس بجعله جبنا ووضعه في الماء كذلك. (مسألة 25): إذا تنجس التنور يطهر بصب الماء في أطرافه من فوق الى تحت، ولا حاجة فيه إلى التثليث، لعدم كونه من الظروف، فيكفي المرة في غير البول، والمرتان فيه والاولى أن يحفر فيه حفيرة يجتمع الغسالة فيها (2)، وطمها بعد ذلك بالطين الطاهر. (مسألة 26): الارض الصلبة أو المفروشة بالآجر والحجر تطهر بالماء القليل إذا أجري عليها، لكن مجمع الغسالة يبقى نجسا، ولو أريد تطهير بيت أو سكة فان أمكن إخراج ماء الغسالة بأن كان هناك طريق لخروجه فهو، وإلا يحفر حفيرة ليجتمع فيها، ثم يجعل فيها الطين الطاهر، كما ذكر في التنور. وإن كانت الارض رخوة، بحيث لا يمكن إجراء الماء عليها، فلا تطهر إلا بالقاء الكر أو المطر أو الشمس. نعم إذا كانت رملا يمكن تطهير ظاهرها بصب الماء عليها ] إمكان تطهيرها، لان موردها النجاسة بعد الانجماد لا قبله، كما في الفرض كما عرفت أيضا الاشارة الى إمكان تطهيرها بالقليل على تقدير نفوذه في عمقها، وانفصاله بتوالي الصب. (1) الاشكال في الحليب هو الاشكال في الدهن المتنجس وغيره من المائعات، وقد تقدم في مبحث الماء المضاف أنها لا تطهر إلا بالاستهلاك لعدم الدليل على طهارتها بما ذكر، حتى لو قلنا بوجود الجزء الذي لا يتجزأ. (2) هذا لا يرتبط بطهارة نفس التنور، وانما يتوقف عليه طهارة أرضه، لنجاسة ما يستقر فيه ماء الغسالة.

 

===============

 

( 52 )

 

[ ورسوبه في الرمل فيبقى الباطن نجسا بماء الغساله، وإن كان لا يخلو عن إشكال (1)، من جهة احتمال عدم صدق انفصال الغسالة. (مسألة 27): إذا صبغ ثوب بالدم لا يطهر ما دام يخرج منه الماء الاحمر (2). نعم إذا صار بحيث لا يخرج منه طهر بالغمس في الكر أو الغسل بالماء القليل. بخلاف ما إذا صبغ بالنيل النجس، فانه إذا نفذ فيه الماء في الكثير بوصف الاطلاق يطهر وإن صار مضافا أو متلونا بعد العصر كما مر سابقا (3). (مسألة 28): فيما يعتبر فيه التعدد لا يلزم توالي الغسلتين أو الغسلات (4)، فلو غسل مرة في يوم، ومرة أخرى في يوم آخر، كفى. نعم يعتبر في العصر الفورية بعد صب الماء على الشئ المتنجس (5). ] (1) تقدم دفعه في المسألة السادسة عشرة. (2) لبقاء عين النجاسة المانع من حصول التطهير منها. (3) يعنى: في صدر الفصل، مر أيضا بعض الكلام فيه. فراجع. (4) للاطلاق. (5) قد يختلف اعتبارها وعدمه باختلاف دليل اعتبار العصر، فان كان هو للامر به في النصوص، أو دخوله في مفهوم الغسل، أو ظهور المقابلة بينه وبين الصب، لم تجب الفورية، للاطلاق، وكذا لو كان هو الاجماع، حيث لا يكون لمعقده إطلاق، فان المرجع مع الشك إطلاقات الغسل. وإن كان دليل اعتبار العصر الاصل - لعدم الاطلاق من جهة

 

===============

 

( 53 )

 

[ (مسألة 29): الغسلة المزيلة للعين بحيث لا يبقى بعدها شئ منها، تعد من الغسلات فيما يعتبر فيه التعدد (1)، فتحسب مرة، بخلاف ما إذا بقي بعدها شئ من أجزاء العين، فانها لا تحسب (2). ] انصراف إطلاقا ت الغسل الى المتعارف، فلا تصلح للمرجعية عند الشك - وجبت الفورية، لجريان استصحاب النجاسة بدونها. فلابد من ملاحظة الادلة المتقدمة في اعتبار العصر، والنظر في مقتضاها. ولو كان وجوب العصر لمقدميته للانفصال المعتبر في التطهير لاجل الارتكاز العرفي فالظاهر عدم اعتبار الفورية. نعم يعتبر عدم جفاف مقدار منه على المحل المغسول فانه مما يمنع عن حصول الطهارة له عرفا، فلو لم يجب لرطوبة الهواء جاز تأخر الانفصال، ويحصل الطهر بعده. (1) للاطلاق. وكأنه (ره) يريد صورة استمرار الصب بعد إزالة العين، لئلا ينافى ما تقدم منه. ولكن عرفت أن قيام الدليل عليه مشكل. (2) وفي الجواهر: ان مقتضى الاطلاق احتسابها (ودعوى): أنه إذا كانت العين موجودة بعد الغسلة الاولى كان مقتضى إطلاق الدليل وجوب الغسلتين منها، كما في سائر الافراد (مندفعة) بأن افرد الواحد لا يمكن تطبيق الدليل عليه مرتين، فإذا صدق عليه قبل الغسلة الاولى أنه بول، فيجب غسله مرتين، فلا مجال لتطبيقه بعد الغسلة الاولى لتنافي التطبيقين. لكن فيه: أن تنافيهما يوجب سقوطهما معا، والرجوع إلى استصحاب النجاسة. مضافا إلى أن إزالة العين من مقومات الغسل منها عرفا، قلا يصدق الغسل منها مع عدم الازالة. لا أقل من انصراف الدليل عن الغسل غير المزيل، بل قد تقدم دعوى بعض انصرافه عن

 

===============

 

( 54 )

 

[ وعلى هذا فان أزال العين بالماء المطلق فيما يجب فيه مرتان كفى غسله مرة أخرى، وان أزالها بماء مضاف يجب بعده مرتان أخريان (1). (مسألة 30): النعل المتنجسة تطهر بغمسها في الماء الكثير ولا حاجة فيها الى العصر، لا من طرف جلدها (2)، ولا من طرف خيوطها. وكذا البارية. بل في الغسل بالماء القليل أيضا كذلك، لان الجلد والخيط ليسا مما يعصر (3)، وكذا الحزام من الجلد، كان فيه خيط، أو لم يكن. (مسألة 31): الذهب المذاب ونحوه من الفلزات، إذا صب في الماء النجس، أو كان متنجسا فأذيب، ينجس ظاهره وباطنه (4)، ولا يقبل التطهير إلا ظاهره (5)، ] الغسلة المزيلة مطلقا، وأن كان ممنوع، كما عرفت. (1) لاطلاق دليل وجوب الغسل مرتين بالماء المطلق. (2) هذا لا حاجة إليه، لعدم اعتبار العصر في الكثير مطلقا ولا يختص بطرف شئ دون شئ. (3) قد يكون الخيط مما يعصر إذا كان رخوا يحمل مقدارا معتدا به من الماء وإن كان الفرض نادرا. (4) إذا كان يؤدي ذلك إلى ملاقاة الاجزاء الباطنة، كما هو كذلك غالبا، ومجرد الصب لا يلازم ذلك. (5) لامتناع نفوذ الماء في باطنه، ولا مجال لدعوى كون طهارة الباطن بالتبعية للظاهر، لان ذلك - على تقدير تماميته، كما عرفت - يختص بالمتنجس بالتبعية.

 

===============

 

( 55 )

 

[ فإذا اذيب ثانيا بعد تطهير ظاهره تنجس ظاهره ثانيا (1). نعم لو احتمل عدم وصول النجاسة إلى جميع أجزائه، وأن ما ظهر منه بعد الذوبان الاجزاء الطاهرة، يحكم بطهارته، وعلى أي حال بعد تطهير ظاهره لا مانع من استعماله وإن كان مثل القدر من الصفر (2)، (مسألة 32): الحلي الذي يصوغه الكافر إذا لم يعلم ملاقاته له مع الرطوبة يحكم بطهارته، ومع العلم بها يجب غسله (3) ويطهر ظاهره، وإن بقي باطنه على النجاسة إذا كان متنجسا قبل الاذابة. (مسألة 33): النبات المتنجس يطهر بالغمس في الكثير بل والغسل بالقليل إذا علم جريان الماء عليه بوصف الاطلاق، وكذا قطعة الملح. نعم لو صنع النبات من السكر المتنجس، أو انجمد الملح بعد تنجسه مائعا، لا يكون حينئذ قابلا للتطهير (4) ] (1) لاختلاط أجزائه وامتزاجها. (2) للاصل، ولعله من القطعيات. نعم لو احتمل ظهور الباطن بتوسط الاستعمال كان مقتضى الاستصحاب نجاسة ذلك الظاهر المردد بين الاول والاخير. (3) يعنى: حيث يجب تطهيره. (4) يعنى: بتمامه حتى باطنه. لما سبق منا في الحليب الذى صنع جبنا. بل لو قيل بالطهارة هناك لا نقول بها هنا، من جهة أن نفوذ الماء موجب لصيرورته مضافا لا يقبل المطهرية. ولاجل ذلك فرق بينه وبين الحليب النجس. وأما ظاهره فلا مانع من تطهيره إذا علم جريان

 

===============

 

( 56 )

 

[ (مسألة 34): الكوز الذي صنع من طين نجس، أو كان مصنوعا للكافر، يطهر ظاهره بالقليل، وباطنه أيضا إذا وضع في الكثير فنفذ الماء في أعماقه (1). (مسألة 35): اليد الدسمة إذا تنجست تطهر في الكثير والقليل، إذا لم يكن لدسومتها جرم، وإلا فلا بد من ازالته أولا، وكذا اللحم الدسم، والالية، فهذا المقدار من الدسومة لا يمنع من وصول الماء. (مسألة 36): الظروف الكبار التي لا يمكن نقلها كالحب المثبت في الارض ونحوه إذا تنجست يمكن تطهيرها بوجوه (2) " أحدها ": أن تملا ماء (3) ثم تفرغ، ثلاث مرات " الثاني ": أن يجعل (4) فيها الماء، ثم يدار إلى أطرافها باعانة اليد أو غيرها (5)، ] الماء عليه بوصف الاطلاق، كما في الفرض الاول. (1) لكن الاشكال في إمكان ذلك، وليس هو مثل العجين النجس الذي يصنع خبزا، لان التصاق بعض الاجزاء ببعض فيه مانع من نفوذ الماء في جميع أجزائه، بخلاف الخبز، إذ ليس التصاق أجزائه كذلك. (2) هذه الوجوه يمكن أن تستفاد من موثق عمار المتقدم (* 1)، ومن الرجوع الى الكيفية العرفية المنزل عليها إطلاق أدلة التطهير. (3) تقدم استشكال الجواهر فيه في المسألة الرابعة عشرة، وتقدم دفعه. (4) هذا الوجه أوفق بمتن الموثق. (5) لاطلاق التحريك في الموثق.

 

 

____________

(* 1) تقدم في المسألة الخامسة.

 

===============

 

( 57 )

 

[ ثم يخرج منها ماء الغسالة (1)، ثلاث مرات " الثالث ": أن يدار الماء إلى أطرافها (2)، مبتدثا بالاسفل، إلى الاعلى، ثم يخرج الغسالة المجتمعة، ثلاث مرات " الرابع ": أن يدار كذلك لكن من أعلاها إلى الاسفل، ثم يخرج، ثلاث مرات. ولا يشكل بأن الابتداء من أعلاها يوجب اجتماع الغسالة في أسفلها قبل أن يغسل، ومع اجتماعها لا يمكن إدارة الماء في أسفلها. وذلك لان المجموع يعد غسلا واحدا، فالماء الذي ينزل من الاعلى يغسل كل ما جرى عليه الى الاسفل، وبعد الاجتماع يعد المجموع غسالة، ولا يلزم تطهير آلة اخراج الغسالة كل مرة (3) وإن كان أحوط. ويلزم المبادرة إلى اخراجها عرفا في كل غسلة (4). ] (1) يعنى: ولو بآلة. لاطلاق الافراغ. (2) فانه جمع بين الصب والتحريك. وكذلك الرابع. (3) لاطلاق الموثق. ولعدم تنجس المغسول بماء غسالته. واستشكل في الجواهر في الاول بعدم كونه مسوقا لذلك، وفي الثاني بالمنع، إذ مقتضي القاعدة تنجسه بها بعد الانفصال. ومن هنا اعتبر تطهير الآلة جماعة منهم الشهيد الثاني في الروضة، ومقتضى إطلاق كلامه عدم الفرق في ذلك بين عودها لاخراج بعض كل من الغسالتين، أو لاخراج الغسالة الثانية. ومع ذلك فقد قوى في نجاة العباد ما في المتن، ويساعده الارتكاز العرفي في كيفية التطهير. (4) هذا خلاف إطلاق الموثق. إلا أن يدعى انصرافه إلى ذلك. لكنه غير ظاهر، إلا إذا كان بقاؤه يؤدي إلى استقذاز المحل المستقر فيه

 

===============

 

( 58 )

 

[ لكن لا يضر الفصل بين الغسلات الثلاث (1). والقطرات التي تقطر من الغسالة فيها لا بأس بها (2). وهذه الوجوه تجري في الظروف غير المثبتة أيضا، وتزيد بامكان غمسها في الكر أيضا. ومما ذكرنا يظهر حال تطهير الحوض أيضا بالماء القليل (3). (مسألة 37): في تطهير شعر المرأة ولحية الرجل لا حاجة إلى العصر وإن غسلا بالقليل، لا نفصال معظم الماء بدون العصر (4). (مسألة 38): إذا غسل ثوبه المتنجس، ثم رأى بعد ذلك فيه شيئا من الطين، أو من دقاق الاشنان الذي كان متنجسا لا يضر ذلك بتطهيره (5). ] على نحو ما تقدم في المبادرة إلى العصر. (1) للاطلاق، كما تقدم. (2) الكلام فيه هو الكلام في تطهير الآلة. إلا أن يدعى القطع بنفي البأس فيه، لانه لازم غالبا، فلو بني على قدحه يلزم تعذر تطهير الاواني المثبتة أو الكبيرة التي يتعذر إفراغ الماء منها بغير آلة، ولا يمكن الالتزام به، للزوم الهرج بدونه، ولا كذلك اعتبار عود الآلة طاهرة. (3) إذ لو فرض قصور النص عن شموله، لاختصاصه بالاناء أمكن جريان ذلك فيه، لاجل الارتكاز العرفي. (4) يمكن منعه في بعض أنواع الشعر الكثيف الذي يتخلل الماء بينه ولا ينفصل عنه. فتأمل: (5) لانه لا يمنع من نفوذ الماء في أعماق الثوب، ولو من الجانب الخالي عنه.

 

===============

 

( 59 )

 

[ بل يحكم بطهارته أيضا، لا نغساله بغسل الثوب (1). (مسألة 39): في حال إجراء الماء على المحل النجس، من البدن أو الثوب، إذا وصل ذلك الماء إلى ما اتصل به من المحل الطاهر - على ما هو المتعارف - لا يلحقه حكم ملاقي الغسالة (2) حتى يجب غسله ثانيا، ] (1) هذا إذا علم بنفوذ الماء فيه - كما هو المتعارف - وإلا طهر ظاهره فقط، كما تقدم. (2) وإن كان مقتضى القواعد الاولية ذلك، إلا أنه يجب الخروج عنها بالسيرة القطعية المقتضية للطهارة، تبعا للمحل النجس. مضافا إلى الارتكاز العرفي، المنزل عليه إطلاق أدلة التطهير الآمرة بالصب والغسل والى لزوم اختصاص التطهير بالماء المعتصم - غالبا - المؤدي إلى الهرج، المعلوم عدمه. مع أنه يساعده الاطلاقات المقامية، لادلة التطهير العامة. لكن الظاهر اعتبار انفصال الماء عنه كالمتنجس الاصلى، فلو لم ينفصل، لمانع، أو لقلته، اختص مستقر الماء بالنجاسة، أخذا بالقاعدة، وعدم ثبوت السيرة على خلافها. وفي البرهان القاطع جزم بالطهارة بالتبعية فيما لم ينفصل لقلته، لاجل الحرج، فيكون حكم البلة المذكورة حكم البلة المتخلفة في الاجزاء النجسة. ويشكل بأن الحرج الاتفاقي النادر لا يوجب الحكم بالطهارة، كما تقدم، والغالبي المؤدي الى الهرج والمرج، وكثرة السؤال، وانكشاف الحال، وإن كان دالا على الطهارة، لكنه غير حاصل. ثم إنه ربما يتوهم أن مقتضى القاعدة الحكم بعدم نجاسة المحل الطاهر بالماء النجس الجاري إليه، أخذا بقاعدة الطهارة أو استصحابها، للعلم الاجمالي بتخصيص قاعدة تنجس ملاقي النجس، أو تخصيص قاعدة الاحتياج

 

===============

 

( 60 )

 

[ بل يطهر المحل النجس بتلك الغسلة. وكذا إذا كان جزء من الثوب نجسا فغسل مجموعه فلا يقال: إن المقدار الطاهر تنجس بهذه الغسلة، فلا تكفيه. بل الحال كذلك إذا ضم مع المتنجس شيئا آخر طاهرا، وصب الماء على المجموع، فلو كان واحد من أصابعه نجسا، فضم إليه البقية، وأجرى الماء عليها، بحيث وصل الماء الجاري على النجس منها إلى البقية ثم انفصل، تطهر بطهره وكذا إذا كان زنده نجسا، فأجرى الماء عليه، فجرى على كفه ثم انفصل، فلا يحتاج إلى غسل الكف (1) لوصول ماء الغسالة إليها، وهكذا. نعم لو طفر الماء من المتنجس حين غسله على محل طاهر من يده أو ثوبه يجب غسله بناء على نجاسة الغساله. وكذا لو وصل بعد ما انفصل عن المحل إلى طاهر منفصل. والفرق أن المتصل بالمحل النجس يعد معه مغسولا واحدا، بخلاف المنفصل (2). ] في تطهير النجس إلى استعمال الماء، فان العلم المذكور يوجب سقوطهما عن الحجية، والرجوع إلى الاصل المقتضى للطهارة " وفيه ": أنه لا مجال للعمل بأصالة العموم في القاعدة الثانية، للعلم الاجمالي بعدم حجيتها، إما لتخصيصها، أو لتخصصها، لان تخصيص الاولى واقعا يوجب طهارة المحل، فيخرج عن صغريات القاعدة الثانية، وعليه فأصالة العموم في الاولى بلا معارض. مضافا إلى أن القاعدة الثانية لو كانت مستفادة من الاستصحاب كانت الاولى حاكمة عليها. فتأمل جيدا. (1) قد يشكل فيما لو كان من المواضع البعيدة، لعدم ثبوت السيرة على الطهارة فيه. وإن كان الاطلاق أوفق بالمرتكزات العرفية. (2) هذا إنما يجدي في الفرق بينهما في الحكم لو كان الحكم بالطهارة

 

===============

 

( 61 )

 

[ (مسألة 40): إذا أكل طعاما نجسا فما يبقى منه بين أسنانه باق على نجاسته (1) ويطهر بالمضمضة (2). وأما إذا كان الطعام طاهرا فخرج دم من بين أسنانه، فان لم يلاقه لا يتنجس وإن تبلل بالريق الملاقي للدم، لان الريق لا يتنجس بذلك الدم (3)، وإن لا قاه ففي الحكم بنجاسته إشكال، من حيث أنه لاقى النجس في الباطن، لكن الاحوط الاجتناب عنه، لان القدر المعلوم أن النجس في الباطن لا ينجس ما يلاقيه، مما كان في الباطن، لا ما دخل إليه من الخارج، فلو كان في أنفه نقطة دم لا يحكم بتنجس باطن الفم، ولا بتنجس رطوبته، بخلاف ما إذا ادخل اصبعه فلاقته، فان الاحوط غسله. (مسألة 41): آلات التطهير كاليد، والظرف الذي يغسل فيه تطهر بالتبع (4)، فلا حاجة إلى غسلها، ] لدليل لفظي، دال على طهارة بعض المغسول الواحد بطهارة البعض الآخر أما لو كان لاجل السيرة القطعية ونحوها من الادلة اللبية، فالواجب الاقتصار على المتيقن منها دون غيره، فهذا هو منشأ الفرق. (1) للاستصحاب. (2) على تقدير استيلاء مائها على تمام سطحه الظاهر، بان يكون في فضاء الفم حين المضمضة. (3) لعدم سراية النجاسة من الداخل إلى الداخل، كما تقدم وجهه ووجه الاحتياط فيما بعده، في مبحث نجاسة البول. (4) لما تقدم في المسألة السابقة من السيرة، والارتكاز العرفي، والاطلاق المقامى لادلة التطهير المتضمنة للامر بالغسل، ولا سيما في الظرف

 

===============

 

( 62 )

 

[ وفي الظرف لا يجب غسله ثلاث مرات، بخلاف ما إذا كان نجسا قبل الاستعمال في التطهير، فانه يجب غسله ثلاث مرات، كما مر. " الثاني ": من المطهرات الارض. وهي تطهر باطن القدم، والنعل (1)، ] فان دلالة صحيح ابن مسلم على طهارة بالتبع، وعدم احتياجه إلى التطهير بعد الغسلة الاولى أو الثانية، مما لا مجال للتأمل فيها، كما أشرنا إليه سابقا (* 1). ولاظاهر عدم الاحتياج في الحكم بطهارة اليد إلى صب الماء عليها مع الثوب، فان ذلك خلاف المرتكز العرفي. بل لا يبعد عدم اعتبار اتصالها بالثوب حين صب الماء عليه. بل لا يبعد إلحاق يد غير الغاسل بيد الغاسل نفسه في ذلك، كما لو صب الماء على الثوب، وناوله لخادمه ليعصره ومثلها الحجر والخشبة المتخذان لفصل ماء الغسالة بالتثقيل والدق. والله سبحانه أعلم. (1) هذا مجمع عليه، كما عن جامع المقاصد، وعن المدارك والدلائل أنه مقطوع به في كلام الاصحاب. ويدل عليه في القدم صريح النصوص كصحيح زرارة: " قلت لابي جعفر (ع) رجل وطئ على عذرة فساخت رجله فيها، أينقض ذلك وضوءه؟ وهل يجب عليه غسلها؟ فقال (ع): لا يغسلها إلا أن يقذرها، ولكنه يمسحها حتى يذهب أثرها، ويصلي " (* 2). وحسن المعلى: " سألت أبا عبد الله (ع) عن الخنزير يخرج من الماء فيمر على الطريق فيسيل منه الماء أمر عليه حافيا.

 

 

____________

(* 1) تقدم في المسألة العشرين. (* 2) الوسائل باب: 32 من أبواب النجاسات حديث: 7.

 

===============

 

( 63 )

 

فقال (ع): أليس وراءه شئ جاف؟ قلت: بلى فقال (ع): لا بأس، إن الارض يطهر بعضها بعضا " (* 1). وحسن محمد الحلبي المروي عن مستطرفات السرائر عنه (ع): " إن طريقي إلى المسجد في زقاق يبال فيه، فربما مررت فيه وليس علي حذاء فيلصق برجلي من نداوته. فقال (ع). أليس تمشي بعد ذلك في أرض يابسة؟ قلت: بلى. قال (ع): فلا بأس، إن الارض يطهر بعضها بعضا " (* 2). وإطلاق صحيحه: " دخلت على أبي عبد الله (ع) فقال (ع): اين نزلتم؟ فقلت: نزلنا في دار فلان. فقال (ع): إن بينكم وبين المسجد زقاقا قذرا، أو قلنا له: إن بيننا وبين المسجد زقاقا قذرا. فقال (ع) لا بأس إن الارض يطهر بعضها بعضا " (* 3). وصحيح الاحول عن أبى عبد الله (ع): " في الرجل يطأ على الموضع الذي ليس بنظيف ثم يطأ بعده مكانا نظيفا. قال (ع): لا بأس إذا كان خمسة عشر ذراعا أو نحو ذلك ". (* 4). ومن إطلاق الصحيحين الاخيرين - بضميمة إطلاق التعليل المذكور في أولهما وغيره - يستفاد الحكم في الثاني. إلا أن يخدش التعليل بالعلم بعدم إرادة ظاهره على إطلاقه، فيحكم باجماله (وأما الاشكال عليه) باجمال المراد لتكثر محتملاته، لاحتمال أن يكون المراد من التطهير فيه انتقال القذارة من الموضع النجس الى موضع آخر، مرة بعد أخرى، حتى لا يبقى منها شئ - كما عن الوافي - وأن يكون المراد يطهر بعضها بعض المتنجسات - كما عن الوحيد - إذ عليهما لا مجال للاستدلال به على العموم (فمندفع) بأن

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 32 من ابواب النجاسات حديث: 3. (* 2) الوسائل باب: 32 من ابواب النجاسات حديث: 9. (* 3) الوسائل باب: 32 من أبواب النجاسات حديث: 4. (* 4) الوسائل باب: 32 من أبواب النجاسات حديث: 1.

