دعاؤه في يوم الاربعاء

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذي مَرْضاتُهُ فِي الطَّلَبِ اِلَيْهِ والْتِماسِ ما لَدَيْهِ، وسَخَطُهُ في تَرْكِ الْاِلْحاحِ فِي الْمَسْأَلَةِ عَلَيْهِ، وسُبْحَانَ اللَّهِشاهِدِ كُلِّ نَجْوى بِعِلْمِهِ، ومُبائِنِ كُلِّ ذي جِسْمٍ بِنَفْسِهِ. وَلا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ الَّذي لا يُدْرَكُ بِالْعُيُونِ والْاَبْصارِ، ولا يُجْهَلُ بِالْعُقُولِ والْاَلْبابِ، ولا يَخْلُو مِنَ الضَّميرِ ويَعْلَمُ خَائِنَةَ الأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ، واللَّهُ اَكْبَرُ الْمُتَجَلِّلُ عَنْ صِفاتِ الْمَخْلُوقينَ، الْمُطَّلِعُ عَلى ما في قُلُوبِ الْخَلائِقِ اَجْمَعينَ. اَللَّهُمَّ اِنّي اَسْأَلُكَ سُؤالَ مَنْ لا يَمَلُّ دُعاءَ رَبِّهِ، واَتَضَرَّعُ اِلَيْكَ تَضَرُّعَ غَريقٍ يَرْجُو كَشْفَ كَرْبِهِ، واَبْتَهِلُ اِلَيْكَ ابْتِهالَ تائِبٍ مِنْ ذُنُوبِهِ وخَطاياهُ، واَنْتَ الرَّؤُوفُ الَّذي مَلَكْتَ الْخَلائِقَ كُلَّهُمْ، وفَطَرْتَهُمْ اَجْناساً مُخْتَلِفاتِ الْاَلْوانِ والْاَقْدارِ عَلى مَشِيَّتِكَ، وقَدَّرْتَ اجالَهُمْ، واَدْرَرْتَ اَرْزاقَهُمْ، فَلَمْ يَتَعاظَمْكَ خَلْقُ خَلْقٍ، حَتَّى كَوَّنْتَهُ كَما شِئْتَ مُخْتَلِفاً مِمَّا شِئْتَ.  فَتَعالَيْتَ وتَجَبَّرْتَ عَنِ اتِّخاذِ وَزيرٍ، وتَعَزَّزْتَ عَنْ مَوازَرَةِ (1) شَريكٍ، وتَنَزَّهْتَ عَنْ اِتِّخاذِ الْاَبْناءِ، وتَقَدَّسْتَ عَنْ مُلامَسَةِ النِّساءِ، فَلَيْسَتِ الْاَبْصارُ بِمُدْرِكَةٍ لَكَ، ولَا الاَوْهامُ بِواقِعَةٍ عَلَيْكَ، ولَيْسَ لَكَ شَريكٌ ولا نِدٌّ، ولا عَديلٌ ولا نَظيرٌ. اَنْتَ الْفَرْدُ الْواحِدُ الدَّائِمُ، الْاَوَّلُ الاْخِرُ، والْعالِمُ الْاَحَدُ الصَّمَدُ الْقائِمُ، الَّذي لَمْ تَلِدْ ولَمْ تُولَدْ ولَمْ يَكُنْ لَكَ كُفُواً اَحَدٌ، لا تُنالُ بِوَصْفٍ (2)، ولا تُدْرَكُ بِوَهْمٍ، ولا يُغَيِّرُكَ في مَرِّ الدُّهُورِ صَرْفٌ (3)، كُنْتَ اَزَلِيّاً لَمْ تَزَلْ ولا تَزالُ، وعِلْمُكَ بِالْاَشْياءِ فِي الْخَفاءِ كَعِلْمِكَ بِها فِي الْاِجْهارِ والْاِعْلانِ.فَيا مَنْ ذَلَّتْ لِعَظَمَتِهِ الْعُظَماءُ، وخَضَعَتْ لِعِزَّتِهِ الرُّؤَساءُ، ومَنْ كَلَّتْ عَنْ بُلُوغِ ذاتِهِ اَلْسُنُ الْبُلَغاءِ، ومَنْ اَحْكَمَ تَدْبيرَ الْاَشْياءِ، واسْتَعْجَمَتْ (4) عَنْ اِدْراكِهِ عِبارَةُ عُلُومِ الْعُلَماءِ. يا سَيِّدي اَتُعَذِّبُني بِالنَّارِ واَنْتَ اَمَلي، اَوْ تُسَلِّطُها عَلَيَّ بَعْدَ اِقْراري لَكَ بِالتَّوْحيدِ، وخُضُوعي وخُشُوعي لَكَ بِالسُّجُودِ، اَوْ تُلَجْلِجِ (5) لِساني فِي الْمَوْقِفِ، وقَدْ مَهَّدْتَ لي بِمَنِّكَ سُبُلَ الْوُصُولِ اِلَى التَّسْبيحِ والتَّحْميدِ (6) والَّتمْجيدِ.  