في العقد

ينقسم الفقه إلى أربعة أقسام: عبادات وعقود وايقاعات ـ أي موجبات ـ واحكام وتسمى سياسات والعبادة هى التي يعتبر فيها قصد التقرب الى اللّه‏ تعالى لأنها طاعة خالصة له ولا يتحقق هذا الوصف ألاّ بنية التقرب إليه وطلب ثوابه ورضاه فكلّ ما يشترط في صحّته هذه النية فهو عبادة كالصوم والصلاة والحج والزكاة وكل ما يصح بدونها فليس من العبادة في شيء وعلى هذا تخرج عن العبادة مباحث المياه والتراب التي ادرجها الفقهاء في باب الطهارة والأذان والاقامة التي ذكروها في مقدمات الصلاة وباب الجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي ألحقوه بالعبادات.. تخرج هذه المباحث عن العبادة لأن النية ليست شرطاً في صحتها وانما هي شرط في استحقاق الثواب عليها تماماً كالكف عن المحرمات وبديهة ان صحة العمل شيء والثواب عليه شيء آخر .

أمّا العقود فهي التي تحتاج إلى طرفين موجب وقابل كالبيع والاجارة والزواج والايقاعات انشاء وايجاب من طرف واحد كالطلاق والعتق. والاحكام تشمل الصيد والذباحة والاطعمة والشربة والاخذ بالشفعة والجهاد والأمر بالمعروف والحدود والقصاص والديات والارث والغصب والقضاء والشهادة والاقرار وما إلى ذلك .

 

 

للعهد في اللغة معانٍ منها الأمر والوصية قال تعالى: ألَمْ أَعْهَد إِلَيْكُمْ يَا بَني ءَآدَمَ أنْ لاَّ تعبُدُوا الشَّيْطان أي امرناكم واوصيناكم ومنها التحالف والميثاق الذي يعطيه الانسان على نفسه قال تعالى: وَأَوفُواْ بِالْعَهْدِ إنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤولاً ومنها المعرفة كقولك: عهدتك صادقاً أي عرفتك إلى غير ذلك.

والعهد في اصطلاح الفقهاء ان يلتزم بفعلٍ غير محرم ولا مكروه أو بترك فعلٍ غير واجب ولا مستحب ولا ينعقد إلاّ بالصيغة اللفظية مقترنة باسم الجلالة كقولك: عاهدت اللّه‏ أو عليّ عهد اللّه‏ ويجب الوفاء بهذا العهد ومن عاهد ثم خالف يأثم وعليهان يكفّر ويأتي في بابه ان شاء اللّه‏ .

أما الوعد فمعناه ظاهر وهو واحد شرعاً ولغة ويستحب الوفاء به شرعاً ويجبأخلاقياً قال الإمام الرضا عليه‏السلام: «إنّا أهل البيت نرى ما وعدنا ديناً علينا كما صنع رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله‏وسلم». أجل إذا كان الفعر الموعود به واجباً وجب الوفاء من أجله لا من أجل الوعد وعليه يحمل قول الإمام الصادق عليه‏السلام: «ثلاثة لا عذر لأحد فيها: أداء الأمانة إلى البرّ والبحر والوفاء بالوعد وبِر الوالدين برّين كانا أو فاجرين». وقوله: «المؤمن اذا وعد وفى واذا حدث صدق واذا ائتمن لم يخن» .

قال صاحب الجواهر: «والفقهاء لم يقولوا بوجوب الوفاء بالوعد على ما يظهر» .

والعقد في اللغة الربط الذي هو ضد الحل وعند أكثر الفقهاء مجموع الايجاب والقبول وارتباطهما على وجه يتحقق بانشائهما معنى له آثاره الخارجية كتمليك العين بعوض في البيع وبلا عوض في الهبة وكتمليك المنفعة بعوض في الاجارة وبلا عوض في العارية وعلى هذا يكون العقد اسماً لانشاء ما قصده الموجب والقابل لا نفس المعنى المقصود لهما والمسبب عن انشائهما وبكلمة ان العقد اسم لسبب الذى انشأ التمليك والتملك لا المسبّب الذي هو التمليك والتملك .