 

===============

 

( 64 )

 

تكثر المحتملات لا يوجب الاجمال إذا كان بعضها أظهر، والاظهر في المقام - كما اعترف به غير واحد - أن المراد أن الارض يطهر بعضها ما ينجس من ملاقاة بعض آخر منها. أما ما ذكره في الوافي فساقط جدا، لمخالفته لمورده في الحسنين، فان رطوبة البول أو الماء اللاصقة بالرجل لا يتوقف زوالها على المشي على الارض، ولم يكن السؤال من جهة وجودهما العيني بل من جهة أثرهما الحكمي. وأيضا فان بيان المعنى المذكور مما ليس وظيفة للشارع، بل هو أمر عرفي، فحمل الكلام عليه خلاف الظاهر. كما يمكن أن يخدش الصحيح الاول منهما بمعارضته بالحسن السابق المروي في المستطرفات، إذ الظاهر وحدة الواقعة، وقد صرح في الحسن بالرجل (وتوهم): وجوب إعمال قواعد التعارض، المقتضية لترجيح الصحيح (مندفع) بأن ذلك - وإن سلم - لا يتم في المقام، لان نسبة الحسن إلى الصحيح نسبة المبين الى المجمل - كما يظهر بالتأمل في متنهما - فان الظاهر أن يكون الحلبي قد روى الواقعة لاسحاق الراوي عنه في الصحيح بنحو مجمل، وللمفضل بن عمر الراوي عنه في الحسن بنحو مفصل، فيكون العمل على الثاني المصرح فيه بالرجل، فلا مجال للتمسك باطلاق الاول به لحكم غيرها. نعم لا مجال للتأمل في إطلاق الصحيح الثاني منهما، وهو كاف في التعدي عن القدم إلى غيرها، لصدق الوطء في الجميع (وتوهم): أن إعراض المشهور عن ذيله المتضمن لاعتبار خمسة عشر ذراعا يقدح في حجيته (مندفع) بأن ذلك إنما يقتضي حمل ذيله على الاستحباب، أو على ما لو توقف زوال العين على المشي بالمقدار المذكور، لا أنه يسقط إطلاق صدره عن الحجية، لا مكان التفكيك بينهما في الحجية. وعليه

 

===============

 

( 65 )

 

[ بالمشي عليها، أو المسح بها (1) بشرط زوال عين النجاسة (2) إن كانت. والاحوط الاقتصار على النجاسة الحاصلة بالمشي على الارض النجسة (3)، دون ما حصل من الخارج (4). ] فلا فرق بين النعل وكل ما يلبس بالقدم مما يصدق الوطء به، وكأن المراد من النعل في المتن ما يعم جميع ذلك، كما سيأتي. (1) كما عن المنتهى. والنهاية، والدروس، والمهذب، وحاشية الشرائع، والمسالك، والروضة. للتصريح بالمسح في صحيح زرارة وبالمشي في حسن الحلبي، ويستفادان من غيرهما. فما عن ظاهر الخلاف من عدم طهارة الخف بالدلك غير ظاهر. (2) قطعا. ويستفاد من صحيح زرارة. (3) سواء أكانت النجاسة من الارض أم من غيرها، أما الاول فهو المتيقن، وتضمنه حسنا الحلبي والمعلى وصحيح الاحول، ويقتضيه التعليل وأما الثاني فتضمنه صحيح زرارة (وتوهم): منافاة التعليل لصحيح زرارة فيمتنع الاخذ به (مندفع) بأن التعليل المذكور لا مفهوم له واضح ليصلح لمعارضة غيره. مضافا إلى أن الصحيح صريح الدلالة فالتصرف في التعليل متعين. (4) للاصل. وإن كان قد يتوهم ثبوت الحكم فيه أيضا، لاطلاق صحيح زرارة: " جرت السنة في أثر الغائط بثلاثة أحجار أن يمسح العجان ولا يغسله، ويجوز أن يمسح رجليه ولا يغسلهما " (* 1). وفيه: أنه لو سلم وروده فيما نحن فيه، لا في المسح في الوضوء فلا إطلاق له، لانه في مقام الايجاب الجزئي في قبال السلب الكلي. فتأمل.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 30 من أبواب أحكام الخلوة حديث: 3.

 

===============

 

( 66 )

 

[ ويكفي مسمى المشي أو المسح (1)، وإن كان الاحوط المشي خمس عشرة خطوة (2). وفي كفاية مجرد المماسة من دون مسح أو مشي إشكال (3)، وكذا في مسح التراب عليها (4). ولا فرق في الارض بين التراب والرمل والحجر الاصلي (5)، ] (1) على المشهور، وعن الذكرى: انه ظاهرهم عدا ابن الجنيد. لاطلاق النصوص. (2) لما عن ابن الجنيد من اعتبار المشي نحوا من خمسة عشر ذراعا، ويساعده صحيح الاحوال. وحمل على صورة توقف زوال القذارة على المشي كذلك، كماقد يومئ إليه قوله (ع): " أو نحو ذلك ". أو على الاستحباب، أخذا باطلاق غيره من النصوص، الآبي سياقها عن التقييد بذلك، بل صحيح زرارة كالصريح في عدمه. إلا أن يدعى الاقتصار على تقييد المشي لا المسح. ثم إنه لا يظهر لذكر الخطوة في المتن وجه مع كون المذكور في النص والفتوى الذراع. (3) ينشأ من ظهور حسن الحلبي وصحيح زرارة في اعتبار المشي والمسح، ومن إطلاق التعليل. لكن الاطلاق لا يجدي في إثبات الكيفية، ولا ارتكاز عرفي فيها بالنسبة إلى الارض ليتبع، والقياس على الماء غير ظاهر، فظهور الحسن والصحيح في اعتبار خصوصية المشي والمسح محكم، واحتمال كون ذكرهما لمناسبة المورد لا يجدي في رفع اليد عن الظاهر. (4) لاحتمال انصراف المسح في صحيح زرارة إلى مسح الارض بالرجل لا مسح الرجل بالارض. لكن فيه منع الانصراف. مع أن مقتضى الجمود على حاق التعبير تعين الثاني، وإن كان الظاهر منه إرادة مجرد إزالة العين (5) والاقتصار على الاول في الشرائع، وعن غيرها، لابد أن يكون

 

===============

 

( 67 )

 

[ بل الظاهر كفاية المفروشة بالحجر، بل بالآجر والجص والنورة (1). نعم يشكل كفاية المطلي بالقير أو المفروش باللوح من الخشب مما لا يصدق عليه اسم الارض (2). ] للتمثيل، وإلا فاطلاق الارض والمكان والشئ، المذكورة في النصوص، يقتضي التعميم. (1) إما لصدق الارض عليها قطعا، أو تعبدا باستصحاب أرضيتها أو لاستصحاب مطهريتها. ولو فرض معارضته باستصحاب النجاسة. كما هو كذلك في كل استصحاب تعليقي - فالمرجع بعد التعارض قاعدة الطهارة. لكن عرفت - في مبحث العصير الزبيبى - الاشكال في كون ذلك من الاستصحاب التعليقي، كي يعارض استصحاب النجاسة. كما عرفت غير مرة أن مثل استصحاب الارضية غير جار لانه من استصحاب المفهوم المردد. فإذا العمدة في مطهرية ما ذكر، الرافع لاستصحاب النجاسة، هو إطلاق الارض الشامل لها. ولا يخلو من تأمل، وإن كان هو الاظهر في المقام، لغلبة وجود مثل ذلك في الطرق والازقة التي يمر عليها الناس. (2) كأن منشأ الاشكال - مع الاعتراف بعدم صدق الارض عليه - عدها جزءا من الارض عرفا مسامحة، واحتمال أن يكون المراد من الارض ما؟؟ الفراش، وإلا فلا فرق بينها وبين ما نفى الاشكال في عدم كفايته في عدم صدق الارض عليه. فان أمكن الاخذ باطلاق الامر بالمسح في صحيح زرارة، والمكان النظيف في صحيح الاحوال، تعين الحكم بكفاية كل منهما، كما عن ابن الجنيد، واختاره في المستند وتردد فيه نهاية الاحكام. وإلا يمكن ذلك - إما للانصراف إلى الارض

 

===============

 

( 68 )

 

[ ولا إشكال في عدم كفاية المشي على الفرش والحصير والبواري، وعلى الزرع والنباتات، إلا أن يكون النبات قليلا. بحيث لا يمنع عن صدق المشى على الارض (1). ولا يعتبر أن تكون في القدم أو النعل رطوبة (2)، ولا زوال العين بالمسح أو بالمشي وإن كان أحوط (3). ويشترط طهارة الارض (4)، ] كما ادعاه في الحدائق. أو وجوب حمله عليها، جمعا بينه وبين ما في حسن الحلبي من قوله (ع): " أليس تمشي بعد ذلك في أرض يابسة " الظاهر في تعين الارض - تعين الحكم بعدم كفاية كل منهما، كما هو المعروف بين الاصحاب من غير خلاف يعرف - كما في الحدائق - وهذا هو الاظهر. وأما التعليل فمنافاته لقول ابن الجنيد غير ظاهرة، لما عرفت مرارا من أن هذا السنخ من التعليلات مما لم يكن مقرونا بلام التعليل غير واضح الدلالة على الانتفاء عند الانتفاء. (1) وكفاية حينئذ للاطلاق. فتأمل. أو لان المتعارف في الارض التي يمشى عليها وجود الخليط بها من نبات أو نحوه، فيكون تقييد جميع تلك النصوص بالخالصة من الخليط تقييدا بالفرد النادر، وهو فيها مما لا يمكن الالتزام به. (2) لاطلاق النص فيه وفيما بعده. (3) لما تضمنه صحيح زرارة. لكن لما كان مورده وجود العين، المعتبر زواله قطعا، لم يصلح لتقييد مثل حسن الحلبي. (4) كما عن الاسكافي والشهيد والكركي. واستدل له بالاصل بعد قصور الاطلاقات المقتضية للمطهرية عن شمول صورة نجاسة الارض، فان مقتضى الاستصحاب النجاسة حينئذ. وبالاستقراء لموارد التطهير بالماء حدثا

 

===============

 

( 69 )

 

وخبثا، وبالارض حدثا، بل وخبثا، كحجر الاستنجاء، فان طهارة المطهر شرط في جميع تلك الموارد الموجب ذلك لقوة الظن بذلك هنا وباشعار ما في صحيح الاحوال، من جهة ذكر القيد المذكور في سؤاله. وبالنبوي: " جعلت لي الارض مسجدا وطهورا " (* 1)، بناء على أن الطهور هو الطاهر المطهر من الحدث والخبث. وبقاعدة اعتبار سبق الطهارة في المطهر، المتفق عليها الفقهاء ظاهرا، كما عن الوحيد. والجميع لا يخلو من خدش. إذ الاصل إنما يقتضي النجاسة بناء على عدم جريان استصحاب المطهرية، الثابتة قبل طروء النجاسة على الارض، إلا فمقتضاه العدم. ولو فرض معارضته باستصحاب النجاسة كان المرجع قاعدة الطهارة، كما سبق نظيرة. مع أن الاصل لا مجال له مع الاطلاقات المقتضية لنفي اعتبار الطهارة. ودعوى قصورها ممنوعة، ومثلها دعوى الانصراف الى خصوص الطاهر، بتوسط القاعدة الارتكازية من ان الفاقد لا يعطي، إذ لا ارتكاز للعرف في التطهير بالارض، وإذا كان تعبديا محضا لا مجال لاعمال مرتكزاتهم فيه. وأما الظن الحاصل من الاستقرار فليس بحجة، كالاشعار في الصحيح. وأما النبوي فلو سلم مبنى الاستدلال به، فانما يدل على طهارة الارض ومطهريتها، ولا يدل على اعتبار الاولى في الثانية بوجه. والاتفاق على القاعدة ممنوع كيف؟! ونسب الخلاف في المقام إلى جماعة، منهم الشهيد الثاني، بل نسبه هو (ره) إلى إطلاق النص والفتوى إلا إن يقال: إن الرجوع إلى العرف في قاعدة: (الفاقد لا يعطي) ليس من باب الرجوع إليهم في كيفية التطهير لاجل الاطلاق المقامي، بل من جهة أن القاعدة المذكورة توجب دلالة الكلام على اعتبار الطهارة

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 7 من أبواب التيمم حديث: 2، 3.

 

===============

 

( 70 )

 

[ وجفافها (1). نعم الرطوبة غير المسرية غير مضرة (2). ويلحق بباطن القدم والنعل حواشيهما بالمقدار المتاعرف مما يلتزق بهما ] في المطهر، كما توجب دلالة على اعتبار نجاسة المنجس، ولذلك استدل الفقهاء على نجاسة جملة من الاعيان النجسة بما دل على نجاسة ملاقيها، فلولا أن المنجس يجب أن يكون نجسا لما كان وجه لذلك الاستدلال، والفرق بينه وبين ما نحن فيه غير ظاهر، وكذا جميع الموارد التى تضمن الدليل فيها فاعلية شئ لشئ، فانه يدل بالالتزام العقلي أو العرفي على كونه واجدا لذلك الفعل. فلاحظ والله سبحانه أعلم. (1) كما عن الاسكافي، وجامع المقاصد، والمسالك، وغيرهم. للتنصيص عليه في حسني الحلبي والمعلى، بل في الثاني التنصيص على اليبوسة الموجب لتقييد الاطلاقات. مع قصورها في نفسها، لانصرافها إلى المتعارف وهو الازالة بالجاف. وللزوم تنجس الارض بالمماسة، المؤدي إلى سراية نجاستها إلى ما يراد تطهيره من القدم. ويمكن الخدش في الجميع. إذ التنصيص غير ظاهر في التقييد، لقرب كون المراد بالجاف ما يقابل المبتل بما يسيل من الخنزير، وباليابسة ما يقابل الندية بالبول، كما يظهر بملاحظة سياقها. والانصراف ممنوع. وكذا سراية النجاسة ممنوع، كما في الماء المستعمل في التطهير، فانه مطهر ولا يتنجس به المحل، كما يستفاد من أدلة التطهير، وكذا هنا. وكأنه لما ذكر قال في محكي الروضة: " لا فرق في الارض بين الجافة؟؟ ". (2) وإن كان البقاء على ظهور حسن الحلبي في التقييد يقتضي البناء على كونها مضرة، لان الجمع بين ما دل على اعتبار الجفاف، وما دل على اعتبار اليبوسة بتقييد الاول بالثاني، لان اليبوسة أخص من الجفاف.

 

===============

 

( 71 )

 

[ من الطين والتراب حال المشي (1). وفي إلحاق ظاهر القدم أو النعل بباطنهما، إذا كان يمشي بهما لا عوجاج في رجله، وجه قوي (2)، وإن كان لا يخلو عن إشكال (3). كما أن إلحاق الركبتين واليدين بالنسبة إلى من يمشي عليهما أيضا مشكل (4). وكذا نعل الدابة (5)، وكعب عصا الاعرج وخشبة الاقطع. ولا فرق في النعل بين أقسامها (6) من المصنوع من الجلود والقطن والخشب ونحوها مما هو متعارف (7). ] (1) بل المتعارف في العذرة التي تسيخ الرجل بالوطء عليها، كما في صحيح زرارة، إذ لا مجال لاحتمال الاقتصار على مورده. (2) وهو إطلاق جملة من النصوص المتقدمة. (3) لاحتمال انصراف الاطلاق الى المتعارف لكنه ممنوع، ولو بني عليه لوجب التقييد بالمتعارف في الكيفية والكمية وغيرهما من الخصوصيات المتعارفة. (4) لانحصار الدليل فيها بالتعليل، وصحيح الاحوال، والاول قد عرفت إجماله، والثاني يمكن أن يتأمل في صدق الوطء المذكور فيه على المشي على المذكورات. (5) إذا لا وجه للالحاق فيه إلا التعليل، الذي عرفت حاله وكذا الحكم في عصا الاعرج وخشبة الاقطع، واحتمال صدق الوطء فيهما بعيد. (6) لما عرفت من الاطلاق، ولكنه ليس إطلاقا في النعل، بل فيما يوطأ به. (7) إن كان المراد التقييد بالمتعارف في زمان صدور الاخبار فقد عرفت الاشكال فيه، وإن كان المراد التقييد بالمتعارف في زمان الاستعمال

 

===============

 

( 72 )

 

[ وفي الجورب إشكال (1)، إلا إذا تعارف لبسه بدلا عن النعل ويكفي في حصول الطهارة زوال عين النجاسة، وإن بقي أثرها (2) من اللون والرائحة، بل وكذا الاجزاء الصغار التي لا تتميز (3) كما في الاستنجاء بالاحجار. لكن الاحوط اعتبار زوالها. كما أن الاحوط زوال الاجزاء الارضية اللاصقة بالنعل والقدم، وإن كان لا يبعد طهارتها أيضا (4). ] فهو تقييد من غير دليل، فالاوجه عموم الحكم. (1) لعدم تعارف توقي الرجل به، لكن عرفت أن مجرد ذلك لا يكفي في صرف الاطلاق مع إمكان المشي به دائما في الامكنة المتقاربة، مثل المشي من أحد جانبي الدار إلى الجانب الآخر. (2) بلا إشكال. ويعرف ذلك مما تقدم في مطهرية الماء. (3) لاطلاق النصوص. ولمناسبته لسهولة الملة. وللزوم الحرج من التكليف بازالتها. والجميع كما ترى، إذ الاطلاق لا مجال له مع وجود عين النجاسة التي لا فرق فيها بين الاجزاء الصغار وغيرها. والمناسبة لا تصلح دليلا، كأدلة نفي الحرج، إذ لا حرج في التكليف مخيرا بينه وبين الماء مع تيسر الماء. مع أن أدلة نفي الحرج إنما تنفي التكليف ولا تثبت الطهارة، كما عرفت. نعم لا بأس ببقاء الاجزاء التي يتعذر غالبا زوالها بالمسح أو المشي، لان المنع عن تلك الاجزاء يوجب لغوية الحكم المذكور، وهو مما لا يمكن الالتزام به. ومنه يظهر الخدش في إطلاق كل من القول بوجوب إزالة الاثر - كما عن بحر العلوم (ره) وغيره - أخذا باطلاق صحيح زرارة، والقول بعدم وجوبها - كما عن كاشف الغطاء (ره) وغيره - اعتمادا على ما عرفت. (4) لان الدليل الدال على الطهارة بالمسح يدل بالالتزام العرفي على

 

===============

 

( 73 )

 

[ (مسألة 1): إذا سرت النجاسة الى داخل النعل لا تطهر بالمشي (1) بل في طهارة باطن جلدها إذا نفذت فيه إشكال (2) وإن قيل بطهارته بالتبع. (مسألة 2): في طهارة ما بين أصابع الرجل إشكال (3)، وأما أخمص القدم فان وصل إلى الارض يطهر، وإلا فلا، فاللازم وصول تمام الاجزاء النجسة الى الارض، فلو كان تمام باطن القدم نجسا ومشى على بعضه لا يطهر الجميع، بل خصوص ما وصل الى الارض (4). (مسألة 3): الظاهر كفاية المسح على الحائط (5)، وإن كان لا يخلو عن إشكال (6). ] طهارة ما ذكر، نظير الدليل الدال على طهارة المتنجس بالغسل، الدال بالالتزام على طهارة المتخلف من البلل. فتأمل. (1) للاصل. (2) إذ قد عرفت أن العمدة في إثبات طهارة النعل بالارض صحيح الاحول، وظاهره طهارة خصوص السطح المتنجس بالوطء عليه، فكما لا يدل على طهارة ظاهر القدم وظاهر النعل مما يتفق وصول النجاسة اليهما لا يدل على طهارة داخل النعل، إذ هما من قبيل واحد. (3) وجهه هو وجه الاشكال السابق. ويمكن أن تستفاد الطهارة من صحيح زرارة، لان الرجل التي تسيخ في العذرة تصل العذرة الى ما بين أصابعها غالبا، وظاهر الصحيح طهارة الجميع بالمسح، لا بالتبعية. (4) لانه الظاهر من الدليل. (5) لاطلاق صحيح زرارة. (6) ينشأ من دعوى انصراف الدليل عنه. لكنه ممنوع.

 

===============

 

( 74 )

 

[ (مسألة 4): إذا شك في طهارة الارض يبني على طهارتها (1)، فتكون مطهرة، إلا إذا كانت الحالة السابقة نجاستها (2)، وإذا شك في جفافها لا تكون مطهرة (3) إلا مع سبق الجفاف، فيستصحب. (مسألة 5): إذا علم وجود عين النجاسة أو المتنجس لابد من العلم بزوالها (4)، وأما إذا شك في وجودها فالظاهر كفاية المشي وإن لم يعلم بزوالها على فرض الوجود (5). (مسألة 6): إذا كان في الظلمة، ولا يدري أن ما تحت قدمه أرض أو شئ آخر من فرش ونحوه، لا يكفي المشي عليه (6)، فلا بد من العلم بكونه أرضا. ] (1) للاصل، فيترتب عليه أثرها، وهو المطهرية. ولا مجال لاستصحاب النجاسة، لان الاصل السببي ولو كان مثل قاعدة الطهارة، حاكم على الاصل المسببي ولو كان مثل الاستصحاب. (2) لجريان استصحاب نجاستها الحاكم على قاعدة الطهارة. (3) للشك في الشرط، الموجب للشك في المشروط، فيرجع إلى استصحاب عدمه. (4) لاستصحاب بقائها، المانع من حصول الطهارة. (5) لاصالة عدمها. لكن ذلك إذا لم يحتمل حيلولتها بين المحل المتنجس والارض، وإلا جرى استصحاب نجاسة المحل. وأصالة عدم الحائل كلية غير ثابتة، والالتزام بثبوتها في الطهارات الثلاث، للسيرة، لا يقتضي الالتزام بها هنا، لعدم ثبوت السيرة. (6) للشك في حصول الشرط، نظير ما سبق.

 

===============

 

( 75 )

 

[ بل إذا شك في حدوث فرش أو نحوه بعد العلم بعدمه يشكل الحكم بمطهريته أيضا (1). (مسألة 7): إذا رقع نعله بوصلة طاهرة، فتنجست، تطهر بالمشي (2). وأما إذا رقعها بوصلة متنجسة، ففي طهارتها إشكال، لما مر من الاقتصار على النجاسة الحاصلة بالمشي على الارض النجسة (3). (الثالث) من المطهرات: الشمس. وهي تطهر الارض (4)، ] (1) بل ينبغي الحكم بعدمها، للشك في الشرط. وأصالة عدم وجود الفرش لا يثبت أن ما يمشي عليه هو الارض. (2) لاطلاق النص، الشامل للنعل المرقوع. (3) ومر وجهه أيضا. (4) على المشهور - كما عن جماعة كثيرة - بل عن الخلاف، والسرائر، حكاية الاجماع عليه، وعن كشف الحق نسبته إلى الامامية. لصحيح زرارة: " سألت أبا جعفر (ع) عن البول يكون على السطح أو في المكان الذي يصلى فيه. فقال (ع): إذا جففته الشمس فصل عليه، فهو طاهر " (* 1). وخبر أبي بكر الحضرمي عن أبي جعفر (ع): " يا أبا بكر ما أشرقت عليه الشمس فقد طهر. أو كل ما أشرقت عليه الشمس فهو طاهر " (* 2). وموثق عمار عن أبي عبد الله (ع): " عن الموضع القذر يكون في البيت وغيره فلا تصيبه الشمس، ولكنه قد يبس الموضع القذر. قال (ع): لا يصلي عليه، وأعلم موضعه حتي تغسله. وعن

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 29 من أبواب النجاسات حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 29 من أبواب النجاسات حديث: 6.

 

===============

 

( 76 )

 

الشمس هل تطهر الارض؟ قال (ع): إذا كان الموضع قذرا من البول أو غير ذلك فاصابته الشمس، ثم يبس الموضع، فالصلاة على الموضع جائزة. وإن أصابته الشمس ولم ييبس الموضع القذر وكان رطبا، فلا تجوز الصلاة حتي ييبس. وإن كانت رجلك رطبة، أو جبهتك رطبة، أو غير ذلك منك ما يصيب ذلك الموضع القذر، فلا تصل على ذلك الموضع حتي ييبس. وإن كان غير الشمس أصابه حتي ييبس، فانه لا يجوز ذلك " (* 1). فان قوله (ع): " فالصلاة على الموضع جائزة " ظاهر - بقرينة عدم الامر باعلام الموضع، وبغسله، ولزوم مطابقة الجواب للسؤال، وما دل على وجوب طهارة موضع السجود من الاجماعات المحكية وغيرها، كذيل صحيح زرارة المتقدم - في طهارة الموضع بالشمس. وأما ما عن الحبل المتين والوافي، من أن الموجود في النسخة الموثوق بها بدل قوله: " وإن كان غير الشمس " " وإن كان عين الشمس " فتكون " إن " وصلية، وقوله (ع): " فانه لا يجوز ذلك " تأكيدا لما قبل " إن " لا جوابا لها، فتدل على عدم الطهارة. فبعيد جدا، كما اعترف به غير واحد. ويشهد له لزوم اختلاف التعبير، وأنه لا معنى لاصابة العين، فيلزم التجوز بنحو غير معهود، ولذا لا يقال: زيد جالس في عين الشمس، ويقال: زيد جالس في الشمس. ويشهد به أيضا تذكير الضمير في " أصابه "، واستدلال الشيخ (ره) بها على الطهارة إذ من الممتنع عادة كون الرواية " عين " لا " غير " ولا يتنبه لذلك الشيخ (ره) فيجعلها دليلا على الطهارة. نعم التأمل في فقرات الرواية يعطي ظهورها في بيان صور ثلاث

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 29 من أبواب النجاسات حديث: 4.

