باب 9 - صفة التيمم و أحكام المحدثين منه و ما ينبغي لهم أن يعملوا عليه من الاستبراء و الاستظهار

قال الشيخ أيده الله تعالى و إذا بال الإنسان و هو غير واجد للماء فليستبرئ من البول كما وصفناه في باب الطهارة ليخرج ما بقي منه في مجاريه ثم ليتنشف بالخرق إن وجدها أو بالأحجار أو التراب و هذا قد مضى شرحه في باب الطهارة ثم قال ثم يضرب بباطن كفيه على ظاهر الأرض و هما مبسوطتان قد فرق بين أصابعهما و يرفعهما و ينفضهما ثم يرفعهما فيمسح بهما وجهه من قصاص شعر رأسه إلى طرف أنفه ثم يرفع كفه اليسرى و يضعها على ظاهر كفه اليمنى و يمسحها بها من الزند إلىأطراف الأصابع و يرفع كفه اليمنى فيضعها على ظاهر كفه اليسرى فيمسحها بها من الزند إلى أطراف الأصابع و قد حل له بذلك الدخول في الصلاة

1-  يدل على ذلك ما أخبرني به الشيخ أيده الله تعالى عن أحمد بن محمد عن أبيه عن سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد بن عيسى عن علي بن الحكم عن داود بن النعمان قال سألت أبا عبد الله ع عن التيمم قال إن عمارا أصابته جنابة فتمعك كما تتمعك الدابة فقال له رسول الله ص و هو يهزأ به يا عمار تمعكت كما تتمعك الدابة فقلنا له فكيف التيمم فوضع يديه على الأرض ثم رفعهما فمسح وجهه و يديه فوق الكف قليلا

2-  و أخبرني الشيخ أيده الله تعالى عن أبي القاسم جعفر بن محمد عن محمد بن يعقوب عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن حماد بن عيسى عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله ع أنه سئل عن التيمم فتلا هذه الآية و السارق و السارقة فاقطعوا أيديهما و قال فاغسلوا وجوهكم و أيديكم إلى المرافق و قال و امسح على كفيك من حيث موضع القطع و قال و ما كان ربك نسيا

3-  و بهذا الإسناد عن محمد بن الحسين عن صفوان عن الكاهلي قال سألته عن التيمم قال فضرب بيده على البساط فمسح بها وجهه ثم مسح كفيه إحداهما على ظهر الأخرى

4-  و أخبرني الشيخ أيده الله تعالى عن أحمد بن محمد عن أبيه عن محمد بن الحسن الصفار عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن أحمد بن محمد عن ابن بكير عن زرارة قال سألت أبا جعفر ع عن التيمم فضرب بيديه الأرض ثم رفعهما فنفضهما ثم مسح بهما جبهته و كفيه مرة واحدة

5-  و أما الخبر الذي رواه الحسين بن سعيد عن عثمان عن سماعة قال سألته كيف التيمم فوضع يده على الأرض فمسح بها وجهه و ذراعيه إلى المرفقين

 فإنما أراد به الحكم لا الفعل لأنه إذا مسح ظاهر الكف فكأنه غسل ذراعيه في الوضوء فيحصل له بمسح الكفين في التيمم حكم غسل الذراعين في الوضوء و الذي يدل على أنه لم يرد مسح الذراعين في الفعل

6-  ما أخبرنا به الشيخ أيده الله تعالى عن أحمد بن محمد عن أبيه عن سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن فضالة بن أيوب عن حماد بن عثمان عن زرارة قال سمعت أبا جعفر ع يقول و ذكر التيمم و ما صنع عمار فوضع أبو جعفر ع كفيه على الأرض ثم مسح وجهه و كفيه و لم يمسح الذراعين بشي‏ء

 ثم قال أيده الله تعالى فإذا كان حدثه من الغائط استبرأ بثلاثة أحجار طاهرة لم تستعمل في إزالة النجاسة قبل ذلك يأخذ منها حجرا فيمسح به الموضع و يلقيه ثم يأخذ الحجر الثاني فيمسح به الموضع و يلقيه ثم يمسح الثالث و يتبع مواضع النجاسة الظاهرة فيزيلها بالأحجار و لا يجوز أن يتطهر بحجر واحد ثم يصنع في التيمم كما وصفناه من ضرب التراب بباطن كفيه و مسح وجهه و ظاهر كفيه و قد زال عنه بذلك حكم النجاسة كما قدمناه فهذا كله قد مضى شرحه فيما تقدم و يؤكده أيضا

 -  ما أخبرني به الشيخ أيده الله تعالى عن أحمد بن محمد عن أبيه عن سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسين بن سعيد عن صفوان بن يحيى و فضالة بن أيوب و الحسن بن علي بن فضال عن عبد الله بن بكير عن زرارة عن أبي جعفر ع قال سألته عن التمسح بالأحجار فقال كان الحسين بن علي ع يمسح بثلاثة أحجار

