فصل في النفاس

(فصل في النفاس) وهو دم يخرج مع ظهور أول جزء من الولد (6) ] (1) لما تقدم من إطلاق دليل البدلية. (2) يعني: خمسة بدل الاغسال، وخمسة بدل الوضوءات. (3) يعني: واحد بدل الغسل الواجب للفجر، وخمسة بدل الوضوءات الخمسة (4) ثلاثة منها بدل الاغسال الثلاثة، وخمسة بدل الوضوءات. (5) لانها مع عدم الجمع يجب عليها خمسة أغسال وبدلها خمسة تيممات وبدل الوضوءات خمسة أخرى. والله سبحانه أعلم. والحمد لله رب العالمين. تم بتأريخ 18 صفر سنة 1350. (فصل في النفاس) (6) كما نسبه إلى المشهور جماعة، وعن الخلاف: أنه إجماع. ويدل عليه ما في رواية زريق عن أبي عبد الله (ع): في الحامل ترى الدم، قال (ع): " تصلي حتى يخرج رأس الصبي فإذا خرج رأسه لم تجب عليها الصلاة... إلى أن قال (ع): وهذه قذفت بدم المخاض إلى أن يخرج

 

===============

 

( 431 )

 

[ أو بعده (1) قبل انقضاء عشرة أيام من حين الولادة (2)، سواء كان تام الخلقة أولا (3) كالسقط وإن لم تلج فيه الروح، ] بعض الولد، فعند ذلك يصير دم النفاس... " (* 1) ورواية السكوني عن جعفر (ع) عن أبيه (ع) " قال النبي صلى الله عليه وآله: ما كان الله ليجعل حيضا مع حبل. يعني: إذا رأت الدم وهي حامل لا تدع الصلاة، إلا أن ترى على رأس الولد إذا ضربها الطلق ورأت الدم تركت الصلاة " (* 2)، بناء على أن التفسير من الامام (ع) - كما لعله الظاهر - لا من الراوي. وعن الوسيلة والغنية وغيرهما: أنه الدم عقيب الولادة، وظاهره عدم نفاسية المقارن، ونسب ذلك في المعتبر إلى علم الهدى وأبي حنيفة. وقد يشهد له موثق عمار عن أبي عبد الله (ع): " في المرأة يصيبها الطلق أياما أو يومين فتري الصفرة أو دما. قال (ع): تصلي ما لم تلد " (* 3). لكن يجب حمله على إرادة نفي نفاسية ما قبل الولادة، جمعا بينه وبين ما سبق. وفي كشف اللثام احتمل أن يكون مراد السيد والوسيلة وغيرهما من قوله: " عقيب الولادة " ابتداءها، أي ظهور شئ من الولد، فلا خلاف. ويؤيده ظهور كلام الشيخ في الخلاف في دعوى الاجماع على نفاسية ما يرى مع الولادة. فتأمل. (1) بلا خلاف، فانه القدر المتيقن. (2) على ما سيأتي - إن شاء الله تعالى - من أن أكثره عشرة أيام من حين الولادة. (3) استظهر في مفتاح الكرامة: أنه لا كلام لاحد فيه، لصدق

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 30 من أبواب الحيض حديث: 17 (* 2) الوسائل باب: 30 من أبواب الحيض حديث: 12 (* 3) الوسائل باب: 4 من أبواب النفاس حديث: 1

 

===============

 

( 432 )

 

[ بل ولو كان مضغة أو علقة (1) بشرط العلم بكونها مبدأ نشوء الانسان، ولو شهدت أربع قوابل بكونها مبدأ نشوء إنسان كفى (2). ] الولادة فيهما بلا إشكال، كما في الجواهر وطهارة شيخنا الاعظم (ره)، وحينئذ يشمله الاطلاق. (1) كما هو المعروف، وعن المدارك: أنه مما قطع به الاصحاب، وفي الجواهر وعن التذكرة وشرح الجعفرية: الاجماع عليه. وهو العمدة فيه. ولو لاه لاشكل، لعدم ثبوت صدق النفاس معهما، ولذا توقف الكركي في إلحاق العلقة، بل عن الاردبيلي: الجزم بعدم إلحاق المضغة والعلقة معا. لكن لا يبعد الصدق، وإن كان لا يخلو من خفاء. والكلام في النطفة ينبغي أن يكون هو الكلام في العلقة، والتفكيك بينهما غير ظاهر، ولكن لم يتعرض لها في كلام الاكثر. نعم عن الشهيد: احتمال الالحاق بالعلقة والمضغة. وكأن وجه التوقف فيها عدم وضوح صدق الولد فيها من جهة عدم التطور والتبدل عرفا. (2) لا إشكال في حجية شهادة القوابل الاربع في الجملة في إثبات الولادة والنفاس، وإنما الاشكال في حجية شهادة الاثنتين والواحدة، فعن المفيد وغيره: ذلك، ويشهد به بعض النصوص (* 1) الواجب حمله على الحجية بالنسبة إلى النصف أو الربع جمعا بين النصوص (* 2)، وعن ابن إدريس وغيره: عدم حجية شهادة الاربع مع وجود الرجال. لكن ذلك مخالف لاطلاق النصوص الدالة على حجية شهادتهن. والكلام في ذلك موكول إلى محله من كتاب الشهادات.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 24 من أبواب الشهادات حديث: 2 و 42 و 52 (* 2) الوسائل باب: 24 من أبواب الشهادات حديث: 6 و 46 و 49

 

===============

 

( 433 )

 

[ ولو شك في الولادة أو في كون الساقط مبدأ نشوء الانسان لم يحكم بالنفاس (1) ولا يلزم الفحص (2) أيضا. وأما الدم الخارج قبل ظهور أول جزء من الولد فليس بنفاس (3). نعم لو كان فيه شرائط الحيض كأن يكون مستمرا من ثلاثة أيام فهو حيض (4) وإن لم يفصل بينه وبين دم النفاس أقل الطهر على الاقوى (5) ] (1) بل تكون حاله حال الدم المشكوك الخارج من المرأة من الحكم عليه بأنه حيض إن أمكن، لقاعدة الامكان، وإن لم يمكن، فان جرت فيه أصالة الاستحاضة - كما تقدم بيانها في مبحث الاستحاضة - فهو، وإلا كان المرجع فيه الاصل المختلف اقتضاؤه باختلاف كون الحالة السابقة المتيقنة هي الطهر أو غيره. أما لو علم بالولادة واحتمل كون الدم غير نفاس فالظاهر أنه لا إشكال في الحكم بنفاسيته، لاصالة النفاس في كل دم يخرج بعد الولادة، كما صرح به بعض الاعاظم (ره). والعمدة في هذا الاصل - مضافا إلى ظهور الاجماع - بناء العرف عليه. (2) كما هو الحال في جميع الشبهات الموضوعية، عدا الشاذ النادر الذي قام الدليل فيه بالخصوص على وجوب الفحص فيه. والوجه في عدم وجوبه إطلاق أدلة الاصول المتقدمة، من قاعدة الامكان في الحيض، أو الاستحاضة، أو استصحاب الطهر، أو غيره. فلاحظ. (3) إجماعا، ادعاه غير واحد من الاعاظم. مضافا إلى النصوص المتقدمة من موثق عمار وغيره. (4) لقاعدة الامكان بناء على إمكان حيض الحامل. (5) كما عن التذكرة والمدارك والذخيرة وحواشي الشهيد وغيرها، وفي المنتهى: الميل إليه، وعن النهاية: احتماله. واستدل له باطلاقات

 

===============

 

( 434 )

 

أحكام الحيض. وبقاعدة الامكان. وبما دل على حيضية المرئي في العادة أو بالصفة. لكن الاطلاق مقيد بما يأتي. وقاعدة الامكان وما بعدها إنما يصح التمسك بهما في الشبهة الموضوعية لا الحكمية كما فيما نحن فيه. ومن هنا كان المشهور - كما قيل - هو اعتبار الفصل بأقل الطهر، والعمدة فيه إطلاق ما دل على أن الطهر لا يكون أقل من عشرة أيام. ودعوى: انصرافه أو اختصاصه بما بين الحيضتين فلا يشمل ما بين الحيض والنفاس، ممنوعة، كما تقدم في الحيض. كدعوى: أن بينه وبين إطلاقات أحكام الحيض عموما من وجه، وليس هو باظهر منها. إذ لو سلم ذلك يكون المرجع الاصل المقتضي لنفي الحيضية. ثم إن شيخنا الاعظم (ره) - بعدما استشكل في التمسك باخبار أقل الطهر بأن الظاهر منها الطهر بين الحيضتين - قال: " مع أنها إنما تنفي كون الاقل طهرا فلعله حيض أو نفاس أو حالة حدث بين الحدثين ". وهو - كما ترى - غير واضح، لان الكلام في صورة الدم المنقطع قبل النفاس بأقل من عشرة أيام، وهذا النقاء الاقل من عشرة ليس بنفاس، لما سبق من أن الناس الدم حال الولادة أو بعدها، فلا يشمل ما قبلها من الدم فضلا عن النقاء، وليس بحيض، لان النقاء لا يكون حيضا إلا إذا تخلل بين دمين محكومين بأنهما حيض واحد، وليس هناك حدث ثالث إجماعا. وبالجملة: ما ذكره من الاحتمالات كلها خلاف الاجماع ولا تساعدها الادلة. نعم إذا كان الدم والنقاء مجموعهما لا يتجاوز العشرة، فان الاخبار المتضمنة أن أقل الطهر عشرة تقتضي الحاقه بالحيض، نظير ما يقال في تقريب حيضية النقاء المتخلل بين أجزاء الحيضة الواحدة. لكن الاخذ بالادلة في هذه الصورة خلاف الاجماع ظاهرا على كون النقاء طهرا.