 

===============

 

( 77 )

 

تختلف أحكامها: " الاولى ": أن تصيب الشمس الموضع القذر إلى أن ييبس. وحكمها طهارة الموضع " الثانية ": أن تصيبه الشمس ولا ييبس وحكمه عدم جواز الصلاة عليه حال الرطوبة، وجوازها عليه حال اليبس وأن الموضع باق على النجاسة، وإذا أصابه شئ رطب من رجل أو يد أو جبهة تنجس، وسرت نجاسة الموضع إليه، وإن كان الموضع يابسا " الثالثة ": أن يصيبه شئ غير الشمس من ريح أو غيرها حتى ييبس وحكمه النجاسة، وعدم جواز الصلاة عليه. واستفادة حكم الصورة الاولى من الرواية مبني على ملاحظة القرائن التي ذكرناها آنفا، ولو أغمض عنها أو لم تتم قرينيتها، كانت الرواية متعرضة للصورتين الاخيرتين لا غير، وتكون أجنبية عن فتوى المشهور موضوعا وحكما. إلا أن يتكلف في إرجاعها إليها بتقييد اليبس المذكور في غير الشرطية الاخيرة باليبس بالشمس ويكون جواز السجود كناية عن الطهارة في جميع الفقرات المذكورة، وتكون الفقرات مؤكدة بعضها لبعض. واستدل للمشهور بصحيح زرارة وحديد: " قلنا لابي عبد الله (ع) السطح يصيبه البول أو يبال عليه، أيصلي في ذلك المكان؟ فقال (ع) إن كان تصيبه الشمس والريح وكان جافا فلا بأس به إلا أن يكون يتخذ مبالا " (* 1) بناء على أن المراد الجفاف بالشمس، لا الجفاف حال إصابة الشمس ولو كان بغيرها، كما يقتضيه إطلاق الجملة الحالية، وأن ذكر الريح للتنبيه على عدم قدح وجود الريح في الجملة كما هو الغالب ولكنه غير ظاهر. وعن ابن الجنيد، والراوندي، والوسيلة، والمعتبر، الخلاف في الطهارة، وإن جاز السجود. ولا تخلو النسبة إلى بعضهم من تأمل.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 29 من أبواب النجاسات حديث: 2.

 

===============

 

( 78 )

 

[ وغيرها من كل ما لا ينقل (1)، ] ويستدل لهم - مضافا إلى أنه مقتضى الاصل - بصحيح ابن بزيع: " سألته عن الارض والسطح يصيبه البول وما أشبهه هل تطهره الشمس من غير ماء؟ قال (ع): كيف يطهر من غير ماء؟! " (* 1). وفيه: أن الاصل لا مجال له مع الدليل. والصحيح ظاهر في اعتبار الماء في مطهرية الشمس، لا نفي المطهرية لها. نعم إطلاقه يقتضي عدم الاكتفاء بتجفيف الشمس النداوة في حصول الطهارة. لكنه يمكن أن يقيد إطلاقه بغير ذلك جمعا بينه وبين صحيح زرارة، لانه مقيد بصورة وجود رطوبة البول، فيحمل المطلق على المقيد، وهو أولى من تقييد صحيح زرارة بصورة إراقة الماء، كما يظهر بأدنى تأمل. (1) كما هو المشهور بين المتأخرين، بل نسبه إلى المشهور غير واحد من الاعيان. ولا مجال لتوهم الخلاف في الارض، فقد ذكرت في معاقد الاجماعات المتقدمة. نعم عن المهذب الاقتصار على الحصر والبواري مع التنصيص على أن غيرهما لا تطهر. لكن في مفتاح الكرامة نسب إليه ذكر الارض معهما. ويكفي في وضوح الحكم فيها - مضافا إلى ذكرها في معاقد الاجماعات - كونها المتيقن من " المكان " المذكور في صحيح زرارة. وأما غيرها مما لا ينقل فيمكن استفادة الحكم فيه في الجملة من إطلاق المكان والموضع والسطح المذكورة في النصوص المتقدمة. لكنه لا يصلح لاثبات الحكم لجميع ما في المتن، وفهم عدم الخصوصية منها غير ظاهر الوجه. نعم يدل عليه خبر الحضرمي. وعدم القول بعمومه لا يقدح فيه، بل يوجب حمله على غير المنقول، لانه أقرب المجازات

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 29 من أبواب النجاسات حديث: 7.

 

===============

 

( 79 )

 

[ كالابنية، والحيطان، وما يتصل بها، من الابواب، والاخشاب، والاوتاد، والاشجار، وما عليها من الاوراق، والثمار (1)، ] إليه. ولاسيما مع قرب دعوى انصرافه إليه، بأن يكون المراد منه ما من شأنه أن تشرق عليه الشمس لثباته، مقابل ما من شأنه أن يوضع فيها تارة وينحى عنها أخرى. كما لا يقدح أيضا فيه ضعف سنده، لا همال عثمان، وعدم التنصيص على توثيق أبي بكر. إذ في رواية الاساطين لها، كالمفيد، ومحمد بن يحيى، وسعد، وأحمد بن محمد - الظاهر أنه ابن عيسي الاشعري - وعلي بن الحكم، نوع اعتماد عليها، ولا سيما أحمد الذي أخرج البرقي من (قم) لانه أكثر الرواية عن الضعفاء، واعتمد المراسيل، فكيف يعتمد هو على من لا ينبغي الاعتماد عليه؟! ولذا قيل: إن في روايته عن شخص نوع شهادة بوثاقته. وكذا في رواية الشيخ لها في الخلاف والتهذيب مستدلا بها، واعتماد مشهور المتأخرين عليها، كالفاضلين، والشهيدين، والمحقق الثاني. ولا يقدح فيها اقتصار أكثر القدماء على الارض والحصر والبواري. لامكان أن يريدوا من الارض ما يعم توابعها، كما يشهد به ما عن الشيخ في المبسوط، وابن سعيد في الجامع، من أنها تطهر الحصر والبواري والارض، وكل ما عمل من نبات الارض. إذ لا مجال لاحتمال التفكيك بين ما عمل من نبات الارض مما هو منقول ونفس النبات، بحيث تطهر الاول ولا تطهر الثاني. بل يظهر منهما الاخذ بعمومها في النبات المنقول، ولم يعرف لاحد غيرهما. وبعد هذا كله لا مجال للتوقف في سند الرواية، ولا في وجوب العمل بها. و (1) كما عن جماعة. وعن العلامة في النهاية المنع فيها. وعن المعالم والذخيرة التفصيل بين أوان قطعها فالثاني، وغيره فالاول. وإطلاق

 

===============

 

( 80 )

 

[ والخضروات والنباتات، ما لم تقطع وإن بلغ أوان قطعها، بل وإن صارت يابسة، ما دامت متصلة بالارض أو الاشجار. وكذا الظروف المثبتة في الارض أو الحائط. وكذا ما على الحائط والابنية مما طلي عليها من جص وقير ونحوهما. من نجاسة البول (1)، بل سائر النجاسات والمتنجسات (2). ولا تطهر من المنقولات (3). ] الدليل يقتضي الاول. (1) بلا إشكال. وقد تضمنه صحيح زرارة. (2) كما لعله المشهور، بل ظاهر محكي الخلاف والتنقيح عدم الخلاف فيما يشبه البول من النجاسات مما لا صورة له، وفي الجواهر: " لا أعرف فيه خلافا إلا من المنتهي ". نعم في المقنعة، وعن النهاية، والمراسم، والاصباح، وكشف الحق: الاقتصار على البول. ولعله ذكر مثالا، كما في الجواهر. فتأمل. ويدل على التعميم صحيح ابن بزيع وموثق عمار، بعد حملهما على المشهور. إلا أن في ثبوت الاطلاق للاول تأملا. وفي المنتهى طعن في رواية عمار الدالة على التعميم بأنها ضعيفة السند، وفي الصحيح بأنه مضمر. وفيه ما لا يخفى، فان الموثق حجة، وكذا المضمر. (3) بلا خلاف ظاهر، سوى ما تقدم عن المبسوط والجامع، من طهارة ما عمل من نبات الارض بالشمس، وفي المنتهى إلحاق الحصر والبواري وما يشبههما من المعمول من نبات الارض غير القطن والكتان بالارض. وعن الفخر عموم الحكم لما لا ينقل وأن عرضه النقل كالنباتات المنفصلة من الخشب، والآلات المتخذة من النباتات. وكأنه لاطلاق خبر الحضرمي. أو للتعدي من الحصر والبواري إلي مطلق ما عمل من النباتات

 

===============

 

( 81 )

 

[ إلا الحصر والبواري (1)، فانها تطهرهما أيضا، على الاقوى. ] لكن عرفت - بعد الاجماع على عدم تمامية عموم الخبر - أنه يتعين حمله على ما لا ينقل. وأما التعدي فغير ظاهر. على أن الحكم في الحصر والبواري محل نظر كما يأتي. نعم يمكن إثبا ت ذلك باستصحاب المطهرية التقديرية الثابتة قبل عروض النقل، ولو بني على معارضته باستصحاب النجاسة - بناء على معارضة الاستصحاب التعليقي بالاستصحاب التنجيزي - فالمرجع قاعدة الطهارة. لكن عرفت قريبا الاشكال في مثل هذا الاستصحاب التقديري. (1) على الاشهر - كما عن الرياض - أو المشهور - كما عن الحدائق - بل هما داخلان في معقد نفي الخلاف في محكي التنقيح. لصحيح ابن جعفر (ع): " عن البواري يصيبها البول هل تصلح الصلاة عليها إذا جفت من غير أن تغسل؟ قال (ع): نعم لا بأس " (* 1). وصحيحه الآخر: " عن البواري يبل قصبها بماء قذر أيصلى عليها؟ قال (ع): إذا يبست فلا بأس " (* 2) ونحوه موثقة عمار (* 3). وهي وإن لم ينص فيها على الشمس. إلا أنه يجب تقييدها بذلك، للاجماع على عدم الطهارة بمجرد اليبس. وفيه: أنه كما يمكن فيها ذلك يمكن حملها على إرادة السؤال من حيث كونه مكانا للمصلي، كصحيح ابن جعفر (ع): " عن البيت والدار لا تصيبهما الشمس، ويصيبهما البول، ويغتسل فيهما من الجنابة، أيصلي فيهما إذا جفا؟ قال (ع): نعم " (* 4) ولاجل ذلك استشكل

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 29 من أبواب النجاسات حديث: 3. (* 2) الوسائل باب: 30 من أبواب النجاسات حديث 2:. (* 3) الوسائل باب: 30 من أبواب النجاسات حديث: 5. (* 4) الوسائل باب: 30 من أبواب النجاسات حديث: 1.

 

===============

 

( 82 )

 

[ والظاهر أن السفينة والطرادة من غير المنقول (1) وفي (الگاري) ونحوه إشكال. وكذا مثل (الچلابية) والقفة. ويشترط في تطهيرها أن يكون في المذكورات رطوبة مسرية (2)، ] في الحكم جماعة ممن عاصرناهم، أو قاربوا عصرنا. اللهم إلا أن يستند في ذلك الى عموم خبر الحضرمي، أو الاصل. وقد عرفت الاشكال فيهما معا. (1) لصدق " المكان الذي يصلي فيه " - المذكور في صحيح زرارة - عليهما، كصدق السطح - المذكور فيه - على سطح بيوتهما. وهذا هو العمدة في ثبوت الحكم لهما، و (للگاري) و (الچلابية) والقفة، ومجرد الصغر والكبر لا أثر له في الفرق. وأما خبر الحضرمي فمنصرفه الثابت أو ما يعد جزءا منه، وكون السفينة و (الطرادة) منه محل إشكال أو منع، كشموله (للگاري) و (الچلابية) والقفة. نعم لا ينبغي التأمل في شموله للجسر والمعبرة لثباتهما. (2) لتوقف الجفاف عليها، المعتبر في التطهير، كما في صحيح زرارة. نعم مقتضي الاكتفاء باليبس في الموثق كفاية مجرد النداوة وإن لم تكن مسرية، لصدق اليبس على ذهابها. وحيث أن بين التجفيف واليبس - عرفا - عموما من وجه بحسب المورد - لتوقف الاول على الرطوبة المسرية، وصدقه على ذهابها ولو مع بقاء النداوة في الجملة، ويكفي في الثاني مجرد النداوة في الجملة، ولا يصدق إلا مع ذهاب جميعها - كان مقتضي الجمع بين الصحيح والموثق الاكتفاء بأحد الامرين، فان كان في الموضع رطوبة مسرية، فذهبت بالشمس، طهر ولو مع بقاء النداوة، وإن كانت غير مسرية، طهر بذهابها، لصدق الجفاف في الاول، واليبس

 

===============

 

( 83 )

 

[ وأن تجففها بالاشراق عليها (1) بلا حجاب عليها كالغيم ونحوه ولا على المذكورات. فلو جفت بها من دون إشراقها - ولو باشراقها على ما يجاورها - أو لم تجف، أو كان الجفاف بمعونة الريح، لم تطهر (2). ] في الثاني. ولو بني على حمل الجفاف في الصحيح على اليبس، إما لترادفهما - كما قد يظهر من كلام بعض أهل اللغة - أو لوجوب حمله في المقام عليه، - لامتناع طهارة المكان مع بقاء نداوة البول، التي هي عين نجاسة - كان المدار في التطهير على اليبس، وحيث لا يعتبر في صدقه الرطوبة المسرية، فلا دليل على اعتبارها. نعم لو كان اعتبار اليبوسة بنحو التقييد لدليل الجفاف، كان دليل الجفاف دليلا على اعتبار الرطوبة المسرية، ولكنه غير ظاهر. واما صحيح ابن بزيع باعتبار الماء فيه يمكن أن يكون لاجل تحقيق اليبس، فلا شهادة فيه على اعتبار الرطوبة المسرية. (1) كما هو المصرح به في خبر الحضرمي، وموثق عمار، ومنصرف صحيح زرارة، بل هو الظاهر منه، في قبال التجفيف بالحرارة المستندة إليها. (2) للاصل، مع عدم الدليل على الطهارة حينئذ. وعن المدارك وجماعة الحكم بالطهارة، لصدق التجفيف بالشمس. ولا سيما مع كون الغالب ذلك. وفيه: أن ظاهر النسبة الكلامية في قوله (ع): " إذا جففته الشمس " هو الاستقلال، لا ما يعم الاشتراك، نظير قولك: قتل زيد عمرا، وليس من قبيل: جاء زيد، الشامل لحالتي مجئ عمرو وعدمه. وأما الغلبة فكونها بنحو الاشتراك في التأثير ممنوع. نعم الغالب أن يكون للريح دخل ضعيف في التأثير، على نحو لا يمنع من صحة نسبة التجفيف الى الشمس، وليس هو محل الكلام. وأما صحيح زرارة وحديد المتقدم (* 1)

 

 

____________

(* 1) تقدم في الاستدلال على مطهرية الشمس.

 

===============

 

( 84 )

 

[ نعم الظاهر أن الغيم الرقيق أو الريح اليسير، على وجه يستند التجفيف إلى الشمس وإشراقها، لا يضر (1). وفي كفاية إشراقها على المرآة مع وقوع عكسه على الارض إشكال (2). (مسألة 1): كما تطهر ظاهر الارض كذلك باطنها (3) المتصل بالظاهر النجس، باشراقها عليه، وجفافه بذلك، ] فهو وإن كان ظاهرا في مطهرية التجفيف المشتر ك بينهما وبين الشمس، لكن ظاهره تعين الاشتراك، ولا يقول به المدعي، وكما يمكن حمله على ما يوافق الدعوى، يمكن حمله على أن ذكر الريح كان جريا على الغالب، الذي عرفت أنه غير المدعي وعن الشيخ في المبسوط وموضع من الخلاف الطهارة بتجفيف الريح كالشمس. ولا وجه له - ظاهرا - إلا إطلاق موثق عمار، وروايتي ابن جعفر المتقدمة في البواري. وقد عرفت إشكاله، أو صحيح زرارة وحديد، بناء على حمل الواو على معنى (أو)، وهو أيضا غير ظاهر. ولا سيما وقد ادعى في التحرير الاجماع على خلافه، وكذا في المنتهى، في الفرع الاول من الفروع التي ذكرها. (1) للغلبة، كما تقدم. (2) ينشأ من ظهور الاشراق في وقوع نفس الضوء على الارض، ومن احتمال أن يراد به ما يعم الانعكاس. لكن لا مجال لرفع اليد عن الظاهر. وكذا الكلام فيما لو كان الحائل زجاجا. (3) كما عن التذكرة، والمهذب، وجامع المقاصد، والمسالك، والروض، التصريح به بشرط اتحاد الاسم، وعن ظاهر البحار الاجماع عليه. وهو الظاهر من روايات عمار، والحضرمي. وابن بزيع، بناء على حملها على المشهور. بل وصحيح زرارة (* 1)، فان الظاهر من قوله (ع):

 

 

____________

(* 1) تقدمت هذه الروايات الاربع في الاستدلال على مطهرية الشمس.

 

===============

 

( 85 )

 

[ بخلاف ما إذا كان الباطن فقط نجسا (1)، أو لم يكن متصلا بالظاهر بأن يكون بينهما فصل بهواء، أو بمقدار طاهر أو لم يجف (2)، أو جف بغير الاشراق على الظاهر، أو كان فصل بين تجفيفها للظاهر وتجفيفها للباطن (3)، كأن يكون أحدهما في يوم والآخر في يوم آخر، فانه لا يطهر في هذه الصور. (مسألة 2): إذا كانت الارض أو نحوها جافة، وأريد تطهيرها بالشمس، يصب عليها الماء (4) الطاهر، أو النجس، أو غيره مما يورث الرطوبة فيها حتى تجففها. (مسألة 3): ألحق بعض العلماء البيدر الكبير بغير المنقولات، وهو مشكل (5). ] " فهو طاهر " طهارة تمام ماجففت الشمس ما أصابه من البول. واختصاص الصلاة بالسطح الظاهر لا يقدح في ظهورة فيما ذكر، الذي هو مصب السؤال والجواب. ولعل السكوت عن التعرض في النصوص لاختصاص الطهارة بالظاهر ظاهر في عمومها للباطن، فانه الموافق للارتكاز. فتأمل. ومنه يظهر ضعف ما عن المنتهى من اختصاص الحكم بالظاهر. (1) فانه خلاف مورد النصوص، وخلاف ظاهر خبر الحضرمي، ومثله الثاني والثالث. (2) لفقد الشرط، وكذا فيما بعده. (3) فانه يرجع إلى الفرض الاول. (4) وعن الذخيرة أنه المشهور بين المتأخرين. ويقتضيه عموم الحكم لغير البول، كما تقدم. وتقدم أنه محمل صحيح ابن بزيع. (5) ينشأ إشكاله من جهة أن أجزاءه من المنقول، فيكون الكل

 

===============

 

( 86 )

 

[ (مسألة 4): الحصى والتراب والطين والاحجار ونحوها مادامت واقعة على الارض هي في حكمها (1)، وإن أخذت منها لحقت بالمنقولات (2)، وإن أعيدت عاد حكمها (3). وكذا المسمار الثابت في الارض، أو البناء، ما دام ثابتا يلحقه الحكم، وإذا قلع يلحقه حكم المنقول، وإذا أثبت ثانيا يعود حكمه الاول، وهكذا فيما يشبه ذلك. (مسألة 5): يشترط في التطهير بالشمس زوال عين النجاسة (4) إن كان لها عين. ] كذلك، ولا مجال لقياسه على الحصى والتراب، لانهما معدودان من أجزاء مجموع الارض التي هي من غير المنقول، وليس هو كذلك، لعدم السنخية بينه وبين الارض. ومن أن مجموع الاجزاء لكثرتها لها نحو ثبات به تعد من غير المنقول. ولعله الاقرب، لاطلاق خبر الحضرمي، ولو بناء على انصرافه إلى خصوص الثابت، لصدقه عليه بذلك الاعتبار. ومثله الكثير المجتمع من الحطب، والتمر، والاواني، والظروف، وغيرها مما كان له نحو ثبات. (1) لعدها جزءا منها. نعم لابد من المناسبة الموجبة لصحة اعتبار الجزئية للارض، ويشكل بدونها، كالقطعة من الطين الموضوعة في الارض المفروشة بالصخر. (2) لكونها كذلك حقيقة. (3) لعود مناطه. ومنه يعلم الوجه فيما بعده. (4) إجماعا، كما في المستند، وعن المدارك، واللوامع. لقصور النصوص عن إثبات اطهارة مع بقائها. وموثق عمار لا إطلاق له، ولو لاجل

 

===============

 

( 87 )

 

[ (مسألة 6): إذا شك في رطوبة الارض حين الاشراق أو في زوال العين بعد العلم بوجودها، أو في حصول الجفاف أو في كونه بالشمس أو بغيرها أو بمعونة الغير، لا يحكم بالطهارة (1) وإذا شك في حدوث المانع عن الاشراق من ستر ونحوه يبنى على عدمه، على إشكال تقدم نظيره في مطهرية الارض (2). (مسألة 7): الحصير يطهر باشراق الشمس على أحد طرفيه طرفه الآخر (3). وأما إذا كانت الارض التي تحته نجسة فلا تطهر بتبعيته (4)، وإن جفت بعد كونها رطبة. وكذا إذا كان تحته حصير آخر، إلا إذا خيط به على وجه يعدان معا شيئا واحدا. وأما الجدار المتنجس إذا أشرقت الشمس على أحد جانبيه فلا يبعد طهارة جانبه الآخر إذا جف به (5)، وإن كان لا يخلو عن إشكال (6). ] الارتكاز العرفي. أو بملاحظة أن وجود العين - غالبا - مانع عن تحقق الاشراق على المحل المعتبر في تحقق طهارته. وكفى بالاجماع دليلا. (1) للشك في تحقق شرطها، الموجب للشك فيها، الموجب للرجوع الى استصحاب عدمها. (2) وتقدم المنع فيه أيضا. (3) لما تقدم في لحوق الباطن بالظاهر، من أن منصرف النص طهارة تمام الجسم بالاشراق على سطحه. (4) لعدم الاتحاد الموجب لفهم التبعية من النص. (5) للاتحاد، كما في أحد طرفي الحصير. (6) ينشأ من توهم اختصاص التبعية بما لا يمكن الاشراق عليه إلا

 

===============

 

( 88 )

 

[ وأما إذا أشرقت على جانبه الآخر أيضا فلا إشكال. (الرابع): الاستحالة، وهي تبدل حقيقه الشي وصورته النوعية إلى صورة أخرى (1). ] بالتبع، كالباطن بالنسبة إلى الظاهر. ولكنه يجزي في أحد طرفي الحصير أيضا، ولا يختص بالمقام، وإن كان ممنوعا في المقامين، لاطلاق خبر الحضرمي. (1) هذا التعريف نسبه الشهيد في محكى حواشيه على القواعد إلى الصوليين. وفي محكي قواعده نسب إلى الفقهاء تفسيرها بتغير الاجزاء وانقلابها من حال إلى حال. وربما فسرت بتبدل الحقيقة النجسة إلى حقيقة أخرى ليست من النجاسات. وهذه التفاسير - مع اختلافها، وعدم اطرادها. وتوقف الاول والاخير على معرفة حقيقة العين النجسة، وحقيقة ما تستحيل إليه، والوقوف على الحقائق متعسر أو متعذر. إلا أن يكون المراد الحقائق العرفية. فتأمل لا حاجة إليها، إذ لم يقع عنوان الاستحالة موضوعا لحكم المطهرية في الكتاب أو السنة، وإنما وقع في بعض معاقد الاجماع المعتد بها مقيدا بمثل استحالة العذرة رمادا، أو دخانا، أو ترابا، أو نحو ذلك لا بنحو الكلية. فالعمدة الرجوع إلى ما يستفاد من الادلة الدالة على الطهارة، وهو أحد أمور على سبيل منع الخلو: الاجماع القولي، والسيرة العملية، وأدلة طهارة المستحال إليه، وقاعدة الطهارة، المتعينة للمرجعية بعد سقوط الاستصحاب عن الحجية، لعدم بقاء الموضوع، وستأتي الاشارة إليها. ومن ذلك يظهر أن الطهارة المترتبة على الاستحالة قسمان: واقعية إن ثبتت بالادلة الثلاثة الاول، وظاهرية إن ثبتت بقاعدة الطهارة.

 

===============

 

( 89 )

 

ثم إن الاستحالة على أنواع (منها): الاستحالة بالنار رمادا، أو دخانا. فقد حكي الاجماع على مطهريتها عن الشيخ في الخلاف والمبسوط، وعن الحلي، والمحقق في الشرائع، والعلامة في جملة من كتبه، وجامع المقاصد وغيرهم، نعم عن المعتبر التردد في الرماد، وربما يوهمه ما في أطعمة الشرائع أيضا، حيث قال: " دواخن الاعيان النجسة طاهرة عندنا وكذا كل ما أحالته النار فصيرته رمادا، أو دخانا، أو فحما، على تردد ". لكن الظاهر رجوع التردد إلى الفحم فقط، كما فهمه غير واحد وقد يشهد به صدر كلامه. وربما نسب الى المبسوط نجاسة دخان الدهن النجس، معللا بأنه لابد من تصاعد بعض أجزائه قبل إحالة النار لها. لكن الظاهر أنه ليس خلافا فيما نحن فيه. وعن الشيخ أيضا الاستدلال على الطهارة - مضافا الى الاجماع - بصحيح ابن محبوب: " سألت أبا الحسن عليه السلام عن الجص يوقد عليه بالعذرة، وعظام الموتى، ثم يجصص به المسجد، أيسجد عليه؟ فكتب إليه بخطه: إن الماء والنار قد طهراه " (* 1). واستشكله المحقق في المعتبر بأن الاجماع لا نعلمه هنا، وأن الماء الذي يمازج الجص هو ما يحتمل به، وذلك لا يطهر إجماعا، والنار لم تصيره رمادا. وتبعه عليه جماعة. وحملها على إرادة السؤال عن نجاسة الرماد المختلط بالجص، ونجاسة نفس الجص بملاقاة رطوبة العظام والعذرة، فتكون النار مطهرة للرماد المختلط. ويراد من الماء ماء المطر المطهر للجص. بعيد جدا. فالاولى الاستدلال على طهارة الرماد والدخان بقاعدة الطهارة. ولا مجال لدعوى حكومة الاستصحاب عليها، لامتناع جريانه في المقام، لتعدد الموضوع بنحو لا يصح عرفا أن يقال: كان الرماد

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 81 من أبواب النجاسات حديث: 1.