 

 

يتم العقد بالقول بالاتفاق وهل يتم بالفعل أو لا؟.

لعلماء الفقه الجعفري قولان: الأول ان العقد لا يكون بدون اللفظ وهو المشهور قال صاحب الجواهر عند تعريف العقد في أول الفصل الثاني من كتاب المتاجر: «لا يكفي في حصول العقد التقابض وغيره من الافعال بدون لفظ». وقال الشيخ الأنصاري في المكاسب عند كلامه عن الفاظ عقد البيع: «اللفظ في جميع العقود على المشهور شهرة عظيمة» .

القول الثاني ان كل ما يدل على التراضي فهو عقد عرفاً وشرعاً سواء أكان قولاً أم فعلاً لقوله تعالى :إلاّ أن تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ .

ونسب هذا القول كما في بلغة الفقيه إلى المفيد والاردبيلي والكاشاني والسبزواري. بل قد استدل عليه الأردبيلي في شرح الارشاد باربعة عشر دليلاً .

وقال صاحب العروة الوثقى في حاشية على المكاسب ص 82 طبعة 1324 هـ: «ان عناوين العقود تصدق على المنشأ بالفعل كما تصدق على المنشأ بالقول» .

ونحن مع هؤلاء ودليلنا اولاً: أنه ليس للشارع حقيقة واصطلاح خاص في العقد لأنه موجود قبل التشريع والمشرع ولم يزد ينشأ وانما أقرّه وأمضاه بعد أن قلم وطعم بما يتفق مع مبدأ العدالة ـ مثلاً ـ نهى عن بيع المجهول للغرر ونهى عما فيه شائبة الربا لأنه من الكبائر وما الى ذلك مما ثبت النهي عنه أمّا المسكوت عنه فهو جائز عرفاً وشرعاً اذ لا يليق بالشارع أن يهمل ولا يبين ما لا يريده ولا يرضى عنه .

وبكلمة أن ما للشارع فيه حقيقة شرعية كالعبادات لا بد فيه من النص الشرعي ويعبر عنه بالأمور التوقيفية أي تتوقف على نص الشارع وما لا حقيقة فيه للشارع كالعقود يكفي عدم النهي عنه شرعاً سواء أكان موجوداً في زمن الشارع أو لم يكن .

أما قول الفقهاء: هذا العقد شرعى وذاك غير شرعي فانهم لا يريدون أن الشارع قد اخترع الأول واوجده دون الثاني بل مرادهم أنه جامع للشروط وأن الاحكام الشرعية تترتب عليه بكاملها دون الثاني .

ثانياً: ان السبب المسوغ لجعل نوع من اللفظ عقداً انما هو الدلالة الواضحة على الانشاء والربط المؤكد بين اثنين والعلم بالرضا الذي يصدق عليه «إلاّ أن تكون تجارة عن تراض». فاذا وجدت هذه الدلالة في فعل من الافعال نرتب آثار العقد حتى يرد النهي من الشرع .

وعلى هذا نكتفي بالكتابة وبالاشارة من الأخرس وغير الأخرس على شريطة أن نكون على يقين من صدق اسم العقد عرفاً على ذلك ومع عدم العلم بهذا الصدق يكون الفعل لغواً. وكذلك اذا علمنا بصدق الاسم مع النهي عنه شرعاً .

أما قول الإمام الصادق عليه‏السلام: انما يحرم الكلام ويحلل الكلام فالمراد به أن النية وحدها لا تكفي ما لم يدل عليها دليل ظاهر من قول ([1]) أو فعل واذا وجد الدليل الفعلي كفى وربما كان أقوى في الدلالة من القول كوط‏ء الرجل مطلقته الرجعية في اثناء العدة فانه يدل على الرجوع عن الطلاق وكبيع الوصى الشيء الموصى به الدال على عدوله عن الوصية وبكلمة: ان اللفظ وسيلة لا غاية وغير مقصود لذاته إلاّ في الزواج والطلاق ويأتي التفصيل عند الكلام عن المعاطاة .

_______________________________________

[1] وإلى هذا يومى‏ء قول الإمام علي عليه‏السلام: الكلام في وثاقك ما لم تتكلم به فاذا تكلمت به صرت في وثاقه .

