الباب في قوله تعالى: * (أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله لا يستوون عند الله) * من طريق العامة

الصفحة 71   

الباب في قوله تعالى: * (أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله لا يستوون عند الله) *(1)

من طريق العامة وفيه تسعة أحاديث

الحديث الأول: قال الثعلبي في تفسيره: قال الحسن والشعبي ومحمد بن كعب القرظي: نزلت هذه الآية في علي بن أبي طالب وعباس بن عبد المطلب (رضي الله عنه) وطلحة بن شيبة، وذلك أنهم افتخروا فقال طلحة: أنا صاحب البيت بيدي مفتاحه ولو أشاء بت في المسجد وقال العباس: أنا صاحب السقاية والقائم عليها ولو أشاء بت في المسجد وقال علي (عليه السلام): " ما أدري ما تقولان لقد صليت ستة أشهر قبل الناس وأنا صاحب الجهاد " فأنزل الله تعالى هذه الآية * (أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله لا يستون عند الله والله لا يهدي القوم الظالمين) *(2).

الحديث الثاني: ابن المغازلي الشافعي في مناقبه قال: أخبرنا أبو طالب محمد بن أحمد بن عثمان قال: أخبرنا أبو عمر محمد بن العباس بن حيوية الخزاز قال: حدثنا محمد بن حمدوية المروزي قال: أخبرنا أبو الموجه قال: حدثنا عبدان عن أبي حمزة عن إسماعيل عن عامر قال:

أنزلت هذه الآية * (أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر) * في علي والعباس(3).

الحديث الثالث: ابن المغازلي أيضا قال: أخبرنا أبو غالب محمد بن سهل النجوى قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن علي السقطي قال: حدثنا أبو محمد يوسف بن سهل بن الحسين القاضي قال: حدثنا الحضرمي قال: حدثنا هناد بن أبي زياد قال: أخبرنا موسى بن عبيدة الربذي عن عبد الله بن عبيدة الربذي قال: قال علي للعباس: " يا عم لو هاجرت إلى المدينة " قال: أولست في أفضل من الهجرة ألست أسقي حاج بيت الله وأعمر المسجد الحرام فأنزل الله تبارك وتعالى * (أجعلتم

____________

(1) التوبة: 19.

(2) العمدة: 193 / ح 292 عن الثعلبي.

(3) مناقب ابن المغازلي: 198 / ح 367.

الصفحة 72   

سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام) * الآية(1).

الحديث الرابع: رزين العبدري في (الجمع بين الصحاح الستة) في الجزء الثاني من (صحيح النسائي) قال: حدثنا محمد بن كعب القرطي قال: افتخر طلحة بن شيبة من بني عبد الدار وعباس ابن عبد المطلب (رضي الله عنه) وعلي بن أبي طالب (عليه السلام) فقال طلحة بن شيبة: معي مفتاح البيت ولو أشاء بت فيه، وقال العباس (رضي الله عنه): أنا صاحب السقاية والقائم عليها، ولو أشاء بت في المسجد، وقال علي (عليه السلام):

" ما أدري ما تقولان لقد صليت إلى القبلة ستة أشهر قبل الناس وأنا صاحب الجهاد " فأنزل الله تعالى * (أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله لا يستون عند الله والله لا يهدي القوم الظالمين) *(2).

الحديث الخامس: إبراهيم بن محمد الحمويني قال: أنبأني شيخنا مجد الدين أبو الفضل بن أبي الثناء بن مودود إجازة قال: أنبأنا أبو محمد عبد المجيب بن أبي القاسم بن زهير الحربي إجازة بروايته عن أبي المفضل محمد بن ناصر السلامي إجازة وقال: أنبأنا محمود بن أحمد بن عبد المنعم بن ماشاذة إجازة قال: أنبأنا صاحب الأجل السعيد نظام الملك أبو علي الحسن بن علي بن إسحاق إجازة بجميع مسموعاته أنه قال: أنبأنا أبو علي الحسن بن أحمد بن الحسن الحداد سماعا عليه في ذي العقدة سنة سبعين وأربعمائة قال: أنبأنا الحافظ أبو نعيم أحمد بن عبد الله بن أحمد ابن إسحاق الأصفهاني قال: أنبأنا عمر بن أحمد بن عثمان نبأ علي بن محمود المصري نبأ خثيرون ابن عيسى بن يحيى بن سليمان القرشي نبأ عباد بن عبد الصمد أبو معمر عن أنس بن مالك قال:

