فصل في المكروهات

فصل في المكروهات وهي أمور: (الاول): أن يمس في حال النزع، فانه يوجب أذاه (2). ] مات، ثم يغسل ويكفن " (* 1)، وفي رواية اسماعيل بن عبد الخالق: " قال أبو عبد الله عليه السلام: خمس ينتظر بهم إلا أن يتغيروا: الغريق، والمصعوق، والمبطون، والمهدوم، والمدخن " (* 2)، وفي رواية اسحاق: " عن الغريق أيغسل؟ قال (ع): نعم، ويستبرأ. قلت: وكيف يستبرأ؟ قال (ع): يترك ثلاثة أيام قبل أن يدفن، وكذلك - أيضا - صاحب الصاعقة، فانه ربما ظنوا أنه مات ولم يمت (* 3)، ونحوها غيرها. ومن الاخير يعلم عموم الحكم لكل مشتبه، ولا يبعد أن يكون ذكر الثلاثة أيام لانها توجب العلم بالموت غالبا، كما يشهد به - مضافا إلى دعوى جماعة الاجماع على اعتبار العلم في جواز الدفن - الاقتصار على اليومين في ذيل الموثق المتقدم: " وسئل عن المصعوق فقال (ع): إذا صعق حبس يومين، ثم يغسل ويكفن "، بل هو مقتضى حكومة التعليل في رواية إسحاق على ذكر العدد. فلاحظ. (1) كما سيأتي إن شاء الله في أواخر فصل الدفن. فصل في المكروهات (2) لموثق زرارة: " ثقل ابن لجعفر (ع) وأبو جعفر (ع) جالس

 

 

____________

(* 1) الوسائل، باب 48 من ابواب الاحتضار، حديث: 4. (* 2) الوسائل، باب: 48 من ابواب الاحتضار، حديث: 2. (* 3) الوسائل، باب: 48 من أبواب الاحتضار، حديث: 3.

 

===============

 

( 30 )

 

[ (الثاني): تثقيل بطنه بحديد (1). أو غيره (2) (الثالث): إبقاؤه وحده (3)، فان الشيطان يعبث في جوفه (الرابع): حضور الجنب والحائض (4) عنده حالة الاحتضار (الخامس): ] في ناحية، فكان إذا دني منه إنسان قال: لا تمسه، فانه إنما يزداد ضعفا: وأضعف ما يكون في هذه الحال، ومن مسه على هذه الحال أعان عليه " (* 1) ومقتضاه حرمة المس، ولاسيما إذا كان يوجب أذاه، كما في المتن. (1) إجماعا عن الخلاف، وجامع المقاصد. وليس عليه نص ظاهر بل الوجه فيه فتوى الجماعة، وماعن التهذيب انه قال: " سمعناه مذاكرة من الشيوخ "، بناء على قاعدة التسامح، وإن كان المحكي عن الفاخر انه أمر بجعل الحديد على بطنه، وعن ابن الجنيد انه يوضع شئ عليها. هذا لو أريد ذلك بعد الموت، كما لعله الظاهر من فحاوي كلمات الاصحاب، كما في الجواهر، أما لو أريد حال الاحتضار فيمكن استفادته من النهي عن مسه. فتأمل. (2) كما عن المنتهى، والتذكرة، والمسالك. (3) لرواية أبي خديجة عن أبي عبد الله (ع): " ليس من ميت يموت ويترك وحده إلا لعب الشيطان في جوفه " (* 2)، وفي مرسل الفقيه: " لاتدعن ميتك وحده فان الشيطان يعبث به في جوفه " (* 3). (4) وعن المعتبر نسبته إلى أهل العلم، وفي رواية يونس: " لا تحضر الحائض الميت، ولا الجنب عند التلقين " (* 4)، وفي مرفوع العلل:

 

 

____________

(* 1) الوسائل، باب: 44 من ابواب الاحتضار، حديث: 1. (* 2) الوسائل، باب: 42 من ابواب الاحتضار، حديث: 1. (* 3) الوسائل، باب: 42 من ابواب الاحتضار، حديث: 2. (* 4) الوسائل، باب: 43 من ابواب الاحتضار، حديث: 2.