 

 

قبل كل شيء ينبغي التفرقة بين أمرين: الأول اختلف الفقهاء في أن العقود المسماة التي كانت معروفة بمعناها وطبيعتها في زمن الشارع كالبيع والاجارة: هل يجب انشاؤها بصيغة مخصوصة وبنفس اللفظ الذي كان معروفاً في ذلك العهد بحيث لا يسوغ انشاؤها بغيره اطلاقاً فنوجد البيع بصيغة بعت والاجارة بلفظ أجرت أو يجوز الانشاء بكل ما دلّ على المعنى حتى ولو كان غير مألوف ولا معروف؟.. وقد ذهب إلى كلٍ فريق ويأتي التفصيل.

الثاني: ان العقود الجديدة غير المسماة من قبل والتي تختلف عن العقود المسماة بمعناها وطبيعتها ولا ينطبق عليها أي اسم من اسمائها كاتفاق المؤلف مع الناشر أن يطبع كتابه وينشره ويوزعه لقاء شيء معين للمؤلف أو نسبة مئوية من السعر المحدد أو من الارباح... هذه العقود: هل هي صحيحة تماماً كالعقود المسماة أم لا؟. وهذا النوع هو المقصود من هذه الفقرة .

وأيضاً ينبغي التنبيه إلى أنّه اذا نفّذ العقد كل من الطرفين والتزم به بمل‏ء ارادته واختياره كان لهما ذلك بالاتفاق وليس لأحد أن يعترض ما دام العقد لا يحلل حراماً ولا يحرم حلالاً وانما الكلام فيما اذا فسخ أحدهما وعدل وامتنع عن التنفيذ فهل للطرف الآخر أن يلزمه به أو لا؟.

والذي تقتضيه أصول الفقه الجعفري وقواعده أن مثل هذا العقد صحيح ولازم اذا توافرت فيه جميع الشروط المعتبرة ولم يتناف مع مبدأ من مبادى‏ء الشرع المقدس للآية 28 من سورة النساء: يا أيّها الذي آمنوا لا تأكلوا اموالكم بينكم بالباطل إلاّ ان تكون تجارة عن تراضٍ منكم. وأيضاً هو لازم يجب الوفاء به لقوله تعالى: اوفوا بالعقود .

قال الميرزا النائيني في تقريرات الخوانساري ص 104 طبعة 1358 هـ: ان اوفوا بالعقود لا تختص بالعقود المتعارفة والمعاملات المتداولة بل تشمل كل عقد لأن الظاهر هو اللام في العقود أنّها للعموم والشمول لا لخصوص العقود المعهودة .

هذا إلى أن المعاملات لا تحتاج في صحتها ولزومها إلى النص بل يكفي عدم ثبوت النهي عنها وبكلمة: ان المعاملات والمعاوضات التي تستدعيها الحياة الاجتماعية لا تدخل لا تدخل في عد ولا حصر وهي تتسع وتزداد كلما تقدمت الحياة وتطورت وكل معاملة عرفية قديمة كانت أو حديثة فيجب تنفيذها على حسب ما قصد المتعاملان ما دامت لا تتنافي وشيئاً مع مبادى‏ء الشريعة الغراء .

 

 

في الفقه قواعد عامة تجري في جميع أبوابه ولا تختص بباب دون باب. كالاستصحاب وأصل الصحة في عمل الغير وقاعدة عدم الدليل دليل العدم عند المجتهد الباحث وهذه تشمل عدم الوجوب وعدم التحريم وتدخل في باب العمومات والمطلقات وبها يثبت عدم اشتراط المشكوك في شرطيته وغير ذلك من القواعد التي تعم العبادات والمعاملات والايقاعات والاحكام.

وأيضاً في الفقه قواعد خاصة كقاعدة الولد للفراش التي تختص بالانساب وقاعدة الامكان في الحيض وهي كل دم أمكن أن يكون حيضاً فهو حيض وقاعدة الحدود تدرأ بالشبهات وغير هذه .

ويتجه هذا السؤال: هل هناك قاعدة فقهية تختص بالعقد من حيث هو ولا تشمل سواه فتكون خاصة من حيث ان موضوعها العقد فقط وعامة من حيث أنها تشمل جميع العقود بدون استثناء؟.