قعد العباس بن عبد المطلب وشيبة صاحب البيت يفتخران فقال العباس: أنا أشرف منك أنا عم رسول الله (صلى الله عليه وآله) ووصي أبيه وسقاية الحجيج لي فقال له شيبة: أنا أشرف منك أنا أمين الله على بيته وخازنه أفلا أئتمنك كما أئتمنني وهما في ذلك يتشاجران حتى أشرف عليهما علي بن أبي طالب فقال له العباس: أفترضى بحكمه؟ قال: نعم قد رضيت، فلما جائهما قال العباس: على رسلك يا بن أخي فوقف علي (عليه السلام) فقال له العباس: إن شيبة فاخرني فزعم أنه أشرف مني قال: " فماذا قلت أنت يا عماه " قال: قلت له: أنا عم رسول الله (صلى الله عليه وآله) ووصي أبيه وساقي الحجيج أنا أشرف، فقال لشيبة: " ما قلت أنت يا شيبة " قال: قلت له: بل أنا أشرف منك أنا أمين الله وخازنه أفلا ائتمنك كما أئتمنني قال:

فقال لهما: " اجعلا لي معكما فخرا " قالا له: نعم قال: " فأنا أشرف منكما أنا أول من آمن بالوعيد

____________

(1) مناقب ابن المغازلي: 198 / ح 368.

(2) العمدة: 194 عن الجمع ح 295، وتفسير الطبري: 10 / 124 ح 12866.

الصفحة 73   

من ذكور هذه الأمة وهاجر وجاهد " فانطلقوا ثلاثتهم إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فجثوا بين يديه فأخبر كل واحد منهم بفخره فما أجابهم (صلى الله عليه وآله) بشئ فنزل الوحي بعد أيام فأرسل إلى ثلاثتهم فأتوه فقرأ عليهم النبي (صلى الله عليه وآله): * (أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله) * إلى آخر الآية(1).

الحديث السادس: أبو نعيم الأصفهاني بإسناده عن عامر قال: نزلت * (أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله لا يستوون عند الله والله لا يهدي القوم الظالمين) * في علي والعباس وطلحة(2).

الحديث السابع: أبو نعيم بإسناده عن الضحاك عن ابن عباس قال: نزلت في علي بن أبي طالب(3).

الحديث الثامن: أبو نعيم بإسناده عن الشعبي قال: تكلم علي والعباس وشيبة في السقاية والسدانة فأنزل الله تعالى * (أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله) * إلى قوله * (حتى يأتي الله بأمره) * حتى يفتح مكة فتنقطع الهجرة(4).

الحديث التاسع: المالكي في (الفصول المهمة) قال نقل الواحدي في كتابه المسمى بـ (أسباب النزول)(5) أن الحسن والشعبي القرظي قالوا: إن عليا والعباس وطلحة بن شيبة افتخروا فقال طلحة:

أنا صاحب البيت مفتاحه بيدي ولو شئت كنت فيه، وقال العباس: أنا صاحب السقاية والقائم عليها، فقال علي: " لا أدري [ ما تقولان ] لقد صليت ستة أشهر قبل الناس، وأنا صاحب الجهاد " فأنزل الله تعالى * (أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله لا يستوون عند الله) * إلى أن قال * (الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم أعظم درجة عند الله وأولئك هم الفائزون) * وغير ذلك من الروايات(6).

____________

(1) درر السمطين: 1 / 203 / ب 41 / ح 159.

(2) خصائص الوحي المبين عنه: 149 / ح 95.

(3) المصدر السابق: ح 96.

(4) شواهد التنزيل: 1 / 322.

(5) أسباب النزول: 163 وما بين معكوفتين منه.

(6) الفصول المهمة: 125، والدر المنثور: 3 / 218.