 

===============

 

( 435 )

 

[ خصوصا إذا كان في عادة الحيض (1) أو متصلا بالنفاس، ولم يزد مجموعهما عن عشرة أيام (2) كأن ترى قبل الولادة ثلاثة أيام وبعدها سبعة مثلا. لكن الاحوط مع عدم الفصل بأقل الطهر مراعاة الاحتياط خصوصا في غير الصورتين من كونه في العادة أو متصلا بدم النفاس. ] وقد يستدل له (تارة) بما دل على اعتبار الفصل بذلك فيما بين النفاس والحيض اللاحق بضميمة عدم القول بالفصل بين اللاحق والسابق. وفيه: عدم ثبوت عدم القول بالفصل، لتحقق الخلاف. ولو سلم لم يجد ما لم يكن قولا بعدم الفصل. و (أخرى) بما دل على أن النفساء كالحائض. وفيه: أنه لو سلم ثبوته فظاهره خصوص أحكام الحيض والحائض، لا أحكام الطهر وان كانت راجعة إلى الحيض بوجه. و (ثالثة) بروايتي عمار وزريق (* 1). وفيه: أنهما مختصان بدم المخاض ولا تعرض فيهما لما نحن فيه. وما في كلام شيخنا الاعظم (ره) - من أن العمدة الروايتان - غير ظاهر. (1) قد عرفت أن ما دل على حيضية ما في العادة لا يصلح لرفع الشك بنحو الشبهة الحكمية. (2) الحكم بحيضية الدم المرئي قبل الولادة في الفرض المذكور لا ينافيه ما دل على كون أقل الطهر عشرة بوجه، وإنما ينافيه ما يدل على أن النفاس بحكم الحيض من جميع الجهات، فكما يعتبر الفصل بأقل الطهر بين الحيضتين يعتبر الفصل به بين الحيض والنفاس، إلا أن ثبوت الدليل على ذلك محل إشكال أو منع. وعلى تقدير عدمه، فالدم المذكور إما أن يعلم بأنه من دم

 

 

____________

(* 1) تقدمتا في أول الفصل

 

===============

 

( 436 )

 

[ (مسألة 1): ليس لاقل النفاس حد (1) بل يمكن أن يكون مقدار لحظة بين العشرة (2) ] الحيض المتكون خلقة في المرأة وإما أن يشك، ففي الاول يجري عليه حكم الحيض. لاطلاق أدلته النافي للتقييد الشرعي زائدا على الموضوع العرفي، كما هو الحكم في جميع موارد الشك في تقييد الموضوع الشرعي زائدا على ما عند العرف، فان مقتضى الاطلاقات المقامية العمل بما عند العرف. ودعوى: تقييدها بروايتي زريق وعمار. مندفعة بظهورهما بدم المخاض، بل الاولى صريحة فيه، فلا تعرض فيهما لمعلوم الحيضية. ولا فرق في ذلك بين أن يزيد مجموعهما على عشرة أيام وبين أن لا يزيد، لاطلاق ما ذكرنا. وما دل أن الحيض لا يكون أكثر من عشرة والنفاس لا يكون أكثر من عشرة لا يقتضي أن يكون مجموع الحيض والنفاس المتصلين لا يزيد على العشرة. إلا أن يستفاد من الادلة. أن الجامع لا يجوز أن يزيد على عشرة لكنه غير ظاهر. وفي الثاني يرجع إلى أصالة الطهارة، إذ لا مجال لقاعدة الامكان أو غيرها من أمارات الحيض، لما عرفت من اختصاصها بالشبهة الموضوعية. فتأمل. (1) إجماعا، كما عن الخلاف والغنية والمعتبر والمنتهى والتذكرة والذكرى وكشف الالتباس والروض وظاهر المدارك وشرح المفاتيح. (2) كما قاله الاصحاب، ويقتضيه - مضافا إلى إطلاق الادلة - رواية ليث المرادي عن أبي عبد الله (ع) قال: " سألته عن النفساء كم حد نفاسها حتى يجب عليها الصلاة وكيف تصنع؟ قال (ع): ليس لها حد " (* 1)، فانها وإن كانت ظاهرة في نفي التحديد من طرف الكثرة،

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 2 من أبواب النفاس حديث: 1

 

===============

 

( 437 )

 

[ ولو لم تردما فليس لها نفاس أصلا (1)، وكذا لو رأته بعد العشرة من الولادة (2)، وأكثر عشرة أيام (3) ] لكن يجب حملها على طرف القلة بقرينة الاجماع والنصوص على تحديد الكثرة. فتأمل. (1) إجماعا، حكاه جماعة كثيرة. (2) هذا بناء على أن أكثره عشرة، وأما بناء على أن أكثره أكثر من ذلك فهو نفاس على ما ذكره في المنتهى. نعم لو رأته بعد الولادة ثم انقطع ورأته بعد العشرة ففيه احتمالان ذكرهما في المنتهى: احتمال الحكم بالحيض، واحتمال الحكم بالنفاس. (3) كما هو المشهور، كما عن جماعة. واستدل له بأمور: الاول: أصالة عدم النفاس، أو أصالة عدم أحكامه. ولا يعارضه استصحاب موضوعه - لمنع جريانه في التدريجيات - ولا استصحاب أحكامه لانه فرع بقاء موضوعها، أعني: النفساء شرعا. مع أن الاستصحاب المذكور لا يجري في بعض الصور، كما لو حدث الدم بعد العشرة. كذا ذكره شيخنا الاعظم في طهارته. وفيه: أولا: أن أصالة عدم النفاس إن كان المراد بها أصالة عدم النفاس الشرعي العرفي فلا مجال لها، لان الشك إن كان فهو من جهة الشك في المفهوم، ومعه لا مجال للاستصحاب كما عرفت مكررا. وثانيا: أن التحقيق صحة جريان الاستصحاب في التدريجيات، كما حققه المستدل (ره) في محله. وثالثا: أنه يكفي في بقاء الموضوع في الاستصحاب صدق البقاء عرفا، وهو حاصل فلا مانع من استصحاب الاحكام. نعم لو كان المرجع في تشخيص الموضوع الاستصحابي هو الدليل، فالشك في دلالة الدليل على تقييد النفساء بالعشرة يوجب الشك.

 

===============

 

( 438 )

 

في بقاء الموضوع الشرعي، لكن ذلك خلاف ما حققه المستدل نفسه (ره) ورابعا: إمكان جريان الاستصحاب التعليقي في صورة حدوث الدم بعد العشرة، فيقال: كان الدم بحيث لو رئي قبل العشرة لكان نفاسا وهو على ما كان. وقد حقق المستدل (ره) نفسه صحة الاستصحاب التعليقي في محله. إلا أن يقال: القضية الشرطية المذكورة ليست مذكورة في الدليل الشرعي، وإنما هي مستنبطة منه، لكونها من لوازم. مضمونه، وذلك غير كاف في صحة الاستصحاب التعليقي، كما أشرنا إلى ذلك في مبحث نجاسة العصير. هذا وأما استصحاب الحدث فهو وإن كان لا يتوقف على القول بصحة الاستصحاب في الامور التدريجية، لكون الظاهر أن الحدث من الامور القارة المستند حدوثه إلى وجود الدم، وبقاؤه إلى استعداد ذاته، الا أنه لا يجدي في ترتيب أحكام النفساء، بل إنما يجدي في ترتيب أحكام الحدث والفرق بينهما ظاهر. الثاني: ما ورد من أن النفاس حيض محتبس (* 1). وفيه - كما تقدم - أنه وارد لبيان قضية واقعية خارجية لا تشريعية تنزيلية، ولا سيما بملاحظة توصيفة بالاحتباس، إذ لا أثر للحيض المحتبس ليصح التنزيل منزلته، فلا مجال للتمسك به في أمثال المقام. الثالث: مرسلة المفيد المحكية في السرائر عنه: " أنه سئل كم قدر ما تقعد النفساء عن الصلاة وكم مبلغ أيام ذلك؟ فقد رأيت في كتاب أحكام النساء: أحد عشر يوما، وفي رسالة المقنعة: كتاب الاعلام: أحد وعشرين يوما. فعلى أيها العمل؟ فأجاب: الواجب على النفساء أن تقعد عشرة أيام... (إلى أن قال): وعملي في

 

 

____________

(* 1) تقدم التعرض لذلك في المسألة العشرين من فصل أحكام الحيض. ويأتي الكلام فيه في المسألة العاشرة من هذا الفصل

 

===============

 

( 439 )

 

