فصل في شرائط الغسل

فصل في شرائط الغسل وهي أمور: الاول: نية القربة (2) على ما مر في باب الوضوء. الثاني: طهارة الماء (3). الثالث: إزالة النجاسة (4) عن كل عضو قبل الشروع في غسله، بل الاحوط إزالتها عن جميع الاعضاء قبل الشروع في أصل الغسل، كما مر سابقا. الرابع: إزالة الحواجب والموانع عن وصول الماء إلى البشرة (5). وتخليل الشعر والفحص عن المانع إذا شك في وجوده. الخامس: إباحة الماء (6)، وظرفه، ومصبه، ومجرى ] (1) تقدم الكلام في ذلك في غسل المس، فراجع. والله سبحانه أعلم. فصل في شرائط الغسل (2) كما تقدم في الفصل الحادي عشر. (3) إجماعا محققا. وفي المستند: للاجماع والاخيار. (4) كما تقدم في الفصل السابق. (5) في كون هذا شرطا زائدا على اعتبار غسل البشرة إشكال ظاهر. (6) هذا شرط التقرب المعتبر فيه وفي سائر العبادات، لامتناع التقرب بما هو معصية بناء على الامتناع، وقد تقدم في شرائط الوضوء الكلام فيما يتعلق بهذا الشرط فراجع.

 

===============

 

( 137 )

 

[ غسالته، ومحل الغسل، والسدة، والفضاء الذي فيه جسد الميت، وإباحة السدر والكافور. وإذا جهل بغصبية أحد المكذورات أو نسيها وعلم بعد الغسل لا تجب إعادته (1)، بخلاف الشروط السابقة فان فقدها يوجب الاعادة وإن لم يكن عن علم وعمد. (مسألة 1): يجوز تغسيل الميت من وراء الثياب (2) ولو كان المغسل مماثلا، بل قيل: إنه أفضل. ولكن الظاهر - كما قيل - أن الافضل التجرد في غير العورة مع المماثلة. ] (1) لعدم كونه معصية حينئذ، فلا مانع من التقرب به، كما سبق. (2) كما هو المشهور. وعن الخلاف: الاجماع عليه. ويشهد له جملة من النصوص كما سنشير إليها. وعن ابن حمزة: وجوب النزع. ويشهد له ما في المرسل عن يونس عنهم (ع): " فان كان عليه قميص فأخرج يده من القميص واجمع قميصه على عورته " (* 1). لكن يعارضه ما في جملة أخرى، مثل ما في صحيحي ابني مسكان وخالد عن أبي عبد الله (ع): " إن استطعت أن يكون عليه قميص فيغسل من تحت القميص " (* 2)، وما في صحيح ابن يقطين: " ولا يغسل إلا في قميص يدخل رجل يده.. " (* 3) ولاجله حكي عن العماني، وظاهر الصدوق: استحباب التغسيل من وراء الثياب. واختاره في الحدائق بل عن الاول: دعوى تواتر الاخبار بأن النبي صلى الله عليه وآله غسله علي (ع) في قميصه ثلاث غسلات (* 4). لكن عن المشهور

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 2 من أبواب غسل الميت حديث: 3. (* 2) الوسائل باب: 2 من ابواب غسل الميت حديث: 1 و 6. (* 3) الوسائل باب: 2 من أبواب غسل الميت حديث: 7. (* 4) الوسائل باب: 2 من أبواب غسل الميت حديث: 14.

 

===============

 

( 138 )

 

