فصل 2

[ فصل العين المستأجرة في يد المستأجر امانة، فلا يضمن تلفها أو تعيبها إلا بالتعدي أو التفريط (1). ولو شرط المؤجر ] (1) إجماعا بقسميه عليه، كما في الجواهر. ويستفاد من النصوص الواردة في ضمان المستأجر إذا تعدى، فان مفهومها يقتضي عدم الضمان مع عدمه، كصحاح علي بن جعفر، والحلبي، وأبي ولاد (* 1)، وغيرها. وفي صحيح محمد بن قيس: " قال أمير المؤمنين (ع): ولا يغرم الرجل إذا استأجر الدابة ما لم يكرهها أو يبغها غائلة " (* 2). وبالجملة: الحكم المذكور لاإشكال فيه. وأما مادل على عدم ضمان الامين (* 3) ففي شموله للمقام إشكال، لان الظاهر منه الامين على الحفظ، وهو غير ما نحن فيه. وأما صحيح الحلبي: " عن رجل استأجر أجيرا، فأقعده على متاعه. فسرق. قال (ع): مؤتمن " (* 4) فيحتمل أن يكون المراد منه المؤتمن على الحفظ، فلا مجال للاستدلال به على المقام. نعم في صحيح الحلبي عن أبي عبد الله (ع): " صاحبا الوديعة والبضاعة مؤتمنان... وقال: ليس على مستعير عارية ضمان، وصاحب العارية والوديعة مؤتمن " (* 5)، ودلالته على عدم ضمان المؤتمن على المال ظاهرة. ويعضدها مادل على عدم

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 17 من أبواب احكام الاجارة حديث: 6، 3، 1. (* 2) الوسائل باب: 32 من أبواب احكام الاجارة حديث: 1. (* 3) الوسائل باب: 4 من أبواب احكام الوديعة. (* 4) الوسائل باب: 4 من أبواب أحكام الوديعة حديث: 4. (* 5) الوسائل باب: 1 من أبواب احكام العارية حديث: 6.

 

===============

 

( 70 )

 

[ عليه ضمانها بدونهما فالمشهور (1) عدم الصحة (2). لكن ] ضمان الاجير، (* 1) والمستأجر (* 2)، والمرتهن (* 3)، والمستعير (* 4)، والعامل (* 5)، ونحوهم من المؤتمنين. فيمكن استفادة قاعدة عدم ضمان الامين بالمعنى الاعم، ويخرج به عن عموم: (على اليد ما أخذت حتى تؤدي) (* 6)، بناء على عمومه للامانة كما هو الظاهر. وعلى هذا فعدم ضمان المستأجر كما يستفاد من الادلة الخاصة، يستفاد من القاعدة المذكورة. (1) في مفتاح الكرامة عن المرتضى: الصحة. بل ظاهر كلامه المحكى: أنه إجماع. وعن الاردبيلي والكفاية: موافقته. وفي الرياض: أنه أظهر. (2) لما دل على عدم ضمان الامين، فيكون شرط الضمان مخالفا للكتاب (* 7). ودعوى أن عدم ضمانه لعدم المقتضي، فلا يكون الشرط حينئذ مخالفا للكتاب، لاختصاص المخالف بما كان على خلاف الحكم الاقتضائي لا مطلقا. مندفعة: بأن عموم (على اليد...) بعد ماكان شاملا ليد الامين، ظاهر في وجود مقتضي الضمان في يده، فعدم ضمانه لابد أن يكون لمقتضي العدم. مع أن الشك في كونه من باب التزاحم. فيكون

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 29 من أبواب احكام الاجارة. (* 2) الوسائل باب: 32 من أبواب احكام الاجارة. (* 3) الوسائل باب: 5 من أبواب احكام الرهن. (* 4) الوسائل باب: 1 من أبواب احكام العارية. (* 5) الوسائل باب: 30 من أبواب احكام الاجارة. (* 6) مستدرك الوسائل باب: 1 من أبواب احكام الغصب حديث: 4، وباب: 12 من أبواب الوديعة حديث: 12 وكنز العمال الجزء: 5 حديث: 5197. (* 7) لقوله تعالى: (ما على المحسنين من سبيل) التوبة: 91.

 

===============

 

( 71 )

 

عدم الضمان اقتضائيا، وكونه من باب التخصيص كاف في عدم جواز الرجوع إلى عموم: " المؤمنون عند شروطهم " (* 1)، لكون الشبهة حينئذ مصداقية. وأصالة عدم المخالفة للكتاب موقوفة على استصحاب العدم الازلي اللهم إلا أن يقال: المرتكز عند العقلاء كون خروج يد الامين من باب التخصيص، فيكون عدم الضمان لعدم المقتضي، لا من باب التزاحم، وحينئذ يشكل البناء على فساد الشرط، لاجل كونه مخالفا للكتاب. اللهم إلا أن يوجه الفساد بأنه من باب شرط النتيجة - كما أشار إلى ذلك في الجواهر هنا - فان التحقيق بطلان شرط النتيجة، إذ النتائج لاتقبل أن تكون مضافة إلى مالك، فلا تكون شرطا، إذ التحقيق أن الشرط مملوك للمشروط له، فإذا امتنع أن تكون مملوكة امتنع أن تشترط ملكيتها. نعم إذا كانت في العهدة جاز أن تكون مملوكة، لكنها حينئذ تخرج عن كونها شرط نتيجة، بل تكون من قبيل شرط الفعل، وليس هو محل الكلام. مثلا إذا قال: بعتك داري ولك علي أن أملكك فرسي، كان من شرط الفعل، ولا إشكال في جوازه. وإذا قال: ولك علي ملكية فرسي، وقصد المعنى الاول، كان أيضا من شرط الفعل وكان صحيحا. وإذا قصد أن له ملكية الفرس من دون أن تكون في عهدة المشروط عليه، كان من شرط النتيجة، وكان موردا للاشكال المذكور، من أن النتائج إذا لم تكن في العهدة لا تصلح لان تكون طرفا لاضافة الملكية. وكذلك سائر الاعيان التي لا وجود لها في الخارج، إذا لم تكن في العهدة لا تكون مملوكة أيضا. هذا مضافا: إلى أن مفاد صيغة الشرط مجرد جعل التمليك بين المشروط له والشرط، لاجعل الشرط المملوك، فان الصيغة لا تتكفله،

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 20 من أبواب المهور حديث: 4.

 

===============

 

( 72 )

 

[ الاقوى صحته. وأولى بالصحة إذا اشترط عليه اداء مقدار ] فإذا لم يكن مجعولا لم يكن ثابتا، فلا يكون شرط النتيجة موجبا لتحقق النتيجة، ولا يصح حينئذ ترتيب الاثر عليها. وليس المراد من بطلان شرط النتيجة إلا هذا المعنى، أعني: عدم ترتب النتيجة عليه. ثم إن الاشكالين المذكورين في شرط النتيجة، إنما يمنعان عنه إذا كان مفاد الشرط في العقد تمليك الشرط للمشروط له، كما هو الظاهر، ويقتضيه مناسبته بباب شرط الفعل، وباب الاقرار، ونحوهما. أما لو كان مفاده مجرد الالتزام للمشروط له بالشرط، فمرجعه إلى إنشاء شرط النتيجة في ضمن العقد، ولا بأس به عملا بعموم نفوذ الشرط. إلا إذا كان مفهومه لا ينشأ إلا بسبب خاص، فان عموم الشرط حينئذ لا يصلح لتشريع صحة إنشائه بدون ذلك السبب، لانه يكون مخالفا للكتاب، فيدخل في الشرط الباطل. ثم إن ما ورد في النصوص من شرط النتيجة، كشرط الضمان في العارية، وشرط الضمان في المسألة الآتية، لابد إما أن يحمل على شرط الفعل بأن يكون المقصود من شرط الضمان شرط تدارك خسارة التالف. كما سيأتي في كلام المصنف، وإما أن يكون المقصود إنشاء النتيجة نفسها في ضمن العقد، من دون قصد تمليك للمشروط له. ومثل ذلك ما ورد في الاستعمال العرفي، فانه لابد أن يحمل على أحد الامرين، ويختلف ذلك باختلاف القرائن المكتنفة في المقام، فقد تقتضي الاول، وقد تقتضي الثاني. وأما نذر النتيجة، فالكلام فيه أظهر، لاشتمال صيغة النذر على اللام الدالة على الملك. وحمل اللام على أنها لام الصلة، والظرف مستقر متعلق بقوله: التزمت، يعني: التزمت لله تعالى، خلاف الظاهر جدا. وقد تعرضنا لذلك في أوائل مباحث الزكاة من هذا الشرح.

 

===============

 

( 73 )

 

[ مخصوص من ماله على تقدير التلف أو التعيب (1)، لا بعنوان الضمان (2). والظاهر عدم الفرق في عدم الضمان مع عدم الامرين - بين أن يكون التلف في اثناء المدة أو بعدها إذا لم يحصل منه منع للمؤجر عن عين ماله إذا طلبها، بل خلى بينه وبينها ولم يتصرف بعد ذلك فيها. ثم هذا إذا كانت الاجارة صحيحة. وأما إذا كانت باطلة ففي ضمانها وجهان. اقواهما: العدم (3) ] (1) لعدم المانع المذكور، بل عليه حمل القول بصحة شرط الضمان. (2) كما صرح بذلك في الجواهر، والظاهر أنه المشهور، عملا بالاستصحاب. وعن الاسكافي والطوسي: إطلاق الضمان بعد المدة. ويقتضيه عموم " على اليد... "، المقتصر في الخروج عنه على ما في المدة لدليله، والاستصحاب لا يعارض العام. نعم إذا كان ظاهر ترك المطالبة الائتمان. دخل في عموم نفي الضمان. (3) كما هو المشهور، لقاعدة: (مالا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده)، المجمع عليها. وقد استدل بها على ذلك في المقام في محكي التذكرة وغيرها. ودعوى: اختصاص القاعدة فيما هو مصب العقد، وهو في الاجارة منفعة العين. فيها أن ذلك خلاف مقتضى استدلالهم بها على عدم الضمان. مع أن استدلالهم عليها بالاقدام على الاذن المجاني، المانع من عموم " على اليد ما أخذت... " مطرد في المقامين. مضافا إلى أن الاجارة أيضا موضوعها العين كما عرفت في أول الكتاب، فانه يصح أن يقول: آجرت العين، ولا يصح أن يقول: آجرت المنفعة، فالعين موضوع للاجارة. وكذلك يقال: أعرت العين. ثم إنه لو بني على عدم شمول عكس القاعدة، كفى في نفي الضمان مادل

 

===============

 

( 74 )

 

[ خصوصا إذا كان المؤجر عالما بالبطلان حين الاقباض، دون المستأجر. (مسألة 1): العين التي للمستأجر بيد المؤجر الذي آجر نفس لعمل فيها - كالثوب آجر نفسه ليخيطه - أمانة، فلا يضمن تلفها أو نقصها إلا بالتعدي أو التفريط (1)، أو ] على عدم ضمان المستأمن (* 1)، فان موضوع عدم الضمان هو الامين العرفي، وهو حاصل في الاجارة الصحيحة والفاسدة بنحو واحد. ودعوى: أن الاستيمان مبني على الاجارة، فإذا تبين فسادها فقد تبين انتفاؤه. يدفعها: أن ظاهر نصوص عدم الضمان مع الاستيمان عموم الحكم لصورة التلف المؤدي إلى فساد العقد من أول الامر، فتدل تلك النصوص على نفي الضمان مع الاستيمان، ولو كان في العقد الفاسد. فلاحظ تلك النصوص العامة والخاصة في مواردها، فانها تدل على ما ذكرنا من أن الاستيمان المبني على العقد موضوع لعدم الضمان، وإن تبين بطلان العقد كما أشرنا إلى ذلك في (نهج الفقاهة). هذا ولم يحك الخلاف في المقام إلا عن الادربيلي وصاحب الرياض، والذي عثرت عليه من كلام الاول في مسألة عدم ضمان المستأجر هو: عدم الضمان في الاجارة الفاسدة، مستدلا عليه بالاصل والقاعدة المتقدمة. نعم في الرياض. في مسألة ثبوت أجرة المثل في كل موضع تبطل فيه الاجارة، اختار الضمان حاكيا نسبته إلى المفهوم من كلمات الاصحاب، مستدلا عليه بعموم " على اليد... "، واستشكل فيه إذا كان المؤجر عالما بالفساد، للشبهة المتقدمة. (1) بلا خلاف فيه، كما اعترف به غير واحد. نعم في الشرائع:

 

 

____________

(* 1) راجع الوسائل باب: 4 من أبواب احكام الوديعة.