ذلك على عشرة أيام، لقول الصادق (ع). لا يكون النفاس لزمان اكثر من زمان الحيض " وفي المقنعة قال: " وقد جاءت أخبار معتمدة في أن أقصى مدة النفاس هو عشرة أيام (* 1)، وعليها أعمل لوضوحها عندي " بناء على أنه من عبارة المقنعة كما هو الظاهر، وعليه العلامة وكاشف اللثام والوسائل (* 2) وغيرهما، خلافا لما في الذكرى من نسبة الكلام المذكور إلى التهذيب، قال: " وفي التهذيب قال: جاءت أخبار... "، ونحوه في جامع المقاصد وعن الروض وظاهر السرائر. وإن كان لا يهم تحقيق ذلك، لان إرسال الشيخ لا يقصر عن إرسال المفيد. وفيه: وهن المرسلتين المذكورتين بعدم ذكرهما مسندتين في المجاميع فيقرب جدا كون المراد بهما الاخبار التي ذكرها في التهذيب دليلا على كون الاكثر عشرة أيام، التي قد روي أكثرها عن المفيد، المتضمنة أنها تقعد بقدر أيامها ثم تغتسل وتصلي ويغشهاها زوجها إن أحب. وكأن وجه الاستدلال بها: أن غاية أيام العادة عشرة. ولا ينافيها ما تضمن منها الامر بالاستظهار بيوم أو أكثر من جهة ظهوره في تجاوز النفاس عن العادة ولو كانت عشرة، لاختصاص الاستظهار بصورة كون العادة دون العشرة، كما تقتضيه مرسلة ابن المغيرة: " إذا كانت أيام المرأة عشرة لم تستظهر، فان كانت أقل استظهرت " (* 3). وفيه: - مع اختصاص تلك النصوص بالمعتادة - أنها إنما تدل على أن أكثر النفاس العادة التي تختلف باختلاف النساء مع أنها واردة في مقام بيان الحكم الظاهري عند اشتباه النفاس بالاستحاضة لا في مقام تحديد النفاس واقعا بذلك، فهي كاخبار رجوع المستحاضة إلى

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 3 من أبواب النفاس حديث: 10 (* 2) الوسائل باب: 3 من أبواب النفاس حديث: 10 (* 3) الوسائل باب: 13 من أبواب الحيض حديث: 2

 

===============

 

( 440 )

 

عادتها في الحيض الاجنبية عن مقام تحديد الحيض. ولاجل ذلك يظهر أن نفي الاستظهار بعد العشرة - كما في المرسلة - لا يدل على أنها أكثر النفاس نظير الاستظهار بيوم واحد بعد العادة. ومن ذلك يظهر الاشكال فيما ذكره الشيخ في التهذيب، فانه بعد ما روى رواية مالك بن أعين عن أبي جعفر (ع): " عن النفساء يغشاها زوجها وهي في نفاسها من الدم قال (ع): نعم، إذا مضى لها منذ يوم وضعت بقدر أيام عدة حيضها، ثم تستظهر بيوم، فلا بأس بعد أن يغشاها زوجها، يأمرها فتغتسل ثم يغشاها إن أحب " (* 1) قال: " وهذا الحديث يدل على أن اكثر أيام النفساء مثل أكثر أيام الحيض، لانه لو كان زائدا على ذلك لما وسع لزوجها وطؤها، كما قدمناه من أن النفساء لا يجوز وطؤها أيام نفاسها ". فانه كما ترى، فان جواز الوطئ اعتمادا على الاماره لا يدل على انتهاء مدة النفاس واقعا، ولو سلم لكانت الرواية دالة على أن اكثر النفاس العادة، ويوم الاستظهار وإن لم يبلغ العشرة، ولو كان المنع يوم الاستظهار من جهة الاحتياط كان أكثر النفاس العادة لا غير، كما عرفت في أخبار الرجوع إلى العادة. الرابع: ما رواه يونس بن يعقوب عن أبي عبد الله (ع): " عن امرأة ولدت فرأت الدم اكثر مما كانت ترى. قال (ع): فلتقعد أيام قرئها التي كانت تجلس، ثم تستظهر بعشرة أيام... " (* 2). بناء على أن المراد أنها تستظهر إلى عشرة أيام - كما في التهذيب - لان حروف الصفات يقوم بعضها مقام بعض. انتهى. ويشهد له روايته بهذا السند وبهذا المتن

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 3 من أبواب النفاس حديث: 4 (* 2) الوسائل باب: 3 من أبواب النفاس حديث: 3

 

===============

 

( 441 )

 

في الحائض (* 1). وفيه: ما أشرنا إليه من أنها واردة في بيان الحكم الظاهري فلا يدل الامر بالاستظهار إلى العشرة فيها على كونها أكثر النفاس، نظير الاستظهار بيوم أو يومين. مع أن جعل (الباء) بمعنى (إلى) خلاف الظاهر. والالتزام به في روايته الاخرى بقرينة الاجماع والنصوص لا يقتضي الالتزام به في المقام. هذا والمنسوب إلى المفيد في المقنعة والسيد والصدوق والاسكافي - وفي الخلاف وعن المبسوط: نسبته إلى قوم من أصحابنا - أن أكثر النفاس ثمانية عشر يوما. ويشهد له جملة من النصوص كرواية حنان بن سدير: " لاي علة أعطيت النفساء ثمانية عشر يوما ولم تعط أقل ولا أكثر؟ قال (ع): لان الحيض أقله ثلاثة، وأوسطه خمسة، وأكثره عشرة، فأعطيت أقله وأوسطه وأكثره " (* 2)، ونحوه مرسلة الفقيه (* 3). وفي كتاب الرضا (ع) إلى المأمون: " والنفساء لا تقعد عن الصلاة أكثر من ثمانية عشر يوما، فان طهرت قبل ذلك صلت، وان لم تطهر حتى تجاوز ثمانية عشر يوما اغتسلت... " (* 4)، ومرسلة المقنع: " روي: أنها تقعد ثمانية عشر يوما " (* 5)، وفي مرسلة الصدوق الواردة في قصة أسماء: " فأمرها رسول الله صلى الله عليه وآله أن تقعد ثمانية عشر يوما " (* 6). وفيه: أنه يشكل العمل بالجميع، إذ هي ما بين ضعيف الاسناد وضعيف بالارسال، أو مما يشكل العمل فيه باصالة الجهة، لكون المكتوب

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 13 من أبواب الحيض حديث: 12 (* 2) الوسائل باب: 3 من أبواب النفاس حديث: 23 (* 3) الوسائل باب: 3 من أبواب النفاس حديث: 22 (* 4) الوسائل باب: 3 من أبواب النفاس حديث: 24 (* 5) الوسائل باب: 3 من أبواب النفاس حديث: 26 (* 6) الوسائل باب: 3 من أبواب النفاس حديث: 21

 

===============

 

( 442 )

 

إليه مما يخاف منه لسلطته وجوره. وانجبار الضعف بدعوى السيد أنه مما انفردت به الامامية، وبعمل مثله ممن لا يعمل إلا بالقطعيات، غير ثابت، إذ دعواه غير ظاهرة المأخذ، وعمله متفرع عليها، فكيف يكون صالحا للجبر؟!. هذا مضافا إلى معارضة هذه النصوص بمرفوع إبراهيم بن هاشم " سألت امرأة أبا عبد الله (ع) فقالت: إني كنت أقعد في نفاسي عشرين يوما حتى أفتوني بثمانية عشر يوما. فقال أبو عبد الله (ع): ولم أفتوك بثمانية عشر يوما؟ فقال رجل: للحديث الذي روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال لاسماء بنت عميس حين نفست بمحمد بن أبي بكر. فقال أبو عبد الله عليه السلام: إن أسماء سألت رسول الله صلى الله عليه وآله وقد أتي لها ثمانية عشر يوما، ولو سألته قبل ذلك لامرها أن تغتسل وتفعل كما تفعل المستحاضة " (* 1) ونحوه ما عن المنتقي نقلا عن كتاب الاغسال لاحمد بن محمد بن عياش الجوهري (* 2). اللهم إلا أن يضعف الاول بالرفع، والثاني بما عن النجاشي من قوله: " رأيت شيوخنا يضعفونه فلم أرو عنه وتجنبته ". ثم إنه قد يستدل على هذا القول بصحيح محمد وفضيل وزرارة (* 3) وموثق زرارة (* 4) المتضمنين أن أسماء نفست بمحمد بن أبي بكر حين أرادت الاحرام من ذي الحليفة، وأنها لما قدمت مكة بعد ثمانية عشر يوما بعد أن نسكت مناسك الحج أمرها رسول الله صلى الله عليه وآله أن تغتسل وتطوف وتعمل عمل المستحاضة. ودلالتها - كما ترى - قاصرة، كما أشير إلى ذلك في الخبرين المتقدمين. وبصحيح محمد بن مسلم: " عن النفساء كم تقعد؟

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 3 من أبواب النفاس حديث: 7 (* 2) الوسائل باب: 3 من أبواب النفاس حديث: 11 (* 3) الوسائل باب: 3 من أبواب النفاس حديث: 19 (* 4) الوسائل باب: 3 من أبواب النفاس ملحق حديث: 19

 

===============

 

( 443 )

 