 

===============

 

( 31 )

 

[ التكلم زائدا عنده (1) (السادس): البكاء عنده (السابع): أن يحضره عملة الموتى (الثامن): أن يخلى عنده النساء وحدهن خوفا من صراخهن عنده. فصل لا تحرم كراهة الموت (2). نعم يستحب عند ظهور اماراته أن يحب لقاء الله تعالى (3)، ويكره تمني الموت ولو ] " لا يحضر الحائض والجنب عند التلقين لان الملائكة تتأذى بهما " (* 1)، ونحوه رواية ابن أبي حمزة في الحائض (* 2). وعن المقنع انه لا يجوز، ولكن لا يساعده التعليل، ولا التسالم. ولعل مراده الكراهة. (1) ذكره في كشف الغطاء في أحكام الاحتضار. فصل (2) فقد ورد في كلامه سبحانه المروي عن الائمة بعدة طرق: " ما ترددت في شئ أنا فاعله كترددي في وفاة المؤمن، يكره الموت وأكره مساءته " (* 3). (3) لانه يدخل تحت حب ما أحب الله تعالى له الذي يدل على رجحانه كثير من النصوص (* 4)

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 43 من ابواب الاحتضار حديث: 3. (* 2) الوسائل باب: 43 من ابواب الاحتضار حديث: 1. (* 3) الوسائل باب: 19 من ابواب الاحتضار حديث: 1. (* 4) الوسائل باب: 75 من ابواب الدفن.

 

===============

 

( 32 )

 

[ كان في شدة وبلية (1)، بل ينبغي أن يقول: " اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرا لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي " ويكره طول الامل (2)، وأن يحسب الموت بعيدا عنه. ويستحب ذكر الموت كثيرا (3). ويجوز الفرار من الوباء والطاعون (4) وما في بعض الاخبار من: أن الفرار من الطاعون كالفرار ] (1) للنهي عنه في النبوي (* 1)، وعن العلامة في المنتهى عن النبي صلى الله عليه وآله " لا يتمنى أحدكم الموت لضر نزل به، وليقل: اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرا لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي " (* 2). (2) لما ورد من النهي عنه (* 3)، وفي رواية السكوني عن الصادق عليه السلام: " قال أمير المؤمنين (ع): ما أطال عبد الامل إلا أساء العمل " (* 4)، ونحوها غيرها. (3) ففي صحيح الحذاء عن أبي جعفر (ع): " أكثر ذكر الموت فانه لم يكثر إنسان ذكر الموت إلا زهد في الدنيا " (* 5)، ونحوه غيره مما هو كثير. (4) ففي مصحح الحلبي عن أبي عبد الله (ع): " عن الوباء يكون في ناحية المصر فيتحول الرجل إلى ناحية أخرى، أو يكون في مصر فيخرج منه إلى غيره. قال (ع): لا بأس، إنما نهى رسول الله صلى الله عليه وآله عن ذلك المكان ربيئة كانت بحيال العدو، فوقع فيهم الوباء فهربوا منه، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: الفار منه كالفار من الزحف، كراهية أن

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 32 من ابواب الاحتضار حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: من ابواب الاحتضار حديث: 2. (* 3) الوسائل باب: 24 من ابواب الاحتضار. (* 4) الوسائل باب: 24 من ابواب الاحتضار حديث: 1. (* 5) الوسائل باب: 23 من ابواب الاحتضار حديث: 1.

 

===============

 

( 33 )

 

[ من الجهاد مختص بمن كان في ثغر من الثغور لحفظه. نعم لو كان في المسجد ووقع الطاعون في أهله يكره الفرار منه (1). فصل الاعمال الواجبة المتعلقة بتجهيز الميت - من التغسيل، والتكفين، والصلاة، والدفن - من الواجبات الكفائية (2) فهي واجبة على جميع المكلفين، وتسقط بفعل البعض، فلو تركوا أجمع أثموا أجمع. ولو كان مما يقبل صدوره عن جماعة ] يخلوا مراكزهم " (* 1)، ونحوه مصحح أبان الاحمر في الطاعون (* 2). (1) للمرسل المروي عن معاني الاخبار: " روي أنه إذا وقع طاعون في أهل مسجد فليس لهم أن يفروا منه إلى غيره " (* 3)، وصحيح ابن جعفر (ع): " عن الوباء يقع في في الارض هل يصلح للرجل أن يهرب منه؟ قال (ع): يهرب منه ما لم يقع في مسجده الذي يصلي فيه فإذا وقع في أهل مسجده الذي يصلي فيه فلا يصلح له الهرب منه " (* 4). فصل (1) بلا خلاف، كما عن المبسوط والغنية. ولانزاع فيه بين