 

===============

 

( 75 )

 

[ اشتراط ضمانها على حذو ما مر في العين المستأجرة (1). ولو تلفت أو أتلفها المؤجر أو الاجنبي، قبل العمل أو في الاثناء بطلت الاجارة، ورجعت الاجرة بتمامها أو بعضها إلى المستأجر بل لو أتلفها مالكها المستأجر كذلك أيضا (2). نعم لو كانت الاجارة واقعة على منفعة المؤجر. بأن يملك منفعة الخياطي في يوم كذا، يكون إتلافه لمتعلق العمل بمنزلة استيفائه، لانه باتلافه إياه فوت على نفسه المنفعة. ففرق بين أن يكون العمل في ذمته، أو أن يكون منفعة الكذائية للمستأجر، ففي ] نسبته إلى الاصح، وظاهره وقوع الخلاف فيه. وفي المسالك: وجود القول بالضمان. وعن المرتضى: الاجماع. لكن في الجواهر - تبعا لمفتاح الكرامة - أن الخلاف في الضمان مع التهمة، لامع العلم بعدم التفريط والتعدي. وكيف كان، فيدل عليه ما عرفت من النصوص الدالة على عدم ضمان المستأمن، فان المقام منه. (1) كما هو المشهور كما قيل. ويشهد له خبر موسى بن بكير: " عن رجل استأجر سفينة من ملاح فحملها طعاما واشترط عليه إن نقص الطعام فعليه. قال (ع): جائز. قلت: إنه ربما زاد الطعام. قال: فقال: يدعي الملاح أنه زاد فيه شيئا؟، قلت: لا، قال: هو لصاحب الطعام الزيادة، وعليه النقصان إذا كان قد اشترط ذلك " (* 1). وقد عرفت أنه لابد من حمله على شرط الفعل، أو على كون المقصود منه إنشاء الضمان في ضمن العقد. (2) لعدم الفرق بين صور التلف، في أن عدم العين يوجب تعذر

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 30 من أبواب احكام الاجارة حديث: 5.

 

===============

 

( 76 )

 

[ الصورة الاولى التلف قبل العمل موجب للبطلان، ورجوع الاجرة إلى المستأجر وإن كان هو المتلف. وفي الصورة الثانية إتلافه بمنزلة الاستيفاء، وحيث أنه مالك لمنفعة المؤجر وقد فوتها على نفسه فالاجرة ثابتة عليه. (مسألة 2): المدار في الضمان على قيمة يوم الاداء في القيميات (1)، لايوم التلف، ولا أعلى القيم على الاقوى. ] العمل المستأجر عليه، لارتباطه به، الموجب لكونه فواته وانعدامه موجبا لانعدام المتعلق به. ومن هنا يشكل الفرق بين الصورة المذكورة والصورة الاخرى، إذا أيضا يقال فيها: إن تعذر العين يوجب تعذر المنفعة الخاصة بل يمكن كون البطلان في الثانية أظهر، لعدم قيام غيره مقامه في الثانية، بخلاف الاولى، لكنه فرق لا يوجب إلا الاولوية. وبالجملة بعدما. كان موضوع الاجارة متعلقا بالعين وهي متعذرة، فيكون موضوع الاجارة متعذرا فتبطل، ولافرق بين الصورتين في ذلك. وأما دعوى المصنف (ره) أن إتلافه بمنزلة الاستيفاء فغير ظاهرة، وإلا كان تلفه بمنزلة حصولها، ولا يظن التزامه بذلك. ومثله دعوى كون تسليم المؤجر نفسه للعمل موجبا لاستقرار الاجرة، فانه إنما يسلم إذا كانت المنفعة مقدورة، والاجارة باقية على صحتها، وقد عرفت خلافه. (1) كما هو أحد الاقوال في المسألة. والعمدد فيه البناء على بقاء العين في الذمة إلى زمان الاداء، فتعتبر القيمة حينئذ، وقيل قيمة زمان المخالفة، اعتمادا على صحيح أبي ولاد (* 1)، المشتمل على قوله: " أرأيت لو نفق البغل أو عطب أليس كان يلزمني؟!، قال (ع): قيمة بغل يوم خالفته "، بناء على أن قوله (ع): " يوم خالفته "، إما مضاف إليه

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 17 من أبواب احكام الاجارة حديث: 1.

 

===============

 

( 77 )

 

القيمة. المضافة إلى البغل، أو قيد للاختصاص الحاصل من إضافة القيمة إلى البغل. وفيه: أن الاول غير معهود في الاستعمال ولا يمكن ارتكابه. والثاني غير معقول، لان الاختصاص ملحوظ معنى حرفيا لاإسميا، ولا يمكن التعلق به. بل الظاهر كونه قيدا لعامل الجملة الجوابية المقدر، أعني قوله: " يلزمك " وكما أن القيمة فاعله، كذلك الظرف قيده. والتقدير - بعد ملاحظة الشرط في السؤال -: يلزمك يوم المخالفة قيمة بغل لو نفق أو عطب البغل، فيدل على أن الانتقال إلى القيمة يوم التلف. ولاجل أن الوجه في ضمان القيمة تدارك الخسارة المالية في العين، يتعين البناء على قيمة يوم التلف. لان ثبوت القيمة المذكورة تدارك لمالية العين الفائتة حينئذ. ومن هنا حكي عن الاكثر: أن الاعتبار بقيمة يوم التلف. ويعضده بعض النصوص الاخر: مثل ما ورد في المعتق حصته من عبد. أنه يقوم قيمته يوم أعتق أو يوم حرر. (* 1) وكأن المصنف (ره) جعل المتعلق به الظرف. الفعل المقدر وهو: يلزمك، من دون أن يقدره معلقا على شرط التلف، فتكون الرواية عنده مجملة من هذه الجهة، فيتعين الرجوع في تعيين القيمة إلى القواعد. ولما كان الاظهر عنده: أن العين بنفسها باقية بعد التلف في الذمة. وان كانت قيمية، تعين أن تكون القيمة بلحاظ زمان الاداء، لانه زمان التدارك. وما ذكره (ره) من بقاء العين في الذمة وإن كان في محله، لكن جعل الفعل المقدر المتعلق به الظرف لا معلقا على التلف خلاف الظاهر. وقد عرفت أنه إذا أخذ معلقا على التلف، فالاطلاق المقامي لدليل ثبوت القيمة يقتضي الحمل على المرتكزات العقلائية، وهي تقتضي أن تكون بلحاظ زمان التلف، لانه به يكون التدارك، وإلا كان تداركا بالاكثر أو بالاقل، وهو خلاف المرتكز جدا.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 18 من أبواب كتاب العتق حديث: 3، 4.

 

===============

 

( 78 )

 

[ (مسألة 3): إذا أتلف الثوب بعد الخياطة ضمن قيمته مخيطا (1)، واستحق الاجرة المسماة. وكذا لو حمل متاعا إلى مكان معين ثم تلف مضمونا أو أتلفه، فانه يضمن قيمته في ذلك المكان، لا أن يكون المالك مخيرا بين تضمينه غير مخيط بلا أجرة، أو مخيطا مع الاجرة (2). وكذا لا أن يكون في المتاع مخيرا بين قيمته غير محمول في مكانه الاول بلا أجرة، أو في ذلك المكان مع الاجرة، كما قد يقال. (مسألة 4): إذا أفسد الاجير للخياطة أو القصارة أو التفصيل للثوب ضمن. وكذا الحجام إذا جنى في حجامته (3) أو الختان في ختانه. وكذا الكحال أو البيطار. وكل من آجر نفسه لعمل في مال المستأجر إذا أفسده يكون ضامنا إذا تجاوز عن الحد المأذون فيه، وإن كان بغير قصده، لعموم " من أتلف... " وللصحيح (4) عن أبي عبد الله (ع): ] (1) كما تقدم في المسألة العاشرة من الفصل السابق. (2) قد تقدم منه أنه على القول الثاني يكون من التلف قبل القبض، الموجب لبطلان الاجارة، فلا يستحق الاجرة، ويضمن قيمة العين غير موصوفة. وقد تقدم في بعض الحواشي القول بالتخيير بين الامرين المذكورين. وذكرنا هناك وجهه، وأن الضمان يجعل التلف من قبيل تلف الوصف، وهو خصوصية الصفة، لاتلف العين التي هي قوام المعاوضة، الموجب للبطلان إذا كان قبل القبض، وتلف الوصف قبل القبض يوجب الخيار. (3) استفاض نقل الاجماع صريحا وظاهرا عليه في محكي جماعة. (4) يريد به صحيح الحلبي (1).

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 29 من أبواب أحكام الاجارة حديث: 19.

 

===============

 

( 79 )

 

[ " في الرجل يعطى الثوب ليصبغه، فقال، (ع): كل عامل أعطيته أجرا على أن يصلح فأفسد فهو ضامن ". بل ظاهر المشهور ضمانه وإن لم يتجاوز عن الحد المأذون فيه (1)، ولكنه مشكل (2). فلو مات الولد بسبب الختان، مع كون الختان حاذقا، من غير أن يتعدى عن محل القطع، بأن كان أصل الختان مضرا به، في ضمانه اشكال. (مسألة 5): الطبيب المباشر للعلاج إذا أفسد ضامن (3) ] (1) لاطلاقهم القول بضمان الاجير. (2) بل في محكي التحرير: نفي الضمان، وعن الكفاية، أنه غير بعيد. ومال إليه في الجواهر. وجزم به بعض المحققين، للاذن الرافعة للضمان وإن صدق الاتلاف، فان الاتلاف، باذن المالك غير موجب للضمان إجماعا، والصحيح المذكور ونحوه ظاهر في صورة عدم موجود العمل المستأجر عليه. ودعوى: أن الاذن مشروطة بالسلامة، فلا تشمل صورة التلف، ممنوعة، بل هو خلاف المفروض. نعم لا يبعد كون السلامة من قبيل الداعي، الذي لا يقدح تخلفه في حصول الاذن. هذا إذا كان الفساد من لوازم الفعل المأذون فيه - ولو في خصوص المورد - واقعا، وإن جهلت الملازمة. أما إذا لم يمكن من لوازمه، فحصل من باب الاتفاق، فالبناء على الضمان في محله، لانه غير مأذون فيه لا بالاصالة ولا بالتبعية. (3) كما هو المعروف. ويشهد له خبر السكوني: " من تطيب أو تبيطر فليأخذ البراءة من وليه، وإلا فهو ضامن " (* 1). مضافا إلى عموم قاعدة: " من أتلف... "، والصحيح المتقدم، ونحوه. وعن الحلبي:

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 24 من أبواب موجبات الضمان حديث: 1.