8-  و بهذا الإسناد عن الحسين بن سعيد عن حماد عن حريز عن زرارة عن أبي جعفر ع قال لا صلاة إلا بطهور و يجزيك من الاستنجاء ثلاثة أحجار بذلك جرت السنة من رسول الله ص و أما البول فإنه لا بد من غسله

9-  و بهذا الإسناد عن حماد عن حريز عن زرارة قال كان يستنجي من البول ثلاث مرات و من الغائط بالمدر و الخرق

10-  و أخبرني الشيخ أيده الله تعالى عن أبي القاسم جعفر بن محمد عن أبيه عن سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد عن بعض أصحابنا رفعه إلى أبي عبد الله ع قال جرت السنة في الاستنجاء بثلاثة أحجار أبكار و يتبع بالماء

 ثم قال أيده الله تعالى و إن كان المحدث جنبا يريد الطهارة استبرأ قبل التيمم بما بيناه فيما سلف ثم ضرب الأرض بباطن كفيه ضربة واحدة يمسح بهما وجهه من قصاص شعره إلى طرف أنفه ثم ضرب الأرض بهما ضربة أخرى و يمسح باليسرى منهما ظهر كفه اليمنى و باليمنى ظهر كفه اليسرى و قد زال عنه حكم الجنابة و حلت له الصلاة يدل عليه

11-  ما أخبرني به الشيخ أيده الله تعالى عن أحمد بن محمد عن أبيه عن الحسين بن الحسن بن أبان عن الحسين بن سعيد عن ابن سنان عن ابن مسكان عن ليث المرادي عن أبي عبد الله ع في التيمم قال تضرب بكفيك على الأرض مرتين ثم تنفضهما و تمسح بهما وجهك و ذراعيك

12-  و أخبرني الشيخ أيده الله تعالى عن أحمد بن محمد عن أبيه عن سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد عن إسماعيل بن همام الكندي عن الرضا ع قال التيمم ضربة للوجه و ضربة للكفين

13-  و أخبرني الشيخ أيده الله تعالى عن أحمد بن محمد عن أبيه عن الحسين بن الحسن بن أبان عن الحسين بن سعيد عن صفوان بن يحيى عن العلاء عن محمد بن مسلم عن أحدهما ع قال سألته عن التيمم فقال مرتين مرتين للوجه و اليدين

14-  و بهذا الإسناد عن الحسين بن سعيد عن حماد عن حريز عن زرارة عن أبي جعفر ع قال قلت له كيف التيمم قال هو ضرب واحد للوضوء و الغسل من الجنابة تضرب بيدك مرتين ثم تنفضهما نفضة للوجه و مرة لليدين و متى أصبت الماء فعليك الغسل إن كنت جنبا و الوضوء إن لم تكن جنبا

15-  و بهذا الإسناد عن الحسين بن سعيد عن ابن أبي عمير عن ابن أذينة عن محمد بن مسلم قال سألت أبا عبد الله ع عن التيمم فضرب بكفيه الأرض ثم مسح بهما وجهه ثم ضرب بشماله الأرض فمسح بها مرفقه إلى أطراف الأصابع واحدة على ظهرها و واحدة على بطنها ثم ضرب بيمينه الأرض ثم صنع بشماله كما صنع بيمينه ثم قال هذا التيمم على ما كان فيه الغسل و في الوضوء الوجه و اليدين إلى المرفقين و ألقي ما كان عليه مسح الرأس و القدمين فلا يؤمم بالصعيد

  فما تضمن هذا الحديث من أنه مسح من المرفق إلى أطراف الأصابع واحدة على ظهرها و واحدة على بطنها معناه ما تقدم في تأويل خبر سماعة الذي رواه عنه عثمان بن عيسى و أن المراد به الحكم دون الفعل فكأنه قال مسح على ظهر كفه فحصل له حكم من غسل يده من المرفق ظاهرها و باطنها و هذا لا ينقض ما ذهبنا إليه إن قال قائل إن الخبرين الأولين اللذين أحدهما عن أبي بصير ليث المرادي عن أبي عبد الله ع و الثاني عن إسماعيل بن همام الكندي عن الرضا ع مع الخبر الذي رواه صفوانبن يحيى عن العلاء عن محمد بن مسلم عن أحدهما ع ليس في ظاهرها أن الضربتين أو المرتين إنما هي لغسل الجنابة دون الوضوء فمن أين لكم أنه مقصور على حكم الجنابة و هلا قلتم بما ذهب إليه غيركم من أن الفرض في الوضوء أيضا مرتان قيل له إذا ثبت أخبار كثيرة تتضمن أن الفرض في التيمم مرة مرة ثم جاءت هذه الأخبار متضمنة للدفعتين حملنا ما يتضمن الحكم مرة على الوضوء و ما يتضمن الحكم مرتين على غسل الجنابة لئلا يتناقض الأخبار مع أنا قد أوردنا خبرين مفسرين لهذه الأخبار أحدهما عن حريز عن زرارة عن أبي جعفر ع و الآخر عن ابن أبي عمير عن ابن أذينة عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله ع و أن التيمم من الوضوء مرة واحدة و من الجنابة مرتان و مما ورد من الأخبار التي تتضمن الفرض مرة على جهة الإطلاق خبر ابن بكير عن زرارة المتقدم و أيضا