[ (مسألة 2): يجزئ غسل الميت عن الجنابة والحيض، بمعني: أنه لو مات جنبا حائضا لا يحتاج إلى غسلهما بل يجب غسل الميت فقط (1)، ] استحباب التجريد. وكأنه كان حملا لهذه النصوص على الجواز، وعلى إرادة جعل القميص على العورة. وكلاهما - ولاسيما الاول - بعيد. ومنه يظهر ضعف ماعن المحقق الثاني من التخيير بين الامرين جمعا بين النصوص. والاقرب ما قربه العماني، لعدم صلاحية المرسل لمعارضة غيره لضعفه سندا، وإمكان التصرف فيه بحمله على إرادة بيان كيفية تجريد الغاسل للميت في ظرف بنائه على تجريده، لا إرادة الامر بالتجريد في ظرف البناء على إرادة عدمه. فتأمل جيدا. (1) قد أجمع عليه كل أهل العلم إلا الحسن البصري. كذا في المنتهى. ويقتضيه - مضافا إلى أصالة البراءة من وجوب غيره - صحيح زرارة: " قلت لابي جعفر (ع) ميت مات وهو جنب كيف يغسل؟ وما يجزيه من الماء؟ قال (ع): يغسل غسلا واحد، يجزئ ذلك للجنابة ولغسل الميت، لانهما حرمتان اجتمعتا في حرمة واحدة " (* 1)، وموثق عمار: " عن المرأة إذا ماتت في نفاسها كيف تغسل؟ قال (ع): مثل غسل الطاهرة، وكذلك الحائض، وكذلك الجنب إنما يغسل غسلا واحدا فقط " (* 2)، ونحوهما غيرهما. نعم في خبر العيص: " قلت لابي عبد الله (ع): الرجل يموت وهو جنب، قال (ع): يغسل من الجنابة ثم يغسل بعد غسل الميت " (* 3)، وقريب منه خبره الآخر. (* 4)

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 31 من أبواب غسل الميت حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 31 من ابواب غسل الميت حديث: 2. وقد اشير في النسخة المصصحة للمؤلف - دام ظله - إلى أن كلمة (فقط) لا توجد في الفقيه. (* 3) الوسائل باب: 31 من ابواب غسل الميت حديث: 7. (* 4) الوسائل باب: 31 من ابواب غسل الميت حديث: 8.

 

===============

 

( 139 )

 

[ بل ولا رجحان في ذلك 1) وإن حكي، عن العلامة (ره) رجحانه (2). (مسألة 3): لا يشترط في غسل الميت أن يكون بعد برده (3) وإن كان أحوط (4). (مسألة 4): النظر إلى عورة الميت حرام (5)، لكن لا يوجب بطلان الغسل إذا كان في حاله (6). (مسألة 5): إذا دفن الميت بلا غسل جاز بل وجب نبشه لتغسيله (7) أو تيممه. وكذا إذا ترك بعض الاغسال ولو سهوا، أو تبين بطلانها، أؤ بطلان بعضها. وكذا إذا دفن بلا تكفين، أو مع الكفن الغصبي. وأما إذا لم يصل عليه، أو تبين بطلانها فلا يجوز نبشه لاجلها، بل يصلي على قبره ] لكنهما لا يصلحان لمعارضة ما سبق. (1) لما في المعتبر من نسبة نفي الوجوب والاستحباب إلى مذهب اكثر أهل العلم، ولاجله لا مجال لحمل خبري العيص المتقدمين عليه. (2) ذكر ذلك في المنتهى. وكذا عن الشيخ في التهذيبين: احتماله. (3) لاطلاق الادلة. (4) لشبهة كون الحرارة من شؤون الحياة، كما تقدم القول به عن بعض في غسل المس. (5) بلا إشكال ظاهر. ويقتضيه - مضافا إلى الاستصحاب - مادل من نصوص الباب على النهي عن النظر إليها، والامر بسترها بخرقة أو نحوها. (6) لخروج النظر عن الغسل فلا يوجب تحريمه تحريمه كي يمتنع التعبد به. (7) يأتي إن شاء الله تعالى الكلام في هذه المسألة في المستثنيات من

 

===============

 

( 140 )

 