 

===============

 

( 80 )

 

[ وإن كان حاذقا. وأما إذا لم يكن مباشرا بل كان آمرا، ففي ضمانه إشكال (1)، إلا أن يكون سببا وكان أقوى من المباشر وأشكل منه إذا كان واصفا للدواء، من دون أن يكون آمرا كأن يقول: إن دواءك كذا وكذا. بل الاقوى فيه عدم الضمان وإن قال: الدواء الفلاني نافع للمرض الفلاني، فلا ينبغي الاشكال في عدم ضمانه، فلا وجه لما عن بعضهم من التأمل فيه. وكذا لو قال: لو كنت مريضا بمثل هذا المرض لشربت الدواء الفلاني. (مسألة 6): إذا تبرأ الطبيب من الضمان، وقبل المريض أو وليه، ولم يقصر في الاجتهاد والاحتياط برأ ] عدم الضمان، للاذن. وفيه: أن الاذن كان في العلاج، لافي الافساد. (1) المحكي عن بعض: نفي الريب في الضمان، لاطلاق الاجماع المحكي على ضمان الطبيب، ولخبر السكوني المتقدم، ولانه المتلف لانه السبب، وهو هنا أقوى من المباشر. والجميع كما ترى، لمنع الاجماع. والخبر ظاهر في المباشر، بقرينة اقترانه بالبيطار، لاأقل من عدم عمومه للآمر. وقوة السبب بنحو يستند إليه التلف عرفا غير ظاهر. وأما قاعدة الغرور فليس بناؤهم على العمل بها في أمثال المقام ظاهرا، على أن في صدقه مع جهل الغار تأملا، ولاسيما مع قيام السيرة على عدم التضمين بمجرد ذلك. ولاجل ما ذكر كان عدم الضمان مختار جماعة من المحققين إذا كان واصفا غير آمر، منهم صاحب الجواهر، بل وإذا كان آمرا أيضا، وإن كان في الجواهر مال إلى الضمان، بناء على قوة السبب بالنسبة إلى المباشر في مثله، الذي عرفت منعه، ولاسيما وكون الامر إرشاديا، فهو بمنزلة الوصف.

 

===============

 

( 81 )

 

[ على الاقوى (1). (مسألة 7): إذا عثر الحمال فسقط ما كان على رأسه أو ظهره - مثلا - ضمن (2)، لقاعدة الاتلاف. ] (1) كما هو المشهور، بل لايعرف الخلاف فيه إلا من الحلي وبعض آخر، لعدم جواز الاسقاط قبل الثبوت، وحملا للخبر المتقدم على البراءة بعد الجناية. وفيه أن الحمل المذكور خلاف ظاهر الخبر، فلا مجال لرفع اليد عنه بعد حجيته واعتماد الاصحاب عليه. مع أن ما ذكر لايتم لو كانت البراءة شرطا في عقد الاجارة، لانه ليس من الاسقاط قبل الثبوت، بل هو شرط السقوط كما في شرط الخيار. اللهم إلا أن يقال: إنه من شرط النتيجة. لكن عرفت قريبا الكلام فيه، وأنه لا بأس به إذا كان المقصود إنشاء النتيجة في ضمن العقد. (2) كما نص على في الجواهر، لما ذكر، وللصحيح: " في رجل حمل متاعا على رأسه، فأصاب إنسانا فمات أو انكسر منه. قال (ع): هو ضامن " (* 1). لكن في شموله للفرض تأمل. فالعمدة قاعدة الاتلاف. دعوى أنه من التلف غير ظاهرة، لاستناده إليه وإن كان عن غير قصد، كما لو عثر فرجع على إناء غيره فكسره. ومنه يظهر ما عن كشف اللثام من عدم الضمن إلا مع التفريط، أو كونه عارية مضمونة. نعم إذا كانت سلسلة أسباب، بعضها اختياري وبعضها غير اختياري، نسب الفعل إلى الفاعل المختار، كما لو عمد إلى النائم فنخسه، فانقلب على إناء ثالث فكسره، نسب الكسر إلى الناخس. أما لو كانت كلها غير اختيارية نسب الفعل إلى المباشر، كما لو انقلب النائم على نائم آخر، فانقلب الثاني على

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 10 من أبواب موجبات الضمان حديث: 1، وباب: 30 من أبواب احكام الاجارة حديث: 11.

 

===============

 

( 82 )

 

[ (مسألة 8): إذا قال للخياط مثلا: إن كان هذا يكفيني قميصا فاقطعه، فلم يكف، ضمن في وجه (1). ومثله لو قال: هل يكفي قميصا؟ فقال: نعم. فقال: اقطعه فلم يكفه (2). وربما يفرق بينهما فيحكم بالضمان في الاول دون الثاني (3)، بدعوى عدم الاذن في الاول دون الثاني. وفيه: أن في الاول أيضا الاذن حاصل (4). وربما يقال بعدم الضمان فيهما، للاذن فيهما. وفيه: أنه مقيد بالكفاية، إلا أن يقال أنه مقيد باعتقاد الكفاية، وهو حاصل (5). والاولى الفرق بين الموارد والاشخاص بحسب صدق الغرور وعدمه، أو ] إناء فكسره، نسب الفعل إلى الثاني. ولو كانت كلها اختيارية، كما لو ضرب زيد عمرا. فغضب عمرو وكسر إناء بكر، نسب الكسر إلى عمرو. ومن ذلك يعرف أن الاختيار ليس شرطا في صحة النسبة، إلا إذا كان موجودا في سلسلة العلل. فانه يستند الفعل إلى السبب الاختياري لاغير. (1) كما في القواعد وغيرها. واختاره في الجواهر، لعدم الاذن في القطع فيكون النقص موجبا لضمان فاعله. (2) كأن وجه الضمان فيه قاعدة الغرور، وإلا فالنقص الصادر من الخياط كان باذن المالك. (3) كما في القواعد وغيرها. واختاره في الجواهر. (4) فيه منع، لان الاذن الحاصلة كانت مشروطة بالكفاية، والمفروض عدمها. (5) بل غير مقيد وإنما هو مطلق، وإن كان عن داعي اعتقاد الكفاية، لكن تخلف الداعي لا يقدح في حصول الاذن، كما في غيره.

 

===============

 

( 83 )

 

[ تقيد الاذن وعدمه، والاحوط مراعاة الاحتياط. (مسألة 9): إذا آجر عبده لعمل فأفسد، ففي كون الضمان عليه (1)، أو على العبد يتبع به بعد عتقه (2)، أو في كسبه إذا كان من غير تفريط وفي ذمته يتبع به بعد العتق إذا كان بتفريط (3)، أو في كسبه مطلقا (4)، وجوه وأقوال. ] (1) كما عن النهاية وفي الروض وغيره، وكأنه للحسن: " قضى أمير المؤمنين (ع) في رجل، كان له غلام استأجره منه صائغ أو غيره قال (ع): إن كان ضيع شيئا أو أبق منه فمواليه ضامنون " (* 1)، بعد حمل الصحيح الآتي على المثال، بأن يكون ذكر الكسب من باب تمثيل ما يكون مع الضمان. (2) كما عن الحلي وجامع المقاصد، عملا منهم بالقواعد، لان العبد هو المتلف. (3) هذا التفصيل منسوب إلى المسالك، حملا للصحيح على ذلك، كما تقتضيه القاعدة، لان إذنه في العمل المترتب عليه التلف بلا تفريط بمنزلة إسقاط حقه من كسبه، فيجب على العبد الكسب لتفريغ ذمته. بخلاف صورة التفريط فانه لاإذن له في العمل حينئذ، فحقه في كسب العبد بحاله، وهو مانع عن تصرف العبد فيه، ولاوجه لضمان المولى حينئذ لعدم كونه متلفا. وفيه: أن مجرد الاذن في العمل لا يكفي في تسويغ تصرفه في كسب العبد، الذي هو ماله في غير مورد الاذن، فالعمل باطلاق النصوص متعين. (4) كما في القواعد تبعا للشرائع. وتبعهما جماعة، للصحيح: " في رجل استأجر مملوكا فيستهلك مالا كثيرا، قال (ع): ليس على مولاه

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 11 من أبواب أحكام الاجارة حديث: 2، وباب: 12 من أبواب موجبات الضمان حديث: 1.

 

===============

 

( 84 )

 

[ أقواها: الاخير، للنص الصحيح (1). هذا في غير الجناية على نفس أو طرف، وإلا فيتعلق برقبته، وللمولى فداؤه بأقل الامرين من الارش والقيمة. (مسألة 10): إذا آجر دابة لحمل متاع، فعثرت، وتلف أو نقص، لا ضمان على صاحبها، إلا إذا كان هو السبب بنخس أو ضرب. (مسألة 11): إذا استأجر سفينة أو دابة لحمل متاع فنقص أو سرق، لم يضمن صاحبها. نعم لو اشترط عليه الضمان صح، لعموم دليل الشرط، وللنص (2). (مسألة 12): إذا حمل الدابة المستأجرة أزيد من المشترط أو المقدار المتعارف مع الاطلاق، ضمن تلفها أو عوارها (3). والظاهر أجرة المثل لا المسمى مع عدم ] شئ، وليس لهم أن يبيعوه، ولكنه يستسعى، فان عجز فليس على مولاه شئ، ولا على العبد " (* 1)، فيقيد به إطلاق الحسن السابق، فيحمل على كون ضمان المولى في خصوص الكسب. (1) الذي لا يعارضه الحسن، لوجوب حمل المطلق على المقيد. (2) تقدم في المسألة الاولى. (3) إجماعا نصا (* 2) وفتوى، والمشهور أنه يضمن تمامها. وعن الارشاد: أنه يضمن نصفها، لان الحمل بعضه مأذون فيه وبعضه غير

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 11 من أبواب احكام الاجارة حديث: 3. (* 2) لم نعثر على نص وارد في هذا الموضوع خاصة في مضان النصوص من كتب الحديث والفقه، ولعل المراد به ما ورد في نظائره من موارد التعدي عن مقتضى الشرط أو الاطلاق، فراجع الوسائل باب: 16 و 17 و 32 من أبواب احكام الاجارة.

 

===============

 

( 85 )

 

[ التلف، لان العقد لم يقع على هذا المقدار من الحمل. نعم لو لم يكن ذلك على وجه التقييد، ثبت عليه المسماة وأجرة المثل بالنسبة إلى الزيادة (1). (مسألة 13): إذا اكترى دابة، فسار عليها زيادة عن المشترط، ضمن. والظاهر ثبوت الاجرة المسماة بالنسبة إلى المقدار المشترط، وأجرة المثل بالنسبة إلى الزائد. (مسألة 14): يجوز لمن استأجر دابة للركوب أو الحمل أن يضربها إذا وقفت على المتعارف، أو يكبحها باللجام أو نحو ذلك على المتعارف، إلا مع منع المالك من ذلك (2)، أو كونه معها وكان المتعارف سوقه هو. ولو تعدى عن ] مأذون فيه. وفيه: أن الموجب للضمان العدوان، الحاصل بحمل ما لم يأذن به المالك. (1) حكي في المسألة ثلاثة أقوال: الاول: ثبوت أجرة مثل المجموع. حكي عن الاردبيلي. والثاني: أجرة مثل الزائد مع المسمى. حكي عن المشهور. والثالث: ثبوت المسمى مع أجرة الزيادة بحساب المسمى. حكي عن المقنعة. والاخير غير ظاهر. والاولان محمولان على التفصيل المذكور في المتن فيرتفع الخلاف. يظهر ذلك من دليهما. نعم لازم ما اختاره في المسألة السادسة من الفصل الآتي: وجوب المسمى وأجرة المثل للمجموع. أما الاولى: فبالاجارة، لعدم الموجب لفسادها. وأما الثانية: فالاستيفاء المنفعة غير المأذون فيها. وسيأتي هناك التعرض لذلك. (2) هذا إذا لم يكن قد اشترط في العقد، ولو لاجل التعارف المنزل عليه العقد، وإلا كان منع المالك بلاحق.