 

===============

 

( 90 )

 

أو الدخان نجسا، فهو على ما كان. لانهما عرفا نظير المتولد من العين النجسة، لا أنه عينها. (ومنها): الاستحالة بالنار بخارا. والمعروف الطهارة، بل ظاهر بعض أنه لاكلام فيه. واستدل عليه بالسيرة على عدم التوقي عنه، كما في بخار الحمامات، وفي بخار البول أيام الشتاء غير ذلك. وتكفي فيه قاعدة الطهارة التي عرفت أنها المتعينة للمرجعية بعد سقوط الاستصحاب عن الحجية. (ومنها): الاستحالة إلى الدود والتراب. والمعروف الطهارة أيضا، لقاعدة الطهارة. وعن المبسوط النجاسة في الثاني، وعن الفاضلين التوقف. وهو غير ظاهر، إلا بناء على حجية الاستصحاب هنا، التي قد عرفت منعها. (ومنها): استحالة الكلب والخنزير ملحا، لوقوعه في المملحة. والمحكي عن المدنيات، والايضاح، والدروس، والبيان، وجامع المقاصد، وكشف اللثام، وغيرها: الطهارة، كما يقتضيها الاصل المتقدم. وعن المعتبر، والتحرير، والمنتهي، والنهاية: النجاسة. وتردد في القواعد واستدل على النجاسة في المعتبر بأن النجاسة قائمة بالاجزاء النجسة، لا بأوصاف الاجزاء فلا تزول بتغير أوصاف محلها، وتلك الاجزاء باقية، فتكون النجاسة باقية، لانتفاء ما يقتضي ارتفاعها. ومرجع الدليل الاستصحاب، الذي قد عرفت إشكاله. (ومنها): استحالة النطفة حيوانا طاهرا، والغذاء النجس بولا أو خرءا للحيوان إذا كان مأكول اللحم، أو لبنا أو لعابا أو عرقا له، أو غير ذلك من فضلاته مطلقا، ولو كان غير مأكول اللحم. والظاهر عدم الخلاف

 

===============

 

( 91 )

 

[ فانها تطهر النجس، بل المتنجس (1)، ] في الطهارة، كما يستفاد من كلماتهم في المقام، ومن حكمهم بطهارة فضلات الحيوان الجلال عدا بوله وخرئه. ويقتضيها مادل على طهارة الحيوان. وإطلاق ما دل على طهارة فضلاته كافة، فانه يشمل ما لو تغذي بعين النجاسة. لكن الاشكال في ثبوته، لانصراف دليل طهارتها إلى حيثية كونها فضلة لذلك الحيوان، في قبال نجاسة فضلة غيره، لا من حيث كونه متغذيا بالنجاسة أو بغيرها، فقوله: " بول ما يؤكل لحمه وخرؤه طاهر " (* 1) ظاهر في الطهارة من حيث كونه مضافا إلى ما يؤكل لحمه في مقابل ما لا يؤكل لحمه، ولا نظر فيه إلى حيثية كونه متغذيا بالنجاسة أولا. فتأمل. نعم تثبت الطهارة فيه بقاعدة الطهارة المتقدمة، ولا مجال لاستصحاب النجاسة، لتعدد الموضوع. وإن كان قد يتأمل في بعض فروضه، كما لو شرب الماء النجس فصار بولا، فان في تعدد الموضوع عرفا تأملا، لكنه في غير محله، إذ الظاهر التعدد. (1) كما عن جماعة، بل ربما يستفاد من ملاحظة بعض كلماتهم أنه إجماع، كما ذكر في الجواهر، وعن غيرها. ومع ذلك فقد حكي التفصيل عن جماعة، فأثبتوا المطهرية لاستحالة النجس دون استحالة المتنجس، لاحد أمرين (الاول): أن الحكم بالطهارة في استحالة النجس لاجل انتفاء الموضوع المعلق عليه النجاسة، كعنوان الكلب، أو العذرة، أو نحوهما، المؤدي الى الرجوع إلى قاعدة الطهارة، لامتناع الاستصحاب مع تبدل الموضوع، كما عرفت، ولا مجال لذلك في استحالة المتنجس، لان الموضوع الطارئ عليه

 

 

____________

(* 1) هذه العبارة بهذا النص لم نعثر عليها في النصوص، ولعله مد ظله في مقام نقل المضمون إذ يوجد ما يدل على هذا المضمون في ب: 9، 10، 11 من أبواب النجاسات.

 

===============

 

( 92 )

 

[ كالعذرة تصير ترابا (1)، والخشبة المتنجسة إذا صارت رمادا، والبول أو الماء المتنجس بخارا، والكلب ملحا... وهكذا (2)، ] النجاسة هو الملاقى للنجس، وهو نفس الجسم، وبعد الاستحالة باق بنفسه فيرجع إلى استصحاب نجاسته، المقدم على قاعدة الطهارة (الثاني): أن الاجماع، الذي هو المستند في الطهارة في استحالة النجس، غير منعقد في استحالة المتنجس، فيرجع فيه إلى استصحاب النجاسة. وفيه: أنهما معا مبنيان على أن المرجع في بقاء الموضوع المعتبر في الاستصحاب هو الدليل، والمحقق في محله خلافه، وأن المرجع فيه العرف، بحيث يكون رفع اليد عن الحكم السابق نقضا لليقين عرفا، فمهما كان الحال كذلك جرى الاستصحاب، وإلا امتنع، فاستحالة النجس رمادا إن كانت موجبة لتعدد الموضوع عرفا، ومانعة من صدق النقض على الحكم بالطهارة - كما هو الظاهر - كانت استحالة المتنجس كذلك، وإن لم تكن مانعة في الثاني لم تكن مانعة عنه في الاول أيضا، وجرى استصحاب النجاسة فيهما، وانتفاء الموضوع المعلق عليه النجاسة - مثل عنوان الكلب - إنما يمنع من التمسك بالدليل على النجاسة، لا بالاستصحاب. ومنه يظهر أنه لو فرض عدم ثبوت الاجماع على مطهريتها في المتنجس كفت قاعدة الطهارة بعد امتناع الاستصحاب، لتعدد الموضوع. (1) وكذا لو صارت جزء البقول والخضروات بالتسميد. (2) والضابط أن يكون التبدل موجبا لتعدد الموضوع عرفا، بحيث يكون المستحال إليه عرفا متولدا من المستحال منه، لا أنه هو هو، فلا يكون رفع اليد عن الحكم السابق من نقض اليقين بالشك، فيكون المرجع قاعدة الطهارة.

 

===============

 

( 93 )

 

[ كالنطفة تصير حيوانا، والطعام النجس جزءا من الحيوان. وأما تبدل الاوصاف، وتفرق الاجزاء، فلا اعتبار بهما، كالحنطة إذا صارت طحينا، أو عجينا (1)، أو خبزا (2)، ] (1) بلا خلاف للاستصحاب. (2) على المشهور. لاستصحاب النجاسة، لبقاء الموضوع عرفا. ولما عن ابن أبي عمير عن بعض أصحابه - وما أحسبه إلا حفص بن والبختري -: " قيل لابي عبد الله (ع) في العجين يعجن من الماء النجس كيف يصنع به؟ قال (ع): يباع ممن يستحل أكل الميتة " (* 1). وفي مرسله الآخر عنه (ع): " يدفن ولا يباع " (* 2)، وفي خبر زكريا بن آدم: " فخمر أو نبيذ قطر في عجين أو دم. فقال (ع): فسد. قلت أبيعه من اليهودي والنصارى وأبين لهم. قال (ع): نعم فانهم يستحلون شربه " (* 3). والمناقشة في دلالتها على النجاسة في غير محلها، كالمناقشة في سندها، لحجية المرسل إذا كان من مثل ابن أبي عمير مع أنها مجبورة بالعمل. فتأمل! وعن الشيخ في النهاية والاستبصار الطهارة. لمرسل ابن أبي عمير ايضا عنه (ع): " في عجين عجن وخبز، ثم علم أن الماء كان فيه الميتة قال (ع). لا بأس، أكلت النار ما فيه " (* 4) وخبر الزبيري: " عن البئر يقع فيها الفأرة أو غيرها من الدواب، فتموت، فيعجن من مائها، أيؤكل ذلك الخبز؟ قال (ع): إذا أصابته النار فلا بأس

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 11 من أبواب الاسئار حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 11 من أبواب الاسئار حديث: 2. (* 3) الوسائل باب: 38 من أبواب النجاسات حديث: 8. (* 4) الوسائل باب: 14 من أبواب الماء المطلق حديث: 18.

 

===============

 

( 94 )

 

[ والحليب إذا صار جبنا (1). وفي صدق الاستحالة على صيرورة الخشب فحما تأمل (2)، ] بأكله " (* 1). وبمضمون الثاني محكي الفقيه (* 2) والمقنع (* 3). وفيه: أن الثاني ليس مما نحن فيه بناء على طهارة البئر، بل وأخص من المدعى بناء على نجاسته، فيجب الاقتصار فيه على مورده. مع ضعف سنده بجهالة الزبيري، وإعراض الاصحاب عنه. والاول غير ظاهر في نجاسة الماء، وإطلاق الماء والميتة يمكن رفع اليد عنه بما سبق، فيحمل الماء على ماء البئر. أو تحمل الميتة على الميتة الطاهرة، ويكون المراد من أكل النار ما فيه مجرد ارتفاع القذارة المتوهمة، أو بعض مراتب النجاسة. وأما الجمع بينها بحمل الاولى على الكراهة، فبعيد، ولا سيما الثاني منها. وخاصة مع كون النجاسة مظنة الاجماع، فان الشيخ (ره) - المنسوب إليه الخلاف في النجاسة - وإن كان ظاهره الطهارة في مياه النهاية، إلا أنه في محكي أطعمتها جزم أولا بعدم جواز أكل الخبز المعجون بالماء النجس، ثم قال: " وقد رويت رخصة جواز أكله، وذلك أن النار قد طهرته. والاحوط ما قدمناه " وفى الاستبصار احتمل أن يكون محمل أخبار الجواز ماء البئر. فلاحظ، وتأمل. (1) بلا خلاف ظاهر. للاستصحاب. (2) للتأمل في بقاء الموضوع وارتفاعه، ولذلك اختلفت الفتوى فيه فمن ظاهر جامع المقاصد الطهارة، وعن صريح المسالك النجاسة، وكلام الاكثر خال عن التعرض له، كما قيل. ولا يبعد القول بالطهارة، للشك

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 14 من أبواب الماء المطلق حديث: 17. (* 2) الفقيه طبع ايران ص: 4 س 23. (* 3) المقنع طبع ايران ص: 4 س: 10.

 

===============

 

( 95 )

 

[ وكذا في صيرورة الطين خزفا أو آجرا (1)، ومع الشك في الاستحالة لا يحكم بالطهارة (2) ]. في بقاء الموضوع، المقتضي للرجوع إلى قاعدة الطهارة. (1) فعن المبسوط، والخلاف، ونهاية الاحكام، وموضع من المنتهى وعن البيان، وجماعة ممن تأخر عنهم: القول بالطهارة، بل نسب إلى الاكثر، وعن الشيخ (ره) دعوى الاجماع عليه. وعن المسالك والروضة، والروض، والايضاح: القول بالنجاسة. وتوقف في القواعد وغيرها. ويستدل للاول مضافا إلى الاجماع الذي ادعاه الشيخ - بصحيح ابن محبوب المتقدم (* 1) في الجص. وبأصالة الطهارة، لعدم جريان الاستصحاب إما لتبدل الموضوع، أو لمعارضته باستصحاب طهارة الملاقي، أو لان النجاسة ثابتة بالاجماع، ولا يجري استصحاب حال الاجماع. والجميع كما ترى، إذ الاجماع لم يثبت بنحو يعتمد عليه. والصحيح لو اتضح المراد منه، وأمكن العمل به، اختص بمورده. وتبدل الموضوع بهذا المقدار من الاختلاف ببعض الصفات ممنوع. ومثله دعوى المعارضة، لحكومة الاول، لانه سببي، على الثاني، لانه مسببي مع أنها لو تمت فانما تجدي في الرجوع إلى أصالة الطهارة في الملاقي له، لا فيه، كما هو المدعى واستصحاب حال الاجماع حجة كحال النص، كما هو محقق في محله. (2) للشك في حصول المطهر، الموجب للرجوع إلى أصالة عدمه، الموافق لاصالة بقاء النجاسة، وإن كان الاول مقدما عليه، لانه سببي. وفيه: أنه مع الشك في الاستحالة يشك في بقاء الموضوع، فيمتنع الرجوع إلى استصحاب النجاسة، بل المرجع قاعدة الطهارة، كما لو علم بالاستحالة.

 

 

____________

(* 1) تقدم في النوع الاول من أنواع الاستحالة. .

 

===============

 

( 96 )

 

فان قلت لم لا يرجع إلى استصحاب بقاء الموضوع، ليترتب عليه الرجوع إلى استصحاب النجاسة، وهو الحكم؟ قلت: استصحاب بقاء الموضوع لا يثبت صدق الشك في البقاء، حتى يجري استصحاب الحكم، وهو النجاسة. فان قلت: لم لا يرجع إلى استصحاب نفس العنوان السابق، مثل استصحاب كونه عذرة، أو نطفة، أو نحو ذلك، ليترتب عليه حكمه - وهو النجاسة - بلا توسط الاستصحاب. قلت: إذا فرضنا أن المستحال إليه معدود موضوعا آخر، وأن موضوع النجاسة قد انتفى بذاته، وأن المستحال إليه متولد عرفا من المستحال منه لا أنه هو، فمع الشك لا يصح أن يقال: إنه كان نطفة أو عذرة، إلا بالمداقة العقلية، وليست هي المدار في صحة الاستصحاب، وإلا لثبتت النجاسة مع الاستحالة، لانه إذا صح قولنا: كان نطفة، صح قولنا: كان نجسا، فيجري استصحاب النجاسة (وبالجملة): بعد البناء على عدم جريان استصحاب النجاسة، لتبدل الموضوع، لا مجال لاستصحاب بقاء العنوان، بنحو مفاد كان الناقصة بأن يقال: كان هذا كذا، لان احتمال التبدل مانع عن صدق القضية. نعم يصح الاستصحاب بنحو مفاد كان التامة، بأن يقال: كانت النطفة موجودة فهي باقية، بالاستصحاب. لكنه لا يثبت كون هذا هو النطفة. فلاحظ وتأمل. هذا إذا كان الشك بنحو الشبهة المصداقية، أما لو كان بنحو الشبهة المفهومية، كما لو شك في الاستحالة في مثل صيرورة العذرة فحما فلا مجال لاصالة عدم الاستحالة، ولا لاستصحاب كونه عذرة لانه من استصحاب المفهوم المردد، ولا لاستصحاب النجاسة، للشك في بقاء الموضوع،

 

===============

 

( 97 )

 

[ (الخامس): الانقلاب، كالخمر ينقلب خلا، فانه يطهر (1)، سواء كان بنفسه أو بعلاج (2)، ] كما هو ظاهر. (1) إجماعا، كما عن المنتهى، والمهذب البارع، وكشف اللثام، ومجمع البرهان. ونصوصا، كما سيأتي: (2) إذ الاول هو المتيقن من معقد الاجماعات المتقدمة، وعن المنتهى نسبه الحكم فيه إلى علماء الاسلام، وفي مجمع البرهان إلى إجماع الاصحاب، بل المسلمين، والثاني نسبه في المنتهى إلى علمائنا. والنصوص فيه مستفيضة. ففي مصحح زرارة عن أبي عبد الله (ع): " عن الخمر العتيقة تجعل خلا. قال (ع): لا بأس " (* 1) ونحوه موثق عبيد (* 2) وفي موثقه الآخر: " في الرجل إذا باع عصيرا، فحبسه السلطان حتي صار خمرا، فجعله صاحبه خلا. فقال (ع): إذا تحول عن اسم الخمر فلا بأس به " (3). وفي صحيح ان المهتدي: " كتبت إلى الرضا (ع): جعلت فداك. العصير يصير خمرا، فيصب عليه الخل وشئ يغيره حتى يصير خلا. قال (ع): لا بأس به " (* 4). وعن المستطرفات، عن جامع البزنطي، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (ع): " عن الخمر تعالج بالملح وغيره لتحول خلا. قال (ع)

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 31 من أبواب الاشربة المحرمة حديث: 1، وب: 77 من أبواب النجاسات حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 31 من أبواب الاشربة المحرمة حديث: 3، وب: 77 من أبواب النجاسات حديث: 2 (* 3) الوسائل باب: 31 من أبواب الاشربة المحرمة حديث: 5. (* 4) الوسائل باب: 31 من أبواب الاشربة المحرمة حديث: 8.

 

===============

 

( 98 )

 

لا بأس " (* 1)... إلى غير ذلك. كما أن إطلاق مثل خبر ابن جعفر (ع) عن أخيه (ع): " عن الخمر يكون أوله خمرا ثم يصير خلا. قال (ع): إذ ذهب سكره فلا بأس " (* 2) يقتضي ثبوت الحكم في الاول والثاني. نعم ظاهر بعض النصوص المنع في الثاني، كرواية أبي بصير عن أبي عبد الله (ع): " عن الخمر يجعل فيها الخل. فقال (ع) لا إلا ما جاء من قبل نفسه " (* 3). وروايته الاخرى عنه (ع): " عن الخمر يصنع فيها الشئ حتى تحمض. قال (ع): إن كان الذي صنع فيها هو الغالب على ما صنع فلا بأس به (* 4). وروايته الاخرى عنه (ع): " عن الخمر تجعل خلا. قال (ع): لا بأس إذا لم يجعل فيه ما يغلبها " (* 5). لكنها محمولة على الكراهة جمعا. وفي المسالك - بعد ما استدل على الحمل في الثاني، بمصححة زرارة ورواية أبي بصير الثانية - قال: " واعلم أنه ليس في الاخبار المعتبرة ما يدل؟ على جواز علاجها بالاجسام، والحكم بطهرها كذلك، وإنما هو عموم أو مفهوم، كما أشرنا إليه مع قطع النظر عن الاسناد " وفيه: مع أن الدليل لا يختص بما ذكر، كما عرفت -: أن العموم والمفهوم من أقسام الحجة. مع أن رواية أبي بصير غير ظاهرة الدلالة بالمفهوم على الحل، بل مفهومها يدل على العدم في الجملة، كما عرفت.

 

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 31 من أبواب الاشربة المحرمة حديث: 10. (* 2) الوسائل باب: 31 من أبواب الاشربة المحرمة حديث: 9. (* 3) الوسائل باب: 31 من أبواب الاشربة المحرمة حديث: 7. (* 4) الوسائل باب: 31 من أبواب الاشربة المحرمة حديث: 2، وب: 77 من أبواب النجاسات حديث: 4. (* 5) الوسائل باب: 31 من أبواب الاشربة المحرمة حديث: 4، وب: 77 من أبواب النجاسات حديث: 3.

 

===============

 

( 99 )

 

[ كإلقاء شئ من الخل (1) أو الملح (2) فيه، سواء استهلك أو بقي على حاله (3). ويشترط في طهارة الخمر بالانقلاب عدم وصول نجاسة خارجية إليه (4)، فلو وقع فيه - حال كونه ] (1) كما في صحيح ابن المهتدي، ويقتضيه غيره. (2) كما نص عليه في رواية المستطرفات، ويقتضيه إطلاق غيرها. (3) كما صرح به جماعة، ونسب إلى المشهور. وقد يتأمل في الطهارة فيما إذا بقي المطروح المعالج به، بل نسبا المنع في المجمع والكفاية إلى القيل وكأنه لتنجسه بالخمر، وعدم الدليل على طهارة بالانقلاب، لاختصاص نظر الاخبار إلى نجاسة الخمر " وفيه ": أن اختصاص النظر بذلك لا يمنع من الحكم بطهارته بما فيه تبعا، لان إطلاقها اللفظي إذا كان شاملا لصورة عدم الاستهلاك كان إطلاقها المقامي دالا على طهارة ما لم يستهلك، فان مقتضي إهمال النصوص للتعرض لبقاء الاجسام الملاقية للخمر على النجاسة مع وجودها غالبا فيها، طهارتها تبعا، كما لا يخفى. وقد يقال في دفع الاشكال المذكور بأن ظاهر الادلة الدالة على مطهرية الانقلاب الطهارة الفعلية، فتدل بالالتزام على طهارة الاجسام التي فيها، لامتناع طهارتها الفعلية مع بقاء تلك الاجسام على النجاسة " وفيه ": أن الادلة لا تدل على الطهارة الفعلية مطلقا، وإنما تدل على الطهارة الفعلية من حيث نجاسة الخمر، فلا تصلح للدلالة على طهارة غيرها بالالتزام. (4) لما عرفت من اختصاص نظر النصوص بنجاسة الخمر لا غير، أما النجاسة الحاصلة بملاقاة النجس فلا موجب لارتفاعها، ومقتضى الاصل بقاؤها، كما ذهب إليه جماعة. نعم لو قيل بعدم تنجسه بنجاسة خارجية لامتناع ذلك، أو قصور الادلة عن إثباته، فالحكم الطهارة أيضا.

 

===============

 

( 100 )

 

[ خمرا شئ من البول أو غيره، أو لاقى نجسا، لم يطهر بالانقلاب (1). (مسألة 1): العنب أو التمر المتنجس إذا صار خلا لم يطهر. وكذا إذا صار خمرا (2) ثم انقلب خلا. (مسألة 2): إذا صب في الخمر ما يزيل سكره لم يطهر، وبقي على حرمته (3). (مسألة 3): بخار البول أو الماء المتنجس طاهر (4)، ] (1) لاستصحاب النجاسة، ولا دليل على الطهارة، لاختصاص النصوص بالخمر. (2) لما عرفت من قصور نصوص الباب عن إثبات ذلك، فالعمل على الاستصحاب. (3) لاطلاق أدلة حرمته ونجاسته. نعم قد يستفاد الطهارة والحل من خبر ابن جعفر (ع) المتقدم لقوله (ع) فيه: " إذا ذهب سكره فلا بأس ". ويعضده خبر أبي الجارود عن أبي جعفر (ع): " أما الخمر فكل مسكر من الشراب " (* 1). كما أنه يستفاد من موثق عبيد المتقدم المتضمن لقوله (ع): " إذا تحول عن اسم الخمر فلا بأس ": أن انقلاب الخمر إلى غير الخل أيضا موجب لحليتها وطهارتها. لكن الظاهر عدم عملهم بهذه الظواهر، وبناؤهم على تخصيص طهارة الخمر بالانقلاب خلا لاغير، كما اعترف بذلك في الجواهر وغيرها، ويقتضيه ظاهر كلامهم في مظهرية الانقلاب. ولو لا ذلك لكان العمل بهذه النصوص في محله. (4) كما تقدم.

 

 

____________

الوسائل باب: 1 من أبواب الاشربة المحرمة حديث: 5.

 

===============

 

( 101 )

 

[ فلا بأس بما يتقاطر من سقف الحمام إلا مع العلم بنجاسة السقف. (مسألة 4): إذا وقعت قطرة خمر في حب خل، واستهلكت فيه، لم يطهر، وتنجس الخل (1). ] (1) بذلك طفحت عبارات جماعة من الاصحاب، وعن الشيخ في النهاية: " إذا وقع شئ من الخمر في الخل لم يجز استعماله إلا بعد أن يصير ذلك الخمر خلا ". ويظهر من الحلي أن فيه رواية، فانه قال في مقام الانكار على الشيخ: " الذي يقتضية أصول المذهب ترك العمل بهذه الرواية الشاذة ولا يلتفت إليها، لانها مخالفة للادلة، مضادة للاجماع، لان الخل بعد وقوع قليل الخمر في الخل صار نجسا، ولا دلالة على طهارته بعد ذلك ولا اجماع... ". وظاهر عبارة الشيخ صورة عدم استهلاك الخمر، لان اسم الاشارة راجع إلى نفس الخمر الواقع في الخل، ومع الاستهلاك لا موضوع كي يصح أن يقال: صار خلا ولم يصر. لكن ظاهر الجماعة أنهم فهموا منه صورة الاستهلاك، وأن علامة صيرورته خلا صيرورة الخمر الخارجة عن الخل الباقية بعد صب مقدار منها في الخلا خالا، بل في كشف اللثام الاتفاق على الحل والطهارة بصيرورة الخمر الواقعة في الخل خلا، وإنما الخلاف في أن تخلل الخمر الخارجة علامة على تخلل المقدار المصبوب وعدمه، والجماعة ينكرون ذلك، والشيخ يعتقده، وما ذكره في الكشف غير ظاهر، فلاحظ عبارة الشرائع والتحرير وغيرهما. وكيف كان فان كان مراد الشيخ (ره) صورة الاستهلاك فلا وجه له ظاهرا، لما ذكره في السرائر من نجاسة الخل الملقى فيه الخمر، من دون دليل على الطهارة، وإن كان مراده صررة الانقلاب فكذلك، لعدم

 

===============

 

( 102 )

 

[ إلا إذا علم انقلابها خلا بمجرد الوقوع فيه (1). ] طهارة الخل المذكور تبعا للخمر، لقصور النصوص عن شمول مثل الفرض فلا مجال للتمسك باطلاقها المقامي الدال على الطهارة بالتبعية، والرواية التي أشار إليها غير معروفة. نعم في الرضوي: " فان صب في الخل خمر لم يحل أكله حتى يذهب عليه أيام ويصير خلا ثم كل بعد ذلك " (* 1) لكنه ليس بحجة، ولا سيما مع مخالفته للمشهور. (1) يحتمل أن يكون المراد الانقلاب في أول أزمنة الوقوع. ووجه الطهارة على هذا: أن نجاسة النجس قبل ملاقاته للطاهر لا دليل على سرايتها إلى ملاقيه الطاهر إذا حصلت الطهارة للنجس في زمان الملاقاة " وفيه ": أن أدلة السراية شاملة للمقام، ولذا بني على نجاسة ماء الغسالة، وإن كانت ملاقاته للمحل موجبة للطهارة، ويساعده الارتكاز العرفي جدا. فالملاقاة هنا علة لنجاسة الخل، وإن كانت علة للانقلاب الموجب للطهارة، ففى زمان الملاقاة يكون طاهرا ونجسا في رتبتين: نعم لو كان الانقلاب في زمان الملاقاة مستندا إلى سبب غير ملاقاة، فالبناء على الطهارة حينئذ في محله، لعدم الدليل على سراية النجاسة الثابتة قبل الملاقاة إذا كان طاهرا حال الملاقاة. والفرق بينه وبين ما لو استند الانقلاب الى الملاقاة - كما سبق -: أنه في ظرف استناد الملاقاة الى الانقلاب لا بد من التزام النجاسة حال الملاقاة في رتبة سابقة على حصول الطهارة بالانقلاب، فيكون نجسا وطاهرا في زمان واحد في رتبتين ومتى كانت النجاسة ثابتة حال الملاقاة سرت إلى الطاهر. أما لو لم يستند الانقلاب إلى الملاقاة فإذا كان المفروض مقارنة الانقلاب للملاقاة فلا ملاقاة للنجس

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 49 من ابواب النجاسات حديث: 1.