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 20 من ابواب الاحتضار حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 20 من ابواب الاحتضار حديث: 3. (* 3) الوسائل باب: 20 من ابواب الاحتضار حديث: 4. (* 4) الوسائل باب: 30 من ابواب الاحتضار حديث: 5.

 

===============

 

( 34 )

 

[ كالصلاة - إذا قام به جماعة في زمان واحد - اتصف فعل كل منهم بالوجوب. نعم يجب على غير الولي الاستئذان منه ] المسلمين، كما عن مجمع البرهان، وإجماعا، كما عن الذكرى، وقال في المعتبر: " غسل الميت، وتكفينه، والصلاة عليه، ودفنه فرض على الكفاية. وهو مذهب العلماء كافة "، ونحوه عن التذكرة، ونهاية الاحكام. وفي المنتهى في التغسيل: " وهو فرض على الكفاية، إذا قام به بعض سقط عن الباقين، بلا خلاف فيه بين أهل العلم "، وفي مبحث الصلاة زاد قوله: " وإن لم يقم به أحد استحق بأسرهم العقاب، بلا خلاف بين العلماء ". ويقتضيه إطلاق الامر بها من دون توجيهه إلى شخص بعينه، مثل ما ورد: " غسل الميت واجب " (* 1)، " وصل على من مات من أهل القبلة " (* 2)، " وعجلوا بموتاكم " (* 3)، ونحوه. نعم استشكل فيه في الحدائق، لعدم الدليل عليه، ولا حديث يرجع فيه إليه، بل قال: " إن الذي يظهر لي من الاخبار أن توجه الخطاب بجميع هذه الاحكام ونحوها من التلقين ونحوه من المستحبات أيضا إنما هو إلى الولي، كاخبار الغسل، وأخبار الصلاة، والدفن، والتلقين، ونحوها كما ستقف عليه... ". أقول: المناقشة في الوجوب الكفائي (تارة): من جهة عدم الدليل عليه. (وأخرى): من جهة معارضة الدليل عليه - لو ثبت - بما دل على أولوية الولي، نحو قوله (ع): " يغسل الميت أولى الناس به " (* 4)

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 1 من ابواب غسل الميت حديث: 1. (* 2) الوسائل، باب: 37 من ابواب صلاة الجنازة حديث: 2. (* 3) الوسائل باب 47 من ابواب الاحتضار حديث: 1. وقد نقله المؤلف - دام ظله - بالمعنى. (* 4) الوسائل باب: 26 من ابواب غسل الميت حديث: 1 و 2.

 

===============

 

( 35 )

 