فقال (ع): إن أسماء بنت عميس أمرها رسول الله صلى الله عليه وآله أن تغتسل لثمان عشرة، ولا بأس بأن تستظهر بيوم أو يومين " (* 1). وفيه: أن الاستظهار بيوم أو يومين يقتضي جواز تجاوزه الثمانية عشر، بل تجاوزه العشرين لانه لا يظهر منه أن أيام الاستظهار غاية أيام النفاس. وأيضا يدل بمقتضى تأنيث العدد على أن المراد الليالي لا الايام. وأيضا فان صريح صدره السؤال عن الحد وفي الجواب لم يتعرض لذلك، وحينئذ يشكل العمل بأصالة الجهة أو أصالة عدم النقصان، للعلم بوجود الخلل في إحداهما. بصحيحه الآخر: " كم تقعد النفساء حتى تصلي؟ قال (ع): ثمان عشرة أو سبع عشرة، ثم تغتسل وتحتشي وتصلي " (* 2). وفيه: أن الترديد مانع من حمله على التحديد الشرعي، فلا يبعد أن يكون من الراوي، فيسقط عن الحجية على الثمانية عشر. بل تأنيث العدد يدل على أن المراد الليالي. وبالجملة: النصوص المتضمنة لقصة أسماء لا دلالة فيها على التحديد بالثمانية عشر، حتى صحيح محمد بن مسلم، فانه - وإن تضمن صدره السؤال عن الحد - قد عرفت جهات الاشكال فيه المانعة من صحة الاستدلال به على هذا القول. وأما غيرها من النصوص فالدال منها ضعيف السند أو ضعيف الجهة، وغيره لا يصلح للحجية. فالقول المذكور لا دليل عليه. وعن المختلف: " أن ذات العادة ترجع إلى عادتها في الحيض، والمبتدئة تصبر ثمانية عشر يوما "، وعن التنقيح: أنه استحسنه، وعن بعض متأخري المتأخرين: اختياره. ووجهه الجمع بين ما دل على الرجوع إلى العادة وما دل على الثمانية عشر، لاختصاص مورد الاول بالمعتادة

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 3 من أبواب النفاس حديث: 15 (* 2) الوسائل باب: 3 من أبواب النفاس حديث: 12

 

===============

 

( 444 )

 

فيكون مختصا بها فيقيد به إطلاق الثاني. وفيه: ما عرفت من أن ما دل على الرجوع إلى العادة - ولا سيما بملاحظة اشتمال جملة منه على الاستظهار - وارد في مقام الحكم الظاهري، ولا تعرض فيه لتحديد أكثر النفاس واقعا. مضافا إلى ما عرفت من الاشكال في الاعتماد على ما دل على الثمانية عشر. وأشكل منه ما ذكره في المنتهى من أن أكثر النفاس للمعتادة عشرة وللمبتدئة والمضطربة والناسية لعادتها ثمانية عشر يوما، جمعا بين النصوص، إذ الحكم في كل من الشقين لا دليل عليه ظاهر. ومن هنا يظهر أن تحديد أكثر النفاس من المشكلات بملاحظة صناعة الاستدلال، ولذلك قال في الذكرى: " الاخبار الصحيحة المشهورة تشهد برجوعها إلى عادتها في الحيض، والاصحاب يفتون بالعشرة، وبينهما تناف ظاهر... (إلى أن قال): وحينئذ فالرجوع إلى عادتها - كقول الجعفي في الفاخر وابن طاووس والفاضل رحمهم الله تعالى - أولى. وكذا الاستظهار كما هو هناك. نعم قال الشيخ (ره): لا خلاف بين المسلمين أن عشرة أيام إذا رأت المرأة الدم من النفاس، والذمة مرتهنة بالعبادة قبل نفاسها فلا يخرج عنها إلا بدلالة، والزائد على العشرة مختلف فيه. فان صح الاجماع فهو الحجة. ولكن فيه طرح للاخبار الصحيحة ". وفيه: أن الاخبار لا تنافي الاجماع - إن تم - لما عرفت من أنها واردة في مقام الحكم الظاهري لا غير، ولذا لا ينافي ذلك ما ذكروه من أنه إذا تجاوز الدم العشرة اقتصرت على العادة. كما لا ينافي قولهم: أكثر الحيض عشرة، لما ذكروه من أن المستحاضة تقتصر على عادتها. وكيف كان فالذي تطمئن به النفس مذهب المشهور. ويشير إليه أن أخبار الرجوع إلى العادة وما اشتمل على الاستظهار منها كلها مساقة مساق

 

===============

 

( 445 )

 

[ وإن كان الاولى مراعاة الاحتياط بعدها أو بعد العادة (1) إلى ثمانية عشر يوما من الولادة. والليلة الاخيرة خارجة (2) ] أخبار الحائض. وكأن الوجه في إهمال التعرض له في النصوص ما علم من أن النفساء بمنزلة الحائض في جميع الاحكام إلا ما خرج، وما تعرضت له النصوص كان مبنيا على التقية أو نحوها. ومن هنا تعرف أن ما دل على غير المشهور مطروح مثل ما دل على السبعة، عشر، أو الثمانية عشر، أو على العشرين، أو على الثلاثين، أو على ما بين الثلاثين والاربعين، أو على ما بين الاربعين إلى الخمسين، أو على ثلاثين يوما أو أربعين إلى الخمسين، أو على نفي الحد بالمرة، وأنها تقعد حتى تطهر، أو غير ذلك من المضامين. ثم إنه حكي في المعتبر والتذكرة عن العماني: القول بأن أكثر النفاس أحد وعشرون يوما، قال في الاول - بعد نقل ذلك -: " وقد روى ذلك البزنطي في كتابه عن جميل عن زرارة ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام... ثم قال (ره) - بعد ذلك -: وأما ما ذكره ابن أبي عقيل فانه متروك والرواية به نادرة ". وتقدم عن السرائر عن المفيد: القول بذلك أيضا في كتاب الاعلام. كما تقدم القول بانه أحد عشر يوما في كتاب أحكام النساء. ولم يعرف له مستند. والله سبحانه أعلم. (1) يعني: بعد العشرة لغير ذات العادة، أو بعد العادة لذات العادة لما سيأتي من أنه إذا تجاوز الدم العشرة رجعت ذات العادة إليها وكان الباقي بعدها استحاضة. (2) لخروج الليل عن اليوم لغة وعرفا.

 

===============

 

( 446 )

 

[ وأما الليلة الاولى إن ولدت في الليل فهي جزء من النفاس (1) وإن لم تكن محسوبة من العشرة (2). ولو اتفقت الولادة في وسط النهار يلفق من اليوم الحادي عشر لا من ليلته (3). وابتداء الحساب بعد تمامية الولادة (4) وإن طالت لا من ] (1) إذ الدم فيها من أظهر مصاديق النفاس، وليس ما يوجب خروجه عنه. (2) لما عرفت من خروج الليل عن اليوم من غير فرق بين الليل السابق واللاحق. هذا ولا منافاة بين عدم احتسابها من العشرة وترتيب آثار النفاس على ما فيها كما هو ظاهر. (3) تقدم في الحيض الوجه في لزوم التلفيق من النهار دون الليل. (4) كما عن شرح البغية التصريح به، وان لم يعثر على مصرح به ممن تقدم، إلا أنه يفهم من كلامهم في مسألة التوأمين الآتية. مع أنه مما لا ينبغي الاشكال فيه، إذ لو كان الحساب من حين خروج أول جزء من الولد يلزم البناء على الطهر مع عدم تحقق الولادة فيما لو خرج جزء من الولد وبقي غير منفصل حتى مضى أحد عشر يوما، وهو مقطوع بفساده، فقولهم: " أكثر النفاس عشرة "، لا يراد منه أنه لا تكون مدة النفاس اكثر من عشرة، بل المراد أنه لا يزيد النفاس استمرارا وبقاء اكثر من عشرة من حين الولادة. وهذا وان كان خلاف مقتضى الجمود على ظاهر العبارة بل خلاف مقتضى ما ذكروه من مساواة النفاس للحيض، إلا أنه لا بد من الالتزام به لما عرفت. ويشير إلى ذلك ما في رواية مالك بن أعين عن أبي جعفر (ع): " إذا مضى لها منذ يوم وضعت بقدر أيام عدة حيضها ثم تستظهر بيوم فلا بأس بعد أن يغشاها زوجها... " (* 1)، ونحوه غير. والظاهر أن

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 3 من أبواب النفاس حديث: 4

 

===============

 

( 447 )

 

[ حين الشروع، وإن كان إجراء الاحكام من حين الشروع (1) إذا رأت الدم إلى تمام العشرة من حين تمام الولادة. (مسألة 2): إذا انقطع دمها على العشرة أو قبلها فكل ما رأته نفاس، سواء رأت تمام العشرة أو البعض الاول (2) أو البعض الاخير (3) أو الوسط أو الطرفين (4) ] وجه الفرق بين المقامين أن حال الحيض هو حال الدم فلا ينطبق إلا مع رؤية الدم، بخلاف حال النفاس فانه الزمان المتصل بالولادة فينطبق حتى مع عدم الدم، فنصوص التحديد راجعة إلى ذلك الحال وان لم ير فيها الدم. (1) كما سبق. (2) بلا خلاف ولا إشكال، لعموم الادلة لو علم كونه نفاسا، ولقاعدة الامكان التي لا اشكال فيها هنا لو شك فيه. (3) ولو كان هو اليوم العاشر، كما عن السرائر والجامع والمعتبر والمنتهى والتحرير وغيرها، وعن المدارك: انه مقطوع به في كلام الاصحاب، لكن استشكل فيه بعدم استناد هذا الدم إلى الولادة فيشك في كونه نفاسا. وهو في محله لولا ظهور الاجماع على جريان قاعدة الامكان فيه، كما يظهر من ملاحظة كلماتهم فيما لو رأته في الطرفين. فتأمل جيدا. ومما ذكرنا يظهر وجه الحكم بنفاسية الدم في الفروض الآتية. (4) إجماعا، كما عن ظاهر الاردبيلي، واجماعا على الظاهر المستظهر من بعض العبائر، كما في طهارة شيخنا الاعظم (ره) وصريح غير واحد: نفي الخلاف فيه، وفي جامع المقاصد: " لا بحث فيه ". وهذا هو العمدة فيه. وصدق النفاس عليهما - كما في طهارة شيخنا الاعظم (ره) - غير ظاهر عرفا في بعض الاحوال.