 

===============

 

( 103 )

 

[ (مسألة 5): الانقلاب غير الاستحالة، إذ يتبدل فيه الحقيقة النوعية بخلافها، ولذا لا تطهر المتنجسات به (1) وتطهر بها، (مسألة 6): إذا تنجس العصير بالخمر، ثم انقلب خمرا وبعد ذلك انقلب الخمر خلا، لا يبعد طهارته، لان النجاسة العرضية صارت ذاتية بصيرورته خمرا، لانها هي النجاسة الخمرية (2)، بخلاف ما إذا تنجس العصير بساثر النجاسات، فان الانقلاب الى الخمر لا يزيلها، ولا يصيرها ذاتية، فأثرها باق بعد الانقلاب أيضا. ] حتي تسري نجاسة إلى الطاهر، فلا مانع من البناء على الطهارة، كما ذكر في المتن. وهذا التفصيل هو الموافق للمذاق العرفي. ويحتمل بعيدا أن يكون مراد المصنف (ره) الانقلاب قبل الاستهلاك، ولو في زمان بعد الوقوع - كما هو أحد محتملي كلام الشيخ المتقدم - فيتوجه عليه حينئذ ما عرفت، من أن النصوص إنما دلت على طهارة الخمر بالانقلاب، وليس فيها تعرض لطهارة ما عولجت به، وإنما استفيدت الطهارة من الاطلاق المقامي، وهو سكوت النصوص عن بيان نجاسته، وهو يختص بما يعد من توابع الخمر خارجا، ولا يشمل ما نحن فيه، مما كانت الخمر من توابعه. فلاحظ (1) وكذا النجاسات عدا الخمر لجريان الاستصحاب معه بلا مانع، وخروج الخمر بالدليل الحاكم على الاستصحاب. (2) يعني فيمتنع التضاعف والتأكد فيها. وكأنه يشير بذلك الى مناقشة شيخنا الاعظم (ره) حيث قال في المقام: " إلا أن يقال: لا مانع من قيام

 

===============

 

( 104 )

 

[ (مسألة 7): تفرق الاجزاء بالاستهلاك غير الاستحالة (1) ] التنجس بجسم الخمر من حيث هو جسم، والنجاسة بالنوع من حيث هو نوع. لكن لو تم هذا مثله في الخل الملقي في الخمر، حيث أنه في إول الملاقاة وقبل الاستهلاك منفعل ". وحاصل المناقشة: أن الاشكال في تضاعف النجاسة ليس من جهة لزوم اجتماع المثلين، ليدفع بما ذكر، بل من جهة أن النجاسة الواحدة بالصنف لا تقبل التكرر، فان الخمر الملاقية للخمر لا تتكرر فيها النجاسة، ولو بنحو التأكد وكذا في المقام بل لو بنى على التأكد فما دل على طهارة الخمر بالانقلاب يدل على زوال النجاسة الخمرية ولو كانت متأكدة. هذا مضافا إلى أن ما ذكره (ره) لا يكفي في جواز اجتماع المثلين، لان نجاسة الخمر القائمة بالنوع قائمة أيضا بالجسم، ضرورة أن جسم الخمر نجس كأجسام سائر النجاسات الذاتية، فيلزم اجتماع المثلين في محل واحد. إلا أن يكون مقصوده - رحمه الله - تعدد الرتبة وأن نجاسة الخمر الذاتية قائمة بذات الخمر، والعرضية السابقة على صيرورته خمرا تكون قائمة بوصف الجسم. وفيه أيضا: أنه لا ملزم للالتزام بذلك، لجواز وحدة المحل مع الرتبة للنجاستين على أن تكون إحداهما مؤكدة للاخرى، بحيث تكونان وجودا واحدا لا وجودين، واجتماع المثلين إنما يتوقف على تعدد المحل أو تعدد الرتبة إذا كانا وجودين ممتازين، فلاحظ. وأما إشكاله (قده) على ما ذكره أولا بقوله: " لكن لو تم هذا... " فيتوجه عليه أن اللزوم في محله، لكن وجب البناء على الطهارة في الفرض، - وهو الخل الملقى في الخمر - بما دل على الطهارة بالانقلاب، وهو لا يشتمل المقام. (1) لما عرفت من أن الاستهلاك عبارة عن انعدام العين بما لها من

 

===============

 

( 105 )

 

[ ولذا لو وقع مقدار من الدم في الكر واستهلك فيه يحكم بطهارته (1)، لكن لو أخرج الدم من الماء بآلة من الآلات المعدة لمثل ذلك عاد إلى النجاسة، بخلاف الاستحالة، فانه إذا صار البول بخارا ثم ماء لا يحكم بنجاسته، لانه صار حقيقة أخرى. نعم لو فرض صدق البول عليه يحكم بنجاسته، بعد ما صار ماء (2) ومن ذلك يظهر حال عرق بعض الاعيان النجسة أو المحرمة، مثل عرق لحكم الخنزير، أو عرق العذرة، أو نحوهما، فانه إن صدق عليه الاسم السابق (3)، وكان فيه آثار ذلك الشئ وخواصه، يحكم بنجاسته أو حرمته، وإن لم يصدق عليه ذلك الاسم، بل عد حقيقة أخرى ذات أثر وخاصية أخرى، يكون طاهرا وحلالا. وأما نجاسة عرق الخمر ] المفهوم العرفي فينعدم وصفها، وهو النجاسة تبعا، فإذا عادت العين عاد وصفها معها، لانه ذاتي لها، والاستحالة عبارة عن التحول عرفا من حقيقة إلى أخرى. (1) كيف يحكم بطهارته مع أن نجاستة ذاتية؟! وإنما يحكم بانعدامه عرفا، فيخرج عن كونه موضوعا للنجاسة، فإذا استخرج من الماء وعاد الى الوجود عادت إليه النجاسة، لانها ذاتية. (2) لان نجاسته ذاتية تابعة لوجوده ولو كان لاستحالة الماء إليه لكن على هذا لا يظهر الفرق بين الاستهلاك والاستحالة من هذه الجهة، وإنما الفرق بينهما بحسب المفهوم، كما عرفت. (3) يعني: بحيث يصدق عليه أنه جزء لحم الخنزير، أو العذرة.

 

===============

 

( 106 )

 

[ فمن جهة أنه مسكر مائع (1)، وكل مسكر نجس. (مسألة 8): إذا شك في الانقلاب بقي على النجاسة (2). (السادس): ذهاب الثلثين في العصير العنبي، على القول بنجاسته بالغليان. لكن قد عرفت أن المختار عدم نجاسته (3)، وإن كان الاحوط الاجتناب عنه. فعلى المختار فائدة ذهاب الثلثين تظهر بالنسبة إلى الحرمة، وأما بالنسبة إلى النجاسة فتفيد عدم الاشكال لمن أراد الاحتياط. ولا فرق بين أن يكون الذهاب بالنار أو بالشمس أو بالهواء (4). كما لا فرق في الغليان الموجب للنجاسة - على القول بها - بين المذكورات - كما أن في الحرمة بالغليان التي لا اشكال فيها والحلية بعد الذهاب كذلك، أي لا فرق بين المذكورات. ] (1) يعني: لا أنه خمر. لكن لو كان لاجل أنه خمر فلا يضر فيما ذكر من الفرق بين الاستحالة والاستهلاك، ولا في تحقق الاستحالة في البين فكأن مقصوده (ره) بيان الواقع لا دفع إشكال. (2) للاستصحاب. (3) وقد عرفت وجهه. (4) قد عرفت (* 1) الاشكال في الطهارة لو غلى بغير النار وإن قيل بها لو غلى بالنار. وحينئذ غلى بنفسه لم يجد في طهارته ذهاب الثلثين بل لابد من انقلابه خلا. نعم لو بني على النجاسة بالغليان مطلقا - لا ستفادة ذلك من الادلة - لا فرق في حصول الطهارة بذهاب الثلثين مطلقا. فراجع.

 

 

____________

(* 1) تقدم ذلك في المسألة الاولى من مبحث نجاسة الخمر.

 

===============

 

( 107 )

 

[ وتقدير الثلث والثلثين إما بالوزن، أو بالكيل، أو بالمساحة (1). ] (1) لصدق ذهاب الثلثين في الجميع، والتخصيص بواحد منها خلاف الاطلاق. وفيه: أن الكيل والمساحة يرجع أحدهما إلى الآخر، إذ كلاهما تقدير بحسب الكم، أما الوزن فانه يباينهما، إذ هو تقدير بحسب الثقل، وهو أجنبي عن الكم. وعليه فذهاب الثلثين بحسب الكم يتقدم دائما على ذهابهما بحسب الثقل، لان الذاهب بالنار أو غيرها هو الاجزاء المائية اللطيفة، وبذهابها يزداد العصير غلظا وثخانة، فيكون ثلثه بحسب الكم قريبا من نصفه بحسب الثقل، ومع هذا التقدم لا معنى للاعتبار بهما معا، أو بأحدهما على التخيير، بل النصوص إما أن تحمل على الاول، أو على الثاني، وحيث لا معين يرجع إلى الاصل، المقتضي للاعتبار بالثاني لا غير. وربما يستفاد الاعتبار به من رواية ابن سنان عن أبى عبد الله (ع): " العصير إذا طبخ حتى يذهب منه ثلاثة دوانيق ونصف، ثم يترك حتى يبرد، فقد ذهب ثلثاه وبقي ثلثه " (* 1). وفيه: أن الدانق من الشئ كناية عن السدس، ولا يراد منه الوزن، كما يظهر من السؤال. أو يستفاد الاعتبار به من خبر عقبة بن خالد عن أبي عبد الله (ع): " في رجل أخذ عشرة أرطال من عصير العنب، فصب عليه عشرين رطلا ماء، ثم طبخهما حتى ذهب منهم عشرون رطلا وبقي أرطال، أيصلح شرب تلك العشرة أم لا؟ فقال (ع): ما طبخ على الثلث فهو حلال " (* 2). وفيه: أن الوزن إنما ذكر في كلام السائل، ولم يفهم من الثلث المذكور

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 5 من أبواب الاشربة المحرمة حديث: 7. (* 2) الوسائل باب: 8 من أبواب الاشربة المحرمة حديث: 1.

 

===============

 

( 108 )

 

[ ويثبت بالعلم (1)، وبالبينة (2). ولا يكفي الظن (3). وفي خبر العدل الواحد إشكال (4)، ] في كلام الامام (ع) إرادة الوزن، بل من الجائز إرادة الثلث بحسب الكم الحاصل في الفرض، كما عرفت. مضافا إلى أن الرطل اسم للكيل المخصوص فهو من المكاييل لا من الاوزان، حسب ما ذكره بعض المحققين من أهل اللغة، مستدلا عليه بقوله: " لها رطل تكيل الزيت فيه ". ومثله ما ربما يستفاد من روايتي عمار (* 1) الواردتين في كيفية طبخ المطبوخ حتي يصير حلالا، المشتملتين على ذكر المساحة. إذ فيه: أنهما غير ظاهرتين فيما نحن فيه من ذهاب الثلثين للتطهير أو الحل، كما أشرنا إلى ذلك في نجاسة العصير من الزبيب: نعم يمكن أن يقال: إن إطلاق الثلث والثلثين يقتضى الحمل على الكم فانه محط الاغراض، والاصل للوزن، لرجوعه إليه، وحكايته عنه دائما. وما اشتهر من أن الوزن هو الاصل يراد به كونه أضبط من الكيل وأتقن، لا أنه أصل للكم، بل هو متفرع عليه قطعا. ولا سيما ولو كان الاعتبار بالوزن للزم الهرج والمرج، ولكثر السؤال والجواب عنه، واتضح بذلك بالحال، لصعوبة الاختبار بالوزن أو تعذره غالبا، فعدم ذلك دليل على الاعتبار بالكم، المتقدم على الوزن بكثير دائما. والله سبحانه أعلم. (1) لحجيته عقلا. (2) لعموم دليل حجيتها، كما تقدم تقريبه في المياه. (3) لاصالة عدم حجيته. (4) تقدم وجهه في المياه وغيرها.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 5 من أبواب الاشربة المحرمة حديث: 2، 3.

 

===============

 

( 109 )

 

[ إلا أن يكون في يده، ويخير بطهارته وحليته: وحينئذ يقبل قوله (5)، وإن لم يكن عادلا (1)، إذا لم يكن ممن يستحله قبل ذهاب الثلثين. (مسألة 1): بناء على نجاسة العصير إذا قطرت منه قطرة بعد الغليان على الثو ب أو البدن أو غيرهما يطهر بجفافه، أو بذهاب ثلثيه، بناء على مما ذكرنا من عدم الفرق بين أن يكون بالنار أو بالهواء وعلى هذا فالآلات المستعملة في طبخه ] (5) للسيرة المستمرة على قبول خبر ذي اليد عما في يده. وللنصوص الخاصة. كصحصيح معاوية (* 1) المتقدم في نجاسة العصير العنبي، وقريب منه غيره نعم في صحيح ابن جعفر (ع): " لا يصدق إلا أن يكون مسلما عارفا ". (* 2). وفي حديث عمار المروي في الوسائل: " إن كان مسلما ورعا مؤمنا) (* 3)، ورواه في الحدائق وغيرها: " إن كان مسلما عارفا مأمونا فلا بأس أن يشرب ". ولو بنى على رفع اليد عن اعتبار المعرفة وحمله على الاستحباب، بقرينة مثل صحيح عمار، فلا موجب لرفع؟ اليد عن اعتبار الاسلام والامانة أو الورع. اللهم إلا أن يستبعد التفكيك بينها وبين الايمان، فيحمل الجميع على الاستحباب. على أن مورد الصحيح صورة الجهل بالورع، وحينئذ يكون مقتضى مجموع النصوص حجية خبر ذي اليد إلا مع ثبوت ما يوجب اتهامه، وقد تقدمت الاشارة إلى ذلك في المياه. (1) كما عرفت.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 7 من أبواب الاشربة المحرمة حديث: 4. (* 2) الوسائل باب: 7 من أبواب الاشربة المحرمة حديث: 7. (* 3) الوسائل باب: 7 من أبواب الاشربة المحرمة حديث: 6.

 

===============

 

( 110 )

 

[ تطهر بالجفاف وإن لم يذهب الثلثان مما في القدر، ولا يحتاج إلى إجراء حكم التبعية. لكن لا يخلو عن إشكال، من حيث أن المحل إذا تنجس به أولا لا ينفعه جفاف تلك القطرة، أو ذهاب ثلثيها، والقدر المتيقن من الطهر بالتبعية المحل المعد للطبخ، مثل القدر والآلات، لا كل محل كالثوب والبدن ونحوهما (1). (مسألة 2): إذا كان في الحصرم حبة أو حبتان من العنب فعصر واستهلك لا ينجس ولا يحرم بالغليان (2). أما إذا وقعت تلك الحبة في القدر من المرق أو غيره، فغلى، ] (1) إذا كان الوجه في البناء على طهارة القدر ونحوه بذهاب الثلثين تبعا أنه لولا ذلك كان الحكم بطهارة العصير لغوا، فهذا المعنى لا فرق فيه بين القدر والثوب إلا بالوضوح والخفاء، وإلا فهو مشترك بين الجميع بنحو واحد. " ودعوى ": أنه يكفي في رفع اللغوية الاقتصار في الحكم بالطهارة على خصوص القدر ونحوه، دون عصير الثوب ونحوه " مندفعة " بأن ذلك وإن كان كافيا في رفع اللغوية، لكن التفكيك بين أفراد العصير المذكورة بلا موجب عرفي، فلا يكون صحيحا عند العرف. نعم لو كان المستند في طهارة القدر الاطلاق المقامي - وهو السكوت عن التعرض للنجاسة المغفول عنها لو لا ذلك - لكان التخصيص بمثل القدر ونحوه في محله، لان ذلك محل الابتلاء دون غيره. لكن عرفت أن الوجه الاول لا بأس به، ومقتضاه العموم. (2) لان غليان عصير الحصرم لا أثر له في النجاسة والحرمة، وعصير العنب معدوم بالاستهلاك، فلا غليان له.

 

===============

 

( 111 )

 

[ يصير حراما ونجسا (1) على القول بالنجاسة. (مسألة 3): إذا صب العصير الغالي قبل ذهاب ثلثيه في الذي ذهب ثلثاه يشكل طهارته وإن ذهب ثلثا المجموع (2). نعم لو كان ذلك قبل ذهاب ثلثيه وإن كان ذهابه قريبا فلا باس به. والفرق أن في الصورة الاولى ورد العصير النجس على ما صار طاهرا فيكون منجسا له، بخلاف الثانية، فانه لم يصر بعد طاهرا فورد نجس على مثله. هذا ولو صب العصير الذي لم يغل على الذي على فالظاهر عدم الاشكال فيه. ولعل السر فيه أن النجاسة العرضية صارت ذاتية (3). وإن كان الفرق بينه وبين الصورة الاولى لا يخلو عن إشكال (4)، ومحتاج إلى التأمل. (مسألة 4): إذا ذهب ثلثا العصير من غير غليان لا ينجس إذا غلى (5) بعد ذلك. ] (1) كما تقدم الكلام فيه في نجاسة العصير. (2) إذ لا دليل على مطهرية ذهاب الثلثين في الفرض، لاختصاص أدلة مطهريته بما تنجس بالغليان ولم يذهب ثلثاه، وكلاهما منتف في الذي ذهب ثلثاه. (3) كما تقدم في المسألة السادسة من مطهرية الانقلاب، وعليه فتطهر بذهاب الثلثين كالنجاسة الذاتية الحاصلة من الغليان. (4) ولكن بما ذكرناه في وجه الحكم فيهما اتضح الفرق واندفع الاشكال. (5) لاختصاص أدلة النجاسة بالغليان بما لم يذهب ثلثاه. وإطلاق بعض النصوص الدالة على الحرمة بالغليان - مثل ما في رواية حماد عن الصادق (ع): " تشرب ما لم يغسل، فإذا غلى فلا تشربه " (* 1) -

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 3 من أبواب الاشربة المحرمة حديث: 3.

 

===============

 

( 112 )

 

[ (مسألة 5): العصير التمري أو الزبيبي لا يحرم ولا ينجس بالغليان على الاقوى (1)، بل مناط الحرمة والنجاسة فيهما هو الاسكار (مسألة 6): إذا شك في الغليان يبني على عدمه (2). كما إنه لو شك في ذهاب الثلثين يبني على عدمه. (مسألة 7): إذا شك في أنه حصرم أو عنب يبني على أنه ححصرم (3). (مسألة 8): لا بأس بجعل الباذنجان أو الخيار (4) أو نحو ذلك في الحب مع ما جعل فيه من العنب أو التمر أو الزبيب ليصير خلا، أو بعد ذلك قبل أن يصير خلا، وإن كان بعد غليانه أو قبله وعلم بحصوله بعد ذلك. ] منزل على ذلك، وإلا فلا دليل على طهره بذهاب الثلثين بعد ذلك، فان ذهاب الثلثين المأخوذ موضوعا للمطهرية ما كان بنحو صرف الوجود الذي لا ينطبق إلا على الوجود الاول لا غير. إلا أن يقال: المراد بذهاب الثلثين المعتبر في الطهارة صرف الوجود بعد الغليان، لا مطلقا، وموضوع النجاسة مطلق العصير الغالي، ولازم ما ذكر في تقريب ما في المتن أن لو ذهب ثلثه قبل الغليان كفي في الطهارة ذهاب ثلثه الثاني بعد الغليان. فتأمل جيدا. (1) كما تقدم في مبحث النجاسات. (2) للاستصحاب فيه وفيما بعده. (3) لاستصحاب حصرميته أو عدم عنبيته، أو استصحاب حليته وطهارته. (4) إذ التفكيك بين المذكورات وبين سائر الاجسام الموجودة في الخمر

 

===============

 

( 113 )

 

[ (مسألة 9): إذا زالت حموضة الخل العنبي وصار مثل الماء لا بأس به إلا إذا غلى (1)، فانه لا بد حينئذ من ذهاب ثلثيه أو انقلابه خلا ثانيا (2). (مسألة 10): السيلان وهو عصير التمر، أو ما يخرج ] قبل صيرورته خلا، كالتمر، والعنب، وقطع الطين، والحصى، وسائر ما يختلط بالتمر والعنب من الاجسام، وإن لم تكن متعارفة حتى مثل قطع الخيار، والباذنجان، والاجزاء الصغار، والدود، والحشيش، وغير ذلك بالحكم بطهارة الثانية بالتبعية، وعدم طهارة ما نحن فيه، صعب جدا، مخالف للمرتكزات العرفية. (1) فانه يكون من أفراد عصير العنب الغالي، فيلحقه حكمه هذا إذا صدق عليه عرفا العصير، أما لو صدق عليه الخل الفاسد فحاله حال الخل الصحيح في عدم حرمته بالغليان. (2) فان الانقلاب الى الخل كما يطهر الخمر يطهر العصير الغالي، للاجماع بقسميه عليه، كما في الجواهر، وفي منظومة الطباطبائي (ره): والخمر والعصير إن تخللا فباتفاق طهرا وحللا ونحوهما كلام غيرهما. وقد يستفاد من قوله (ع) في صحيح معاوية " خمر لا تشربه " (* 1)، بناء على روايتها كذلك، وإفادتها عموم التنزيل حتى من حيث الطهارة بالتخليل. لكن تقدم الاشكال في الاول في مبحث نجاسة العصير. ويشكل الثاني بأن الظاهر من تنزيل شئ بمنزلة آخر ترتب آثار وجود ذي المنزلة على وجود المنزل، لا آثار عدم ذي المنزلة على عدم المنزل. فتأمل. وربما يستدل عليه أيضا بالاولوية.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 7 من أبواب الاشربة المحرمة حديث: 4.

 

===============

 

( 114 )

 

[ منه بلا عصر - لا مانع من جعله في الامراق، ولا يلزم ذهاب ثلثيه، كنفس التمر (1). " السابع ": الانتقال، كانتقال دم الانسان أو غيره مما له نفس إلى جوف ما لا نفس له (2)، كالبق والقمل (3)، ] (1) الذي تقدم أنه لا ينجس ولا يحرم بالغليان. (2) فقد استظهر في المستند نفي الخلاف في مطهريته، وفي الجواهر نفى وجدان الخلاف فيه والاشكال، وفي الحدائق: " لا خلاف فيه ولا إشكال "، وعن غيرها صريح الاجماع عليه والسيرة. لكن موافقة ذلك للقاعدة تتوقف على كون الانتقال موجبا لتعدد الموضوع عرفا، بنحو يمنع من جريان الاستصحاب، ومن التمسك بعموم نجاسة المنتقل منه، فانه إذا تم ذلك يكون المرجع إما قاعدة الطهارة، أو دليل طهارة المنتقل إليه أما لو لم يكن موجبا لذلك فالمرجع يكون عموم دليل نجاسة المنتقل منه. ولو فرض معارضته بدليل طهارة المنتقل إليه يكون المرجع استصحاب النجاسة. نعم لو لم يكن عموم لدليل نجاسة المنتقل منه وكان عموم لدليل طهارة المنتقل إليه كان التعارض حينئذ بين استصحاب النجاسة وعموم الطهارة، والثاني مقدم على الاول قطعا. ومنه يظهر أن الحكم بالطهارة يدور مدار أحد الامرين مما ذكرنا ومن السيرة. (3) لا ينبغي التأمل في ثبوت السيرة فيهما. وقد ورد في الاخبار الكثيرة نفي البأس بدم البق والبراغيث ودم ما لم يذك، يعني: دم السمك (* 1). كما لا ينبغي التأمل في كون الانتقال فيهما بنحو يمنع من التمسك بعموم دليل نجاسة دم الانسان أو غيره، كما يمنع من الاستصحاب

 

 

____________

راجع باب: 23 من أبواب النجاسات

 

===============

 

( 115 )

 

[ وكانتقال البول إلى النبات والشجر ونحوهما. ولا بد من كونه على وجه لا يسند إلى المنتقل عنه، وإلا لم يطهر، كدم العلق بعد مصه من الانسان (1). (مسألة 1): إذا وقع البق على جسد الشخص فقتله، وخرج منه الدم لم يحكم بنجاسته، إلا إذا علم أنه هو الذي مصه من جسده، بحيث أسند إليه لا إلى البق، فحينئذ يكون كدم العلق (2). " الثامن ": الاسلام. وهو مطهر لبدن الكافر (3)، ورطوباته المتصلة به (4) من بصاقه، وعرقه، ونخامته، والوسخ الكائن على بدنه. وأما النجاسة الخارجية التي زالت عينها ففي طهارته ] أيضا. ومثله في السيرة وامتناع الاستصحاب - في الجملة - ما بعده. (1) فانه لا سيرة على طهارته، ولا مانع من استصحاب نجاسته، ولا من التمسك بعموم دليلها. (2) لكن لا يبعد قيام السيرة على الطهارة فيه، وإن كان مقتضى الاستصحاب النجاسة. (3) بلا خلاف ولا إشكال، كما اعترف به جماعة، بل عن المنتهى والذكرى وغيرهما دعوى الاجماع عليه، وفي المستند دعوى الضرورة، وفي الجواهر دعواها في الجملة. (4) لصدق إضافتها إلى المسلم، كما في الجواهر وغيرها. وفيه: أن الاضافة إلى المسلم إنما تجدي في الطهارة، لو كان منشأ الاضافة التكون: فيه، وهو غير حاصل في الفرض. أو لحديث الجب (* 1). وفيه: أنه (* 1) يأتي في الجزء السابع من الطبعة الثانية ص 40 التعرض لسنده.