[ ولا ينافي وجوبه وجوبها على الكل، لان الاستئذان منه شرط صحة الفعل لا شرط وجوبه. وإذا امتنع الولي من المباشرة ] " ويصلي على الجنازة أولى الناس بها، أو يأمر من يحب " (* 1)، فيجب الجمع بينهما بحمل الاول على الايجاب على الولي. (وثالثة): من جهة أن ثبوت الولاية لبعض المكلفين مانع عقلا من ثبوت الوجوب الكفائي، لامتناع إناطة صحة الواجب برأي أحد، كما ذكر المحقق الثاني في جامع المقاصد قال (ره): - في شرح قول العلامة: " وإلا قدم من يختاره " - " ولا يخفى أن إذن الولي إنما تعتبر في الجماعة، لا في أصل الصلاة، لوجوب ذلك على الكفاية، فكيف يناط برأي أحد من المكلفين؟ فلو صلوا فرادى بغير إذن أجزأ ". لكن الجميع محل المنع. أما الاول: فلثبوت إطلاق جملة من أدلة الاحكام أو عمومها، كما اعترف به غير واحد، ويظهر ذلك للمتتبع في نصوص أبوابها، وتقدمت الاشارة إلى بعضها، وإن كانت المناقشة في دلالتها قريبة، فان ما ورد من: أن غسل الميت واجب، ليس واردا في مقام البيان من هذه الجهة وكذلك: " صل على من مات من أهل القبلة "، فانه وارد للتعميم في المغسل - بالفتح - بقرينة قوله في ذيله: " وحسابه على الله ". وكذلك غيرهما فان المناقشة في دلالة الجميع على عموم الوجوب الكفائي قريبة. فتأمل. وأما الثاني: فلمنع المنافاة عرفا بين الدليلين، حيث أن الظاهر من أدلة الولاية - ولاسيما بملاحظة ورودها مورد الارفاق - ثبوت حق للولي، بل هو صريح خبر السكوني عن جعفر (ع) عن أبيه عن آبائه عليهم السلام: " قال: قال أمير المؤمنين (ع): إذا حضر سلطان من

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 23 من ابواب صلاة الجنازة حديث: 1 و 2.

 

===============

 

( 36 )

 

سلطان الله جنازة فهو أحق بالصلاة عليها إن قدمه ولي الميت، وإلا فهو غاصب " (* 2) إذا الغصب إنما يكون في الحق لا في التكليف. فلا دلالة في أدلة الولاية على اختصاص التكليف بالولي، لتكون منافية لما دل على عمومه لغيره، فيجمع بينهما بالتقييد. وأما الثالث: فلان العمدة فيه ما أشار إليه المحقق الثاني - كما تقدم - من أن ولاية الاحكام إذا كانت حقا من حقوق الولي كان الفعل بدون إذنه تصرفا في حقه، فيحرم، ويبطل. فإذا كانت صحة الفعل مشروطة باذن الولي الخارجة عن الاختيار كانت الصحة خارجة عن الاختيار، فلا يجوز عقلا التكليف بالفعل، لاعتبار القدرة عقلا في صحته، ويختص بالولي لقدرته على الفعل، ولو فرض الاذن منه لغيره شاركه في التكليف دون غيره ممن لم يأذن له. وفيه: أن العجز المذكور وإن كان يوجب سقوط التكليف عن العاجز، لكن لقصور فيه، لافي فعله، وإلا ففعله - كفعل الولي - مشتمل على المصلحة، وربما يكون ذلك العجز في الولي لنوم، أو غفلة، أو جهل بموت المولى عليه، ولا يصح في مثله أن يقال: إن التكليف غير عام ومختص بالولي، أو من يأذن له الولي، وإلا كان اللازم أن يقال: إن التكليف بالولي المتنبه، دون النائم، والغافل والجاهل. مضافا إلى أنه يتم لو كانت الاذن شرطا مطلقا، لكنه ليس كذلك، ضرورة وجوب الفعل من غير الولي، وصحته مع عدم الاذن عند امتناع الولي منها في آخر الوقت، أو عدم حضوره. فالولي وغيره يشتركان في الوجوب، ويختلفان في وقت الواجب، فيصح من الولي مطلقا، ولا يصح من غيره إلا في آخر الوقت، وهذا المقدار من الاختلاف لا يوجب

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 23 من ابواب صلاة الجنازة حديث: 4.

 

===============

 

( 37 )

 

