حديث الخلقة النوراينة لحضرة رسول الله صلى الله عليه وآله

حديث تشريفي في تنزل نور سيد الكائنات محمد صلى الله عليه وآله

عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) قال: كان الله ولا شيء معه فأول ما خلق نور حبيبه محمد (ص) قبل خلق الماء والعرش والكرسي والسماوات والأرض واللوح والقلم والجنة والنار والملائكة وآدم وحواء بأربعة وعشرين وأربعمائة ألف عام, فلما خلق الله تعالى نور نبينا محمد (ص) بقي ألف عام بين يدي الله عز وجل واقفاً يُسبحه ويَحمده والحق تبارك وتعالى ينظر إليه ويقول يا عبدي أنت المراد والمريد وأنت خيرتي من خلقي وعزتي وجلالي لولاك ما خلقت الأفلاك من أحبك أحببته ومن أبغضك أبغضته فتلألأ نوره وارتفع شعاعه فخلق الله منه اثني عشر حجاباً, أولها حجاب القدرة, ثم حجاب العظمة, ثم حجاب العزة, ثم حجاب الهيبة, ثم حجاب الجبروت, ثم حجاب الرحمة, ثم حجاب النبوة, ثم حجاب الكبرياء, ثم حجاب المنزلة, ثم حجاب الرفعة, ثم حجاب السعادة, ثم حجاب الشفاعة
ثم إن الله تعالى أمر نور رسول الله (ص) أن يدخل في حجاب القدرة فدخل وهو يقول سبحان العلي الأعلى وبقي على ذلك اثني عشر ألف عام، ثم أمره أن يدخل في حجاب العظمة فدخل وهو يقول سبحان عالم السر وأخفى أحد عشر ألف عام
ثم دخل في حجاب العزة وهو يقول سبحان الملك المنان عشرة آلاف عام
ثم دخل في حجاب الهيبة وهو يقول سبحان من هو غني لا يفتقر تسعة آلاف عام.
ثم دخل في حجاب الجبروت وهو يقول سبحان الكريم الأكرم ثمانية آلاف عام
ثم دخل في حجاب الرحمة وهو يقول سبحان رب العرش العظيم سبعة آلاف عام
ثم دخل في حجاب النبوة وهو يقول سبحان ربك رب العزة عما يصفون ستة آلاف عام ثم دخل في حجاب الكبرياء وهو يقول سبحان العظيم الأعظم خمسة آلاف عام
ثم دخل في حجاب المنزلة وهو يقول سبحان العليم الكريم أربعة آلاف عام
ثم دخل في حجاب الرفعة وهو يقول سبحان ذي الملك والملكوت ثلاثة آلاف عام
ثم دخل في حجاب السعادة وهو يقول سبحان من يزيل الأشياء ولا يزول ألفي عام
ثم دخل في حجاب الشفاعة وهو يقول سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم ألف عام
قال الإمام علي بن أبي طالب (ع): ثم إن الله تعالى خلق من نور محمد (ص) عشرين بحراً من نور في كل بحر علوم لا يعلمها إلا الله تعالى ثم قال لنور محمد (ص): إنزل في بحر العز فنزل, ثم في بحر الصبر, ثم في بحر الخشوع, ثم في بحر التواضع, ثم في بحر الرضا, ثم في بحر الوفاء, ثم في بحر الحلم, ثم في بحر التقى, ثم في بحر الخشية, ثم في بحر الإنابة, ثم في بحر العمل, ثم في بحر المزيد, ثم في بحر الهدى, ثم في بحر الصيانة, ثم في بحر الحياء, حتى تقلب في عشرين بحراً, فلما خرج من آخر الأبحر قال الله تعالى: يا حبيبي ويا سيد رسلي ويا أول مخلوقاتي ويا آخر رسلي أنت الشفيع يوم المحشر فخر النور ساجداً, ثم قام فقطرت منه قطرات كان عددها مائة ألف وأربعة وعشرين ألف قطرة فخلق الله تعالى من كل قطرة من نوره نبياً من الأنبياء فلما تكاملت الأنوار صارت تطوف حول نور محمد (ص) كما تطوف الحجاج حول بيت الله الحرام وهم يسبحون الله ويحمدونه ويقولون: سبحان من هو عالم لا يجهل, سبحان من هو حليم لا يعجل, سبحان من هو غني لا يفتقر, فناداهم الله تعالى تعرفون من أنا؟ 
فسبق نور محمد (ص) قبل الأنوار ونادى أنت الله الذي لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك رب الأرباب ومَلك الملوك, فإذا بالنداء من قبل الحق أنت صفيي وأنت حبيبي وخير خلقي أمتك خير أمة أخرجت للناس
قال الإمام علي بن أبي طالب (ع): ثم خلق من نور محمد (ص) جوهرة وقسمها قسمين فنظر إلى القسم الأول بعين الهيبة فصار ماء عذباً, ونظر إلى القسم الثاني بعين الشفقة فخلق منها العرش فاستوى على وجه الماء, فخلق الكرسي من نور العرش, وخلق من نور الكرسي اللوح, وخلق من نور اللوح القلم, وقال له: أكتب توحيدي فبقي القلم ألف عام سكران من كلام الله تعالى فلما أفاق قال: أكتب قال يا رب وما أكتب قال اكتب لا إله إلا الله محمد رسول الله فلما سمع القلم اسم محمد | خر ساجداً وقال: سبحان الواحد القهار سبحان العظيم الأعظم ثم رفع رأسه من السجود وكتب لا إله إلا الله محمد رسول الله, ثم قال يا رب ومن محمد الذي قرنت اسمه باسمك وذكره بذكرك؟ 