 

===============

 

( 116 )

 

[ منها إشكال، وإن كان هو الاقوى (1). نعم ثيابه التي لا قاها حال الكفر مع الرطوبة لا تطهر على الاحوط، بل هو الاقوى فيما لم يكن على بدنه فعلا (2). (مسألة 1): لا فرق في الكافر بين الاصلي والمرتد الملي (3)، ] يختص بالآثار المستندة إلى السبب السابق على الاسلام، وبقاء النجاسة ونحوها ليس مستندا إلى ذلك، بل هو مستند إلى استعداد ذاته، كما أشرنا إلى ذلك في مبحث سقوط الزكاة عن الكافر. أو لعدم معهودية أمر من أسلم بتطهير بدنه من الامور المذكورة مع عدم خلو بدنه عن شئ منها غالبا. لكن هذا المقدار لا يكفي في رفع اليد عن استصحاب النجاسة. إلا أن يكون المراد معهودية العدم. (1) علله في الجواهر وغيرها بالسيرة، وبعدم معهودية أمره بتطهير بدنه منها مع غلبة ملازمته غالبا. (2) للاصل، وعدم ثبوت ما تقدم فيما قبله. لكن الانصاف يقتضي عدم الفرق بينه وبين ما قبله في عدم المعهودية، أو في دعوى السيرة، فان تم تم فيهما، وإن أمكن منعه منع كذلك. والظاهر عدم الفرق في ذلك بين ما على بدنه من الثياب وبين سائر ثيابه. نعم الحكم في الاول أظهر. (3) أما الاول فانه المتيقن من معقد الاجماع والضرورة. وأما الثاني فلم يعرف فيه خلاف، بل حكي عليه الاتفاق. وأما إطلاق مثل صحيح ابن مسلم: " سألت أبا جعفر (ع) عن المرتد. فقال (ع) من رغب عن الاسلام وكفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وآله بعد إسلامه، فلا توبة له

 

===============

 

( 117 )

 

وقد وجب قتله، وبانت منه امرأته، ويقسم ما ترك على ولده " (* 1) فيجب تقييده بما دل على قبول توبة المرتد المللي، كصحيح ابن جعفر (ع) عن أخيه: " سألته عن مسلم تنصر. قال (ع) يقتل ولا يستتاب. قلت: فنصراني أسلم ثم ارتد. قال (ع): يستتاب، فان رجع، وإلا قتل " (* 2)، وقريب منه غيره، فيحمل على المرتد الفطري. كما أن إطلاق بعض النصوص الدالة على قبول توبة المرتد مطلقا - كمرسل ابن محبوب عن الصادقين (ع): " في المرتد يستتاب، فان تاب، وإلا قتل " (* 3)، ونحوه غيره - لا بد أن يحمل على المرتد المللي، بقرينة صدر صحيح ابن جعفر (ع) وغيره. وبالجملة: النصوص الواردة في المرتد على طوائف (فمنها): ما دل على قبول توبته مطلقا و (منها): ما دل على عدم قبولها كذلك (ومنها): مادل على قبول توبة المللي بالخصوص، مثل ما ورد في ارتداد بني ناجية ودعائهم إلى الاسلام (* 4) (ومنها): مادل على عدم قبول توبة الفطري بالخصوص، كرواية الحسين بن سعيد: " قرأت بخط رجل إلى أبي الحسن الرضا (ع): رجل ولد على الاسلام ثم كفر وأشرك وخرج عن الاسلام، هل يستتاب، أو يقتل ولا يستتاب؟ فكتب (ع) يقتل " (* 5) (ومنها): مادل على التفصيل بين المللي والفطري بالقبول وعدمه، كصحيح ابن جعفر المتقدم، فتقيد الطائفتان الاولتان بالطوائف

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 1 من أبواب حد المرتد حديث 2. (* 2) الوسائل باب: 1 من أبواب حد المرتد حديث 5. (* 3) الوسائل باب 3: من أبواب حد المرتد حديث 2. (* 4) الوسائل باب: 3 من أبواب حد المرتد حديث: 6. (* 5) الوسائل باب: 1 من أبواب حد المرتد حديث: 6.

 

===============

 

( 118 )

 

[ بل الفطري أيضا، على الاقوى من قبول توبته باطنا وظاهرا أيضا (1)، ] الثلاث، ونتيجة ذلك الحكم بالتفصيل بين المللي والفطري بالقبول وعدمه. هذا وإطلاق قبول توبة المللي يقتضي ترتيب أحكام المسلمين مطلقا عليه التي منها الطهارة. (1) كما صرح به في محكي الروضة وغيرها، حملا لاطلاق نفي التوبة في مثل صحيح ابن مسلم على إرادة نفيها بالاضافة إلى الاحكام الثلاثة الآتية لا مطلقا. إما لاقتران نفي التوبة بالاحكام المذكورة، الصالح لصرفه إليها، فيكون من الكلام المقرون بما يصلح للقرينية، المحقق في محله سقوطه عن الحجية. وإما لانها أظهر الاحكام، فينصرف إليها الاطلاق وإما لقرينية لام الجر الموجبة لظهور نفي التوبة فيما كان المنفي أمرا راجعا له لا غير، فلا يشمل ما كان عليه، كوجوب عباداته، أولا له ولا عليه كطهارته، فان فائدة الطهارة إنما تكون لغيره. وإما للقطع، والاجماع على ثبوت تكليفه بالاسلام وسائر أحكامه من الصلاة وغيرها، الموقوفة على الطهارة، والعلم بصحتها منه، من جهة أنه لولاها لزم التكليف بما لا يطاق، وهو ممتنع عند العدلية، يستلزم العلم بتحقق الطهارة. لكن الجميع لا يخلو من خدش، فان الاقتران بالاحكام المذكورة لا ينافي إطلاق نفي التوبة بوجه، بل الظاهر أن العطف يؤكده، ليكون المعطوف عليه من قبيل الموضوع للمعطوف، ويكون المراد أنه في حال التوبة كافر فيجب قتله... الخ. وأظهرية الاحكام المذكورة بحيث توجب الانصراف ممنوعة، بل لعل غيرها أظهر، لانها من أحكام مطلق الكفر. وكون الطهارة وحل الذبيحة ونحوهما مما ليس له ممنوع جدا، كما يظهر بأدنى تأمل. والقطع والاجماع لو تم قيامها على التكليف الفعلي

 

===============

 

( 119 )

 

[ فتقبل عباداته، ويطهر بدنه، نعم يجب قتله إن أمكن، وتبين زوجته، وتعتد عدة الوفاة، وتنتقل أمواله الموجودة حال الارتداد إلى ورثته (1). ولا تسقط هذه الاحكام بالتوبة. ] بالاسلام وسائر العبادات بعد التوبة، فلا يدلان على الطهارة، لا مكان سقوط شرطيتها، فضلا عن ثبوت سائر أحكام المسلمين، وعدم الفصل غير ثابت. هذا مضافا إلى أنه لو فرض قصور نفي التوبة عن عموم نفي الاحكام، فالمرجع الاستصحاب. ودعوي: تغير الموضوع بنحو يمنع عن جريانه، ممنوعة. نعم لو أمكن إثبات كونه مسلما - كما لا تبعد استفادته مما تضمن بيان حقيقة الاسلام - امتنع الرجوع إلى استصحاب الاحكام. لكنه يتوقف على وجود دليل لفظي يتضمن ثبوت الحكم لكل مسلم مطلقا، ولو لم يكن لدليل الحكم عموم لفظي كذلك لم يجد في رفع اليد عن الاستصحاب. ولا يحضرني - عاجلا - عموم يدل على طهارة كل مسلم مطلقا، وإن كان الانصاف يقتضي القطع بذلك. فلا حظ. ثم إن ظاهر نفي التوبة نفيها بلحاظ الآثار العملية، لا الامور الاخروية فلا مانع من كون توبته موجبة لدخوله في الجنة، واستحقاقه الثواب. وعليه فلا ينافي ما ذكرنا ما عن الباقر (ع): " انه من كان مؤمنا فحج وعمل في إيمانه، ثم أصابته في إيمانه فتنة فكفر، ثم تاب وآمن يحسب له كل عمل صالح عمله في إيمانه، ولا يبطل منه شئ " (* 1) والله سبحانه أعلم. (1) هذه الاحكام الاربعة مذكورة في موثق عمار: " سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: كل مسلم بين مسلمين ارتد عن الاسلام، وجحد محمدا صلى الله عليه وآله نبوته، وكذبه، فان دمه مباح لمن سمع ذلك منه، وامرأته

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 30 من أبواب مقدمة العبادات حديث: 1

 

===============

 

( 120 )

 

[ لكن يملك ما اكتسبه بعد التوبة (1). ويصح الرجوع إلى زوجته بعقد جديد، ] بائنة منه ارتد، ويقسم ماله على ورثته، وتعتد امرأته عدة المتوفى عنها زوجها، وعلى الامام أن يقتله ولا يستتيبه " (* 1)، وما عدا الثالث منها مذكور في صحيح ابن مسلم المتقدم. ومن الغريب ما عن ابن الجنيد (ره) من قبول توبة المرتد الفطري حتى بالاضافة إلى الاحكام المذكورة، فانه خلاف صريح النصوص. لكنه غير مستغرب من مثله، فكم له من أمثاله. (1) يمكن الالتزام بملكه قبل التوبة أيضا، وإن كان ينتقل إلى الورثة، وتضمن النصوص انتقال ماله الى ورثته لا يدل على عدم ملكه. اللهم إلا أن يكون الشك في قابليته للتملك، فيرجع إلى أصالة عدم ترتب الاثر على السبب المملك، وعموم صحة السبب لا تحرز القابلية، كما هو مذكور في محله (فان قلت): لما لم يكن دليل خاص يتعرض لا ثبات القابلية كان مقتضى الاطلاق المقامي الرجوع إلى العرف في إحرازها، ومن المعلوم أن العرف في مورد الكلام يحكم بثبوتها (قلت): الاطلاق المقامي إنما يقتضي الرجوع إلى العرف لو لم يكن حجة على عدمها، واستصحاب عدم القابلية حجة. إلا أن يقال: القابلية لم تؤخذ موضوعا لاثر شرعي ليجري استصحابها. مضافا إلى أن اليقين بعدم القابلية إنما كان بالاضافة الى ما ملكه سابقا على الارتداد، لا بالاضافة إلى ما يملكه لا حقا. فتأمل. بل من المحتمل الالتزام بأن ما ملكه بعد الارتداد لا ينتقل إلى الورثة، لعدم ثبوت إطلاق لما دل على انتقال ما ملكه إلى الورثة شامل لذلك.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 1 من أبواب حد المرتد حديث: 3.

 

===============

 

( 121 )

 

[ حتى قبل خروج العدة (1) على الاقوى. ] (1) أما جواز العقد عليها بعد الخروج عن العدة - كما جزم به في محكي المسالك - فلان البينونة التى تصمنتها النصوص يراد بها ارتفاع علاقة الزوجية، لا الحرمة الابدية. ودعوى: أن إطلاق البينونة يقتضي الحرمة الابدية - كما في الجواهر - ممنوعة، وإنما الذي يقتضي ذلك الاطلاق الازماني للبينونة، لكنه غير ثابت. وأما جوازه قبلها فلان الامر بالاعتداد انما هو بالاضافة إلى غيره من الازواج، لا بالاضافة إليه، فلا مانع من جواز العقد عليها مطلقا، كما عن حدود الروضة أن له وجها. اللهم الا أن يشك في قابليته للتزويج بها، فيرجع إلى أصالة عدم ترتب الاثر على العقد كما تقدم. تنبيه؟ المحكي عن القواعد وغيرها - بل ربما نفي الخلاف فيه - تفسير المرتد الفطري بمن انعقد وأبواه أو أحدهما مسلم، والمصرح به في النصوص (* 1) كونه من ولد على الاسلام، الظاهر في كونه محكوما بالاسلام حين الولادة كما أن الظاهر منها أنه يعتبر في تحقق الارتداد مطلقا أن يصف الاسلام بعد البلوغ، ثم يكفر، فلو ولد بين مسلمين فبلغ كافرا، لم يكن مرتدا فطريا، كما هو الظاهر من محكي كشف اللثام. بل عن جماعة - منهم الشيخ والعلامة - التصريح بأن من بلغ من ولد المسلمين فوصف الكفر يستتاب، فان تاب وإلا قتل، فلم يجروا عليه حكم المرتد الفطري. ولكن

 

 

____________

(* 1) تدل على ذلك رواية الحسين بن سعيد المتقدمة في عدم قبول توبة المرتد الفطري.

 

===============

 

( 122 )

 

[ (مسألة 2): يكفي في الحكم باسلام الكافر إظهاره الشهادتين (1) وإن لم يعلم موافقة قلبه للسانه (2)، ] مقتضى ما ذكرنا عدم إجراء حكم المرتد مطلقا، لعدم تحقق الاسلام حقيقة منه، ومجرد كونه محكوما بالاسلام حال الولادة لا يجدي في صدق الارتداد لقصور دليل الاسلام الحكمي عن النظر إلى مثل ذلك. مع أنه لو سلم فاللازم إجراء حكم المرتد الفطري. وكأنهم عولوا في ذلك على بعض النصوص، كمرسل أبان: " في الصبي إذا شب فاختار النصرانية وأحد أبويه نصراني، أو مسلمين جميعا. قال (ع): لا يترك، لكن يضرب على الاسلام " (* 1)، وقريب منه غيره. والكلام فيه موكول إلى كتاب الحدود. فراجع. (1) لعله من الضروريات التي تساعدها السيرة والنصوص. (2) يعني: عقد قلبه على مضمون الشهادتين، لا اليقين بمضمونها فان الظاهر خروجه عن حقيقة الاسلام، ولا يكون انتفاؤه موجبا للكفر وما في صحيح ابن سنان المروي في حدود الوسائل عن أبي عبد الله (ع): " من شك في الله أو في رسوله فهو كافر " (* 2)، ورواية سهل: " لا تشكوا فتكفروا " (* 3)، وحسن منصور: " قلت لابي عبد الله (ع) من شك في رسول الله صلى الله عليه وآله. قال (ع) كافر " (* 4)، وغيرها، لابد أن يكون محمولا على غير ظاهره، بقرينة جملة أخرى، كحسنة محمد بن مسلم: " كنت عند أبي عبد الله (ع) جالسا عن يساره وزرارة

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 2 من أبواب حد المرتد حيدث: 2. (* 2) الوسائل با ب: 6 من أبواب حد المرتد حديث: 52. (* 3) الوافي باب: 8 من أبواب تفسير الكفر والشرك حديث: 2. (* 4) الوسائل باب: 6 من أبواب حد المرتد حديث: 53.

 

===============

 

( 123 )

 

[ لا مع العلم بالمخالفة (1). ] عن يمينه، فدخل عليه أبو بصير فقال: يا أبا عبد الله ما تقول فيمن شك في الله تعالى. قال (ع): كافر يا أبا محمد. فقال: فشك في رسول الله صلى الله عليه وآله فقال (ع): كافر. ثم التفت إلى زرارة، فقال: إنما يكفر إذا جحد " (* 1) وفي رواية أخرى " لو أن العباد إذا جهلوا وقفوا ولم يجحدوا لم يكفروا " (* 2) وقريب منهما غيرهما. (1) لان القول ملحوظ طريقا إلى عقد القلب، فلا يكون حجة مع العلم بمخالفته له. نعم ظاهر بعض النصوص الاكتفاء في صدق الاسلام بمجرد القول باللسان. ففي صحيح حمران: " الايمان ما استقر في القلب وأفضي به إلى الله تعالى، وصدقه العمل بالطاعة له، والتسليم لامر الله. والاسلام ما ظهر من قول أو فعل، وهو الذي عليه جماعة الناس من الفرق كلها، وبه حقنت الدماء، وعليه جرت المواريث، وجاز النكاح... " (* 3) ونحوه غيره. ولذا قال في الجواهر - في مبحث نجاسة الكافر -: يستفاد من التأمل والنظر في الاخبار خصوصا ما ورد (* 4) في تفسير قوله تعالى: (قالت الاعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا) (* 5): أن الاسلام قد يطلق على مجرد إظهار الشهادتين والتلبس بشعار المسلمين، وإن كان باطنه واعتقاده فاسدا، وهو المسمى بالمنافق "، وحكي فيها عن شرح المفاتيح أن الاخبار بذلك متواترة. وهو غير بعيد،

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 6 من أبواب حد المرتد حديث: 56. (* 2) الوسائل باب: 2 من أبواب مقدمة العبادات حديث: 8. (* 3) الوافي باب: 1 من أبواب تفسير الايمان والاسلام حديث: 2. (* 4) راجع الوافي باب: 1 من أبواب تفسير الايمان والاسلام. (* 5) الحجرات: 14.

 

===============

 

( 124 )

 

[ (مسألة 3): الاقوي قبول إسلام الصبي المميز (1) إذا كان عن بصيرة. ] ويشير إليه قوله تعالى: (إذ جاءك المنافقون...) (* 1). وحمل التكذيب على معنى عدم اليقين منهم بالرسالة بعيد، ويلزم منه كون الشاك الملتزم في نفسه بالاسلام منافقا، وهو كما ترى. نعم في رواية محمد بن الفضيل في المنافقين: " ليسوا من الكافرين، وليسوا من المؤمنين، وليسوا من المسلمين، يظهرون الايمان، ويصيرون إلى الكفر، والتكذيب، لعنهم الله تعالى " (* 2). ولعل المراد نفي الاسلام عنهم بالمعنى الاخص. كما أنه يتعين مما ذكرنا حمل النصوص المتقدمة الدالة على كفر الجاحد على نفي مرتبة خاصة من الاسلام، كي لا تنافي هذه النصوص. (1) كما عن الشيخ في الخلاف في خصوص المراهق منه، ولعل مراده ما في المتن. والوجه فيه: عموم ما دل على معنى الاسلام، وما يتحقق به، ولزوم ترتيب أحكامه عليه المنطبق على إسلام الصبي انطباقه على اسلام البالغ. وهذا هو الوجه أيضا في شرعية عبادات الصبي، إذ المقام من صغريات تلك المسألة، فيجري فيه ما يجري فيها من النقض والابرام. وقد أشرنا في مواضع متعددة من هذا الشرح إلى أن مقتضى إطلاق أدلة التشريع هو شرعية عباداته، وجريان عامة الاحكام عليها. وحديث رفع القلم (* 3) ظاهر في رفع قلم السيئات عنه، الحاصل برفع الالزام لا غير، فلا يقتضي لغوية إسلامه، كما لا يقتضي لغوية سائر عباداته. وأما ما دل على أن

 

 

____________

(* 1) المنافقون: 1 (* 2) الوافي باب: النفاق من أبواب الكفر والشرك حديث: 1. (* 3) راجع الوسائل باب: 4 من أبواب مقدمة العبادات: وباب: 36 من أبواب القصاص وباب: 11 من أبواب العاقلة.

 

===============

 

( 125 )

 

[ (مسألة 4): لا يجب على المرتد الفطري بعد التوبة تعريض نفسه للقتل (1)، بل يجوز له الممانعة منه، وإن وجب قتله على غيره. " التاسع ": التبعية. وهي في موارد: (أحدها): تبعية فضلات الكافر ببدنه، كما مر (2). ] عمد الصبي خطأ (* 1)، فالاظاهر عدم العموم فيه بنحو يشمل المقام. فراجع ما كتبناه في نهج الفقاهة في مبحث اعتبار البلوغ في العاقد نعم يقتضي الحديث نفي ارتداده، وإن حكي عن الخلاف القول بثبوت ارتداد المراهق، للخبر: " ان الصبي إذا بلغ عشر سنين أقيمت عليه الحدود التامة، واقتص منه، ونفذت وصيته وعتقه " (* 2). لكن لا مجال للعمل به بعد إعراض المشهور عنه، ومخالفته لحديث رفع القلم عن الصبي، وللنصوص المتضمنة نفي الحد عن الصبي حتى يحتلم (* 3). مع أنه غير ظاهر في تحقق الارتداد بالاضافة إلى الصبي، وثبوت الحدود التامة عليه في الخبر لا يدل على تحققه، كما لا يخفى، فلابد في تتميم الاستدلال من دعوى صدق الكفر على كفر الصبي كصدق الاسلام على إسلامه. (1) للاصل. وقوله (ع): " فقد وجب قتله " ظاهر في وجوبه على غيره، لا على عامة المكلفين حتي نفسه، ولا يظن الالتزام بأنه يجب عليه كفاية قتل نفسه. (2) ومر وجهه.

 

 

____________

(* 1) راجع الوسائل باب: 36 من أبواب القصاص، وباب: 11 من أبواب العاقلة. (* 2) الخلاف مسألة، 20 من كتاب اللقطة. (* 3) راجع الوسائل باب: 8 من أبواب مقدمات الحدود.

 

===============

 

( 126 )

 

[ الثاني): تبعية ولد الكافر له في الاسلام (1)، أبا كان أو جدا، أو أما، أو جدة (2). (الثالث): تبعية الاسير للمسلم الذي أسره (3) ] (1) بلا خلاف فيه ولا اشكال، كما في الجواهر. ويدل عليه خبر حفص بن غياث: " سألت أبا عبد الله (ع) عن الرجل من أهل الحرب إذا أسلم في دار الحرب، فظهر عليه المسلمون بعد ذلك. فقال: إسلامه إسلام لنفسه، ولولده الصغار، وهم أحرار، وولده ومتاعه ورقيقه له، فاما لولد الكبار فهم فئ للمسلمين، إلا أن يكونوا أسلموا قبل ذلك " (* 1) (2) لا تبعد دعوى إطلاق النص بنحو يشمل الاب والجد. وأما التبعية للام والجدة فالنص قاصر عن إثباتها، إلا أن تستفاد مما ادعي تسالم الاصحاب عليه من تبعية الولد لاشرف الابوين، وظاهر الجواهر في كتاب الجهاد المفروغية عن عموم الحكم. فراجع. (3) يعني: في الطهارة. وعن شرح المفاتيح وغيره نسبته إلى ظاهر الاصحاب. وليس عليه دليل واضح ترفع به اليد عن استصحاب النجاسة الثابته له قبل الاسر (ودعوى): كونها ثابتة له بما هو تابع لابويه، فمع تبعيته للمسلم يتغير الموضوع، فيمتنع الاستصحاب، ويرجع إلى قاعدة الطهارة (مندفعة) بان التبعية التي أخذت في موضوع النجاسة هي التبعية النسبية لا الخارجية. وزوالها ممنوع. ولو سلم كونها الخارجية فارتفاعها لا يوجب تغير الموضوع عرفا. فتأمل. وأضعف من ذلك التمسك بادلة الحرج، إذ لا حرج في النجاسة، كما في الكبير المسبي. مع أن الكلام لا يختص بمورد الحرج.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 43 من أبواب جهاد العدو حديث: 1.

 

===============

 

( 127 )

 

[ إذا كان غير بالغ (1)، ولم يكن معه أبوه أو جده (2). (الرابع): تبعية ظرف الخمر له بانقلابه خلا (3). ] وأضعف منهما دعوى: معارضة استصحاب النجاسة باستصحاب طهارة الملاقي، فيرجع بعد التعارض إلى قاعدة الطهارة في المتلاقيين معا. إذ فيه: أن الاستصحاب في الملاقى - بالفتح - حاكم على الاستصحاب في الملاقي - بالكسر - كما هو موضوع في محله. وربما يتمسك لذلك بالنبوي: " كل مولود يولد على الفطرة... " (* 1) لكنه إنما يتم لو كان معناه أن الولد مسلم حتى يهوده أو ينصره أبواه، ولازمه الحكم باسلامه قبل السبي، وهو خلف. وربما يستدل على الطهارة بالسيرة. ولا بأس به لو تمت. وأشكل من ذلك ما عن الاسكافي، والشيخ، والقاضي، والشهيد، من تبعيته له في الاسلام. فان ذلك خلاف الاصل المتقدم. وظاهر النبوي لا يمكن الالتزام به، كما عرفت. مع أنه خلف. والكلام فيه موكول إلى محله من كتاب الجهاد. كما تقدم أيضا بعض الكلام في ذلك في مبحث نجاسة الكافر. (1) فانه محل الكلام، دون البالغ، إجماعا: (2) فلو سبي مع أحداهما ففي الجواهر: " لا خلاف في بقائه على الكفر، بل في الرياض هو بحكم الكافر قولا واحدا منا ". (3) فانها من ضروريات ما يستفاد من نصوص الطهارة بالانقلاب.

 

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 48 من أبواب جهاد العدو حديث: 3 لكنه لم يروه عن النبي صلى الله عليه وآله بل عن الصادق (ع) مع اختلاف في اللفظ لا يضر بالمعنى. نعم روى هذا المضمون في الكافي - في باب فطرة الخلق على التوحيد - عن الباقر (ع) عن النبي صلى الله عليه وآله. ورواه في كنز العمال حديث: 1308، 1309.