16-  ما أخبرني به الشيخ أيده الله تعالى عن أبي القاسم جعفر بن محمد عن محمد بن يعقوب عن علي بن إبراهيم عن أبيه و علي بن محمد عن سهل بن زياد جميعا عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن ابن بكير عن زرارة قال سألت أبا جعفر ع عن التيمم فضرب بيده اليمنى الأرض ثم رفعها فنفضها ثم مسح بها جبينه و كفيه مرة واحدة

 -  و أخبرني الشيخ أيده الله تعالى عن أبي القاسم جعفر بن محمد عن أبيه عن محمد بن الحسن الصفار عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن صفوان عن عمرو بن أبي المقدام عن أبي عبد الله ع أنه وصف التيمم فضرب بيديه على الأرض ثم رفعهما فنفضهما ثم مسح على جبينه و كفيه مرة واحدة

18-  و بهذا الإسناد عن الحسين بن سعيد عن القاسم بن عروة عن ابن بكير عن زرارة عن أبي جعفر ع في التيمم قال تضرب بكفيك الأرض ثم تنفضهما و تمسح وجهك و يديك

 ثم قال الشيخ أيده الله تعالى و كذلك تصنع الحائض و النفساء و المستحاضة بدلا من الغسل إذا فقدن الماء أو كان يضر بهن استعماله

19-  فأخبرني الشيخ أيده الله تعالى عن أبي القاسم جعفر بن محمد عن محمد بن يعقوب عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن عثمان بن عيسى عن ابن مسكان عن أبي بصير قال سألته عن رجل كان في سفر و كان معه ماء فنسيه فتيمم و صلى ثم ذكر أن معه ماء قبل أن يخرج الوقت قال عليه أن يتوضأ و يعيد الصلاة قال و سألته عن تيمم الحائض و الجنب سواء إذا لم يجدا ماء قال نعم

20-  و أخبرني الشيخ أيده الله تعالى عن أبي القاسم جعفر بن محمد عن أبيه عن سعد بن عبد الله عن أحمد بن الحسن بن علي بن فضال عن عمرو بن سعيد عن مصدق بن صدقة عن عمار بن موسى الساباطي عن أبي عبد الله ع قال سألته عن التيمم من الوضوء و الجنابة و من الحيض للنساء سواء فقال نعم

  ثم قال أيده الله تعالى و المحدث بالنوم و الإغماء و المرة يتيمم كما ذكرناه في باب المحدث بالبول و الغائط و يدخل بذلك في الصلاة إذا كانت هذه الأشياء مما تنقض الطهارة و كان منتقض الطهارة يلزمه التيمم حسب ما ذكرناه فلا فرق بين أن ينتقض طهارته بأحد هذه الأشياء أو بالبول و الغائط حسب ما ذكرناه في أن التيمم يلزمه ثم قال أيده الله تعالى و متى وجد واحد ممن سميناه الماء بعد فقده أو تمكن من استعماله تطهر به حسب ما فاته إن كان وضوءا فوضوءا و إن كان غسلا فغسلا و الفرق بين التيمم بدلا من الغسل و التيمم بدلا من الوضوء ما بيناه من أن المحدث لما يوجب طهارته بالغسل إذا لم يقدر عليه يتيمم بضربتين إحداهما لوجهه و الثانية لظاهر كفيه و المحدث لما يوجب طهارته بالوضوء يتيمم بضربة واحدة لوجهه و يديه فقد مضى شرحه مستوفى و فيه كفاية إن شاء الله تعالى ثم قال أيده الله تعالى و الميت إذا لم يوجد الماء لغسله يممه المسلم كما يؤمم الحي العاجز بالزمانة عند حاجته إلى التيمم من جنابته يضرب بيديه على الأرض و يمسح بهما وجهه من قصاص شعر رأسه إلى طرف أنفه ثم يضرب بهما ضربة أخرى فيمسح بهما ظاهر كفيه ثم تيمم هو لمسه بمثل ذلك سواء يدل على ذلك ما ثبت من وجوب غسل الميت و أن من فقد الماء انتقل فرضه إلى التيمم حسب ما قدمناه