[ (مسألة 6): لا يجوز أخذ الاجرة على تغسيل الميت، بل لو كان داعيه على التغسيل أخذ الاجرة على وجه ينافي قصد القربة بطل الغسل أيضا (1). نعم لو كان داعيه هو القربة وكان الداعي على الغسل بقصد القربة أخذ الاجرة صح الغسل (2) ] حرمة النبش. (1) لفوات التقرب المعتبر فيه كما تقدم. والظاهر أن مراده صورة ما إذا لم يكن الغسل صادرا عن الامر بل كان عن داعي الاجرة. (2) لصدوره عن داعي الامر، غاية الامر أن الاجرة من قبيل داعي الداعي وذلك لا ينافي العبادية، لان المقوم لها صدور الفعل عن داعي الامر وهو حاصل. وفيه: أن القربة المعتبرة في العبادات ليست عبارة عن مجرد الفعل عن داعي الامر مطلقا، بل بنحو يوجب استحقاق الثواب من الآمر، فإذا كان الداعي إلى امتثال أمر الشارع المستأجر لاجل الاجرة لم يكن الفعل موجبا عقلا لاستحقاق الاجر والثواب من الشارع، بل كان مستحقا للاجر والثواب من المستأجر لاغير، فينتفي التقرب المعتبر في عبادية العبادة. نعم لو كان الداعي إلى الاتيان بالغسل عن أمر الشارع إباحة الاجرة واستحقاقها شرعا لم يكن ذلك منافيا لوقوعه على وجه العبادة، كما في طواف النساء الذي يؤتى به بداعي إباحة النساء شرعا. وبالجملة: الاتيان بالغسل عن أمره (تارة) يكون بداعي أمر الولي (وأخرى) بداعي الاجرة مع غض النظر عن أمر آمر. (وثالثة) يكون بداعي إباحة الاجرة شرعا. والثالث لا ينافي العبادية قطعا. والاول ينافيها. والثاني لا يبعد أن لا ينافيها، فانه من قبيل العبادة لاجل تحصيل الثواب الدنيوي، وإن كان لا يخلو من اشكال، فلا يحصل التقرب المعتبر.

 

===============

 

( 141 )

 

[ لكن مع ذلك أخذ الاجرة حرام (1) إلا إذا كان في قبال المقدمات غير الواجبة (2)، فانه لا بأس به حينئذ. (مسألة 7): إذا كان السدر أو الكافور قليلا جدا - بأن لم يكن بقدر الكفاية - فالاحوط خلط المقدار الميسور وعدم سقوطه بالمعسور. ] وقد أوضحنا ذلك في محله من (حقائق الاصول). (1) لم يتضح الدليل على حرمة أخذ الاجرة على الواجبات كلية، كما هو محرر في محله. فالعمدة في حرمة أخذ الاجرة هنا ما قد يدعى من أن المستفاد من أدلة وجوب التجهيز أنه حق من حقوق الميت على المكلفين الاحياء، فهو مملوك له عليهم. وليس مملوكا للفاعل كي يمكن أخذ الاجرة عليه ولكن ذلك محتاج إلى لطف قريحة كما اعترف به شيخنا الاعظم (ره) وغيره. أو ما يدعى من الاجماع على الحرمة حيث لم ينقل القول بالجواز عن أحد سوى المرتضى. ولعله لبنائه - كما قيل - على اختصاص الوجوب بالولي، فلا يجب على غيره، كي يكون أخذ الاجرة عليه من قبيل أخذ الاجرة على الواجب. وفيه: مع أن عدم نقل القول بالجواز ليس إجماعا على عدمه، وأن القول باختصاص الوجوب بالولي مما لم ينقل عن المرتضى ولا عن غيره - ان ظاهر المحكي عن المرتضى الجواز مطلقا حتى للولي. وقد تعرضنا في مبحث القراءة من كتاب الصلاة لبعض ماله نفع في المقام. فراجع. (2) أو في مقابل بعض الخصوصيات غير الواجبة، مثل حفر القبر إلى حد معين من الطول والعرض والعمق، ووضع الميت في موضع معين للتغسيل، ونحو ذلك. لكن حمل السيرة على أخذ الاجرة في كثير من البلدان على ما ذكر بعيد.