 

===============

 

( 128 )

 

[ الخامس): آلات تغسيل الميت (1) من السدة (2)، والثوب الذي يغسله فيه، ويد الغاسل، دون ثيابه، بل الاولى والاحوط الاقتصار على يد الغاسل (3). (السادس): تبعية أطراف البئر، والدلو، والعدة، وثياب النازح (4)، على القول بنجاسة البئر. ] (1) للاطلاق المقامي، فان سكوت النصوص عن التعرض لتطهيرها أمارة على طهارتها تبعا لطهارة الميت. ولا سيما الثوب الذي يغسل فيه، والخرقة التي تستر بها عورته، فقد تضمنت النصوص ذكرهما، وأغفلت حكم تطهيرهما. (2) هي الباب الذي يغسل عليه. (3) فقد تنظر شيخنا الاعظم (ره) فيما عدا اليد من الآلات. لكن الاولى إلحاق الثوب بها. (4) وعن الذكرى الاجماع على طهارة الجدران، وفي غنائم القمي: " لا إشكال في طهارة الدلو والرشا "، وفي وسائل البغدادي: " لا تنجس جوانب البئر بما يتقاطر عليها. للحرج المنفي. أو أنها تنجس وتطهر بطهر البئر، كما في العصير بعد ذهاب ثلثيه، والخمر المتخلل. وكذا الكلام في الدلو، والحبل، وسائر الآلات، بلا كلام في شئ من ذلك "، وعن المعالم والمشارق عدم الخلاف في طهارة الدلو والرشا. مضافا إلى سكوت النصوص عن التعرض لتطهيرها مع الغفلة عنه، فيكون قرينة على الطهارة. لكنه لا يطرد في مثل الثياب والجوانب، إذ ليست هي إلا كالارض التي يلقى فيها الماء النجس، والحكم في الدلو والرشا والجوانب ينبغي؟ أن يكون من ضروريات الفقه.

 

===============

 

( 129 )

 

[ لكن المختار عدم تنجسه بما عدا التغير، ومعه أيضا يشكل جريان حكم التبعية (1). (السابع): تبعية الآلات المعمولة في طبخ العصير (2)، على القول بنجاسته، فانها تطهر تبعا له بعد ذهاب الثلثين. (الثامن): يد الغاسل، وآلات الغسل، في تطهير النجاسات وبقية الغسالة الباقية في المحل بعد انفصالها. (التاسع): تبعية ما يجعل مع العنب أو التمر للتخليل، كالخيار، والباذنجان، ونحو هما، كالخشب والعود، فانها تنجس تبعا له عند غليانه - على القول بها - وتطهر تبعا له بعد صيروته خلا. (العاشر) من المطهرات: زوال عين النجاسة أو المتنجس عن جسد الحيوان غير الانسان (3) بأي وجه كان، سواء كان بمزيل، أو من قبل نفسه. فمنقار الدجاجة إذا تلوث بالعذرة يطهر بزوال عينها وجفاف رطوبتها، وكذا ظهر الدابة المجروح ] (1) لان التطهير حينئذ يكون بزوال التغير لا بالنزح، فلا دليل على طهارة آلات النزح. اللهم إلا أن يقال: إن النزح ذكر في صحيح ابن بزيع (* 1) علاجا لارتفاع التغير، فيجري فيه ما يجري في نصوص التطهير بالنزح على القول به. (2) يظهر وجه الحكم فيه وفيما بعده مما ذكرنا هنا، ومما سبق في المطهرات. والله سبحانه أعلم. (3) على المشهور، كما في الحدائق في خصوص الهرة، وحكى فيها

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 14 من أبواب الماء المطلق حديث: 6.

 

===============

 

( 130 )

 

عن جملة من المتأخرين إلحاق كل حيوان غير آدمي بها. والعمدة فيه: السيرة القطعية على مباشرة الحيوانات المعلوم تلوثها بالنجاسة، كدم الولادة والجروح، وكالمني الخارج منها بالسفاد، وكالميتة، والعذرة، والمياه النجسة عند الاكل والشرب منها، وكالمواضع القذرة عند التمرغ فيها، والنوم عليها... إلى غير ذلك من الموارد التي لا تحصي مع العلم بعدم ورود المطهر عليها. وكأنه لوضوح الحكم لم يقع موردا للسؤال من المسلمين ولا للبيان من المعصومين (ع). ولاجل ذلك لا يحتاج إلى الاستدلال عليه باجماع الخلاف على طهارة سؤر الهرة، أو بالنصوص الكثيرة الدالة على طهارة سؤر الهرة، والوحش والسباع، والباز والصقر، والعقاب، ونحوها، مما يغلب تلوثه بالنجاسة (* 1) بتقريب أنها وإن كانت في مقام اثبات الطهارة الذاتية لسؤرها في قبال النجاسة الذاتية لسؤر مثل الكلب إلا أن عدم التعرض فيها للتنبيه على تخصيص الحكم بصورة عدم تلوثها بالنجاسة وقتا ما، مع غلبة التلوث بها، أمارة على الطهارة ولو في الصورة المذكورة. ولا بمثل صحيح ابن جعفر (ع): " عن فأرة وقعت في حب دهن، وأخرجت قبل أن تموت، أيبيعه من مسلم؟ قال (ع): نعم، ويدهن منه " (* 2)، بتقريب أن الحكم بطهارة الدهن يدل على طهارة موضع بول الفأرة وبعرها. ودعوى: اختصاص السيرة بصورة احتمال ورود المطهر. غريبة، كما يظهر ذلك من ملاحظة سيرة المسلمين الذين يندر جدا وجود المياه الكثيرة أو الجارية في بلادهم، كأهل الحجاز ونجد. ومنه يظهر ضعف

 

 

____________

(* 1) راجع الوسائل في باب: 2، 4، 9 من أبواب الاسئار. (* 2) الوسائل باب: 9 من أبواب الاسئار حديث: 1.

 

===============

 

( 131 )

 

[ إذا زال دمه بأي وجه، وكذا ولد الحيوانات الملوث بالدم عند التولد... إلى غير ذلك، وكذا زوال عين النجاسة أو المتنجس عن بواطن الانسان (1)، كفمه، وأنفه، وأذنه، فإذا أكل طعاما نجسا يطهر فمه بمجرد بلعه. هذا إذا قلنا إن البواطن تتنجس بملاقاة النجاسة، وكذا جسد الحيوان. ولكن يمكن أن يقال بعدم تنجسهما أصلا (2)، وإنما النجس هو العين الموجودة في الباطن أو على جسد الحيوان. وعلى هذا فلا وجه لعده من المطهرات. وهذا الوجه القريب جدا. ومما يترتب على الوجهين أنه لو كان في فمه شئ من الدم فريقه نجس ما دام الدم موجودا على الوجه الاول، فإذا لاقى شيئا نجسه بخلافه على الوجه الثاني، فان الريق طاهر، والنجس هو الدم فقط فان أدخل اصبعه - مثلا - في فمه، ولم يلاق الدم لم ينجس، وإن لا قى الدم ينجس إذا قلنا بأن ملاقاة النجس في الباطن أيضا موجبة للتنجس، وإلا فلا ينجس أصلا إلا إذا أخرجه وهو ملوث بالدم ] ما عن نهاية الاحكام من اختصاص الحكم بالطهارة بصورة غيبة الحيوان بنحو يحتمل ورود المطهر عليه. وأضعف منه ما عن الموجز من الحكم بالنجاسة حتي يعلم بورود المطهر عليها، اعتمادا على الاستصحاب. لما عرفت من السيرة القاطعة للاستصحاب وغيره. (1) بلا خلاف ظاهر، وفي الجواهر: " انه متفق عليه، بل قيل: إنه يمكن أن يكون من ضروريات الدين ". (2) قد تقدم الكلام في صور المسألة في المسألة الاولى من مبحث

 

===============

 

( 132 )

 

[ (مسألة 1): إذا شك في كون شئ من الباطن أو الظاهر يحكم ببقائه على النجاسة بعد زوال العين، على الوجه الاول من الوجهين (1)، ويبنى على طهارته على الوجه الثاني، لان الشك عليه يرجع إلى الشك في أصل التنجس (2). (مسألة 2): مطبق الشفتين من الباطن، وكذا مطبق الجفنين، فالمناط في الظاهر فيهما ما يظهر منهما بعد التطبيق (3). ] نجاسة البول فراجع. وذكرنا هناك أن مقتضى القواعد عدم نجاسة البواطن. والكلام في جسد الحيوان بعينه الكلام في نجاسة البواطن، فان مقتضى القواعد فيه هو النجاسة لو كان عموم يقتضي سراية النجاسة بالملاقاة مطلقا، وإلا فالاصل يقتضي الطهارة. فراجع وتأمل. (1) لجريان استصحاب النجاسة. (2) فيرجع فيه إلى أصل الطهارة. (3) يظهر ذلك مما ورد في الاجتزاء بالغسل الارتماسي (* 1) لعدم وصول الماء إليها بالارتماس. ويظهر ذلك أيضا مما ورد في الوضوء من الامر بصب الماء على الوجه، أو بغسله (* 2)، فان مطبق الشفتين أو الجفنين مما لا يغسل إلا بنحو من العناية، فالاطلاق المقامي يقتضي عدم لزوم غسله. هذا بالاضافة إلى الحدث، أما بالضافة إلى الخبث فغير ظاهر، لعدم النص. نعم ورد ما تضمن حصر ما يجب غسله عند الرعاف والاستنجاء فيما ظهر على الانف والمقعدة (* 3)، والتعدي إلى المقام غير

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 26 من أبواب الجنابة حديث: 12، 13. (* 2) راجع الوسائل باب: 15 من أبواب الوضوء. (* 3) راجع الوسائل باب: 24 من أبواب النجاسات.

 

===============

 

( 133 )

 

[ (الحادي عشر): استبراء الحيوان الجلال، فانه مطهر لبوله وروثه (1). والمراد بالجلال مطلق ما يؤكل لحمه من الحيوانات المعتادة بتغذي العذرة، وهي غائط الانسان (2). والمراد من الاستبراء منعه من ذلك واغتذاؤه بالعلف الطاهر حتى يزول عنه اسم الجلل (3). ] ظاهر. ذكر ذلك شيخنا الاعظم (ره). والمرتكزات العرفية تقتضي ما ذكره المصنف (ره) وإلحاق مطبق الشفتين والجفنين بالفم والعين. يظهر ذلك من ملاحظة كيفية غسل العين والفم، فانه يكون بلا فتح لها. (1) لخروجه عن حرمة الاكل إلى حليته باتفاق النص والفتوى، فيلحقه حكمه من طهارة بوله وروثه. (2) على المشهور. لمرسل موسى بن أكيل عن أبي جعفر (ع): " في شاة شربت بولا ثم ذبحت. فقال (ع): يغسل ما في جوفها، ثم لا بأس به. وكذلك إذا اعتلفت العذرة، ما لم تكن جلالة، والجلالة هي التي يكون ذلك غذاءها " (* 1). فان الظاهر من العذرة غائط الانسان لا أقل من الانصراف إليه. وعن الحلبي إلحاق سائر النجاسات بها. ولا وجه له ظاهرا، فاستصحاب الحل أو قاعدته محكمة، وفي تعيين المدة التي يحصل بها الجلل إشكال، لعدم تعرض النصوص لذلك، كما اعترف به غير واحد. فما عن بعضهم من تقدير المدة بيوم وليلة، وعن آخر من تقديرها بما يظهر النتن في لحمه وجلده، وعن ثالث بأنه ما ينمو ذلك في بدنه ويصير جزءا منه. غير واضح. فالمرجع مع الشك استصحاب الحل. (3) لتبدل الحكم تبدل موضوعه، للاجماع الذي عرفته على كون

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 24 من أبواب الاطعمة المحرمة حديث: 2.

 

===============

 

( 134 )

 

[ والاحوط مع زوال الاسم مضي المدة المنصوصة في كل حيوان بهذا التفصيل: في الابل إلى أربعين يوما (1)، ] الحرمة تابعة للجلل حدوثا وبقاء. مضافا إلى عموم حل الحيوان، المقتصر في الخروج عنه على خصوص الجلال، المختص بحال الجلل، فلا مجال للرجوع الى استصحاب الحرمة. وهذا ظاهر فيما لم ينص فيه على مدة الاستبراء. أما هو فظاهر المشهور كون المدار في الحل انقضاء مدة الاستبراء فيحرم قبلها وإن انتفى عنه اسم الجلل، ويحل بعدها وإن بقي له اسم الجلل، عملا باطلاق نصوص المدة. وعن الشهيد وجماعة اعتبار أكثر الامرين، من المقدار وما يزول به اسم الجلل، استضعافا للنصوص وأخذا بالاحتياط (وفيه): أن النصوص لو سلم ضعف جميعها فهي مجبورة بالعمل. مع أن البناء على ضعفها يقتضي الرجوع إلى القاعدة التي عرفت قيام الاجماع عليها، من دور ان الحرمة والحل مدار صدق الجلل وعدمه - كما هو ظاهر المتن - لا الاخذ بالاحتياط. واستظهر في الجواهر الاخذ بالمقدر إلا أن يعلم ببقاء صدق الجلل فيحرم، ولو مع انقضاء المدة لانصراف نصوص التقدير الى ما هو المعتاد من زوال الاسم بذلك، لا ما علم بقاء وصف الجلل فيه. (وفيه): أنه إن أراد أن التقدير حجة في مقام الشك، فالحكم معه ظاهري، فهو خلاف ظاهر الادلة، ولازمه الحكم بالحل مع العلم بانتفاء وصف الجلل، ولو قبل حصول المقدار. وإن أراد أنه شرط في الحل واقعا فالانصراف إلى صورة عدم حصول العلم ببقاء الجلل ممنوع. (1) وعن غير واحد الاتفاق عليه، بل عن الخلاف والغنية الاجماع عليه. وهو الذي نص عليه خبر السكوني عن أبي عبد الله (ع) عن

 

===============

 

( 135 )

 

[ وفي البقر إلى ثلاثين (1)، ] أمير المؤمنين (ع): " الدجاجة الجلالة لا يؤكل لحمها حتي تقيد ثلاثة أيام، والبطة الجلالة بخمسة أيام، والشاة الجلالة عشرة أيام، والبقرة الجلالة عشرين يوما، والناقة الجلالة أربعين يوما " (* 1)، ونحوه في الناقة خبر مسمع الآتي وخبر بسام الصيرفي (* 2)، ومرفوع يعقوب بن يزيد (* 3). (1) كما عن الصدوق والاسكافي. ويدل عليه خبر مسمع - على رواية الكافي - عن أبي عبد الله عليه السلام: " قال أمير المؤمنين عليه السلام: الناقة الجلالة لا يؤكل لحمها ولا يشرب لبنها حتى تغذى اربعين يوما، والبقرة الجلالة لا يؤكل لحمها ولا يشرب لبنها حتى تغذى ثلاثين يوما، والشاة الجلالة لا يؤكل لحمها ولا يشرب لبنها حتى تغذى عشرة أيام، والبطة الجلالة لا يؤكل لحمها حتي تربى خمسة أيام، والدجاجة ثلاثة أيام " (* 4)، ونحوه في البقرة خبر يونس (* 5). والمشهور - كما في الشرائع بل في الخلاف والغنية الاجماع عليه - أن استبراءها بعشرين يوما، كما تضمنه خبر السكوني، وخبر مسمع المروي في التهذيب عن الكافي (* 6)، وخبر القاسم بن محمد (* 7). وعن القاضى والمبسوط أنها في البقرة إلى

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 28 من أبواب الاطعمة المحرمة حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 28 من أبواب الاطعمة المحرمة حديث: 3. (* 3) الوسائل باب: 28 من أبواب الاطعمة المحرمة حديث: 4. (* 4) الوسائل باب: 28 من أبواب الاطعمة المحرمة حديث: 2 ورواه في الكافي في باب لحوم الجلالات من كتاب الطعمة والاشربة حديث: 12. (* 5) الوسائل باب: 28 من أبواب الاطعمة المحرمة حديث: 5. (* 6) الوسائل باب: 28 من أبواب الاطعمة المحرمة ملحق حديث 3: ورواه في التهذيب في باب الصيد والذكاة حديث: 189. (* 7) الوسائل باب: 28 من أبواب الاطعمة المحرمة حديث: 6.

 

===============

 

( 136 )

 

[ وفي الغنم إلى عشرة أيام (1)، وفي البطة إلى خمسة أو سبعة (2)، وفي الدجاجة إلى ثلاثة أيام (3)، وفي غيرها يكفي زوال الاسم (4). (الثاني عشر): حجر الاستنجاء، على التفصيل الآتي. ] أربعين، لخبر مسمع المروي في الاستبصار عن الكافي (* 1). وخير الامور أوسطها، كما يقتضيه الجمع بين خبر السكوني وغيره. (1) كما هو المشهور، وعن الخلاف والغنية الاجماع عليه، لروايات السكوني، ومسمع، ويعقوب، والقاسم بن محمد، وعن المبسوط أنها سبعة. وفي الجواهر: " لم نجد له دليلا إلا ما في كشف اللثام من أنه مروي في بعض الكتب عن أمير المومنين (ع) ". وعن الصدوق: أنها عشرون. ولم يعرف له دليل. وعن الاسكافي: أنها أربعة عشر. لما في خبر يونس، الذي لا يصلح لمعارضة ما عرفت، (2) فان الاولى مذكورة في خبري السكوني ومسمع، وعليهما اعتمد المشهور، والثانة مذكورة في خبر يونس، وعليه عول الشيخ في الخلاف. لكن الاخير لا يصلح لمعارضة الاول من وجوه. (3) كما هو المشهور، وعن الخلاف الاجماع عليه. وتضمنته روايات السكوني، ومسمع، ويونس، والقاسم بن محمد. وعن المقنع: " أنها تربط ثلاثه أيام. وروي يوما إلى الليل ". وظاهره عدم العمل بما روي كما لم يعرف العمل به من غيره أيضا. (4) كما عرفت وجه.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب 28 من أبواب الاطعمة المحرمة ملحق حديث: 3 ورواه في الاستبصار في باب كراهية لحوم الجلالات حديث: 2.

 

===============

 

( 137 )

 

[ (الثالث عشر): خروج الدم من الذبيحة بالمقدار المتعارف فانه مطهر لما بقي منه في الجوف (1). (الرابع عشر): نزح المقادير المنصوصة لوقوع النجاسات المخصوصة في البئر (2)، على القول بنجاستها ووجوب نزحها. (الخامس عشر): تيمم الميت بدلا عن الاغسال عند فقد الماء، فانه مطهر لبدنه، على الاقوى (3). (السادس عشر): الاستبراء بالخرطات بعد البول، وبالبول بعد خروج المني، فانه مطهر لما يخرج منه من الرطوبة المشتبهة. لكن لا يخفى أن عد هذا من المطهرات من باب المسامحة. وإلا ففي الحقيقة مانع عن الحكم بالنجاسة أصلا (4). ] (1) كما تقدم في نجاسة الدم. (2) فانه ظاهر الامر بالنزح. (3) استفادة ذلك من عموم مشروعية التيمم وبدليته (* 1) يتوقف على أحد أمرين: إما كون البدلية بلحاظ الحدث والخبث، ويكون عدم مطهرية التراب من الخبث في سائر المقامات لادلة خاصة أوجبت الخروج عن عموم البدلية وبقي المقام داخلا فيه. وإما كون الخبث في المقام من أحكام الحدث أو من لوازمه، لا يمكن ارتفاع الحدث وبقاؤه. لكن ثبوت كلا الامرين محل نظر وتأمل. وأما استفادة ذلك من نص بدلية التيمم في خصوص المقام - كما سيأتي في المجدور - فغير بعيدة. وسيأتي إن شاء الله بعض ما يتعلق بالمقام. (4) وإلا فيكفي في الطهارة الظاهرية قاعدتها، وأما الطهارة الواقعية

 

 

____________

(* 1) يمكن استفادة العموم المذكور من أحاديث باب: 7، 23 من أبواب التيمم ومن غيرها.

 

===============

 

( 138 )

 

[ (السابع عشر): زوال التغيير في الجاري، والبئر، بل مطلق النابع بأي وجه كان. وفي عد هذا منها أيضا مسامحة، وإلا ففي الحقيقة المطهر (1) هو الماء الموجود في المادة. (الثامن عشر): غيبة المسلم، فانها مطهرة (2) لبدنه، ] فتابعة لوجود موضوعها واقعا، وهو مشكوك، كما سيشير إليه في المتن. (1) يعني: المقتضي للتطهير. وأما زوال التغير فهو من قبيل عدم المانع. (2) بلا خلاف أجده فيه، بل حكى الاجماع عليه بعض شراح منظومة الطباطبائي. كذا في الجواهر. نعم ظاهر محكي المفاتيح المنع، كما أن ظاهر محكي كلام الاردبيلي والمدارك التردد فيه. ويستدل للاول بالاجماع المتقدم المحكي صريحا، بل ظاهرا، كما في طهارة شيخنا الاعظم بل ظاهر المحكي عن تمهيد القواعد أنه إجماع. وبظهور حال المسلم في التنزه عن النجاسة. وبالسيرة القطعية المستمرة على ترتيب آثار الطهارة. وبلزوم الحرج لو لا ذلك. وبفحوى ما دل على حجية إخبار ذي اليد، من النصوص المتقدمة في المياه (* 1). لكن العمدة هو السيرة، إذ الاجماع لم يثبت بنحو يعتمد عليه، بل في المستند دعوى الشهرة على النجاسة حتى تعلم الازالة، ودعواه الاجماع القطعي على الطهارة بعد ذلك يريد بها الاجماع العملي، وهو السيرة. فلاحظ. ولا دليل على حجية ظهور حال المسلم. ولزوم الحرج كلية ممنوع. مع أنه لو سلم فقد عرفت أن مقتضاه جواز الارتكاب تكليفا، لا البناء على الطهارة وضعا، وترتيب آثارها مطلقا. اللهم إلا أن يكون المراد لزوم الحرج المؤدي إلى الهرج والمرج في عصر المعصومين (ع)، فانتفاؤه دليل على الطهارة قطعا. ولا بأس به حينئذ

 

 

____________

(* 1) في المسألة: 6 من ذيل فصل ماء البئر، ج: 1.

 

===============

 

( 139 )

 

[ أو لباسه، أو فرشه، أو ظرفه، أو غير ذلك مما في يده (1)، بشروط خمسة (2): ] إلا أن الكلام في ثبوته، وإن كان غير بعيد. والتعدي من القول إلى الفعل ليس من مقتضى الدلالة بالفحوى. مع أنك قد عرفت اختصاص حجية القول بصورة الامانة، وربما يستدل بغير ما ذكر مما يظهر عدم صلاحيته للاثبات بأدنى تأمل. نعم لا مجال للمناقشة في السيرة، فهي العمدة. مضافا إلى دعوى لزوم الهرج لو لا ذلك، التي قد عرفت أنها غير بعيدة. (1) وعن الموجز الاقتصار على البدن، وصرح في المستند بالاختصاص به. والظاهر عموم السيرة لجميع ما في المتن. (2) ظاهر ما في منظومة الطباطبائى (قده) من قوله: واحكم على الانسان بالطهارة * * لغيبة تحتمل الطهارة وهكذا ثيابه وما معه * لسيرة ماضية متبعة الاقتصار على الشرط الاخير، ومثله في كشف الغطاء قال (ره): " وهي مطهرة لبدن الانسان بشرط إسلامه قبل الغيبة أو في أثنائها، وليس الايمان من شروطها على الاقوى، ولثيابه على الاقوى، مع احتمال التطهير. والظاهر إلحاق جميع ما يستعمله المسلمون من حيث يعلمون أو لا يعلمون من فرش وظرف وأماكن ومساكن... ". وظاهر محكي الذكرى اشتراط التكليف، وعلم المكلف بالنجاسة، وظاهر محكي المقاصد العلية اعتبار علمه بالنجاسة، وأهليتة للازالة. واعتقاده وجوب الازالة أو استحبابها. ولعل الشرط الاخير راجع إلى ما ذكر في المتن من اشتراط التلبس بما هو مشروط بالطهارة، وحكي عن بعض الاقتصار في الاشتراط

 

===============

 

( 140 )

 

[ (الاول): أن يكون عالما بملاقاة المذكورات للنجس الفلاني. (الثاني): علمه بكون ذلك الشئ نجسا أو متنجسا (1) اجتهادا أو تقليدا. (الثالث): استعماله لذلك الشئ فيما يشترط فيه الطهارة، على وجه يكون أمارة نوعية على طهارته، من باب حمل فعل المسلم على الصحة. (الرابع): علمه باشتراط الطهارة في الاستعمال المفروض. (الخامس): أن يكون تطهيره لذلك الشئ محتملا، ] عليه. وفي طهارة شيخنا الاعظم اعتبر حصول الظن الحاصل من شهادة حاله أو مقاله بزوال النجاسة، فيتوقف غالبا على العلم بها، وعلى تلبسه بمشروط بالطهارة. والوجه في هذا الاختلاف اختلاف الادلة المعتمدة في الحكم. أما الثاني منها والخامس فيتوقفان على تمام ما ذكر في المتن، إذ لا يتحقق الظهور الحاكي عن الطهارة إلا في تلك الحال. وأما الاجماع فمعقد المحكي منه عن شرح المنظومة هو ما تضمنه البيتان المتقدمان، ومعقد ما حكاه شيخنا الاعظم هو ما ذكره في طهارته مما يرجع إلى ما في المتن، وقريب منه ما عن تمهيد القواعد. وأما السيرة فثبوت الحكم بها عموما أو خصوصا تابع لعموم ثبوتها أو خصوصه. ولكن الظاهر ثبوتها عموما، كما في المنظومة وغيرها، فعدم اعتبار ما ذكر في المتن غير بعيد. ويعرف ذلك من يقيم في بلاد يكثر فيها المخالفون مع ابتلائه بهم. (1) الاولى الاكتفاء عن هذا الشرط وعما قبله باشتراط علمه بنجاسة أحد المذكورات. كما أن الاولى الاكتفاء عن الثالث والرابع باشتراط استعمال أحد المذكورات فيما يعلم باشتراط الطهارة فيه، وإن لم تشترط

 

===============

 

( 141 )

 

[ وإلا فمع العلم بعدمه لا وجه للحكم بطهارته (1). بل لو علم من حاله أنه لا يبالي بالنجاسة، وأن الطاهر والنجس عنده سواء يشكل الحكم بطهارته (2)، وإن كان تطهيره إياه محتملا. وفي اشتراط كونه بالغا، أو يكفي ولو كان صبيا مميزا، وجهان، والاحوط ذلك. نعم لو رأينا أن وليه، مع علمه بنجاسة بدنه أو ثوبه، يجري عليه بعد غيبته آثار الطهارة، لا ييبعد البناء عليها (3). والظاهر إلحاق الظلمة والعمى بالغيبة (4) مع تحقق الشروط المذكورة. ] فيه واقعا. بل لعل الاخير متعين، كما يظهر بأدنى تأمل. (1) لان مطهرية الغيبة من قبيل القاعدة الظاهرية، التي لا تجري مع العلم بالواقع. (2) لعدم ثبوت الظهور الشخصي الذي هو الحجة على الطهارة، والقدر المتقين من السيرة صورة وجوده. لكن عرفت ثبوت السيرة فيه أيضا، ومثله الصبي المميز. نعم يمكن الاشكال في غير المميز إذا كان مستقلا، أما إذا كان تابعا لغيره كان كسائر متعلقاته من لباسه وفراشه، داخلا في معقد السيرة أيضا. (3) أخذا بظاهر حال الولي. إلا أن الاشكال في حجية الظهور المتعلق بالغير، وليس بناؤهم على حجيته في غير المقام، ولم يثبت قيام السيرة عليه في المقام، بعد البناء على عدم قيامها على البناء على الطهارة مطلقا، كما هو مبنى المصنف (ره). فتأمل. (4) لقيام الظهور، الذي هو حجة، لقيام السيرة عليه كقيامها فيما سيق. نعم في ثبوت السيرة مع عدم الظهور إشكال ولذا لم يلحق الظلمة

 

===============

 

( 142 )

 

[ ثم لا يخفى أن مطهرية الغيبة إنما هي في الظاهر، وإلا فالواقع على حاله (1). وكذا المطهر السابق - وهو الاستبراء - بخلاف سائر الامور المذكورة، فعد الغيبة من المطهرات من باب المسامحة، وإلا فهي في الحقيقة من طرق إثبات التطهير. (مسألة 1): ليس من المطهرات الغسل بالماء المضاف (2)، ولا مسبح النجاسة عن الجسم الصقيل (3) كالشيشة، ولا إزالة الدم بالبصاق (4)، ولا غليان الدم في المرق (5) ولا خبز العجين النجس (6)، ] والعمى بالغيبة في الجواهر، إلا أنه أطلق، ولم يفصل بين حصول الظهور وعدمه. ولعل مراده صورة عدم الظهور. (1) إذ ذلك هو المستفاد من الدليل فيه وفي الاستبراء. (2) وإن حكى عن المفيد والسيد. وقد تقدم في أول المياه. (3) لما يظهر من كثير من النصوص من اعتبار الماء في التطهير، فما عن السيد والمفاتيح من مطهرية المسح المذكور ضعيف مخالف لتلك النصوص. مع أنه لا دليل عليه يعتمد، والاصل ينفيه. إلا أن يكون مراده عدم سراية النجاسة إلى الملاقي الصقيل. لكن فيه: أنه مخالف للاجماع بل الضرورة من الدين، ولكثير من الاخبار. كذا في الجواهر. (4) وإن نسب إلى السيد (ره) القول به. لرواية غياث: " لا بأس أن يغسل الدم بالبصاق " (* 1). إذ هي لا تصلح لمعارضة ما عرفت من النصوص مع ما هي عليه من الهجر. (5) كما تقدم الكلام فيه في نجاسة الدم. (6) كما تقدم في الاستحالة.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 4 من أبواب الماء المطلق حديث: 2.