كون الوجوب في أول الوقت عينيا على الولي مع فرض قدرة غيره عليه في آخر الوقت. نعم لو بني على امتناع الوجوب التعليقي - كما هو مذهب جماعة - كان القول باختصاص الوجوب في أول الوقت بالولي في محله. لكن في ترتب الثمرة - أعني: جواز الاستئجار بناء على الاختصاص وعدمه بناء على الاشتراك، لعدم جواز أخذ الاجرة على الواجب ولو كان كفائيا - إشكال، لانه إذا آجر الولي الغير فقد أذن له في الفعل، وصار مقدورا، فيجب منجزا، ولايجوز أخذ الاجرة عليه بناء على امتناع أخذ الاجرة على الواجب. هذا إذا استأجره على أن يفعل عن نفسه، وأما إذا استأجره على أن يفعل نيابة عن الولي، فالظاهر صحة الاجارة على القولين، لاختصاص المنع عن أخذ الاجرة بما إذا كان الفعل بعنوان الاصالة، لا بعنوان النيابة. نعم قد يشكل من جهة الاجماع على عدم جواز النيابة عن الحي في الواجبات، لكن عمومه للواجبات الكفائية محل إشكال أو منع. ولعل السيرة الجارية اليوم على أخذ الاجرة على التغسيل مبنية على ذلك. كما أن ثمرة الخلاف الاخرى - وهي: أنه على القول بالاختصاص لا يجب الفعل عقلا إلا بعد العلم، أو الظن بامتناع الولي، أو فقده، إذ مع عدمها يكون الشك في التكليف، والاصل فيه البراءة، وعلى القول بالاشتراك يجب الفعل عقلا إلا مع العلم، أو الظن بالامتثال، لكون الشك في الفراغ - أيضا لا يخلو من إشكال، إذ الشك في الوجوب - على الاختصاص - إن كان للشك في الفعل فهو كالشك فيه على الاشترك، لاصالة عدم الفعل على كل حال. وأصالة حمل الولي على الصحة ليس: بنحو يصلح لاثبات فعله كما حقق في محله. فيجب الفعل على غير الولي

 

===============

 

( 38 )

 

[ والاذن يسقط اعتبار إذنه (1). نعم لو أمكن للحاكم إجباره له أن يجبره على أحد الامرين (2)، وإن لم يمكن ] على كل حال. هذا في آخر الوقت. وأما في أوله فلا يمكن الاتيان به بعنوان المشروعية، إما للشك في التكليف، أو للشك في الاذن المعتبرة في صحة الفعل. فلا فرق بين القولين من هذه الجهة. وكذا الحكم لو علم بعدم الفعل وشك في الاذن، فانه أيضا في آخر الوقت يجب على غير الولي المبادرة إلى الفعل، وفي أوله لا يجب، بل لايشرع، إما لعدم التكليف، أو لاصالة عدم الاذن التي هي شرط الصحة. نعم يختلف القولان في بعض اللوازم، مثل: مالو صلى غير الولي في أول الوقت باعتقاده إذن الولي، فعلى الاختصاص لاتجزئ، وعلى الاشتراك تجزئ. وسيأتي التعرض لبعض موارد الاختلاف. (1) في الجملة بلا خلاف، ولا إشكال. وتشير إليه أخبار العراة الذين وجدوا ميتا قد قذفه البحر (* 1)، وما ورد في التغسيل الذمي المسلم والذمية المسلمة إذا لم يوجد مماثل، ولا ذو رحم (* 2)، وما ورد في تغسيل بعض الميت (* 3)، وغير ذلك. (2) لتخلفه عن مقتضى ولايته. وفي الذكرى: " إن في إجباره نظرا ينشأ من الشك في الولاية هل هي نظر له، أو للميت؟ " وفي الجواهر: " لاريب في قوة العدم، للاصل، مع ما يستفاد من فحوى الادلة "، وكأنه يشير بفحوى الادلة إلى أنها تضمنت: أنه أحق وأولى

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 36 من ابواب صلاة الجنازة. (* 2) الوسائل باب: 19 من ابواب غسل الميت. (* 3) الوسائل باب: 38 من ابواب صلاة الجنازة.