 

===============

 

( 142 )

 

[ (مسألة 8): إذا تنجس بدن الميت بعد الغسل أو في أثنائه بخروج نجاسة أو نجاسة خارجة لا يجب معه إعادة الغسل (1)، بل وكذا لو خرج منه بول أو مني (2)، وإن كان الاحوط في صورة كونهما في الاثناء إعادته، ] (1) بلا كلام كما عن ظاهر المعتبر والتذكرة. وفي الجواهر: ينبغي القطع به. ويقتضيه - مضافا إلى الاصل والى ما يستفاد من النصوص الآتية - خبر الكاهلي عن أبي عبد الله (ع): " إذا خرج من منخر الميت الدم أو الشئ بعد الغسل وأصاب العمامة والكفن قرض بالمقراض " (* 1). ونحوه مرسل ابن أبي عمير (* 2)، فان الاقتصار على القرض ظاهر في نفي الاعادة. فتأمل. (2) على المشهور فيهما وفي كل نجاسة حدثية، للاصل، ولموثق روح ابن عبد الرحيم عن أبي عبد الله (ع): " إن بدا من الميت شئ بعد غسله فاغسل الذي بدا منه ولا تعد الغسل " (* 3)، وخبر الكاهلي والحسين ابن المختار عنه (ع): " عن الميت يخرج منه الشئ بعدما يفرغ من غسله قال (ع): يغسل ذلك ولا يعاد عليه الغسل " (* 4)، ومرفوع سهل: " إذا غسل الميت ثم أحدث بعد الغسل فانه يغسل الحدث ولا يعاد الغسل " (* 5). ومنها يظهر ضعف ماعن ابن أبي عقيل من وجوب الاعادة. لكن المحكي من كلامه ظاهر في اختصاص خلافه فيما لو خرج في الاثناء. وحينئذ فلو

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 32 من ابواب غسل الميت حديث: 4. (* 2) الوسائل باب: 32 من ابواب غسل الميت حديث: 3. (* 3) الوسائل باب: 32 من ابواب غسل الميت حديث: 1. (* 4) الوسائل باب: 32 من ابواب غسل الميت حديث: 2. (* 5) الوسائل باب: 32 من ابواب غسل الميت حديث: 5.

 

===============

 

( 143 )

 

[ خصوصا إذا كان في أثناء الغسل بالقراح (1). نعم يجب إزالة تك النجاسة عن جسده ولو كان بعد وضعه في القبر (2) إذا أمكن بلا مشقة ولا هتك. (مسألة 9): اللوح أو السرير الذي يغسل الميت عليه لا يجب غسله بعد كل غسل من الاغسال الثلاثة (4). ] لم تشهد النصوص المذكورة بخلافه لاختصاصها بالخروج بعد الغسل كفى في رده الاصل والاطلاق الوارد في بيان الكيفية، مضافا إلى ما في مرسل يونس عنهم (ع) فانه بعد الامر بتغسيله بالكافور قال (ع): " وامسح بطنه مسحا رفيقا فان خرج شئ فانقه ثم اغسل... " (* 1). ونحوه موثق عمار (* 2). وربما يستشهد له بما دل على وجوب الاستئناف في غسل الجنابة. لكن عرفت أنه غير ثابت هناك، مع إمكان دعوى وجوب الخروج عنه بالموثق والمرسل. (1) لاحتمال كونه هو المطهر له دون الاولين. (2) لاطلاق النص المتقدم الآمر بغسلها وقرضها، وانصرافه إلى ما قبل الدفن غير ظاهر بنحو يعتد به في رفع اليد عن الاطلاق. ولو سلم جرى الاستصحاب التعليقي بناء على حجيته. (3) إذ مع المشقة لا يجب شئ لدليل نفي الحرج. وكذا مع الهتك لان حرمة الميت أهم من طهارة بدنه. (4) لاهمال النصوص التعرض لذلك على وجه يظهر منها عدم وجوبه وكذا غسله بعد الغسل. وقد تقدم ذلك في مبحث الطهارة بالتبعية. فراجع. والله سبحانه أعلم.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 2 من ابواب غسل الميت حديث: 3. (* 2) الوسائل باب: 2 من ابواب غسل الميت حديث: 10.

 

===============

 

( 144 )

 

[ نعم الاحوط غسله لميت آخر، وإن كان الاقوى طهارته بالتبع. وكذا الحال في الخرقة الموضوعة عليه، فانها - أيضا - تطهر بالتبع، والاحوط غسلها.