الجواب  :

أجل ان علماء الفقه الجعفري اتفقوا قولاً واحداً على أن الأصل في العقد اللزوم وبيان ذلك أن العقد اذا جرى برضا الطرفين وبقي كل منهما على التزامه فلا حاجة إلى الأصل أو النص وكذلك إذا فسخاه وتقايلا بالاتفاق أمّا إذا فسخ أحدهما وعدل دون

الآخر فان للذي لم يفسخ أن يطالب الطرف الثاني بالتنفيذ وللحاكم أن يلزمه به اذا رفعت الدعوى إليه. والدليل على ذلك الاجماع والنص وهو الآية الأولى من سورة المائدة: يَا أيُّها الَّذِينَ آمنُوا أوفُوا بِالْعُقُودِ. وقد جاءت هذه الآية على وفق العرف واجماع الفقهاء والاصل ايضاً وذكر الشيخ الانصاري في أول الخيارات لهذا الاصل اربعة معانٍ منها أن العقد كان نافذاً قبل أن يفسخه أحد الطرفين وبعد فسخه وعدوله نشك: هل بقي العقد نافذاً أو لا؟ فنجري الاستصحاب ونبقي ما كان على ما كان لأن اليقين لا ينقض بالشك.

وتجدر الاشارة إلى أنّه ليس المراد من «أوفوا بالعقود» مجرد الحكم التكليفي وهو الوجوب فقط بحيث اذا خالف يكون عاصياً مستحقاً للعقاب كما هى الحال لو أجرى عقداً حين النداء لصلاة الجمعة فانه يعصى ويأثم ولكن العقد يكون صحيحاً ليس هذا هو المراد بل المراد من وجوب الوفاء الإلتزام به جميع ما قصده المتعاقدان من العقد والعمل بكل ما يستدعيه من الآثار. وبكلمة: ان الآية تدل على الحكم التكليفي والحكم التكليفي يستدعى الحكم الوضعي ويأتي التوضيح بصورة أوفى في أول خيار المجلسى فقرة «لزوم البيع» فانظرها.

 

 

ينقسم العقد إلى أقسام وفقاً للخصائص والاعتبارات فهو بالنظر إلى اللزوم وعدمه ينقسم إلى لازم كالبيع والاجارة والزواج وغير لازم كالهبة والوديعة والوكالة وتسمى هذه عقود أذنية لأنها تتقوم بالاذن وجوداً وعدماً. ثم أن العقد الجائز منه ما هو جائز من الطرفين كعقد العارية حيث يجوز لكل من المعير والمستعير العدول وهدم العقد متى شاء ومنه ما هو جائز من طرف ولازم من طرف كالرهن فانه جائز من قبل المرتهين لازم من قبل الراهن.

وأيضاً ينقسم العقد ـ بالنظر إلى الصراحة وعدمها ـ إلى عقد صريح كالاجارة والرهن وعقد ضمنى كالأمانة المستلزمة للعقدين المذكورين لان العين أمانة في يد كل من المستأجر والمرتهن لا يضمن شيئاً منها إلاّ بالتعدي أو التفريط .

وأيضاً ينقسم العقد إلى ما يقتضي التعليق بطبعه ووضعه كعقد السبق والرماية وهو أن يتفق اثنان على أن من يصيب الهدف له كذا أو من يسبق فله كذا فان هذا لا يتحقق بدون تعليق وإلى ما لا يستدعى ذلك كعقد الزواج والبيع وما إليه .

وايضاً ينقسم إلى عقد نافذ اذا صدر من الاصل والوكيل وإلى عقد موقوف على الاجازة اذا صدر من الفضولي هذه امثلة من اقسام العقد وهناك اعتبارات أخرى يمكن تقسيم العقد على اساسها وكل العقود تقبل الفسخ لسبب مشروع حتى الزواج وأيضاً تقبل التقايل إلاّ الزواج .