 

===============

 

( 143 )

 

[ ولا مزج الدهن النجس بالكر الحار (1)، ولا دبغ جلد الميتة (2). وإن قال بكل قائل. (مسألة 2): يجوز استعمال جلد الحيوان الذي لا يؤكل لحمه، بعد التذكية، ولو فيما يشترط فيه الطهارة، وإن لم يدبغ على الاقوى (3). ] (1) كما تقدم في مطهرية الماء. لكن المصنف (ره) هناك لم يستبعد الطهارة. فراجع. (2) كما هو المشهور شهرة عظيمة، بل عن الانتصار والخلاف والغنية، ونهاية الاحكام، والذكرى: الاجماع عليه، وعن غيرها الاجماع عليه من غير ابن الجنيد، فأفتى بالطهارة بالدبغ، لان المقتضي للتنجيس هو اتصال الرطوبات به، فإذا زالت بالدبغ كان طاهرا. ويشهد له خبر الحسين بن زرارة عن أبى عبد الله عليه السلام: " في جلد شاة ميتة يدبغ فيصب فيه اللبن أو الماء، أفأشرب منه وأتوضأ؟ قال عليه السلام: نعم. وقال عليه السلام: يدبغ وينتفع به، ولا يصلى فيه " (* 1) إلا أن الوجه الاول استحسان ليس من مذهبنا العمل به. والحديث مهجور مخالف لما عرفت من الاجماعات، وفي محكي التذكرة: " الحديث ممنوع، لما تواتر عن أهل البيت عليه السلام من منع ذلك "، ونحوه محكي الذكرى والروض وغيرهما. وقد تقدم بعض الكلام في هذه المسألة في مبحث نجاسة الميتة. فراجع. (3) لكون المفروض حصول الطهارة لها بالتذكية، بناء على قبولها لها - كما سيأتي - فلا مانع من جواز الاستعمال. مع أنه مقتضى الاصل. وإطلاق موثق سماعة: " سألته عن جلود السباع ينتفع بها؟ قال عليه السلام:

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب 34 من أبواب الاطعمة المحرمة حديث: 6.

 

===============

 

( 144 )

 

[ نعم يستحب أن لا يستعمل مطلقا إلا بعد الدبغ (1). (مسألة 3): ما يؤخذ من الجلود من أيدي المسلمين أو من أسواقهم محكوم بالتذكية (2)، وإن كانوا ممن يقول بطهارة جلد الميتة بالدبغ. (مسألة 4): ما عدا الكلب والخنزير من الحيوانات ] إذا رميت وسميت فانتفع بجلده " (* 1). وموثقه الآخر: " عن جلود السباع. فقال عليه السلام: اركبوها ولا تلبسوا شيئا منها تصلون فيه " (* 2) ونحوه غيره. وعن الشيخ والسيد وغيرهما المنع من استعماله قبل الدبغ، بل عن الذكرى نسبته إلى المشهور. وليس له دليل ظاهر، سواء أكان ذلك منهم للبناء على توقف الطهارة على الدبغ، أم على وجوب الدبغ تعبدا، لوضوح كون كل منهما خلاف الاصل، وخلاف إطلاق ما عرفت. (1) كما في الشرائع وغيرها. وليس عليه دليل ظاهر إلا الخروج عن شبهة الخلاف. وما عن بعض الكتب عن الرضا عليه السلام: " دباغة الجلد طهارته " (* 3) بعد عدم إمكان العمل به على ظاهره - من نجاسة الجلد مطلقا - وامتناع حمله على جلد الميتة، كما هو مذهب ابن الجنيد - كما تقدم - فيتعين حمله على الاستحباب. لكن إثبات الاستحباب بهذا المقدار غير واضح، بل الاوفق بالقواعد الطرح. (2) كما عرفت في مبحث نجاسة الميتة.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 34 من أبواب الاطعمة المحرمة حديث: 3. (* 2) الوسائل باب: 5 من أبواب لباس المصلي حديث: 6. (* 3) كتاب فقه الرضا عليه السلام، في باب اللباس وما يكره فيه الصلاة بعد باب الصناعات قبل باب العتق والتدبير. لكن العبارة هكذا: (وإن كان الصوف والوبر والشعر والريش من الميتة وغير الميتة بعد ما يكون مما أحل الله أكله فلا بأس به. وكذلك الجلد، فان دباغته طهارته).

 

===============

 

( 145 )

 

[ التي لا يؤكل لحمها قابل للتذكية (1)، فجلده ولحمه طاهر بعد التذكية. (مسألة 5): يستحب غسل الملاقي في جملة من الموارد مع عدم تنجسه، كملاقاة البدن أو الثوب لبول الفرس والبغل والحمار (2)، وملاقاة الفأرة الحية مع الرطوبة مع ظهور اثرها (3)، والمصافحة مع الناصبي بلا رطوبة (4). ] (1) قد تقدم في أواخر مبحث نجاسة البول الكلام في المقام. فراجع. (2) للامر بالغسل منه في جملة من النصوص، كصحيح عبد الرحمن: " يغسل بول الحمار والفرس والبغل " (* 1). وحسن محمد بن مسلم: " عن أبوال الدواب والبغال والحمير. فقال عليه السلام: اغسله، فان لم تعلم مكانه فاغسل الثوب كله، فان شككت فانضحه " (* 2)، ونحوهما غيرهما المحمولة على الاستحباب، جمعا بينها وبين ما تضمن نفي البأس فيه (* 3) كما تقدمت الاشارة إليه في مبحث نجاسة البول. (3) لرواية ابن جعفر عليه السلام عن أخيه عليه السلام: " سألته عن الفأرة الرطبة قد وقعت في الماء فتمشي على الثياب أيصلى فيها؟ قال عليه السلام: اغسل ما رأيت من أثرها، وما لم تره انضحه بالماء " (* 4). (4) لرواية خالد القلانسي: " قلت لابي عبد الله عليه السلام: ألقى الذمي فيصافحني. قال عليه السلام: امسحها بالتراب وبالحائط. قلت:

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 9 من أبواب النجاسات حديث: 9. (* 2) الوسائل باب: 9 من أبواب النجاسات حديث: 6. (* 3) الوسائل باب 9 من أبواب النجاسات حديث: 2، 14. (* 4) الوسائل باب: 33 من أبواب النجاسات حديث: 2.

 

===============

 

( 146 )

 

[ ويستحب النضح - أي الرش - بالماء في موارد، كملاقاة الكلب (1) والخنزير (2) والكافر (3) بلا رطوبة، ] فالناصب. قال عليه السلام: اغسلها " (* 1). والمحمولة على صورة عدم الرطوبة بقرينة حكم الذمي. (1) ففي حديث الاربعمائة: " تنزهوا عن قرب الكلاب، فمن أصاب الكلب وهو رطب فليغسله، وان كان جافا فلينضح ثوبه بالماء " (* 2) ونحوه صحيح بن جعفر عليه السلام (* 3)، ومرسل حريز (* 4)، وخبر على (* 5)، وغيرها. (2) ففي خبر علي بن محمد (جعفر. خ. ل): " عن خنزير أصاب ثوبا وهو جاف، هل تصلح الصلاة فيه قبل أن يغسله؟ قال عليه السلام: نعم ينضحه بالماء، ثم يصلي " (* 6). وفي صحيح ابن جعفر عليه السلام: " عن الرجل أصاب ثوبه خنزير. قال عليه السلام: إن كان دخل في صلاته فليمض، وإن لم يكن دخل في صلاته فلينضح ما أصاب من ثوبه، إلا أن يكون فيه أثر فيغسله " (* 7). (3) ففي صحيح الحلبي: " عن الصلاة في ثوب المجوسي. فقال عليه السلام: يرش بالماء " (* 8).

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 14 من أبواب النجاسات حديث: 4. (* 2) الوسائل باب: 12 من أبواب النجاسات حديث: 11. (* 3) الوسائل باب: 26 من أبواب النجاسات حديث: 7. (* 4) الوسائل باب: 26 من أبواب النجاسات حديث: 3. (* 5) الوسائل باب: 26 من ابواب النجاسات حديث: 4. (* 6) الوسائل باب: 26 من ابواب النجاسات حديث: 6. (* 7) الوسائل باب: 13 من أبواب النجاسات حديث: 1. (* 8) الوسائل باب: 73 من أبواب النجاسات حديث: 3.

 

===============

 

( 147 )

 

[ وعرق الجنب (1) من الحلال (2)، وملاقاة ما شك في ملاقاته لبول الفرس والبغل والحمار (3)، وملاقاة الفأرة الحية مع الرطوبة إذا لم يظهر أثرها (4). وما شك في ملاقاته للبول أو الدم أو المني (5)، ] (1) ففي خبر أبي بصير: " عن القميص يعرق فيه الرجل وهو جنب حتى يبتل القميص، فقال عليه السلام: لا بأس. وإن أحب أن يرشه بالماء فليفعل " (* 1)، ونحوه خبر علي بن أبى حمزة (* 2). (2) أما لو كان من الحرام فقد تقدم القول بنجاسته. (3) لحسن محمد بن مسلم المتقدم. (4) لما تقدم من رواية ابن جعفر عليه السلام. (5) لرواية ابن الحجاج عن الكاظم عليه السلام: " عن رجل يبول بالليل، فيحسب أن البول أصابه ولا يستيقن، فهل يجزؤه أن يصب على ذكره إذا بال ولا يتنشف؟ قال عليه السلام: يغسل ما استبان أنه قد أصابه، وينضح ما يشك فيه من جسده وثيابه... " (* 3). ومصحح ابن سنان: " عن رجل أصاب ثوبه جنابة أو دم. قال عليه السلام: إن كان علم أنه أصاب ثوبه جنابة قبل أن يصلي، ثم صلى فيه ولم يغسله، فعليه أن يعيد ما صلى وإن كان لم يعلم به فليس عليه إعادة. وإن كان يرى أنه أصابه شئ، فنظر فيه فلم ير شيئا، أجزأه أن ينضحه بالماء " (* 4). والاقتصار في الجواب على ذكر الجنابة كأنه من باب المثال، وإلا يلزم إهمال الجواب عن حكم الدم.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 27 من أبواب النجاسات حديث: 8. (* 2) الوسائل باب: 27 من أبواب النجاسات حديث: 4. (* 3) الوسائل باب: 37 من أبواب النجاسات حديث: 2. (* 4) الوسائل باب: 40 من أبواب النجاسات حديث: 3.

 

===============

 

( 148 )

 

[ وملاقاة الصفرة الخارجة من دبر صاحب البواسير (1)، ومعبد اليهود والنصارى والمجوس إذا أراد أن يصلي فيه (2). ويستحب المسح بالتراب أو بالحائط في موارد، كمصافحة الكافر الكتابي بلا رطوبة (3)، ومس الكلب والخنزير بلا رطوبة (4)، ومس الثعلب والارنب. ] (1) لرواية صفوان: " سأل رجل أبا الحسن عليه السلام وأنا حاضر، فقال: إن بي جرحا في مقعدتي، فاتوضأ، ثم أستنجي، ثم أجد بعد ذلك الندي والصفرة تخرج من المقعدة، أفأعيد الوضوء؟ قال عليه السلام: قد أيقنت. قال: نعم قال عليه السلام: لا، ولكن رشه بالماء، ولا تعد الوضوء " (* 1)، ونحوه صحيح البزنطي (* 2). لكن موردهما الجرح لا البواسير. (2) كما تقدم في المسألة الرابعة بعد عدد النجاسات. (3) لرواية خالد القلانسي المتقدمة. (4) وليس له دليل ظاهر - كما عن جماعة الاعتراف به - وإن حكي عن الوسيلة وظاهر المقنعة والنهاية الوجوب، بل عن الاولين زيادة مس الثعلب والارنب، الذي لم يعثر على ذكر له في النصوص. وكأن المصنف (ره) اعتمد على فتوى الجماعة تسامحا منه في أدلة السنن. لكن كان عليه ذكر مس الفأرة والوزغة، لذكره في الكتب الثلاثة، بل عن المبسوط استحبابه لمس كل نجاسة يابسة. ثم إن وجه الحكم باستحباب الغسل أو المسح أو النضح في جميع ما ذكر مع أن ظاهر بعض أدلته

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 16 من أبواب نواقض الوضوء حديث: 3. (* 2) الوسائل باب: 16 من أبواب نواقض الوضو حديث: 4.

 

===============

 

( 149 )

 

[ فصل إذا علم نجاسة شئ يحكم ببقائها (1) ما لم يثبت تطهيره. وطريق الثبوت أمور: " الاول ": العلم الوجداني " الثاني ": شهادة العدلين بالتطهير (2)، أو بسبب الطهارة (3)، وإن لم يكن مطهرا عند هما أو عند أحد هما، كما إذا أخبرا بنزول المطر على الماء النجس بمقدار لا يكفي عند هما في التطهير مع كونه كافيا عنده، أو أخبرا بغسل الشئ بما يعتقدان أنه مضاف وهو عالم بأنه ماء مطلق، وهكذا " الثالث ": اخبار ذي اليد (4) وإن لم يكن عادلا " الرابع ": غيبة المسلم، على التفصيل الذي سبق (5) " الخامس ": إخبار الوكيل في التطهير بطهارته (6). ] الوجوب هو الاجماع المدعى، أو القرينة القطعية على عدم الوجوب. والله سبحانه أعلم. فصل (1) للاستصحاب. (2) لما عرفت من تقريب عموم حجيتها في مباحث المياه. (3) وحينئذ يثبت المسبب بالدلالة الالتزامية، وإن لم يعتقد الشاهد بالسببية. (4) لما تقدم، وتقدم أن الوجه اعتبار عدم ما يوجب اتهامه (5) وقد سبق الكلام فيه. فراجع. (6) للسيرة المستمرة القطعية في سائر الاعصار المأخوذة يدا عن يد في؟؟ الجواري والنساء ونحوهن ثياب ساداتهن ورجالهن، بل لعل

 

===============

 

( 150 )

 

[ " السادس ": غسل مسلم له بعنوان التطهير، وإن لم يعلم أنه غسله على الوجه الشرعي أم لا، حملا لفعله على الصحة. " السابع ": إخبار العدل الواحد عند بعضهم. لكنه مشكل (1). (مسألة 1): إذا تعارض البينتان أو إخبار صاحبي اليد في التطهير وعدمه تساقطا (2)، ويحكم ببقاء النجاسة. وإذا تعارض البينة مع أحد الطرق المتقدمة ما عدا العلم الوجداني، تقدم البينة (3). ] ذلك من الضروريات. كذا في الجواهر. وقال أيضا: " إن تتبع الاخبار بعين الانصاف والاعتبار يورث القطع بالاكتفاء بنحو ذلك، وبأن كل ذي عمل مؤتمن على عمله، كالاخبار الواردة في القصارين (* 1)، والجزارين (* 2) والجارية المأمورة بتطهير ثوب سيدها (* 3)، وأن الحجام مؤتمن في تطهير موضع الحجامة " (* 4). لكن جملة مما ذكر من قبيل مورد الطريق السادس غالبا. (1) لما تقدم في مباحث المياه من قصور آية النبأ عن إثبات حجيته وأنه لو تمت الدلالة عليها تمكن دعوى كون رواية مسعدة مانعة عنها. فراجع. (2) لاصالة التساقط المحررة في محلها. إلا إذا كان أحدهما رافعا لمستند الآخر، فيكون مقدما عليه، ويجب العمل به. (3) لقصور أدلة حجية المعارض عن شمول مثل ذلك حتى الاخبار

 

 

____________

(* 1) الوافى، كتاب الطهارة، باب التطهير من مس الحيوانات حديث: 21، والتهذيب باب المكاسب حديث: 263 وتقدم في نجاسة الكافر ج 1. (* 2) الوسائل باب: 29 من أبواب أحكام الذبائح حديث: 1. لكن بعنوان سوق المسلمين. (* 3) الوسائل باب: 18 من أبوب النجاسات حديث: 1 لكن دلالته محل اشكال. (* 4) الوسائل باب: 56 من أبواب النجاسات حديث: 1.

 

===============

 

( 151 )

 

[ (مسألة 2): إذا علم بنجاسة شيئين، فقامت البينة على تطهير أحدهما غير المعين، أو المعين واشتبه عنده، أو طهر هو أحدهما ثم اشتبه عليه، حكم عليهما بالنجاسة، عملا بالاستصحاب (1)، بل يحكم بنجاسة ملاقي كل منهما. ] الدالة على حجية خبر ذي اليد. فتأمل جيدا. (4) لعموم دليل حجيته، الشامل لكل واحد منهما. والعلم الاجمالي غير مانع عنه، لعدم منافاة الاصل لمقتضاه. كما انه لا يلزم من عموم الدليل للطرفين التناقض بين الصدر والذيل - كما ذكره شيخنا الاعظم (ره) في رسائله - بتقريب: أن اليقين الاجمالي يوجب تطبيق قوله (ع) في ذيل الدليل: " ولكن تنقضه بيقين آخر " بالاضافة إلى المعلوم بالاجمال، وهو يناقض تطبيق صدره، وهو قوله (ع): " لا تنقض اليقين بالشك " بالاضافة إلى كل واحد من الطرفين مناقضة الايجاب الجزئي للسلب الكلي. إذا التناقض انما يلزم لو كان مفاد الذيل حكما شرعيا، وهو ممتنع، لامتناع حجية اليقين شرعا، بل هو حكم عقلي، والحكم العقلي في الفرض يمنع من جريان الاستصحاب في المعلوم بالاجمال، لعدم اجتماع أركانه فيه، ولا يمنع من جريانه في كل واحد من الطرفين، لاجتماع أركانه فيها معا. نعم إذا كان للمعلوم بالاجمال أثر عملي لزومي امتنع جريان الاستصحاب في واحد من الاطراف، وكذلك بقية الاصول، كما تقدمت الاشارة إليه في احكام النجاسات. لكن فرض المسألة ليس كذلك. مع أنه لو سلم لزوم التناقض بين الصدر والذيل، وأن ذلك مانع من شمول الدليل للطرفين فذلك يختص بالدليل المشتمل على الذيل المذكور، ولا يطرد في غيره مما لم يشتمل على الذيل المذكور، وبعض أدلة الاستصحاب خال عنه، وإجمال

 

===============

 

( 152 )

 

ما فيه الذيل لا يلازم إجمال ما هو خال عنه، فيرجع إليه في أطراف العلم الاجمالي، كما يرجع إليه في الشبهة البدوية. اللهم إلا أن يدعى ظهور الذيل بنحو يعارض جميع أدلة الاستصحاب. لكنه ممنوع جدا. ولو سلم لم يكن فرق بين المقام وبين ما إذا توضأ بمائع مردد بين البول والماء، مع أنه - قدس سره - بنى على جريان استصحاب طهارة الاعضاء، وبقاء الحدث، مع العلم ببطلان أحدهما. وأشكل من ذلك ما ذكره بعض الاعاظم في وجه المنع من أن الاستصحاب من الاصول المحرزة التي هي واسطة بين الاصول التعبدية - مثل قاعدة الطهارة - وبين الامارة، لتضمن دليله إلغاء الشك ولزوم العمل على إحراز الواقع، ولذا يقوم مقام القطع المأخوذ موضوعا على نحو الطريقية فإذا كان دليله يقتضي جعل العلم تعبدا في مورده، فلو جرى في تمام الاطراف كان ذلك تناقضا، ضرورة وضوح المناقضة بين العلم بالطهارة في كل من الاطراف مع العلم بالنجاسة في واحد منها. إذ فيه: أن العلم التعبدي بالطهارة لا يضاد العلم الوجداني بالنجاسة إلا مع تضاد مقتضاهما، فإذا فرضنا أن العلم الاجمالي بالطهارة لا أثر له، فكيف يكون مضادا للعلم التفصيلي التعبدي بالنجاسة؟ إذ ليس العلم التعبدي إلا جعل الحكم الثابت للعلم، وجعل حكم العلم بالنجاسة في كل من الاطراف لا يضاد العلم الحقيقي بالطهارة في الواحد المردد، لان الطهارة المعلومة بالاجمال ليست حكما اقتضائيا، ليزاحم جعل أحكام النجاسة في الطرفين، كيف ولازم ما ذكره (قده) المنع من جريان الاصول حتى لو لم تكن محرزة لعين ما ذكر في وجه المنع في المحرزة (وبالجملة): ما ذكره - قدس سره - من الفرق بين الاصول المحرزة وغيرها من الغموض بمكان. وتمام المسألة في الاصول.

 

===============

 

( 153 )

 

[ لكن إذا كانا ثوبين، وكرر الصلاة فيهما، صحت (1)، (مسألة 3): إذا شك بعد التطهير وعلمه بالطهارة، في أنه هل أزال العين أم لا؟ أو أنه طهره على الوجه الشرعي أم لا؟ يبني على الطهارة (2)، إلا أن يرى فيه عين النجاسة ولو رأى فيه نجاسة، وشك في أنها هي السابقة، أو أخرى طارئة، بنى على انها طارئة (3). (مسألة 4): إذا علم بنجاسة شئ، وشك في أن لها عينا أم لا، له أن يبني على عدم العين (4)، فلا يلزم الغسل بمقدار يعلم بزوال العين على تقدير وجودها، وإن كان أحوط. (مسألة 5): الوسواسي يرجع في التطهير إلى المتعارف (5)، ولا يلزم أن يحصل له العلم بزوال النجاسة. ] ولازم جريان الاستصحاب في كل واحد من الاطراف الحكم بنجاسة الملاقي، لان من أحكام النجس نجاسة ملاقيه. (1) للعلم بوقوع الصلاة في الطاهر. (2) لقاعدة الصحة، الجارية بعد الفراغ. (3) لان رؤية النجاسة لا تخرج التطهير الصادر منه عن كون موردا لقاعدة الصحة بعد الفراغ. (4) لان وجود العين من موانع التطهير شرعا، ويمكن إحراز عدمها بالاصل، كسائر الموانع. نعم لو كانت العين حاجبة عن وصول الماء إلى المحل، فأصالة عدمها لا تثبت وصوله إليه، إلا بناء على الاصل المثبت. أو يدعى قيام السيرة عليه بالخصوص، كما ادعي في التطهير من الحدث. (5) إذ لا ريب في عدم سقوط وجوب التطهير عليه، بل الثابت