 

===============

 

( 86 )

 

[ المتعارف أو مع منعه ضمن نقصها أو تلفها. أما في صورة الجواز ففي ضمانه مع عدم التعدي اشكال. بل الاقوى: العدم، لانه مأذون فيه (1). (مسألة 15): إذا استؤجر لحفظ متاع، فسرق، لم يضمن (2)، إلا مع التقصير في الحفظ ولو لغلبة النوم عليه (3) أو مع اشتراط الضمان. وهل يستحق الاجرة مع السرقة؟ الظاهر: لا (4)، لعدم حصول العمل المستأجر عليه، إلا أن يكون متعلق الاجارة الجلوس عنده، وكان الغرض هو الحفظ لا أن يكون هو المستأجر عليه. ] (1) كما تقدم في المسألة الرابعة. (2) لانه أمين، فيدل على عدم ضمانه مادل على عدم ضمان الامين نعم يظهر من خبر إسحاق الآتي الضمان. لكن لم يعرف العمل به إلا من ابن إدريس، فلا مجال للاعتماد عليه، ويتعين حمله على صورة شرط الضمان بمعنى شرط التدارك، فيكون من شرط الفعل، أو من شرط النتيجة بناء على جوازه، وقد تقدم الكلام في ذلك في أوائل فصل: (أن العين المستأجرة أمانة)، فراجع. وفي الجواهر: عارضه بالصحيح: " عن رجل استأجر أجيرا فأقعده على متاعه فسرق. قال (ع): هو مؤتمن " (* 1) لكن في ظهوره في كونه أجيرا على الحفظ غير واضح، وإن لم يكن بعيدا. (3) لا يخلو من نظر، لان غلبة النوم ليست من التقصير. نعم ربما كان منه. (4) كما مال إليه في الجواهر، معللا له بما ذكر، بل ينبغي أن

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 29 من أبواب احكام الاجارة حديث: 3.

 

===============

 

( 87 )

 

[ (مسألة 16): صاحب الحمام لا يضمن الثياب (1)، الا إذا أودع وفرط أو تعدى، وحينئذ يشكل صحة اشتراط الضمان أيضا، لانه أمين محض (2)، فانه إنما أخذ الاجرة على الحمام ولم يأخذ على الثياب (3). نعم لو استؤجر مع ذلك ] لا يكون محلا للاشكال. (1) بلا خلاف ولا إشكال كما في الجواهر، ويشهد له خبر إسحاق ابن عمار عن جعفر عن أبيه (ع): " أن عليا (ع) كان يقول: لا ضمان على صاحب الحمام فيما ذهب من الثياب، لانه إنما أخذ الجعل على الحمام، ولم يأخذ على الثياب " (* 1)، ونحوه خبر أبي البختري (* 2). وفي خبر غياث بن ابراهيم: " إن أمير المؤمنين (ع) أتي بصاحب حمام وضعت عنده الثياب فضاعت، فلم يضمنه، وقال (ع): إنما هو أمين " (* 3) وظاهر الاخير أن صاحب الحمام من أفراد الامين دائما، مع أنه قد لا يكون كذلك كما هو الغالب، فان الداخل إلى الحمام يضع ثيابه في المسلخ وثوقا منه بعدم الدواعي إلى سرقة ثيابه، لجهات دينية أو أخلاقية أو خارجية، من دون إئتمان أحد معين عليها. ولذلك ذكر في المتن قسمين كما يفهم من الاستثناء. (2) وقد يظهر منهم في الودعي الاتفاق على عدم صحة اشتراط الضمان عليه كما تقدم، ولولا ذلك كان الحكم كما في غيره من الامناء، وقد تقدم من المصنف (ره) الجواز فيه. (3) هذا مضمون الخبر السابق.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 28 من أبواب احكام الاجارة حديث: 3. (* 2) الوسائل باب: 28 من أبواب احكام الاجارة حديث: 2. (* 3) الوسائل باب: 28 من أبواب احكام الاجارة حديث: 1.

 

===============

 

( 88 )

 

[ للحفظ أيضا، ضمن مع التعدي أو التفريط، ومع اشتراط الضمان أيضا، لانه حينئذ يأخذ الاجرة على الثياب أيضا، فلا يكون أمينا محضا (1). فصل يكفي في صحة الاجارة كون المؤجر مالكا للمنفعة، أو وكيلا عن المالك لها، أو وليا عليه، وإن كانت العين للغير كما إذا كانت مملوكة بالوصية أو بالصلح أو بالاجارة، فيجوز للمستأجر أن يؤجرها من المؤجر أو من غيره، لكن في جواز تسليمه العين إلى المستأجر الثاني بدون إذن المؤجر إشكال (2) ] (1) إذ المراد من الامين المحض: المأذون في الاستيلاء على العين بقصد الحفظ. وفي المقام يكون الاذن في الاستيلاء على العين بقصد الاجرة في مقابل الحفظ. (2) عن النهاية والسرائر والقواعد وغيرها: المنع، لانها أمانة لم يأذن له المالك في تسليمها إلى غيره. وفيه: أن الائتمام للاول إنما كان من مقتضيات عقد الاجارة، لان استيفاء المنفعة يتوقف عليه، فإذا كان مقتضى عقد الاجارة تملك المنفعة مطلقا، من دون شرط الاستيفاء مباشرة من المستأجر، اقتضى أيضا إئتمانه كذلك، فله أن يستأمن غيره على العين كما استأمنه المؤجر عليها، فيكون المستأجر الثاني مستوفيا للمنفعة وأمينا على العين كالمستأجر الاول. وهكذا الحال في المستأجر الثالث. ومنه يظهر: أنه لو لم يكن عقد الاجارة مقتضيا للائتمان المذكور - كالمستأجر

 

===============

 

( 89 )

 

[ فلو استأجر دابة للركوب أو لحمل المتاع مدة معينة، فأجرها ] لموضع معين من سفينة أو سيارة - لم يكن له حق في تسلم العين، ولا حق تسليمها من المستأجر منه. هذا مضافا إلى ظاهر النصوص الواردة في اجارة الارض وغيرها بمساوي الاجرة أو بالاقل (* 1)، حيث صرحت بالجواز من دون تعرض فيها لشبهة عدم جواز التسليم. وحملها على صورة عدم الحاجة في استيفاء المنفعة إلى تسليم العين، كما ترى، فانه كالمقطوع بخلافه في جميعها. ونحوها صحيح ابن جعفر (ع) " في رجل استأجر دابة فأعطاها غيره فنفقت، فما عليه؟ قال (ع): إن كان اشترط أن لا يركبها غيره فهو ضامن لها، وإن لم يسم فليس عليه شئ " (* 2). وما في الجواهر من حمله على كون الدفع إلى الغير كان على نحو تكون أمانة عند الدافع، لكونها في يده وإن كان الغير راكبا لها، بعيد. ولاجل ما ذكرنا ذهب المشهور إلى الجواز كما حكي. وعن ابن الجنيد: التفصيل، فيجوز تسليمها إلى أمين دون غيره. وكأن وجهه: أن المستأجر الاول مؤتمن على العين بلا شرط المباشرة، فله أن يأتمن غيره عليها. ولا بأس به. وقد يشهد له مصحح الصفار: " في رجل دفع ثوبا إلى القصار ليقصره، فدفعه القصار إلى قصار غيره ليقصره فضاع الثوب هل يجب على القصار أن يرده إذا دفعه إلى غيره، وإن كان القصار مأمونا؟. فوقع (ع): هو ضامن له إلا أن يكون ثقة مأمونا إن شاء الله " (* 3). ونحوه مكاتبة محمد بن علي بن محبوب (* 4)، بناء على أن

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 20، 21، 22 من أبواب احكام الاجارة وسيأتي التعرض لها في المسألة الآتية. (* 2) الوسائل باب: 16 من أبواب احكام الاجارة حديث: 1. (* 3) الوسائل باب: 29 من أبواب احكام الاجارة حديث: 18. (* 4) الوسائل باب: 29 من أبواب احكام الاجارة ملحق حديث: 18.

 

===============

 

( 90 )

 

[ في تلك المدة أو في بعضها من آخر يجوز، ولكن لا يسلمها إليه، بل يكون هو معها وإن ركبها ذلك الآخر أو حملها متاعه، فجواز الاجارة لا يلازم تسليم العين بيده (1)، فان سلمها بدون إذن المالك ضمن. هذا إذا كانت الاجارة الاولى مطلقة. وأما إذا كانت مقيدة، كأن استأجر الدابة لركوبه نفسه، فلا يجوز إجارتها من آخر (2). كما أنه إذا اشترط المؤجر عدم إجارتها من غيره، أو اشترط استيفاء المنفعة بنفسه لنفسه، كذلك أيضا أي: لا يجوز إجارتها من الغير. نعم لو اشترط استيفاء المنفعة بنفسه، ولم يشترط كونها لنفسه جاز أيضا إجارتها من الغير، بشرط أن يكون هو المباشر للاستيفاء لذلك الغير. ثم لو خالف وآجر في هذه الصور: ففي الصورة الاولى - وهي ما إذا استأجر الدابة لركوبه نفسه - بطلت، لعدم كونه مالكا إلا ركوبه نفسه، فيكون المستأجر الثاني ضامنا لاجرة المثل للمالك إن استوفى المنفعة (3)، وفي ] المراد بالقصار المأمون هو القصار الثاني، بقرينة مناسبة الحكم والموضوع. نعم مورده عين المستأجر، لاعين المؤجر. (1) لكن في هذه الصورة لا يجب على المؤجر تسليم العين أيضا، إذ ليس حينئذ من لوازم الاجارة الاولى التسليم. والكلام لابد أن يكون في غير هذه الصورة كما أشرنا إليه. (2) يأتي وجهه. (3) قد يشكل: بأنه إذا ملك المستأجر منفعة ركوب نفسه، امتنع أن تكون منفعة ركوب غيره مملوكة للمالك، بناء على امتناع ملك المنفعتين

 

===============

 

( 91 )

 

[ الصورة الثانية والثالثة في بطلان الاجارة وعدمه، وجهان، مبنيان على أن التصرف المخالف للشرط باطل لكونه مفوتا لحق الشرط (1)، أو لا، بل حرام وموجب للخيار. وكذا ] المتضادتين لمالك واحد أو لمالكين، لامتناع القدرة على المتضادتين في عرض واحد. وعليه يكون للمالك المسمى على المستأجر، عملا بالاجارة الصحيحة فيكون للمالك الامر ان: المسمى على المستأجر، وأجرة المثل على المستوفي الثاني. وعلى القول الآخر ليس له إلا الاول. وسيجئ الكلام في ذلك ثم إنه بناء على ما ذكره المصنف، إذا دفع المستوفي أجرة المثل إلى المالك فان كان مغرورا من قبل المستأجر الاول، فهل يرجع إليه أولا؟ وجهان مذكوران في مبحث قاعدة الغرور. (1) فان الظاهر من شرط فعل: جعل حق للمشروط له على المشروط عليه، كما أشرنا إلى ذلك، ولاجله قلنا بامتناع شرط النتيجة، فقاعدة السلطنة في الحق مانعة من نفوذ التصرف المنافي له، فيبطل، لعدم صدوره من السلطان. ودعوى: أن مفاد الشرط مجرد الالتزام بالمضمون، خلاف الظاهر. ولاجل ذلك جاز للمشروط له المطالبة، وجاز له الاسقاط، كما أشرنا إلى ذلك سابقا. فراجع. نعم يختص ذلك بالشرط الاصطلاحي، وهو الفعل الاجنبي عن موضوع العقد، مثل: شرط أن لا يؤجرها. ولا يجري في شرط الاستيفاء، لانه من قبيل القيد الذي يكون تخلفه موجبا للخيار إذا كان على نحو تعدد المطلوب. لكن في المقام لما كان القيد مانعا عن عموم الاذن، لاستيفاء غير المستأجر للمنفعة يكون حراما، فلا تصح الاجارة عليه، فالبطلان يكون من جهة حرمة المنفعة، لا لنفي السلطنة على الاجارة. وعلى هذا لو آجرها المستأجر فاستوفى المستأجر الثاني المنفعة، يثبت الخيار في الصورة الثالثة، ولا يثبت في الصورة الثانية.

