التنازع

1 ـ إذا كانت العين في يد الدائن فقال: هي رهن عندي على الدين.

وقال مالكها: بل هي وديعة عندك فمن هو المدعي؟. ومن المنكر ؟

ذهب المشهور بشهادة صاحب الجواهر إلى أن المالك منكر والدائن مدعٍ لأن الأصل عدم الارتهان وقد سئل الإمام الصادق عليه‏السلام عن رجلين اختلفا في مال أنّه قرض أو وديعة فقال الامام عليه‏السلام: القول قول صاحب المال بيمينه .

2 ـ إذا مات المرتهن انتقل حق الرهانة إلى ورثته وإذا قال الراهن: لست أميناً من الورثة على المرهون كان له ذلك فان اتفقا على وضعه عند امين فذاك وإلاّ وضع أمانة عند الحاكم الشرعي أو من يختاره .

3 ـ إذا اتفقا على الرهن واختلفا في مقدار الدين فالقول قول الراهن لأن الأصل عدم الزيادة ولقول الإمام الصادق عليه‏السلام: إذا اختلفا في الرهن فقال أحدهما: رهن بألف وقال الآخر بمئة فعلى صاحب الألف البينة فان لم تكن له بينة فعلى صاحب المئة اليمين .

4 ـ تقدم أكثر من مرّة أن الراهن لا يجوز له التصرف في المرهون إلاّ بإذن المرتهن فإذا باع الراهن العين المرهونة مدعياً ان المرتهن اذن له بالبيع وأنكر ذلك المرتهن فالقول قوله مع يمينه لأن الأصل عدم الاذن حتى يثبت العكس .

وإذا أذن المرتهن بالبيع وبعد أن باع الراهن قال المرتهن: رجعت عن الاذن قبل البيع وأنكر الراهن الرجوع فالقول قول الراهن لأن الأصل عدم الرجوع حتى يثبت العكس .

وإذا اتفقا على الاذن والرجوع عنه واختلفا في تقديم البيع على الرجوع فقال المرتهن: رجعت عن الان قبل أن تبيع فالبيع فاسد. وقال الراهن: بل رجعت بعد البيع صحيح فمن المنكر؟ ومن المدعي ؟

والذي تستدعيه القواعد أن ينظر: فإن كان تاريخ البيع معلوماً وتاريخ الرجوع مجهولاً كما إذا علمنا أن البيع وقع يوم الجمعة ـ مثلاً ـ ولم نعلم: هل حصل الرجوع يوم الخميس أو يوم السبت فنستصحب عدم الرجوع إلى يوم السب لأنه مجهول التاريخ ([1]) ونثبت بذلك أن البيع كان مقارناً لعدم الرجوع ونحكم بصحة البيع حتى يثبت العكس وعليه يكون القول قول الراهن . وان كان تاريخ الرجوع معلوماً وتاريخ البيع مجهولاً كأن نعلم أن الرجوع وقع يوم الجمعة ولم نعلم: هل حصل البيع قبله أو بعده فنستصحب تأخر البيع عن الرجوع لأنه مجهول التاريخ ونثبت بذلك أن الرجوع وقع مقارناً لعدم البيع ونحكم بفساد البيع حتى يثبت العكس وعليه يكون القول قول المرتهن .

وان لم نعلم بتاريخ البيع ولا بتاريخ الرجوع فيكونان من باب مجهولي التاريخ ويعارض استصحاب عدم حدوث أحدهما عند حدوث الآخر بمثله ويتكافأ الاصلان ويتساقطان ويبقى ما كان على ما كان وبالتالي يكون القول قول المرتهن .

وهذا ما تقتضيه القواعد المقررة في علم الأصول ولكن المشهور بشهادة صاحب الجواهر اعرض عنه وذهب إلى أن القول قول المرتهن اطلاقاً من غير تفصيل استصحاباً لبقاء الرهن حتى يثبت العكس .

5 ـ اذا اتفقا على وقوع الرهن واختلفا في تعيين المرهون فالقول قول الرهن مثال ذلك أن يقول الراهن: رهنتك الدار لا البستان ويقول المرتهن: بل البستان لا الدار فننفي رهانة الدار باعتراف المرتهن ويكون مدعياً لرهانة البستان فعليه البينة ومع عدمها يحلف الراهن .

6 ـ إذا كان عليه دينان لشخص واحد وكان أحد الدينين برهن والآخر من غير رهن ثم سدّد أحد الدينين دون الآخر واختلف هو والدائن فقال المدين: وفيت الدين الذي عليه الرهانة. وقال الدائن: بل الدين الآخر الذي لارهانة عليه اذا كان كذلك فالقول قول المدين قال صاحب الجواهر: «بلا خلاف ولا اشكال لأن الدافع أبصر بنيته التي لا تعلم إلاّ من قبله» .

____________________________________

[1] نستصحب مجهول التاريخ إلى زمن العلم بحدوثه بصرف النظر عن تأخره عن الحادث الآخر الذي علم بتاريخ حدوثه قراراً من الأصل المثبت ونرتب الآثار على وجود معلوم التاريخ إذا كانت هذه الآثار مترتبة على وجود الحادث المعلوم تاريخه مقارناً لعدم وجود الآخر المسمى هو ونظائره بالموضوعات المركبة من جزءين أحدهما محرز بالوجدان والآخر بالاستصحاب وقد فصلنا ذلك في الجزء الثالث وعلى أية حال فان الاستصحاب يجري في مجهول التاريخ اذا علمان بعدم مقارنة حدوثه لوجود الحادث الآخر لأن احتمال التقارن كاف في اجراء أصل عدم ترتب الاثر على العقد.. والتفصيل في كتب أصول الفقه العقلية ككتاب رسائل الشيخ الانصاري وكتاب الجزء الثاني من كفاية الأصول للشيخ الخراساني والجزء الثاني من تقرير المرزا النائيني للسيد الخوئي أو الشيخ محمد علي الخراساني وهذا البحث المعروف بمجهولي التاريخ من أهل مباحث الأصول وادقها واعظمها فائدة ولم يفهمه من الطلاب إلاّ واحد من مئة فيما اعتقد.. وكنت أظن أنّه من مستحدث العلماء الجدد واكتشافاتهم حتى رأيت صاحب الجواهر ينقله عن محمد بن مكي المعروف بالشهيد الأول في آخر باب الرهن المسألة السادسة من المقصد الثالث في النزاع فأكبرت هذا العظيم وكدت أقول مع القائلين وأنا أقرأ له: ما ترك الأوائل للاواخر شيئاً. توفي الشهيد الأول سنة 786 هـ .