الباب في قوله تعالى * (ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله والله رؤوف بالعباد) * من طريق الخاصة

الصفحة 21   

وفيه أحد عشر حديثا

الحديث الأول: الشيخ في أماليه قال: حدثنا جماعة عن أبي المفضل قال: حدثنا محمد بن أحمد بن يحيى بن صفوان الإمام بأنطاكية قال: حدثنا محفوظ بن بحر قال: حدثنا الهيثم بن جميل قال: حدثنا قيس بن الربيع عن حكيم بن جبير عن علي بن الحسين (عليه السلام) في قوله عز وجل: * (ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله) *(1) قال: نزلت في علي (عليه السلام) حين بات على فراش رسول الله (صلى الله عليه وآله)(2).

الحديث الثاني: الشيخ في مجالسه قال: أخبرنا جماعة عن أبي المفضل قال: حدثنا الحسن ابن علي بن زكريا العاصمي قال: حدثنا أحمد بن عبيد الله الفداني(3) قال: حدثنا الربيع بن سيار قال: حدثنا الأعمش عن سالم بن أبي الجعد يرفعه إلى أبي ذر (رضي الله عنه) أن عليا وعثمان وطلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص أمرهم عمر بن الخطاب أن يدخلوا بيتا ويغلق عليهم بابه ويتشاوروا في أمرهم، وأجلهم ثلاثة أيام، فإن توافق خمسة على قول واحد وأبى رجل منهم قتل ذلك الرجل، وإن توافقوا أربعة وأبى اثنان قتل الاثنان، فلما توافقوا جميعا على رأي واحد، قال لهم علي بن أبي طالب: " إني أحب أن تسمعوا مني ما أقول لكم، فإن يكن حقا فاقبلوه وإن يكن باطلا فأنكروه " قالوا: قل، وذكر فضائله (عليه السلام) ويقولون بالموافقة وذكر (عليه السلام) في ذلك: " فهل فيكم أحد نزلت فيه هذه الآية * (ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله) * لما وقيت رسول (صلى الله عليه وآله) ليلة الفراش غيري "؟ قالوا: لا(4).

الحديث الثالث: الشيخ في أماليه قال: أخبرنا جماعة عن أبي المفضل قال: حدثنا محمد بن محمد بن سليمان الباغندي قال: حدثنا محمد بن الصباح الجرجاني قال: حدثني محمد بن كثير الملابي عن عون الأعرابي من أهل البصرة عن الحسن بن أبي الحسن عن أنس بن مالك قال: لما

____________

(1) البقرة: 207.

(2) أمالي الطوسي: 446 ح 996 مجلس 16 ح 2.

(3) في المصدر: العدلي.

(4) أمالي الطوسي: 545 - 515 ح 1168 مجلس 19 ح 4.

الصفحة 22   

توجه رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى الغار ومعه أبو بكر أمر النبي (صلى الله عليه وآله) عليا أن ينام على فراشه، ويتغشى ببردته فبات علي (عليه السلام) موطنا نفسه على القتل، وجاءت رجال من قريش من بطونها يريدون قتل رسول الله (صلى الله عليه وآله) فلما أرادوا أن يضعوا عليه أسيافهم لا يشكون أنه محمد (صلى الله عليه وآله)، فقالوا: أيقظوه ليجد ألم القتل، ويرى السيوف تأخذه فلما أيقظوه فرأوه عليا تركوه وتفرقوا في طلب رسول الله (صلى الله عليه وآله) فأنزل الله عز وجل: * (ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله والله رؤوف بالعباد) *(1).

الحديث الرابع: الشيخ بإسناده قال: أخبرنا أبو عمر قال: أخبرنا أحمد قال: حدثنا الحسن بن عبد الرحمن بن محمد الأزدي قال: حدثنا أبي قال: حدثنا عبد النور بن عبد الله بن عبد الله بن المغيرة القرشي عن إبراهيم بن عبد الله بن سعيد عن ابن عباس قال: بات علي (عليه السلام) ليلة خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن المشركين على فراشه، ليعمى على قريش وفيه نزلت هذه: * (ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله) *(2).

الحديث الخامس: ابن الفارسي في (روضة الواعظين) قال: إن النبي (صلى الله عليه وآله) أمر عليا أن ينام على فراشه فانطلق النبي (صلى الله عليه وآله)، وقريش يختلفون وينظرون إلى علي (عليه السلام) وهو نائما على فراش رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعليه برد أخضر لرسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال بعضهم: شدوا عليه فقالوا: الرجل نائم ولو كان يريد أن يهرب لفعل، فلما أصبح قام علي فأخذوه، وقالوا: أين صاحبك فقال: ما أدري فأنزل الله تعالى في علي حين نام على الفراش * (ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله) *(3).

الحديث السادس: العياشي في تفسيره بإسناده عن جابر عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: وأما قوله:

* (ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله والله رؤوف بالعباد) * فإنها نزلت في علي بن أبي طالب (عليه السلام) حين بذل نفسه لله ولرسوله ليلة اضطجع على فراش رسول الله (صلى الله عليه وآله) لما طلبته كفار قريش(4).

الحديث السابع: العياشي بإسناده عن ابن عباس قال: شرى علي (عليه السلام) بنفسه لبس ثوب النبي (صلى الله عليه وآله)، ثم نام مكانه فكان المشركون يرمون رسول الله (صلى الله عليه وآله)، قال: فجاء أبو بكر وعلي (عليه السلام) نائم وأبو بكر يحسبه نبي الله، فقال: أين نبي الله؟ فقال علي (عليه السلام): " إن نبي الله قد انطلق نحو بئر ميمون فأدرك "، قال: فانطلق أبو بكر فدخل معه الغار وجعل (عليه السلام) يرمى بالحجارة كما كان يرمى رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو يتضور قد لف رأسه، فقالوا: إنك لكنه كان صاحبك لا يتضور وقد استنكرنا ذلك(5).