أما تقسيم العقد إلى صحيح وفاسد ([1]) فيتوقف على أن العقد موضوع للصحيح والفاسد اذا لو كان للصحيح فقط لم يصح التقسيم بداهة أن الشيء لا ينقسم إلى نفسه وإلى غيره. والحق أن العقد موضوع لما يشتمل الصحيح والفاسد بدليل صحة تقسيمه اليهما ومعنى صحة العقد ترتب الأثر عليه ومعنى الفساد عدم ترتّب الأثر والقاسم المشترك بينهما والجامع لهما هو مطلق الايجاب والقبول الصالحين لترتب الأثر عليهما سواء أترتب فعلاً كما لو استجمعا شروط الصحة أم لم يترتب لفقدان بعض الشروط .

وينبغي التنبيه إلى أن شمول العقد بذاته للصحيح والفاسد لا يتنافى مع حمل العقود في الخطابات الشرعية على خصوص الصحيح كقوله تعالى: «أوفوا بالعقود» وما إليه لأن الدلالة على الصحة هنا جاءت من القرينة وسياق الكلام وكذلك إذا حلف يميناً بأن لا يجري عقداً خاصاً فانه يحمل على الصحيح لا لأن العقد موضوع له بالخصوص بل لأن الذهن يتجه إلى أن الحالف انما قصد العقد الصحيح دون الفاسد وبالايجاز ان وضع العقد للأعم من الصحيح والفاسد شيء واستعماله في الفرد الصحيح شيء آخر .

وقال صاحب مفتاح الكرامة في كتاب المتاجر: «ان البيع لغة وعرفاً يعم الصحيح والفاسد وهو كذلك شرعاً لاصالة عدم النقل وصحة التقسيم إليهما في الشرع والاتفاق على اتحاد معنى البيع وانتفاء الحقيقة الشرعية فيه» .

ويريد بقوله: «والاتفاق على اتحاد معنى البيع» أن معنى البيع واحد شرعاً وعرفاً ولو كان موضوعاً في الشريعة للصحيح فقط وفي العرف للأعم من الصحيح والفاسد لكان للشارع حقيقة خاصة فيه والمفروض خلاف ذلك .

___________________________________________

[1] يفرق الحنفية بين العقد الفاسد والعقد الباطل فالباطل عندهم لا ينعقد اطلاقاً كعقد المجنون والفاسد ينعقد ولكنه يستوجب الفسخ كالعقد على الشيء المجهول ولم يفرق علماء الفقه الجعفري بين البطلان والفساد لان العقد في الحالين لا ينعقد من الاساس ويتفق معهم معظم المذاهب الاسلامية الاخرى .

 

 

ومرادنا بالبيع هنا المعنى الذي دلت عليه صيغة البيع لا نفس الصيغة أي ان المقصود هو المسبب لا السبب وليس في الشريعة نص على تحديد معنى البيع ولا للفقهاء له تعريف للمعنى العرفى وقد تعددت فيه اقوالهم وأشهرها أنّه مبادلة مال بمال .

والشأن في التعريف هين يسير بخاصة في الفقه واللغة لأنه ليس تحديداً للماهية بالجنس والفصل ولا تعريفاً بالمساوي للمعرف من جميع الجهات وانما هو تعريف لفظي أريد به الاشارة إلى المعنى وتقريبه إلى الأذهان .

ومهما يكن فان البيع الوارد في الخطابات الشرعية منزل على أفهام العرف فمتى انطبق اسم البيع عرفاً على نحو من النقل والتمليك والتبديل وجب أن نرتب عليه جميع الآثار الشرعية حتى يثبت العكس وإذا شككنا: هل اعتبر الشارع أمراً زائداً على ما هو المعروف فالاصل العدم إلى أن يقوم عليه الدليل الشرعي لأنه لو اراد خلاف ما عليه العرف لبين وارشد إليه وحيث لم يبين فلم يرد الخلاف .

 

 

ينقسم البيع إلى اقسام منها بيع الفضولي وهو أن يتولى الايجاب أو القبول البيع إلى الأصيل والوكيل وبيع النسيئة وهو أن يكون المثمن معجلاً والثمن مؤجلاً والسلم بعكسه حيث يعجل الثمن ويؤجل المثمن وبيع الصرف وهو خاص بالذهب والفضة وبيع المرابحة والمواضعة والتولية والأول مع ربح معين والثاني مع خسارة معينة والثالث برأس المال ويأتي الكلام عن جميع اقسام البيع مفصلاً .