 

===============

 

( 448 )

 

[ أو يوما ويوما لا، وفي الطهر المتخلل بين الدم تحتاط بالجمع بين أعمال النفساء والطاهر (1). ولا فرق في ذلك بين ذات العادة العشرة أو أقل وغير ذات العادة (2). ] (1) كما تقدم في الحيض. لكن تقدم هناك أن الاقوى الحكم بحيضيته اعتمادا على إطلاق ما دل على أن أقل الطهر عشرة، وينبغي أن يكون الحكم هنا كذلك، لذلك. ولما عرفت من نفي الخلاف ودعوى ظهور الاجماع من غير واحد. وما عن الذخيرة - من التوقف فيه لعدم ثبوت الاجماع على الكلية وفقد النص الدال عليه - ضعيف. كما أن البناء على ثبوت أقل الطهر دون العشرة في مسألة التوأمين لا ينافي ما ذكرناه، لامكان تخصيص القاعدة المذكورة كما هو ظاهر. (2) بلا خلاف فيه ظاهر، لا طراد ما تقدم من الادلة في جميع الصور المذكورة. نعم قال في الذكرى: " ولو رأت العاشر لا غير فهو النفاس، لانه في طرفه. وعلى اعتبار العادة ينبغي أن يكون ما صادفها نفاسا دون ما زاد عليها. ويحتمل اعتبار العشرة هنا ". وفي الرياض: استشكل فيه للشك في صدق دم الولادة. مضافا إلى أمرها بالرجوع إلى العادة التي لم تر فيها شيئا بالمرة. وفي الاول: ما عرفت من ضعف المبني، وفي الثاني: أنه غير ظاهر، لاختصاص الامر بالرجوع إلى العادة بصورة الرؤية فيها مع التجاوز. نعم الشك في صدق دم الولادة في محله، وذلك يوجب الشك في جريان الاحكام. اللهم إلا أن يدعى الاجماع عليه مع إمكان النفاس وعدم الصارف عنه، كما يظهر من غير واحد، وقد ذكر في الرياض: أن بعض العبارات تشعر بالاجماع عليه. انتهى. ولعل وجهه ما عرفت من أن نصوص التحديد راجعة إلى تحديد الزمان المتصل بالولادة، فالدم المرئي فيه

 

===============

 

( 449 )

 

[ وإن لم تر دما في العشرة فلا نفاس لها (1) وإن رأت في العشرة (2) وتجاوزها فان كانت ذات عادة في الحيض أخذت بعادتها سواء كانت عشرة أو أقل (3) وعملت بعدها عمل المستحاضة، ] يكون موضوعا للاحكام قل أو كثر ما لم يخرج عن الحد. (1) للاجماع على أن مبدأ العشرة من حين الولادة، كما في طهارة شيخنا الاعظم (ره) وغيرها. وقد يشهد له ما في رواية مالك بن أعين المتقدمة (* 1) وغيرها، مثل ما ورد من قول النبي صلى الله عليه وآله لاسماء: " منذ كم ولدت؟ " (* 2). لكن شيخنا في الجواهر استشكل في ذلك، لظهور الروايتين في واجدة الدم، فلا تشملان ما لو رأته في العاشر أو فيما بعده. نعم قام الاجماع على نفي نفاسية ما بعده فيبقي العاشر، وحينئذ يحكم بتكملته في المعتادة بما بعد العشرة، لما دل على أنها تأخذ بعادتها، بناء على ما يأتي من ظهورها في العادة العددية التي مبدؤها الرؤية كالحائض، كما هو قضية مساواتها للحائض في الاحكام. وفيه: أنه لا مجال لذلك كله بعد كون الحكم المذكور من المسلمات. وغلبة رؤية الدم حين الولادة لا توجب الانصراف المعتد به، وإن ذكر شيخنا الاعظم في طهارته أنه غير بعيد. (2) مورده الرؤية في تمام العشرة. أما إذا رأت بعض العشرة فسيأتي بيان صوره في المسألة الآتية. (3) على المشهور كما في الرياض، سواء رأته متصلا بالولادة أم منفصلا عنها، لاطلاق ما دل على رجوع النفساء إلى عادتها وجعل الباقي استحاضة. واحتمال انصرافه عن صورة الانفصال بعيد، كما في طهارة شيخنا الاعظم.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 3 من أبواب النفاس حديث: 4 (* 2) الوسائل باب: 3 من أبواب النفاس حديث: 19

 

===============

 

( 450 )

 

[ وإن كان الاحوط الجمع إلى الثمانية عشر كما مر، وإن لم تكن ذات عادة كالمبتدئة والمضطربة فنفاسها عشرة أيام (1) وتعمل بعدها عمل المستحاضة مع استحباب الاحتياط المذكور. ] هذا وفي المعتبر قال: " وتعتبر حالها عند انقطاعه قبل العشرة، فان خرجت القطنة نقية اغتسلت، وإلا توقعت النقاء أو انقضاء العشرة "، ونحوه ما في النافع، ومقتضاه التحيض بالعشرة مع تجاوز الدم ولو كانت معتادة، بل صرح في الاول بأن النفساء لا ترجع مع تجاوز الدم إلى عادتها في النفاس ولا إلى عادتها في الحيض ولا إلى عادة نسائها، بل تجعل عشرة نفاسا وما زاد استحاضة. انتهى. واستدل له بأن أكثر النفاس عشرة. وبرواية يونس المتقدمة (* 1) المتضمنة للاستظهار بعشرة. وفيه: أن كون أكثر النفاس عشرة لا يقتضي البناء عليه مع الشك، فضلا عن صلاحية معارضة ما تضمن الرجوع إلى العادة، كما هو كذلك في الحيض. والرواية - لو تم كون المراد منها الاستظهار إلى العشرة - لا تقتضي ذلك إلا بناء على أن أيام الاستظهار من أيام النفاس، وهو ممنوع، لانه خلاف ظاهر نصوصه، كما عرفت في مبحث الحيض. ولو كان المراد التنفس إلى العشرة لم يكن وجه لذكر عنوانين في النص: عنوان التنفس في العادة وعنوان الاستظهار، بل كان اللازم الامر بالتنفس بعنوان واحد، كما لعله ظاهر.. (1) بلا خلاف ولا إشكال، لقاعدة الامكان المتسالم عليها في المقام كما عرفت. وعن البيان وظاهر الذكرى: رجوع المبتدئة إلى التمييز ثم إلى عادة أهلها، والمضطربة إلى التمييز ثم إلى الروايات. وقد يشير إليه في الجملة خبر أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) قال: " النفساء إذا ما ابتليت

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 3 من أبواب النفاس حديث: 3

 

===============

 

( 451 )

 

[ (مسألة 3): صاحبة العادة إذا لم تر في العادة أصلا ورأت بعدها وتجاوز العشرة لا نفاس لها على الاقوى (1) وإن كان الاحوط الجمع إلى العشرة، بل إلى الثمانية عشر مع الاستمرار إليها. وإن رأت بعض العادة ولم تر البعض من الطرف الاول وتجاوز العشرة اتمتها بما بعدها إلى العشرة (2) دون ما بعدها، فلو كان عادتها سبعة ولم تر إلى اليوم الثامن ] بأيام كثيرة مكثت مثل أيامها التي كانت تجلس قبل ذلك، استظهرت بمثل ثلثي أيامها... إلى أن قال (ع): وإن كانت لا تعرف أيام نفاسها فابتليت، جلست بمثل أيام أمها أو اختها أو خالتها، واستظهرت بثلثي ذلك ثم صنعت كما تصنع المستحاضة " لكن في المعتبر: " إن الرواية ضعيفة السند شاذة ". مع أن ظاهرها الرجوع، إلى عادتها في النفاس. وقد حكى الاتفاق جماعة - منهم جامع المقاصد - على أن العادة في النفاس ليست مرجعا للنفساء. (1) كما في جامع المقاصد، وعن المدارك، قال شيخنا الاعظم (ره): " ولعله لما تقرر عندهم في الحيض من أن الدم المتجاوز عن العادة إذا لم ينقطع على العشرة ليس بحيض فليس بنفاس. لكن كان الاولى التمسك بما دل على رجوع النفساء إلى عادتها إذا تجاوز الدم العشرة لا التمسك بما ورد في الحيض ثم إلحاق المقام به، لان النصوص في المقامين على نهج واحد ". وفيه: أن النصوص المذكورة مختصة بما إذا رأته في العادة وتجاوزها وعبر العشرة، لا فيما إذا لم تره إلا بعد العادة فالبناء على نفاسيته - كما يقتضيه ظاهر كلمات الاكثر - أوفق بقاعدة الامكان التي عليها المعول في هذه المسائل. (2) لاطلاق الاخبار الآمرة بالرجوع إلى عادتها أو أيامها، لان

