فصل في مكروهات الدفن

[ فصل في مكروهات الدفن وهي أيضا أمور: الاول: دفن ميتين في قبر واحد، بل قيل بحرمته مطلقا، وقيل بحرمته مع كون أحدهما امرأة أجنبية. والاقوى الجواز مطلقا مع الكراهة. نعم الاحوط الترك إلا لضرورة، ومعها الاولى جعل حائل بينهما. وكذا يكره حمل جنازة الرجل والمرأة على سرير واحد، والاحوط تركه أيضا. الثاني: فرش القبر بالساج ونحوه من الآجر والحجر، إلا إذا كانت الارض ندية. وأما فرش ظهر القبر بالآجر ونحوه فلا بأس به. كما أن فرشه بمثل حصير وقطيفة لا بأس به، وإن قيل بكراهته أيضا. الثالث: نزول الاب في قبر ولده خوفا من جزعه وفوات أجره، بل إذا خيف من ذلك في سائر الارحام أيضا يكون مكروها، بل قد يقال بكراهة نزول الارحام مطلقا، إلا الزوج في قبر زوجته، والمحرم في قبر محارمه. الرابع: أن يهيل ذو الرحم على رحمه التراب، فانه يورث قساوة القلب. الخامس: سد القبر بتراب غير ترابة. وكذا تطيينه بغير ترابه، فان ثقل على الميت. السادس: تجصيصه أو تطيينه لغير ضرورة، وإمكان الاحكام المندوب بدونه، والقدر المتيقن من الكراهة إنما هو ]

 

===============

 

( 265 )

 

[ بالنسبة إلى باطن القبر لا ظاهره، وإن قيل بالاطلاق. السابع: تجديد القبر بعد اندراسه، إلا قبور الانبياء والاوصياء والصلحاء والعلماء. الثامن: تسنيمه بل الاحوط تركه. التاسع: البناء عليه، عدا قبور من ذكر. والظاهر عدم كراهة الدفن تحت البناء والسقف. العاشر: إتخاذ المقبرة مسجدا، إلا مقبرة الانبياء والائمة عليهم السلام والعلماء. الحادي عشر: المقام على القبور، إلا الانبياء والائمة (ع) الثاني عشر: الجلوس على القبر. الثالث عشر: البول والغائط في المقابر. الرابع عشر: الضحك في المقابر. الخامس عشر: الدفن في الدور. السادس عشر: تنجيس القبور وتكثيفها بما يوجب هتك حرمة الميت. السابع عشر: المشي على القبر من غير ضرورة. الثامن عشر: الاتكاء على القبر. التاسع عشر: إنزال الميت في القبر بغتة من غير أن توضع الجنازة قريبا ثم رفعها ووضعها دفعات، كما مر. العشرون: رفع القبر عن الارض أزيد من أربع أصابع مفرجات. الحادي والعشرون: نقل الميت من بلد موته إلى بلد آخر، ]

 

===============

 

( 266 )

 

[ إلا إلى المشاهد المشرفة والاماكن المقدسة والمواضع المحترمة، كالنقل من عرفات إلى مكة، والنقل إلى النجف، فان الدفن فيه يدفع عذاب القبر وسؤال الملكين، وإلى كربلاء والكاظمية وسائر قبور الائمة، بل إلى مقابر العلماء والصلحاء. بل لا يبعد استحباب النقل من بعض المشاهد إلى آخر لبعض المرجحات الشرعية. والظاهر عدم الفرق في جواز النقل بين كونه قبل الدفن أو بعده. ومن قال بحرمة الثاني فمراده ما إذا استلزم النبش، وإلا فلو فرض خروج الميت عن قبره بعد دفنه بسبب من سبع أو ظالم أو صبي أو نحو ذلك لا مانع من جواز نقله إلى المشاهد مثلا. ثم لا يبعد جواز النقل إلى المشاهد المشرفة وإن استلزم فساد الميت إذا لم يوجب أذية المسلمين، فان من تمسك بهم فاز، ومن اتاهم فقد نجا، ومن لجأ إليهم أمن، ومن اعتصم بهم فقد اعتصم بالله تعالى، والمتوسل بهم غير خائب، صلوات الله عليهم أجمعين. (مسألة 1): يجوز البكاء على الميت ولو كان مع الصوت بل قد يكون راجحا كما إذا كان مسكنا للحزن وحرقة القلب، بشرط أن لا يكون منافيا للرضا بقضاء الله. ولا فرق بين الرحم وغيره، بل قد مر استحباب البكاء على المؤمن. بل يستفاد من بعض الاخبار جواز البكاء على الاليف الضال. والخبر الذي ينقل من أن الميت يعذب ببكاء أهله ضعيف، مناف لقوله تعالى: " ولا تزر وازرة وزر أخرى " (* 1) وأما ]