 

===============

 

( 92 )

 

[ في الصورة الرابعة (1) إذا لم يستوف هو، بل سلمها إلى ذلك الغير. (مسألة 1): يجوز للمستأجر مع عدم اشتراط المباشرة وما بمعناها أن يؤجر العين المستأجرة بأقل مما استأجر، وبالمساوي له مطلقا (2) أي شئ كانت، بل بأكثر منه ايضا إذا أحدث فيها حدثا (3)، أو كانت الاجرة من غير جنس الاجرة السابقة (4)، بل مع عدم الشرطين أيضا فيما عدا البيت والدار والدكان والاجير (5). ] (1) في هذه الصورة يجري حكم الصورة الثالثة الذي ذكرناه في الحاشية السابقة، من ثبوت الخيار إذا كان الثالث قد استوفى المنفعة بنفسه ولو آجرها الثاني على الثالث بشرط استيفائه - يعني: الثالث - بنفسه بطل الشرط، وفي بطلان الاجارة الخلاف المعروف في أن بطلان الشرط يقتضي بطلان العقد أولا. والتحقيق هو الثاني. (2) بلا خلاف ظاهر، ولا إشكال، لاختصاص أدلة المنع بغيره والنصوص الخاصة والعامة تقتضي الصحة. وعن مجمع البرهان: أنه لا خلاف فيه وفي المساوي. (3) بلا إشكال أيضا، لاتفاق النص والفتوى على. وعن جماعة: دعوى الاجماع على الجواز فيه. (4) كما عن جماعة كثيرة التصريح به، لان الظاهر من الاكثر: الاكثر في الجنس، لا الاكثر في القيمة والمالية، لا أقل من عدم الظهور في العموم بنحو يقيد به اطلاق دليل الصحة. (5) كما نسب إلى جماعة، لعمومات الصحة، واختصاص نصوص المنع

 

===============

 

( 93 )

 

[ وأما فيها: فاشكال (1)، فلا يترك الاحتياط بترك إجارتها ] بالمذكورات، فالتعدي إلى غيرها من الاعيان المستأجرة - كما نسب إلى السيدين والشيخين والصدوق وغيرهم - في غير محله، ولاسيما مع تصريح النصوص بالفرق، مثل خبر أبي الربيع: " إن الارض ليست مثل الاجير ولا مثل البيت، إن فضل الاجير والبيت حرام " (* 1) ونحوه غيره. (1) بل المنع مذهب جماعة، لحسنة أبي الربيع عن أبي عبد الله (ع): " سألته عن الرجل يتقبل الارض من الدهاقين، ثم يؤاجرها بأكثر مما يتقبلها، ويقوم فيها بحظ السلطان، فقال (ع) لا بأس به، إن الارض ليست مثل الاجير ولا مثل البيت، إن فضل الاجير والبيت حرام " (* 2) وفي حسنة أبي المعزا: قال (ع) - في الجواب عن السؤال المذكور -: " لا بأس إن هذا ليس كالحانوت ولا الاجير، إن فضل الحانوت والاجير حرام " (* 3). وبمضمون الاول خبر ابراهيم بن ميمون (4)، ومصحح الحلبي عن أبي عبد الله (ع): " لو أن رجلا استأجر دارا بعشرة دراهم، فسكن ثلثيها وآجر ثلثها بعشرة دراهم، لم يكن به بأس، ولا يؤاجرها بأكثر مما استأجرها به، إلا أن يحدث فيها شيئا " (* 5) وذهب جماعة إلى الجواز فيها، وعن التذكرة والمختلف وجامع المقاصد وغيرها: الاستدلال على المنع. وكأن وجه إشكال المصنف: ما ورد في جواز ذلك في الارض، بناء على التعدي من مورده. لكنه ضعيف.

 

 

____________

(* 1)، (* 2) الوسائل باب: 20 من أبواب احكام الاجارة حديث: 2. (* 3) الوسائل باب: 20 من أبواب أحكام الاجارة حديث: 4. (* 4) الوسائل باب: 20 من أبواب أحكام الاجارة حديث: 5. (* 5) الوسائل باب: 22 من أبواب احكام الاجارة حديث: 3.

 

===============

 

( 94 )

 

[ بالاكثر. بل الاحوط إلحاق الرحى (1) والسفينة (2) بها أيضا في ذلك. والاقوى جواز ذلك مع عدم الشرطين في الارض على كراهة (3)، ] (1) كما عن بعض، للخبر: " إني لاكره أن استأجر رحى وحدها ثم أؤجرها باكثر مما استأجرتها به، إلا أن أحدث فيها حدثا، أو أغرم فيها غراما " (* 1) ودلالته قاصرة، وإن كان سنده غير قاصر. (2) واستدل على المنع فيها بالخبر أيضا: " لا بأس أن يستأجر الرجل الدار والارض والسفينة، ثم يؤجرها بأكثر مما استأجرها به إذا أصلح فيها شيئا " (* 2). لكن ذكر الارض في سياق التي لامنع فيها - كما سيأتي - قرينة على إرادة ما هو أعم من الحرمة والكراهة من البأس المفهوم. لكن الاشكال المذكور مبني على القول بالجواز في الارض، وسيأتي. (3) لتصريح النصوص فيها بالجواز، كما عرفت بعضها، فيحمل ما ظاهره المنع على الكراهة كما هو مذهب جماعة. لكن الروايات الدالة على الجواز مطلقة، وهي روايتا أبي المعزا وابراهيم بن ميمون، ويقيدهما خبر الحلبي " قلت لابي عبد الله (ع): أتقبل الارض بالثلث أو الربع فاقبلها بالنصف، قال (ع) لا بأس: به. قلت: فاتقبلها بألف درهم وأقبلها بالفين، قال (ع): لا يجوز. قلت: لم؟ قال: لان هذا مضمون وذلك غير مضمون " (* 3) ونحوه مصحح إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله (ع) (* 4)، ومصححه عن أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) (* 5) لكن ذكر فيه

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 20 من ابواب احكام الاجارة حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 22 من أبواب احكام الاجارة حديث: 2. (* 3) الوسائل باب: 21 من أبواب احكام الاجرة حديث: 1. (* 4) الوسائل باب: 21 من أبواب احكام الاجارة حديث: 2. (* 5) الوسائل باب: 21 من أبواب احكام الاجارة حديث: 6،

 

===============

 

( 95 )

 

[ وإن كان الاحوط الترك فيها أيضا (1). بل الاحوط الترك في مطلق الاعيان إلا مع إحداث حدث فيها (2). هذا وكذا لا يجوز أن يؤجر بعض أحد الاربعة المذكورة بأزيد من الاجرة (3)، كما إذا استأجر دارا بعشرة دنانير وسكن بعضها وآجر البعض الآخر بأزيد من العشرة، فانه لا يجوز بدون ] أن الذهب والفضة مصمتان، ولعله من غلط النساخ. ويحتمل أن يكون المراد أن الذهب والفضة لا يزيدان ولا ينقصان. وكيف كان، فهذه الروايات مانعة عن الاجرة الزائدة إذا كانت مضمونة في الذمة، أو أنها لاتقبل الزيادة والنقيصة، فتحمل المطلقات عليها وتقيد بها، وليس لهذه المقيدات معارض كي تسقط عن الحجية. وأما ما في رواية اسماعيل بن الفضل (* 1): من المنع من الاجارة بالاكثر مع اختلاف الجنس إلا إذا غرم شيئا أو أحدث حدثا، فالظاهر أنه مما لاعامل به على ظاهره، ولعله محمول على الكراهة. (1) بل المنع مذهب بعض، ويشهد له رواية أبي بصير عن أبي عبد الله (ع): " قال: إذا تقبلت أرضا بذهب أو فضة، فلا تقبلها بأكثر مما تقبلتها به، لان الذهب والفضة مصمتان " (* 2). (2) كما عن جماعة كثيرة، منهم السيدان والشيخان، ودليلهم غير ظاهر إلا التعدي عن مورد النصوص إلى غيره. وهو كما ترى. (3) كما صرح به في الشرايع وغيرها، لخبر أبي الربيع المروي عن الفقيه: " لو أن رجلا استأجر دارا بعشرة دراهم فسكن ثلثيها وآجر

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 21 من ابواب احكام الاجارة حديث: 3. (* 2) الوسائل باب: 21 من أبواب احكام الاجارة حديث: 6.

 

===============

 

( 96 )

 

[ إحداث حدث. وأما لو آجر بأقل من العشرة فلا اشكال. والاقوى الجواز بالعشرة ايضا (1) وإن كان الاحوط تركه. (مسألة 2): إذا تقبل عملا من غير اشتراط المباشرة ولا مع الانصراف إليها، يجوز أن يوكله إلى عبده أو صانعه أو أجنبي، ولكن الاحوط عدم تسليم متعلق العمل كالثوب ونحوه إلى غيره من دون اذن المالك، وإلا ضمن (2). وجواز الايكال لا يستلزم جواز الدفع كما مر نظيره في العين المستأجرة ] ثلثها بعشرة دراهم، لم يكن به بأس، ولكن لا يؤاجرها بأكثر مما استأجرها به " (* 1) ونحوه مصحح الحلبي المتقدم (* 2)، بناء على أن الضمير في الجملة الاخيرة راجع إلى الدار باعتبار ثلثها، وإلا فلو كان المراد منه الدار نفسها لم يكن مما نحن فيه. اللهم إلا أن يستفاد من مفهوم الشرط في الصدر، أو من الاولوية. (1) للخبر المتقدم، وبه يضعف ماعن الشيخ من المنع حينئذ، كما قد يشعر به بعض النصوص. (2) كما في الشرايع وغيرها، بل قيل. لم يعثر على مصرح بعدم الضمان عدا المختلف والمسالك، حيث ذكرا. أن عدم الضمان أولى. والذي ينبغي أن يكون الكلام هنا هو الكلام في العين المستأجرة. ودعوى: الفرق بينهما بأن العين المستأجرة يكون الحق للمستأجر في قبضها، وهنا لاحق للاجير في قبضها، إذ لاريب في أنه لا يجب على المستاجر استيمان الاجير. مندفعة: بأنه ليس بفارق في المقام، لان إطلاق الاجارة إذا اقتضى جواز عمل الاجير الثاني، فعدم الاذن له في القبض كعدم الاذن للاجير الاول فيه يقتضي استقرار الاجرة، فلا فرق بين الاجير الثاني

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 20 من ابواب احكام الاجارة حديث: 3. (* 2) راجع اول المسألة.

 

===============

 

( 97 )

 

[ فيجوز له استئجار غيره لذلك العمل بمساوي الاجرة التي قررها في إجارته أو أكثر. وفي جواز استئجار الغير بأقل من الاجرة إشكال، الا أن يحدث حدثا أو يأتي ببعض، فلو آجر نفسه لخياطة ثوب بدرهم يشكل استئجار غيره لها بأقل منه، إلا أن يفصله أو يخيط شيئا منه ولو قليلا. بل يكفي أن يشتري الخيط أو الابرة في جواز الاقل (1). وكذا لو آجر نفسه لعمل صلاة سنة أو صوم شهر بعشرة دراهم مثلا في صورة عدم اعتبار المباشرة، يشكل استئجار غيره بتسعة مثلا، إلا أن يأتي بصلاة واحدة أو صوم يوم واحد مثلا. ] والاول في لزوم الاجرة بمنع قبضه، كما لافرق بينهما في عدم وجوب التسليم إليه، وفي عدم الحق في الايتمان له. وإن شئت قلت: الاجارة على العمل المطلق الشامل لعمل الاجير الثاني، تتوقف على الاذن المطلقة الشاملة لتصرف الاجير الثاني. (1) فيه اشكال، لعدم شموله العمل فيه لمثله. نعم في رواية مجمع: " أقطعها وأشتري لها الخيوط، قال (ع): لا بأس " (* 1). لكنه غير ظاهر في الاكتفاء بالخيوط. والشراء وان كان عملا إلا أنه ليس عملا فيه. وظاهر النصوص اعتبار ذلك، ففي صحيح محمد بن مسلم عن أحد هما (ع): " أنه سئل عن الرجل يتقبل العمل فلا يعمل فيه، ويدفعه إلى آخر فيربح فيه، قال (ع): لا، إلا أن يكون قد عمل فيه شيئا " (* 2). ونحوه غيره. وما في بعض الحواشي من تفسير عبارة المتن: بأن المراد

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 23 من ابواب احكام الاجارة حديث: 6. (* 2) الوسائل باب: 23 من ابواب احكام الاجارة حديث: 1.