 

===============

 

( 452 )

 

[ فلا نفاس، وإن لم تر اليوم الاول جعلت الثامن أيضا نفاسا وإن لم تر اليوم الثاني أيضا فنفاسها إلى التاسع، وإن لم تر إلى الرابع أو الخامس أو السادس فنفاسها إلى العشرة، ولا تأخذ التتمة من الحادي عشر فصاعدا (1). لكن الاحوط الجمع فيما بعد العادة إلى العشرة بل إلى الثمانية عشر مع الاستمرار إليها. ] الظاهر من ذلك العادة العددية، والظاهر من الرجوع إليها جعل مبدئها من حين رؤية الدم لا من حين الولادة، وعليه لو كانت عادتها ثلاثة فرأته في رابع الولادة كان نفاسها إلى السابع والباقي استحاضة، ولو كانت عادتها أربعة فرأته في خامس الولادة فنفاسها إلى الثامن والباقي استحاضة، وهكذا. وحينئذ فلا وجه لاطلاق الحكم السابق بأن ما يحدث بعد العادة ليس بنفاس لان إطلاق الاخبار المذكورة محكم في الجميع على وجه واحد، وتخصيصه بما إذا رأت بعض العادة لا وجه له ظاهر. هذا وفي الروضة والرياض: الاقتصار على العادة في الحكم بالنفاسية، حملا للعادة العددية على العددية من حين الولادة. ولكنه خلاف الظاهر. نعم إذا لم تمكن التكملة على وجه التمام - كما إذا كانت عادتها سبعة فرأت السابع من الولادة وعبر العشرة - فلا يمكن الاخذ بما دل على الاخذ بالعادة، وحينئذ يدور الامر بين تقييده بما إذا كانت العادة في العشرة فيخرج الفرض عن الدليل المذكور، وبين تخصيص العادة بخصوص الايام التي في العشرة دون ما زاد عليها، فان كان الثاني أظهر فهو، وإن كان الاول أظهر فالفرض وان لم يمكن فيه إثبات نفاسية ما زاد على العادة إلى العشرة بالدليل المذكور لكن يمكن إثبات نفاسيته بقاعدة الامكان التي قد عرفت الاشارة إليها. (1) أما عدم الاخذ فظاهر، حيث عرفت الاجماع على كون العشرة

 

===============

 

( 453 )

 

[ (مسألة 4): اعتبر مشهور العلماء أقل الطهر بين الحيض المتقدم والنفاس، وكذا بين النفاس والحيض المتأخر فلا يحكم بحيضية الدم السابق على الولادة وإن كان بصفة الحيض أو في أيام العادة إذا لم يفصل بينه وبين النفاس عشرة أيام وكذا في الدم المتأخر، والاقوى عدم اعتباره في الحيض المتقدم كما مر (1). نعم لا يبعد ذلك في الحيض المتأخر (2) لكن الاحوط مراعاة الاحتياط. ] التي هي أكثر النفاس مبدؤها الولادة. وأما إتمامها إلى العاشر فإما أن يكون اعتمادا على إطلاق ما دل على الرجوع إلى أيامها بعد تخصيص الايام بما لا يزيد على العشرة، أو اعتمادا على قاعدة الامكان بعد سقوط الاطلاق وعلى كلا الوجهين يتعين الحكم بنفاسيته لو لم تره إلا في الثامن في الفرض السابق، ولا يظهر وجه لقوله: " ولا نفاس لها ". (1) ومر الكلام فيه. (2) أما عدم جواز اتصاله بالنفاس فيقتضيه - مضافا إلى الاجماع المدعى - إطلاق ما دل على استحاضية الدم المتجاوز عن أكثر النفاس من النصوص الكثيرة، وأما وجوب كون الفصل بعشرة فيقتضيه - مضافا إلى الاجماع - إطلاق ما دل على كون أقل الطهر عشرة، المقتصر في تخصيصه على ما كان بين نفاسين لا غير، لما يأتي من الاجماع عليه. ويشير إلى الحكمين - بل هو كالصريح في أولهما - ما في صحيحة ابن المغيرة فيمن نفست فتركت الصلاة ثلاثين يوما ثم رأت الدم من قوله (ع): " تدع الصلاة لان أيامها أيام الطهر قد جازت مع أيام النفاس " (* 1) فلاحظ.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 5 من أبواب النفاس حديث: 1

 

===============

 

( 454 )

 

[ (مسألة 5): إذا خرج بعض الطفل وطالت المدة إلى أن خرج تمامه فالنفاس من حين خروج ذلك البعض إذا كان معه دم وإن كان مبدأ العشرة من حين التمام كما مر (1). بل وكذا لو خرج قطعة قطعة (2) وإن طال إلى شهر أو أزيد، فمجموع الشهر نفاس إذا استمر الدم، وإن تخلل نقاء فان ] (1) يعني: في آخر السمألة الاولى. ثم إن لازم الحكم بوحدة النفاس أن يكون النقاء المتخلل في الاثناء دون العشرة نفاسا، لعموم كون أقل الطهر عشرة، والثابت من تخصيصه ما كان بين نفاسين، لا ما كان بين أيام نفاس واحد، فيرجع فيه إلى العموم المذكور. (2) إذ الدم المقارن لسقوط الجزء الاول معدود عرفا من الدم المقارن للولادة، فيجري عليه حكمه، وقد عرفت أن مبدأ حساب العشرة التي هي أكثر النفاس هو تمام الولادة، وحينئذ يكون مجموع ما بين رؤية الدم عند سقوط الجزء الاول، ومنتهى انقطاع الدم على العشرة أو قبلها من حين سقوط الجزء الاخير نفاسا واحدا يجري عليه حكم النفاس الواحد، فإذا تخلله نقاء أقل الطهر كان نفاسا أيضا حسب ما عرفت، واحتمله في الذكرى وحكي عن الدروس. وعن نهاية العلامة: تعدد النفاس بتعدد القطع، وكانه لما تقدم من الاكتفاء في الولادة المعتبرة في النفاس بولادة الناقص. وفيه: أنه لو سلم ذلك يراد به الاكتفاء بها في تحقق النفاس في الجملة، لا في قبال ولادة الجزء الآخر حتى تكون ولادة الاجزاء المتعددة ولادات متعددة، ولها نفاسات كذلك. نعم لا تبعد دعوى كون مبدأ العشرة سقوط معظم الاجزاء التي تصدق معها الولادة وإن بقي بعض الاجزاء كما لو وضعت الحمل وبقي منه بعض أصابعه أو نحوه، مما لا تناط الولادة بوضعه بل تصدق بدونه.

 

===============

 

( 455 )

 

[ كان عشرة فطهر وإن كان أقل تحتاط بالجمع بين أحكام الطاهر والنفساء (1). (مسألة 6): إذا ولدت اثنين أو أزيد فلكل واحد منهما نفاس مستقل (2)، فان فصل بينهما عشرة أيام واستمر الدم ] (1) لما عرفت في النقاء المتخلل بين أيام الحيض أو النفاس الواحد. (2) بلا خلاف فيه ظاهر. وما قد يظهر من عبارة الشرائع والقواعد وغيرهما - حيث عبر فيها بأن عدد أيامها من الثاني وابتداؤه من الاول، من أنه نفاس واحد - غير مراد، لوضوح أن تعدد الولادة يوجب تعدد الاثر. وما عن المعتبر من التردد في نفاسية الاول - نظرا إلى بقاء الحمل ولا نفاس معه كما لا حيض معه - كما ترى، لمنعه في الحيض. مع أن العمدة في المساواة بينه وبين النفاس هو الاجماع، وهو غير ثابت في المقام بل الاجماع على عدمها. ولا ينافيه ما عن الانتصار من أنه لم يجد نصا صريحا في هذه المسألة، ونحوه ما عن السرائر. إذ يمكن استفادة الاجماع من ظهور كلماتهم، بل المقطوع به منها. فلاحظ. قال في المنتهى: " لو ولدت توأمين فما بعد الثاني نفاس قطعا، ولكنهم اختلفوا، فذهب علماؤنا إلى أن أوله من الاول وآخره من الثاني ". هذا ولا ينبغي التأمل أيضا في وجوب إجراء أحكام النفاسين لا النفاس الواحد، فالنقاء المتخلل بينهما طهر وإن لم يبلغ عشرة أيام. نعم حكى في المنتهى عن أبي حنيفة ومالك وأحمد في إحدى الروايتين أن النفاس كله من الاول. فإذا ولدت الثاني بعد أكثر النفاس من الاول لم يكن نفاسا، وعن زفر أن ابتداء النفاس من الثاني. وضعفهما ظاهر.