 

 

____________

(* 1) الانعام: 164.

 

===============

 

( 267 )

 

[ البكاء المشتمل على الجزع وعدم الصبر فجائز ما لم يكن مقرونا بعدم الرضا بقضاء الله. نعم يوجب حبط الاجر ولا يبعد كراهته. (مسألة 2): يجوز النوح على الميت بالنظم والنثر ما لم يتضمن الكذب ولم يكن مشتملا على الويل والثبور. لكن يكره في الليل. ويجوز أخذ الاجرة عليه إذا لم يكن بالباطل، لكن الاولى أن لا يشترط أولا. (مسألة 3): لا يجوز اللطم والخدش وجز الشعر، بل والصراخ الخارج عن حد الاعتدال على الاحوط. وكذا لا يجوز شق الثوب على غير الاب والاخ. والاحوط تركه فيهما أيضا. (مسألة 4): في جز المرأة شعرها في المصيبة كفارة شهر رمضان، وفي نتفه كفارة اليمين، وكذا في خدشها وجهها. (مسألة 5): في شق الرجل ثوبه في موت زوجته أو ولده كفارة اليمين، وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة، فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام. (مسألة 6): يحرم نبش قبر المؤمن وإن كان طفلا أو مجنونا، إلا مع العلم باندراسه وصيرورته ترابا. ولا يكفي الظن به. وإن بقي عظما فان كان صلبا ففي جواز نبشه إشكال وأما مع كونه مجرد صورة بحيث يصير ترابا بأدنى حركة فالظاهر جوازه. نعم لا يجوز نبش قبور الشهداء والعلماء والصلحاء وأولاد الائمة (ع) ولو بعد الاندراس وإن طالت المدة، سيما ]

 

===============

 

( 268 )

 

[ المتخذ منها مزارا أو مستجارا. والظاهر توقف صدق النبش على بروز جسد الميت فلو أخرج بعض تراب القبر وحفر من دون أن يظهر جسده لا يكون من النبش المحرم. والاولى الاناطة بالعرف وهتك الحرمة. وكذا لا يصدق النبش إذا كان الميت في سرداب وفتح بابه لوضع ميت آخر، خصوصا إذا لم يظهر جسد الميت. وكذا إذا كان الميت موضوعا على وجه الارض وبني عليه بناء - لعدم إمكان الدفن، أو باعتقاد جوازه، أو عصيانا - فان اخراجه لا يكون من النبش. وكذا إذا كان في تابوت من صخرة أو نحوهما. (مسألة 7): يستثنى من حرمة النبش موارد: الاول: إذا دفن في المكان المغصوب عدوانا أو جهلا أو نسيانا، فانه يجب نبشه مع عدم رضا المالك ببقائه. وكذا إذا كان كفنه مغصوبا، أو دفن معه مال مغصوب، بل لو دفن معه ماله المنتقل بعد موته إلى الوارث فيجوز نبشه لاخراجه. نعم لو أوصى بدفن دعاء أو قرآن أو خاتم معه لا يجوز نبشه لاخذه، بل لو ظهر بوجه من الوجوه لا يجوز أخذه، كما لا يجوز عدم العمل بوصيته من الاول. الثاني: إذا كان مدفونا بلا غسل أو بلا كفن أو تبين بطلان غسله أو كون كفنه على غير الوجه الشرعي - كما إذا كان من جلد الميتة أو غير المأكول أو حريرا - فيجوز نبشه لتدارك ذلك ما لم يكن موجبا لهتكه. وأما إذا دفن بالتيمم لفقد الماء فوجد الماء بعد دفنه، أو فكن بالحرير لتعذر غيره، ففي ]