 

===============

 

( 39 )

 

[ يستأذن من الحاكم. والاحوط الاستئذان من المرتبة المتأخرة أيضا (1). " مسألة 1 " الاذن أعم من الصريح، والفحوى، وشاهد الحال القطعي (2). ] مما يقتضي ثبوت الحق له إرفاقا به، وتسلية له، فتنفي الاخبار المنافي للارفاق به، إذ لا يجبر ذو الحق على استيفاء حقه. لكن يمكن المناقشة فيه: بأنه لو سلم في الجملة فظاهرها - أيضا - ثبوت الولاية له ثبوتها لسائر الاولياء إرفاقا بالمولى عليه أيضا، فيجري عليه ما يجري، على سائر الاولياء من لزوم نظره في أمر الميت أداء لحقه عليه، فيجبر مع الامتناع عنه. ولاجل ذلك يبنى على وجوب الاستئذان من الحاكم الشرعي مع عدم إمكان الاجبار، لانه ولي الممتنع، ولكن وفاء الادلة بالامرين معا لا يخلو من إشكال، كما سيأتي. (1) للتوقف في أن الولاية ثابتة لجميع الطبقات فعلا، وإن ترجح بعضها على بعض، فلا يجوز لغير من في الطبقة المتأخرة تولي أمر الميت، كما يقتضيه الجمود على مدلول هيئة التفضيل، أو أنها منحصرة في الطبقة السابقة لاغير. كما يقتضيه المفهوم من هيئة التفضيل عرفا، يظاهر ذلك من ملاحظة أمثاله من الموارد، فمع امتناعها يرجع إلى الحاكم الشرعي، لانه وليها، وسيأتي في البحث عن الولاية التعرض لذلك. ومن هذا يظهر أن التوقف في وجوب الاستئذان من المرتبة المتأخرة يستلزم التوقف في وجوب الاستئذان من الحاكم الشرعي. لان الحاكم الشرعي متأخر عنها، فلا يتضح وجه الجزم بالثاني، والتوقف في الاول. اللهم إلا أن يكون الاحتياط المذكور استحبابيا، لكنه خلاف الظاهر. فلاحظ. (2) لان الجميع طريق إليها. وكذا شاهد الحال الظني إذا كان له

 

===============

 

( 40 )

 

[ " مسألة 2 " إذا علم بمباشرة بعض المكلفين يسقط وجوب المبادرة، (1) ولا يسقط أصل الوجوب إلابعد إتيان الفعل منه، أو من غيره، فمع الشروع في الفعل أيضا لا يسقط الوجوب، فلو شرع بعض المكلفين بالصلاة يجوز لغيره الشروع فيها بنية الوجوب. نعم إذا أتم الاول يسقط الوجوب عن الثاني، فيتمها بنية الاستحباب. ] ظهور معتد به عند العقلاء. (1) الوجوب الكفائي وإن كان لا يسقط إلا بعد حصول متعلقه في الخارج، إلا أنه تسقط محركيته بالنسبة إلى ما قد حصل من المقدمات أو الاجزاء، وكذا تسقط محركيته الالزامية بالنسبة إلى ما لم يحصل منها، إذا علم بأنه سيحصل من الغير لو لم يفعله المكلف، وإن كان يصلح للمحركية غير الالزامية بالنسبة إلى ما ذكر، ولذا يجوز له التعبد بالغسل والصلاة مع الشروع فيهما من الغير وإن علم أنه يستمهما لو لم يفعلهما المكلف. فان قلت: التكليف بالكل وإن لم يسقط لعدم حصول الكل، لكن التكليف بالجزء يسقط لحصول متعلقه، وحينئذ لا مقتضي لفعل الجزء ثانيا لسقوط الامر به. قلت: التكليف الضمني المتعلق بالجزء لما كان ارتباطيا مع التكليف بالاجزاء الباقية، والتكاليف الارتباطية متلازمة في مقام الثبوت والسقوط، فما دام التكليف بالباقي ثابتا. فالتكليف بالجزء المأتي به ثابت أيضا، ولذلك يصلح للداعوية إلى فعل الجزء ثانيا. فان قلت: الامر بالجزء المأتي به وإن لم يسقط لما ذكر، لكن الجزء المأمور به لما كان ملحوظا بنحو صرف الوجود المنطبق على وجود

 

===============

 

( 41 )

 