 

===============

 

( 456 )

 

[ فنفاسها عشرون يوما لكل واحد عشرة أيام (1) وإن كان الفصل أقل من عشرة مع استمرار الدم يتداخلان في بعض المدة (2) وإن فصل بينهما نقاء عشرة أيام كان طهرا، بل وكذا لو كان أقل من عشرة على الاقوى من عدم اعتبار العشرة بين النفاسين (3)، ] (1) إجماعا فيتصل النفاسان وإن منع من اتصال الحيضين. وبه يخرج عن عموم المساواة بين الحيض والنفاس لو تم في نفسه. (2) وعليه فلو ولدت في أول الشهر فرأت دما إلى نهاية الخامس فولدت في السادس ولم تر دما ثم رأته في السابع فالنقاء في السادس نفاس بلحاظ الولادة الاولى، لانه واقع بين دمها في الخمسة الاولى وفي السابع. وكذا لو رأت دما يوما واحدا من ولادة الاول ثم لم تر الدم حتى ولدت الثاني فرأت الدم فيه، فان النقاء المتخلل بين الدم وولادة الثاني واقع بين العشرة من ولادة الاول التي هي مدة نفاسه. ولا وجه لدعوى انقطاع النفاس الاول بولادة الثاني، ليحكم على النقاء بأنه طهر لانه كان قبل النفاس الثاني، كما لو لم تكن ولدت الاول. وإن حكي ذلك عن الروض والذخيرة وحاشية الروضة وغيرها بناء على تعدد النفاس، فانه لا دليل على هذا الانقطاع. بل إطلاق الادلة يقتضي بقاء أثر الاول إلى نهاية العشرة وإن لزم التداخل في بعض المدة. نعم قد يشكل ثبوت إطلاق لما دل على أن أكثر النفاس عشرة بنحو يشمل ما نحن فيه - بحيث يدل على التداخل، وإلحاق الدم المرئي بعد ولادة الثاني بالدم السابق - ليكون النقاء متخللا بين أجزاء نفاس واحد ويكون طهرا. واستصحاب بقاء الحدث لا يصلح لمعارضة ما دل على أن النفساء تصلي إذا رأت النقاء. (3) في كلام شيخنا الاعظم (ره) وغيره: الاجماع عليه. وبه يخرج

 

===============

 

( 457 )

 

[ وإن كان الاحوط مراعاة الاحتياط في النقاء الاقل كما في قطعات الولد الواحد. ] عن عموم ما دل على أن الطهر لا يكون أقل من عشرة أيام. ولا سيما مع معارضة العموم المذكور في بعض الصور بعموم ما دل على أن أكثر النفاس عشرة، أو عموم ما دل على التحيض للنفساء بعادتها لو كانت معتادة، أو عموم ما دل على التنفس بدم الولادة، كما لو ولدت ورأت الدم تسعة أيام ثم نقت تسعة ثم ولدت ثانيا ورأت الدم. فانه لو لم يبن على تخصيص عموم: أقل الطهر عشرة، يجب إما رفع اليد عن عموم أكثر النفاس عشرة، أو عن عموم: تنفس النفساء بمقدار عادتها، أو عن عموم التنفس بدم الولادة في الثاني، ولا ريب أن تخصيص الاول أولى، لان تخصيص أحد الثلاثة الاخرى من قبيل تخصيص القطعي، كما أفاد ذلك شيخنا الاعظم (ره). وفيه: أنه يمكن رفع اليد عن التنفس بتمام الاول فيحكم بطهر المقدار المتمم للنقاء عشرا، بل هذا هو المتعين في مقام الجمع بين الادلة، إذ الموجب لنفاسية تمام الدم ليس إلا العادة أو قاعدة الامكان، وهما من قبيل الطريق في الشبهة الموضوعية، وهو لا يصلح لمعارضة التحديدات الواقعية، لان دليلها يوجب العلم بعدم مطابقة الطريق للواقع. بل لاجل ذلك يمكن رفع اليد عن نفاسية المقدار المتمم من الدم الثاني. وبالجملة: العامان الاولان يتضمنان حكمين واقعيين، والاخيران يتضمنان حكمين ظاهريين في مقام الشبهة الموضوعية فلا مجال لجعلها جميعا متعارضة، لاختلاف المرتبة. وقد تقدم نظير ذلك في تحديد أكثر النفاس. مضافا إلى أن التقرير المذكور لا يتم لو كان مجموع الدم الاول والنقاء لا يزيد على عشرة. لكن لا يظن من أحد التفصيل بين الفرضين بناء على تعدد النفاس، كما عرفت.

 

===============

 

( 458 )

 

[ (مسألة 7): إذا استمر الدم إلى شهر أو أزيد فبعد مضي أيام العادة في ذات العادة والعشرة في غيرها محكوم بالاستحاضة (1) وإن كان في أيام العادة (2) إلا مع فصل أقل الطهر عشرة أيام بين دم النفاس وذلك الدم، وحينئذ فان كان في العادة يحكم عليه بالحيضية (3) وإن لم يكن فيها فترجع إلى التمييز (4) بناء عى ما عرفت من اعتبار أقل الطهر بين النفاس والحيض المتأخر، وعدم الحكم بالحيض مع عدمه وإن صادف أيام العادة. لكن قد عرفت أن مراعاة الاحتياط في هذه الصورة أولى. ] (1) لما سيشير إليه من اعتبار الفصل بأقل الطهر بين النفاس والحيض المتأخر. (2) يعني: العادة الوقتية. وأما العادة السابقة فهي عددية، فلا منافاة. (3) لاطلاق ما دل على طريقية العادة، الذي لا يفرق فيه بين المقام وغيره. (4) لما دل على الرجوع إليه عند استمرار الدم وفقد العادة، كما تقدم في الحيض. واحتمال اختصاصه بما لو علم الحيض والاستحاضة واشتبه أحدهما بالآخر - فلا يشمل ما لو لم يعلم الحيض أصلا كما في المقام - مندفع بمنع ذلك. بل الظاهر أن مورده صورة اشتباه الاستحاضة بالحيض الامكاني - أعني: ما يكون حيضا بقاعدة الامكان - لا الحيض الواقعي الحقيقي، وهو حاصل في المقام. نعم مورد تلك النصوص غير النفساء في أول رؤية الدم. لكن هذه الخصوصية غير ملحوظة في نظر العرف، ولا سيما بملاحظة قوله (ع) في المرسلة: " أنه صلى الله عليه وآله سن في الحائض ثلاث سنن لم يدع لاحد مقالا فيه بالرأى " (* 1) كما تقدم ذلك في نظير المقام في مباحث

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 5 من أبواب الحيض حديث: 1

 

===============

 

( 459 )

 

الحيض. فراجع. ومثله في السقوط احتمال كونها مستحاضة إلى أن ينقطع الدم، لاطلاق ما ورد من أنها تعمل عمل المستحاضة بعد العادة إلى أن ينقطع الدم. إذ فيه أن هذا الاطلاق ممنوع، بل الظاهر من النصوص المذكورة إثبات الاستحاضة في مقابل نفي النفاس السابق، لا إثبات كونه إستحاضة دائما ولو استمر الدم شهورا، كما يظهر من ملاحظة نظائره مما ورد في الحائض. فيكون ما دل على طريقية العادة أو الصفات لمستمرة الدم المقتضي للرجوع إليهما بعد عشرة الاستحاضة المعلومة الفاصلة بين النفاس والحيض بلا معارض وكذا الكلام فيما دل على الرجوع إلى الروايات، كما أشار إلى ذلك شيخنا الاعظم (ره). نعم لو ثبت ظهور تلك النصوص في دوام كونها مستحاضة كان محكما ولا يعارضه إطلاق ما تضمن رجوع المستحاضة إلى عادتها أو إلى الصفات أو إلى الروايات، وإن كان بينهما عموم من وجه، لان الاطلاق المذكور ظاهر في أن لموضوعه وهو النفساء خصوصية تستوجب إطلاق الحكم المذكور فيكون الجمع العرفي مقتضيا لتخصيص النصوص الاخرى به. فالمقام نظير التعارض البدوي بين إطلاق عموم اعتصام الجاري وإن لم يكن كرا، وإطلاق انفعال ما دون الكر وإن كان جاريا، فان الاول مقدم عرفا على الثاني، ولا يرجع فيهما إلى أحكام تعارض العامين من وجه من التساقط في مورد المعارضة والرجوع إلى دليل آخر. بل يمكن أن يقال: إن الاطلاق المذكور لو ثبت فهو متضمن لحكم واقعي، فيكون مقدما على أدلة العادة وغيرها، لانها في مقام الحكم الظاهري في الشبهة الموضوعية. وبالجملة: الحكم بالاستحاضة بعد النفاس حكم واقعي فلا يعارض دليله دليل الطريق والامارة. فتأمل جيدا. ثم إن ما ذكرنا من رجوعها إلى أحكام مستمرة الدم من التحيض

 

===============

 

( 460 )

 

[ (مسألة 8): يجب على النفساء إذا انقطع دمها في الظاهر الاستظهار (1) بادخال قطنة أو نحوها والصبر قليلا وإخراجها وملاحظتها على نحو ما مر في الحيض. (مسألة 9): إذا استمر الدم إلى ما بعد العادة في الحيض يستحب لها الاستظهار (2) بترك العبادة يوما أو يومين أو إلى العشرة، على نحو ما مر في الحيض. ] بالعادة وغيرها بمجرد مضي أقل الطهر هو المنسوب إلى المعتبر ولم أجده فيه واحتمل في الجواهر: أن رجوعها إليها إنما يكون بعد مضي شهر. وكأنه لما دل على أن الحيض في كل شهر مرة. وفيه: أنه ليس بناء الفقهاء على العمل به إلا في عدد المستحاضة الفاقدة للعادة والتمييز اقتصارا على مورده أما العادة والتمييز فبناؤهم على الاخذ بهما ولو تكرر في الشهر مرات أو كان في كل شهرين أو أكثر مرة، كما هو مقتضى إطلاق النصوص المتضمنة للرجوع اليهما. مع أنه لا يقتضي إلا امتناع اجتماع الحيضتين في شهر واحد لا امتناع اجتماع الحيض والنفاس فيه. ومنه يظهر ضعف ما عن الروض من التفصيل بين المعتادة فترجع إلى عادتها بعد عشرة الطهر مطلقا، وبين المبتدئة والمضطربة فتنتظران الشهر. وربما ينسب ذلك إلى غيره أيضا. (1) كما صرح به جماعة مرسلين له إرسال المسلمات، ويدل عليه ما يأتي في المسألة العاشرة. مضافا إلى نصوص الاستبراء الشامل لها وللحائض لكن في دلالته على الوجوب إشكال تقدم في الحيض. (2) للنصوص الدالة عليه هنا دلالتها عليه في الحيض. مضافا إلى قاعدة المساواة الآتية.