 

===============

 

( 98 )

 

[ (مسألة 3): إذا استؤجر لعمل في ذمته لا بشرط المباشرة يجوز تبرع الغير عنه (1)، وتفرغ ذمته بذلك، ويستحق الاجرة المسماة. نعم لو أتى بذلك العمل المعين غيره لا بقصد التبرع عنه، لا يستحق الاجرة المسماة (2)، وتنفسخ الاجارة حينئذ، لفوات المحل، نظير ما مر سابقا من الاجارة على قلع السن فزال ألمه، أو لخياطة ثوب فسرق أو حرق. (مسألة 4): الاجير الخاص - وهو من آجر نفسه على وجه يكون جميع منافعه للمستأجر في مدة معينة، أو على وجه تكون منفعته الخاصة كالخياطة مثلا له (3)، أو آجر نفسه لعمل مباشرة مدة معينة أو كان اعتبار المباشرة أو كونها في تلك المدة أو كليهما على وجه الشرطية لا القيدية - (4) ] منها دفع ما اشترى من الابر والخيوط، لا يجدي في تحقيق العمل المعتبر، مع أنه مراد المصنف (ره) قطعا. نعم يصدق بذلك الغرم. لكنه غير كاف. (1) الظاهر أنه لا إشكال في جواز التبرع في مثل ذلك مما كان في الذمة، عينا كان أو عملا مملوكا لغيره عليه، ويقتضيه بناء العقلاء عليه، كباب النيابة. فانه نوع منها. (2) لعدم انطباق ما في الذمة عليه إلا بالقصد. وكذا الحكم في الدين، فان المديون إذا أعطى الدائن ما يساوي الدين لا يكون وفاء الا مع قصد الوفاء. (3) من دون إشغال ذمته بشئ، نظير إجارة الدابة بلحاظ منفعتها الخاصة، فانه لااشتغال في ذلك لذمة الدابة ولا لذمة المؤجر. وبذلك افترق الثالث عنه، فان فيه إشغال ذمته بلا تملك لمنفعته الخاصة أصلا. (4) كما في الثالث.

 

===============

 

( 99 )

 

[ لا يجوز له أن يعمل في تلك المدة لنفسه أو لغيره بالاجارة أو الجعالة أو التبرع، عملا ينافي حق المستأجر، الا مع إذنه (1) ومثل تعيين المدة تعيين أول زمان العمل، بحيث لا يتوانى فيه إلى الفراغ. نعم لا بأس بغير المنافي، كما إذا عمل البناء لنفسه أو لغيره في الليل (2)، فانه لامانع منه إذا لم يكن موجبا لضعفه في النهار. ومثل إجراء عقد أو إيقاع أو تعليم أو تعلم في أثناء الخياطة ونحوها، لانصراف المنافع عن مثلها (3). هذا ولو خالف وأتى بعمل مناف لحق المستأجر، فان كانت الاجارة على الوجه الاول بأن يكون جميع منافعه للمستأجر، وعمل لنفسه في تمام المدة أو بعضها، فللمستأجر أن يفسخ ويسترجع تمام الاجرة المسماة (4) ] (1) بلا خلاف فيه. بل لعله مجمع عليه كما في الجواهر. وقد يشير إليه خبر اسحاق: " سألت أبا ابراهيم (ع) عن الرجل يستأجر الرجل بأمر معلوم، فيبعثه في ضيعته، فيعطيه رجل آخر دراهم ويقول: اشتر بها كذا وكذا، فما ربحت بيني وبينك. فقال (ع): إذا أذن له الذي استأجره فليس به بأس " (* 1) وإن كان في القواعد العامة كفاية، لانه تصرف في حق الغير، وهو حرام. (2) كما صرح به في الجواهر، وكذا ما بعده، لعدم كونه تصرفا في حق الغير. (3) يعني: لو كانت الاجارة على النحو الاول. وعن المسالك: احتمال المنع. وعن الروضة: فيه وجهان لكنه ضعيف. (4) لعدم التسليم الذي عليه مبنى المعاوضة.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 9 من ابواب احكام الاجارة حديث: 1.

 

===============

 

( 100 )

 

[ أو بعضها (1) أو يبقيها ويطالب عوض الفائت من المنفعة بعضا أو كلا. وكذا إن عمل للغير تبرعا. ولايجوز له على فرض عدم الفسخ مطالبة الغير المتبرع له بالعوض (2)، سواء كان جاهلا بالحال أم عالما، لان المؤجر هو الذي أتلف المنفعة عليه دون ذلك الغير وإن كان ذلك الغير آمرا له بالعمل، إلا إذا فرض على وجه يتحقق معه صدق الغرور (3)، والا ] (1) إذا كان عمله في بعض المدة، لكن تقدم: أن القاعدة تقتضي عدم التبعيض في الفسخ، فلو فسخ كان له المسمى وعليه عوض البعض المستوفى. (2) وفي المسالك: أنه يتخير بين مطالبته من شاء منهما، لتحقق العدوان. وهذا التعليل - مع اختصاصه بصورة علم الغير - غير ظاهر، إذ الغير ليس متصرفا في المنفعة المملوكة لغيره كي يكون عاديا. ومن هنا علله بعضهم بأن الغير مستوف للمنفعة فعليه ضمانها. بل قد يظهر من بعض اختصاصه بالرجوع إليه - وفي الجواهر: لاوجه للرجوع إليه مع الجهل، إذ لا يزيد على من عمل له العبد بدون إذن مولاه ومن دون إذنه واستدعائه. وفيه: أن الحكم في العبد لو تم كان لدليله الخاص به. فالعمدة: أن الضمان إما أن يكون بالاتلاف أو باليد، وكلاهما غير حاصل بالنسبة إلى المتبرع له، فانه ليس متلفا لمنفعة المستأجر، ولاهي تحت يده، لان المنافع إنما تكون تحت اليد بتبع العين ذات المنفعة، والاجير ليس تحت يد الغير المتبرع له. وأما الضمان بالاستيفاء فلا مجال له، لانه يتوقف على الامر، والمفروض عدمه. (3) مجرد الامر لا يوجب غرور الاجير مع تقدم الاجارة منه لنفسه، ففرضه غير ظاهر. ولو سلم فصدق الغرور إنما يصحح رجوع الاجير

 

===============

 

( 101 )

 

[ فالمفروض أن المباشر للاتلاف هو المؤجر. وإن كان عمل للغير بعنوان الاجارة أو الجعالة فللمستأجر أن يجيز ذلك (1) ويكون له الاجرة المسماة في تلك الاجارة أو الجعالة (2)، كما أن له الفسخ والرجوع إلى الاجرة المسماة، وله الابقاء ومطالبة عوض المقدار الذي فات (3)، فيتخير بين الامور الثلاثة. ] وهو المغرور إلى الغار، ولا يصحح رجوع المستأجر عليه، لعدم كونه مغرورا. وكان الاولى استثناء صورة كون الامر موجبا لنسبة الاتلاف إلى الآمر، وإن كان التحقيق جواز الرجوع إلى الامر، لتحقق الاستيفاء. (1) لانها معاملة وقعت على ماله من غير السلطان، فتكون كسائر موارد الفضولي محتاجة إلى الاجازة من السلطان. وإذا كانت الاجارة على ما في الذمة فهي وإن لم تكن على مال الغير، لكنها على ما ينافي حق الغير، فلابد من إجازته حينئذ. وكذا لو كان الواقع جعالة. (2) هذا إذا كانت الاجارة الثانية واقعة على ما وقعت عليه الاجارة الاولى. أما مع الاختلاف - كما لو وقعت الاجارة الثانية على ما في الذمة - ففي استحقاق المجيز المسمى المذكور إشكال، لعدم كونه عوضا عن ماله، لكون المفروض كون الاجارة الاولى على المنفعة الخاصة، والثانية على ما في الذمة بلا تعلق لها بالخارج. نعم في الجعالة لا يكون العمل في الذمة موضوعا، بل العمل الخارجي المتحد مع موضوع الاجارة السابقة، فتكون الاجازة كافية في تملك الجعل. ولافرق بين أن تكون الجعالة شخصية كما لو تعلقت بعمل شخص ذلك الاجير، أو كلية كما إذا قال: من رد عبدي فله كذا، فان الثانية منحلة إلى جعالات متعددة بتعدد الاشخاص. (3) يعني: مطالبة الاجير لما عرفت. وفي المسالك وعن القواعد:

 

===============

 

( 102 )

 

[ وان كانت الاجارة على الوجه الثاني - وهو كون منفعة الخاصة للمستأجر - فحاله كالوجه الاول، الا إذا كان العمل للغير على وجه الاجارة أو الجعالة، ولم يكن من نوع العمل المستأجر عليه، كأن تكون الاجارة واقعة على منفعة الخايطي فأجر نفسه للغير للكتابة، أو عمل الكتابة بعنوان الجعالة، فانه ليس للمستأجر إجازة ذلك، لان المفروض أنه مالك لمنفعة الخياطي، فليس له إجازة العقد الواقع على الكتابة (1)، ] أنه يتخير بين مطالبة الاجير المستأجر، أما الاول: فلانه المباشر للاتلاف، وأما الثاني: فلانه المستوفي. وهو في محله لان كلا منهما سبب في الضمان، فيعمل بمقتضاه. (1) إذا فرضنا أن الاجارة الثانية منافية للاجارة الاولى، وجب البناء على توقف صحتها على إجازة المستأجر الاول. ولا تتوقف صحة الاجازة على كون موضوع العقد المجاز ملكا للمجيز، فانه تصح اجازة المرتهن لبيع الرهن وإن لم يكن ملكا له، وتجوز إجازة ولي الزكاة لبيع العين الزكوية وإن قلنا بأن الزكاة حق في العين لاجزء مشاع فيها، فصحة الاجازة من المجيز لا تتوقف على كونه مالكا لموضوع الاجازة. نعم انتقال العوض إليه يتوقف على كونه مالكا للمعوض. وعلى هذا: فإذا أجاز المستأجر الاول الاجازة الثانية وأطلق الاجازة صحت الاجازة، ووجب على الاجير العمل بمقتضها، وليس للمستأجر الاول شئ، وعليه الاجرة المسماة، وليس له الفسخ. نعم لو لم يجز وعمل الاجير بمقتضى الاجارة الثانية، كان المستأجر الاول مخيرا بين الفسخ والامضاء، كما ذكر في المتن.