____________

(1) أمالي الطوسي: 446 ح 998 مجلس 16 ح 4.

(2) أمالي الطوسي: 253 ح 451 مجلس 9 ح 43.

(3) روضة الواعظين: 106 - 107.

(4) تفسير العياشي: 1 / 101 ح 292.

(5) تفسير العياشي: 1 / 101 ح 293.

الصفحة 23   

الحديث الثامن: محمد بن الحسن الشيباني في تفسيره (نهج البيان) نزلت هذه الآية في علي بن أبي طالب حين بات على فراش رسول الله (صلى الله عليه وآله) وذلك أن قريشا تحالفوا على قتله ليلا وأجمعوا أمرهم بينهم أن ينتدب من كل قبيلة شاب فيكبسوا عليه ليلا وهو نائم فيضربوه ضربة رجل واحد ولا يأخذ بثأره من حيث أن قاتله لا يعرف بعينه ولا يقوم أحد منهم بذلك من حيث أن له في ذلك مماسة، فنزل جبرائيل (عليه السلام) على النبي (صلى الله عليه وآله) وأخبره بذلك، وأمره أن يبيت ابن عمه عليا ليلا على فراشه ويخرج هو مهاجر إلى المدينة ففعل ذلك وجاءت الفتية لما تعاهدوا عليه وتعاقدوا يطلبونه فكبسوا عليه البيت فوجدوا عليا نائما على فراشه، فتنحنح فعرفوه فرجعوا خائبين خائفين ونجا نبيه من كيدهم، روي ذلك عن أبي جعفر (عليه السلام) وأبي عبد الله (عليهما السلام)(1).

الحديث التاسع: علي بن إبراهيم في تفسيره في معنى الآية قال: ذلك أمير المؤمنين ومعنى يشري نفسه، أي: يبذل(2).

الحديث العاشر: السيد الرضي في كتاب (الخصائص) بإسناد مرفوع قال: قال ابن الكوا لأمير المؤمنين أين كنت حيث ذكر الله نبيه وأبا بكر فقال: * (ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا) * فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): " ويلك يا بن الكوا كنت على فراش رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقد خرج علي ريطته، فأقبلت قريش مع كل رجل منهم هراوة فيها شوكها فلم يبصروا رسول الله (صلى الله عليه وآله) حيث خرج فأقبلوا علي يضربونني بما في أيديهم حتى تنفط جسدي وصار مثل البيض، ثم انطلقوا يريدون قتلي، فقال بعضهم: لا تقتلوه الليلة ولكن أخروه واطلبوا محمدا، قال: فأوثقوني بالحديد وجعلوني في بيت واستوثقوا مني ومن الباب بقفل، فبينا أنا كذلك إذ سمعت صوتا من جانب البيت، يقول: يا علي، فسكن الوجع الذي كنت أجده وذهب الورم الذي كان في جسدي ثم سمعت صوتا آخر، يقول: يا علي، فإذا الحديد الذي في رجلي قد تقطع، ثم سمعت صوتا آخر يقول: يا علي، فإذا الباب قد تساقط ما عليه وفتح فقمت وخرجت، وقد كانوا جاءوا بعجوز كماء(3) لا تبصر ولا تنام تحرس الباب فخرجت عليها وهي لا تعقل من النوم "(4).

الحديث الحادي عشر: الشيخ الطوسي في أماليه قال: أخبرنا جماعة عن أبي المفضل وساق سنده إلى عمار بن ياسر وذكر حديث مهاجرة النبي (صلى الله عليه وآله) إلى المدينة ومبيت أمير المؤمنين (عليه السلام) على فراش رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى أن قال في الحديث قال أبو اليقظان: فحدثنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) ونحن

____________

(1) لم نجده بهذه الألفاظ نعم روي بنحو في: حلية الأبرار: 2 / 362، والبحار: 19 / 31.

(2) تفسير القمي: 1 / 71.

(3) أي عمياء، كمه إذا اعترته ظلمة.

(4) الخصائص: 59، والبحار: 36 / 43.

الصفحة 24   

معه بقباء عما أرادت قريش من المكر به، ومبيت علي (عليه السلام) على فراشه قال: " أوحى الله عز وجل إلى جبرائيل وميكائيل (عليهما السلام) إني قد آخيت بينكما وجعلت عمر أحدكما أطول من عمر صاحبه فأيكما يؤثر أخاه؟ وكلاهما كرها الموت فأوحى الله إليهما عبداي ألا كنتما مثل وليي علي آخيت بينه وبين محمد نبيي فآثره الحياة على نفسه ثم ظل أو قال: رقد على فراشه يقيه بمهجته اهبطا إلى الأرض كلاكما فاحفظاه من عدوه فهبط جبرائيل فجلس عند رأسه، وميكائيل عند رجليه، وجعل جبرائيل (عليه السلام) يقول: بخ بخ من مثلك يا بن أبي طالب والله يباهي بك الملائكة، قال:

فأنزل الله عز وجل في علي (عليه السلام) وما كان من مبيته على فراش رسول الله (صلى الله عليه وآله) * (ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله والله رؤوف بالعباد) *(1).

____________

(1) أمالي الطوسي: 469 / 1031.