 

===============

 

( 269 )

 

[ جواز نبشه إشكال. وأما إذا دفن بلا صلاة أو تبين بطلانها فلا يجوز النبش لاجلها، بل يصلي على قبره. ومثل ترك الغسل في جواز النبش ما لو وضع في القبر على غير القبلة ولو جهلا أو نسيانا. الثالث: إذا توقف إثبات حق من الحقوق على رؤية جسده. الرابع: لدفن بعض أجزاءه المبانة منه معه. لكن الاولى دفنه معه على وجه لا يظهر جسده. الخامس: إذا دفن في مقبرة لا يناسبه، كما إذا دفن في مقبرة الكفار، أو دفن معه كافر، أو دفن في مزبلة أو بالوعة أو نحو ذلك من الامكنة الموجبة لهتك لحرمته. السادس: لنقله إلى المشاهد المشرفة والاماكن المعظمة على الاقوى، وإن لم يوص بذلك، وان كان الاحوط الترك مع عدم الوصية. السابع: إذا كان موضوعا في تابوت ودفن كذلك، فانه لا يصدق عليه النبش حيث لا يظهر جسده. والاولى مع إرادة النقل إلى المشاهد اختيار هذه الكيفية، فانه خال عن الاشكال، أو أقل إشكالا. الثامن: إذا دفن بغير إذن الولي. التاسع إذا أوصي بدفنه في مكان معين وخولف عصيانا أو جهلا أو نسيانا. العاشر: إذا دعت ضرورة إلى النبش، أو عارضه أمر راجح أهم. ]

 

===============

 

( 270 )

 

[ الحادي عشر: إذا خيف عليه من سبع أو سيل أو عدو الثاني عشر: إذا أوصى بنبشه ونقله بعد مدة إلى الاماكن المشرفة. بل يمكن أن يقال بجوازه في كل مورد يكون هناك رجحان شرعي من جهة من الجهات، ولم يكن موجبا لهتك حرمته أو لاذية الناس. وذلك لعدم وجود دليل واضح على حرمة النبش الا الاجماع، وهو امر لبي، والقدر المتيقن منه غير هذه الموارد. لكن مع ذلك لا يخلو عن اشكال. (مسألة 8): يجوز تخريب آثار القبور التي علم اندراس ميتها، ما عدا ما ذكر من قبور العلماء والصلحاء وأولاد الائمة (ع)، سيما إذا كانت في المقبرة الموقوفة للمسلمين مع حاجتهم، وكذا في الاراضي المباحة. ولكن الاحوط عدم التخريب مع عدم الحاجة، خصوصا في المباحة غير الموقوفة. (مسألة 9): إذا لم يعلم أنه قبر مؤمن أو كافر فالاحوط عدم نبشه مع عدم العلم باندراسه، أو كونه في مقبرة الكفار. (مسألة 10): إذا دفن الميت في ملك الغير بغير رضاه لا يجب عليه الرضا ببقائه ولو كان بالعوض. وان كان الدفن بغير العدوان - من جهل أو نسيان - فله أن يطالب بالنبش أو يباشره. وكذا إذا دفن مال للغير مع الميت. لكن الاولى بل الاحوط قبول العوض أو الاعراض. (مسألة 11): إذا أذن في دفن ميت في ملكه لا يجوز له أن يرجع في اذنه بعد الدفن، سواء كان مع العوض أو بدونه، لانه المقدم على ذلك فيشمله دليل حرمة النبش. وهذا ]