 

===============

 

( 103 )

 

[ فيكون مخيرا بين الامرين من الفسخ واسترجاع الاجرة المسماة والابقاء ومطالبة عوض الفائت (1). وإن كانت على الوجه الثالث فكالثاني، أو أنه لافرق فيه في عدم صحة الاجازة بين ما إذا كانت الاجارة أو الجعالة واقعة على نوع العمل المستأجر عليه، أو على غيره (2)، أذ ليست منفعة الخياطة - مثلا - مملوكة للمستأجر حتى يمكنه إجازة العقد الواقع عليها (3)، بل يملك عمل الخياطة في ذمة المؤجر. وإن كانت على الوجه الرابع - وهو كون اعتبار المباشرة أو المدة المعينة على وجه الشرطية لا القيدية - ففيه وجهان: يمكن أن يقال: بصحة العمل للغير. بعنوان الاجارة ] ثم إنه بناء على ما عرفت من امتناع ملك المنفعتين المتضادتين، إذا وقعت الاجارة الثانية على المنفعة المضادة لما وقعت عليه الاجارة الاولى، يشكل القول بصحتها حتى مع إجازة المستأجر الاول، لانها ليست مملوكة للاجير، فلا يمكن أن يملك عوضها. (1) يعني: مطالبة الاجير على ما عرفت. (2) أما إذا وقعت على غيره فلانه ليس مملوكا، بل هو مناف للمملوك له، وأما إذا كانت واقعة على نوعه، فلما ذكر في المتن. (3) قد عرفت أن صحة الاجازة لا تتوقف على كون موضوع العقد المجاز ملكا للمجيز، بل يكفي كون مقتضى العقد منافيا لحقه. وعليه لامانع من صحة الاجازة، فيصح العقد معها، وإذا عمل بقتضاه لا يكون للمجيز الخيار، ويلزمه دفع الاجرة التي استحقها عليه الاجير بالاجارة الاولى. (وبالجملة): إذا وقعت الاجارة الثانية على ضد العمل المستأجر

 

===============

 

( 104 )

 

[ أو الجعالة، من غير حاجة إلى الاجازة، وإن لم يكن جائزا من حيث كونه مخالفة للشرط الواجب العمل، غاية ما يكون أن للمستأجر خيار تخلف الشرط. ويمكن أن يقال: بالحاجة إلى الاجازة، لان الاجارة أو الجعالة منافية لحق الشرط (1) فتكون باطلة بدون الاجازة (2). ] عليه، فهي غير واقعة على ملك المستأجر الاول، لكنها منافية لحقه فلا تصح إلا باذنه. وكذا إذا وقعت على مثله الخارجي، فانه مضاد لما في الذمة تضاد المثلين، فلا تصح أيضا إلا باذنه. وكذا إذا وقعت على مثله الذمي. أما إذا وقعت على نفسه، فقد وقعت على مال المستأجر نفسه، فلا مجال للشبهة المذكورة. ومن هنا يظهر: أن الصور المتصورة في الاجارة الثانية خمس هي: الاجارة على مثل العمل المستأجر عليه أولا مع كونه ذميا، وعلى مثله الخارجي، وعلى ضده الذمي، وعلى ضده الخارجي. والجميع مورد للاجازة، بناء على ما ذكرنا من صحة الاجازة إذا كان العمل على العقد الثاني منافيا لحق المستأجر. الصورة الخامسة: أن تكون الاجارة الثانية واقعة على نفس العمل الذمي الذي يملكه المستأجر، فلا مجال للاشكال الذي ذكره في المتن، وتصح الاجازة فيه، وإذا أجاز ملك الاجرة الثانية وعليه الاجرة الاولى للاجير، بخلاف الصور الاربع، فان الاجازة فيها لا تستوجب رجوع الاجرة الثانية إليه، وعليه الاجرة الاولى للاجير. (1) قد عرفت سابقا: أن حق الشرط موجب لقصور سلطنة الاجير عما ينافيه، فلو وقع المنافي كان صادرا من غير السلطان، فيتعين القول بالبطلان بدون الاجازة. (2) وعليه يرجع الاجير على المعمول له بأجرة المثل، لقاعدة: " ما يضمن بصحيحه يضمن بفاسده ". وكذا في الوجه الثالث إذا كانت

 

===============

 

( 105 )

 

[ (مسألة 5): أذا آجر نفسه لعمل من غير اعتبار المباشرة ولو مع تعيين المدة، أو من غير تعيين المدة ولو مع اعتبار المباشرة، جاز عمله للغير ولو على وجه الاجارة قبل الاتيان بالمستأجر عليه، لعدم منافاته له من حيث إمكان تحصيله لا بالمباشرة أو بعد العمل للغير، لان المفروض عدم تعيين المباشرة أو عدم تعيين المدة. ودعوى: أن إطلاق العقد من حيث الزمان يقتضي وجوب التعجيل، ممنوعة (1). مع أن لنا أن نفرض الكلام فيما لو كانت قرينة على عدم إرادة التعجيل. (مسألة 6): لو استأجر دابة لحمل متاع معين شخصي أو كلي على وجه التقييد، فحملها غير ذلك المتاع، أو استعملها في الركوب، لزمه الاجرة المسماة وأجرة المثل لحمل المتاع الاخر أو للركوب. وكذا لو استأجر عبدا للخياطة فاستعمله في الكتابة. بل وكذا لو استأجر حرا لعمل معين، في زمان معين، وحمله على غير ذلك العمل، مع تعمده، وغفلة ذلك الحر واعتقاده أنه العمل المستأجر عليه (2). ودعوى: أن ليس للدابة في زمان ] الاجارة واقعة على غير نوع العمل الذي ملكه عليه المستأجر الاول، كما صرح بذلك في الجواهر. (1) قد تقدم منه في المسألة الخامسة من الفصل الاول: البناء على هذا الاطلاق، والاجتزاء به عن تعيين المدة. مع أن المذكور في كلماتهم في مبحث القبض: أن الاطلاق يقتضي وجوب التعجيل في دفع الثمن والمثمن. ولافرق بينه وبين المقام. (2) هذا الاعتقاد لا يتوقف عليه الضمان، فان استيفاء المنفعة يوجب

 

===============

 

( 106 )

 

[ واحد منفعتان متضادتان، وكذا ليس للعبد في زمان واحد ألا إحدى المنفعتين من الكتابة أو الخياطة، فكيف يستحق أجرتين؟!. مدفوعة: بأن المستأجر بتفويته على نفسه، واستعماله في غير ما يستحق كأنه حصل له منفعة أخرى (1). ] ضمانها حتى مع علم العامل بعدم الاستحقاق، كما يأتي في الفصل الآتي. (1) قال العلامة في القواعد: " لو سلك بالدابة الاشق من الطريق ضمن، وعليه المسمى والتفاوت بين الاجرتين، ويحتمل أجرة المثل. وكذا لو شرط حمل قطن فحمل بوزنه حديدا ". وعلل احتمال أن المضمون أجرة المثل لاغير: بأ المسمى مجعول بالعقد في قبال المنفعة الخاصة، وقد فاتت فيفوت بفواتها. وعن جامع المقاصد: أنه الاصح. وفيه: أن فوات المنفعة لا يقتضي بطلان العقد، وقد تقدم أنه لو بذل الاجير نفسه في المدة المعينة فلم يستعمله المستأجر استحق الاجرة. وكذا إذا بذل المؤجر العين المستأجرة فلم ينتفع بها المستأجر في المدة، فان المؤجر أيضا يستحق الاجرة، ففوات المنفعة في المقام من قبل المستأجر لا يقتضي بطلان العقد، كي يقتضي عدم استحقاق الاجرة المسماة. وتفصيل الكلام في هذه المسألة: أن المنافع المتضادة لما لم تكن مقدورة قدرة عرضية، لامتناع اجتماع الضدين، لم تكن مملوكة ملكية عرضية، لان القدرة على المنفعة من شرائط ملكها عند العقلاء، ولا يصح اعتبار الملكية لها عندهم إذا لم تكن مقدورة، فان كانت المنافع المتضادة غير مقدور عليها أصلا لم تكن مملوكة أصلا، وإذا كانت مقدورة قدرة بدلية لاعرضية كانت مملوكة ملكية بدلية لاعرضية. ولذا لم يكن إشكال عندهم في أن الغاصب لا يضمن جميع المنافع المتضادة، وإنما يضمن واحدة

 

===============

 

( 107 )

 

منها. وهذا الملكية تحتمل وجوها. الاول: أن يكون المملوك منها خصوص الموجود دون المعدوم. ولازمه عدم ضمان المنافع غير المستوفاة، لانها غير موجودة، فلا تكون مملوكة، فلا تكون مضمونة. الثاني: أن يكون المملوك كل واحدة منها في ظرف عدم الاخرى. ولازمه ضمانهما معا إذا لم تكن كل واحدة منها مستوفاة، لان كل واحدة منهما حينئذ في ظرف عدم الاخرى. الثالث: أن يكون المملوك الجامع بنحو لا ينطبق عليهما في عرض واحد، بل إذا انطبق على واحدة لم ينطبق على الاخرى، نظير مفاد النكرة، ونظير النصف الملحوظ فيما لو باع نصف الدار، فان النصف في نفسه وإن كان ينطبق على كل من النصفين في عرض واحد، فان كلا من نصفي الدار نصف للدار، لكن المأخوذ موضوعا للبيع لوحظ بنحو لا ينطبق على كل من النصفين في عرض واحد، بل بنحو ينطبق على أحدهما ولا ينطبق على الآخر، ونظيره أيضا الصاع الملحوظ في بيع صاع من صبرة. وعلى هذا يكون تطبيقه وتعيينه بيد المالك، فما عينه المالك يكون هو المملوك دون ما لم يعينه، وإن كان المستوفى غير ماعينه المالك، ولازمه في المقام أن يكون المضمون هو المسمى، لانه في مقابل المنفعة التي عينها المالك، وما استوفاه المستاجر لما لم يكن معينا من الملك لا يكون مملوكا، فلا يكون مضمونا. الرابع: أن يكون المملوك هو الذي يعينه المالك إذا لم يكن تعين خارجي، وإلا كان المتعين هو المملوك لاغير وإن عينه المالك. ولازمه في المقام أن يكون المضمون أجرة المثل، لانها في مقابل المنفعة المستوفاة المتعينة المملوكة، وعدم ضمان الاجرة المسماة لانها في مقابل منفعة غير

 

===============

 

( 108 )

 

مملوكة، لانها غير المتعينة، وتعيين المالك لاأثر له مع التعين. وفي باب الغصب يضمن الغاصب ما استوفاه، ولا أثر لتعيين المالك. وقد عرفت الاشكال في الوجهين الاولين. وأما الوجه الاخير: فتأباه كلمات الاصحاب في باب الغصب، وأن الغاصب إذا استوفى منفعة وكان غيرها أعلى قيمة كان للمالك اختيار ضمان الغاصب الاعلى قيمة، فعن موضع من القواعد: " ولو تعددت المنافع - كالعبد الخياط الحائك - لزمه أجرة أعلاها، ولا تجب أجرة الكل ". وعن موضع آخر أنه قال: " ولو انتفع بالازيد، ضمن الازيد، وإن انتفع بالانقص ضمن أجرة المطلق ". وعن الروضة: " لو تعددت المنافع فان أمكن فعلها جملة أو فعل أكثر من واحدة وجب أجرة ما أمكن، وإلا - كالحياكة والخياطة والكتابة - فأعلاها أجرة. ولو كانت الواحدة أعلى منفردة عن منافع متعددة يمكن جمعها ضمن الاعلى ". لكن الظاهر أن مورد كلامه صورة عدم الانتفاع بمنفعة معينة. نعم عن المسالك: " إن استعملها في الاعلى ضمنها، وإن استعملها في الوسطى أو الدنيا أو لم يستعملها، ففي ضمان أجرة متوسطة أو الاعلى، وجهان ": فهذه الكلمات ونحوها - كما ترى - صريحة في عدم ضمان المنفعة المستوفاة، وضمان غير المستوفاة، وهو في بادئ النظر غريب، فانه لااشكال ولا خلاف في ضمان المنافع المستوفاة، فكيف ساغ البناء على عدم ضمانها وضمان غير المستوفاة؟!. والتحقيق أن يقال في المقام: إن المنافع المتضادة وإن كانت متباينة، لكنها مشتركة في جهة الانتفاع، فإذا اختلفت مرتبة الانتفاع بالشدة والضعف والزيادة والنقيصة، فالاجارة على إحداهما بعينها قد لوحظ فيها القيد بنحو تعدد المطلوب، فإذا استوفى المستأجر المساوي المباين لها كان للمالك المؤجر الخيار. فإذا استأجر الدابة ليحمل عليها كيسا فيه مقدار

 

===============

 

( 109 )

 