 

===============

 

( 461 )

 

[ (مسألة 10): النفساء كالحائض (1) ] (1) إجماعا، كما عن الغنية وشرح المفاتيح واللوامع، وفي المسالك وعن المدارك والكفاية: إنه قول الاصحاب. أو مذهبهم، وفي المعتبر: " هو مذهب أهل العلم لا نعرف فيه خلافا "، وفي المنتهى " لا نعلم فيه خلافا بين أهل العلم "، ونحوه عن التذكرة، وعن السرائر: نفي الخلاف فيه، بل الظاهر إنه إجماع عند الكل، إذ لم نقف على من تعرض لرده أو التوقف فيه. وهذا هو العمدة. وأما ما اشتهر من أن النفاس حيض محتبس، فقد عرفت أنه مستفاد من رواية سلمان (رض) (* 1)، لكن المقطوع به - كما تقدم - أن المراد منه بيان قضية خارجية لا شرعية تنزيلية، ويشهد به - مضافا إلى ملاحظة مورده - توصيفه بالاحتباس، فلا يدل على ثبوت الاحكام الثابتة للحيض المقابل للنفاس، وإنما يدل على وحدتهما سنخا، نظير ما لو قال الشارع: البخار ماء متفرق الاجزاء. وأما ما ورد في صحيحة زرارة - بعد إرجاع النفساء إلى العادة، وإيجاب الاستظهار عليها، والعمل بوظيفة المستحاضة من قوله (ع): " والحائض مثل ذلك سواء، فان انقطع عنها الدم وإلا فهي مستحاضة. تصنع مثل النفساء سواء... " (* 2) - فانما يدل على تنزيل الحائض منزلة النفساء في خصوص الاحكام المذكورة في الصحيح لا مطلقا، فضلا عن تنزيل النفساء منزلة الحائض ليجدي فيما نحن فيه. فان قلت: إذا نزلت الحائض منزلة النفساء وثبت حكم للحائض وجب

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 30 من أبواب الحيض حديث: 13 (* 2) الوسائل باب: 1 من أبواب الاستحاضة حديث: 5

 

===============

 

( 462 )

 

أن يثبت للنفساء، إذ لو ثبت خلافه كان التنزيل بلحاظ ما عدا ذلك، لئلا يلزم الخلف، وحينئذ إذا ثبت حكم للحائض وشك في ثبوته للنفساء أو ثبوت خلافه فاطلاق التنزيل يقتضي ثبوته للنفساء وعدم ثبوت خلافه، لاصالة عدم التخصيص. قلت: أصالة عدم التخصيص في مثل المقام لا تصلح لا ثبات الحكم لذي المنزلة، وإنما تصلح لاثبات الحكم للمنزل منزلته عند الشك في ثبوته له أما مع العلم بثبوت الحكم له والشك في ثبوته لذي المنزلة فلا تصلح أصالة عدم التخصيص لاثباته له، لعدم تعرض خطاب التنزيل لذلك، وحيث أن العمدة في المساواة المذكورة هو الاجماع فالقدر المتيقن منه هو المساواة في أحكام الحائض كحرمة الصلاة والصوم ووجوب الغسل، وحرمة قراءة العزائم ونحو ذلك، لا أحكام الحيض مثل كون أقله كذا وأكثره كذا ودلالته على البلوغ ونحو ذلك، بل ولا أحكام غيرها مما يصح أن يرجع إليها بنحو من العناية، مثل حرمة وطئها وكراهة سؤرها ونحوهما. لكن وقوع الاستثناء من بعض نقلة الاجماع لما يكون من قبيل القسمين الاخيرين يكشف عن أن المراد نقل الاجماع على المساواة مطلقا، لكن الاعتماد عليه لا يخلو من إشكال، ولا سيما بعد عدول المحقق في المعتبر والشرائع عن التعبير بذلك إلى التعبير بقوله: " يحرم على النفساء ما يحرم على الحائض "، أو بزيادة: " ويكره " كما في المعتبر. وعلله في المسالك بعدم صحة إطلاق ما ذكروه، لمخالفة النفاس للحيض في أمور كثيرة، وذكر ستة ثم قال: " وغير ذلك "، وفي المنتهى ذكر المساواة في أمور مخصوصة فقال: " وحكم النفساء حكم الحائض في جميع ما يحرم عليها، ويكره، ويباح، ويسقط عنها من الواجبات، ويستحب وتحريم وطئها، وجواز الاستمتاع بما دون الفرج، لا نعلم فيه خلافا... "،

 

===============

 

( 463 )

 

[ في وجوب الغسل بعد الانقطاع أو بعد العادة أو العشرة في غير ذات العادة (1) ووجوب قضاء الصوم دون الصلاة (2) وعدم جواز وطئها (3) وطلاقها (4) ومس كتابة القرآن واسم الله (5) وقراءة آيات السجدة (6) ودخول المساجد والمكث فيها (7)، وكذا في كراهة الوطئ بعد الانقطاع وقبل الغسل (8)، وكذا في كراهة الخضاب (9) ] فإذا يلزم الاقتصار على المتيقن وهو ما ذكره في الشرائع، والرجوع في غيره إلى دليل آخر. (1) هذا منصوص عليه في جملة من النصوص (* 1). (2) منصوص عليه، في صحيح ابن الحجاج (* 2) ومكاتبة ابن مهزيار (* 3) (3) منصوص عليه في جملة من النصوص (* 4). (4) كما في جملة من النصوص (* 5). (5) هذا وإن لم يكن منصوصا عليه بالخصوص، إلا أنه يستفاد مما تقدم في الوضوء، نظير الحائض. وكذا مس اسم الله تعالى. (6) لا نص عليه، وإنما يستفاد من قاعدة المساواة. (7) قد يستفاد من بعض النصوص. (8) يستفاد من النصوص، كما في الحائض. (9) لكن عن مكارم الاخلاق عن كتاب اللباس للعياشي: " لا تختضب

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 1 و 3 من أبواب النفاس (* 2) الوسائل باب: 6 من أبواب النفاس حديث: 1 (* 3) الوسائل باب: 41 من أبواب الحيض حديث: 7 (* 4) الوسائل باب: 3 من أبواب النفاس حديث: 4 و 17 وباب: 7 من أبواب النفاس (* 5) الوسائل باب: 8 من أبواب شرائط الطلاق

 

===============

 

( 464 )

 

[ وقراءة القرآن (1) ونحو ذلك، وكذا في استحباب الوضوء في أوقات الصلوات والجلوس في المصلى والاشتغال بذكر الله بقدر الصلاة (2). وألحقها بعضهم بالحائض في وجوب الكفارة إذا وطئها (3). وهو أحوط. لكن الاقوى عدمه. (مسألة 11): كيفية غسلها كغسل الجنابة (4) إلا أنه ] وأنت جنب، ولا تجنب وأنت مختضب، ولا الطامث فان الشيطان يحضرها عند ذلك. ولا بأس به للنفساء " (* 1)، ومرسله الآخر عن أبي عبد الله (ع) قال: " تختضب النفساء " (* 2). وليس في النصوص ما يدل على النهي عنه. (1) ورد في صحيح الحلبي (* 3) وغيره (* 4) الترخيص فيها لها، ولم أقف على النهى عنها. (2) وجهه أصالة المساواة. (3) قد عرفت نسبته إلى ظاهر الاصحاب، وعن التذكرة: " لا نعلم فيه خلافا ". ويظهر من ذكر غير واحد له مرسلا له إرسال المسلمات والتعرض لفروعه أنه كذلك. فالخروج إذا عن أصالة المساواة غير ظاهر. (4) إجماعا. لما عرفت غير مرة من أنه مقتضى الاطلاق المقامي لامرها بالاغسال، بل هو مقتضى ما ورد في كيفية غسل الجنابة، بناء على حمله على بيان كيفية ماهية الغسل مطلقا واجبة كانت - عن جنابة أو غيرها - أو مستحبة كما لعله الظاهر.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 22 من أبواب الجنابة حديث: 11 (* 2) الوسائل باب: 22 من أبواب الجنابة حديث: 13 (* 3) الوسائل باب: 19 من أبواب الجنابة حديث: 6 (* 4) الوسائل باب: 19 من أبواب الجنابة حديث: 1

 

===============

 

( 465 )

 

[ لا يغني عن الوضوء، بل يجب قبله أو بعده كسائر الاغسال (1)