[ " مسألة 3 " الظن بمباشرة الغير لا يسقط وجوب المبادرة (1) فضلا عن الشك. ] الجزء المأتي به فلا ينطبق على وجود الجزء ثانيا، لانه وجود بعد وجود فكيف يمكن الامتثال ثانيا؟ قلت: الجزء المأتي به إنما ينطبق عليه صرف الوجود بالاضافة إلى الكل الصادر عن فاعل الجزء، لا بالاضافة إلى الكل الصادر عن غيره - كما هو محل الفرض - ولذلك لا يمكن أن يتألف منه الكل الذي يصدر عن غيره. فصرف وجود الجزء كما ينطبق على الجزء المأتي به ينطبق على الجزء المأتي الصادر عن الفاعل الثاني، ونسبة صرف الوجود اليهما نسبة واحدة بعين النسبة إلى الكل الصادر عنهما، إلا أن يقال: صرف الوجود إذا كان ينطبق على الجزء المأتي به أولا امتنع انطباقه ثانيا على غيره ضرورة وإلا كان خلفا، فالتحقيق: أن الاتيان بالجزء ثانيا ليس بداعي الامر، بل بداعي ملاكه فان الملاك والترجح النفساني موجود في الجزء المأتي به ثانيا كما هو موجود في المأتي به أولا بنحو واحد، غاية الامر أن يلتزم بأن موضوع الامر غير موضوع الملاك، ولا مانع من ذلك، وقد يلتزم به في الموارد التي يكون التكليف فيها حرجيا، فان التقرب فيها بالملاك لا بالامر، وموضوع الملاك يكون أعم من موضوع الامر. ومن ذلك يظهر أنه بناء على هذا يمكن تبديل الامتثال بالجزء بالنسبة إلى نفس الفاعل الاول بخلاف الوجه السابق، فانه يصحح تبديل الامتثال بالنسبة إلى غير الفاعل الاول فقط. فلاحظ. (1) كما عن تهذيب العلامة، وجامع المقاصد، لقاعدة الاشتغال، وعن ظاهر الاردبيلي: الثاني. وربما استدل له بانه لو انحصر المسقط

 

===============

 

( 42 )

 

[ " مسألة 4 " إذا علم صدور الفعل عن غيره سقط عنه التكليف ما لم يعلم بطلانه وإن شك في الصحة، بل وإن ظن البطلان، فيحمل فعله على الصحة، سواء كان ذلك الغير عادلا أو فاسقا (1). " مسألة 5 " كل ما لم يكن من تجهيز المكيت مشروطا بقصد القربة - كالتوجيه إلى القبلة: والتكفين، والدفن - يكفي صدوره من كل من كان من البالغ العاقل، أو الصبي، أو المجنون. وكل ما يشترط فيه قصد القربة - كالتغسيل والصلاة - يجب صدوره من البالغ العاقل، فلا يكفي صلاة الصبي عليه إن قلنا صحة صلاته (2)، ] بالعلم لتعذر أو تعسر، إذ لاأقل من توقف صحته على النية التي لاتعلم قطعا. وفيه: أن الكلام في الظن في أصل الفعل، لا في صحته، والثاني مجرى لقاعدة الصحة ولو مع الشك أو ما دونه، فلا مجال لقياس الاول عليه. والشك في النية وإن لم يكن موردا لقاعدة الصحة، إلا أنه يمكن إحراز النية في كثير من الموارد ببعض الامارات الشرعية من قول أو فعل. وبالجملة: إثبات حجية الظن بدليل نفي الحرج ونحوه غير ظاهر. نعم لا يبعد دعوى السيرة على العمل بالظن الغالب المتاخم للعمل إذا كان الميت بين أهله أو غيرهم من المسلمين مع علمهم به. بل لا يبعد ذلك مع الظن مطلقا، وإن قال في الجواهر: " فيه نظر أو منع ". (1) لقاعدة الصحة في فعل الغير المبرهن عليها في الاصول التي لا يفرق في جريانها بين الظن بها، والشك، والظن بعدمها، ولابين كون الفاعل عادلا، أو فاسقا. (2) إذ لا مجال لتوهم الاكتفاء بالباطل.

 

===============

 

( 43 )

 

[ بل وإن قلنا بصحتها - كما هو الاقوى - (1) على الاحوط (2) نعم إذا علمنا بوقوعها منه صحيحة جامعة لجميع الشرائط لا يبعد كفايتها، لكن مع ذلك لا يترك الاحتياط