معين من الحنطة، فحملها كيسا آخر مثله لم يستحق أجرة أخرى، وإنما له الخيار بفوات القيد. وإذا حملها كيسا آخر فيه حنطة ضعف المقدار المعين في الاجارة، فنصفه مستحق الاجارة، وعليه أجرة النصف الآخر وإذا حملها كيسا آخر فيه من الحنطة نصف المقدار المعين في الاجارة، لم يكن عليه غير المسمى، كأنه استوفى نصف حقه. نعم ربما يكون للمؤجر الخيار لفوات القيد أيضا. وبالجملة: الذي يساعده الارتكاز العرفي أن المتباينات ملحوظة في المقام وفي باب الضمان مع تفاوت القيمة من قبيل الاقل والاكثر. والقيود والخصوصيات الموجبة للتباين ملحوظة عندهم بنحو تعدد المطلوب، فيكون الاقوى في المقام ما ذكره في القواعد من لزوم المسمى والتفاوت. ولم أقف عاجلا على من وافق المصنف في وجوب الامرين: المسمى وأجرة المثل وإن كان له في نفسه وجه، لكنه خلاف المرتكز العرفي ومذاق الفقهاء في باب الضمانات. فلاحظ. وكذا الحكم في ضمان الغاصب. ومما ذكرنا يظهر أن المحتملات في حكم المسألة أربعة: الاول: لزوم المسمى فقط، ويقتضيه الوجه الثالث من وجوه كيفية ملك المنافع المتضادة الثاني: لزوم أجرة المثل فقط. ومبناه بطلان العقد، إما لفوات المنفعة كما ذكر في التعليل، أو لعدم ملكية المنفعة غير الموجودة كما يقتضيه الوجه الرابع من الوجوه السابقة، أو لصحيح أبي ولاد الآتي. والثالث: لزوم المسمى وأجرة المثل معا، كما هو مختار المصنف (ره)، ويقتضيه البناء على ملكية المنافع المتضادة في عرض واحد. الرابع: أعلى القيمتين إن كان إحدى المنفعتين أعلى قيمة، والمسمى فقط إن لم يكن كذلك. ويقتضيه ما ذكرناه من أن المرتكز العرفي جعل القيود الموجبة للتباين ملحوظة بنحو تعدد المطلوب، وتكون الزيادة في المنفعة المستوفاة من قبيل

 

===============

 

( 110 )

 

الزيادة في المنفعة المسماة، ويكون المقام نظير مالو استأجر الدابة واشترط عليه المالك أن يكون الحمل مقدارا معينا لاأزيد، فحملها أكثر منه وأزيد، فانه يستحق المسمى وأجرة الزائد لاغير، ويكون له الخيار في الفسخ والرجوع إلى أجرة المثل. نعم قد ينافي ذلك في باب الغصب ظاهر ما ورد من النصوص الواردة في الموارد المتفرقة، المتضمنة لضمان الغاصب أجرة ما استوفاه مطلقا، وإن كان للعين المغصوبة منفعة أعلى، ومنها صحيح أبي ولاد (* 1) المشهور الذي قد اكترى بغلا من الكوفة إلى قصر ابن هبيرة ذاهبا وجائيا لطلب غريم له، فلما صار قرب قنطرة الكوفة أخبر أن غريمه توجه إلى النيل، فتوجه نحو النيل، فلما أتى النيل خبر أن صاحبه توجه إلى بغداد فتوجه إلى بغداد، ثم رجع إلى الكوفة. بل هو وارد فيما نحن فيه من استيفاء المستأجر منفعة مضادة للمنفعة المقصودة له بالاجارة، والامام (ع) ضمنه كرى البغل من الكوفة إلى النيل، ومن النيل إلى بغداد، ومن بغداد إلى الكوفة، ولم يضمنه الاجرة المسماة، ولم يجعل للمالك الاختيار لاي منفعة شاء. لكن الظاهر أن الوجه فيه ما ذكرناه من أن الملحوظ للمكاري قطع المسافة فتكون نسبة المنفعة المستوفاة إلى المسماة نسبة الاكثر إلى الاقل، لا لاجل بطلان العقد الواقع، ولا لان التعين الخارجي دخيل في الملكية. وكذلك حال النصوص الاخرى فانها أيضا منزلة على ما ذكرنا، ويكون المراد من النصوص هو المراد من تعبير الفقهاء، أنه يضمن الاعلى. يعنون به: أنه يضمن المستوفى مع التفاوت. كما أنه لا يبعد أن يكون عدم تعرض النصوص - كالصحيح وغيره - لضمان المنافع غير المستوفاة التي هي أعلى قيمة لانها منفعة غير محتسبة ولا منتظرة من العين، وحينئذ لا يدل الصحيح

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 17 من ابواب احكام الاجارة حديث: 1.

 

===============

 

( 111 )

 

على عدم ضمانها مطلقا. وإن كان هذا المعنى لا يرتبط بما نحن فيه. والمتحصل مما ذكرناه: أن ما ذكره في القواعد من الاحتمال الاول هو الذي يقتضيه المذاق العرفي. لكن البناء عليه ورفع اليد عن الاحتمال الثالث، الموافق لاصل البراءة. لا يخلو من شبهة وإشكال، وإن كان هو الاظهر. وقد جزم به في موضع آخر من القواعد. قال: " وان زرع الاضر من المعين فللمالك المسمى وأرش النقصان ". وعن التحرير أنه قال: له المسمى وأجرة الزيادة. وهو المراد مما في القواعد كما في مفتاح الكرامة، وحكى فيه عن المبسوط: التخيير بين ذلك وبين أجرة المثل. وقال: " إنه أشبه بالصواب، ثم قال: وهو خيرة التذكرة، وكذا الشرايع والتحرير والارشاد في باب المزارعة، قالوا: لو زرع ما هو الاضر كان للمالك أجرة المثل أو المسمى مع الارش، والذي يقتضيه التدبر في ملاحظة الكتب الثلاثة: أن ذلك فيما لو استأجرها للزراعة أو زارع عليها، وليست مسوقة للمزارعة خاصة... إلى أن قال: وإن هذه العبارة خاصة بالاجارة ". ويؤيد ذلك ما ذكره في القواعد قال: " لو عين اقتصر عليه وعلى ما يساويه، أو يقصر عنه في الضرر على إشكال ". وعن التذكرة: أن القول بأن له أن يزرع ماعينه، وما ضرره كضرره أو أدون ولا يتعين ماعينه قول عامة أهل العلم، إلا داود وباقي الظاهرية، فانهم قالوا: لا يجوز له زرع غير ماعينه. حتى لو وصف الحنطة بأنها حمراء لم يجز أن يزرع البيضاء، ونسبه في محكي الخلاف أيضا إلى أبي حنيفة والشافعي وعامة الفقهاء، وعن المبسوط: أنه نسبه إلى جميع المخالفين، وعن جامع المقاصد: أن جواز العدول هو المشهور بين عامة الفقهاء، وقال أيضا: إنه المشهور. وفي مفتاح الكرامة وجه القول بجواز العدول: بأن الغالب المعروف المألوف أن الغرض المقصود في الاجارة للمالك تحصيل

 

===============

 

( 112 )

 

[ (مسألة 7): لو آجر نفسه للخياطة - مثلا - في زمان معين، فاشتغل بالكتابة للمستأجر مع علمه بأنه غير العمل المستأجر عليه، لم يستحق شيئا. أما الاجرة المسماة: فلتفويتها على نفسه بترك الخياطة، وأما أجرة المثل للكتابة - مثلا -: فلعدم كونها مستأجرا عليها، فيكون كالمتبرع بها. بل يمكن أن يقال بعدم استحقاقه لها ولو كان مشتبها غير متعمد (1)، خصوصا مع جهل المستأجر بالحال. (مسألة 8): لو أجر دابته لحمل متاع زيد من مكان إلى آخر فاشتبه وحملها متاع عمرو، لم يستحق الاجرة على زيد ولا على عمرو. (مسألة 9): لو آجر دابته من زيد - مثلا - فشردت ] الاجرة خاصة، وهي حاصلة على التقادير الثلاثة، فكلام أهل العلم مبني على الغالب المعروف. وما ذكره الجماعة وإن كان محلا للمنع، بل لا ينبغي الارتياب في خلافه، وعدم جواز التعدي عن تعيين المالك. لكن قد يفهم منه حكم المقام بطريق الاولوية. وبالجملة: إذا لاحظت كلماتهم تعرف أن الارتكاز العرفي المذكور مما لا معدل عنه عندهم. (* 1) (1) يفترق الحكم هنا عما كان في المسألة السابقة: بأن العمل في المقام مع العلم والجهل لا يتحقق معه عنوان الاستيفاء، لانه لم يكن بأمر من الغير، بخلاف العمل في المسألة السابقة، فانه بأمر يتحقق معه عنوان الاستيفاء. واعتقاد الامر هنا مع الجهل لا يكفي في صدق الاستيفاء.

 

 

____________

(* 1) قد ذكرنا في مبحث المزارعة ماله نفع في المقام فراجع. (منه قدس سره)

 

===============

 

( 113 )

 

[ قبل التسليم إليه أو بعده في أثناء المدة. بطلت الاجارة (1). وكذا لو آجر عبده فأبق. ولو غصبهما غاصب، فان كان قبل التسليم فكذلك. وإن كان بعده يرجع المستأجر على الغاصب بعوض المقدار الفائت من المنفعة (2). ويحتمل التخيير (3) بين الرجوع على الغاصب وبين الفسخ في الصورة الاولى (4) وهو ما إذا كان الغصب قبل التسليم. (مسألة 10): إذا آجر سفينته لحمل الخل مثلا من بلد إلى بلد، فحملها المستأجر خمرا، لم يستحق المؤجر الا الاجرة المسماة، ولا يستحق أجرة المثل لحمل الخمر، لان أخذ الاجرة عليه حرام، فليست هذه المسألة مثل مسألة إجارة العبد للخياطة، فاستعمله المستأجر في الكتابة (5). لا يقال: فعلى هذا إذا غصب السفينة وحملها خمرا، كان اللازم عدم استحقاق المالك أجرة المثل، لان أجرة حمل الخمر حرام. لانا نقول: إنما يستحق المالك أجرة المثل للمنافع ] (1) يعني: في باقي المدة، لفوات المنفعة وتعذرها، فتكون الاجارة واقعة على مالا منفعة له. (2) هذا مبني على تنزيل الغصب منزلة التلف، كما تقدم القول به في امتناع المؤجر من التسليم، كما تقدم ضعفه، فراجع المسألة العاشرة والحادية عشرة من الفصل الثالث. (3) هذا هو المتعين كما عرفت. (4) قد عرفت هناك احتماله في الصورة الثانية. (5) تقدم فيها ماله نفع هنا، فراجعه.

 

===============

 

( 114 )

 

[ المحللة الفائتة في هذه المدة. وفي المسألة المفروضة لم يفوت على المؤجر منفعة، لانه أعطاه الاجرة المسماة لحمل الخل بالفرض. (مسألة 11): لو استأجر دابة معينة من زيد للركوب إلى مكان، فاشتبه وركب دابة أخرى له، لزمه الاجرة المسماة للاولى، وأجرة المثل للثانية، كما إذا اشتبه فركب دابة عمرو فانه يلزمه أجرة المثل لدابة عمرو والمسماة لدابة زيد، حيث فوت منفعتها على نفسه. (مسألة 12): لو آجر نفسه لصوم يوم معين عن زيد مثلا، ثم آجر نفسه لصوم ذلك اليوم عن عمرو، لم تصح الاجارة الثانية (1). ولو فسخ الاولى بخيار أو إقالة قبل ذلك اليوم لم ينفع في صحتها، بل ولو أجازها ثانيا، بل لابد له من تجديد العقد، لان الاجازة كاشفة (2)، ولا يمكن ] (1) لما سبق من أن المنفعة الثانية لما لم تكن مملوكة للاجير - لمباينتها للاولى - لم تمكن الاجارة عليها، لعدم السلطنة له عليها، بل لا تصح وإن أجاز المستأجر الاول، لان المانع لا ينحصر بتعلق حق الغير كما سبق كي تصح الاجارة باجازته، بل المانع عدم الملك لا للاجير ولا لغيره. نعم إذا كانت الاجارة الاولى واقعة على منفعته الخاصة وكذلك الثانية، وكانت الخصوصية - أعني: كون الصوم عن زيد - ملحوظة على نحو تعدد المطلوب، أمكن أن تكون إجازة المستأجر الاول راجعة إلى رفع اليد عن الخصوصية، وحينئذ تصح الثانية بالاجازة، وترجع الاجرة المذكورة فيها إلى المستأجر الاول. (2) هذا لا يجدي في المنع، إلا بناء على الكشف الحقيقي. والعمدة:

 

===============

 

( 115 )

 

[ الكشف هنا لوجود المانع حين الاجارة، فيكون نظير من باع شيئا ثم ملك (1)، بل أشكل. ]