 

===============

 

( 271 )

 

[ بخلاف ما إذا أذن في الصلاة في داره، فانه يجوز له الرجوع في أثناء الصلاة، ويجب على المصلي قطعها في سعة الوقت، فان حرمة القطع إنما هي بالنسبة إلى المصلي فقط، بخلاف حرمة النبش فانه لا يفرق فيه بين المباشر وغيره. نعم له الرجوع عن اذنه بعد الوضع في القبر قبل أن يسد بالتراب. هذا إذا لم يكن الاذن في عقد لازم، والا فليس له الرجوع مطلقا. (مسألة 12): إذا خرج الميت المدفون في ملك الغير باذنه بنبش نابش أو سيل أو سبع أو نحو ذلك لا يجب عليه الرضا والاذن بدفنه ثانيا في ذلك المكان، بل له الرجوع عن إذنه، الا إذا كان لازما عليه بعقد لازم. (مسألة 13): إذا دفن في مكان مباح فخرج بأحد المذكورات لا يجب دفنه ثانيا في ذلك المكان، بل يجوز أن يدفن في مكان آخر. والاحوط الاستئذان من الولي في الدفن الثاني أيضا. نعم إذا كان عظما مجردا أو نحو ذلك لا يبعد عدم اعتبار اذنه، وان كان الاحوط مع امكانه. (مسألة 14): يكره إخفاء موت انسان من أولاده وأقربائه، الا إذا كان هناك جهة رجحان فيه. (مسألة 15): من الامكنة التي يستحب الدفن فيها ويجوز النقل إليها الحرم، ومكة أرجح من سائر مواضعه، وفي بعض الاخبار أن الدفن في الحرم يوجب الامن من الفزع الاكبر (* 1)، وفي بعضها استحباب نقل الميت من عرفات ]

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 44 من أبواب مقدمات الطواف حديث 1.

 

===============

 

( 272 )

 

[ إلى مكة المعظمة (* 1). (مسألة 16): ينبغي للمؤمن إعداد قبر لنفسه، سواء كان في حال المرض أو الصحة، ويرجح أن يدخل قبره ويقرأ القرآن فيه. (مسألة 17): يستحب بذل الارض لدفن المؤمن، كما يستحب بذل الكفن له وان كان غنيا ففي الخبر: من كفن مؤمنا كان كمن ضمن كسوته إلى يوم القيامة (* 2). (مسألة 18): يستحب المباشرة لحفر قبر المؤمن، ففي الخبر: من حفر لمؤمن قبرا كان كمن بوأه بيتا موافقا إلى يوم القيامة (* 3). (مسألة 19): يستحب مباشرة غسل الميت، ففي الخبر كان فيما ناجى به موسى عليه السلام ربه قال: " يا رب ما لمن غسل الموتى، فقال: أغسله من ذنوبه كما ولدته أمه " (* 4). (مسألة 20) يستحب للانسان اعداد الكفن وجعله في بيته وتكرار النظر إليه، وففي الحديث قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " إذا أعد الرجل كفنه كان مأجورا كلما نظر إليه (* 5)، وفي خبر آخر: " لم يكتب من الغافلين وكان مأجورا كلما نظر إليه " (* 6). ]

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 44 من أبواب مقدمات الطواف حديث: 2. لكن الموجود النقل إلى الحرم ولم نجد النقل إلى خصوص مكة المعظمة. (* 2) الوسائل باب: 26 من أبواب التكفين حديث: 1. (* 3) الوسائل باب: 11 من أبواب الدفن حديث: 1. (* 4) الوسائل باب: 7 من ابواب غسل الميت حديث: 3. (* 5) الوسائل باب: 27 من أبواب التكفين حديث: 3. (* 6) الوسائل باب: 27 من أبواب التكفين حديث: 2.