فَيا غايَةَ الطَّالِبينَ واَمانَ الْخائِفينَ، وعِمادَ الْمَلْهُوفينَ وغِياثَ الْمُسْتَغيثينَ، وجارَ الْمُسْتَجيرينَ، وكاشِفَ ضُرِّ الْمَكْرُوبينَ ورَبِّ الْعَالَمِينَ، ودَيَّانَ يَوْمِ  الدِّينِ واَرْحَمَ الرَّاحِمينَ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ والِ مُحَمَّدٍ وتُبْ عَلَيَّ واَلْبِسْنِي الْعافِيَةَ، وارْزُقْني مِنْ فَضْلِكَ رِزْقاً واسِعاً، واجْعَلْني مِنَ التَّوَّابِينَ.  اَللَّهُمَّ واِنْ كُنْتَ كَتَبْتَني شَقِيّاً عِنْدَكَ فَاِنّي اَسْأَلُكَ بِمَعاقِدِ الْعِزِّ مِنْ رَحْمَتِكَ (7)، وبِالْكِبْرِياءِ والْعَظَمَةِ الَّتي لا يُقاوِمُها مُتَكَبِّرٌ ولا عَظيمٌ، اَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ والِ مُحَمَّدٍ واَنْ تُحَوِّلَني سَعيداً، فَاِنَّكَ تُجْرِي الْاُمُورَ عَلى اِرادَتِكَ، وتُجيرُ ولا يُجارُ عَلَيْكَ، يا قَديرُ واَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ واَنْتَ الرَّؤُوفُ الرَّحيمُ الْخَبِيرُ.  تَعْلَمُ ما في نَفْسي ولا اَعْلَمُ ما في نَفْسِكَ، اِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ، فَالْطُفْ بي فَقَديماً لَطُفْتَ بِمُسْرِفٍ عَلى نَفْسِهِ، فَامْنُنْ عَلَيَّ فَقَدْ مَنَنْتَ عَلى غَريقٍ في بُحُورِ خَطيئَتِهِ (8)، اَسْلَمَتْهُ لِلْحُتُوفِ (9) كَثْرَةُ زَلَلِهِ.  وَتَطَوَّلْ عَلَيَّ يا مُتَطَوِّلاً عَلَى الْمُذْنِبِينَ بِالصَّفْحِ والْعَفْوِ، فَانَّكَ لَمْ تَزَلْ اخِذاً بِالْفَضْلِ عَلَى الْخاطِئينَ والصَّفْحِ عَلَى الْعاثِرِينَ، ومَنْ وَجَبَ لَهُ بِاجْتِرائِهِ عَلَى الْاثامِ حُلُولُ دارِ الْبَوارِ. يا عالِمَ الْخَفِيَّاتِ والْاَسْرارِ، يا جَبَّارُ يا قَهَّارُ، وما اَلْزَمْتَنيهِ مَوْلايَ مِنْ فَرْضِ الْاباءِ والْاُمَّهاتِ وواجِبِ حُقُوقِهِمْ مَعَ الْاِخْوانِ والْاَخَواتِ، فَاحْتَمِلْ ذلِكَ عَنّي اِلَيْهِمْ واَدِّهِ يا ذَا الْجَلالِ والْاِكْرامِ، واغْفِرْ لِلْمؤْمِنينَ والْمُؤْمِناتِ اِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.
*******
المصدر: الصحيفة العلوية
(1) مؤامرة (خ ل).
(2) لم توصف بوصف (خ ل).
(3) صرف الدهر: حدثانه ونوائبه.
(4) استعجمت: عجزت.
(5) لجلج: تردّد في الكلام.
(6) التحميد والتسبيح (خ ل).
(7) عرشك (خ ل).
(8) بحور خطيئة هائماً (خ ل)، الهائم: المتحيّر.
(9) الحتوف جمع الحتف: الموت.