قال الله تعالى له: يا قلم فلولاه ما خلقتك ولا خلقت خلقي إلا لأجله فهو بشير ونذير وسراج منير وشفيع وحبيب فعند ذلك انشق القلم من حلاوة ذكر محمد (ص) ثم قال القلم السلام عليك يا رسول الله فقال الله تعالى: وعليك السلام مني ورحمة الله وبركاته فلأجل هذا صار السلام سنة والرد فريضة, ثم قال الله تعالى اكتب قضائي وقدري وما أنا خالقه إلى يوم القيامة
قال امير المؤمنين (ع): ثم خلق الله ملائكة يصلون على محمد وآل محمد ويستغفرون لأمته إلى يوم القيامة ثم خلق الله تعالى من نور محمد (ص) الجنة وزينها بأربعة أشياء التعظيم والجلالة والسخاء والأمانة, وجعلها لأوليائه وأهل طاعته, ثم نظر إلى باقي الجوهرة بعين الهيبة فذابت فخلق من دخانها السماوات ومن زبدها الأرضين.
ثم خلق الله تعالى العرش من ضياءين أحدهما الفضل والثاني العدل, ثم أمر الضياءين فانتفسا بنفسين فخلق منهما أربعة أشياء العقل والحلم والعلم والسخاء, ثم خلق من العقل الخوف, وخلق من العلم الرضا, ومن الحلم المودة, ومن السخاء المحبة, ثم عجن هذه الأشياء في طينة محمد |, ثم خلق من بعدهم أرواح المؤمنين من أمة محمد |, ثم خلق الشمس والقمر والنجوم والليل والنهار والضياء والظلام وسائر الملائكة من نور محمد |, فلما تكاملت الأنوار سكن نور محمد تحت العرش ثلاثة وسبعين ألف عام, ثم انتقل نوره إلى الجنة فبقي سبعين ألف عام, ثم انتقل إلى سدرة المنتهى فبقي سبعين ألف عام, ثم انتقل نوره إلى السماء السابعة, ثم إلى السماء السادسة, ثم إلى السماء الخامسة, ثم إلى السماء الرابعة, ثم إلى السماء الثالثة, ثم إلى السماء الثانية, ثم إلى السماء الدنيا, فبقي نوره في السماء الدنيا إلى أن أراد الله تعالى أن يخلق آدم 
أمر جبرئيل (ع) أن ينزل إلى الأرض ويقبض منها قبضة فنزل جبرئيل فسبقه اللعين إبليس فقال للأرض: إن الله تعالى يريد أن يخلق منك خلقاً ويعذبه بالنار فإذا أتتك ملائكته فقولي أعوذ بالله منكم أن تأخذوا مني شيئاً يكون للنار فيه نصيب, فجاءها جبرئيل (ع) فقالت: إني أعوذ بالذي أرسلك أن تأخذ مني شيئاً فرجع جبرئيل ولم يأخذ منها شيئاً فقال يا رب قد استعاذت بك مني فرحمتها, فبعث ميكائيل فعاد كذلك, ثم أمر إسرافيل فرجع كذلك, فبعث عزرائيل فقال وأنا أعوذ بعزة الله أن أعصي له أمراً فقبض قبضة من أعلاها وأدونها وأبيضها وأسودها وأحمرها وأخشنها وأنعمها, فلذلك اختلفت أخلاقهم وألوانهم, فمنهم الأبيض والأسود والأصفر, فقال له تعالى ألم تتعوذ منك الأرض بي, فقال نعم لكن لم ألتفت له فيها وطاعتك يا مولاي أولى من رحمتي لها, فقال له الله تعالى لم لا رحمتها كما رحمها أصحابك؟ 
قال: طاعتك أولى فقال اعلم أني أريد أن أخلق منها خلقا أنبياء وصالحين وغير ذلك وأجعلك القابض لأرواحهم فبكى عزرائيل (ع) فقال له الحق تعالى ما يبكيك؟ قال: إذا كنت كذلك كرهوني هؤلاء الخلائق, فقال لا تخف إني أخلق لهم عللاً فينسبون الموت إلى تلك العلل, ثم بعد ذلك أمر الله تعالى جبرئيل (ع) أن يأتيه بالقبضة البيضاء التي كانت أصلاً فأقبل جبرئيل (ع) ومعه الملائكة الكروبيون والصافون والمسبحون فقبضوها من موضع ضريحه صلى الله عليه و آله وهي البقعة المضيئة المختارة من بقاع الأرض, فأخذها جبرئيل من ذلك المكان فعجنها بماء التسنيم , وماء التعظيم, وماء التكريم, وماء التكوين, وماء الرحمة, وماء الرضا, وماء العفو, فخلق من الهداية رأسه, ومن الشفقة صدره, ومن السخاء كفيه, ومن الصبر فؤاده, ومن العفة فرجه, ومن الشرف قدميه, ومن اليقين قلبه, ومن الطيب أنفاسه, ثم خلطها بطينة آدم (ع). 
فلما خلق الله تعالى آدم (ع) أوحى إلى الملائكة {إني خالق بشراً من طين * فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين} فحملت الملائكة جسد آدم (ع) ووضعوه على باب الجنة, وهو جسد لا روح فيه والملائكة ينتظرون متى يؤمرون بالسجود وكان ذلك يوم الجمعة بعد الظهر, ثم إن الله تعالى أمر الملائكة بالسجود لآدم (ع) { فسجدوا إلا إبليس} ,....

[1] دلائل الإمامة ص447, بحار الأنوار ج25 ص6 عن المقتضب وكتاب السيد حسن بن كبش، الهداية الكبرى ص375، مقتضب الأثر ص6، عنه نفس الرحمان ص387, المحتضر ص152, عنه البحار ج53 ص142, الصراط المستقيم ج2 ص142 باختصار.